منتدى الآصالةوالتاريخ حريب بيحان
ينتهي : 30-04-2025
عدد مرات النقر : 1,254
عدد  مرات الظهور : 27,999,101

عدد مرات النقر : 4,100
عدد  مرات الظهور : 72,019,458
عدد  مرات الظهور : 67,735,427
قناة حريب بيحان " يوتيوب "
عدد مرات النقر : 2,279
عدد  مرات الظهور : 72,020,260مركز تحميل منتديات حريب بيحان
ينتهي : 19-12-2025
عدد مرات النقر : 3,928
عدد  مرات الظهور : 68,236,187
آخر 10 مشاركات
ورد يومي صفحه من القرآن الكريم (الكاتـب : - المشاركات : 93 - المشاهدات : 788 - الوقت: 06:53 AM - التاريخ: 03-23-2024)           »          شهرمبارك كل عام وأنتم بخير (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 3 - المشاهدات : 42 - الوقت: 04:06 AM - التاريخ: 03-18-2024)           »          تدمير دبابة ميركافا الإسرائيلية (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 2 - المشاهدات : 104 - الوقت: 06:53 AM - التاريخ: 03-17-2024)           »          قراءة في سورة البقرة (الكاتـب : - المشاركات : 0 - المشاهدات : 25 - الوقت: 06:45 AM - التاريخ: 03-17-2024)           »          صـبـــاحكم سكــر // مســـاؤكم ورد معطر (الكاتـب : - المشاركات : 2379 - المشاهدات : 165058 - الوقت: 05:12 AM - التاريخ: 03-15-2024)           »          بقايا الذكريات (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 18 - المشاهدات : 454 - الوقت: 06:13 AM - التاريخ: 03-10-2024)           »          بيت شعر تهديه لمن يعز عليك (( (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 1316 - المشاهدات : 110009 - الوقت: 02:18 AM - التاريخ: 03-04-2024)           »          سجل حضورك بأجمل بيت شعر يروق لك (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 1602 - المشاهدات : 161818 - الوقت: 02:15 AM - التاريخ: 03-04-2024)           »          الحمدلله عدنا والعود أحمد بعد غياب طويل (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 1 - المشاهدات : 71 - الوقت: 04:35 AM - التاريخ: 02-26-2024)           »          التصعيد في المنطقه (الكاتـب : - المشاركات : 0 - المشاهدات : 71 - الوقت: 12:05 PM - التاريخ: 02-24-2024)


الإهداءات



الاسلام ديننا و حياتنا واحة إسلامية لحصد الحسنات وتكفير السيئات


شهر شعبان

واحة إسلامية لحصد الحسنات وتكفير السيئات


شهر شعبان

إنَّ الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يهدِه الله فهو المهتد، ومن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله،

الرد على الموضوع
 
LinkBack خيارات الموضوع
قديم 05-11-2016, 09:45 PM   #1


الصورة الشخصية لـ أبو سامي
أبو سامي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2140
 تاريخ التسجيل :  Aug 2013
 أخر زيارة : 03-09-2024 (11:53 PM)
 المشاركات : 5,725 [ + ]
 تقييم العضوية :  5380
 مشاهدة أوسمتي
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 119
تم شكره 366 مرة في 243 مشاركة
الإفتراضي شهر شعبان




إنَّ الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يهدِه الله فهو المهتد، ومن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، صَلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومَن والاه، أما بعد،

فسوف نتناول الحديث عن شهر شعبان، من خلال هذه العناصر الثلاث:-
العنصر الأول: فضائل شهر شعبان.
العنصر الثاني: حكمة إكثار النبي صَلَّى الله عليه وسَلَّم منَ الصيام في شهر شعبان.
العنصر الثالث: خطوات نَتَواصى بها، ونحن على عتبات الشهر الكريم.

العنصر الأول: فضائل شهر شعبان
لما رأى النَّبي صَلَّى الله عليه وسَلَّم انتباه الناس إلى شهر رجب في الجاهليَّة، وتعظيمه وتفضيله على بقيَّة أشهر السَّنَة، ورَأَى تعظيم المسلمين لشهر القرآن، أرادَ أن يُبَيّنَ لهم فضيلة بقية الأشهر والأيام.

عن أسامة بن زيد رضيَ الله عنهما أنَّه سأل النَّبيَّ صَلَّى الله عليه وسَلَّم فقال: يا رسول الله، لم أركَ تصوم شهرًا منَ الشهور ما تصوم في شعبان، فقال صَلَّى الله عليه وسَلَّمشعبان frown.gif(ذلك شهر يغفل عنه الناس بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله تعالى فأحب أن يُرْفعَ عملي وأنا صائم))[1].

وسؤال أسامة رضي الله عنه يَدُلُّ على مدى اهتمام الصَّحابة الكرام، وتمسكهم بسنة النبي صَلَّى الله عليه وسَلَّم.

وبالفعل كان النبي صَلَّى الله عليه وسَلَّم يصوم شعبان إلاَّ قليلاً؛ كما أخبرت عنه عائشة رضي الله عنها في الحديث المُتَّفق على صحته: ((كان رسول الله صَلَّى الله عليه وسَلَّم يصوم حتى نقولَ لا يُفْطر، ويُفْطر حتى نقول لا يصوم))[2].

ولا بدَّ من وجود أمر هام، وراء هذا التَّخصيص منَ الصيام في مثل هذا الشهر، وهذا ما نبَّه عليه النبي صَلَّى الله عليه وسَلَّم بقوله: ((إنَّه شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله تعالى)).

إذًا؛ فأعمال العباد تُرْفع في هذا الشهر من كل عام، وتُعْرض الأعمال يومَ الاثنين والخميس من كل أسبوع.

ورَفْعُ الأعمال إلى رب العالمينَ على ثلاثة أنواع:
• يُرفع إليه عملُ الليل قبل عمل النَّهار، وعمل النهار قبل عمل الليل.
• ويُرفع إليه العملُ يوم "الاثنين" و"الخميس".
• ويرفع إليه هذا العمل في شهر "شعبان" خاصَّةً.

فذكر النَّبي صَلَّى الله عليه وسَلَّم أنَّ الأعمال تُرفع إلى الله - تعالى - رفعًا عامًّا كلَّ يوم: ((يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ - وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ - كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ))[3].

فماذا تريد أن يُرفع إلى الله منك؟

إنَّ الأعمال تُرفع، فيُحِبُّ أن ترفعَ وهو صائم، ويحب أن تُرفع الأعمال على أحسن أحوالها.

المعنى إذًا هنا: ماذا تريد أيها المسكين أن يرفعَ لك إلى الله؟
• أن تَرْفعَ الملائكةُ صحائف النَّاس إلى الله، فلا تُوجَدَ في صحيفتك أعمال - هذه الأُولى؟
• أن تَرْفَع الملائكة الصحائف إلى الله تعالى وفيها أعمالُك؛ ولكنها أعمال خسيسة وقليلة، لا تساوي شيئًا؟

يعني: لمَّا رُفِعَت الأعمال وعُرِضَت على الله - تعالى - فماذا تختار لنفسك أن يُعْرَضَ عليه؟ ما يُبَيِّضُ وجهك أو يُسَوِّدُ وجهك؟ ما يُقْبَل أو ما يُرَدُّ؟ ما يكون سببًا لجزيل الثواب أو لقلة الثواب؟

لا شكَّ أنَّ النَّبِي صَلَّى الله عليه وسَلَّم يختار الدرجة العالية، الدرجة الرفيعة التي يؤدي بها، التي تكون سببًا يُعلِّم بها، ويُنبِّه بها المؤمنين على أن يكونوا على هذا الحال، الذي يحبه النبي صَلَّى الله عليه وسَلَّم.

وَرَفْعُ الأعمال إلى الله تعالى مع كونه صائمًا أَدْعَى إلى القبول عند الله تعالى وأحبُّ إلى الله جل وعلا وأن يَتَقَبَّل صالح عمله كله سبحانه وتعالى وأن يُثِيبَه عليه أعظم الإثابة، وأن يُكَافِئَه عليه أعظم مُكَافَأة، وهو ما يسعى إليه المؤمنونَ تَأَسِّيًا واقتداءً بالنبي صَلَّى الله عليه وسَلَّم.

في هذا الشهر ليلة عظيمة أيضًا، هي ليلة النصف من شعبان، عظَّم النبي صَلَّى الله عليه وسَلَّم شأنها في قوله: ((يَطَّلِع الله تبارك وتعالى إلى خلقه ليلةَ النصف من شعبان، فيغفر لجميع خلقه إلاَّ لمشرك أو مشاحن))[4].

فمَن دعا غير الله تعالى فقد أشرك، ومَن سَأَل غير الله فقد أشرَكَ، ومن زارَ قبر النبي صَلَّى الله عليه وسَلَّم وسأله قضاء الحاجات فقد أشركَ، ومن ذبَح لغير الله فقد أشرك.

والمشرك لا يطّلع الله عليه، ولا يغفر له الذُّنوب، وكذلك مَن كانت بينهما شحناء وعَدَاوة لا يغفر الله لهما حتى يَصْطَلِحا.

سبحان الله! يستصغر الناس مثل هذه الأمور؛ لذلك ترى اليوم في مجتمعنا ظهورَ هذه الصفات الذَّميمة بين أفراده، وخصوصًا الذين يَعْمُرُونَ المساجد يُبْغِضُ بعضهم بعضًا؛ لمُجَرَّد أمر حقير لا يستحق أن يُذْكَرَ، وإني لأُذَكِّرُهم بحديث النبي صَلَّى الله عليه وسَلَّم هذا، والمطلوب منهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا.

ولْيَكن الذين هم على شحناء وعَدَاوة على علم ودراية بخطورة هذا الأمر، وأنَّ الشحناء والبغضاء بين إخوة الإيمان سببٌ في عدم قَبول صلاتهم، وعدم قبول أعمالهم، وعدم تطلع ربّ العِزَّة والجلال إليهم في ليلة النصف من شعبان، وأنَّ الله تعالى لا تنفع عنده الأعمال، إلا التي خرجت منَ القلب المُخْلِص لله، الموقن بلقائه: ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88 - 89]، قلب لا يحمل حقدًا، ولا حسدًا، ولا غشًّا على أحد من المسلمينَ.

وروى الإمام أحمد في "مسنده"، والنسائي في "سُنَنِه"، بسند حسن، عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: كان رسول الله صَلَّى الله عليه وسَلَّميَسْرُدُ حتى نقول لا يفطر، ويُفطر حتى لا يكاد يصوم، إلاَّ يومينِ منَ الجمعة إن كانا في صيامه، وإلاَّ صامهما، ولم يكن يصوم من الشهور ما يصوم من شعبان، فقلتُ: يا رسول الله، إنَّكَ تصوم حتى لا تكاد تفطر، وتفطر حتى لا تكاد تصوم إلاَّ يومين إن دخلا في صيامكَ، وإلا صمتهما: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسَلَّم: ((أيُّ يومين؟))، قال: الاثنين والخميس، قال صَلَّى الله عليه وسَلَّم: ((ذلك يومان تُعرض فيهما الأعمال على رب العالمين، وأُحب أن يُعرض عملي وأنا صائم))[5].

في هذا الحديث يصف الصحابي الجليل أسامة بن زيد رضي الله عنهما صيام رسول الله صَلَّى الله عليه وسَلَّم على مدار العام، فكان من هَدْيِه أن يصوم، ويطيل الصوم، حتى يُخَيَّل لأصحابه أنه لا يفطر، وكان يفطر أيامًا متتالية، حتى يُظَنَّ أنه لا يصوم.

اشتهر عن النبي صَلَّى الله عليه وسَلَّم صيامه في شهر شعبان، وأن صيامه في شعبان أكثر من صيامه في غيره، فعن أم المؤمنين عائشة رضيَ الله عنها قالت: "ما رأيتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسَلَّم استكمل صيام شهر قطُّ إلاَّ رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صيامًا منه في شعبان"[6].

فإلى الذين يسْتَنُّونَ بسنَّة النبي صَلَّى الله عليه وسَلَّم ويقتدون به، ويعلنون للدنيا أن الرسول قدوتهم نقول: قد أقبل عليكم شهر حبيب إلى حبيبكم صَلَّى الله عليه وسَلَّم وقد بان لكم خصوصيَّة هذا الشهر ومكانته، وعَلِمْتُم فضائله ومنزلته، وكيف كان حال النبي صَلَّى الله عليه وسَلَّم فيه، فلقد شاع الخبر أنه كان يُكثر الصيام فيه، فماذا أنتم فاعلونَ؟

إن الباقَة الكريمة منَ الأحاديث الشريفة، التي نوَّرت السطور السابقة، وعطرت مسامعنا تنادي فينا: هلمُّوا، يا أتباع محمد صَلَّى الله عليه وسَلَّم إلى خيرٍ، كان يحرص عليه حتى وفاته.

العنصر الثاني: حِكْمة إكثار النبي صَلَّى الله عليه وسَلَّممنَ الصِّيام في شعبان
لم يختلفِ الصَّحابة الكِرَام في حال النَّبي صَلَّى الله عليه وسَلَّم في شهر شعبان، وكيف كان يُكثر الصيام فيه، فما الحكمة في ذلك؟

ذَكَر الإمام الشَّوكاني رحمَه الله تعالى حِكْمَة الإكثار منَ الصيام في شعبان، فقال: "ولعَلَّ الحكمة في صوم شهر شعبان: أنه يعقُبه رمضان، وصومه مفروض، وكان النَّبي صَلَّى الله عليه وسَلَّم يُكثر منَ الصوم في شعبان قدر ما يصوم في شهرين غيره؛ لما يفوته منَ التَّطَوُّع، الذي يعتادُه بسبب صوم رمضان".

وقد ذَكَر الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمَه الله تعالى في بيان حكمة إكثار النبي صَلَّى الله عليه وسَلَّم منَ الصِّيام في شعبان: "أنَّ شهر شعبان يغفُل عنه الناس بين رجب ورمضان، حيث يكتنفه شهران عظيمان، الشَّهر الحرام رجب، وشهر الصِّيام رمضان، فقد اشتغل الناس بهما عنه، فصار مغفولاً عنه، وكثير منَ الناس يظنُّ أنَّ صيام رجب أفضل من صيامه؛ لأن رجب شهر حرام، وليس الأمر كذلك.

وفي قوله: "يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان"، دليل على استحباب عمارة الأوقات التي يغفل عنها الناس ولا يفطنون لها، كما كان في بعض السلف، يستحبون إحياء ما بين العشائين - المغرب والعشاء - ويقولون هي ساعة غفلة، وكذلك فضل القيام في وسط الليل، حيث يغفل أكثر الناس عن الذِّكر؛ لانشغالهم بالنوم في هذه الساعة؛ وقد قال النبي صَلَّى الله عليه وسَلَّم: ((إن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة، فكن))[7].

وفي إحياء الوقت المغفول عنه بالطاعة فوائد؛ منها:
• أن يكون أخفى للعمل، وإخفاء النوافل وإسرارها أفضل، لا سيما الصيام؛ فإنه سرّ بين العبد وربه، ولهذا قيل: إنه ليس فيه رياء، وكان بعض السلف يصوم سنين عددًا، لا يعلم به أحد، فكان يخرج من بيته إلى السوق ومعه رغيفان، فيتصدق بهما ويصوم، فيظن أهله أنه أكلهما، ويظن أهل السوق أنه أكل في بيته، وكان السلف يستحبون لمن صامَ أن يُظهر ما يخفي به صيامه؛

رُوِي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "إذا أصبحتم صيامًا، فأصبِحوا مدَّهنين"، وقال قتادة: "يُسْتحب للصائم أن يدَّهِن؛ حتى تذهب عنه غبرة الصيام".

• وكذلك فإنَّ العمل الصالح في أوقات الغفلة أشق على النفوس، ومن أسباب أفضلية الأعمال مشقتها على النفوس؛ لأن العمل إذا كثر المشاركون فيه سهُل، وإذا كثرت الغفلات شق ذلك على المتيقظين؛ وعند مسلم من حديث معقل بن يسار، عن النبي الأكرم صَلَّى الله عليه وسَلَّم قوله: ((العبادة في الهرج كالهجرة إليَّ))[8].

وخرجه الإمام أحمد في مسنده، ولفظه: ((العبادة في الفتنة كالهجرة إليّ))، وسبب ذلك أن الناس في زمن الفتن يَتَّبعون أهواءهم، ولا يرجعون إلى دين، فيكون حالهم شبيهًا بحال الجاهلية، فإذا انفرد من بينهم مَن يَتَمَسَّك بدينه، ويعبد ربه، ويتَّبع ما يرضيه، ويجتنب ما يغضبه - كان بمنزلة مَن هاجر من بين أهل الجاهلية إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسَلَّم مؤمنًا به، متَّبعًا لأوامره، مجتنبًا لنواهيه.

والمعنى الآخر للحكمة: ما عبَّر عنه النبي صَلَّى الله عليه وسَلَّم في حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما: ((وهو شهر تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأُحِبُّ أن يُرفع عملي وأنا صائم))[9]، فأحبَّ النبي صَلَّى الله عليه وسَلَّم أن تُرفع أعماله، وتُختَم أعمال السَّنَةِ، وهو على أفضل حال منَ العبادة والطاعة؛ ولذلك قال: ((وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم)).

وذكر في صوم شعبان معنى آخر، وهو أن صيامه كالتَّمرين على صيام رمضان؛ لئلاَّ يدخل في رمضان على مشقة وكلفة؛ بل يكون قد تَمَرَّن على الصيام واعتاده، ووجد بصيام شعبان قبله حلاوة الصيام ولَذَّته، فيدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط.

ولمَّا كان شعبان كالمُقَدِّمة لرمضان، شُرِع فيه ما يُشْرَعُ في رمضان منَ الصيام وقراءة القرآن؛ ليحصل التأهُّب لصيام رمضان، وتَرْتاض النفوس على طاعة الرحمن.

العنصر الثالث: خطوات نتواصى بها، ونحن على عتبات الشهر الكريم:
أولاً: تجديد التَّوبة قبل فوات أوانها، وحذر الغفلة عن أسباب سعادة النفس وشقائها، وقبل إغلاق الكتاب الذي يحوي أعمالك في هذا العام، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "إذا كان هلال شعبان، دُفِع إلى ملك الموت صحيفةٌ، يَقْبض من فيها إلى شعبان من قابل، فإن الرجل ليغرس الغرس، ويبني البنيان، وينكح، ويولد له، ويظلم ويفجر، وما له في السماء اسم، وما اسمه إلا في صحيفة الموتى، إلى أن يأتي يومه الذي يُقْبض فيه".

هل أنت من أهل الغفلة؟
أخي المسلمَ، الغفلةَ! ذلك الدَّاء الأكبر، والخطر الأحمر، كم أهلكت من خلائق؟! وكم أفسدت من قلوب، وصدت عن حقائق؟!

وصف الله تعالى بها أعداءه الكافرين، والعصاة الظالمين، وأهل ناره الخاسرين؛ قال الله تعالى: ﴿ وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 97]، وقال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ [الأعراف: 179]، الغفلة: سلطان إبليس على القلوب، وفرحته التي يجدها منَ الخلق.

أخي المسلم:
لقد عمَّت الغفلة، حتى أصبح أكثرهم يعيش عيش الأنعام، يعيشون لشهواتهم وملذاتهم؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ ﴾ [محمد: 12]، قليلٌ أولئك الذين عرفوا الغاية التي خُلقوا من أجلها، فسعوا إلى تحقيقها، فسلموا من شرور الغفلة، فيا مَن أردتَ السعادة في الدنيا والآخرة، هذه وقفة أخرى من دروس المحاسبة، كان رسول الله صَلَّى الله عليه وسَلَّم يصوم في شعبان؛ لغفلة الناس عن فضله، فأين أنت؟!

هل أنت من أهل الغفلة؟
لقد استفحل داء الغفلة، وكثُر أصحابه في كل مجمع، وفي كل مكان، فترى الأكثرين سكارى، لا يدرون إلى أين يسيرون، حيارى، تائهين! فترى هذا مشغولاً بتجارته، وتكثير أمواله من حلال أو حرام، وهذا مشغول بزراعته في ليله ونهاره، وهذا مشغول بحساب رصيده الفاني، فهو في ليله ونهاره يحسب في أمواله، وإذا نام، كانت أحلامه مواصلة لذلك الحساب!!

وآخرُ عكف على الشهوات، فهو مشغول بتلبية شهواته البهيميَّة، وآخر غارق في أنواع من المعاصي، يفتتح يومه بمعصية، ويختمه بمعصية، وآخر لا يدري: لِمَ خُلِق؟ ولا ماذا يجب عليه؟! حتى قال بعضهم:
جِئْتُ لا أَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ ولكنّي أَتَيْتُ
وَلَقَدْ أَبْصَرْتُ قُدَّامِي طَرِيقًا فَمَشَيْتُ
وَسَأَبْقَى مَاشِيًا إِنْ شِئْتُ هَذَا أَمْ أَبَيْتُ
كَيْفَ جِئْتُ؟ كَيْفَ أَبْصَرْتُ طَرِيقِي؟
لَسْتُ أَدْرِي!

وآخرُ يقول: لا أُسَلِّم بالمكتوب، ولا أرضى أبات مغلوب، وغير ذلك كثير، خَلْقٌ سَيْطَرَتْ عليهم الغفلة، وكَسَتْهم من ثيابها ألوانًا، قال نصر بن محمد السمرقندي: ويقال: "الناس يصبحون على ثلاثة أصناف:
صنفٍ في طلب المال، وصنفٍ في طلب الإثم، وصنف في الطريق، فأما من أصبح في طلب المال، فإنه لا يأكل فوق ما رزقه الله تعالى وإن أَكْثَرَ المالَ، ومن أصبح في طلب الإثم، لحقه الهوان والإثم، ومن أصبح في طلب الطريق، أتاه الله - تعالى - الرزق والطريق".


فانظر أخي المسلم من أي الأصناف أنت؟
وإيَّاك أن تَتَّكل على عمل صالح قليل عملتَه، فتظن نفسك أنَّكَ بعيد عن أهل الغفلة؛ بل الواجب عليك أن تتهم نفسك دائمًا، وتنظر إليها بعين التقصير؛ فإن ذلك من علامات النجاة، فهاهم الصالحون يحاسبون أنفسهم، ويتهمونها بالغفلة.


كان عون بن عبدالله رحمه الله يقول: "وَيْحِي! كيف أغفل عن نفسي، وملك الموت ليس بغافل عني؟! وَيْحِي! كيف أَتَّكِلُ على طول الأمل، والأجل يطلبني؟!"


وكان محمد بن النضر الحارثي رحمه الله يقول: "تذَكَّرْ أنَّكَ لن يُغْفَلَ عنك، فبادِرْ إلى العمل الصالح، قبل أن يُحَال بينك وبينه".


فيا أيها الغافل، ويا أيها اللاهي الساهي، تذكر أنَّكَ لن يُغْفلَ عنك، فبادر إلى العمل الصالح، قبل أن يُحَال بينك وبينه.
جَهُولٌ لَيْسَ تَنْهَاهُ النَّواهِي
وَلاَ تَلْقَاهُ إِلاَّ وَهْوَ سَاهِي
يَسِيرُ بِيَوْمِهِ لَعِبًا وَلَهْوًا
وَلاَ يَدْرِي وَفِي غَدِهِ الدَّوَاهِي

قال سلمان الفارسي رضي الله عنه: "ثلاث أعْجَبَتني حتى أَضْحَكَتْني: مُؤَمِّل الدنيا والموت يطلبه، وغافل يَغْفَل ليس يُغْفَل عنه، وضاحك مَلْءَ فِيهِ ولا يدري:أساخطٌ رب العالمين عليه أم راضٍ؟!"

أخي المسلمَ:
أسوأ ما في الغفلة أنها تُبْعِدُ صاحبَها عن الله تعالى فالغافلون بعيدونَ عن الله.

أخي المسلمَ:
الغفلة طريق ذو شرور، إذا سَلَكَه سالكٌ حتى نهايته، أوصله إلى النار، وإليك علاماتِ هذا الطريق حتى تَتَّقيه، وحتى تحاسب نفسكَ: هل أنت من سالكيه؟!

أولاً: حب الدنيا
حبُّ الدُّنيا، ذلك الدَّاء الخطير، الذي أهلك الكثيرينَ، وما زال يهلك الكثيرين، ممن انشغلوا بالدنيا.

ثانيًا: طول الأمل
طول الأمل، شَغَل الكثيرينَ عن تذكُّر الموت والقبر والحساب، فترى صاحب الأمل يُمَنِّي نفسه بالأماني العريضة، كأنَّه سيُخَلَّد في الدُّنيا.

قال الحسن البصري رحمه الله: "ما أطال عبدٌ الأملَ إلاَّ أساءَ العمل"
وقال بعض الحكماء: "الأمل سلطان الشيطان على قلوب الغافلين".

طول الأمل أكبر داعٍ إلى الغفلة؛ إذ يَتَوَلَّد عنه الكسل عنِ الطاعات، والوقوع في المعاصي، وتسويف التَّوبة، والانشغال بالدُّنيا، وقسوة القلب.

ثالثًا: المعاصي
المعاصي تَصُدُّ عنِ الطاعات، وخاصة إذا كثرت مع الإصرار وعدم الاستغفار؛ فإنَّ ذلكَ من أسباب الغفلة.

قال ابن القيم: "فمِمَّا ينبغي أن يُعْلمَ: أنَّ الذُّنوب والمعاصي تضرُّ ولا بدَّ، وإن ضَرَرها في القلب كَضَرَر السموم في الأبدان، على اختلافِ درجاتها في الضَّرر، وهل في الدُّنيا والآخرة شر وداء إلاَّ سببُه الذنوبُ والمعاصي؟!"

أخي المسلمَ:
تلك هي أهم العلامات في طريق الغفلة، وتحت تلك العلامات تندرج أشياء كثيرة، فضعْ نفسَك في ميزان المُحَاسَبة، فتأمَّل في حالكَ: هل أنت منَ الواقعينَ في شيء من تلك العلامات؟

فاعمل - أيها العاقل - قبل نزول الآجال، وانقطاع الآمال.
إِنَّا لَنَفْرَحُ بِالأَيَّامِ نَقْطَعُهَا
وَكُلُّ يَوْمٍ مَضَى يُدْنِي مِنَ الأَجَلِ
فَاعْمَلْ لِنَفْسِكَ قَبْلَ المَوْتِ مُجْتَهِدًا
فَإِنَّمَا الرِّبحُ وَالخُسْرَانُ فِي العَمَلِ

فيا ملتمسًا لسبيل فلاحه، حاسب نفسك اليوم، وعالج أدواءها، قبل أن تهلكَ، وإن أردتَ العلاج القاتل لجرثوم الغفلة، فإليكَ هذه الوصفةَ، وهي خيرُ علاجٍ لهذا الدَّاء:
الإكثار منَ الطاعات:
لأنَّ الطَّاعة تُقَرِّب منَ الله تعالى كما أنَّ المعصية تُبْعِد عنِ الله تعالى فكُلما كَثُرتِ الطَّاعات، ازْدَاد العبد قربًا منَ الله تعالى لذلكَ؛ قالَ رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسَلَّم: ((لَيَنْتَهِيَنَّ أقوامٌ عن وَدْعِهِمُ الْجُمُعَاتِ، أو لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنَ الْغَافِلِينَ))[10].

الإكثار من ذكر الله تعالى:
ذكر الله تعالى حياةٌ للقلوب، وغيثٌ للنفوس، فكثرةُ ذِكْرِك لله تعالى جلاءٌ لقلبكَ مِن أدرانِ الغفلة؛ قال أبو محمد بن علي الزاهد: "خرجنا في جنازة بالكوفة، وخرج فيها داود الطائي، فانتبذ، فقعد ناحيةً وهي تدفن، فجئت فقعدتُ قريبًا منه، فَتَكَلَّمَ، فقال: مَن خاف الوعيدَ، قَصُرَ عليه البعيد، ومَن طال أمله ضعف عمله، وكل ما هو آتٍ قريبٌ!".

تَذَكُّر القبر:
القبر مَنْزلة الوَحشة، وبيت الوحدة، أهواله فظيعة، ولحظاتُه شديدة، ماذا أعددت له؟ تَذَكَّر تلك الحفرة، والتي لا ينجيكَ مِن أهوالها إلاَّ العمل الصالح.

هذا الربيع بن خثيم رحمه الله حفر في داره قبرًا، فكان إذا وجد في قلبه قساوة، دخل فيه، فاضطجع فيه، ومكث ساعة، ثم قال: ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾ [المؤمنون: 99 - 100].

ثم يقول: يا ربيع قد أُرْجِعْتَ، فاعمل الآن قبل أن لا تَرْجِعَ.

اللهمَّ باركْ لنا في رجب وشعبان، وبلغنا رمضان.


aiv aufhk



 


الرد باقتباس
قديم 05-11-2016, 09:45 PM   #2


الصورة الشخصية لـ أبو سامي
أبو سامي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2140
 تاريخ التسجيل :  Aug 2013
 أخر زيارة : 03-09-2024 (11:53 PM)
 المشاركات : 5,725 [ + ]
 تقييم العضوية :  5380
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 119
تم شكره 366 مرة في 243 مشاركة
الإفتراضي رد : شهر شعبان



فضائل شعبان وبعض أحكامه

الخطبة الأولى
أما بعد:
إن المؤمن ليتقلب في هذا الزمان، ويمد الله له في الأجل، وكل يوم يبقاه في هذه الدنيا هو غنيمة له ليتزود منه لأخرته، ويحرث فيه ما استطاع ويبذر فيه من الأعمال ما استطاعته نفسه وتحملته.

وها قد مضى أيها الأحبة شهر رجب، ودخل شعبان، وفاز من فاز بالتقرب والاستعداد في رجب لرمضان، ودخل شعبان والناس عنه غافلة. ولنا مع هذا الشهر المبارك وقفات ننظر فيها حال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحال سلف الأمة، الذين أمرنا بالاقتداء بهم، مع ذكر بعض فضائله وأحكامه.

عن أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - قال: قلت يا رسول الله: لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: ((ذاك شهر تغفل الناس فيه عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم)) [رواه النسائي]. وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله يصوم ولا يفطر حتى نقول: ما في نفس رسول الله أن يفطر العام، ثم يفطر فلا يصوم حتى نقول: ما في نفسه أن يصوم العام، وكان أحب الصوم إليه في شعبان، [رواه الإمام أحمد].

ومن شدة محافظته - صلى الله عليه وسلم - على الصوم في شعبان أن أزواجه رضي الله عنهن، كن يقلن أنه يصوم شعبان كله، مع أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يستكمل صيام شهر غير رمضان، فهذه عائشة - رضي الله عنها - وعن أبيها تقول: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، وما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صياما منه في شعبان. [رواه البخاري ومسلم]. وفي رواية عن النسائي والترمذي قالت: ما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في شهر أكثر صياما منه في شعبان، كان يصومه إلا قليلا، بل كان يصومه كله، وفي رواية لأبى داود قالت: كان أحب الشهور إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يصومه شعبان، ثم يصله برمضان.

وهذه أم سلمة - رضي الله عنها - تقول: ((ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم شهرين متتابعين إلا شعبان ورمضان)). ولشدة معاهدته - صلى الله عليه وسلم - للصيام في شعبان، قال بعض أهل العلم: إن صيام شعبان أفضل من سائر الشهور، وإن كان قد ورد النص أن شهر الله المحرم هو أفضل الصيام بعد رمضان، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل)) [رواه مسلم].

وعند النسائي بسند صحيح عن جندب بن سفيان - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إن أفضل الصلاة بعد المفروضة الصلاة في جوف الليل، وأفضل الصيام بعد رمضان شهر الله الذي تدعونه المحرم)). وذكر أهل العلم حكما في تفضيل التطوع بالصيام في شعبان على غيره من الشهور: منها: أن أفضل التطوع ما كان قريبا من رمضان قبله وبعده، وذلك يلتحق بصيام رمضان، لقربه منه، وتكون منزلته من الصيام بمنزلة السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها، فيلتحق بالفرائض في الفضل، وهي تكملة لنقص الفرائض، وكذلك صيام ما قبل رمضان وبعده، فكما أن السنن الرواتب أفضل من التطوع المطلق بالنسبة للصلاة، فكذلك يكون صيام ما قبل رمضان وبعده أفضل من صيام ما بعد منه، ولذلك فإنك تجد رمضان يسبق بالصيام من شعبان والاستكثار منه ثم بعد انقضاء رمضان يسن صيام ست من شوال، فهي كالسنن الرواتب التي قبل وبعد الصلاة المفروضة.

ومن الحكم كذلك في الإكثار من صيام شعبان: ما تضمنه حديث أسامة بن زيد المتقدم ذكره وفيه قلت يا رسول الله: لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟ فبين له - صلى الله عليه وسلم - سبب ذلك فقال له: ((ذاك شهر يغفل الناس فيه عنه، بين رجب ورمضان)) وماذا أيضا؟ قال: ((وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم)).

إن هذا الحديث تضمن معنيين مهمين:
أحدهما: أنه شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان.

وثانيهما: أن الأعمال ترفع وتعرض على رب العالمين، فأما كون شعبان تغفل الناس فيه عنه، فإن ذلك بسبب أنه بين شهرين عظيمين، وهما الشهر الحرام رجب، وشهر الصيام رمضان، فاشتغل الناس بهما عنه، فصار مغفولا عنه، وكثير من الناس يظن أن صيام رجب أفضل من صيام شعبان لأن رجب شهر محرم، وهذا ليس بصحيح، فإن صيام شعبان أفضل من صيام رجب للأحاديث المتقدمة.

وفي قوله: ((يغفل الناس عنه، بين رجب ورمضان)) إشارة إلى أن بعض ما يشتهر فضله من الأزمان أو الأماكن أو حتى الأشخاص قد يكون غيره أفضل منه إما مطلقا أو الخصوصية فيه، لا يتفطن لها أكثر الناس، فيشتغلون بالمشهور عندهم عنه، ويفوتون تحصيل فضيلة ما ليس بمشهور عندهم، ولما كان الناس يشتغلون بغير شعبان عن شعبان فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعمره بالطاعة وبالصيام، ويقول لأسامه لما رآه مستفهما عن سبب الإكثار من الصيام في شعبان، ذاك شهر يغفل الناس فيه عنه بين رجب ورمضان، ولذلك قال أهل العلم: وهذه لفتة فتنبه لها يا عبد الله قالوا: هذا فيه دليل على استحباب عمارة أوقات غفلة الناس بالطاعة، وأن ذلك محبوب لله - عز وجل -، ولذا كان طائفة من السلف يستحبون إحياء ما بين العشائين بالصلاة ويقولون: هي ساعة غفلة، وكذلك فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - فضل القيام في وسط الليل لشمول الغفلة لأكثر الناس فيه عن الذكر كما قال: ((إن أفضل الصلاة بعد المفروضة الصلاة في جوف الليل)) ولهذا المعنى كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يريد أن يؤخر العشاء لنصف الليل، وإنما علل ترك ذلك لخشية المشقة على الناس، فعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: مكثنا ذات ليلة ننتظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لصلاة العشاء الآخرة، فخرج إلينا حين ذهب ثلث الليل أو بعده، فلا ندري أشيء شغله في أهل، أو غير ذلك؟ فقال حين خرج: ((إنكم لتنتظرون صلاة ما ينتظرها أهل دين غيركم ولولا أن يثقل على أمتي لصليت بهم هذه الساعة)) [رواه مسلم]. وفي رواية: ((ما ينتظرها أحد من أهل الأرض غيركم)) وفي هذا إشارة إلى فضيلة التفرد بالذكر في وقت من الأوقات لا يوجد فيه ذاكر ولاستيلاء الغفلة على الناس، ولهذا لو نظرت إلى الفضائل والدرجات التي منحت للذاكرين في وقت غفلة الناس تجد شيئا عجبا، فهذا الرجل الذي يدخل السوق فيذكر الله، له أجر عظيم لأنه ذكر الله في مكان غفلة الناس، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: ((من دخل السوق فقال: لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيى ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير كتب الله له ألف ألف حسنة ومحا عنه ألف ألف سيئة، ورفع له ألف ألف درجة، وبني له بيتا في الجنة)) ومما يؤكد هذا المعنى ما دار بين طارق بن شهاب وسلمان الفارسي - رضي الله عنه - عندما بات طارق عند سلمان لينظر اجتهاده، قال: فقام يصلي من آخر الليل، فكأنه لم ير الذي كان يظن، فذكر ذلك له، فقال سلمان: حافظوا على هذه الصلوات الخمس فإنهن كفارات لهذه الجراحات ما لم تصب المقتلة، فإذا صلى الناس العشاء صدروا عن ثلاث منازل، منهم من عليه ولا له، ومنهم من له ولا عليه، ومنهم من لا له ولا عليه، فرجل اغتنم ظلمة الليل وغفلة الناس، فركب فرسه في المعاصي فذلك عليه ولا له (هؤلاء الذي يغتنمون غفلات الناس عنهم فيعبون من الفواحش عبا) ومن له ولا عليه: فرجل اغتنم ظلمة الليل وغفلة الناس فقام يصلي، فذلك له ولا عليه، ومن لا له ولا عليه: فرجل صلى ثم نام فذلك لا له ولا عليه، إياك والحقحقة، وعليك بالقصد وداوم " والحقحقة: هو أن يجتهد في السير ويلح فيه حتى تعطب راحلته أو تقف.

والأجور المترتبة على الاشتغال بالطاعات وقت غفلة الناس كثيرة ومتنوعة، فتعرضوا لنفحات الله، أيها الأحبة، وتلمسوا مرضاته.

ثم اعلم يا عبد الله أن إحياء الوقت المغفول عنه بالطاعة فيه فوائد:
1- إن فعلك لهذه الطاعة يكون أخفى، وإخفاء النوافل وإسرارها أفضل لاسيما الصيام، فإنه سر بين العبد وربه، ولهذا قيل: إنه ليس فيه رياء، وقد صام بعض السلف أربعين سنة لا يعلم به أحد، كان يخرج من بيته إلى سوقه ومعه رغيفان، فيتصدق بهما ويصوم، فيظن أهله أنه أكلهما في سوقه، ويظن أهل سوقه أنه أكلها في بيته.

2- الفائدة الثانية في إحياء وقت غفلة الناس بالطاعات أنه أشق على النفوس، وأفضل الأعمال أشقها على النفوس إن كان على السنة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((الأجر على قدر النصب)).

والسبب في أن الطاعات في وقت غفلة الناس شاقة وشديدة على النفوس، هو أن النفوس تتأسى بما تشاهده من أحوال أبناء الجنس، فإذا كثرت يقظة الناس وطاعاتهم، كثر أهل الطاعة لكثرة المقتدين لهم، فسهلت الطاعات، وتأمل كيف أن كثيراً من الناس يشق عليهم الصيام في غير رمضان: فإذا جاء رمضان سهل عليهم الصيام ولم يجدوا مشقة في صيامه، وذلك لأن الناس من حولهم يؤدون هذه العبارة الجليلة، والناس كأسراب القطا يتبع بعضهم بعضا، وقد قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: الناس أشبه بأهل زمانهم منهم بآبائهم.

وأما إذا أكثرت غفلة الناس تأسى بهم عموم الناس فيشق على نفوس المتيقظين والطالبين لمهر الجنة تشق عليهم طاعاتهم، لقلة من يقتدون بهم في هذه الأوقات المغفول عنها، ولهذا المعنى قال - صلى الله عليه وسلم - في حال الغرباء في آخر الزمان: ((للعامل منهم أجر خمسين منكم أي من الصحابة إنكم تجدون على الخير أعوانا ولا يجدون)) [وفي مسلم] ((فطوبى للغرباء)) ولهذا جاء في صحيح مسلم أيضا من حديث معقل بن يسار - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((العبادة في الهرج كالهجرة إلي)) وعند الإمام أحمد بلفظ: ((العبادة في الفتنة كالهجرة إلي)) وسبب ذلك أن الناس في وقت الفتن تستولي عليهم الغفلة، ويتبعون أهوائهم ولا يرجعون إلى دين، وينشغلون عن عبادة ربهم بهذه المحدثات والمضلات من الفتن، ويكون حالهم شبيها بحال الجاهلية، فإذا انفرد من بينهم من يتمسك بدينه ويعبد ربه ويتبع مراضيه ويجتنب مساخطه كان بمنزلة من هاجر من بين أهل الجاهلية إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مؤمناً به، متبعاً لأوامره مجتنبا لنواهيه، محافظا على سنته وهديه وطريقته - صلى الله عليه وسلم -، في كل زمان ومكان، والفوائد في هذا الباب والمعنى كثيرة لمن تأملها ووقف معها واستزاد منها.

ولما كان شعبان كالمقدمة لرمضان شرع فيه ما يشرع في رمضان من الصيام وقراءة القران، ليحصل التأهب لتلقي رمضان وتتروض النفوس بذلك على طاعة الرحمن، ولهذه المعاني المتقدمة وغيرها كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكثر من الصيام في هذا الشهر المبارك، ويغتنم وقت غفلة الناس وهو من؟ هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، هو الذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ولذلك فإن السلف كان يجدّون في شعبان، ويتهيأون فيه لرمضان قال سلمة بن كهيل: كان يقال شهر شعبان شهر القراء. وكان عمرو بن قيس إذا دخل شهر شعبان أغلق حانوته وتفرغ لقراءة القران، قال أبو بكر البلخي: شهر رجب شهر الزرع، وشهر شعبان شهر سقي الزرع، وشهر رمضان شهر حصاد الزرع، وقال أيضا: مثل شهر رجب كالريح، ومثل شعبان مثل الغيم، ومثل رمضان مثل المطر، ومن لم يزرع ويغرس في رجب، ولم يسق في شعبان فكيف يريد أن يحصد في رمضان، وها قد مضى رجب فما أنت فاعل في شعبان إن كنت تريد رمضان، هذا حال نبيك وحال سلف الأمة في هذا الشهر المبارك، فما هو موقعك من هذه الأعمال والدرجات:
مضى رجب وما أحسنت فيه
وهذا شهر شعبان المبارك
فيا من ضيع الأوقات جهلا
بحرمتها أفق واحذر بوارك
فسوف تفارق اللذات قهرا
ويخلى الموت قهرا منك دارك
تدارك ما استطعت من الخطايا
بتوبة مخلص واجعل مدارك
على طلب السلامة من جحيم
فخير ذوي الجرائم من تدارك

أقول قولي هذا واستغفر الله..

الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين.

أما بعد:
وعن معاذ بن جبل - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((يطلع الله إلى جميع خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن)) [رواه الطبراني وابن حبان وهو حديث صحيح].

ولنا مع هذا الحديث الذي يتعلق بالنصف من شعبان أربع وقفات مهمة:
الأولى: أن الله يغفر فيها لكل عباده إلا المشرك فتفقد نفسك يا عبد الله، وفتش باطنها، فلعلك أن تكون مبتلى بشيء من هذه الشركيات المنتشرة في الأمة، ولا تظنن بنفسك خيرا بل فاتهمها في جانب الله وفي تقصيرها، ولا تقل أني بريء من الشركيات، ولا يمكن أن أقع فيها، ويكفى أنني أعيش في بلد التوحيد، فإن هذا غرور وجهل منك، إذا كان أبو الأنبياء وإمام الحنفاء خليل الرحمن يخشى على نفسه الشرك، بل يخشى على نفسه وعلى بنيه عبادة الأصنام، قال الله - تعالى -عن إبراهيم - عليه السلام -: واجنبني وبنيّ أن نعبد الأصنام وقد بين إبراهيم ما يوجب الخوف من ذلك فقال: رب انهن أضللن كثيراً من الناس.

قال إبراهيم التيمي: من يأمن البلاء بعد إبراهيم؟ فلا يأمن الوقوع في الشرك إلا من هو جاهل به، وبما يخلصه منه، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: ((أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، فسئل عنه؟ فقال: الرياء)) ومن عظيم فقه الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب في كتابه التوحيد أن جعل بابا بعنوان: باب الخوف من الشرك ثم ساق الآيات والأحاديث في هذا المعنى، والله - عز وجل - قد حذر نبيه بل وكل الأنبياء من الشرك، وأوصي إليهم بأن أعمالهم تحبط إن أشركوا، وهم الصفوة من الخلق فقال - تعالى -: ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين ثم يقول له: بل الله فاعبد وكن من الشاكرين.

الوقفة الثانية: خطورة الشحناء والبغضاء بين الناس، وأن الله لا يغفر للمتشاحنين، والشحناء هي: حقد المسلم على أخيه المسلم بغضا له لهوى في نفسه، لا لغرض شرعي ومندوحة دينية، فهذه تمنع المغفرة في أكثر أوقات المغفرة والرحمة، كما في صحيح مسلم عن أبى هريرة - رضي الله عنه - مرفوعا: ((تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين والخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقول: انظروا هذين حتى يصطلحا))، وقد وصف الله المؤمنين عموما بأنهم يقولون: ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين ءامنوا ربنا إنك رؤوف رحيم. قال بعض السلف: أفضل الأعمال سلامة الصدور وسخاوة النفوس والنصيحة للأمة وبهذه الخصال بلغ من بلغ، وسيد القوم من يصفح ويعفو، فأقِل يا عبد الله حتى تُقال.

الوقفة الثالثة: إحياء بعض الناس لليلة النصف من شعبان، وبعضهم يصليها في جماعة ويحتفلون بأشياء وربما زينوا بيوتهم، وكل هذا من البدع المحدثة التي لم يفعلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا صحبه ولا تابعوهم، وهم الحجة لمن أراد سواء السبيل وما ثبت في هذه الليلة من فضل هو ما قدمناه من أنك يجب عليك أن تحقق التوحيد الواجب، وتنأى بنفسك عن الشرك، وأن تصفح وتعفوا عمن بينك وبينه عداوة وشحناء، أما إحداث البدع في هذه الليلة فإن أهلها هم أولى الناس بالبعد عن رحمة الله، وأن ينظروا هم حتى يتوبوا من بدعتهم.

الوقف الرابعة: أن لا يصوم الإنسان بعد منتصف شعبان بنية استقبال رمضان وحتى يحتاط لشهر رمضان بزعمه فإن هذا من التنطع والغلو في الدين قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا انتصف شعبان فلا تصوموا حتى رمضان)) فهذا الحديث وما في معناه للمتنطعين والمتشددين الذين يستقبلون رمضان بالصيام بنية الاحتياط لرمضان، فهذا منهي عنه، ولا يدخل في هذا أن يصوم الإنسان ما كان معتادا له من صيام الاثنين والخميس مثلا، أو ثلاثة أيام من كل شهر، أو القضاء، أو النذر.

وما له تعلق بهذا أيضا، حرمة صيام يوم الشك قال عمار بن ياسر - رضي الله عنه -: من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم. ويوم الشك هو اليوم الذي يشك فيه هل هو من رمضان أو من شعبان و هو يوم الثلاثين، فيحرم صومه بنية الاحتياط قال: - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تقدموا رمضان بيوم أو يومين إلا من كان يصوم صوما فليصمه)) فهذا في الرجل الذي له عادة ويصومه بنية التطوع لا بنية الفرض، وأنه من رمضان أو بنية الاحتياط، فالنية هي الفيصل هنا، ((إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)).

اللهم إننا نسألك رحمة تهدي بها قلوبنا..



 


الرد باقتباس
قديم 05-11-2016, 09:48 PM   #3


الصورة الشخصية لـ أبو سامي
أبو سامي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2140
 تاريخ التسجيل :  Aug 2013
 أخر زيارة : 03-09-2024 (11:53 PM)
 المشاركات : 5,725 [ + ]
 تقييم العضوية :  5380
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 119
تم شكره 366 مرة في 243 مشاركة
الإفتراضي رد : شهر شعبان



السنة والبدعة في شعبان

إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله مِن شُرور أنفسنا وسيِّئات أعمالنا، مَن يهدِه الله فلا مضلَّ له، ومَن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلاَّ الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبدُه ورسوله؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70 - 71].

أمَّا بعدُ:
فََإِِنَّ خيرَ الحَديث كِتابُ اللَّه، وخيرَ الهُدَى هُدَى محمَّد، وشَرَّ الأُمورِ مُحْدَثاتُها، وكلَّ بِدعةٍ ضَلالة.

عباد الله:
يقول ربُّنا - تبارك وتعالى -: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيم ﴾ [آل عمران: 31]، فالعمل لا يكون مقبولاً تُرفع به الدَّرجات، وتُكفَّر به السيِّئات؛ إلاَّ إذا كان خالصًا لله، قد شَرَعه النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لأمَّته بقوله أو فِعله، فكلُّ ما يُقرِّبنا إلى ربِّنا بيَّنه لنا نبيُّنا - صلَّى الله عليه وسلَّم.

ومِن ذلك الصيام في شهر شعبان، فمِن سُنَّة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - صيام ما تيسَّر من شعبان؛ فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يصوم حتى نقولَ: لا يُفطر، ويُفطر حتى نقول: لا يَصوم، فما رأيتُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - استكملَ صِيامَ شهرٍ إلاَّ رمضان، وما رأيتُه أكثرَ صيامًا منه في شعبان"؛ رواه البخاري (1969) ومسلم (1156).

فالصِّيام في شعبانَ وشوال بمنزلة السُّنَّة الراتبة التي قبلَ الصلاة وبعدها، يَسُدُّ الخلل الواقع في الفرْض، وفي صيام شعبان تمرينٌ للبدن على الصيام، فيدخل رمضان وقد اعتاد المسلمُ الصيامَ، فتطيقه النفس، فيدخل في صيام رمضانَ بقوَّة ونشاط.

لكن يحرُم تَقدُّم رمضان بالصيام بيوم أو يومين، بنية الاحتياط، فهو من التقدُّم بين يَدي الله ورسوله، فإذا لم يرَ الهلال، سواء كانت السماء صَحوًا أم غيمًا، فلا يُصام إلاَّ برؤية هلال رمضان، أو إكمال عدَّة شعبان ثلاثين يومًا، فصوم يوم الشَّكِّ تَقدُّم رمضان، وقد نهى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن ذلك؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم – أنَّه قال: ((لا يَتَقَدَّمنَّ أحدُكم رمضانَ بصوم يوم أو يومين، إلاَّ أن يكون رجلٌ كان يصوم صومَه، فليصمْ ذلك اليوم))؛ رواه البخاري (1914) ومسلم (1082)، فليس داخلاً في التحريم مَن كان له عادةُ صومٍ، فصادف قبلَ رمضان بيوم أو يومين، أو صام قضاءً.

وبذلك يتبيَّن لنا ضعفُ النهْي عن الصيام بعد انتصاف شعبان، فما يُروى عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه قال: ((إذا انتصف شعبانُ، فلا تصوموا حتَّى رمضان))، فهو حديث شاذٌّ عند الحُفَّاظ؛ عبدالرحمن بن مهدي، وأحمد بن حنبل، وغيرهما[1]، فهو يخالف أحاديثَ الصحيحين السابقة التي فيها الصِّيام بعد انتصاف شعبان.

إخوتي:
المسلم بحاجة لمعرفة ما يُخالف هَديَ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - من البِدع المحدَثة؛ حتى لا يقع فيها، وقد تفطَّن لذلك حذيفةُ بن اليمان، حيث قال: "كان الناس يسألون رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن الخير، وكنت أسأله عن الشرِّ مخافةَ أن يُدركني"؛ رواه البخاري، ومسلم.

ويتأكَّد الأمر في هذا الزَّمن حيثُ وسائلُ الاتصال المختلفة التي قرَّبت البعيد، ومكَّنت لأهل البِدعة نشرَ بدعتهم، مع ما ابتُلي به المسلمون بمَن ينتسب للعِلم ممَّن يُهوِّنون من شأن البِدع ويسوغونها.

عبادَ الله:
لم يكن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يحتفي بهذا الشَّهر بأعمال خاصَّة غير الصيام، فلم يكن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يدعو بالبركة في هذا الشهر، أمَّا ما يُروى عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه كان إذا دخل شهر رجب قال: ((اللهمَّ باركْ لنا في شهرَيْ رجب وشعبان، وبلِّغْنا رمضان))، فقد رواه البزَّار بإسناد ضعيف جدًّا، وضعَّفه الحفَّاظ؛ منهم ابن رجب في "لطائف المعارف" (ص: 143)، وابن حجر في "تبيين العجب" (ص: 38).

ومن البدع المحدَثة تعظيمُ ليلة النِّصف من شعبان، والاحتفاء بها بالصلاة والذِّكر والاجتماع، فتخصيص ليلة النِّصف من شعبان بالقيام والذِّكر والدعاء جماعةً أو فرادى - ليس من هَديِ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولا مِن فِعْل أصحابه - رضي الله عنهم - فلم يثبت عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولا عن أحد من الصحابة - رضي الله عنهم - أنَّهم خَصُّوا هذه الليلةَ بصلاة أو غيرِها، ولو كان خيرًا لسبقوا غيرَهم إليه، إنَّما هو فعل بعض التابعين، وقد أنكر عليهم بعضُ التابعين، وتابَعهم البعضُ على تخصيص هذه الليلة بالعبادة.

قال ابن رجب في "لطائف المعارف"، (ص: 171): "ليلة النِّصف من شعبان كان التابعون من أهل الشام؛ كخالد بن مَعْدان، ومكحول، ولقمان بن عامر، وغيرهم يُعظِّمونها، ويجتهدون فيها في العبادة، وعنهم أخَذَ الناس فضلَها وتعظيمها، وقد قيل: إنَّه بلغهم في ذلك آثار إسرائيليَّة، فلمَّا اشتهر ذلك عنهم في البُلدان اختلف الناس في ذلك؛ فمنهم مَن قَبِله منهم، ووافقهم على تعظيمها؛ منهم طائفةٌ مِن عُبَّاد أهل البصرة وغيرهم، وأنكر ذلك أكثرُ علماء الحِجاز؛ منهم: عطاء، وابن أبي مُلَيكة، ونقله عبدالرحمن بن زيد بن أسلم عن فُقهاء أهل المدينة، وهو قول أصحاب مالك وغيرهم، وقالوا: ذلك كلُّه بدعة" ا.هـ.

وقال سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز في "مجموع الفتاوى" (1/186): "من البدع التي أحْدَثها بعضُ الناس: بدعةُ الاحتفال بليلة النِّصف من شعبان، وتخصيص يومِها بالصيام، وليس على ذلك دليلٌ يجوز الاعتماد عليه، وقد ورد في فضلها أحاديثُ ضعيفةٌ لا يجوز الاعتماد عليها، أمَّا ما ورد في فضْل الصلاة فيها، فكلُّه موضوع" ا.هـ.

و قد نهى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن تخصيص ليلة الجُمُعة من دون الليالي بالقيام، ولو كان التخصيص مشروعًا لكانتِ الجُمُعة أولى من غيرها، فيَومُ الجمعة خيرُ يوم طَلَعت عليه الشمس؛ فيه خُلق آدم، وفيه أُدخِل الجنَّة، وفيه أُخرج منها، وحين كان قيام ليلة القَدْر ممَّا يحبُّه الله، ويقربنا إليه، بيَّنه النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لنا بفعله، فقامها، وبيَّن فضْل قِيامها بقوله، فهذا الدِّين كاملٌ، فمن زاد فيه فهو مبتدعٌ؛ لأنَّه استدرك على الله: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3].

الخطبة الثانية
الحمد لله ربِّ العالَمين، والصلاة والسلام على نبيِّنا محمد، الذي بيَّن البيان المُبين، فتلقَّى بيانَه من كلِّ خلف عُدولُه يُنيرون للناس به طريقَهم، ويهدونهم إلى ربِّهم.

عباد الله، مِن أسباب تعظيم ليلة النِّصف من شعبان ظنُّ البعض أنَّ ليلة النِّصف من شعبان هي الليلةُ المباركة المذكورة في قوله - تعالى -: ﴿ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾ [الدخان: 3 – 4]، كما ذهب إلى ذلك عِكرمةُ مولى ابن عبَّاس، والصحيح الذي عليه جمهورُ المفسِّرين: أنَّ هذه الليلةَ هي ليلةُ القَدر؛ كما قال - تبارك وتعالى -: ﴿ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴾ [القدر: 1]، فالقرآن نَزَل في رمضان، وليس في شعبان؛ ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ﴾ [البقرة: 185].

ومِن أسباب تعظيم ليلة النِّصف من شعبان ورودُ أحاديثَ لا تصحُّ في فضلها؛ منها:
حديث عائشة - رضي الله عنها - عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه قال: ((إنَّ الله - عزَّ وجلَّ - ينزل ليلةَ النِّصف من شعبان إلى السماء الدنيا، فيغفر لأكثرِ مِن عدد شعر غَنَمِ كَلْبٍ))؛ رواه الترمذي (739)، وأشار إلى ضعْفه، وقال: سمعت محمَّدًا - يعني: شيخه البخاري - يُضعِّف هذا الحديث.

ومنها: حديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم – أنَّه قال: ((إنَّ الله ليطَّلع في ليلة النِّصف من شعبان، فيغفرُ لجميع خَلْقه إلاَّ لمشرك أو مُشاحن))؛ رواه ابن ماجه (1390) بإسناد ضعيف.

وجمهور المحدِّثين على تضعيف الأحاديث الواردة في فضائل ليلةِ النِّصف من شعبان؛ بل ينصُّ بعضُهم على أنَّ الأحاديث الواردةَ في فضْل ليلة النِّصف من شعبان كلها ضعيفة، قال الحافظ أبو الخطَّاب بن دحية "الباعث على إنكار البدع"، (ص: 127): " قال أهل التعديل والتجريح: ليس في حديث ليلة النِّصف من شعبان حديثٌ يصحُّ".

إخوتي:
لنحذرْ من التهوين من بعض البدع واستصغارها، فلا يزال الشيطان بالمبتدعِ، حتى يخرجَه عن دائرة الإسلام، فالفِرَق البدعيَّة التي تكفِّر المسلمين، وتستبيح دماءَهم وأموالهم وأعراضَهم، إنَّما بدأت ببدعٍ يسيرة، مع حُسن قصْد، والرغبة في الخير، حتى خرجتْ عن دائرة الإسلام؛ فلذا قال بعض أهل العلم: البدعةُ بَريدُ الكُفر.

فبدعة الرافضة بدأتْ بالغلوِّ في بعض آل النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - حتى آل الأمر بهم لتكفير أكثرِ الصحابة.

وبدعة الخوارج بدأتْ بالغلوِّ في تحكيم الشَّرع، حتى كفَّروا الصحابة وعمومَ المسلمين ممَّن ليسوا على طريقتهم.

وبدعة العقلانيِّين المعاصرين، بدأتْ بالغلوِّ في تحكيم العقل، وجعله حَكمًا على النُّصوص الشرعيَّة، حتى آل الأمر بهم بردِّ الأحكام الثابتة بالكتاب والسُّنة الصحيحة، والخروج على إجماع الأمَّة، كما فعل سلفُهم المعتزلة.

وبدعة القبوريِّين الذين يطوفون بالقُبور، ويذبحون لها، ويعبدون أصحابَها، بدأتْ بالغلوِّ في محبَّة الصالحين وتعظيمهم، حتى آل الأمر بهم إلى الشِّرك الأكبر.



 


الرد باقتباس
قديم 05-13-2016, 11:29 AM   #4


الصورة الشخصية لـ روح السراب
روح السراب غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1000
 تاريخ التسجيل :  Dec 2013
 أخر زيارة : أمس (08:23 AM)
 المشاركات : 27,030 [ + ]
 تقييم العضوية :  32876
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Brown
شكراً: 3,894
تم شكره 2,679 مرة في 1,722 مشاركة
الإفتراضي رد : شهر شعبان



شكرا لك اخي العزيز آبو أيمن على هذا الموضوع وجعله الله في ميزان حسناتك ،،



 
  مـواضـيـعـي


الرد باقتباس
قديم 06-04-2016, 03:46 PM   #5


الوطن غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2778
 تاريخ التسجيل :  Jun 2014
 أخر زيارة : 03-02-2022 (10:55 PM)
 المشاركات : 214 [ + ]
 تقييم العضوية :  10
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
الإفتراضي رد : شهر شعبان



موضوع مميز تقدير واحترامي لعطاءكم



 


الرد باقتباس
قديم 06-14-2016, 01:46 AM   #6


الصورة الشخصية لـ منار
منار غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3559
 تاريخ التسجيل :  Jun 2016
 أخر زيارة : 06-22-2017 (02:34 AM)
 المشاركات : 316 [ + ]
 تقييم العضوية :  20
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره مرة واحدة في مشاركة واحدة
الإفتراضي رد : شهر شعبان



بارك الله فيك



 


الرد باقتباس
قديم 06-14-2016, 02:03 AM   #7


الصورة الشخصية لـ منار
منار غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3559
 تاريخ التسجيل :  Jun 2016
 أخر زيارة : 06-22-2017 (02:34 AM)
 المشاركات : 316 [ + ]
 تقييم العضوية :  20
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره مرة واحدة في مشاركة واحدة
الإفتراضي رد : شهر شعبان



جزاك الله خيرا



وبارك فيك



 


الرد باقتباس
قديم 06-14-2016, 11:02 AM   #8



الصورة الشخصية لـ وردة الامل
وردة الامل غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3463
 تاريخ التسجيل :  Jan 2014
 أخر زيارة : 12-12-2020 (12:13 PM)
 المشاركات : 4,395 [ + ]
 تقييم العضوية :  205
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Aliceblue
شكراً: 0
تم شكره 15 مرة في 13 مشاركة
الإفتراضي رد : شهر شعبان






جزآككُ المولىً خيرُ الجزآءُُ
وجعلهُ اللهُ شاهدُ لكُ لا عليكك



 


الرد باقتباس
قديم 06-14-2016, 02:50 PM   #9


احماد غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2788
 تاريخ التسجيل :  Jun 2014
 أخر زيارة : 07-04-2016 (12:25 PM)
 المشاركات : 87 [ + ]
 تقييم العضوية :  20
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره مرة واحدة في مشاركة واحدة
الإفتراضي رد : شهر شعبان



شكرا لموضوعكم يااخي



 


الرد باقتباس
قديم 06-16-2016, 06:59 PM   #10


شارقة غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2786
 تاريخ التسجيل :  Jun 2014
 أخر زيارة : 07-08-2016 (08:04 PM)
 المشاركات : 201 [ + ]
 تقييم العضوية :  10
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
الإفتراضي رد : شهر شعبان



بارك الله فيك ع الافادة


 


الرد باقتباس
الرد على الموضوع

Bookmarks

الكلمات الدلالية (Tags)
شعبان , شهر


Currently Active Users Viewing This Thread: 1 (0 members and 1 guests)
 
خيارات الموضوع

قوانين المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML مغلق
Trackbacks are متاح
Pingbacks are متاح
Refbacks are متاح


مواضيع مشابهة
الموضوع الكاتب المنتدى المشاركات آخر مشاركة
الاجتهاد في شعبان أبو سامي الاسلام ديننا و حياتنا 0 06-06-2014 11:23 PM
شعبان أحكام وفضائل وضاح اليمن الاسلام ديننا و حياتنا 4 05-31-2014 05:12 PM
مطوية شهر شعبان ؟؟؟ حسين دحه الاسلام ديننا و حياتنا 14 05-30-2014 04:47 PM
فضل شهر شعبان ورمضان الطارق الخيمة الرمضانية 2 07-13-2012 03:11 AM
شعبان قرب على الوصول فاقرآ اخي عنه وادي العوهل الاسلام ديننا و حياتنا 0 06-17-2012 03:55 AM

تصميم وتوزيع وتركيب  &الجنوبيه&♥ طموح ديزاين♥


جميع الأوقات GMT +3. الساعة الآن 06:28 PM.


.
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
.

Search Engine Friendly URLs by vBSEO