آخر 10 مشاركات |
الإهداءات | |
| LinkBack | خيارات الموضوع |
04-12-2014, 02:22 AM | #1 |
| علم الإملاء مقدِّمةٌ تعريفيةٌ بعلمِ الإملاءِ -تعريفُه : هو علمٌ تُعرفُ بهِ أصولُ رسمِ الحروفِ العربيةِ من حيثُ تصويرُها للمنطوقِ . -أسماؤه : يسمَّى قديمًا ( الكِتَابَ ) ، و ( الكِتابةَ ) ، و ( الخطَّ ) ، و ( الهِجاءَ ) ، و ( الرَّسمَ ) ، و ( تقويمَ اليدِ ) . واصطلحَ المتأخِّرونَ على تسميتِهِ بـ ( الإملاءِ ) ، لأنَّ الإملاءَ من قِبَلِ المعلِّمِ ممَّا يُمتحَنُ بهِ المرءُ في أماكنِ التعليمِ ، ليُعرفَ مبلغُ إتقانِهِ لهذا العلمِ . -واضعُه : لا يُعرفُ على وجهِ القَطْعِ واضعُ الحروفِ العربيةِ . وكانتِ الحروفُ العربيةُ قبلَ الإسلامِ خاليةً من النَّقْطِ ، معَ تشابهِ صُوَرِها . وذلكَ لقلةِ الكتابةِ يومَئذٍ ، وقلَّةِ أهلِها . وكانوا يستعينونَ على التفريقِ بينَها بزيادةِ بعضِ الأحرفِ ، ككتابتِهم ( مئة ) هكذا ( مائه ) ، وكتابتِهم ( ألئك ) هكذا ( أولئك ) [ بدون همز ] . فلما جاءَ الإسلامُ ، وانتشرتِ الكتابةُ ، وخِيفَ اللَّبسُ ، ابتدعَ أبو الأسودِ الدؤليُّ ( 69 هـ ) صورَ الشَّكْلِ ( الفتحةَ ، والضمةَ ، والكسرةَ ) ، وصورةَ التنوينِ ، غيرَ أنها كانت جميعًا على هيئةِ نُقَطٍ معيَّنةٍ ( . ) . فلمَّا جاءَ نصرُ بنُ عاصمٍ الليثيُّ ( 90 هـ ) ، ويحيى بنُ يعمَرَ العَدوانيُّ ( 129 هـ ) ابتدعَا بأمرٍ من الحجَّاجِ بنِ يُوسفَ نَقْطَ الحروفِ ؛ فبدَلَ أن كانتِ الباء ، والتاء ، والثاء لها صورةٌ واحدةٌ ، أضحَى لها ثلاثُ صُوَرٍ ، وهكذا سائرُ الحروفِ . وبذلكَ أصبحتِ الحروفُ نوعينِ : حروفًا منقوطةً ، وتسمَّى ( مُعْجَمةً ) ، وحروفًا غيرَ منقوطةٍ ، وتسمَّى ( مُهمَلةً ) . ثمَّ خلفَهم الخليلُ بنُ أحمدَ ( 170 هـ ) ، فابتدعَ الهمزةَ ( ء ) ، والشدَّةَ ( ّ ) ، والمدَّةَ ( ~ ) ، وغيَّرَ صُوَرَ الحركاتِ ( أيِ : الشكلِ ) ، والتنوينَ إلى الصورِ المعروفةِ الآنَ ( َ ُ ِ ) و ( ً ٍ ٌ ) ، حتى لا تلتبسَ بالنُّقَطِ . وكانُ المصحفُ الشريفُ مرسومًا بغيرِ شَكلٍ ، ولا نَقطٍ . فلما تمَّت صورةُ الرسمِ بنُقطهِ ، وشَكلِهِ ، أُجريَ هذا على المصاحفِ من بعدُ ، وانتشرَ في الكتابةِ عامّةً . -أهمّ كتبه : لعلَّ أولَها ( أدبُ الكاتب ) لابنِ قتيبةَ ؛ فقد أفردَ للإملاءِ فصلاً سمَّاه ( تقويمَ اليدِ ) ، ثمَّ ( الجمل في النحو ) للزجَّاجيِّ ؛ ففيه بابٌ سمَّاه ( باب أحكام الهمزة في الخط ) ، و ( كتاب الخطّ ) له أيضًا ، و ( كِتاب الكِتَابِ ) [ هكذا ، وليس الكُتَّاب ] لابنِ دُرستويهِ ، و ( باب الهِجاء ) لابن الدهَّانِ . هذا غيرُ كتبِ رسْم المصاحفِ ، ككتابي النَّقط ، والمقنع ؛ كلاهما لأبي عمرو الداني . وغيرُ كتبِ النحوِ ، والتصريفِ التي عرَضتْ له كشافيةِ ابن الحاجب ، وتسهيل ابنِ مالكٍ ، وهمع الهوامعِ للسيوطيِّ . أما العصرُ الحديثُ ، فمن أهمِّها كتابُ ( المطالع النصرية ) لنصر الهوريني ، و ( كتاب الإملاء ) لحسين والي . -فضلُه : ليس من العلومِ علمٌ الناسُ إليهِ أشدُّ حاجةً من الإملاءِ ؛ فإنه ممَّا لا يستغني عنهُ كاتبٌ ، خلافًا لسائرِ العلومِ ؛ فربَّما جهِلَها المرءُ طولَ حياتِهِ ، ثمَّ لا تجِدُ ذلكَ يغضُّ من قدرِهِ ، أو يضَع من شأنِهِ . أمَّا الإملاءُ ، فالخطأ فيهِ عيبٌ لصاحبِهِ ، ودلالةٌ على نَقصٍ فيهِ . لذلكَ كانَ حقًّا على كلِّ مَن يعرفُ الكتابةَ أن يضبطَ أصولَهُ ، ويتحفَّظَ من الزللِ فيهِ . -أنواعُه : للإملاءِ أنواعٌ ثلاثةٌ : 1-رسمُ المصحفِ . ولا يُقاسُ عليهِ ، وإن كانَ أصلَ الإملاءِ الذي عليهِ الناسُ . وذلكَ لخروجِه عن القياسِ مراعاةً لأمورٍ : الأول : بناء الكلمة على وجهٍ يمكن معَهُ تعدّدُ القراءةِ . وذلك كثيرٌ في ما حُذفت ألفُه ؛ نحو ملك يوم الدين . الثاني : أنّه كان قبل ظهور الشكل والنقط ؛ فربما زُيدَ فيه بعض الأحرفِ دلالةً على حركةِ ما قبلها ؛ نحو لأاذبحنّه ، حتى لا يُتوهم أنها بالتشديدِ ، كـ لأعذبنّه التي قبلَها . الثالث : أنّ الصحابة لما رسموا المصحفَ ، كانوا في بداءته ؛ فلا جرم أن تظهرَ بعض الشواذّ ، والآراء غيرِ المحكَمة ؛ إذ الرسمُ اجتهادٌ من الصحابة رضيَ الله عنهم ، وليس وحيًا من الله . وذلكَ نحوُ رسمِهم ( سعَوا ) في سورة سبأ بدون ألف سعو معَ أنهم رسموها في سورة الحج بألفٍ . وليس لهذا علةٌ صحيحةٌ . 2-رسمُ العَروضِ . وهو خاصٌّ بتقطيعِ الشِّعْرِ . مِثالٌ : لولا الحياء لهاجني استعبارُ تكتبُها عَروضيًّا هكذا : لولَ لْحياء لهاجنِ سْتعبارو وضابطُه : كلُّ ما يُنطقُ يكتبُ . وكلُّ ما لا يَنطق لا يُكتب . وفائدته : التوصُّلُ إلى معرفةِ بحرِ البيتِ . 3-الرسمُ القياسيُّ . وهو وحدَه الذي يَعنينا . وفرقُ ما بينه وبينَ رسم العروض أنَّ هذا الرسمَ تدخلُه الزيادةُ ، والحذف ، ومراعاةُ الأصلِ ، وأشياءُ أخَرُ . -أبوابه : جعلتُه بابينِ : الأول : في ذواتِ الحروفِ الثاني : في عوارضِها وتحتَ كلٍّ فُروعٌ . وألحقتُ بهما ( علاماتِ الترقيمِ ) . هذا ، وأتمنَّى أن تطرحوا ما لديكم من اعتراضٍ ، أو أسئلةٍ ، أو نِقاشٍ ، أو استيضاحٍ في هذا الحديثِ . - لا بأسَ عندي أن تُنشَرَ هذه الدروسُ في المنتدياتِ ، لأجلِ الفائدةِ ؛ سواءٌ أشيرَ إلى مصدرِهِ ، وكاتبِهِ أم لمْ يُشَرْ . أبو قصي
ugl hgYlghx ulg |
|
04-12-2014, 02:24 AM | #2 |
| رد : علم الإملاء البابُ الأول الذوات وهي ضربانِ : الضربُ الأول ما ليس له رسمٌ ثابتٌ ويشملُ حرفينِ : الحرف الأول الهمزة قد علمتَ أنَّ حروفَ العربيةِ تسعةٌ وعشرونَ حرفًا - على الصحيح - ؛ لكلِّ حرفٍ منها صورةٌ خاصَّةٌ بهِ لا تتغيَّرُ ؛ فالعينُ مثلاً صورتُها ( ع ) ، و الميم ( م ) . والياءُ صورتُها على التحقيقِ ( ي ) ، لا ( ى ) كما يَرسمُها بعضُ أهلِ الأقطارِ ، لأنَّها إذا كانت تُنقَط في الوصلِ ، فالقياسُ نَقطُها في الانفصال أيضًا . ولأنَّ في تركِ نَقطها التباسًا لها بالألف المقصورة ، والرسمُ مبنيٌّ على إزالةِ اللَّبسِ . وذلكَ في ما خلا الهمزةَ ، والألفَ ؛ فإنَّه ليس لهما صورةٌ ثابتةٌ ؛ فأما الألف ، فيأتي التفصيلُ فيها . وأما الهمزةُ ، فإنها تُكتبُ مرَّةً ( أ ) ، وأخرَى ( ؤ ) ، وثالثةً ( ئ ) ، ورابعةً ( ء ) ؛ فهي كما رأيتَ غالبًا ما تحتاجُ إلى كرسيٍّ تستوي عليهِ . وهذه صِفةُ ضَعفٍ فيها . ولعلَّكَ تسَّاءَلُ : ولِمَ كانت ضعيفةً ؟ فأقولُ : ذلكَ أنَّ من العربِ - وهم أهلُ الحجازِ - من يبدلُها غالبًا إلى حرفِ مدٍّ ؛ فيقولُ مثلاً : ( راس ) في ( رأس ) ، و ( مُوَن ) في ( مُؤَن ) ، و ( بير ) في ( بئْر ) . فلمَّا ابتدعَ الخليل ( 175 هـ ) صورةً للهمزةَ ، وإذْ كانَ المصحفُ مبنيًّا على مذهب أهل الحجاز في التخفيفِ ، وضعوها فوقَ ما تُخَفَّفُ إليهِ ؛ فـ ( مومنون ) [ بدون نقط ] أصبحت ( مؤمنون ) ، ولو رُسِمت على مذهبِ من يُحقّقُ الهمزةَ ؛ أي : ينطقُها ، لوجَب أن تُرسَم على ألفٍ في كلِّ حالٍ ، وتكون صورتُها أبدًا واحدةً ، كسائرِ الحروفِ ؛ فتصبح ( مؤمنون ) ( مأمنون ) ؛ ولكنهم اتّبعوا في رسمِ الهمزةِ في المصحفِ مذهبَ التخفيفِ ، حتى لا يغيِّروا في رسمِ المصحفِ بعد ما استقرَّ . ثمّ غلبَ هذا في سائرِ خطوطِ الناسِ ، لأن رسم المصحف هو الأعرفُ ، والأشهرُ ؛ فكان لذلكَ أحقَّ بالاتّباعِ . وهذا هو الأصلُ الأولُ من أصولِ الإملاءِ ؛ وهو أنَّ الهمزةَ تُرسَمُ بحسبِ ما تئولُ إليهِ إذا خُفِّفتْ . ثمَّ إنَّ المتأخِّرينَ خصّصوا هذا الأصلَ بأصلٍ آخرَ يأتي – إن شاء الله - ؛ ولكنهم لم يُحسِنوا تطبيقَه . وعلى هذا ظلّتِ الهمزةُ تُرسَمُ على صُوَرٍ مختلِفةٍ ، ولم يخالفْ في ذلك إلا ما حكاه الفرَّاءُ ( 207 هـ ) - كما سيأتي - . وربَّما تسألُ : وما فرقُ ما بينَ الهمزةِ ، والألفِ ؟ فأقول : هما حرفانِ متباينانِ ، لكلِّ واحدٍ منهما مَخرجٌ ؛ فأمّا الهمزةُ فمخرجُها كما يَرى علمُ الأصواتِ الحديثُ : الحَنجرةُ ، لا أقصَى الحلقِ ، وربما سمَّوها ( الألفَ اليابسةَ ) إذا رُسِمت على ألفٍ . والألفُ مخرجُها من الجوفِ . ثمَّ انبنَى على اختلافِ حقيقتيهما أن اختُصَّ كلٌّ منهما بخصائصَ ؛ فالهمزةُ لها رسمها الذي ذكرنا ، والألف تُرسَم في الأصلِ ( ا ) ، وربَّما رُسِمت ( ى ) – كما سنبينه إن شاء الله - ، والهمزة تكون في الكلِمِ أصليةً ، وزائدةً ، ومنقلبة عن أصل ، والألفُ لا تكون إلا زائدة ، أو منقلبةً عن أصل ، ولا تكون أصليةً . والهمزة يمكن تحريكها ، والألف لا تكون إلا ساكنةً مفتوحًا ما قبلها ؛ ولذلكَ لا تقعُ في أولِ الكلمةِ ، لامتناعِ الابتداء بساكنٍ . وإذا عرفتَ حقيقةَ الهمزةِ ، فاعلمْ أنها تقعُ أولَ الكلمة ، ووسطَها ، وآخرَها ؛ مثَلُها مثَلُ سائرِ الحروفِ . ويأتي إن شاء الله بيانُ ذلكَ في الدرسِ القادمِ . أبو قصي __________________
|
|
04-12-2014, 02:26 AM | #3 |
| رد : علم الإملاء قد تقدَّمَ الكلامُ على الهمزةِ ، وذكرنا أنَّه ليس لها صورةٌ ثابِتةٌ . وإذْ كانت الهمزةُ تقعُ أولاً ، ووسَطًا ، وآخِرًا ، فسنعرِضُ للتفصيلِ في أحوالِها هذه جميعًا بإذن الله . أولاً : الهمزةُ في أوَّل الكلمة اعلمْ أنَّ الأصلَ في الهمزةِ أن تُنطقَ في البدءِ ، والوصلِ ؛ أي : إذا بدأتَ بها كلامَك ، وإذا تقدَّمَها كلامٌ ؛ حالُها في ذلكِ حالُ سائرِ الحروفِ ؛ فتقولُ مثلاً في الاسمِ : ( هذا أمرٌ ) ، وفي الفعلِ : ( لا أفعلُ ) ، وفي الحرف : ( لي أو لكَ ) ؛ فقد رأيتَ بالتجرِبةِ أنّك نطقتَ الهمزةَ في الحالينِ ، حالِ الوصلِ ، وحالِ البَدءِ . وتسمَّى حينَ إذٍ ( همزةَ قطعٍ ) . وتقعُ في أولِ الكلمةِ ، ووسطها ، وآخرِها . فإن وقعت في أولِ الكلمةِ ، فإنْ كانت مفتوحةً ، كـ ( أَحمد ) ، أو مضمومةً ، كـ ( أُجاج ) ، كُتِبت فوقَها . وإن كانت مكسورةً ، كـ ( إيمان ) ، كُتِبت تحتَها . وإنَّما لزِمت الألفَ ، لأنَّ الهمزةَ لا تُخفَّف إذا كانت في أوَّل الكلمةِ ؛ فلذلك بقِيت صورتُها واحدةً . -ولكنهم ربَّما احتاجوا أن ينطقُوا الهمزةَ في بعضِ المواضعِ إذا ابتدءُوا بها كلامَهم . فإذا وصلوها بكلامٍ قبلَها ، حذَفوها ، ويرسُمونها ألفًا من غيرِ همزةٍ ( ا ) ، ويسمُّونَها حينَ إذٍ ( همزةَ وصلٍ ) . ولا تكون إلا في أوَّل الكَلِمِ ، ولا تكون في وسطها ، ولا في طرَفها . وإنَّما فعلوا ذلكَ لعللٍ ثلاثٍ نذكرُها بعدَ قليلٍ . فإن قلتَ : ولِمَ جعلوا لها صورةً معَ أنها لا تُنطَق إلا في البدءِ ؟ قلتُ : ذلك أنَّ الإملاء مبنيٌّ على النظرِ إلى حالِ الكلمة في البدءِ ، والوقفِ . وهذا هو الأصل الثاني من أصولِ الإملاء . وكلُّ ما أولُه همزةُ وصلٍ ، فإنك إذا ابتدأت به ، ووقفتَ عليه ، نطقتَ الهمزةَ ، كما في ( اِسم ) ، و ( انطلاق ) . -مسائل همزة القطعِ : ( مسألتان ) -المسألة الأولى : إذا اتصلَ بهمزة القطعِ حرفٌ قبلَها ، فهل تكون في حُكم المتوسِّطة ؟ - قد يَلحق بهمزة القطعِ في أوَّلها بعضُ الحروفِ ، فلا تُغيِّر حكمَ أوَّليَّتِها . وذلك إذا كانت تلكَ الحروفُ في حُكم المنفصِلةِ ، كحُروف الجرِّ ؛ نحو ( بِأمنٍ ) ، وحروف الاستفهام ؛ نحو ( أَأَنت ؟ ) ، وحروف التنفيسِ ؛ نحو ( سأُصلّي ) . فإن كانت هذه الحروفُ في حُكم المتَّصلة . وآيةُ ذلكَ أنها لا تُعربُ إعرابًا منفصِلاً ؛ نحو ( يُؤْمن ) ، فإنك تنقُلُ حكمَها إلى حُكمِ المتوسِّطة - وستأتي إن شاء الله أحكامُها مفصَّلةً - . -المسألة الثانية : حُكم وصلِ همزةِ القطعِ : لا يَجوز وَصلُ همزةِ القطعِ ؛ أي : حذفُها في درجِ الكلام ، وكتابتُها كما تُكتب همزةُ الوصلِ ، إلا في ضرورةِ الشِّعرِ على قبحٍ . ومنه قولُ الشاعر : إن لَّم أقاتل ، فالبِسُوني برقُعا وفتَخاتٍ في اليدينِ أربعا يريد : فألبسوني . -عللُ همزة الوصلِ : ( ثلاثٌ ) زادتِ العربُ في كلامِها هذه الهمزةِ ، لعللٍ ثلاثٍ ؛ هي : الأولى : التوصُّلُ إلى النطقِ بالساكنِ . وذلك أنَّ مِن الكلمِ كلِمًا أوَّلُها حرفٌ ساكِنٌ لعللٍ يأتي ذكرُها . ولمَّا كانتِ العربُ لا تبتدئ بساكنٍ ، اجتلبت همزةً متحرِّكةً ، لتتوصَّلَ بها إلى النُّطقِ بالسَّاكنِ . فإذا ابتدأتْ بكلامٍ قبلَها ، حذفتْها ، لزوالِ الغرضِ منها . وهذا من لطيفِ حكمتِها ، وسلامةِ علِلِها . ويطَّرِدُ هذا في موضعينِ : الأوَّلُ : أمرُ الفِعل الثلاثيِّ ؛ نحو : ( اُكتُبْ ) ، وماضي الفِعل الخماسيّ ، والسداسيِّ ، وأمرُهما ، ومصدرُهما ؛ فالخماسيُّ نحوُ : ( انطلقَ ، انطلِقْ ، انطِلاق ) ، والسداسيّ نحوُ : ( استغفرَ ، استغفرْ ، استغفار ) . وحِسابُ الحروفِ إنَّما هو للماضي ؛ فـ ( اكتبْ ) ثلاثيَّة ، لا رباعية ، لأن ماضيَها ( كتبَ ) . فلمّا سكنت أوائلُ هذه الأفعالِ ، احتاجوا إلى همزةِ وصلٍ قبلَها . فإن قلتَ : كانَ يُمكِنهم أن يفتحوا أوائلَها ؛ فيستغنوا عن اجتلابِ همزةِ وصلٍ لها ؛ فيقولوا مثلاً : ( نَطَلَقَ ) في ( اِنطلقَ ) ، وكانَ يُمكِنُهم أيضًا أن يجعلوا همزةَ الوصلِ همزةَ قطعٍ ، كما فعلوا في الرباعيِّ ، مثلِ : ( أكرمَ ) ؟ قلتُ : إنَّما صدفُوا عن الفتحِ فرارًا من ثِقَل توالي أربعِ حركاتٍ في الخماسيِّ ؛ نحو : ( نَطَلَقَ ) ، وكراهيةً لاجتماعِ أربعِ حركاتٍ بينها ساكنٌ في الصحيحِ اجتماعًا لا يبرَحُ في السداسيِّ ، خِلافًا للمبدوء بتاء المطاوعةِ ؛ نحوِ ( تباعدَ ) ، و ( تقطَّعَ ) ؛ فإنهما بناءان فرعيَّانِ ؛ أصلُهما ( باعدَ ) ، و ( قطَّعَ ) . وأمَّا لِمَ لمْ يجعلوها همزةَ قطعٍ ، فذلك أنَّهم لو جعلوها كذلكَ ، لكانَ يجِبُ أن تفيدَ معانيَ ، كالتعديةِ ، والاعتقادِ ، وغيرِها . وهذا مناقِضٌ للمعاني التي تُفيدُها صيغتا الخماسيِّ ، والسداسيِّ ، كالمطاوعةِ في نحو : ( انطلقَ ) ، والطلبِ في نحو : ( استغفرَ ) . وإذا ثبتَ وجهُ العلّةِ في ماضي الخماسيِّ ، والسداسيِّ ، فاعلمْ أنَّ الأمرَ منهما ، والمصدرَ محمولٌ عليهما . وذلكَ أنَّ القاعدةَ توجِب اشتقاقَ فعلِ الأمرِ من المضارعِ بحذفِ ياء المضارعة ؛ فإذا أردنا أن نصوغَ الأمرَ من ( ينْطلِقُ ) حذفنا ياءَ المضارعةِ ؛ فتصبح الكلمة ( نْطَلِقْ ) ساكنةَ الأوّل ؛ فنجتلبُ لهما همزةَ وصلٍ . ومثلُ هذا أمرُ السداسيّ ، وأمرُ الثلاثيِّ . أمَّا المصدَر ، فمن شأنِهم أن يُعِلّوه بإعلالِ الفعلِ ، كما قالوا : ( لذتُ لِياذًا ) . الثاني : الألفاظُ المحكيَّة [ أي : التي يُراد كتابتُها كما تُنطَق ] إذا كان أولُها ساكنًا ، كحكايتك لفظَ ( اِمْحمَّد ) في كلامِ العامَّةِ ، وكلمةَ ( اِقْرُوب ) [ group ] في الإنجليزيةِ مثلاً . وإن شئتَ حذفتَ همزةَ الوصلِ ، وحكيتَها مبتدأةً بساكنٍ ، لأنَّ الصحيحَ أنَّ الابتداءَ بساكنٍ ممكنٌ في الواقعِ . وهو كثيرٌ في اللغاتِ الأعجميَّةِ
|
|
04-12-2014, 02:27 AM | #4 |
| رد : علم الإملاء ذكرنا في الدرسِ الماضي العلةَ الأولَى لاجتلابِ همزةِ الوصلِ . العلة الثانية : التعويض عن المحذوفِ . وذلكَ أنَّ في العربيةِ كلماتٍ حَذفت العربُ منها حرفًا للتخفيفِ ؛ فبقيت على حرفينِ ؛ فأرادت أن تعوِّضَ عن هذا الحرفِ المحذوفِ حرفًا آخرَ ، فلم تشأ أن يكونَ العِوضُ في درجةِ المعوَّضِ عنه ؛ فاختارت همزةَ الوصلِ في نحو : ( اِسم ) ، لأنها تُنطَق في البدءِ ، وتُحذَف في الوصلِ . ولهذا نظائرُ ، منها أنها عوَّضت بالتاءِ المربوطة في نحوِ : ( عِدة ) ، لأنها ترجع في الوقفِ هاءً ، والهاءُ حرفٌ خفيٌّ مهموسٌ يُشبِه الألفَ . ومنها أنها جمعتْ بعضَ ما حُذِف منه حرفٌ جمعَ مذكر سالمًا ابتغاءَ التعويضِ ، كما في نحوِ : ( سنون ) ، و ( عِضون ) ، لأنَّ الجمعَ طارئٌ . ومنها أنها أشبعت حركاتِ الأسماء الستّةِ وِفاقًا للمازنيِّ إذا أضيفت – إلى غير ياء المتكلّم - ، لأنَّ الإضافةَ شيءٌ عارِضٌ . ومنها أنها عوضت عن المحذوفِ بالتضعيف ، كما في ( دمّ ) ، و ( أبّ ) ، و ( أخّ ) ، و ( فمّ ) في لغةٍ ، لأنَّه يُحذف في الوقفِ . كلُّ ذلك لكي لا يكون العِوضُ في درجةِ المعوَّضِ عنه . وهذا سرٌّ لطيفٌ لم أجِد أحدًا أشارَ إليهِ . فإذا تبيَّن لك أنَّ من عللِ اجتلابِ همزةِ الوصلِ طلبَ التعويضِ ، فاعلمْ أنَّ ذلكَ محصورٌ في أسماءٍ تسعةٍ ؛ وهي ( اسم ، واست ، وابن ، وابنة ، وابنم ، وامرؤ ، وامرأة ، واثنان ، واثنتان ) . فإن قلتَ : قد علمنا أنَّ ( اسم ، واست ، وابن ، وابنة ، وابنم ، واثنان ، واثنتان ) محذوفة اللامِ ؛ فنحتمِلُ فيها دعوى كونِ الهمزةِ للتعويضِ ؛ ولكنَّ ( امرؤ ) ، و ( امرأة ) لم يُحذف من أصولها شيءٌ ؛ فكيف زعمتَ أنَّ الهمزةَ فيهما للتعويضِ ؟ قلتُ : أمَّا ( امرؤ ) ، فتوجيهه أن نقولَ : إنَّ أصله ( مرْءٌ ) – وهو مستعمَل - ؛ فتصرَّفوا فيهِ كما تصرَّفوا في غيرِهِ ؛ فحذفوا اللامَ ؛ فقالوا : ( مَرٌ ) – وهو مسموع - ؛ فلمَّا حذفوا اللامَ أرادوا التعويضَ ، كما عوَّضوا في ( اسم ) ؛ فزادوا في أوَّلِهِ همزةَ وصلٍ ، وأعادوا المحذوفَ معًا ؛ فصارَ ( امْرؤ ) . وهم ممَّا يفعلُون ذلكَ ، كما قالَ النابغةُ – وهو من شواهد سيبويه - : كليني لهمٍّ يا أُميمةَ ناصبِ فغيَّروا الأصلَ ؛ وذلكَ بالحذفِ ، ثمَّ بنوا على التغييرِ حُكمًا ؛ إذْ زادوا همزةَ الوصلِ ؛ فلمَّا راجعوا الأصلَ بردِّ المحذوفِ لم يغيِّروا الحُكمَ المنبنيَ على التغييرِ ؛ وهو زيادةُ الهمزةِ ؛ أي : أنَّ العلةَ زالتْ ، وبقيَ الحُكمُ . وآيةٌ أخرَى على ذلكَ أنَّ عينَه تتبعَ لامَه في الإعرابِ ؛ تقولُ : ( هذا امرُؤٌ ) ، و ( رأيتُ امرَأً ) ، و ( مررتُ بامرِئٍ ) ، لأن العينَ قبلَ استعادةِ المحذوفِ كانت هي محلَّ الإعرابِ . فإن قلتَ : إنَّه لم يبلغنا عنهم أنهم قالوا : ( امْرٌ ) ؛ فكيف تزعمُ أنها كانت كذلك ، ثمَّ راجعوا الأصلَ ؛ فقالوا : ( امْرؤ ) ؟ قلتُ : ليس كلُّ تغييرٍ صرفيٍّ ينبغي أن يكونَ استعملته العربُ ؛ ألا ترَى أنك تدَّعي في ( خطايا ) ونحوِها تغييراتٍ أفضت إليها معَ أنَّ العربَ لم تستعملها . وإنما أدّاك إلى هذا قياسُك على أصولِ العربِ ومقاصدِها التي تنحُو إليها في كلامِها . أمَّا ( امرَأَة ) ، فإنما هي ( امرَأ ) بزيادةِ تاء التأنيثِ . فلمَّا فتحُوا الهمزةَ لأجلِ تاء التأنيثِ أتبعُوا الراءَ حركتَها ؛ ففتحوها للعلةِ التي تقدَّمَ بيانُها . -واعلمْ أنَّك إذا ثنيتَ ما يجوزُ تثنيتُه من هذه الأسماء التّسعةِ ، أو زدتَّ في آخرِهِ ياءَ النسَبِ ، فإن همزتَه تبقَى همزةَ وصلٍ ؛ تقولُ : ( هذا اسمان ، وابنان ... ) ، و ( الجملة الاسمية ) . فإذا جمعتَ أحدَها جمعَ تكسيرٍ رددتَّ المحذوفَ ، وحذفتَ همزةَ الوصلِ ، وزدتَّ في اللفظِ الأحرفَ التي يقتضيها الجمعُ ، لأنَّ جمع التكسير يرَدُّ الأشياءَ إلى أصولِها ؛ نحو ( الأسماء ) ، و ( الأبناء ) ؛ فقد جعلتَها ( سمو ) ، و ( بنو ) ، ثمَّ صُغتَها على ( أفعالٍ ) ؛ فأصبحت ( أسماو ) ، ( أبناو ) ؛ فأبدلت الواو همزةً لتطرفها بعد ألف زائدة ؛ فأضحت ( أسماء ) ، و ( أبناء ) ؛ فالهمزةُ إذًا همزةُ الجمعِ ، لا همزةُ الوصلِ . العلة الثالثة : كثرةُ الاستعمالِ . ويطَّرد ذلك في موضعينِ : الأولُ : حرفُ التعريفِ ( أل ) ، ويعاقِبُه ( أم ) في لغة طيِّئ وحمير ؛ تقولُ : ( الكِتاب ) ، و ( الرَّجل ) ، وفي الحديثِ : ( ليس من امبرِّ امصيامُ في امسفرِ ) . وذلكَ أنَّ الصوابَ أنَّ أصلَها ( أل ) بالقطع ، مثلُ ( هلْ ) وِفاقًا لابنِ كيسانَ ؛ فلمَّا كانت ممَّا يكثرُ استعمالُها في كلامِهم جعلوا همزتَها همزةَ وصلٍ ، ليكونَ أخفَّ عليهم . يشهدُ لذلكَ أنَّهم أظهروها في بعضِ الألفاظِ ، كلفظِ الجلالةِ في النداءِ ( يا أللهُ ) ، والقسمِ ( أفأللهِ ) . وظهورُها في بعضِ المسموعِ دليلٌ على الأصلِ المتروكِ . ولا يُقالُ : إنّها همزةُ وصلٍ قُطعتْ . لأنَّ ذلك شاذّ ؛ ألا ترَى أنه لو صَحَّ ذلكَ ، لبلغَنا في الأفعالِ المبدوءِة بهمزةِ وصلٍ ، ومصادرِها شواهدُ في قطعِها . ولم يبلغنا إلا في ضرورةِ الشِّعرِ . ويشهدُ له أيضًا أنهم فتَحوا الهمزةَ . ولو كانت همزةَ وصلٍ ، لكانَ القياسُ كسرَها . ثمَّ ليس ببدعٍ أن يَّخفف اللفظُ لكثرةِ استعمالِهِ ؛ ألا تراهم حذفوا نونَ ( لم يكن ) ، وياء ( لا أدري ) ، ونونَ ( مِن ) في لغةٍ ؛ فلأن يحذفوا الهمزةَ وهي حرفٌ واحدٌ ، في الوصلِ فقط أهونُ عليهم ، وأيسرُ . أمَّا كتابةُ بعض المتأخرينَ ( البتة ) هكذا ( ألبتة ) ، وزعمُهم أنَّ الوجهَ فيها القطعُ = فخطأ محضٌ ، ناشئ عن وهمٍ . وليس لِما يدَّعون شاهِدٌ من السَّماعِ ، ولا عاضدٌ من القياسِ ؛ بل القياسُ يَنفيه أشدَّ النفيِ . كما إنه لا يعرفه السابقونَ الأوَّلونَ من العلماءِ . ولو عرفوه ، لذكرَه ولو واحدٌ منهم . ولعلَّ سببَ هذا الوهم أنَّ الذي أذاعَه قرأ في صحيفةٍ : ( البتة : القطع ) [ وهذا معناها اللُّغويُّ ] ؛ فتوهَّمها هكذا : ( البتة : بالقطع ) أي : بهمزة القطعِ . الثاني : كلمة ( ايمُن ) في القسمِ ، وفرعُها ( ايم ) بحذف النونِ . وذلك أنَّ أصلَ ( ايمن ) أنها جمع ( يمين ) وِفاقًا للكوفيِّين ؛ فلمَّا كثرَت في كلامِهم خفَّفوها ، كما خفَّفوا ( أل ) التعريفِ ؛ غيرَ أنَّ الأصلَ هنا مستعمَل ؛ فيجوز لكَ أن تقطعَ الهمزةَ ؛ فتقول : ( أيمُن ) ، و ( أيم ) . وجوازُ قطعِ الهمزةِ شاهِدٌ على أنها جمعُ ( يمينٍ ) . وشاهدٌ آخرُ ؛ وهو فتحُ الهمزةِ . وممَّا يدلّك على كثرة دوَران القسمِ في كلامِهم التماسُهم التصرُّفَ ، والتخفيفَ فيهِ ؛ فقد حذفوا فعلَه ، واستغنوا عنه بأكثر من حرفٍ ؛ وهي الباء ، والواو ، والتاء ، واللام ، وحذفوا خبرَه في نحو : ( لعمركَ لأفعلنَّ ) ، ولم يعتدّوا بالقسم فاصِلاً في الإضافةِ ، وبعد ( إذًا ) الناصبةِ ، وغيرها. فلأن يحذفوا حرفًا واحدًا من جملةِ القسمِ في الوصلِ فقط أهونُ ، وأيسرُ . وللحديثِ بقيَّة نوردُها في الدرس القادم بإذن الله تعالَى . ومعذرةً إنْ كان من نَقصٍ ، أو خللٍ ، أو تأخيرٍ . ولعلَّ عذري أني أكتبُ هذه الدروسَ على غيرِ مثالٍ سابقٍ . __________________
|
|
04-12-2014, 02:29 AM | #5 |
| رد : علم الإملاء أوردنا قبلُ جميعَ مواضع همزةِ الوصلِ ، وفصَّلنا القولَ في عللِها ، ونأخذُ الآنَ في ذكرِ مسائلها . -مسائلُ همزة الوصلِ : ( مسألتان ) -المسألة الأولى : إبدالُ همزةِ الوصلِ إلى همزةِ قطعٍ : -ولذلكَ ثلاثةُ مواضِعَ : الأول : ضرورةُ الشعرِ ، كقولِ حسان بنِ ثابت : وشقَّ له من إسمِه ليُجِلَّه فذو العرشِ محمودٌ ، وهذا محمَّدُ وقولِ جميلِ بثينةَ : ألا لا أرى إثنينِ أحسنَ شيمةً على حدَثان الدهْرِ منِّي ومن جُمْلِ وقولِ الآخَر : لا نسبَ اليومَ ، ولا خُلَّةً إتَّسعَ الخَرقُ على الراقعِ وهذا في ضرورةِ الشعرِ قياسٌ ، يشمَل كلَّ ما أوَّلُه همزةُ وصلٍ . الثاني : الأفعال ، والحروف المبدوءة بهمزة وصلٍ إذا نقلتَها إلى العلميةِ ؛ تقولُ : ( هذا محلُّ إِجلِس ) ، و ( هذه قناة إقرَأ ) ، و ( جاء إستغفِر ) في رجلٍ لقِّبَ بهذا ، لكثرةِ لهَجه بهِذه الكلمة ، وتقولُ : ( " أل " أداة تعريف ) ؛ تقطعُها ، لأنها أصبحت علَمًا . فإن قلتَ : وما وجهُ علميَّتِها ؟ قلتُ : لأنَّها تنتمي إلى جنسِ الحروفِ ، كالإنسانِ ينتمي إلى جنسِِ البشرِ ؛ فوسموها بسِمةٍ تتميَّزُ بها عن سائرِ أفرادِها إذا أرادوا الإخبارَ عنها ؛ وذلكَ هو الاسمُ العلمُ عليها . فأمَّا إذا شاءوا أن يخبِروا بها ، لا عنها ، كقولِهم مثلاً : ( القمَر ) ، فإنَّها لا تكونُ علَمًا . وآية ذلكَ أنَّك تقولُ : ( أل : حرف تعريف ) ؛ فتخبِرُ عنها . فلولا أنَّها اسمٌ معرِفةٌ ، لما جازَ ذلكَ . أمَّا الأسماءُ ، فلا يَجوز لك أن تقطعَها إذا سمَّيتَ بها ، لأنه إنما جازَ لك القطعُ في الأفعالِ ، والحروفِ ، دونَ الأسماءِ ، لأنَّ الأفعالَ ، والحروفَ إذا سُمِّيَ بهما ، خرجَا إلى حيِّز الأسماءِ ؛ فأصبحَ يجري عليهما أحكامُها ، والأصلُ في الأسماء القطعُ كما تقدَّمَ . أمَّا الأسماءُ ، فإنَّ التسميةَ بها لا تؤثِّرُ في اسميَّتِها شيئًا ؛ إذ هي أسماءٌ قبلَ التسميةِ ، وبعدَها ؛ غيرَ أنها كانت منكَّرةً ، فأصبحت معرَّفةً ؛ وهذا لا يسيغُ الحملَ على الغالبِ في الأسماءِ ، لأنَّها استحقَّت النادرَ أولاً ؛ وهو الوصلُ ؛ فإذا عرَّفتَها ، لم يكن تعريفُك لها سالبًا لها هذا الاستحقاقَ ، ولا رافعًا عنها هذا الحُكمَ . ولم يمكنهم أن يتجرءوا عليها كما تجرّءوا على الأفعالِ ، والحروفِ ؛ إذْ كانت الأفعالُ ، والحروفُ قد انتقلت من ديارِها ، وموطنِها إلى الأسماءِ ؛ والداخلُ على قومٍ ليس منهم يتجرءون عليهِ ما لا يتجرءون على من هو منهم ، ولا يغفِرون له ما يغفرونه للآخَر ، كما قالَ خالدُ بنُ نَضلةَ : إذا كنتَ في قومٍ ولم تكُ منهمُ فكل ما عُلِفتَ من خبيثٍ وطيِّبِ أمَّا الأسماءُ ، فامتنعتْ منهم ، لمكانِها من القرابةِ التي تُدلي بها . ولو ساغَ لهم أن يقطعوا همزتَها حملاً على الغالبِ ، لوجبَ هذا قبلَ النَّقلِ ، وهذا لا يجوزُ كما هو معلومٌ . قال سيبويه : ( وإذا سمَّيتَ رجلاً بـ " إضربْ " أو " أقتلْ " أو " إذهبْ " لم تصرفه ، وقطعتَ الألفاتِ ، حتى يصير بمنزلة الأسماء ، لأنك قد غيَّرتَها عن تلك الحال . ألا ترى أنك ترفعُها ، وتنصبُها . وتقطع الألفَ ، لأن الأسماء لا تكونُ بألفِ الوصلِ . ولا يُحتجّ بـ " اسم " ولا " ابن " ، لقلة هذا مع كثرة الأسماء ... ، وإذا سميتَه " انطلاقًا " ، لم تقطع الألفَ ، لأنك نقلتَ اسمًا إلى اسم ... ، وإذا أردتَّ أن تجعل " اقتربت " اسمًا ، قطعتَ الألفَ ، كما قطعتَ ألف " إضرب " حين سمَّيتَ به الرجلَ ... ، فإذا جعلتَ " إعضضْ " اسمًا ، قطعتَ الألفَ ، كما قطعتَ ألف " إضربْ " [ الكتاب : 3 / 198 ، 199 ، 256 ، 319 ] . وقالَ الزجَّاج : ( وإذا سمَّيتَ رجلاً " ابنٌ " ، وصلتَ ألفَه ؛ فقلتَ : " هذا ابنٌ قد جاء " ) [ ما ينصرف وما لا ينصرف : 26 ] . فلذلكَ إذا سمَّيتَ امرأةً بـ ( انتصار ) ، أو ( ابتهال ) ، أو ( ابتسام ) ، لم تقطعِ الهمزةَ ، كما لا يَجوز لك أن تقطعَ همزةَ ( الاثنين ) علمًا لليومِ ؛ وإنِ ادَّعى ذلك مَن ادَّعى . وهذا هو الثابتُ قياسًا - كما مرَّ - ، وسَماعًا كما في مُعجَماتِ اللُّغةِ . وممَّا وردَ من الشِّعرِ قولُ حسان : بأبي وأمِّي من شهدتُّ وفاتَه في يومِ الاثنينِ النبيُّ المهتدي صلَّى الله وسلَّمَ عليه . ويجوزُ قطعُها في الشِّعرِ ، كما جازَ قبلَ العلميَّةِ . ومنه قولُ العَرْجيِّ : بعادلةِ الإثنينِ عندي ، وبالحَرَى يكونُ سواءً منهما ليلةُ القدْرِ فإن قيلَ : ولكنَّ الهمزةَ صارت جزءًا من الاسمِ العَلَم . قلتُ : نعم ؛ هي جزءٌ منه ؛ ولكنَّها تظلُّ همزةَ وصلٍ ، كما كانت قبلَ النقلِ ، وليس شيءٌ يوجب أن يكونَ الجزءُ من العلمِ يُنطَق في البدءِ ، والدرجِ . ولو قلنا بقطع همزةِ الاسمِ إذا أصبحَ علمًا احتجاجًا بهذه الحُجَّةِ ، لجازَ هذا أيضًا في الحرفِ ؛ فوجبَ أن تقولَ : ( ألنُّعمان ) ؛ فتقطعَ همزته . وهذا بيِّن البُطلانِ . ثمَّ إنَّ يوم ( الاثنين ) لم يَزل علمًا مذ عرفَه العربُ ؛ فأيُّ شيءٍ استجدَّ لدى المتأخرينَ لم يكن في العُصُرِ الخالي . وعجبي من هؤلاء المتأخرينَ أنَّهم على ادِّعائهم طلبَ التيسيرِ ، وطرح الشواذِّ ، هم أولعُ شيءٍ بالمخالفةِ ؛ ولو بالحجةِ الضعيفةِ ، والقولِ المنكَرِ ، ثمَّ لا يبالون أن يركبوا في سبيلِ ذلكَ ما لا يَجوزُ ، ولا يُقبَل ، كأنَّ العلمَ عندهم ، والتحقيقَ أن يخالِفوا ؛ فهم راضُون أن يكونَ ذلك حظّهم منه ؛ فلا أدري أهو حبُّ الإغرابِ ، وإيهامُ دقَّة النظَر ، أم هو شيءٌ آخرُ لا نعلمُه ! معَ أنَّهم لا يستندِون في ذلكَ إلى سماعٍ صحيحٍ ، ولا قياسٍ منضبطٍ ! وشبيهٌ بهذا ما ادَّعوا من قطعِ همزةِ ( البتة ) ، فلم يزيدوا على أن أفسدوا في اللغة ، وأوقعوا الناسَ في لبسٍ من أمرِهم ، وحرجٍ . وهذا السماعُ ، والقياسُ ، وكلامُ أهلِ العلمِ قدَّمناه بينَ يديكَ بيِّنًا جليًّا ؛ فماذا بعدَ الحقِّ إلا الضلالُ . الثالث : لفظُ الجلالةُ خاصَّةً في موضعينِ ، أحدُهما في النداءِ ؛ نحو ( يا ألله ) ، ويجوزُ فيهِ الوصلُ ( يا الله ) . والثاني في قولهم في القسمِ : ( أفأللهِ لأفعلنَّ كذا ) . -فإذا استبانت لكَ مواضعُ همزةِ الوصلِ ، وأبصرتَ عللَها ، علمتَ أنَّ كلَّ اسمٍ أعجميٍّ منقولٍ إلى العربيَّةِ ، مستعمَلٍ فيها ، هو في لغتِهِ التي نُقِلَ منها مبتدئ بصوتِ الهمزةِ = تُقطَع همزتُه ، لأنه ليس من مواضعِ همزةِ الوصل التي ذكرنا ؛ سواءٌ كانَ مبدوءًا بساكنٍ ؛ نحو ( إستراتيجية ) ؛ أصلُها (Strategy ) أو كان مبدوءًا بمتحرِّكٍ ، كـ ( E ) ؛ نحو : ( إلكتروني ) ؛ أصلُها ( Electronic ) ، وغيرِها . وهذا إذا أردتَّ استعمالَ اللَّفظِ ، لا حكايةَ طريقةِ نطقِهِ ؛ فإنك إن أردتَّ حكايةَ طريقةِ نطقِهِ ، فقد ذكرنا خبرَه في ما تقدَّمَ . وإنما وجبَ القطعُ هنا ، لأنك لمَّا نقلتَه إلى الأسماء العربيَّةِ ، وأجريتَه مُجراها ، وجبَ عليكَ أن تحملَه على الغالبِ فيها ؛ وهو القطعُ ، كما فعلتَ في الأفعالِ المنقولة إلى العلميةِ . __________________
|
|
04-12-2014, 02:30 AM | #6 |
| رد : علم الإملاء فصَّلنا القولَ في ما خلا في المسألة الأولى من مسائلِ همزةِ الوصلِ . -المسألة الثانية : إذا اتصلَ بهمزة الوصلِ حرفٌ قبلَها ، فهل تكون في حُكم المتوسِّطة ؟ اعلم أنَّ همزةَ الوصلِ إذا اتَّصلَ بها حرفٌ لا حاجزَ بينها وبينَه ، وهو الفاء ، والواو ، فإنك تبقيها على أوَّليتِها ، ولا تقدِّرُها في حكمِ المتوسِّطةِ ؛ فتكتبها ( فاؤْمر - واؤمر ) ، و ( فائتِ – وائت ) . وإنما التزمتَ هذا ، لأنَّك لو غيَّرتَها هنا للزمَك هذا في همزة القطع ؛ فكنتَ تكتب ( سأُصَلِّي ) هكذا ( سَؤُصَلِّي ) على ما يقتضيه حكمُ المتوسطة كما سيأتي . وفي هذا تغييرٌ لصورةِ الكلمةِ تغييرًا مخِلاًّ . فإن تركتَها هناكَ ، وغيرتَها هنا ، كانَ في هذا تناقضٌ . ولا شيءَ أقبحُ من تناقُضِ الأحكامِ . -فإن قيلَ : قد ذكرتَ أنَّ الأصلَ الأوَّل من أصولِ الإملاءِ أنَّ الكلمةَ تُكتبُ بحسَب ما تئولُ إليه إذا خُفِّفت . ولو خففتَ ( فائتِ ) لقلتَ : ( فاتِ ) ؛ فكان ينبغي أن تُكتب ( فأتِ ) . قلتُ : هذا الأصلُ الإملائيُّ ليس مطَّردًا ؛ إذ لو طردناهُ ، لكانَ فيهِ عُسرٌ على خاصَّة الناسِ ؛ فكيفَ بعامَّتهم . من أجلِ ذلكَ جعلنا هذا الأصلَ مرعيًّا إلا إذا عارضَ قاعِدة يُرادُ طردُها ، لأنَّ طردَ القواعدِ التي سنذكرُها ، والتي لا تَخرجُ عن هذا الأصلِ إلا قليلاً ، أيسرُ بكثيرٍ من طَرْد هذا الأصلِ ، وأخفُّ مئونةً على المتعلِّمِ من أن يكونَ المرجِعُ إليه وحدَه . وإنَّما خرجنا عن هذا الأصلِ ، حتى لا تكثرَ الشواذُّ ، والاستثناءاتُ ، والمسائلُ الفرعيََّة ، وحتى لا يقعَ التناقضُ بينَ حكمِ همزةِ القطعِ ، وحكمِ همزةِ الوصلِ ، وحتَّى لا يفضيَ هذا إلى الإثقالِ على المتعلِّم بشروطِ تحوُّلِها إلى حكمِ المتوسُّطةِ ، كوجوبِ كونها فاءً ، أو واوًا ، دونَ ( ثمَّ ) ، وكوجوبِ أن يَّكون ما بعدَ همزةِ الوصل ؛ أي : فاء الكلمة ، همزةً . وأمرٌ آخرُ يمنعُنا منَ الاعتداد بالأصلِ هنا ؛ وهو أنَّ الأصلَ إنما يجري إذا جرَى ، على الكلمةِ المفردةِ . فأمَّا إذا اتصلت كلمةٌ بكلمةٍ ، فإنَّهما تُعدَّان كالمنفصلتينِ ، وتقضي في الثانية كما لو لم يتصل بها شيءٌ . ألا ترى لو أنك لم تعتدَّ بهذا ، لكان يجب عليك أن تكتب ( ثم ائتوا ) هكذا ( ثم أتوا ) ، لأنك إذا خففتَها ، نطقتَها كذا . فأمَّا إذا اتصلت بآخر الكلمةِ كلماتٌ أخرَى ، فإنك تعدُّها من تمامِ الكلمةِ ، لكثرة التغيير في الآخِرِ ، وكثرةِ ما يلحقونه بالكلمةِ من هذا المكانِ . ولم يفعلوا هذا في أول الكلمةِ ، لقلتِهِ . -وبعدُ ، فهذه أحكامُ همزةِ الوصلِ إذا كانت في أوَّل الكلمة ، قدَّمناها لكَ بعللِها ، ولم نشأ أن يكون اعتمادُك على فَهمِها بالحفظِ المجرَّدِ ؛ فتلك آفةٌ ابتلِيَ بها المتأخرون من أهلِ زماننا هذا ، ومَن قبلَهم . وهي آفةٌ لم يعرِفها المتقدِّمونَ ، ولا نالَهم من ضرِرها ما نالنا . -ثم اعلمْ أنَّ أحكامَ همزة الوصلِ التي ذكرنا كانَ الحقَّ أن تكونَ من مباحث علم التصريفِ ، لأنَّ الإملاءَ يتعلَّق برسمِ الكلمةِ ، وهل هو موافِقٌ للنطقِ ، أم غيرُ موافقٍ . وجميعُ أحكامِ همزةِ الوصلِ إنما يوافِق رسمُها نطقَها ؛ فهي إذًَا جاريةٌ على الأصلِ ؛ فلِمَ إذًا ذكرنا أحكامَها هنا ؟ إنما فعلنا ذلكَ ، لبُعدِ الناسِ اليومَ عن معرفةِ كيفيةِ نُطقِها ؛ فلا يدرونَ مثلاً كيف ينطقونَ كلمة ( الاستماع ) أهكذا ، أم ( الإستماع ) ؟ إلا بقيَّةً قليلةً لم تفسُد سليقتُها . ولو عرفَ الناسُ كيفَ ينطقونَها وأمثالَها ، لسهُل الأمرُ جدًّا ، ولقلنا لهم : ( إذا أردتَّ أن تعرِفَ أتكتبُ الهمزة بالقطع ، أم بالوصل ، فضعْ قبلَها حرفَ الواو مثلاً ؛ فإن نطقتَها ، فضعْ لها همزةً ، وإلا فلا تضعْ ) ، ولكنَّ الذين تسعِفهم سلائِقهم بهذا قليلٌ . ولو كانوا كثيرًا ، لكنَّا في غنًى عن كلِّ هذه الأحكامِ ، ولما اضطُرِرنا إلى اجتلابِها من موضِعِها في علمِ التصريفِ إلى علمِ الإملاءِ . __________________
|
|
04-12-2014, 02:33 AM | #7 |
| رد : علم الإملاء |
|
04-12-2014, 02:33 AM | #8 |
| رد : علم الإملاء |
|
04-12-2014, 03:46 AM | #9 |
| رد : علم الإملاء ياحرت عيني ياحرت عيني ليش لابلك ياطاش رجعنا للمدرسه اتخيلت حصة العربي والنحو والاعراب يماااااااه ماحبها بس تسلم اياديك بايكون مرجع لنا
|
|
04-12-2014, 06:03 AM | #10 |
| رد : علم الإملاء صرآحة موضوع مهم وأساسي يبي له قلم وورقة ومخ صآآآحي تسسلم على الطرح المفييد |
|
Bookmarks |
الكلمات الدلالية (Tags) |
الإملاء , عمل |
Currently Active Users Viewing This Thread: 1 (0 members and 1 guests) | |
| |