منتدى الآصالةوالتاريخ حريب بيحان
ينتهي : 30-04-2025
عدد مرات النقر : 1,279
عدد  مرات الظهور : 29,135,938

عدد مرات النقر : 4,124
عدد  مرات الظهور : 73,156,295
عدد  مرات الظهور : 68,872,264
قناة حريب بيحان " يوتيوب "
عدد مرات النقر : 2,304
عدد  مرات الظهور : 73,157,097مركز تحميل منتديات حريب بيحان
ينتهي : 19-12-2025
عدد مرات النقر : 3,945
عدد  مرات الظهور : 69,373,024
آخر 10 مشاركات
صـبـــاحكم سكــر // مســـاؤكم ورد معطر (الكاتـب : - المشاركات : 2386 - المشاهدات : 169310 - الوقت: 06:40 AM - التاريخ: 04-24-2024)           »          تعزية للاخ يمني بوفاة اخيه (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 6 - المشاهدات : 100 - الوقت: 09:46 PM - التاريخ: 04-22-2024)           »          قراءة في سورة البقرة (الكاتـب : - المشاركات : 2 - المشاهدات : 65 - الوقت: 05:34 AM - التاريخ: 04-20-2024)           »          الاذكار اليوميه في الصباح والمساء (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 542 - المشاهدات : 33652 - الوقت: 08:30 PM - التاريخ: 04-19-2024)           »          عيدكم مبارك ،، (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 1 - المشاهدات : 81 - الوقت: 08:45 AM - التاريخ: 04-10-2024)           »          تحدي المليوووون رد ،، (الكاتـب : - المشاركات : 2049 - المشاهدات : 123310 - الوقت: 05:27 PM - التاريخ: 04-08-2024)           »          ماذا ستكتب على جدران (منتديات حريب بيحان) (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 3179 - المشاهدات : 232920 - الوقت: 05:26 PM - التاريخ: 04-08-2024)           »          ورد يومي صفحه من القرآن الكريم (الكاتـب : - المشاركات : 93 - المشاهدات : 967 - الوقت: 06:53 AM - التاريخ: 03-23-2024)           »          شهرمبارك كل عام وأنتم بخير (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 3 - المشاهدات : 74 - الوقت: 04:06 AM - التاريخ: 03-18-2024)           »          تدمير دبابة ميركافا الإسرائيلية (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 2 - المشاهدات : 137 - الوقت: 06:53 AM - التاريخ: 03-17-2024)


الإهداءات




مشوار الدكتور حسن مكي .


مشوار الدكتور حسن مكي .

في مشوار الدكتور حسن مكي رئيس الوزراء اليمني السابق: حاوره: أحمد ناصر الشريف المبادرة الخليجية جنبت اليمن ما يجري اليوم في سوريا و ليبيا الدكتور حسن محمد

الرد على الموضوع
 
LinkBack خيارات الموضوع
قديم 02-24-2013, 01:30 AM   #1


طاش غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 16
 تاريخ التسجيل :  Aug 2011
 أخر زيارة : 12-14-2021 (04:59 PM)
 المشاركات : 12,565 [ + ]
 تقييم العضوية :  11978
 الجنس ~
Male
 مشاهدة أوسمتي
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 1,610
تم شكره 1,182 مرة في 764 مشاركة
الإفتراضي مشوار الدكتور حسن مكي .





في مشوار الدكتور حسن مكي رئيس الوزراء اليمني السابق:

حاوره: أحمد ناصر الشريف



المبادرة الخليجية جنبت اليمن ما يجري اليوم في سوريا و ليبيا


الدكتور حسن محمد مكي رئيس الوزراء اليمني الأسبق مستشار رئيس الجمهورية سياسي مخضرم، عاصر العهدين الملكي والجمهوري وعمل مع كل الرؤساء الذين حكموا اليمن.. عُرف بصراحته وشجاعته في الطرح أثناء تحدثه عن مختلف القضايا منذ أن كان شاباً فتعرض للكثير من المشاكل والمضايقات ومحاولة اغتيال. لا يجامل ولا يحاول التهرب من قول الحقيقة.. ولذلك فقد كان المختلفون معه في الرأي والذين كانت تزعجهم صراحته يصنفونه باليساري والبعثي والاشتراكي وأحياناً الشيوعي إلى آخر هذه المصطلحات التي سيطرت على الساحة السياسية العربية، واليمن جزء منها في فترات سابقة. يقول إنه بريء من كل هذه التصنيفات لأنه فقط وطني.. اليمامة ناقشت معه مشوار حياته الطويل الحافل بالعمل السياسي والوطني إلى جانب معاناته في طفولته وما تخللها من مفارقات.. فكان هذا الحديث.



الدكتور حسن مكي: نبدأ مشوار حياتكم بالحديث عن الطفولة؟
- طفولتي بدأت في ظروف صعبة جداً في مدينة صبيا وهي قريبة من ميناء جيزان الرئيس وكانت محل نزاع.. وبعد الاتفاق الذي عقده الإدريسي مع الملك عبدالعزيز لتقديم المساعدة له في مقابل أن يساعده في الجمارك.. كانت تلك الفترة حرجة جداً، حيث بدأت أولاً بالخلاف بين الإمام الإدريسي والملك عبدالعزيز - رحمهما الله - ودخلت القوات السعودية التي كانت قد تحولت إلى قوات نظامية راجلة وراكبة على السيارات وتستخدم الآلات الحديثة المنطقة بسهولة.. أنا في ذلك الوقت كنت في سنوات طفولتي الأولى، حيث ولدت في صبيا بتاريخ 27 شعبان عام 1349هـ حسب ما هو مدون في المصحف الشريف الخاص بوالدي رحمه الله.. بعدها اندلعت الحرب من جديد بين الملك عبدالعزيز آل سعود والإمام يحيى حميدالدين - رحمهما الله - وكانت النتيجة أن الإمام الإدريسي هرب إلى الجبال الشمالية الغربية من اليمن هو ومن معه من أنصاره وكان الوالد وجدي وأسرتنا كلها من ضمن المجموعة التي هربت مع الإدريسي إلى بلاد أسلم وإلى الجهة الغربية من منطقة المحابشة.. وكما هو معروف في مثل هذه الحروب أن أكثر من يعاني وتقسوا الحياة عليهم هم الأطفال.. وكانت أسرتي أسرة كبيرة برجالها وخدمها لأنهم كانوا يعملون شبه وزراء في إمارة الإدريسي.
فالوالد كان يعمل مستشاراً بدرجة وزير للإمام الإدريسي وجدي كان وزيراً للداخلية للأب المؤسس محمد الإدريسي.. ونتيجة للحرب تم تدمير بيوتنا وفقدنا أراضينا وأملاكنا وأنا كنت في ذلك الوقت صغيراً جداً.. وبحكم أننا عشنا في منطقة ساحلية فقد كان الوضع في الجبال لا يناسبنا خاصة عندما يحل الشتاء وتأتي معه الحشرات التي لم تكن موجودة في تهامة نتيجة الحر الشديد.. فانتقلنا إلى عبس والوالد ذهب إلى صعدة ليقاتل مع مجاميع الإمام أحمد حميد الدين الذي كان حينها ولياً للعهد وقد هزمهم الجيش السعودي في مواطن كثيرة لأنه كان يستخدم الآليات الحديثة المتوافرة لديه.. ومع أن الجيش اليمني كان عبارة عن قوات راجلة فقد كانت الغلبة لهم بحكم سيطرتهم على الجبال التي لم تستطع السيارات الصعود إليها.. لكن من الناحية الأخرى فقد استطاع الإدريسي أن يجتاح تهامة حتى الوصول إلى الحديدة وكان الأمير فيصل بن عبدالعزيز الملك فيما بعد على رأس الحملة فاستقر في الحديدة وبدأ يبعث برسائله وتهديداته إلى المناطق المجاورة وكان الهدف التوجه إلى زبيد.. لكن حينها الإنجليز تدخلوا وقطعوا الامداد من البحر وتوقفت الحرب.. ثم جاءت اللجنة العربية كوسيط بين الإمام يحيى والملك عبدالعزيز - رحمهما الله - وتراجعت القوات السعودية إلى ما يعرف بحدود اليوم بين البلدين وتم وضع معاهدة سميت بمعاهدة الطائف.. وكذلك تراجعت القوات اليمنية إلى ما هو حدود اليمن اليوم.. وكانت هذه الاتفاقية أو المعاهدة تجدد كل عشرين سنة قمرية.

على مقاعد الدراسة
نأتي إلى التعليم.. أين كانت البداية؟
-أثناء استقرارنا في عبس كنت أدرس في المعلامة دراسة خفيفة وكنت يومها قد أصبت بجروح نتيجة تنقلنا في الجبال ظلت ملازمة لي وحولت حياتي إلى حياة صعبة إضافة إلى ما كنا نعانيه من شظف العيش ولا سيما بعد أن انقطعت علينا موارد الدخل.. وما كان يحصل عليه والدي من الإمام في صعدة كان يرسله إلينا.. لكن بعد التوقيع على معاهدة الطائف التي أنهت الحرب اضطر والدي أن يأتي إلينا في عبس وبعد فترة تم تعيينه من قبل الإمام عاملاً على ميدي وقد احتج على هذا التعيين جلالة الملك عبدالعزيز؛ لأن والدي كان من المطلوبين ومحكوم عليه بالإعدام فطلبه ولي العهد أحمد إلى عنده خوفاً من أن يأمر الإمام يحيى بتسليمه إلى الملك عبدالعزيز مع الذين لجأوا إلى اليمن وبعد أن تم الاتفاق على تبادل المطلوبين للدولتين وكان والدي من ضمن المطلوبين للملك عبدالعزيز ولا سيما بعد صدور أمر يقضي بإعدامه.. حينها ذهب الوالد إلى صنعاء ورفض العودة إلى المملكة خشية من أن ينفذ فيه حكم الإعدام.. وبعد فترة من مكوثه في صنعاء جاء خبر وفاة عامل الحديدة.. فسعى ولي العهد أحمد لدى والده الإمام يحيى بتعيين والدي عاملاً للحديدة وقد تم له ذلك وانتقلنا جميعاً معه من عبس إلى الحديدة.. فبدأت حينها دراسة أقوى من تلك التي كنت أتلقاها في عبس على أساس أن التحق بمدرسة النخيل بالحديدة.. وفعلاً التحقت ودرست ونجحت واستمررت في الدراسة بالحديدة إلى العام 1947م إلى أن جاءت البعثة التي التحقت بها للدراسة في الخارج.
كيف تم اختيارك للالتحاق بالبعثة؟
- هذه قصة طويلة وشاقة.. كانت عندي رغبة في مواصلة التعليم والوالد - رحمه الله - كان قد وضعني أمام خيارين إما أن أذهب إلى عدن لإكمال دراستي والخيار الثاني كان بتأثير من الصفي الكهالي - رحمه الله - الذي كان موجوداً في الحديدة وهو علّامة معروف على أن أذهب إلى صنعاء للدراسة في مدرستها العلمية.. لكن عندما سمعت بخبر البعثة في الحديدة عن طريق الأساتذة والأصدقاء قررت كطفل غبي أن أخبر الوالد من أجل أن يساعدني للالتحاق بها خاصة أن هناك الكثير كانوا يرغبون في الالتحاق بالبعثة بمن فيهم المدرسين وكنت أخشى أن يفوتني الالتحاق بالبعثة.. فذهبت إلى الوالد حيث كان موجوداً في الزيدية مشياً على الأقدام وفي الطريق عرفني بعض التجار من الذين كانوا يذهبون للتسوق بحكم معرفتهم بوالدي وكانوا يسمونهم الحمارة فأخذوني معهم فحملوني فوق الحمير بالتناوب.. وكان أكثرهم وداً ومعرفة بوالدي هو: السيد خزام دهني - رحمه الله - وعندما وصلنا أنزلني في بيته في الزيدية وبت عنده حتى الصباح وكنت مرهقاً وخائفاً وقد أكرموني فهم سادة أجلاء في المنطقة وأصدقاء للوالد.. بعدها أخذوني إلى عند الوالد، حيث كان منتدباً لتحصيل الزكاة وهو نظام كان معمول به في عهد الإمام.. ولأن والدي كان رجلاً صارماً وشديداً فقد كنت أخشى مقابلته وفي نفس الوقت منزعجاً لأنني لم أخبر أحداً من الأسرة بسفري إلى الزيدية وقد أرسلوا إليه برقية يخبرونه باختفائي لكن عندما علم أنني في الزيدية اطمأن.. ذهبت لمقابلته بعد صلاة العصر وهو مقيل سلمت عليه وعاتبني عتاباً شديداً على عدم إخباري أحداً من الأسرة وعلى عدم استئجاري حماراً يحملني وكان ردي عليه بالبكاء خوفاً منه وخجلاً.. وبعد أن زالت الرهبة تمالكت وقلت له: أريد أن ألتحق بالبعثة للدراسة في الخارج وأريدك أن تساعدني بحكم معرفتك بالأمير عبدالله وزير المعارف ونائب الإمام في الحديدة.. ومن حسن الحظ يومها أن الأمير كان مسافراً إلى الأمم المتحدة في أمريكا وهو من أكثر الأمراء تفتحاً وتواقاً للتطوير وهو من أقنع والده الإمام يحيى بسفر البعثة المكونة من أربعين طالباً إلى لبنان للدراسة.

الالتحاق ببعثة الأربعين
كيف تمت بعد ذلك الموافقة وقبولك في البعثة؟
- وصلت البعثة إلى الحديدة ووصل حينها الأمير عبدالله بن يحيى قادماً من صنعاء وكان والدي من جملة من استقبلوه في المراوعة ورافقوه إلى الحديدة.. حينها حدثه والدي عني فوافق الأمير وكان المرشحون من الحديدة ثمانية طلاب تم اختيار ثلاثة منهم فقط أنا أحدهم.
وجاء إلى تعز سيف الإسلام الأمير عبدالله وكان مدعوماً من والده الإمام يحيى - رحمه الله - بسفر البعثة فتفاوض مع ولي العهد وأقنعه بضرورة سفر البعثة مثلما سبق لبعثات قبلها بالسفر إلى العراق وإيطاليا ودول أخرى.. لكن ميزة بعثتنا عن سابقتها أنها كانت أكبر بعثة من حيث العدد وكان مشرفاً علينا الأستاذ علي بن علي الأنسي - رحمه الله - وفي تعز أضافوا إلى جانبه الأستاذ يحيى المضواحي - رحمه الله - وبعد أن أقنع السيف عبدالله ولي العهد سمح لنا بالسفر فتوجهنا إلى عدن وحين وصولنا بدأ الأحرار المعارضين للإمام يحيى ومنهم الزبيري والنعمان والسيف إبراهيم وغيرهم يتواصلون معنا كأفراد وقد أنزلونا في مدرسة خاصة بأولاد السلاطين بجبل حديد.. فشاهدنا الكهرباء والسينما لأول مرة والآيسكريم والثلج والأشياء الباردة والطرق المسفلتة وهي أشياء لم نكن نعرفها في شمال الوطن في عهد الإمام يحيى.

رحلة شاقة
كم مكثتم في عدن؟
- كما سبق وعرقل ولي العهد أحمد سفر البعثة في تعز عمل على عرقلة سفرها من عدن وكل ما كنا نجهز أنفسنا للسفر يطلب هو شخصياً تأجيل سفرنا بحجة أن معلومات قد وصلت إليه تفيد أن الأحرار المعارضين للحكم يتواصلون معنا وأن بين البعثة شياطين أو كما كان يسميهم ولي العهد أحمد «نزغات» لكن الضغط عليه من قبل والده الإمام يحيى وأخيه السيف عبدالله أجبره على الموافقة بسفر البعثة.. فتقرر سفرنا كمحطة أولى على الباخرة إلى مصر وكنا ننام على سطحها ونادراً ما كنا نعثر على بطانيات لنتغطى بها لأن سفرنا كان في الشتاء والبرد قارس والأمواج عاتية إضافة إلى دوار البحر الذي كان يؤذينا ونحن شباب صغار لم نتعود على السفر.. واصلنا الرحلة إلى مصر وفي السويس استقبلنا مندوبون من السفارة وحضروا لنا تكسيات وأوصلونا إلى القاهرة وأنزلونا في شارع فؤاد حينها الذي هو الآن شارع 26 يوليو نزلنا في لوكندة معروفة في قلب الشارع فشاهدنا حياة مختلفة.. استمررنا ثلاثة أيام في هذه اللوكندة وحصلت لنا فيها مفارقات كانت محرجة بالنسبة لنا منها: إنه عندما قدموا لنا الطعام على الطاولات ويحتوي على الدجاج والمخدمين واقفين ورانا وكنا نستحي أن نأكل وهم يتفرجون علينا.. وكان أحد مسؤولي السفارة عبدالهادي الهمداني - رحمه الله - كان قد عرف الخارج وعرف وضعنا فسألناه كيف نأكل الدجاج؟ فأرشدنا إلى الشوكة والسكين ولكننا لم نحسن استعمالهما فكان البعض منا يضع الدجاجه تحت الطاولة ويقطعها بيديه وبعضنا كان يستخدم الشوكة والسكين وبمجرد ما يضع الشوكة على الدجاجة حتى تقفز منه على الآخرين وأشياء مضحكة كثيرة.. وكنا أيضاً نتحرج من استخدام الحمامات والدش..
ثم بعد ذلك واصلنا السفر بالقطار إلى فلسطين وحينها لم تكن قد وجدت دولة إسرائيل وإنما كانت تحت الوصاية البريطانية.. وفي طريقنا كانت تحدث تفجيرات تستهدف القطار من قبل الصهاينة ومن قبل المقاومة العربية.. وفي الطريق كانوا يأتون لنا بكوز الماء البارد لكي نشرب منه ولم نكن نستخدمه عن بعد مثلهم وإنما كنا نشرب كما تعودنا من الكوز مباشرة وهم كانوا يزعلون ويأخذون الكوز ويكسرونه ويشتمونا وهذه من الطرائف التي نالتنا ونحن في الطريق إلى فلسطين.
وعندما وصلنا الحدود اللبنانية استقبلونا في عكا ثم نزلنا إلى صيدا وهناك ألحقونا بمدرسة المقاصد الخيرية بصيدا وهي مدرسة إسلامية.. ولأننا قد وصلنا صيفاً فكانت المدرسة مغلقة فحجزوا لنا في مطعم لنأكل فيه حتى تفتح المدرسة وهو أمر عادي وطبيعي في لبنان لكن بالنسبة لنا اعتبرناه عيباً خاصة الطلبة الكبار منا مثل عبدالله الكرشمي الذي أصبح فيما بعد مهندساً ورئيساً للوزراء في نهاية السبعينيات من القرن الماضي جمعنا وقال لنا: هل نحن أولاد سوق حتى نذهب لنأكل في المطاعم استحوا على أنفسكم؟ وكلنا أخذتنا النخوة وتقبيلنا وقلنا لن نذهب إلى المطعم أبداً.. فشرينا خبزاً وعنباً وأكلنا وبهذا التصرف أحرجنا المشرفين علينا وأصحاب المدرسة فقرروا أن ينقلونا فاستأجروا لنا بيتاً في جبل لبنان في قرية اسمها على ما أذكر قرن نابل وهي بلد جميلة والبيت كان جيداً واتسع لنا كلنا الأربعين طالباً مع المشرفين ولم تكن توجد لليمن حينها لا سفارة ولا مفوضية واللبنانيون لم يكونوا يعرفون أين اليمن؟ كانوا يسألونا من أين أنتم؟ نقول لهم من اليمن.. فيقولون: من اليابان ويسألون: هل تتكلمون عربي وهل توجد شمس في بلدكم؟

صيدا أول المحطات
متى باشرتم الدراسة وكيف تم ترتيبكم؟
- أرادوا أن ينزلونا كما أشرت في المدرسة الإسلامية في صيدا وهي أقرب إلى الشيعة منها إلى السنة وكانت توجد مدرسة مشابهة لها في بيروت العاصمة ولكن الإمام رفض بحكم أن بيروت مدينة كبيرة وخاف علينا من الاحتكاك بالآخرين.. وكذلك توجد مدرسة أخرى في طرابلس مع أن أكثر سكانها سنة كما هو حالها الآن.. ويمكن بإيعاز من جميل بيهم المشرف على البعثة وممثل الإمام في لبنان وهو ليس قنصلاً ولا مفوضاً وإنما كان مندوباً شخصياً للإمام بحكم علاقته ببعض اللبنانيين المستشاريين للإمام في اليمن مثل عدنان ترسيسي فرشحوه للإمام واعتمده مندوباً له وكان يرسل إليه الحوالات وهو يصرفها لنا أي كان إشرافه مالياً فقط ويرتب أمورنا.. فوزعونا إلى قسمين يرأس القسم الأول السيد يحيى المضواحي ويرأس القسم الثاني الأستاذ علي بن علي الأنسي.. وكان من نصيبي أنا وإبراهيم صادق الذهاب مع المجموعة التي اختاروا لها طرابلس وكان محمد الأهنومي زميلنا الثالث من الحديدة وآخرون ضمن مجموعة صيدا.. ولم نكد نستقر حتى سمعنا بنكبة فلسطين وتم إعلان الدولة اليهودية وتدفق يومها المهاجرون على لبنان والفلسطينيون مشتتين أطفالاً ونساء وشيوخاً وكان زملاؤنا في صيدا هم أكثر تضرراً منا لأننا في طرابلس لم يكن يصل إلينا من المهاجرين إلا العدد القليل أما صيدا فكانت قريبة من الحدود الجنوبية لفلسطين وكان تدفق المهاجرين إليها كبيراً.
وفي قرن نايل كانوا قد أرسلوا إلينا مدرسين من صيدا لتحديد المستوى لأن مستوانا الذي أتينا به من اليمن غير معترف به فكانوا يصيغون لنا بعض الأسئلة ونحن نجيب عنها من أجل تحديد المستوى.. وبعد الاختبار منا من رفعوه بحسب مؤهلاته ومنا من إعادوه إلى الوراء رغم أنه كان جيداً فحصلت بعض الإشكالات ولكن في النهاية ذهبنا إلى طرابلس فدرسنا فيها سنة وبعد عام 1948 حدث أن الإمام أحمد الذي تولى الحكم بعد مقتل والده الإمام يحيى قد أمر بملاحقة الفضيل الورتلاني لاشتراكه في قتل الإمام يحيى وقد هرب من اليمن وظل في البحر عدة أشهر لم تقبله أية دولة وهو جزائري حتى وافق رياض الصلح رئيس وزراء لبنان حينها على استضافته سراً باسم مستعار فعلم الإمام أحمد فتوترت العلاقة بين لبنان واليمن بسببه وكان الفضيل الورتلاني ممثل الإخوان المسلمين في مصر في اليمن ولكنه جاء بصفة تاجر لاستحداث شركات لمساعدة الإمام ونتيجة لغضب الإمام من استضافة لبنان للفضيل الورتلاني أمر بنقبل البعثة الطلابية من لبنان إلى مصر.. أنا كنت مع القسم الموجود في طرابلس وقد تأخر نقلنا قليلًا أما القسم الآخر في صيدا فقد تم نقلهم إلى مصر قبلنا حينها اتصل مدير المدرسة بالإمام أحمد وقال له: إن نقل البعثة من طرابلس إلى مصر سيؤثر على المدرسة نفسها وعلى الطلبة ولا سيما المدرسة خيرية من تبرعات الناس فوافق الإمام على التمديد سنة ثانية في لبنان بطرابلس.. وزملاؤنا في صيدا نقلوهم إلى الريف المصري ببني سويف وقد حدث خلال تلك السنة التي تم التمديد لنا فيها أن زارنا ولي العهد محمد البدر كما زارنا الأمير الحسن بن إبراهيم، حيث تفقد أحوالنا وبالنسبة لي فقد كنت خائفاً جداً لأن والدي كان محبوساً في حجة بتهمة انضمامه إلى الذين انقلبوا على الإمام يحيى وكانوا يسمونهم الدستوريين بمناسبة إقرار الدستور الذي أعلنوا عنه بعد مقتل الإمام يحيى.. فكنت أخاف أن يطلبني الإمام أحمد أو ولي عهده البدر فيلغي منحتي ولكن للحق لم يكلمني أحد ولم يتغير وضعي بأي شكل من الأشكال وقد زارنا البدر وحثنا على مواصلة التعليم وحسن أحوالنا ووصى المشرفين علينا والاهتمام بنا ورعايتنا، وتفاهم البدر ولي العهد مع مدير المدرسة وتبرع للمدرسة بمساعدة وبعد انتهاء السنة غادرنا بحراً عام 1948 إلى مصر ونزلنا في حلوان 68 شارع رستم باشا.. وحلوان مدينة جميلة ونظيفة فأستقررنا في البيت الذي استأجروه لنا ونفاجأ بأنهم قد ضموا إلينا زملاءنا الذين كانوا في بني سويف ومنهم من تبوؤوا رؤساء حكومات فيما بعد مثل محسن العيني وعبدالله الكرشمي وعبداللطيف ضيف الله وحسن مكي وغيرهم من الذين ظهروا بعد الثورة في اليمن كوزراء وساهموا في قيام الثورة وضباط كبار ومسؤوليين كبار في اليمن.. وأيضاً من الذين وقعوا على اتفاقية المصالحة مع المملكة العربية السعودية وعلى أساسها جاء اعتراف المملكة بالنظام الجمهوري في اليمن عام 1970.

الانتقال إلى مصر
كل أعضاء البعثة أكملوا الثانوية في مصر؟
- كل بعثة الأربعين أكملوا الثانوية في مصر وقد انضم إلينا طلبة آخرون من الذين كانوا يأتون عن طريق عدن أو السودان من أبناء المغتربين الذين كانوا يدرسون هناك فكان ما هو مقرر لأربعين طالباً نعيش به ونحن أكثر من ثمانين طالباً.. بالنسبة لي أخذت الكفاءة في حلوان والدفعة الأولى تخرجت والتحقت بجامعة القاهرة في عدة تخصصات.
ماذا عنك شخصياً هل واصلت دراستك الجامعية في مصر؟
- بالنسبة لي زارنا في حلوان الأمير سيف الإسلام الحسن بن يحيى حميد الدين لمعالجة بعض المشاكل التي حصلت بين السفارة والطلبة وقد كان يحمل توجيهاً من الإمام أحمد بنقل الطلبة اليمنيين إلى الدول الأوروبية؛ لأنه شعر بخطر وجودهم في مصر بعد قيام ثورة 23 يوليو عام 1952 بقيادة جمال عبدالناصر حتى لا يتأثرون بالأفكار القومية إضافة إلى وجود الزبيري والنعمان في مصر وغيرهم من المعارضين لحكم الإمام فانزعج الإمام كثيراً من هذا الوضع ولذلك فقد ذهب الكثير من زملائي بناء على توجيهاته إلى فرنسا وبعضهم إلى بريطانيا وأمريكا وأنا اخترت إيطاليا مع الأخوين عبدالرحمن رافع وعبدالرحمن أحمد محمد نعمان.. وكان هناك قبلي في إيطاليا عبدالوهاب الشامي أخو الشاعر والسياسي المعروف أحمد الشامي والسيد محمد الظفري للعلاج والدراسة وهما من الذين ساعدونا رحمهم الله.
كيف تم سفرك إلى إيطاليا.. وما التخصص الذي اخترته؟
- جاء والدي إلى القاهرة وقال إنه لا يريدني أن ادخل السلك العسكري أو الأمني فاتصل بوزير الخارجية حينها القاضي محمد العمري وقال له: لا أريد أن يدخل الولد حسن السلك العسكري أو الأمني فقال له: دعه يدرس طب في إيطاليا وكان قد حصل لي على منحة من الحكومة الإيطالية فأبرق للوالد أن يراجع السفارة وعند مراجعته للسفارة في القاهرة وجد المنحة باسمي لدراسة الطب وأنا لا أرغب في دراسة الطب وإنما كانت رغبتي دراسة القانون.. فقال لي عبدالهادي الهمداني السكرتير الأول في السفارة اليمنية بالقاهرة وهو رجل فاضل درس في السودان ويتحدث الإيطالية يا ابني الإمام غير موجود في إيطاليا والجامعات هناك مستقلة وما عليك إلا أن تطلب التخصص الذي تريده وهم سيوفرونه لك وأقنعني ثم حضروا لي التذاكر للسفر إلى إيطاليا عن طريق البحر فسافرت أولاً إلى الإسكندرية وهي أول مرة انفصل فيها عن زملائي بعد أن انفصلت عن عائلتي.. ووصلت إلى الإسكندرية وكان معي مندوب من السفارة يودعني.. دخلت إلى الباخرة ومن حسن الحظ تعرفت على قسيس لبناني يتحدث اللغة العربية فرحت به وجلست بجانبه وسألني عن اليمن وكان يبصرني بتصرفاتي وخاصة أن الباخرة فيها مطاعم درجة أولى وثانية وكان الشيخ علي محمد الجبلي - رحمه الله - مسؤول مصاريف الإمام عندما عرف أنني ذاهب إلى إيطاليا أعطاني ورقة بخمسة آلاف ليرة إيطالية.. فأعتقدت أنه أخطأ بهذا المبلغ الكبير ولم أكن أعلم بحجم قيمة العملة الإيطالية ففرحت بهذا المبلغ وأخفيته في جيب البنطلون.. ونحن في الباخرة وقع حادث في إيطاليا تمثل في قمع الإنجليز لمظاهرة في ميناء تريستاء وهي مدينة كانت تتنازعها يوغسلافيا وإيطاليا والأمم المتحدة جعلتها تحت إشراف القوات البريطانية إلى أن يحل النزاع وقد صوت مجلس الأمن فيما بعد بأحقيتها لإيطاليا.. وكان هذا الميناء يمون شرق أوروبا ولكي يقوي الإيطاليون مركزهم شجعوا المناصرين لهم في تريسيتاء للقيام بمظاهرة يطالبون فيها بعودتها إلى إيطاليا وكان الإنجليز المشرفون قد تصدوا للمظاهرة وقتلوا ثمانية أشخاص، والإيطاليون اعتبروا هذا حادثاً كبيراً وطلبوا من الباخرة تبرعاً من الركاب فقال لي القس اللبناني معك فلوس قلت له: معي هذه الورقة بخمسة آلاف ليرة وليس معي غيرها.. قال تبرع بثلاثمائة ليرة منها.. أخذها مني وصرفها وتبرع بالمبلغ باسمي وأرجع الباقي إلي وعندما وصلنا إلى ميناء نابولي وتوقفنا هناك كان جوازي مكتوباً باللغة العربية فقط لا فيه لا إنجليزي ولا إسباني ولا إيطالي ولا فرنسي.. فخرج الركاب كلهم وبقيت أنا لوحدي وأنا في غاية القلق لماذا أخروني؟ وأخيراً جاء إليّ المترجم وطمأنني وقال: إن تأخيرك بسبب عدم وجود ترجمة بلغة أخرى في جوازك ولذلك فقد طلبوني لأترجم لهم ما هو مكتوب في الجواز لأنهم لا يثقون إلا بمترجم من عندهم.. فترجم لهم وخرجت أنا آخر واحد ولم أجد في الجمرك سوى الشنطتين الخاصتين بي وقد كنت في شدة الخوف على الشناط لأنهم حذروني من اللصوص في إيطاليا.

مفارقات الرحلة
كيف تصرفت بعد ذلك؟
- كان معي إلى جانب تذاكر الباخرة تذاكر القطار فأخذت تاكسياً إلى المحطة وركبت القطار فدخلت في عربة يسمونها ديلوكس وأنا عندي تذكرة درجة أولى وعندما جاء الكمساري وطلب مني التذكرة قال لي لازم أدفع الفارق فأخرجت كلما كان معي من الفلوس الإيطالية أخذ منها ما أخذ والباقي أرجعتها الجيب وعدت إلى مكاني.. وعندما ضرب الجرس شاهدت الناس يتوجهون إلى مطعم في القطار فتوجهت معهم معتقداً أنه مثل الباخرة مجاناً.. أكلت في المطعم ففوجئت بالمحاسب يطلب مني الحساب أخرجت ما تبقى معي فقال:
إنها غير كافية ولا بد من سداد المبلغ فأخرجت الساعة من يدي وسلمتها له وكان أحد الإيطاليين يرقبني فطلب مني أن أرجع الساعة ودفع عني باقي المبلغ.. وكان بجانبي راكب صيني وضعه مثل وضعي لا نتفاهم إلا بالإشارة مع أنني كنت أعتقد أن الخمسة آلاف ليرة مبلغ كبير.. لكن مثل ما يقولون يا فرحة ما تمت.

القبول في الجامعة
كيف بدأت الدراسة بالجامعة؟
- ذهبت إلى الجامعة فترجموا أوراقي وبعثوني إلى معهد (دانتي آل جيري) لدراسة اللغة الإيطالية فجلست فيه ثلاثة أشهر فلما نجحت بعثوني بأوراقي إلى جامعة روما مع توصية الخارجية فقبلوني والحكومة اليمنية لا تعرف شيئاً عما يحدث لطلبتها المبعوثين للدراسة في الخارج.
ألم يكن يأتي إلى إيطاليا مسؤولون يمنيون ليتفقدوا أحوالكم؟
- كان الحسن بن إبراهيم يأتي من وقت لآخر بعد ما جاء عبدالرحمن نعمان ابن الأستاذ أحمد محمد نعمان الذي غير موقفه وهو في السعودية وتوجه إلى مصر للانضمام إلى الزبيري والمعارضين لحكم الإمام وقد أصدر في القاهرة صحيفة: صوت اليمن وكانوا يرسلون مجموعة منها إلى إيطاليا فيقوم عبدالرحمن ابن الأستاذ النعمان بتوزيعها وهو لا يقدر حجم ما قد يلحقنا من ضرر كطلبة.. وعندما جاء الأخ والصديق محمد عبدالقدوس الوزير الذي كان يدرس في لبنان إلى إيطاليا للعلاج واطلع على أحوالنا كتب للإمام أحمد وقال له: إنه لا يوجد أحد في إيطاليا يشرف على الطلبة ويرعاهم فعينه الإمام وزيراًً مفوضاً لليمن في إيطاليا وشكل ما يشبه السفارة وقد حرمه انشغاله بالعمل الدبلوماسي من تكملة دراسته في بيروت.. وكان شخصية فاضلة وصديق عزيز.
هل كانت دراستك الجامعية والعليا كلها في جامعة روما؟
- استمررت في روما حتى جاء الإمام أحمد للعلاج عام 1959م من المروفين الذي كان يستخدمه لتهدئة الأوجاع لأن الإيطاليين أكثروا له منه إلى أن أقعدوه.. وحينها انتقلت من جامعة روما إلى جامعة بولونيا من أجل مواصلة الدراسات العلياء، حيث حصلت على الدكتوراه منها.. ولما جاء الإمام أحمد إلى إيطاليا أكرمه الإيطاليون كملك ورئيس دولة وخصصوا له سيارة من الرئاسة وحرساً واستقبل استقبالاً يليق به وأرقدوه في مستشفى خاصاً بروما.. ومن الغريب في هذه الحالة أن الإمام أحمد حمل معه بعض القيود الحديدية وعلقها في غرفته وكان يعاقب بها من يخالف تعليماته حتى مرافقه عندما يخطئ يعمل له حلقة وسياف في رجله فيستحي يخرج وهو مقيد.. هذه من الطرائف التي شاهدتها بنفسي..

في بولونيا
هل وافقت على أن تقوم بمرافقتهم وأنت طالب مشغول؟
- قلت لهم في روما لا توجد لدي وسيلة لأفسحكم بها لكن إذا أتيتم إلي في بولونيا حيث مقر دراستي فأنا مستعد.. وفعلاً فقد جاؤوا إلى بولونيا وأنا لم أقصر معهم.. قلت لهم بعد وصولهم انسوا أنكم وزراء ومسؤولون واعتبروا أنفسكم مواطنين عاديين وذهبت بهم إلى الملاهي وأول شيء أدخلتهم إليه مكان الرماية وركبتهم في العديد من الألعاب وكانوا يضحكون من قلوبهم وعاشوا لحظات في غاية السعادة شكروني عليها.. ومن المفارقات أن صاحب الفندق الذي نزلوا فيه كان صاحبه من محبي الملكية وعندما عرف أنهم مسؤولون مع ملك اليمن عاملهم معاملة خاصة وطهى لهم أكلاً خاصاً لحماً مع العسل والزعتر وقال إن هذا هو أكل العرب وكان سعيداً بهم جداً وظل يتناقش مع القاضي الإرياني وأنا أترجم وقد أكد لي القاضي الإرياني أن هذا فعلاً هو أكل العرب اللحم بالعسل.. بعد ذلك هم عادوا إلى روما وأنا بقيت في بولونيا.. لكن فوجئت بطلبي على وجه السرعة إلى روما لاحتياجهم لي في الترجمة وحين وصلت وجدت الأمور قد تغيرت فقد وصلت معلومات إلى الإمام بأن القبائل دخلت صنعاء وأن حادثاً قد حصل قتل على أثره بعض المسؤولين منهم مسؤول من بيت العمري.. ولذلك صمم الإمام على السفر رغم تحذير الأطباء له لأنه لم يشفَ تماماً فركب الطائرة وعندما وصل إلى نصف المسافة قام بإشهار سيفه على الطيار وطلب منه العودة إلى روما.. ولم يكن عند المسؤولين الإيطاليين علم بذلك وصادف أن كان يوم أحد الدوائر كلها معطلة فلم يكن أحد في استقباله سوى علي محمد الجبلي وبعض اليمنيين فعاد إلى مقره السابق وأما العائلات فقد تشتتت وتم استئجار سكن جديد لهم.

عودة الإمام
لماذا رجع الإمام وقام بهذه الحركة الغريبة؟
- وصلته معلومات بأن ابنه ولي العهد البدر قد اتفق مع الرئيس جمال عبدالناصر على اختطاف الطائرة وإجباره على النزول في القاهرة.. فاستأجر باخرة ركاب وغادر عليها رغم أن جمال عبدالناصر تواصل معه وقال له: إنه سوف يرسل إليه باخرة الحرية التي كانت خاصة بالملك فاروق ولكنه رفض وعند وصوله إلى السويس توجه عبدالناصر لزيارته وصعد إلى الباخرة ولم يقم الإمام لعبدالناصر بحجة أنه مريض فسلم عليه وهو جالس لكن عندما جاء مرشد الإخوان المسلمين: الهضيبي نهض الإمام وقال لمثل هؤلاء يقوم الإمام.. وقد حاول عبدالناصر استضافته ولكنه أصر على مواصلة السير إلى الحديدة.. وهناك خطب خطبته المشهورة التي قال فيها: هذا الفرس وهذا الميدان.. ومن كذب جرب.. فهرب مشائخ القبائل وقبض على بعضهم ولم يصفح عنهم إلا بعد أن أعادوا إليه الأموال التي أخذوها من ولي العهد البدر.. أما الشيخ حسين الأحمر وابنه حميد فقد أعدمهم واستبقى الشيخ عبدالله رهينة حتى قامت الثورة وأفرجت عنه وكان له دور في الدفاع عن الثورة.
هل صحيح أن الحسن أمر بتسمير الشبابيك في إيطاليا؟
- حين جاء الحسن إلى إيطاليا أراد أن يشاهد السكن المخصص للعائلة وحينما شاهد النوافذ تطل على الشوارع المزدحمة بالناس أمر بتسمير الشبابيك الخشب حتى لا تطل الحريم من النوافذ وتم تقييد حياتهن ولم يكن يسمح لهن بالخروج إلا في المساء.. كان الأمير الحسن - رحمه الله - يحمل أفكاراً غريبة لا يتقبلها أحد رغم أنه كان يعيش حياة مدنية ويلبس البدلة والكرفتة. وعاش فترة طويلة في أمريكا.

خروج الوالد من السجن
كم مكث الوالد في السجن وكيف تم إطلاق سراحه؟
- مكث والدي أربع سنوات ونصف في سجن نافع بحجة فذهب لزيارته صديق الوالد الشريف أحمد الحازمي - رحمه الله - وهو يحمل رسالة من الملك عبدالعزيز آل سعود إلى الوالد بالعفو عنه ويطلب منه العودة إلى المملكة لكن الوالد رفض العودة وقبل العفو شاكراً وبعدها قام الشريف أحمد الحازمي بزيارة الإمام أحمد وكانت له علاقة قديمة به والحازمي درس في الغاية بصنعاء فاستقبله الإمام في تعز وعرض عليه عفو الملك عبدالعزيز عن والدي والإمام أحمد بدوره قام بالإفراج عنه.
لماذا رفض الوالد العودة إلى المملكة؟
- والدي كانت له نظرة خاصة به وبالرغم من أن الوضع الخاص بمن كان يطلق عليهم الدستوريون كان صعباً جداً إلا أن والدي فضل البقاء في اليمن.. حتى جلالة الملك فيصل - رحمه الله - كان قد طلب من الوالد العودة وتقليده إمارة في أي منطقة ما عدا منطقة صبيا أو ما كان يعرف بالمخلاف السليماني على أن يعيش في المدينة أو في الرياض ولكن الوالد فضل البقاء في اليمن.. وبعد رجوعي بفترة وقع حادث محاولة اغتيال الإمام أحمد في الحديدة فيما يعرف اليوم بمستشفى العلفي وقد ظل يعاني من تلك الإصابات حتى توفاه الله في شهر سبتمبر عام 1962م.

مستشار في الاقتصاد
متى تسلمت أول عمل رسمي بعد حصولك على الدكتوراه من إيطاليا؟
- حينما علمت أن القاضي عبدالله الحجري وحسين الويسي وغيرهم موجودان في دار الضيافة بالحديدة ذهبت لأسلم عليهم والقاضي عبدالله كان يعز الوالد وبينهما صداقة قوية فقال لي يادكتور حسن نحن عندنا بكرة موعد لزيارة الإمام وننصح بأن تأتي معنا حتى يأمر الإمام بتوظيفك قلت له حاضر. فذهبت معهم إلى دار الضيافة صباحاً وقصر الإمام كان قريباً منه، حيث مشينا على الأقدام حتى وصلنا إلى مقر العكفة أو ما يعرف اليوم بقادة الحرس فسجلوا الأسماء واسمي من ضمنهم وطلعت الأسماء بعضهم الإمام لم يوافق على دخولهم لكن أنا طلع اسمي مع القاضي عبدالله الحجري وآخرين فدخلنا وسلمنا على الإمام والتفت إلي القاضي الحجري وقال أين الورقة؟ فقلت له أية ورقة؟ قال طلب بالتوظيف فمد يده إلى عمامته وأخرج ورقة بيضاء وكتب تقديم للإمام قلنا فيها إنني جئت من إيطاليا وأرغب في توظيفي.. أخذت توجيه الإمام إلى ولي العهد البدر فاعتمده وعينني مستشاراً بوزارة الاقتصاد وأمر لي بالطائرة تنقلني إلى صنعاء والنزول في دار الضيافة.. وكان وزير الاقتصاد حينها هو عبدالقادر بن عبدالله ذلك الرجل الفاضل وهذا أول عمل أستلمه بعد عودتي من إيطاليا وحصولي على الدكتوراه وقد تعامل معي الوزير كأب.. بعد أن تسلمت عملي كلفت بمهمة إلى الحديدة وأثناء وجودي هناك حدثت محاولة اغتيال الإمام أحمد في المستشفى، حيث أصيب الإمام بعدة رصاصات، ومن الظريف أنهم بدأوا يلاحقون من كانوا يسمونهم بالمبنطلين أي الذين يلبسون البنطلونات وأنا واحداً منهم وتحولت الحديدة إلى ثكنة عسكرية أوجدت حالة من الرعب عند الناس.

قيام الثورة
متى انتقلت إلى منصب أكبر؟
- ظللت في منصبي هذا كمستشار في وزارة الاقتصاد حتى قيام الثورة وفي أول حكومة تم تشكيلها في العهد الجمهوري عينت وكيلاً لوزارة الاقتصاد وبعدها بشهرين عينت وزيراًً للاقتصاد.. وكان المناضل والزميل عبدالغني مطهر قد عين وزيراًً للتجارة والاقتصاد وأنا وكيلاً له..
متى أصبحت وزيراًً للخارجية؟
- بعد وزارة الاقتصاد عينت وزيراً للخارجية عندما تقرر سفر المشير عبدالله السلال قائد الثورة على رأس وفد كبير إلى الاتحاد السوفيتي وبالمصادفة كان اختياري مع الوفد المسافر كوزير للخارجية في ثالث يوم زواجي فاضطررت أن أترك الزوجة في اليمن وأسافر مع الوفد إلى موسكو وهناك أهدى الزعيم خرتشوف طائرة خاصة للرئاسة اليمنية واستقبلونا استقبالاً طيباً واتفقنا على إنشاء أول مصنع للأسمنت في الحديدة ومشاريع أخرى من أهمها مشروع خاص بالقوات المسلحة يتمثل في تدريب عشرين ألف يمني.. لكن الإخوة المصريين استاؤوا من هذا الاتفاق واعتبروه خروج اليمنيين عن سياستهم وأنه مقدمة لانقلاب شيوعي عليهم.. وكان موقف مصر وعبدالناصر معروفاً من الشيوعية فتنفذ الشق المدني من الاتفاق وتعطل الشق العسكري.

تعدد المناصب
ماذا بعد وزارة الخارجية؟
- بعد الخارجية عينت مرة أخرى وزيراً للاقتصاد ثم جاء مؤتمر خمر فأنضممت إليه وعينت وزيراً للمواصلات.

لم تكن حكومتي سبب الانقلاب
يقال إن شخصيتك المثيرة للجدل وحكومتك التي شكلتها في النصف الأول من عام 1974م كانت سبباً للإطاحة بالمجلس الجمهوري وبحكومتك.. ما تعليقك؟
- حركة 13 يونيو عام 1974م التي قادها الشهيد إبراهيم الحمدي لم تكن بسببي أو بسبب مواقف الآخرين مني ومن سياسة حكومتي.. حينها كانت حكومتي حكومة شباب مثلما يريدونه اليوم حكومة تحررية وتقدمية حديثة تحترم الدستور والقانون والنظام.. كانت هذه هي فكرتي ولذلك أشركت فيها الكثير من الشباب بمختلف توجهاتهم السياسية والفكرية منهم من هو بعثي ومن هو ناصري ومن هو يساري ولكن كنا وطنيين جميعنا؛ لأننا جئنا بروح وطنية وقدمنا بياناً للحكومة يعتبر الأول من نوعه.. ثم قمت بجولات إلى دول الخليج وحاولنا تطمين الأشقاء في السعودية وتفاهمنا كثيراً مع جلالة الملك فيصل والأمراء حينها خالد وفهد وسلطان - رحمهم الله جميعاً -، بل لقد اجتمعت بالأمير فهد النائب الثاني حينها والملك فيما بعد لمدة ست ساعات متواصلة وكان جو المحادثات طيباً لكن العمل السياسي معروف بتباينات وجهات النظر حوله.

كنت معارضاً للحرب
معروف أنك عاصرت وعملت مع كل رؤساء الجمهورية في اليمن وعاصرت أيضاً العهد الملكي قبل الثورة وعملت معه وهذا دليل على كفاءتك والثقة فيك.. لكن لماذا حاولوا اغتيالك عام 1994م حيث أُصبت وقتل عدد من حراسك؟
- القصة طويلة وعريضة وكما يقولون جزى الله الأسباب خيراً فرب ضارة نافعة.. لقد كان موقفي حينها واضحاً ضد الحرب التي قامت في صيف 1994م والتي ما زلنا إلى اليوم نعاني من تداعياتها.. وكانت نظرتي أن الوحدة أكبر من ترسخها حرب وأن الحرب لن تقوي الوحدة ولن تفيدها وإنما ستضعفها وتخلق روحاً مغايرة.. مع إيماني بالوحدة واستمرارها وضرورتها وهذا إيمان لن يتغير إلى أن أموت بإذن الله.. فإيماني بالوحدة ثابت لكن أسلوب المحافظة عليها بالحرب ما كان موفقاً ولذلك فربما أن للحادث علاقة بموقفي من الحرب.
ألا تعلم تحديداً لماذا استهدفت؟
- العلم عند الله وعند صانعي القرار سواء كانوا أحياء أو من توفاهم الله خلال الفترة الماضية.
بعد هذا المشوار الطويل الحافل بالعمل السياسي والوطني.. كيف تنظر إلى مستقبل اليمن على ضوء ما يشهده من متغيرات؟
- أنا أؤمن بالحوار وأؤكد بأن ما وصلنا إليه هو بفضل مساعي الإخوة في المملكة ودول الخليج وخاصة موقف ومساعي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله - أطال الله في عمره وأرشده في كل أعماله خدمة لبلده وللأمتين العربية والإسلامية - وفي نفس الوقت الإخوة في الخليج لما قدموه من مساعدة لليمنيين وكذلك أشيد بالأخ الرئيس عبدربه منصور هادي وبالرئيس السابق علي عبدالله صالح لأن جهودهما هي التي أوصلتنا إلى هذا الاتفاق ممثلاً في المبادرة الخليجية وعدم استمرارالقتال كما هو حاصل اليوم في سوريا وحصل سابقاً في ليبيا وما زال مستمراً.. وبفضل هؤلاء جميعاً أعتقد أننا وصلنا إلى ما يحفظ كرامة اليمنيين ولا سيما هم شعب فقير مقارنة بجيرانهم لا يتحمل المزيد من المعاناة وليس لديه ثروة كبيرة فإن شح المطر جُعنا وإن شبعنا تقاتلنا


la,hv hg];j,v psk l;d > g;d



 


الرد باقتباس
الرد على الموضوع

Bookmarks

الكلمات الدلالية (Tags)
مشوار , لكي , الدكتور , حسن


Currently Active Users Viewing This Thread: 1 (0 members and 1 guests)
 

قوانين المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML مغلق
Trackbacks are متاح
Pingbacks are متاح
Refbacks are متاح



شات تعب قلبي تعب قلبي شات الرياض شات بنات الرياض شات الغلا الغلا شات الود شات خليجي شات الشله الشله شات حفر الباطن حفر الباطن شات الامارات سعودي انحراف شات دردشة دردشة الرياض شات الخليج سعودي انحراف180 مسوق شات صوتي شات عرب توك دردشة عرب توك عرب توك


جميع الأوقات GMT +3. الساعة الآن 07:29 AM.


.
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
.

Search Engine Friendly URLs by vBSEO