منتدى الآصالةوالتاريخ حريب بيحان
ينتهي : 30-04-2025
عدد مرات النقر : 1,279
عدد  مرات الظهور : 29,159,799

عدد مرات النقر : 4,124
عدد  مرات الظهور : 73,180,156
عدد  مرات الظهور : 68,896,125
قناة حريب بيحان " يوتيوب "
عدد مرات النقر : 2,305
عدد  مرات الظهور : 73,180,958مركز تحميل منتديات حريب بيحان
ينتهي : 19-12-2025
عدد مرات النقر : 3,945
عدد  مرات الظهور : 69,396,885
آخر 10 مشاركات
صـبـــاحكم سكــر // مســـاؤكم ورد معطر (الكاتـب : - المشاركات : 2386 - المشاهدات : 169365 - الوقت: 06:40 AM - التاريخ: 04-24-2024)           »          تعزية للاخ يمني بوفاة اخيه (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 6 - المشاهدات : 101 - الوقت: 09:46 PM - التاريخ: 04-22-2024)           »          قراءة في سورة البقرة (الكاتـب : - المشاركات : 2 - المشاهدات : 67 - الوقت: 05:34 AM - التاريخ: 04-20-2024)           »          الاذكار اليوميه في الصباح والمساء (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 542 - المشاهدات : 33661 - الوقت: 08:30 PM - التاريخ: 04-19-2024)           »          عيدكم مبارك ،، (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 1 - المشاهدات : 81 - الوقت: 08:45 AM - التاريخ: 04-10-2024)           »          تحدي المليوووون رد ،، (الكاتـب : - المشاركات : 2049 - المشاهدات : 123370 - الوقت: 05:27 PM - التاريخ: 04-08-2024)           »          ماذا ستكتب على جدران (منتديات حريب بيحان) (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 3179 - المشاهدات : 233108 - الوقت: 05:26 PM - التاريخ: 04-08-2024)           »          ورد يومي صفحه من القرآن الكريم (الكاتـب : - المشاركات : 93 - المشاهدات : 969 - الوقت: 06:53 AM - التاريخ: 03-23-2024)           »          شهرمبارك كل عام وأنتم بخير (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 3 - المشاهدات : 75 - الوقت: 04:06 AM - التاريخ: 03-18-2024)           »          تدمير دبابة ميركافا الإسرائيلية (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 2 - المشاهدات : 138 - الوقت: 06:53 AM - التاريخ: 03-17-2024)


الإهداءات



الاسلام ديننا و حياتنا واحة إسلامية لحصد الحسنات وتكفير السيئات


محاضرات اسلامية ( مكتوبة )

واحة إسلامية لحصد الحسنات وتكفير السيئات


محاضرات اسلامية ( مكتوبة )

اسم المادة : نهاية حياتك للشيخ / ناصر الأحمد إن الحمد لله أما بعد: أيها المسلمون: اتقوا الله تعالى، واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله، اتقوا يوماً تأتي

الرد على الموضوع
 
LinkBack خيارات الموضوع
قديم 05-21-2016, 10:24 PM   #1


الصورة الشخصية لـ أبو سامي
أبو سامي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2140
 تاريخ التسجيل :  Aug 2013
 أخر زيارة : 03-09-2024 (11:53 PM)
 المشاركات : 5,725 [ + ]
 تقييم العضوية :  5380
 مشاهدة أوسمتي
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 119
تم شكره 366 مرة في 243 مشاركة
الإفتراضي محاضرات اسلامية ( مكتوبة )




اسم المادة : نهاية حياتك
للشيخ / ناصر الأحمد


إن الحمد لله
أما بعد: أيها المسلمون: اتقوا الله تعالى، واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله، اتقوا يوماً تأتي كل نفس تجادل عن نفسها، وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون.
أيها المسلمون: إن الله جلت قدرته وتقدست أسماءه، أوجدنا في هذه الحياة من عدم: (هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكورا). أوجدنا في هذه الدنيا لا للدوام والبقاء، ولكن للموت وما بعد الموت: (كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون).
حكم المنية في البرية ساري ما هذه الدنيا بدار قرارِ
بينا يرى الإنسان فيها سائراً حتى يكون خبراً من الأخبارِ
)كل من عليها فان، ويبقى وجه والإكرام ربك ذو الجلال).
قال رسول صلى الله عليه وسلم: "أكثروا من ذكر هادم اللذات الموت" رواه الترمذي. وعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ثلث الليل قام فقال: "يا أيها الناس، اذكروا الله، جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه، جاء الموت بما فيه" رواه الترمذي.
أيها المسلمون: إن الموت مما ينبغي الإستعداد له، واستشعار قربه، فإنه أقرب غائب ينتظر، وما يدري الانسان لعله لم يبق من عمره إلا اليسير وهو مقبل على دنياه ومعرض عن آخرته.
تؤمل في الدنيا طويلاً ولا تدري إذا جنّ ليل هل تعيش إلى الفجر
فكم من صحيح مات من غير علة وكم من مريض عاش دهراً إلى دهر
الموت باب وكل الناس داخله فليت شعري بعد الموت ما الدار
الدار جنة عدنٍ إن عملت بما يرضي الإله وإن فرطت فالنار
هما مصيران ما للمرء غيرهما فانظر لنفسك ماذا أنت تختار
ولو لم يكن بين يدي الموت كُربٌ ولا هَولٌ سوى سكرات الموت لكان جديراً للإنسان أن يتعظ ويتكدر عليه سروره، ويفارقه سهوه وغفلته، والعجب كل العجب، أن الإنسان لو كان في أعظم اللذات وأطيب المجالس التى يأنس بها مع أولاده وأصدقائه وأقرباءه، وأُخبر أن داعياً سوف يحضر ويدعوه الى أمر من الأمور، لتنكّد وتكدّر عليه مجلسه، وفسد عليه عيشه، وهو في كل لحظة بصدد أن يدخل عليه ذلك الداعي، فكيف به إذا أيقن أن ملك الموت سوف يدخل عليه في أية لحظة بسكرات النزع، وهو عنه في سهو وغفلة، وما لذلك سبب إلا الجهل والغرور، واشتغال القلب بالدنيا.
ليس للموت يا عباد الله وقت معلوم عند الناس فيُخاف في ذلك الوقت ويُأمن منه في سائر الأوقات، فليس يأتي في الشتاء دون الصيف، ولا يأتي في الليل دون النهار، ولا يأتي بعد عمر الخمسين فيأمنه من هو دون ذلك، وليس له علة دون علة فيأمنه من لم يصبه ذلك. فحقٌ على العالَم بأمر الله عز وجل وأنه الذي انفرد بعلم ذلك الوقت أن لا يأمنه في وقت من الأوقات، وأن يكون مستعداً له أتم الإستعداد. سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكيِّس من الناس من هم فقال: "أكثرهم للموت ذكراً وأحسنهم له استعدادا" رواه ابن ماجة.
أيها المسلمون: إن ذكر الموت لا بد أن يكون مع تفكر قلب فارغ عن الشهوات، واستحضار لحاله عند الموت وأهواله، وشدائده وسكراته، ولا بد من تفكر في شدة النزع والألم الذي يعانيه عند خروج الروح من البدن، أعاننا الله وإياكم وجميع المسلمين على ذلك، حتى قالوا إن خروج الروح من البدن أشد من الضرب بالسيف، ونشر المناشير، وقرض المقاريض، لأنه يهجم على الإنسان ويستغرق جميع أجزائه من كل عرق من العروق، وعصب من الأعصاب، وجزء من الأجزاء، ومِفصل من المفاصل، ومن أصل كلّ شعرة، من المفرق إلى القدم، ليستلّ الروح منها. فلا تسأل عن كربه وألمه، فإنما يصيح المضروب ويستغيث لبقاء قوته، وأما الميت عند موته فإنه ينقطع صوته من شدة ألمه، لأن الكَرْب قد بالغ فيه، وغلب على قلبه، وعلى كل موضع فيه، وضعفت كل جارحة فيه، فلم يبق فيه قوة لاستغاثة، أما العقل فقد غشيه وشوشه، وأما اللسان فقد حجزه وأبكمه، والأطراف فقد ضعّفها وخدّرها، فإن بقيت فيه قوة، سَمعتَ له عند نزع الروح وجذبها غرغرة من حلقه وصدره، وقد تغيّر لونه، وأربدّ وجهه، حتى كأنه ظهر من التراب الذي هو أصله. وقد جذب منه كل عرق على حدته، فالألم منتشر في داخله وخارجه، حتى ترتفع الحدقتان إلى أعلى أجفانه، وتتقلص الشفتان، ويتقلص اللسان، فلا تسأل عن بدن يُجذب منه كل عرق من عروقه، ثم يموت كل عضو من أعضائه تدريجياً، فأول ما يبرد قدماه، ثم ساقاه، ثم فخداه، حتى تبلغ الحلقوم، فعند ذلك ينقطع نظره إلى الدنيا وأهلها، ويُغلق دونه باب التوبة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يقبل التوبة من العبد مالم يغرغر" رواه الترمذي.
الموت: مصير كل حيّ.
الموت: نهاية كل إنسان في هذه الدنيا.
الموت: لا يفرّق بين صغير وكبير، ولا بين حاكم ومحكوم، ولا بين شريف ووضيع: (كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلاّ متاع الغرور).
الموت: الذي يفر منه الجميع وهو يطلبهم: (قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون).
الموت: باب مفتوح أمام كل منا سيلجه، ومركب حتماً سيركبه، ومشهد عظيم سيشهده، لا مفر له منه، ولا محيد له عنه، إيمان يقيني قائم بذلك في النفوس، وواقع مشهود محسوس ملموس. قال مطرّف بن عبدالله الشخّير: "إن هذا الموت قد أفسد على أهل النعيم نعيمهم، فاطلبوا نعيماً لا موت فيه".
الموت: الذي ينتظر كلاً منا بلا موعد ولا خيار: (وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت).
الموت: وُصف في كتاب الله بقوله: (كلا إذا بلغت التراقي وقيل من راق، وظنّ أنه الفراق، والتفت الساق بالساق، إلى ربك يومئذ المساق، فلا صدق ولا صلى، ولكن كذب وتولى، ثم ذهب إلى أهله يتمطى، أولى لك فأولى، ثم أولى لك فأولى، أيحسب الإنسان أن يترك سدى).
الموت: الذي لم ينج منه نبي مرسل ولا عبد صالح وقال سبحانه لخير خلقه: (إنك ميت وإنهم ميتون) .
هو الموت ما منه ملاذٌ ومهرب متى حُط ذا عن نعشه ذاك يركب
نشاهد ذا عين اليقين حقيقة عليه مضى طفلٌ وكهلٌ وأشيب
الموت: حقيقة قاسية رهيبة، تواجه كل حيّ فلا يملك لها ردا، ولا يستطيع لها أحد ممن حوله دفعا، وهي تتكرر في كل لحظة، وتتعاقب على مر الأزمنة، يواجهها الجميع: الصغار والكبار، الأغنياء والفقراء، الأقوياء والضعفاء، المرضى والأصحاء، قال الله تعالى: (قل إن الموت الذي تفرون منه فانه ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون). ولعظم ما نحن مقدمون عليه وصائرون إليه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرا" رواه البخاري.
ففي الموت: عظة وتذكير، وتنبيه وتحذير، وكفى به والله الذي لا إله إلا هو من تقرير ومصير.
الموت: هو الخطب الأفظع، والأمر الأشنع، والكأس التي طعمها أكره وأبشع.
الموت: إنه الحادث الأهدم للذات، والأقطع للراحات، والأجلب للكريهات.
الموت: إنه أمر يقطع أوصالك، ويفرق أعضاءك، ويهدم أركانك، لكننا نسيناه أو تناسيناه، وكرهنا ذكره ولقياه، مع يقيننا أنه لا محالة واقع وحاصل، ولا مفر منه ولا حائل.
إلى كم ذا التراضي والتمادي وحادي الموت بالأرواح حادي
فلو كنا جماداً لأتعضنا ولكنا أشد من الجماد
تنادينا المنية كل وقت وما نصغي إلى قول المنادي
وأنفاس النفوس إلى انتقاص ولكن الذنوب إلى ازدياد
فالحمد لله الذي قصم بالموت رقاب الجبابرة، والحمد لله الذي كسر به ظهور الأكاسرة، والحمد لله الذي قصّر به آمال القياصرة، والحمد لله الذي نغّص على تلك النفوس الظالمة الفاجرة.
إنه جدير بمن الموت مصرعه، والتراب مضجعه، والدود أنيسه، ومنكر ونكير جليسه، والقبر مقرّه، وبطن الأرض مستقرّه، والقيامة موعده، والجنة أو النار مورده، إنه جدير بمن هذا شأنه، أن لا يكون له فكر إلاّ في الموت، ولا ذكر إلاّ له، ولا استعداد إلاّ لأجله، ولا تدبير إلاّ فيه، ولا تطلّع إلاّ إليه، ولا تأهب إلاّ له، ولا تعريج إلاّ عليه، ولا اهتمام إلاّ به، ولا انتظار ولا تربص إلاّ له.
فسبحان من حكم على خلقه بالفناء، فما لأحد عنه محيص ولا محيد، وسبحانه كم أبكى بالموت خليلاً بفراق خليله، وسبحان كم أيتم طفلاً فشغله ببكائه وعويله.
أوحش المنازل من أقمارها، ونفّر الطيور من أوكارها، فسبحانه من إله أذلّ بالموت كل جبار عنيد، وكسر به من الأكاسرة كل جبار وصنديد، فالملك والملوك، والغني والصعلوك، بقوا تحت الأرض إلى يوم الوعيد.
ماذا تُؤمل والأيام ذاهبةٌ ومن ورائك للأيام قُطّاع
وصيحةٍ لهجوم الموت منكرةٌ صُمّت لوقعتها الشنعاء أسماع
وغُصّةٍ بكؤوسٍ أنت شاربها لها بقلبك آلام وأوجاع
يا غافلاً وهو مطلوبٌ ومُتَّبعٌ أتاك سيلٌ من الفرسان دفَّاع
خذها إليك طِعاناً فيك نافذةً تَعدي الجليس وأمر ليس يُسطاع
إن المنية لو تُلقى على جبلٍ لأصبح الصخر منه وهو ميّاع
أيها المسلمون: الموت لاخلاف فيه ولا ينكره أحد منا، وليست هذه قضيتنا، لكن قضيتنا ما هي مواقف الناس عند الموت، هل يستوون؟.
الجواب: أنهم لا يستوون. إن للناس مواقف شتى:
فمنهم: من يقول: (رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت) فيقال له: كلا.
ومنهم: من يقول: (لولا أخرتني إلى أجل قريب) فيجابُ بـ (ولن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها).
ومنهم: من يُردّ عليه ويُذكّر بالعمر المديد والزمن الطويل الذي عاشه ولكنه لم ينتفع به ولم يزده طول العمر إلاّ بعداً عن الله فيقال له: (أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير).
ومنهم: من يقول: (ياحسرتا على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين، أو تقول لو أن الله هداني لكنتُ من المتقين، أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين) فيجاب على هذه الطلبات المتعددة المتنوعة بقوله تعالى: (بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين، ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة، أليس في جهنم مثوى للمتكبرين، وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم لا يمسّهم السوء ولا هم يحزنون).
نعم تتباين مواقف الناس، وتختلف مواقف الناس عند الموت: (أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لايستوون).
ألا أيها اللاهي وقد شاب رأسه ألماّ يزعك الشيب والشيب وازع
أتصبُ وقد ناهزت خمسين حجة كأنك غر أو كأنك يافع
حذار من الأيام لا تأمننها فتخدعك الأيام وهي خوادع
أتأمن خيلا لا تزال مغيرة لها في كل يوم في أناس وقائع
وتأمل طول العمر عند نفاده وبالرأس وسم للمنية لامع
يرجّي الفتى والموت دون رجائه ويسري له ساري الردى وهو هاجع
ترحل من الدنيا بزاد من التقى فإنك مجزي بما أنت صانع
روى البخاري في صحيحه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: "أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال: كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل، وكان ابن عمر يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك".
اللهم اختم لنا بخاتمة السعادة، واجعلنا ممن كتبت لهم الحسنى وزيادة، واغفر اللهم لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، الأحياء منهم والميتين يا أرحم الراحمين.
استغفر الله العلي العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله ..
أما بعد: أيها المسلمون: اتقوا الله حق التقوى، واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، واعلموا أن أقدامكم على النار لا تقوى، وأن ملك الموت قد تخطاكم إلى غيركم، وسيتخطى غيركم إليكم فخذوا حذركم، الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني.
أيها المسلمون: اعلموا ألهمنا الله وإياكم الرضا بقضائه وقدره، ورزقنا وإياكم وجميع المسلمين الإستعداد للقائه، أنه ما من مخلوق مهما أمتد أجله وطال عمره إلا والموت نازل به، وخاضع لسلطانه، ولو جعل الله الخلود لأحد من الخلق لكان الأولى بذلك الأنبياء والرسل، وكان أولاهم بذلك صفوة أصفيائه، سيد ولد آدم على الإطلاق محمد صلوات الله وسلامه عليه. قال الله تعالى: (وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد، أفإن مت فهم الخالدون) وقال تعالى: (إنك ميت وإنهم ميتون).
أيها المسلمون: إن الدنيا دار بلاء وابتلاء، وامتحان واختبار،لذلك قدّر الله فيها الموت والحياة،وهي مشحونة بالمتاعب،مملوءة بالمصائب،طافحة بالأحزان والأكدار،يزول نعيمها،ويذل عزيزها، ويشقى سعيدها،ويموت صغيرها وكبيرها. هذه الدنيا،قد يُؤذى مؤمنوها،وقد يُسوّد منافقوها،مُزجت أفراحها بآلام،وحلاوتها بالمرارة،وراحتها بالتعب،فلا يدوم لها قرار، ولا يدوم لكل شخص حال،الفقير قد يَغنى، والضعيف قد يقوى،والمطارد قد يَستوطن، والمضيّق عليهقد يأتيه سعة رب العالمين، والمتوسِّعُ في كل شيء،ما هي إلا لحظاتإلا وضمة القبر تحتضنه.
فاتقوا الله عباد الله،واتعظوا بماضيكم وحاضركم. فكم من ملوك وجبابرة،فتحوا البلاد،وسادوا العباد،وأظهروا السطوة والنفوذ،حتى ذُعرت منهم النفوس،ووجلت منهم القلوب،ثم طوتهم الأرض بعد حين،فافترشوا التراب،والتحفوا الثرى،فأصبحوا خبراً بعد عين،وأثراً بعد ذات. وإلاّ فأين عاد وثمود؟وفرعون ذو الأوتاد؟أين الأكاسرة؟وأين القياصرة؟ثم أين الجبابرة؟السعيد من وعظ بغيره،والسعيد من استدرك قبل أن يحل به الأجل.
قال بعضهم: دخلنا على عطاء السلمينعوده في مرضه الذي مات فيه،فقلنا له: كيف حالك؟ فقال: الموت في عنقي،والقبر في يدي،والقيامة موقفي، وجسر جهنم طريقي،ولا أدري ما يفعل بي.
ودخل المزني على الإمام الشافعي رحمه اللهفي مرضه الذي مات فيه،فقال له: كيف أصبحت يا أبا عبد الله؟ فقال: أصبحت عن الدنيا راحلا،وللإخوان مفارقا،ولسوء عملي ملاقيا،ولكأس المنية شاربا،وعلى ربي سبحانه وتعالى واردا،ولا أدري أروحي صائرة إلى الجنة فأهنّيها،أو إلى النار فأعزيها. ثم أنشأ يقول:
ولما قسى قلبي وضاقت مذاهبي جعلت الرجا مني بعفوك سلما
تعاظمني ذنبي فلما قرنته بعفوك ربي كان عفوك أعظما
وما زلتَ ذا عفوٍ عن الذنب لم تزل تجود وتعفو منةً وتكرما
قال بعض الحكماء: مازالت المنون ترمي عن أقواس، حتى طاحت الجسوم والأنفس،وتبدلت النِعَمُ بكثرة الأبؤس، واستوى في القبور الأذناب والأرؤس، وصار الرئيس كأنه قط لم يَرؤُس.
أيها المسلمون: من عامل الدنيا خسر،ومن حَمل في صف طلبها كُسر،وإن خلاص مُحبها منها عَسر،وكل عاشقيها قد قُيّد وأسر. قال الله تعالى: (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلا).
هذا وصلوا وسلموا رحمكم اللهعلى خير البرية وأفضل البشرية،صاحب الحوض والشفاعة، اللهم صلى على محمد ..


lphqvhj hsghldm ( l;j,fm )



 


الرد باقتباس
قديم 05-21-2016, 10:27 PM   #2


الصورة الشخصية لـ أبو سامي
أبو سامي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2140
 تاريخ التسجيل :  Aug 2013
 أخر زيارة : 03-09-2024 (11:53 PM)
 المشاركات : 5,725 [ + ]
 تقييم العضوية :  5380
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 119
تم شكره 366 مرة في 243 مشاركة
الإفتراضي رد : محاضرات اسلامية ( مكتوبة )



اسم المادة : فتيات الفردوس
للشيخ / مشعل العتيبي


الحمد لله على احسانه .. والشكر له على توفيقه وامتنانه .. ونصلي ونسلم على أشرف خلقه محمد وعلى آله وصحبه واخوانه


معاشر الأخوات

.. السلام عليكن ورحمة الله وبركاته , السلام على كل مؤمنة بالله , السلام على كل منيبة إلى الله .

السلام على كل مهتدية بشرع الله , السلام على تلك المرأة المؤمنة التي آمنت بربها .. والتزمت بدينها .. وسارت على نهج خالقها ..

سلام على تلك المؤمنة .. سلام عليكِ أيتها المؤمنة التي أقبلت إذ أدبر الناس , وآمنت إذ كذب الناس , وجَدّت في طاعة الله إذ استهزء الناس ..

السلام على ذلك القلب الذي وعى , والسلام على ذلك الفؤاد الذي رضي وبهدي الله اهتدى , السلام عليكنّ إذ جلستنّ في طاعة الله , ومرضات الله ,

جلستنّ لوجه الله , جلستنّ تبتغين ماعند الله , يامن عوّدت نفسها لمثل هذه المجالس يامن جاهدت نفسها لمثل هذه المواطن

عوّدت نفسها على ذكر الله وطاعة الله في بيتها ذاكره , بين زميلاتها ذاكره , بين جاراتها وقريباتها لسانها رطب بذكر ربها

فهنيئاً لكنّ يامن يخرج النساء إلى الأسواق وتخرجنّ أنتن إلى سوق الجنة ,

يخرج النساء إلى الحدائق والرياض وتخرجنّ أنتنّ إلى روضة من رياض الجنة ,

هنيئاً لكنّ معشر الأخوات المؤمنات , هنيئا لكنّ معشر المقبلات , هنيئا لكنّ على الإيمان والثبات ,

هنيئا لكنّ على الجدِّ في الحسنات والمرضاة , يامن وقفتْ في هذه اللحظات , وقفتِ وأنت تسمعين النداء يناديكِ
,
يناديكِ هيّا إلى روضة من رياض الجنة .


هيّا إلى مجلس خير يذكر فيه الله جئتِ أخيتي جئتِ لتعيشي مع الله , مع أوامره لتلتزمين بها , ومع نواهيه لتجتنبيها ,

فهنيئا والله لمن وقفت

وأقبلت ولم تلهها الصوارخ والملهيات هنيئا لكِ وأنتِ تقبلين مخلصة إلى الله , منيبة إلى الله لتسمعين كلام الله



(( وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا )) [ الأحزاب 31 ]

تسمعين قول الله
(( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا )) [الأحزاب: 35].

انطرحتِ بين يديَّ الله تلّحين وتناجين اللهم لاتحرمني أن أكون منهنّ , يامن وقفت , وقفت أما هذه الفتن والمحن ,

فثبتت بتثبيت الله واعتصمت بحبل الله , فطوبى لذلك الإيمان , طوبى لذلك الإيمان الذي سيقودكِ للفردوس والجِنان طوبى

لتلك الخطوات التي أتيتِ بها محتسبة ترجين رحمة الله وأنتِ

تعلمين أنَّ الله يراكِ , وأنتِ تعلمين أن الله معكِ في كل خطواتكِ معكِ في سمتكِ و سكناتكِ معكِ في كلماتكِ وحركاتكِ,

قدمتِ أخيتي قدمتِ أخيتي ساعية بذلك إلى رياض الجنّة فطوبى والله.

طوبى لتلك الخطوات التي اشتريتِ بها رحمة الله طوبى لتلك المجالس التي تعطرّت بكلام الله نوّر الله قلوبكنّ وبيّض الله وجوهكنّ ,

يامن اجتمعتن على ذكر الله في هذا المَجْمع المبارك احتسبي هذا الاجتماع واعلمي أن الله يراك يراكِ وأنتِ جالسة مطمئنة بذكره جالسة وأنتِ على

يقين أن الله راضٍ عنك كل الرضا , جالسة وأنتِ تعلمين أن النفحات تتنزل عليكِ نفحات الرحمة والإحسان , نفحات الرضا من الكريم المنان ,

فهنيئا لكِ أخيتي هنيئا لك يامن احتسبتي وعلمتِ أن الدنيا ليست دار قرار , بل عمل واحتساب ليوم الحساب .

أخياتي الكريمات ..

كم هو من فضل عظيم يمتنّه الله على عباده على تلك التي تبتغي مرضاة الله تخرج إن خرجت من بيتها إلى بيتٍ من بيوت الله أو الى دارِ نسائية

يذكر فيها الله وهمّها وهمومها كيف ارضي الله , تخرج وهي مقبلة على ربها .. طائعة لربها ..

منيبة إلى الله فهنيئا لها هنيئا لها تلك الخطوات

وهنيئا لها ذلك الإقبال ..

هذا الذي يشغلها , هذه هي غايتها ..

فثبتت بتثبيت الله ثبتت على هداية الله فثبّت الله قلوبكنّ على طاعته وإلى الأمام في طاعة الله إلى الأمام إلى جنان الخلد ورحمة الله ..

أخيتي ..

يامن رحمها الله وتفضل عليها بهذه الهداية التي حُرمها كثيرا من النساء رحمك والله بهذه الهداية التي عاش قلبكِ أحاسيسها وارتاح

فؤادك لمعانيها فسِرت بتلك الخُطى راضية أيّ الرضا سرتِ على طاعة الله ومرضاة الله ومحبة الله امتلأت القلوب حبّاً للدنيا وملهياتها

وامتلأ قلبك حبّا للجنة وسعيا لها امتلأت قلوب النساء حبّا للماجنات الداعرات وامتلأ قلبكِ حبّاً للعابدات الداعيات .


امتلأت قلوب النساء محبةً لهذه الدنيا وفتنتها وامتلأ قلبك حبّا للآخرة وسعيا لتحصيلها اكتحلت عيون النساء بمكاحيل الزينة

وتزينت عينك بالعبرة والدموع من خشية الله ,طاب للنساء أن يتجملنّ بالمظاهر وطاب لكِ أخيتي أن تتجملي بجواهر الذكر والقرآن ,,

فهنيئا لكِ والله على الإيمان هنيئا لمن سلكت سبيل الرحمن ..

أخواتي المسلمات ..

إن المسلمة تحتاج في كل زمان ومكان إلى قدوة حسنة صالحة إلى قدوة تسير على نهجها وتسلك سبيلها تحتاج إلى تلك النماذج الطيبة الطاهرة ,

تلك القلوب التي تعينها على طاعة الله إلى قلوب تخشى الله , وتعظّم الله , وتنتظر لقاء الله ,

تحتاج إلى قلوب تبتغي فردوس الجنان عند الملك المنّان , تحتاج إليها تلك الأنفس الزكية وتلك القلوب المقبلة لكي تسير على نهجها ,

وتتخلق بأخلاقها وتتأدب بآدابها وأول وقفة مع الإيمان والثبات على الإيمان
..



أول وقفة مع الايمان والثبات على الإيمان مع امرأة آمنت بربها امرأة لا كالنساء كاملة مطهرة مختارة من الله لنبيه امرأة أحبها الله وأحبت الله

ورضيت عن الله ورضي الله عنها , أحببناها ولم نراها أحببناها وأحببنا ذكراها إنها خديجة ..

إنها خديجة بنت خويلد التي أحبها الله عز وجل وأحبها نبيه صلى الله عليه وسلم أحبها الله حتى نزل جبريل الأمين يحمل سلام الله عليها ..

ففي صحيح البخاري -
عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه أن جبريل قال يارسول الله هذه خديجة قد جاءتك بإناء فيه إدامٍ أو شراب أوطعام

فأقرِئها من الله السلام ومنّي وبشرّها ببيتٍ في الجنة من قصبٍ لا صخب فيه ولا نصب )

إنها خديجة مثال الإيمان إنها خديجة مثال اليقين بالرحمن إنها خديجة
مثال السكينة والاطمئنان إنها خديجة التي ثبّت الله عز وجل بها أحبّ القلوب إليه .

خديجة ..
التي واست رسول الله صلى الله عليه وسلم بمالها , و واسته بفؤادها إذ شاركته أحزانه وشاطرته آماله وآلامه ما جاءها خائفا إلا أمّنته

بعد الله ولا جاءها مهموما محزونا إلا بددت همومه وأحزانه بإذن الله زوجة ونعم الزوجة مؤمنة بالله عز وجل حقيقة الإيمان

ما إن جاءها رسول الله صلى الله عليه وسلم والخوف قد استولى عليه

حتى قالت له : كلا والله لا يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتُقرِي الضيف

وتُكسب المعدوم وتُعين على نوائب الحق فيالـ الله من إمرأة أتعجبين من إيمانها وثباتها !


أتعجبين من إيمانها وثباتها !

إذ هي تعاني وتقاسي عذابها في الله أم تعجبين من حكمتها وبيانها إذ ثبّتت قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحبّها عليه الصلاة والسلام ,,

أحبّها حبّا وأيّ حب , حبا عجيبا حتى بعد موتها , فبعد موتها بسنة تأتي امرأة من الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم

وتقول له يارسول الله ألا تتزوج ؟

لديك سبع عيال ودعوة هائلة تقوم بها فلا بد من الزواج , فيبكي عليه الصلاة والسلام وهو يردد وهل بعد خديجة أحد ,

وهل بعد خديجة أحد ولولا أمر الله لمحمد صلى الله عليه وسلم كالـزيجات التي جاءت بعد ذلك لما تزوج أبدا فلم يتزوج كرجلٍ إلا خديجة ,

وبعد ذلك كانت زيجاته لمتطلبات رسالته صلى الله عليه وسلم ولم ينسى زوجته أبدا ..

ولم ينسى زوجته أبدا حتى بعد وفاتها لم ينسى صاحبة الفضل لم ينسى حبيبته حتى بعد وفاتها بأربعة عشر عاما في يوم فتح مكة والناس ملتفون

حول الرسول وقريش كلها تأتي إليه تأتي إليه ليسامحها ويعفو عنها فإذا بهِ يرى سيدة عجوز قادمة من بعيد فيترك الجميع ويقف معها

يكلمها ثم يخلع عباءته ويضعها على الأرض ويجلس مع العجوز عليها

وعائشة تسأل من هذه التي أعطاها النبي صلى الله عليه وسلم وقته وحديثه واهتمامه فيقولون هذه صاحبة خديجة

فسألته وفيما كنتم تتحدثون يارسول الله فقال كنا نتحدث عن أيام خديجة كنا نتحدث عن ذكرى خديجة فغارت أمّنا عائشة

وهي تقول مازلت تذكرها وقد وآراها التراب

وأبدلك الله خيرا منها فقال عليه الصلاة والسلام والله ما أبدلني من هي خير منها ..

فقد واستني حين طردني الناس وصدّقتني حين كذّبني الناس فوالله ما أبدلني من هي خير منها فشعرت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم

قد غضب عليها فقالت له استغفر لي يا رسول الله فقال استغفري لخديجة حتى استغفر لكِ ..

فيقف ذلك المحب يقف عليه الصلاة والسلام وحيدا يتحسس ألم الفراق , لم تعطيه قريش الفرصة حتى ليجول بخاطره في ذكرياته مع رفيقته

وأنيسته ليتذكر كل ابتسامة أو لحظة حب عاشها معها فزادت قريش من إيذائها له حتى ذهب إلى الطائف لعلّ صوتا يسمعه أو أذنا تسمع همساته

ذهب إلى الطائف وحيدا لكن خديجه بذكراها العطره معه وفي قلبه رفيقة دربه فالدرب طويل ورفيقته قد فارقت الدنيا إلى الرفيق الأعلى.

يأتي الطائف وكله أمل بكلمة طيبه تجبر الخاطر أو بمسحة رحمة تتحسس الألم لكنه يرى غير هذا يرى أُناسا ماعرفوا للحب مكانا وهو ينزف من

ألمه ينتظر مسحة حبٍ وحنان فيجد نفسه بين صفّين كلٌ يرميه بالحجارة وأنواع من التُهم والشتائم إلى أين يامحمد؟ أين تذهب؟

إلى شجرة وحيده يستظل بها ويداوي جراحه , شجرة وحيده ورجل وحيد لعلها تؤنس الوحده لعلها تشارك مرارة تلكم اللحظات فخديجة التي أحبها

ماتت .. رحلت وتركته يصارع الحياة وحيدا رحلت تلك التي تقف عند رأسه تضّمه وتواسيه

وتقول له كلا والله لايخزيك الله وقريش أرضه رفضته والطائف بلد الغربة تُغلق أبوابها في وجهه .. إلى من يلجأ؟ إلى أين يذهب؟

تغلق الأبواب في وجهه وتتثاقل الهموم
فتجيش مشاعره للذي عنده مفاتيح الكرب فيرفع بصره إلى السماء بدموعه يناجي ربه ,

اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس أنت ربّ المستضعفين وأنت ربي لا إله إلا أنت إلى من تكلني إلى عدوٍ يتجهمني

أم إلى عدو ملّكته أمري إن لم يكن بك سخط علي فلا أبالي غير أنّ عافيتك هي أوسع لي ,

أعوذ بنور وجهك الكريم الذي أضاءت له السموات والأرض وأشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن يحل عليّ غضبك

أو ينزل عليّ سخطك لك العُتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة لنا إلا بك .

فاللهم صلِّ على الحبيب وارضِ اللهم على حبيبته التي رحلت ولا تزال ذكراها في قلبه وفؤاده مضت هذه الطيبة الطاهرة إلى رحمة الله مضت

هذه الطيبة إلى عفوه وغفرانه لكنها سطّرت لأجيال المؤمنات ديوانا من المجد ائتست به صالحات وأي صالحات مشى على دربها الفاضل

نساء مؤمنات قد بِعْنَ الدنيا واشترينَ الآخرة

إن مضت خديجة الأمس ياأخيتي إن رحلت خديجة وماتت وانتقلت إلى جنات ربها فإن خديجة اليوم باقية, خديجة اليوم والله لازالت بينكنّ

كم من نساء صالحات طاهرات نسمع عنهن في هذا الزمان قصصاً تعيد لنا ذكرى خديجة كم من زوجةٍ صالحة اهتدى زوجها على يدها

عرّفته سبيل المساجد وأقامته مع كل راكع وساجد وحبّبته أن يكون مع الخيّر العابد إن ذهبت خديجة

فقد أبقت لنا أمثالها وإن ذهبت خديجة فقد أبقت لنا أشباهها

وإن واست خديجة الأمس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدين والمال والنفس فخديجة اليوم تواسي زوجها وهو داعية إلى الله

فتُضحّي بمالها في سبيل الدعوة إلى الله وتضحّي بأوقاتها كي تعينه على مرضاة الله

كم في زماننا من أشباهٍ لتلك المرأة المؤمنة كم في هذا الزمان من أمثال ونموذج لخديجة الأمس بل لازلنا والله لا زلنا نسمع والله حتى في هذه الكلّية

من أمثال لخديجة من هي صابرة محتسبه على زوجها إن أهانها وشتمها وعيّرها صابرة على زوجها إن أغلظ عليها وسبّها صابرة على زوجها

إن رأت منه إعراضا عن ربها دعته بأخلاقها دعته بسلوكها وصبرها وأفعالها تعاني منه ماتعاني لكنها لم تشتكي ولم تتضجر

ولم تعبس في وجهه وتزمجر فعجبا لها يدخل عليها إن دخل

فإذا هي على سجادتها معه بقلبها ودعائها فعجبا لها أيّ قلب تحمله بين أضلعها.

فلازلنا نقولها لازلنا نقولها إن ذهبت خديجة, فخديجة اليوم لازالت باقية كم نسمع عن أمثالها

رجل قال لابنته يوما من الأيام يابنيتي إن ابن عمك يريد الزواج منكِ

قالت له: يا أبتاه أتأمرني بذلك؟

قال: نعم, قالت: سمعا وطاعة, وتمّ ذلك الزواج , شاء الله ذلك الزواج وما إن مضت أيام يسيره حتى بانت حقيقة ذلك الزوج

فإذا به شيطان مريد من رحمة ربه شقي طريد فما إن بلغ الخبر بذلك القلب الذي يعامل الله وذلك الفؤاد الذي يرجو رحمة الله حتى احتسبت المعونة

من الله وهي تردد لقد بررت أبي بزواجي منه , والله اسأل أن يعينني على هدايته .
.
فيالـ الله من امرأة صالحة تفجرت ينابيع الحكمة على لسانها فأخذت بمجامع ذلك الزوج إلى طاعة الله

وأخذت بمجامعه إلى محبة الله وهدته إلى رضوان الله وطاعة الله اهتدى على يدها فما ذكر فضلها يوما من الأيام , إلا بكى اعترافا بجميلها ,

وإقرارا بفضلها , هذه خديجة اليوم التي تحتسب عند الله عز وجل في التأسي بتلك الطيبة الطاهرة ,

هذه خديجة اليوم مهما رأت من زوجها إعراضا عن الله كان قلبها أكمل مايكون يقينا بالله وكان جَنانها أقوى مايكون ثباتا على طاعة .

أين خديجة اليوم .. أين التي تذكّرنا بمنهج خديجة وسيرتها امرأة كانت صابرة على زوجها , كان يقسو عليها أشد القسوة,

لكنها لم تخرج عن طاعته كان يقسو عليها أشد القسوة لم تخرج يوما عن طاعته , ما تبرمت على قضاء ربها صبرت واحتسبت وكانت تنظر

لأولادها تنظر لهم وكأن في نظراتها احتسابهم على الله جل في علاه ,

وفوق ذلك وعلى رغم ذلك ابتلاها الله بمرض خبيث في بطنها تتألم من شدة الألم تارة

وتتألم من شدة ظلم زوجها لها تارات حتى حان موعدها , واقترب أجلها أتتها سكرات الموت , فعندما أتتها السكرات ,

عندما جاءتها لحظات الرحيم ..


والله يا أخواتي يقولون لنا في تلك اللحظات ,, لحظات الفراق وبناتها ملتفين حولها , تلك التي جلست تبكي ولم ينقطع أنينها

والأخرى قد وقفت بعيداً عند الباب , فلم تتحمل ذلك الموقف ,,

وثالثة قد أمسكت برجليها تقبلها وهي تردد لاتذهبين ياأماه فلتبقي معنا وابنتها الكبيره كانت جالسة تقرأ عليها آيات من كتاب الله فإذا بها تلتفت

إليهنّ وهي تقول لهنّ , تقول لهنّ أوصيكنّ يابنياتي أوصيكنّ بنياتي .. توصيهنّ ودموعها تسبق كلمتها توصيهن بمن؟

والله إنها كانت توصيهنّ بأبيهنّ .. يا الله , أساء لها فأحسنت إليه , ظلمها فصبرت عليه , بل لم ينقطع دعائها له .. لا إله إلا الله ,,

هذه هي خديجة اليوم توصي بنياتها بزوجها مهما عانت منه , توصيهنّ به لأنها تعلم حديث نبيها صلى الله عليه وسلم أيما امرأة ماتت وزوجها

عنها راضٍ دخلت الجنة ,, هي تريد الرضا من الله , هي تريد الفردوس , وهي في سكرات الموت توصي الأولاد بأبيهم خيرا

ثم بعد ذلك تنظر إليهنّ وتأمرهنّ بأن يخرجنّ من عندها والبكاء قد ملأ أرجاء الغرفة ثم وجهت بصرها إلى السماء وهي على فراشها ثم رفعت

سبابتها توحيداً لربها وماهي إلا لحظات و إذا بالعرَق البارد يتصبب على جبينها فأسلمت روحها لبارئها رحمها الله .

ماتت وهي توصي بالذي أساء لها .. ماتت وهي تردد ربي إني راضية عليه حتى هداه الله , هداه الله بعد موتها ومازال يذكرها ويدعو لها ماتت

والعرَق ينحدر على جبينها فظفرت دعوة نبيها صلى الله عليه وسلم ماتت بداء بطنها لينطبق عليها حديث رسولها صلى الله عليه وسلم :

(من مات بالبطن فهو شهيد ومن يقتله بطنه فلم يعذب في قبره ).. رواه الترمذي .


هنيئا لها بخاتمتها هنيئا لها بصبرها واحتسابها هنيئا لها بعفوها الذي أوصلها إلى ذلك بإذن الله جل وعلا

.. أين النساء؟

أين نساء الدنيا؟

أين خديجة اليوم عند بعض النساء , التي سهرت على بعض القنوات ونامت عن الصلوات؟

أين خديجة اليوم عند بعض النساء التي أصبح وقتها بين الأسواق والمجمعات؟

أين من تعيد لنا ذكرى خديجة من هي خديجة بينكن؟,

إني أسألكنّ بالله من هي خديجة بينكنّ؟

.. فعذرا ياخديجة , عذرا من نساء لم يعرفنّ ماكنتِ عليه , عذرا ياخديجة من تلك التي ضيّعت وقتها , وهجرت قرآنها

, عذرا ياخديجة ممن لازالت تصرّ على المنكرات , تصرّ على المنكرات والقنوات , والأغاني والمسلسلات ,

عذرا من نساء أصبحنّ لا يبالينَ بغضب الله

فليت شعري من يعيد لنا ذكرى خديجة أين هي ,

أين خديجة اليوم التي نطمع أن نرى أمثالها وأن نسمع ذكراها فنظّر الله وجهها وكثّر في المسلمين سوادها ومن خديجة ..


من خديجة إلى مقام الإيمان إلى التوحيد والصبر على الإيمان إلى فاضلة أخرى وأيّ فاضلة إلى سمية أم عمار ,إلى سمية أم عمار

وهي تُكادّ على الإيمان بالله وتُهان من أجل لا اله إلا الله , إلى تلك المرأة التي آمنت بربها وصدَّقت بوحدانية خالقها ,

فقِيدت إلى العذاب الذي يُفضي بها إلى رحمة ربها رب الأرباب أُخذت إلى العذاب الذي فيه مهانة الدنيا ولكن مآله كرامة الآخرة.

إنها سمية أول شهيدة في الإسلام سمية التي رضيت أن تنال العذاب وأن ترى ماترى من صنوف البلاء والمهانة في الله ولله

وكل ذلك من أجل أن يرضى عنها الله فما وهنت في طاعته وما ضعفت في سبيله فياله من قلب موحّد لله قلب سكن التوحيد بشعابه

ونزل إلى أعماق جذوره فاهتدت بهدي ربها فلم تبتغ عن سبيل ربه تحويلا ولا عن رضاه بديلا إنها سمية الأمس التي صبرت على طاعة الله

ومحبة الله أُوذيت في الله وعايشت ماعايشت من البلاءِ والضنك في سبيل طاعة الله ومرضاته عذبها المشركون هي وزوجها ياسر وابنها عمار

وهم يرددون وهي تردد أحد أحد ونبينا عليه الصلاة والسلام يمر عليهم يذكرهم بالله

وهو يردد صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة فتتنزل عليهم نسمات الجنة وريحها صبرت على طاعة الله صبرت يقيناً بلقاء الله .

فإن مضت سمية, إن مضت سمية يانساء ورحلت فـوالله إن أشباه سمية في عصرنا الحاضر كثير فما زالت سميه في الأمة باقيه إن مضت سمية

ورحلت فأشباه سمية لازلن يضربنَّ لنا أروع المواقف في طاعة الله ومرضات الله , إنها سمية ..

إنها سمية التي تعيش بهدايتها , وحيدة بين أسرة كامله ..

سمية اليوم التي تبتلى في بيت مليء بالقنوات وترك للصلوات من أخوة وأخوات فتعاني منهم ماتعاني فتتنقل بينهن ..

تتنقل بينهن بدعووتها ومحبتها فتدعوا هذا وتنصح ذاك وتبكي بين يدي الآخر فتصبر وتتصبر وهي تردد لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا تستعين بقوة

ربها تتزود بدعائها فهو سلاحها وتتقرب كل ليل من ربها في قيامها فهو أنيسها إنها سمية اليوم التي تعيش بإيمانها وطاعتها لربها وعفافها بين

أخوات وزميلات بعيدات عن الله , وهي في مدرستها بين زميلات مسرفات في طاعة الله تنظر إليهنّ والشيطان يلازمها فهي بمفردها لكنها تتذكر

قول نبيها لاتحزن إن الله معنا تتذكر كيف كان عليه الصلاة والسلام وهو يدعو المشركين حتى أنقذهم من الظلمات إلى النور فكيف بها هي وهي بين

أخوات مسلمات فطرتهنّ طيّبه وإن أسرفنَّ على أنفسهنَّ فطرتهنَّ حسنة وإن تساهلنَّ وأعرضنَّ, فتتقرب منهنَّ مستعينة بربها مذكّرة وناصحة.

وهي تردد لهنَّ قول الله وهي تقرأ علهينّ قول الله:

(( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )) [ الزمر: 53]

هذه سمية اليوم فأين سمية بينكنّ؟ .. أين سمية بينكنّ؟
أين التي هذا هو همّها أين سمية التي تؤذى في لباسها فتصبر وتحتسب وتؤذى في حيائها فتصبر وتحتسب و تُؤذى في شيمتها وعفّتها فتصبر لوجه

الله وتحتسب , إنها سمية اليوم الصادقه مع ربها

الموقنة بلقاء خالقها إنها سمية اليوم التي لم تلتفت إلى مفاتن الأزياء ولم يغرّها ماغرّ غيرها من النساء إنها سمية التي أُوذيت باللسان

فسمعت من الكلام ماكرهت ولكن رضيت بالله ورضيت البقاء على طاعة الله ومحبة الله فطوبى لها طوبى لها وحسن مآب .

فلآ إله إلا الله كم من نساء وفتيات .. لآ إله إلا الله .. كم من نساءنا وفتياتنا من سارت على ماكانت عليه سمية ..

حدّثتني إحدى الأخوات بصوت متهدجٍ باكٍ وهي تردد وتقول .. لقد رأيت والله ,, تقول لقد رأيت في تلك المرأة سمية العصر وجدتها ,,

وجدت من فيها سمية هذا الزمان , فتقول والله " وقد كان بكاؤها ونشيجها يسبق كلمتها " ..

تقول و الله لا أخفيك لقد سكن حب هذه المرأة في قلبي منذ أن رأيتها صفاؤها , نقاؤها , ابتسامتها , كلماتها , نور الإيمان الذي يشعّ من وجهها ,,

كل شي فيها جعلني اتخذها صديقة وحبيبة كنت إليها أبثّ أحزاني فتعزيني كنت لها أشكو ضعف أيماني فتعظني وتذكرني أتأملها تردد آيات القرآن

الذي تحفظه فأشعر بنقصي وضعفي , الكل يستمع إليها والكل يحبها , لقد كانت تشتعل همة ونشاطاً ودعوة , أعرضت عن الدنيا , لم تشغلها فتن

هذا الزمان لم أسمعها تتحدث عن الموضات والموديلات بسيطة في ملبسها في مأكلها حديثها ذكر وقراءة قرآن كم تأنس بحديثها النفوس

كم تهفوا إليها القلوب ,,

تقول والله هي هكذا ولم أبالغ حتى ازداد بكاؤها وهي تردد لقد كانت تملأ جنبات المدرسة بدعوتها وطيبتها تقول أتذكرها في ساحة المدرسة


والبنات يأكلنّ إفطارهنّ وهي تتنقل بينهنّ فتقترب من تلك التي تأكل بيسارها وهي تقول كلي بيمينك

لا نريد الشيطان يدخل مدرستنا بل كثيراً ماكانت ,,

كثيرا ماكانت تشتري بمصروفها لغيرها ,,

لغيرها من المحتاجات وإن لم تأكل هي , تقول لن أنسى ذلك اليوم وهي تتسلل من بين الأخوات ونحن جلوس في المصلى لبعض الأعمال

في غير وقت صلاة فقد كانت تنسحب من بيننا ,,

تنسحب دائما ولم نكن نشعر بها وكأنها لا تريد أحدا أن يراها تقول حتى تعجبت والله وقلت في نفسي مالذي جعلها تنسحب من بيننا في هذا الوقت

في هذا الوقت بالذات وقت الضحى تتبعتها في أحد الأيام فإذا بي أجدها في غرفة إحدى العاملات تصلي مايتيسر لها من سنة الضحى

حتى علمت أن لها سنة على هذا الحال دون أن يعلم بها أحد فقلت في نفسي ياحسرتاه ياحسرتاه على أحوالنا هذه سمية اليوم يانساء ..

هذه سمية اليوم بيننا فأخذت تبكي ,,

أخذت تبكي فقلت لها أخيتي ..

ثم ماذا أين هي مالذي يبكيك الآن ؟

قالت لقد هجم المرض عليها لقد تمكن من جسدها انتشر في خلاياها صارحها الجميع إنه السرطان ..

لكن والله والله لم يصل إلى قلبها والله لم يحطمه ,, ظل قويا بالإيمان ظل صابرا محتسبا راضيا بقضاء الله وقدره لم يتوقف لسانها بترديد آيات

القرآن فتجد سلواها وعزائها مؤمنة بربها راضية بقضاءه وقدره مكثت في المستشفى أيام حتى حانت اللحظة الحاسمه حانت ساعتها

فقد آن أوانها ((وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ )) [ ق: 19]

غصصه وآلامه صارت تردد صارت تردد فجأة تقول والله والله صارت هكذا تردد وتقول لا أريد درجة أعلى أريد درجة أعلى ..

تعجّب أهلها تعجّب الأطباء و أهلها وقال أهلها إنها الحمى فهي تهذي وهي تردد لا أريد درجة أعلى ظلّت تردد حتى ابتسمت ابتسامة عريضة بعدها

سكن كل شي في جسدها فقد صعدت روحها إلى خالقها لقد ماتت بعد أن اختارت درجتها في الجنة لقد ماتت بعد أن اختارت درجتها في الجنة هكذا

قال من سُأل عن موتتها لقد ماتت وهي تردد درجة أعلى درجة أعلى حتى انتقلت إلى بارئها أسأل الله أن يجعلها من أصحاب الفردوس الأعلى ,,

ماتت حافظة للقرآن داعية إلى الإيمان حريصة على الصلاة , مواظبة على الطاعات لم تغرها الدنيا بشهواتها وملذاتها حفظها الله بحفظها لآياته

كيف لا وهمها ,, همها أن تكون فتاة من فتيات الفردوس كيف لا وهي ترسم منهج سمية وسيرتها ماتت وقد ضربت لنا أروع الأمثال ماتت

وقد ذكّرتنا بسير الصالحات سمية وخديجة ’ ماتت وهمها الفردوس والجنان فهنيئا لمن يعمل لذلك المقام

تزوّد قريبا من فِعالك إنما
قرين الفتى في القبر ماكان يفعل

وإن كنت مشغولا بشيئٍ فلا تكن
بغير الذي يرضى به الله تُشغل

فلن يصحب الإنسان من بعد موته
إلى قبره إلا الذي كان يعملُ

ألا إنما الإنسان ضيفٌ لأهله
يقيم قليلا عندهم ثم يرحلُ


ومن سمية ننتقل إلى المبرّأة من فوق سبع سماوات إلى امرأة سكن الإيمان قلبها ونزل الإيمان واليقين بفؤادها إلى فاضلة أخرى

وأي فاضله عائشه حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم صدّيقة بنت صدّيق ,

لست أدري مالذي أختاره لكِ من طهارتها وعفتها؟ أأختار لكِ إيماناً لا شك معه ولا مرية؟

أأختار لكِ جَنَاناً مليئاً بمحبة الله؟

أأختار لكِ علماً وفضلاً وأدباً وخلقاً؟

إنها النجم الزاهر, والروض الناظر الذي يستهوي من رآه ويستهوي من سمع أخباره إنها عائشة التي تربّت في بيت الصدّيق وفي بيت النبوّة

مع خاتم الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه وبركاته عليهم أجمعين مع عائشة التي رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا

وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا وزوجا محبوبا أكرمته وأحبته فلما خُيّرت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزلت آية التخيير لنساءه

فجاءها جاء إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءها فنظر إليها وكأنه سيودعها وسيفارقها جاءها ليضع القرار بين يديها

لتحديد مصيرها وطريقها

فقال لها ياعائشة ,, ياعائشة إني مخيرك في أمر فلا تعجلي فيه حتى تراجعين فيه أباكِ وأمك إني مخيرك في أمر يختص بحياتك فلا تترددي .

ولا تستحي ولا تخجلي بل قوليها فقد قال الله لي
(( يَا أَيّهَا النَّبِيّ قُلْ لِأَزْوَاجِك إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعكُنَّ وَأُسَرِّحكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا * وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً )) [الأحزاب: 28-29].

فالتفت إليها وهو يقول لها مارأيكِ نظر إليها وهو يخيرها بين الدار الآخرة وبين أن يمتعها وأن يسرحها سراحا جميلا نظرت إليه

ولسان حالها بأبي أنت وأمي يارسول الله نظرت إليه وهي تبكي بين يديه إلا أنت يارسول الله إلا أنت يارسول الله

فأبت وأصرّت إلا البقاء معه صلى الله عليه وسلم فهو الأمر الذي لايحتاج إلى خيار غير خيار الواحد وهوالذي أحبته وارتضته

وهواختيار رحمة الله ومحبة الله عاشت هذه الطيبة الطاهرة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عاشت مثالا لكل زوجة وفيه بزوجها

أحبها عليه الصلاة والسلام وفضلها على النساء أحبها لديانتها وطهارتها ولصلاحها وعفتها رضي الله عنها وأرضاها

فعاشت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عيشة الفقر فقر الظاهر وغنى الجواهر عاشت فقيرة في الظاهر لكنها غنية بالله عز وجل ثلاثة أشهر

مايوقد في بيتها نار

.. فلا إله الا الله ..ثلاثة أشهر ولا يوقد في بيتها نار ..


أين النساء , أين بعض الزوجات أين التي يقدّم لها زوجها اليسير وتكفر بالعشير أين نساؤنا اليوم عن عائشة التي رضيت بهذه العيشة

لعلمها بأن فيها رضوان الله عز وجل إنها عائشة ..

إنها عائشة يانساء فماذا أختار لك من سيرتها وطيبتها هذه الطيبة الطاهرة المباركة الصديقة بنت الصديق التي عاشرت رسول الله

صلى الله عليه وسلم بعين تُراقب حركاته وسكناته وسمع يُصغي لكل لفظ من حديثه فكانت وعاءاً من أوعية السّنة وحافظةً من حفّاظ الصحابة

وعت أكثر من ألف حديث حفظت أكثر من ألف حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ,

فنظّر الله ذلك الوجه ونظّر الله عز وجل تلك الصورة التي حفظت للأمة دينها ومااختلف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيئ من هديه

داخل بيته إلا ورجعوا للصدّيقة يختارونها حَكَما بينهم قال أبو موسى رضي الله عنه وأرضاه ما اختلف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

في أمر ورجعوا إلى عائشة إلا وجدوا عندها خبرا وأثرا إنها عائشة علما وأدبا وفضلا ونبلا .

رسمت منهجا للصالحات في المثابرة على محبة رب البريات بطلب العلم فهي مثال لكل زوجة عالم ومثال لكل زوجة داعية أن تتقي الله عز وجل

في زوجها رسمت المنهج الصالح بمعاشرة النبي الكريم ولخلفاء الأنبياء من العلماء العاملين والدعاة المخلصين بصبرها على العيشة اليسيرة

وعفتها عن الغنى الذي يرديها ويهلكها رضيت فأرضاها الله عز وجل برضاها ونحن اليوم نعيش مع عائشة اليوم إن رحلت عائشة

فلا زالت عائشة والله بيننا نعيش مع تلك النماذج الحيّة من نساء مؤمنات صالحات طاهرات ذكرنَ عائشة في علمها وأدبها
فجعلنها قدوة بها يهتدى وأمَةً بها يقتدى .

نعيش اليوم مع تلك النماذج الطيبة الطاهرة مع النساء الحافظات لكتاب الله اللاتي خرجنّ إلى بيوت الله لحفظ آيات الله امرأة نسمع عنها

في السابعة والخمسين من عمرها بدأت بحفظ القرآن وعمرها خمسون سنة وقد كانت بدايتها أن ذهبت لتسجيل بناتها في دار التحفيظ

فلفت نظرها نساء كبيرات في السن يدرسن في هذه الدار

فقررت الإلتحاق بهذه الدار ومن ثم بدأت بالحفظ والعجيب أيتها الاخوات ان عندها في البيت ثمانية عشر فردا

هي تقوم على خدمتهم ولا خادمة لديها وكانت كما تقول تستغل وقت الراحه لحفظ كتاب الله وكان مما ساعدها على ذلك وصية معلمتها

فكانت توصيها بقول الله (واتقوا الله ويعلمكم الله ) ثم تذكر أنّ القرآن كما تقول أعطاني قوة في البدن وبركة في الوقت

وأعجب من تلك المرأة تلك التي حفظت كتاب الله وعمرها أربعة وستون عاما ,,

نعم أربعة وستون عاما فأين النساء؟! أين النساء ؟!

هذه هي التي رسمت لنا منهج عائشه وذكرُ عائشة وسيرة عائشة نعيش مع عائشة اليوم تلك الداعية المخلصة التي نظرت نفسها للدعوة إلى الله

مع عائشة اليوم التي جرَت محبة الدعوة في عروقها إنها عائشة الصالحة عائشة الفاضلة عائشة التي صبرت على البلاء

فأُوذيت في أقدس الأشياء أوذيت في أقدس شيء بعد الإيمان أُوذيت في عرضها وشرفها فلا إله الا الله مُسّت كرامتها وكلٌّ هجرها وابتعد عنها

وقفت رضي الله عنها أيام محنة الإفك .

ذلك الموقف العصيب الرهيب لكنها كانت أكبر من تلك المقالة حينما تعلقت بالله ولاذت به واستعاذت بالله فكانت معه قيل عنها

ماقيل فبرّأها الله عز وجل وغارعليها إذ نزَّل آيات التنزيل وماكانت تظن أن ينزل الله عز وجل فيها قرءاناً إلى يوم الدين لتنال من الله رضوانا

وصفحَاً من الرحمن وبرّاً وإحسانا فكل امرأة اليوم تؤمن بربها فتؤذى في عرضها تترَسّم نهج هذه الصالحة فتصبر لوجه الله

وتحتسب الأذية عند الله ترجوا في ومصابها بلاءها المثوبة من الله إن ذهبت عائشة ومضت فلا زلنا نعيش مع عائشة .

اليوم التي تؤذى وتتهم في عرضها وعفتها لكنها ثابتة لوجه الله عائشة اليوم الصادقة إيمانا بالله تصبر على تلك المكائد وتصبر على مايروّجه

كل معارض وحاسد تتمثل هدي تلك المرأة الصالحة وتترسّم خُطى تلك الصدّيقة الفاضلة

إن مضت عائشة فلا زالت عائشة اليوم تعيش بيننا لنساء وفتيات رسمن منهجها واتصفن بصفاتها إن رحلت ومضت

فلا زالت عائشة بيننا لازالت عائشة والله بيننا ..

فتاة نعرفها فتاة صالحة عمرها عشرون عاما ..

عشرون عاما فقط مُحبّة للخير أهمها واهتماماتها دعوة زميلاتها همّها بلغ بها أن تكون من فتيات الفردوس فمنذ أن كانت بالثانوية

وبعد أن التحقت بالكلية انظمّت إلى زميلاتها في المصلى أصبحت بينهنّ نحلة طيبة تنتقل بابتسامتها وجمال روحها بين أروقة الكلية

حتى أصبحت بمحبتها وكأنها عاملة مع العاملات ,,

وطالبة مع الطالبات ومعيدة مع المعيدات أحبتها عميدة كليتها وكانت تتصل عليها دوما وتستشيرها كيف لا تحبها وتستشيرها

وهي المباركة التي تحمل القرآن حفظا وتطبيقا! كيف لا تستشيرها وكلماتها تحرّك القلوب والنفوس! همها مُنصرف للدعوة ..

همها كيف تهتدي هذه وكيف تتوب تلك إن تكلمت وعظت وذكَّرت وإن صمتت لا يزال لسانها رطبٌ بترديد القرآن ومراجعة القرآن .

تقول والدتها عجيبة ابنتي عجيبة بنيتي والله كثيرا ماتأتي إلى البيت حزينة مهمومة لا تريد حتى الغداء, حتى الغداء اسألها وألح عليها ماذا بكِ


فتقول ودموعها تسبق كلمتها ياأمي لا أدري ماذا أقول فقد مَرّ على هذا اليوم بالكلية , مَرّ علي هذا اليوم في كليتي

ولم تقبل علي تائبة واحده ياله من همّ! ..

هذا هو الهم الذي نريد تقول لا أدري أهو من طريقتي مع زميلاتي الغافلات أم أن المنكرات أصبحت كثيره ولم أستطع أن أسيطر عليها وحدي ,

تقول والدتها بدأت أهوّن عليها يابنيتي اصبري وسترين أثر دعوتك ,

اعلمي أن الله يهدي من يشاء فلا تيأسي من روح الله فقط اصبري يابنيتي تقول والدتها والله ثم والله ..

والله ثم والله لا أبالغ إذا قلت لكم أن ابنتي ليست لنا ,

والله ليست لنا ,

هي معنا في البيت نعم ,

هي معنا في البيت إنما هي لله وفي الله همها وتفكيرها أوقاتها وكلماتها كلها لله وكيف تُرضي الله تقول لن أنسى تلك الليلة حيث لا أعلم ماالذي

أيقظني في الثلت الأخير من الليل فإذا بي أسمع همسا في غرفة ابنتي ..

سمعت همسا فظننت أنها نسيت أن تطفئ جهاز التسجيل فقد اعتادت أن لا تنام إلا على صوت القرءان لكنني ,,

لكنني ما إن دخلت حتى وجدتها واقفة قانتة لربها رافعة يديها كم تأثرت والله تأثرت ليس من وقوفها وصلاتها

فهذه هي عادتها لكن الذي شدني وأثّر بي عندما سمعت دعائها سمعت ذلك الدعاء سمعت ذلك الدعاء الذي أبكاني

فقد كانت تردد وتبكي أتدرون ماذا كانت تقول! ..

أتدرون ماذا كانت تقول !

أتدرون ماذا كان دعاؤها كانت تردد وتقول ربي إلهي اجعلني سبب هداية زميلاتي ربي اجعل سبب هداية زميلاتي وتوبتهنّ على يدي ياربي

إن كنت لا استحق أن أكون من الداعيات في كليتي فلا تؤخر توبتهنّ بسبب ذنب أذنبته في حقك لا إله الا الله هذه عائشة اليوم يانساء

هذه سمية اليوم يانساء هذه سمية فمن من هي سمية بينكن .

أين هي عائشة بينكن تقول والدتها تمر الأيام وفي العام الماضي تحديدا في العطلة الصيفية ونحن على سفر من مدينة إلى مدينة وفي أثناء الطريق

وهي في السيارة في المقعد الخلفي أخرجت مصحفها الصغير الذي لا يفارقها وبدأت تقرأ القرءان كعادتها تستغل

وقتها تقول ويقدر الله عز وجل أن نتعرض لحادث فتنحرف السيارة وتنقلب انقلبت السيارة فقد جاء وعد الله أنجانا الله جميعا

إلا هي إلا هي يبحثون عنها ..

يبحثون عنها فوجدوها ميتة بوجه مبتسم وهي ممسكة بمصحفها والدّم يسيل على المصحف وهي ممسكة به تقول والدتها والله إن المصحف مايزال

إلى الآن عندي احتفظ به, احتفظ به وفيه آثار الدم هنيئا لها ,, هنيئا والله لمن سارت على نهج الصالحات هنيئا لمن تعلم أن الله معها

ويراها أن الله يراقب خطواتها وسكناتها

(( وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا )) الاحزاب – آية 31.




هنيئا لمن ماتت وهي حافظة للقرآن هنيئا لمن ماتت وهي تحمل هم الدعوة وتنادي لسلعة الرحمن تأملي ياغافلة ماتت وهي تقرأ القرءان

فأين التي تموت وهي تهذي بالألحان ..

أين أنتِ ياعائشة أين أنتِ ياسمية لترين الكثير من الأخوات والفتيات

, لترين الكثير من الأخوات ,

لترين هذه الأخت لترين نساء وفتيات سرن على نهجكِ وما كنتِ عليه فنبشرّك ياعائشة أن هناك من سطر لنا حياتك وخصالك

وما تركتينا عليه لا إله إلا الله ماتت تلك الفتاة على القرآن

أين التي تموت وهي تردد الأغاني والأفلام أين التي تموت على منكر مع فلان وفلان أين التي كلما نُصحت سخرت واستهزأت

واستهزأت بالحشمة والالتزام شتان شتان بين حال أهل الايمان وبين من استحوذ عليه الشيطان .

شتان والله شتان بين من هي نحلة طيبة في مدرستها وكليتها تدعو في كل مكان وبين من لازالت تصر على الأغاني والمعاكسة

والخذلى أما آن الأوان , متى تستيقظي؟!

متى تستيقظي أخيتي متى تصرخين في وجه المنكرات وتقولين كفى , كفى يانفس كفى , كفى تضييع أوقات ..

متى تقولين أنا عائشة اليوم متى تقولين أنا سمية اليوم هنيئا لمن حياتها ومنهجها كمنهج الصالحات القانتات

أين التي منهجها وسيرتها سيرة عائشة أين التي خصالها خصال عائشة ..

والله يحدثني أحد الأخوة ....

عن فتاة أحضروها إلى مغسلة الأموات يقول كنت أنظر إلى أبيها واستغرب عدم تأثره وحزنه وكأن لم يمت له أحد استغربت

وقلت له يافلان ..

يافلان هذه ابنتك هذه التي تغسل بالداخل هذه الميتة ابنتك فقال نعم قلت له لم لا أرى على وجهك آثار التأثر ولا علامات الحزن

فقال مبتسما الحمد لله على كل حال إذا كان من هناك من بكاء وحزن فعلينا نحن وبماذا سنقابل الله أما ابنتي هذه ..

أما ابنتي هذه فأبشرك ..

أبشرك أنها ماتت ,, ماتت وهي صائمة لم يبقى على حفظها للقرآن إلا سورة البقرة ,,

فكيف تريدني أن أحزن كيف تريدني أن أحزن وأتألم وهذا هو حالها ,,

هذا هو حالها ياحسرتاه على أخواتي ياحسرتاه على أحوالهنّ كم تشتكي الأسواق والمجمّعات من عدم حيائهنّ

كم تشتكي الاتصالات من معاكستهنّ وتضييع أوقاتهنّ


كم تشتكي القنوات والمسلسلات من إسرافهنّ ومشاهدتهنّ كم تشتكي المدارس والكليات من تفريطهنّ وضياعهنّ ماتت

ولم يبقى على حفظها إلا سورة البقرة فيالها من خاتمة ,,

أين التي تثاقلت حفظ القرءان وتكاسلت عن ذكر الرحمن اسمعي يامن هجرتِ القرءان اسمعي يامن ضيعتي الأوقات واسرفتي في الشهوات

حتى أتاكِ هادم اللذات حتى أتاك مفرق الجماعات لا اله إلا الله ,,

ياحسرتاه ياحسرتاه كيف سيكون حالكِ كيف سيكون مآلكِ وأنتِ تعلمين أن الموت قريب .

قال الله تعالى : ((فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ ( 83 ) وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ ( 84 ) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لَّا تُبْصِرُونَ (85) [الواقعة]

يالها من همم هذه هي الهمم التي نريدها هذه هي الهمم التي نبكي من أجلها أما يكفي وقد وصل عمرك العشرين والثلاثين بل حتى الأربعين

والخمسين وأنت لازلت تصرّين تصرّين أن تكوني من نساء الغفلة تصرّين أن تكوني من نساء الشهوات تصرّين أن تكوني من نساء التفريط

وتضييع الأوقات فيامن لا زالت يامن لا زالت على ذلك اتقي الله يامن لازلت تصرّين والله

,, والله ستندمين ,

والله ستندمين يوم لاينفع الندم والله ستتحسرين يوم لاتنفع الحسرة على مافرّطت في جنب الله

(( أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ )) [الزمر/56]

أنسيتِ أن الموت يناديكِ في كل لحظه أنسيتِ أن القبر ينتظرك وسينتهي وقت المهلة هل أنتِ جاهزة للموت ,,

اسألكِ بالله أخيتي هل أنتِ جاهزة للموت إذا قبضت روحكِ غدا وإنّ غداً لناظره قريب ,

هل أنت جاهزة للقبر وظلمته ,

هل أنت جاهزة للقبر وضمّته, للقبر وعذابه ,

إلى متى إلى متى التردد والتأخر والتسويف

,, امرأة عجوز كبيرة في السن ..

امرأة والله أعرفها مسنّة أعرفها قد كانت من أهل الصلاح والطاعة في رمضان الماضي ,, وفي أول ليلة من ليالِ القيام وهي في المسجد تصلي ..

انتهت الصلاة خرج الناس من المسجد إلا هي ..

إلا هي فقط طلبت من ولدها أن ينتظر قليلا فهي تريد أن تمكث قليلا لتُنهي ختمة القرآن جلست ساعة بعد الصلاة حتى بدأ ولدها يخاف عليها

أرسل أخاه الصغير ذهب إليها في مصلى النساء ,,

ذهب إليها فإذا هي ميتة في مكانها والمصحف بين يديها ,,

هنيئا والله لمن مصحفه في قلبه .. لا إله إلا الله ,, اختار الله مكان موتتها ,,

فيا له من مكان طاهر واختار الله لها وقت موتها فياله من وقت عظيم ينزل فيه الرب وينادي التائبين وينادي المقبلين وكلٌّ له خاتمة ,,

فانظري على ماذا ستكون خاتمتك

.. أين نساؤنا اليوم أين هنّ ماهي اهتماماتهنّ ..

عائشة رضي الله عنها كانت مثالا في الزكاة ومثالاً في الجود والسخاء فُتحت لها أموال الدنيا

فما التفتت إلى تلك الأموال بعث إليها عبد الله ابن الزبير رضي الله عنه مئة ألف فجاءتها وهي صائمة ,,

جاءتها تلك الأموال وهي صائمة لله فما إن وقعت في يدها حتى تذكرت جنان الخلد التي ترجوها عند ربها فبذلت تلك المئة في طاعة الله

ومحبة الله فرّقت ووزعت تلك المئة حتى أمسى المساء وما عندها منها شي ,,

طلبت فطورها وطلبت شيئا تردّ بها جوعها وهي صائمة وظمأها فإذا به لم يبقى من المئة ألف شيء تطعم به طعامها لكنها أبقت ,,

أبقت رضوان الله والرجاء فيما عند الله صامت لوجه الله عز وجل ذلك اليوم وصامت مع صيام الجسد عن شهوة الدنيا وفتنتها وزهرتها

فبذلت ذلك المال كله لوجه الله حتى نسيت طعام فطورها يالـ الله من قلب يؤمن بالله ويالـ الله من فؤاد يرجو رحمة الله

ويالـ الله من صدّيقة تلتمس رضوان الله ,,

قالت لها أم ذر ..

قالت لها هلاّ تركتِ من المئة ألف ماتفطرين به فقالت لا تلوميني لا تُعنّفيني بل ذكريني فلا إله إلا الله نسيت الدنيا حينما تذكرت رحمة الله و

رجت الفوز بما عند الله فهذه ةيانساء لقد ذهبت ذهبت ومضت

ولكنها خلّفت لنساء المؤمنين ذلك المثال الصادق لبذل المال لوجه الله واحتساب الأجر عند الله ذهبت عائشة إلى رحمة الله ورضوانه

لكنها رسمت المنهج لعائشة اليوم حينما اقتدت بها وائتست بها كم نسمع من قصص عن تلك الصالحه

وعن تلك المؤمنة الموقنة التي جددت عائشة الأمس رضي الله عنها .

عن تلك وعن هذه رضوانا لا سخط بعده امرأة من نساء المؤمنين في هذا العصر في هذا الزمان امرأة من نساء المؤمنين

كانت بنت ثري من الأثرياء وقد مات وخلف لها الأموال الكثيرة فجاءها زوجها جاءها مساء ذلك اليوم بتلك الورقة التي فيها خمسة ملايين

من الريالات فلما أخبرها الخبر وقال لها هذا قسمك من ميراث أبيكِ قالت كم هو قال كذا وكذا قالت والله لا أطعم منه شيء وبعض البيوت

فيها المحتاج واليتيم والله لا أطعم منه شيئا وأيتام أفريقيا والأفغان يعانون الجوع وأراملهم يقاسون البرد والعناء

فبكت وهي تردد ماذا أقول لله ماذا أقول لله فأقسمت وقالت والله لا يُمسي هذا المال وعندي منه شيء فخرجت منه خرجت منه

ترجو رضوان الله خرجت منه ترجو الفردوس خرجت منه تبتغي رحمة الله فيالـ الله من مؤمنة صابرة ويالـ الله من مؤمنة صاقة.

هذه هي القلوب هذه هي القلوب قلوب الصادقات التي ءآمنت برب البريات فنسيت عند الإيمان حظوظ الدنيا وزهرتها

هذه عائشة اليوم يانساء هذه عائشة اليوم هذه هي النماذج التي نحتاجها هذه هي النماذج التي تقربنا إلى الله نماذج الصالحات نور في القلوب

ودليل يدل على رحمة علام الغيوب إنها النماذج الحية التي إذا قرأت المؤمنة سيرهنّ تذكرت كتاب الله فكلامهنّ وأفعالهنّ وأخلاقهنّ تذكر بالقرآن

فالله الله أخيتي ..

الله الله اخيتي أن تستبدل المؤمنة الصادقة بتلك السيرة العطرة والمواقف النضرة سير الماجنات الداعرات ..

الله الله أن تنسى المرأة المؤمنة تلك النماذج الحية

التي تسبقها الى رياض الجنة فيا طالبة الجنة ياطالبة الفردوس يافتاة الفردوس ياأيتها المؤمنة التي تعلَّق قلبها بالجنان

ياأيتها المؤمنة التى ترجو الرحمة من الكريم الرحمن شبّري عن ساعد الجد في زمان الغربة جددي مآثر الإسلام


في هذا الزمان الذي عظمت فتنته وازدادت محنته جددي مآثرهن بالأخلاق الفاضلة والآداب الرفيعه كم كان بودي

والله أن ابقى معكن في سير الصالحات التي لا تنتهي في سير أولئك الداعيات النصيحات اللاتي أحيا الله بهن قلوب البريات

في سيرة تلك الصالحات الداعيات الداعيات الى الله والمحتسبات

ولكن ضاق الوقت وأرجو من الله عز وجل أن يجعل في مامضى الخير والبركة وليست العبره أن نقُصّ أخبارهن .


ولكن العبرة كل العبرة أن يترجم أمثالكن يامعشر المؤمنات الصالحات ويامعشر التائبات العابدات ويامعشر المنيبات القانتات

أن تجددن تلك المواقف وأن تترجمن هذه السير

وهذه المواقف الى حياءات عمليه فنظر الله عز وجل وجه امرأة أحيت تلك السيره الفاضلة ودعت الى تلك المواقف المشرفة

واسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يكثر سواد الصالحات في الأمّة وأن يثبت قلوبهن على الطاعه

اللهم ثبت قلوب نساء المؤمنين على طاعتك يارب العالمين

اللهم اعذهن من شرور اهل الفتن واهل المحن اللهم ياذا الجلال والاكرام ,,

اللهم اجعلهن قانتات منيبات عابدات ثائبات

اللهم اسمعنا عنهن كل خير وكل فضل وبرّ

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .



 


الرد باقتباس
قديم 05-21-2016, 10:29 PM   #3


الصورة الشخصية لـ أبو سامي
أبو سامي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2140
 تاريخ التسجيل :  Aug 2013
 أخر زيارة : 03-09-2024 (11:53 PM)
 المشاركات : 5,725 [ + ]
 تقييم العضوية :  5380
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 119
تم شكره 366 مرة في 243 مشاركة
الإفتراضي رد : محاضرات اسلامية ( مكتوبة )



اسم المادة : دعاء المظلومين
لفضيلة الشيخ / ناصر الأحمد



إن الحمد لله...
أما بعد: وما يزال حديثنا مستمراً عن الظلم، وقد انتهينا في الجمعتين الماضيتين من مقدمة ثم حديث عن أنواع الظلم، وسنخصص هذه الجمعة للحديث عن دعاء المظلومين.
أيها المسلمون: لقد وردت أحاديث كثيرة تفيد أن دعوة المظلوم من الدعوات المستجابة، منها ما في صحيح البخاري عن ابن عباس - رضي الله عنهما-، لما بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معاذاً إلى اليمن وأوصاه، قال له في آخر وصيته: ((واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينه وبين الله حجاب)). وعند الترمذي، والإمام أحمد، وأبي داود عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ((ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لَا شَكَّ فِيهِنَّ دَعْوَةُ الْوَالِدِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ)). وقد تحقق هذا الوعد الإلهي منذ آدم - عليه السلام - إلى يوم الناس هذا، فهذا فرعون الذي بلغ من الطغيان والجبروت والظلم ما بلغ، حتى إنه استعبد أهل مصر، وبلغ به من صلفه وغروره ما قاله الله - جل وعلا -: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يٰأَيُّهَا ٱلْملاَ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يا هَامانُ عَلَى ٱلطّينِ فَٱجْعَل لّي صَرْحاً لَّعَلّى أَطَّلِعُ إِلَىٰ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ وَإِنّي لاظُنُّهُ مِنَ ٱلكاذِبِينَ * وَٱسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي ٱلأرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقّ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لاَ يُرْجَعُونَ * فَأَخَذْنَـٰهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَـٰهُمْ فِي ٱلْيَمّ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلظَّالِمِينَ * وَجَعَلْنَـٰهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ وَيَوْمَ ٱلْقِيـٰمَةِ لاَ يُنصَرُونَ، وَأَتْبَعْنَاهُم فِي هَذِهِ ٱلدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ القِيَامَةِ هُمْ مّنَ ٱلْمَقْبُوحِينَ} [(38 - 42) سورة ]، فدعا عليه نبي الله موسى: {وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَا إِنَّكَ ءاتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلاَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا ٱطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوالِهِمْ وَٱشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلْعَذَابَ ٱلألِيمَ} [(88) سورة يونس] قال الله تعالى بعدها مباشرة: {قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا فَٱسْتَقِيمَا وَلاَ تَتَّبِعَانّ سَبِيلَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ}[(89) سورة يونس].
وهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، عندما دعا على أعدائه الذين آذوه، وحاربوا دينه، وظلموه ظلماً عظيماً، كان ذات يوم ساجداً عند الكعبة وكان بقربه جماعة من كفار قريش، فيقول بعضهم لبعض: أيكم يقوم إلى سلى جزور بني فلان فيلقيه على ظهر محمد، فيقوم عقبة بن أبي معيط، ويأخذ السلى ويلقيه على ظهر النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيبقى النبي - صلى الله عليه وسلم - ساجداً حتى تأتي ابنته وتأخذ السلى من على ظهره وهي تبكي، ثم تقبل على المشركين تسبهم، فيقوم النبي - صلى الله عليه وسلم - قرب الكعبة ويرفع يديه ويقول: ((اللهم عليك بقريش، اللهم عليك بأبي جهل، اللهم عليك بعقبة بن أبي معيط، اللهم عليك بفلان، اللهم عليك بفلان))، ويعد سبعة من صناديد المشركين كما في الصحيحين، يقول ابن مسعود - رضي الله عنه-: فوالله لقد رأيتهم صرعى يوم بدر، ثم سحبوا إلى قليب بدر، فألقوا فيها بعدما انتفخت جثثهم وأتبع أصحاب القليب لعنة.
إياك من ظلم الكريم فإنه *** مر مذاقته كطعم العلقم
إن الكريم إذا رآك ظلمته *** ذكر الظلامة بعد نوم النوم
فجفا الفراش وبات يطلب ثأره *** آنفاً وإن أغضى ولم يتكلم
أيها المسلمون: وعندما يحاصَر المسلم من كل جهة، ويضيّق عليه الخناق، فلا يستطيع الانتصار لنفسه ممن ظلمه، ولا يقدر على التخلص من الظلم الصارخ الذي أحاط به من كل جانب، يرفع يديه إلى السماء، فتَفتح له السماء أبوابها، وتأتيه منافذ الفرج، ويتنـزل عليه المدد، إنه مدد السماء، من رب الأرباب، وخالق الأسباب، مهلك الجبابرة، وقاصم القياصرة، الذي أهلك عاداً الأولى، وثمود فما أبقى، وقوم نوح من قبل إنهم كانوا هم أظلم وأطغى.
إن رحمة الله - تبارك وتعالى - تتجلى في هذا السلاح الفتاك الذي منحه الله للمظلومين، بل إن الظلمة مهما بلغوا من الطغيان أفراداً كانوا أو دولاً، قد يسقطون بسبب الدعاء.
أما والله إن الظلـم شـؤم *** ومازال المسيء هو الظلوم
إلى ديّان يوم الدين نمضي *** وعند الله تجتمع الخصـوم
هل يظن الظالم بأن الله غافل عنه، لا يعلم عنه، لا يقدر عليه؟ إن الله يمهل الظالم لكن لا يهمله، يصبر - عز وجل- على الظلمة ولكن إذا أخذهم لم يفلتهم. قال الله تعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} [(61) سورة النحل].
فيا أيها الظالم: اتق دعوة المظلوم، لا تعرض نفسك لدعائه؛ لأن دعوة المظلوم مستجابة. اتق دعوة المظلوم فإنها تُحمل على الغمام ويقول الله تعالى: ((وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين)). اتق دعوة المظلوم وإن كان كافراً، فإنه ليس دونها حجاب، فكيف بالمظلوم إن كان مسلماً، كيف بالمظلوم إن كان صالحاً تقياً.
إذا ما الظلوم استحسن الظلم مذهبا *** ولج عتواً في قبيح اكتسابه
فكِله إلى صرف الليالي فإنها *** ستبدي له ما لم يكن في حسابه
فكم قد رأينا ظالماً متمرداً *** يرى النجم تيهاً تحت ظل ركابه
فعما قليل وهو في غفلاته *** أناخت صروف الحادثات ببابه
فأصبح لا مال ولا جاه يرتجى *** ولا حسناتٌ يتلقى في كتابه
وجوزي بالأمر الذي كان فاعلاً *** وصب عليه الله سوط عذابه
أيها المسلمون: وقصص المظلومين كثيرة، منهم من دعا على من ظلمه فاستجاب الله دعوته، نذكر بعضها تسلية للمظلومين وتحذيراً للظالمين.
فهذا سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- ظُلم، فدعا سعد على من ظلمه وكان مجاب الدعوة، وتفصيل القصة أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عيّن سعد بن أبي وقاص أميراً على أهل الكوفة، فاشتكوه إلى عمر وقالوا: إن هذا الأمير فيه كذا وكذا حتى قالوا: إن هذا الأمير لا يحسن الصلاة، فدعاه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقال له: "يا سعد إن أهل الكوفة شكوك في كل شيء حتى قالوا إنك لا تحسن أن تصلي" فقال سعد: أما إني أصلي بهم كما رأيت النبي -صلى الله عليه - يصلي، أطيل في الأوليين وأخفف في الأخريين، فقال له عمر: ذلك الظن بك يا أبا إسحاق ثم أرسل عمر -رضي الله عنه- لجنة إلى الكوفة للتأكد من الأمر، وتقصي الحقائق، فذهبت هذه اللجنة إلى الكوفة، وصارت تقف في أسواق الناس وفي مساجدهم وتسألهم، ماذا تقولون في أميركم: فيقولون لا نعلم إلا خيراً، حتى دخلوا على مسجدٍ لبني عبس فسألوهم، ما تقولون في سعد بن أبي وقاص أميركم؟ قالوا: لا نعلم إلا خيراً، فقام رجل مرائي فقال: أما أن سألتنا عن أميرنا سعداً، فإنه لا يقسم بالسوية، ولا يسير بالسرية، ولا يعدل بالقضية، بمعنى أنه رجل فيه ظلم وجبن وخوف، ولا يساهم في المعارك، فقام سعد بن أبي وقاص، وقال: "اللهم إن كان عبدك هذا قال رياءً وسمعة فأطل عمره، وأطل فقره، وعرضه للفتن" والقصة في صحيح البخاري ومسلم. فاستجاب الله دعوة سعد، وقد كان مظلوماً من قِبَلِ ذلك الرجل، فطال عمره حتى سقطت حاجباه على عينيه من الكبر، وطال فقره، حتى إنه كان يمد يده يتكفف الناس، وتعرض للفتن حتى إنه كان على رغم فقره وشيخوخته وكبر سنه كان يقف بالأسواق يتعرض للجواري يغمزهنّ، فإذا قيل له في ذلك، قال شيخ كبير مفتون أصابته دعوة سعد.
وهذه قصة أخرى لامرأة يقال لها أروى بنت أويس، شكت الصحابي الجليل سعيد بن زيد رضي الله -تبارك وتعالى عنه- إلى مروان بن عبد الحكم أمير المدينة، وقالت: إنه أخذ شيئاً من أرضها، فقال سعيد بن زيد: أنا آخذ شيئاً من أرضها بعدما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في ذلك، فقال له مروان: وماذا سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: سمعته - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من اقتطع شبراً من أرض طوقه يوم القيامة من سبع أرضين)) فقال مروان بن الحكم: لا أسألك بعد هذا بينة، يكفيني قولك هذا، ثم قام سعيد بن زيد ودعا على هذه المرأة التي ظلمته، وكذبت عليه، ونسبت إليه ما هو منه بريء، فقال: "اللهم إن كانت كاذبة، فأعم بصرها، واجعل ميتتها في هذه الأرض". قال راوي الحديث عروة بن الزبير والحديث في الصحيحين قال: "فوالله لقد عمي بصرها حتى رأيتها امرأة مسنة تلتمس الجدران بيديها، وكانت في هذه الأرض بئر، وكانت تمشي في أحد الأيام فسقطت في البئر، وكان ذلك البئر قبرها وأجاب الله دعاء سعيد بن زيد وكان مظلوماً -رضي الله عنه-".
وما يزال الله - عز وجل - يتقبل دعوات الداعين ويستجيب استغاثة المظلومين.
وهذه قصة ثالثة فيها عجب وعبرة، ذكرها عدد من المؤرخين، وقد حصلت في بلاد الأندلس، ذكروا أن حاكماً من حكام الأندلس يقال له "ابن جهور" وكان أميراً على قرطبة أحد كبار المدن الأندلسية، حاول بعض جيرانه أن يعتدي عليه وهو "يحيى بن ذي النون" حاول أن يعتدي عليه ويأخذ ملكه، فاستنجد بن جهور بأحد حكام الأندلس يقال له المعتمد بن عباد، وكان ملكاً قوياً شاعراً أديباً مشهوراً، فجاء المعتمد بن عباد وساعده وقضى على عدوه، ولكن المعتمد بن عباد لما رأى قرطبة وما فيها من المياه والبساتين والخضرة والأموال والترف، طمع فيها وبدأ يخطط للسيطرة عليها، فأدرك ذلك أمير قرطبة ابن جهور، فذكّر المعتمد بن عباد بالعهود والمواثيق التي بينهم، وذكّره بالله، لكن المعتمد بن عباد كان مصراً على احتلال قرطبة، وفعلاً تحقق للمعتمد بن عباد الاستيلاء على قرطبة بعد طول كيد وتدبير وتخطيط، فاستولى عليها وأخذ أمراءها، وطردهم منها، وصادر أموالهم، وقتل منهم من قتل، وسجن من سجن، وخرج أمراء بنو جهور من قرطبة بلا مال ولا جاه ولا سلطان، أذلاء خائفين مذعورين، وبعدما خرجوا منها، التفت ابن جهور إلى قرطبة، هذه المدينة التي طالما تمتع بحكمها، وعرف أنه ما أخرج منها ولا تسلط عليه ابن عباد إلا بسبب دعوات المظلومين، وبسبب الدماء التي أسالها ظلماً وعدواناً، وبسبب الأموال التي أخذها بغير حق، وبسبب ظلمه للناس وحيفه ومعاملته لهم، عرف ابن جهور هذا فالتفت إلى قرطبة ورفع يديه إلى السماء وقال: "يا رب اللهم كما أجبت الدعاء علينا فأجب الدعاء لنا، فإننا اليوم مسلمون مظلومون" فدعا الله - عز وجل - على المعتمد بن عباد وخرج بنو جهور، وظل ابن عباد يحكم قرطبة ردحاً من الزمن، يتمتع بما فيها من الترف.
وقد بلغ الترف بالمعتمد أنه كان عنده جارية جميلة تسمى "اعتماد" وكان المعتمد يحبها، أطلت هذه الجارية في يوم من الأيام من أحد نوافذ القصر، فشاهدت بعض النساء القرويات يحملن على ظهورهنّ القرب وفيها السمن وغيره، يذهبن ليبعنه في الأسواق، وقد هطل المطر من السماء، وأصبحت الأرض فيها من الوحل والطين، فكانت هؤلاء النساء يطأن في الوحل والطين وعلى ظهورهنّ القرب، فأَعجب هذا المنظر هذه الجارية، فقالت للمعتمد بن عباد: أريد أن أفعل مع الجواري والبنات مثل ما يفعل هؤلاء النساء، فقال ابن عباد الأمر هين، فأمر بالكافور والمسك وماء الورد فخلط بعضه ببعض، حتى صار مثل الطين في أرض القصر، طين ليس من الماء والوحل والتراب، لكنه طين من المسك والكافور وماء الورد، إلى هذا الحد بلغ به الترف، ثم جاء بقرب وحزمها بالإبريسم، وهو نوع من الحرير، ثم حملتها هذه الجارية ومن معها وبدأن يطأن في هذا الطين، أو بالأصح في هذا الورد والكافور والمسك، وتم لهنّ ما أردن، لكن تلك الدعوات التي خرجت من المظلوم ابن جهور ما تزال محفوظة، فما هي إلاّ فترة من الزمن وإذا بملك النصارى يهدد المعتمد بن عباد، وطلب منه مع دفع الجزية التخلي عن بعض القصور والدور فرفض، ووجد نفسه مضطراً أن يستعين بأحد حكام المرابطين وهو يوسف بن تاشفين، فأرسل إليه يستنجد به، فجاء يوسف بن تاشفين، ودخل قرطبة وخاض معركة ضد النصارى وانتصر عليهم وطردهم، وبعدما انتصر على النصارى وجد يوسف بن تاشفين نفسه مضطراً إلى السيطرة على قرطبة، فقبض على المعتمد بن عباد وأولاده، فقتل بعضهم على مرأى من أبيهم، وأودع المعتمد السجن في مدينة في المغرب تسمى "أغمات" فبقي مسجوناً فيها عشر سنوات، ثم انتهت هذه السنوات العشر بموته، وكان فترة سجنه مجرداً من كل شيء، والقيود في يديه ورجليه، ويرى بناته اللاتي كُنَّ بالأمس يطأن في المسك والكافور، يطأن اليوم في الطين والوحل، وهنّ يغزلن للناس من أجل كسب العيش، ولا يملكن شيئاً، فبكى بكاءً مراً ثم قال يخاطب نفسه في إحدى المناسبات وقد فرح الناس واستبشروا بالعيد:
فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا *** فساءك العيد في أغمات مأسورا
ترى بناتك في الأطمار جائعة *** يغزلن للناس ما يملكن قطميرا
برزن نحوك للتسليم خاشعة *** أبصارهن حسيراتٍ مكاسيرا
يطأن في الطين والأوحال حافية *** كأنها لم تطأ مسكاً وكافورا
من بات بعدك في ملك يسر به *** فإنما بات بالأحلام مغرورا
إنها دعوات المظلومين، فدعوة المظلوم قد تصيبك في نفسك، دعوة المظلوم قد تصيبك في مالك، دعوة المظلوم قد تصيبك في ولدك، دعوة المظلوم تقلب صحتك سقمًا, دعوة المظلوم تقلب سعادتك شقاء، دعوة المظلوم تجعلك بعد العز والغنى ذليلاً حقيرًا فقيرًا. والله على كل شيء قدير. بارك الله لي ولكم...

الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه...
أما بعد: الدعاء على الظالم أمر مشروع، لا سيما إذا كان الظلم واقعاً على المسلمين، وتزداد هذه المشروعية إذا كان الظالم كافراً، وربما يقال بوجوب الدعاء على الظالم الذي يحارب الإسلام وأهله، إذا لم يكن ثمة سبيل لإيقاف عدوانه على الإسلام وكف شره عن المسلمين قال الله تعالى: {لاَّ يُحِبُّ ٱللَّهُ ٱلْجَهْرَ بِٱلسُّوء مِنَ ٱلْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ ٱللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً} [(148)سورة النساء].
لقد قنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شهراً يدعو على أحياء من العرب، ففي صحيح البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قال: "أَنَّ رِعْلًا وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَبَنِي لَحْيَانَ اسْتَمَدُّوا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى عَدُوٍّ فَأَمَدَّهُمْ بِسَبْعِينَ مِنْ الْأَنْصَارِ كُنَّا نُسَمِّيهِمْ الْقُرَّاءَ فِي زَمَانِهِمْ، كَانُوا يَحْتَطِبُونَ بِالنَّهَارِ، وَيُصَلُّونَ بِاللَّيْلِ، حَتَّى كَانُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ قَتَلُوهُمْ وَغَدَرُوا بِهِمْ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو فِي الصُّبْحِ عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَبَنِي لَحْيَانَ".
وفي غزوة الخندق لما حاصر الأحزاب المسلمين في المدينة، واشتغل النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وبعض أصحابه في مدافعة المشركين، قال بعد ذلك: ((شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس، ملأ الله قبورهم وبيوتهم ناراً)) [رواه الجماعة عن علي بن أبي طالب].
فوا عجباً من هؤلاء الظلمة ألم يتفكروا في مصير من قبلهم؟ أين الأمم السوالف؟ أين عاد وثمود؟ أين فرعون والنمرود؟ أين القياصرة؟ أين الجبابرة أين كسرى والروم؟ {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ ٱلْعِمَادِ * ٱلَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِى ٱلْبِلَادِ * وَثَمُودَ ٱلَّذِينَ جَابُواْ ٱلصَّخْرَ بِٱلْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي ٱلأَوْتَادِ * ٱلَّذِينَ طَغَوْاْ فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُواْ فِيهَا ٱلْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلْمِرْصَادِ} [(6 - 14) سورة الفجر].
كتب أحدهم إلى بعض الولاة الظلمة: أما بعد: فإنكم ملكتم فأسرتم، وقدِرتم فأشرتم، ووسع عليكم فضيقتم، وعلمتم عاقبة الدعاء، فاحذروا سهام السحر؛ فإنها أنفذ من وخز الإبر، لا سيما وقد جرحتم قلوباً قد أوجعتموها، وأكباداً أجعتموها، وأحشاء أنكيتموها، ومقلاً أبكيتموها، ومن المحال أن يهلك المنتظِِرون ويبقى المنتظَرون، فاعملوا إنا عاملون، وجوروا إنا بالله مستجيرون، واظلموا فإنا إلى الله متظلمون {وَسَيَعْلَمْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ أَىَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ} [(227) سورة الشعراء].
أيها المسلمون: من أوجب الواجبات في وقتنا هذا، الدعاء على أعداء الدين من اليهود والنصارى وأذنابهم ومن شايعهم، ممن تسلطوا على بلدان المسلمين، وأزهقوا النفوس، ونهبوا الخيرات، وخربوا ودمروا، فظلمهم من أعظم الظلم.
لكن لا يهولنّكم قوة عدوكم، ولا كثرة عتادهم، ولا طول طغيانهم، اجأروا إلى ربكم واستنصروه على هؤلاء الأعداء الظلمة، فلن يغلب عسر يسرين، ولن يُنصر في الأرض من حورب من السماء. أقرب الأشياء صرعة الظلوم، وأنفذ السهام دعوة المظلوم.
أتهزأ بالدعاء وتزدريه *** ولا تدري بما صنع الدعاء
سهام الليل لا تخطي ولكن *** لها أمد وللأمد انقضاء
وقد شاء الإله بما تراه *** فما للملك عندكم بقاء
إن للدعاء على أعداء الدين الظالمين من اليهود والنصارى والمنافقين والعلمانيين وأذنابهم فوائد جمة منها:
أن الدعاء في حد ذاته عبادة عظيمة، بل هو لب العبادة وروحها، ولذا ثبت في الحديث الصحيح عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم- فِي قَوْلِهِ: {وَقَالَ رَبُّكُـمْ ٱدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [(60) سورة غافر] قَالَ: ((الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ))، وَقَرَأَ: {وَقَالَ رَبُّكُـمْ ٱدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دٰخِرِينَ} [(60) سورة غافر]، فالداعي لا يدعو الله صادقاً، إلا وقد انقطع من كل من سوى الله - جل وعلا -، وتعلق نياط قلبه بالله وحده تعلقاً أشد من أي وقت آخر، ولا يتم له ذلك إلا إذا شهد أنه الله هو رب الأرباب، ومصرف الأكوان، ومالك كل شيء، والمعبود وحده لا إله إلا هو {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [(5) سورة الفاتحة]. فتحقيق هذا اليقين، والتوحيد الذي حصل بهذا الدعاء على الظلمة والمتجبرين، يخلع الخوف الذي تولد في قلوب المسلمين من قوة المتجبرين، وطغيان الكافرين، ويجعلهم يحتقرون القوى كلها بجانب قوة العزيز القهار، ويعلمون أن ميزان القوى الحقيقي هو {أَنَّ ٱلْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا} [(165) سورة البقرة]، فتصغر في عيونهم كل قوة مهما عظمت إذا هم استمدوا قوتهم من الله رب العالمين.
والدعاء على أعداء الدين بشتى أنواعهم تعبيرٌ صادقٌ عن عقيدة الولاء والبراء التي هي الرحى الذي تدور عليه عقيدة التوحيد، فأوثق عُرى الإيمان الحبُّ في الله والبغض في الله, وهي العقيدة التي توجد المفاصلة في العقائد والأفكار والمناهج, ومن ثم تمايز الصفوف والنّصرة عند القتال.
والدعاء على معسكر الكفر وأهله، إذكاءٌ لروح اليقين في حياة المسلمين, ليعلموا أنّ الأمر كله لله {وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} [(126) سورة آل عمران] فتمتلئ قلوبهم بمعية الله, فلا يشكّون في نصره ولا يخالجهم تردّدٌ في صدق وعده {وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَـٰلِبُونَ} [(173) سورة الصافات]، {قَـٰتِلُوهُمْ يُعَذّبْهُمُ ٱللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ}[(14) سورة التوبة] {كَم مّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةٍ كَثِيرَةً بِإِذْنِ ٱللَّهِ}[(249) سورة البقرة].
والدعاء على من اعتدى على المسلمين، وبغى عليهم علامةٌ ظاهرةٌ على إيمان العبد، وتضامنه مع إخوانه المسلمين {إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [(10) سورة الحجرات] ((مَثَلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم, مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحمى)).
والدعاء على من يحارب المسلمين إحياءٌ لمعاني الجهاد في النفس، إذ إنّ مَن لم يحدّث نفسه بالغزو مات ميتة جاهلية، فلا بدّ من تهيئة الفؤاد لأحوال القتال، وساعات النـزال، فهو استحضار للمعركة المتواصلة بين الحق والباطل {وَلاَ يَزَالُونَ يُقَـٰتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ} [(217) سورة البقرة]، فالدعاء يربّي قوة العزيمة، وشدة البأس في نفس المسلم ليكون مستعدّاً لدكّ حصون الباطل، ويبعث فيه الإرادة الجازمة على محاربة كيد الكافرين الذين يبتغون العزة عند الشياطين والله - جل وتعالى - يقول: {إِنَّ كَيْدَ ٱلشَّيْطَـٰنِ كَانَ ضَعِيفاً} [(76) سورة النساء].



 


الرد باقتباس
قديم 05-21-2016, 10:32 PM   #4


الصورة الشخصية لـ أبو سامي
أبو سامي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2140
 تاريخ التسجيل :  Aug 2013
 أخر زيارة : 03-09-2024 (11:53 PM)
 المشاركات : 5,725 [ + ]
 تقييم العضوية :  5380
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 119
تم شكره 366 مرة في 243 مشاركة
الإفتراضي رد : محاضرات اسلامية ( مكتوبة )



اسم المادة : الإستجابة
لفضيلة الشيخ / عبدالرحمن الشهري



الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي نوَّر بصائر المؤمنين فوفَّقهم للأعمال الصالحات وثبتهم على الإيمان حتى الممات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة مقر بربوبيته، شاهد بوحدانيته منقاد إليه لمحبته، معترف بنعمته مؤمل لعفوه ورحمته، طامع في مغفرته؛ فهو سبحانه أهل التقوى وأهل المغفرة.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله الله للإيمان مناديا وللجنة داعيًا وإلى صراطه المستقيم هاديا، فأنقذ الله به أقواما من الشرك والجاهلية إلى نور التوحيد والملة الحنيفية، وتربى على يديه أئمة دعوا إلى الله بالحكمة الحسنة فأحيى بهم الله القلوب وأنار بهم السبل، اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد وآله، وارض اللهم عن أصحابه المهتدين واجمعنا بهم في جنات النعيم، أمين..
أما بعد: أخي المبارك هل سألت نفسك يومًا ما مقدار استجابتك لله ولرسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ هل تفرح بأوامر الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، وتسارع إلى العمل بها بانشراح صدر وطيب نفس أم أنها ثقيلة عليك؟!
هذا هو حديثنا لهذه الجمعة.
أيها الأخ المبارك! كم بين فقر الدنيا وفقر الآخرة؟ إنه بقدر استجابتك لله ولرسوله -صلى الله عليه وسلم- يكون غناك في الآخرة وبقدر نقصان الاستجابة يكون فقرك في الآخرة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ) قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: “إذا سمعت (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ) فأرع لها سمعك، فإنها إما خير تُؤمر به أو شرّ تُنْهَى عنه”.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ) [الأنفال: 24]، قال العلامة ابن سعدي -رحمه الله- في تفسيره: “يأمر تعالى عباده المؤمنين بما يقتضيه الإيمان منهم وهو الاستجابة لله وللرسول، ثم حذر من عدم الاستجابة لله وللرسول، فقال (وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ)، يعني إياكم أن تردوا أمر الله أول ما يأتيكم فيُحال بينكم وبينه، إذا أردتموه بعد ذلك، وتختلف قلوبكم، فإن الله يحول بين المرء وقلبه، يقلب القلوب؛ حيث شاء ويصرفها أنى شاء. فليكثر العبد قول: “يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك” ا هـ.
وننتقل الآن إلى حال الصحابة -رضي الله عنهم- مع الاستجابة لنضرب أمثلة بلا تعليق، الصحابة أولئك القوم الذين كانوا بأرواحهم في سبيل الله يجيدون وكانوا يحبون رسولهم -صلى الله عليه وسلم- فوق محبتهم لأموالهم وأهليهم بل وأنفسهم.
سل التاريخ عن الصحابة يخبرك عنهم ..
قومٌ إذا جنّ الظلام عليهم *** باتوا هنالك سجّداً وقياما
خمصُ البطونِ من التعفف ضمراً *** لا يعرفون سوى الحلال طعاما
وأسد غاب إذا نادى الجهاد بهم *** هبُّوا إلى الموت يستجدون رؤياه
حدث عثمان بن شيبة -رضي الله عنه- إسلامه فقال: “ما أريت أعجب مما كنا فيه من لزوم ما مضى من الضلالات، فلما كان عام الفتح، ودخل النبي -صلى الله عليه وسلم- عنوة، قلت أسير مع قريش إلى هوازن بحنين، فعسى إن اختلطوا أن أُصيب من محمد غرة فأثأر منه فأكون أنا الذي قمت بثأر قريش كلها، وأقول: ولو لم يبقَ من العرب والعجم أحد إلا اتبع محمدًا ما اتبعته أبدًا”.
فلما اختلط الناس اقتحم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بغلته، وأسلط السيف فدنوت أريد ما أريد منه، ورفعت سيفي فرفع لي شواظ من نار كالبرق حتى كاد يذهب بصري، فوضعت يدي على بصري خوفًا عليه، فالتفت إليَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وناداني: “يا شيبة اقترب مني”، فدنوت منه فمسح صدري وقال: “اللهم أعذه من الشيطان”، قال: “فوالله لهو كان ساعتئذ أحب إليَّ من سمعي وبصري ونفسي، وأذهب الله -عز وجل- ما كان بي”.
ثم قال: “ادنُ فقاتل”، كلمة واحدة هل استجاب شيبة مباشرة وهو حديث عهد بإسلام أم تردد؟ لا والله لا يتردد الصحابة؟
يقول شيبة: “فتقدمت أمامه أضرب بسيفي الله يعلم أني أحب أن أقيه بنفسي كل شيء، ولو لقيت تلك الساعة أبي لو كان حيًّا لأوقعت به السيف”.
فلما تراجع المسلمون وكرُّوا كَرَّة رجل واحد قربت بغلة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاستوى عليها فخرج في إثرهم حتى تفرقوا في كل وجه، ورجع إلى معسكره فدخل خباءه فدخلت عليه فقال: “يا شيبة الذي أراد الله بك خير مما أردت بنفسك”.
ثم حدثني بكل ما أسررت في نفسي مما لم أكن أذكره لأحد قط، فقلت: فإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، ثم قلت استغفر لي يا رسول الله فقال: “غفر الله لك”.
ومثال آخر يكتب بالذهب، روى مسلم من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-، قال انطلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه إلى بدر حتى سبقوا المشركين وجاء المشركون فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض”..
وانظروا للاستجابة:
قال عمير بن الحمام الأنصاري: يا رسول الله جنة عرضها السموات والأرض؟! قال: “نعم” فقال: بخ بخ، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “ما يحملك على قولك بخ بخ”؟! قال: لا والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها. قال: “فإنك من أهلها”، قال: فأخرج تمرات من قرنه فجعل يأكل منهن، ثم قال -واسمع لما قال يا من يؤمل الآمال ويجمع الأموال، وينسى المآل، قال وما أجمل ما قال- “لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة”، قال: ثم رمى بما كان معه من التمر ثم قاتلهم حتى قتل.
وهذا عمرو بن الجموح -رضي الله عنه- لما أراد الخروج إلى أُحد منعه بنوه، وقالوا: قد عذرك الله، فجاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: “إن بنيّ يريدون حبسي عن الخروج معك، وإني لأرجو أن أطأ بعرجتي هذه في الجنة”، فقال: “أمّا أنت فقد عذَرك الله”، ثم قال لبنيه: “لا عليكم أن لا تمنعوه، لعل الله -عز وجل- يرزقه الشهادة”، فخلوا سبيله.
قالت امرأته هند بنت عمرو بن خُزَام: “كأني أنظر إليه مولِّيًا، قد أخذ درقته، وهو يقول: اللهم لا تردني إلى خربي”، وهي منازل بني سلمة.
قال أبو طلحة: فنظرتُ إليه حين انكشف المسلمون ثم ثابوا، وهو في الرَّعيل الأول، في الصفوف المتقدمة، لكأني أنظر إلى ظلع في رجله، وهو يقول: أنا والله مشتاق إلى الجنة!
ثم انظر إلى ابنه خَلَّاد وهو يَعْدو معه في إثْره حتى قتلا جميعًا.
واستمع لكرامة الشهداء عند الله حين استجابوا له سبحانه، فقد دُفن عمرو بن الجمُوح وعبدالله بن عُمر وأبو جابر في قبر واحد، فخرَّب السيلُ قُبورهم، فحفر عنهم بعد ست وأربعين سنة فوُجِدُوا لم يتغيروا كأنهم ماتوا بالأمس. -رضي الله عنهم وأرضاهم-.
وصورة أخرى مشرقة وهي استجابة الصحابة لتحريم الخمر، فقد روى البخاري عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: “كنت أسقي أبا عبيدة وأبا طلحة وأبي بن كعب من فضيخ زهو وتمر فجاءهم آتٍ فقال: إن الخمر قد حُرِّمت –كلمة واحدة- فقال أبو طلحة: قم يا أنس فأهرقها فأهرقتها.
أرأيت لم يقولوا نريد أن نتأكد من الخبر، أو نكمل ما في أيدينا، ألقوا ما في أيديهم مباشرة وأهرقوه.
وفي زماننا يصر البعض على خداع نفسه قائلاً: لا أستطيع ترك التدخين، وقد أقنع نفسه سلفًا بذلك فلا تستطيع إليه سبيلاً.
وصورة أخيرة مشرقة لكنها هذه المرة لفتاة، وعفوًا يا رجال، فهي فتاة بألف رجل، ولتنقلوا هذه الصورة لفتياتكم وأزواجكم في بيوتكم، عن أبي برزة الأسلمي أن جليبيبا كان امرأ من الأنصار فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لرجل من الأنصار زوجني ابنتك فقال نعم وكرامة يا رسول الله ونعم عيني، فقال: إني لست أريدها لنفسي، قال فلمن يا رسول الله؟ قال: لجليبيب، قال: فقال يا رسول الله أشاور أمها، فأتى أمها فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخطب ابنتك، فقالت: نعم ونعمة عيني، فقال: إنه ليس يخطبها لنفسه إنما يخطبها لجليبيب، فقالت: أجليبيب ابنه؟! أجليبيب ابنه؟! أجليبيب ابنه، لا لعمر الله لا تزوجه.
فلما أراد أن يقوم ليأتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليخبره بما قالت أمها. قالت الجارية: من خطبني إليكم فأخبرتها أمها، فقالت: أتردون على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمره؛ ادفعوني فإنه لم يضيعني، فانطلق أبوها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبره قال: شأنك بها فزوجها جليبيبا.
أتدرون بماذا دعا له النبي -صلى الله عليه وسلم- حين استجابت لله ولرسوله قال: “اللهم صب عليها الخير صبًّا ولا تجعل عيشها كدًّا كدًّا”.
هذه نماذج مشرقة من أحوال المستجيبين لله ولرسوله -صلى الله عليه وسلم-، فلله در هذه الأنفس ما أعزها؟! وهذه الهمم ما أرفعها؟!
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم..
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه -صلى الله عليه وسلم- وبارك عليه وعلى آله وأصحابه..
أما بعد: فإني لأستحي والله أن أذكر حالنا مع الاستجابة بعد ذكر حال الصحابة، وإن كنت أعلم وتعلمون أن الخير لا زال موجودًا فالأمة الإسلامية كالغيث لكنني مضطر لذكر حالنا اليوم حتى يتبين البون الشاسع بيننا وبين القوم؟
فتشبوا إن لم تكونوا مثلهم *** إن التشبه بالكرام فلاح
أما استجابتنا فهي استجابة كاملة غير منقوصة، لكنها وللأسف للدنيا، نعم للدنيا وبكل مرارة أقولها، وإليكم مثالاً واحدًا، ولو أجدت النظر لوجدتم من الأمثلة الكثير، فما إن يُعلَن عن مساهمة من مساهمات الدنيا إلا وترى التنافس العجيب، والحماس الغريب، والحرص منقطع النظير، وترى الزحام الشديد والتدافع على الأبواب وبعض المساهمات تغلق بعد أيام قلائل؛ نظرًا لكثرة الإقبال عليها حتى إن بعضهم ليستدين حتى يدرك المساهمة، ولا حرج في هذه المساهمة إن كانت في حدود المباح، لكن يا قوم! يا أهل لا إله إلا الله! يا أحفاد الصحابة يا أتباع محمد -صلى الله عليه وسلم- هل ننافس في الآخرة كما ننافس في الدنيا؟!
سبحان ربي استجابة سريعة هائلة لإعلانات الدنيا ومساهمات الدنيا، أما الآخرة فكتاب الله يُتلى، والقرآن مليء بإعلانات ربانية تترا (سَابِقُوا) (وَسَارِعُواْ) (فَاسْتَبِقُوا) (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ) [المطففين: 26].
فأين هم أبناء الآخرة لينافسوا أبناء الدنيا؟
أين هذا التزاحم الذي نراه والتنافس الذي نشهده في المساهمات وفي مشاريع الدنيا؟! أين هي عن بيوت الله في أوقات الصلوات؟! نريد أن نزاحم على أبواب الجنة، ونحن لا نزاحم على أبواب مساجدنا إلا في الجمعة!!
منابركم علت في كل ساحل *** ومسجدكم من العباد خالي
وقسْ على الصلاة غيرها، إن حالنا مبكٍ للعيون ومقرح للأكباد، ولكن ..
إلى الله نشكو غربة الدين والهدى *** وفقدانه من بين من راح أو غدا
فعاد غريبا مثل ما كان قد بدا *** على الدين فليبكي ذوو العلم والهدى
فقد طمست أعلامه في العوالم
فيا إخوتاه ما للعيون إلى زهرة الحياة الدُّنْيَا الفانية ناظرة؟! وما للأقدام عن طَرِيق الهداية الواضحة حائرة؟! وما للعزائم والهمم عن الْعَمَل الصالح فاترة؟! وما للنفوس لا تتزود من التقوى وهي مسافرة؟! وما لها لا تتأهب وتستعد للنقلة إلى دار الآخِرَة، أركونًا إلى الدُّنْيَا وقَدْ فرّقت الجموع وكسرت أعناق الأكاسرة، وقصرت آمال القياصرة وأدارت على أهلها من تقلبها الدائرة أم اغترارًا بالإقامة، ومطايا الأيام بكم في كُلّ لحظة سائرةٍ أم تسويفًا بالتوبة والأعمال فهذه وَاللهِ الفكرة والصفقة الخاسرة.
فيا حَسْرَة نفوس أطمأَنْتَ إلى الدُّنْيَا دار الغرور، ويا خراب قُلُوب عمرت بأماني كُلّهَا باطل وزورٍ، ويا نفاذ أعمار ينقص منها كُلّ يوم وساعة، ولا يزَادَ ويا خيبة مسافر يسير السير السريع وَهُوَ بلا زادٍ، فالبدار البدار بالتوبة البدار والغنيمة الغنيمة قبل انتهاء وَقْت الاختيار، وحضور وَقْت لا تقال فيه العثار.
صلّوا وسلموا على رسول الله، اللهم صلّ وسلم وزد وبارك على النبي محمد وعلى آله وصحبه وسلم وسائر الصحابة اجمعين



 


الرد باقتباس
قديم 05-21-2016, 10:34 PM   #5


الصورة الشخصية لـ أبو سامي
أبو سامي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2140
 تاريخ التسجيل :  Aug 2013
 أخر زيارة : 03-09-2024 (11:53 PM)
 المشاركات : 5,725 [ + ]
 تقييم العضوية :  5380
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 119
تم شكره 366 مرة في 243 مشاركة
الإفتراضي رد : محاضرات اسلامية ( مكتوبة )



اسم المادة : الجنة المتحركة
لفضيلة الشيخ / عبدالعزيز الأحمد

جنة تأتي وتقبل ، حتى لو أمسكت عنها ماءك تنبت لك زرعا ، وتشق لك من الماء العذب الزلال نبعا ، جنة لا تعرف السكون ، بل تتحرك إليك ، بينما جنان الدنيا تأتيها أنت ولا تأتيك ، جنة تظللك وتدللك وتحفيك ووتحميك وتناغيك وتسقيك ، جنة يتخايل في تراسيم وجهها الروح والريحان ، وتشم من عبيرها العطف والوجدان ، فيا الله من جنة خلقت على هيئة إنسان ، بل إن جنة الله المرادة تحت قدميها ذلك هو القلب الرؤوم والنفس الشفافة الرضية ، (أتى رجل إلى النبي r يستأذنه في الجهاد فسأله أحي والداك ؟ فأجاب بوجود الأم ، فقال النبي r : الزم رجلها فثم الجنة ) إي والله أيها الأخوة والأخوات هنالك الجنة عندها بقربها بل تحت رجليها فالله أكبر على هذا المقام العلي ، والنور الوضي ، والعطرالشذي ، منحها اللطيف الخبير بعدما قاسته وعانته (( ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير )) أما تذكرون أيها الأخوة والأخوات لما تعلقت برحمها ، وتخلقت بلحمها ، تقطع من حشاها لتكوينك ، وتتغذى في داخل بطنها فيتحول الدم الذي هو قوام حياتها لك حليبا ، تزاحمها حتى على النفس والهواء ، تتحرك في بطنها فتثور الآلام كالبركان لكنا تحس بلذة عظيمة بحركتك ، يثقل وزنك ، وتدور نزولا ورقيا فتدور معك في فلكك ، وتتأوه لأجلك ، كم حرمتها نعاسا ونوما ؟ وكم سلبت من فيها لذة وطعما ؟ حملتك كرها وتعبا ، وجهدا ونصبا ، ثم تتقلب في حشاها مؤذنا بالخروج وليس أي خروج ، خروج مخلوق حي قد أخذت منها كل شيء ، أخذت صحتها راحتها هواءها دمها دمعها وتطلق بك طلقات اللم أشد من نز الرصاص وكز الخناجر وغرز الإبر وضرب السيوف والسهام ، حينها تعلو آهاتها وتتابع زفراتها ، فيا الله تتمنى الموت مع كل طلقة وزفرة ، فأين العاقون عن تذكر هذه المشاهد العجيبة الغريبة ؟ طالعتنا الصحف يوما من الأيام بخبر عجيب وخبر غريب ، خبر يجعل الإنسان يبكي كمدا ، انهمرت مع هذا الخبر الصحفي دموع شاعر رقيق فقال على لسان الأم التي قتلها ابنها قتلا حقيقيا قائلة الأم له :
يا قاتلي هل نسيت اليوم آلامي وهل جحدت على الأيام نعماء وهل تنكرت للبطن التي حملت أحناؤه بك تسعا بين أحشائي وهل عققت حناني والذي صنعت يداي طيلت إرضاع وإيواء ، أين الوفاء وأين العطف يا ولدي وأين برك بي يا شر أبناء هلا ذكرت الليالي قمت أسهرها عليك أدفع جهدي غيلة الداء ومل تحملت من جوع ومن عطش لكي تفوز بإطعام وارواء وما تجشمت من كد ومن نصب لكي تطين بانضاج وإنماء وما تمنيته كي تشب فتى تظل ذخرا لاملاق وإعياء في ذمة الله ما كابدت يا ولدى من أجلك العمر في قيض وأنواء ، لكم غمرتك حبا في طواعية فجئت تسرف في كره وبغضاء ، وكم أردتك قربي دونما علل فكنت تمعن في بعدي واقصاء ، وكان ظني أن تبقى المعين فلا تصير بالختل أقسى كل أعداء وكنت أزعم أن ألقاك لي سندا وصاحبا عند سراء وضراء فلم يكن من نصيبي غير ما اقترفت يداك ضدي من ضر وافناء ، فوضت أمري للرحمن في ولد لم يتق الله في ضعفي واتساء ، وراح يضربني في كل جارحة رغم الحنان ويدمي كل أعضاء ، وظل وهو شغاف القلب يطعنني في القلب لا يشتفي الا بتعساء ، يا ليته لم يكن ولدي ولا حملت بمثله حامل تصبو لأبناء .
أيها الأخوة ، بعد تلك الطلقات والزفرات ما إن تخرج أنت ، أو تخرجي أنت أيتها المرأة ، وتصرخ صرخة الولادة صرخة الفقد لهذا المكان القرار المكين ، فإذ بفمها _ أي فم الأم _ يفتر عن بسمة الوالدة الموجوءة المضمخة بالدماء فأكنها جريحة حرب وقتيلت معركة رهيبة إلا أنها تنسى لأجل إطلالتك سليمة تنسى آلامها وأسقامها فما أعظم هذه الجنة المتحركة ، وبعد ،تبدأ معك تلك الجنة المتحركة تبدأ معك رحلة القرب والضم رحلة الإرضاع والإمتاع ، تتغذى من صدرها وتبيت في حجرها تنام معك وتجوع لتشبعك تحيطك بيديها وتسقيك من ثدييها ، سعادة الدنيا عندها أن تراتك فرحا باسما ، وحزنها وكمدها لما تراك باكيا واجما ، وتلاعبك وتداعبك ، صوتها لك نشيد ، وحبوك ومشيتك عندها كأنها ليلة السعد والعيد ، تنظفك بيديها كأنك العطر الفواح ، وتطعمك من لذائذ الطعام ولا تطلب منك إلا الهنا والارتياح ان تقلبت في مهدك وفراشك علاها السهد والوجد وان مرضت تمنت لو فدتك بنفسها وأنفاسها وأنسها فكم في حنايا قلبها من عبر وآيات فإذا مشيت ودرجت وقفزت ولعبت درجت روحها معك ، ان خرجت خرجت روحك معك ، وان رددت فكأن الدنيا بين يديها ، لا ترد لك طلبا وتخاف عليك وتدعو لك رغبا ورهبا ، أقصى أمانيها ولذة حياتها إذا خرجت كلمة منك تطلب ضمتها والنوم في أحضانها ، ونار قلبها وجمره إذا غبت ساعة او لحظة ، فكم قتلت تلك الجنة المتحركة ، فكم قتلت بالبعاد ووإدت بالجفاء بأي ذنب قتلت ؟ نعم إنها الجنة المتحركة ، فسبحان من اودع في قلبها الحب والحنان ، فسبحان من أودع في قلبها العطف والوداد ، لا يوجد في الكون على الإطلاق قلب يحبك محبة خالصة بدون شهوة أو مصلحة مثل قلبها ، قلب يريد قربك وان أسأت إليه ، قلب يودك وان جفوت عليه ، جنة لك وأنت وليد ، جنة لك وأنت تحبو وتلعب وتلهو ، جنة لك وأنت غلام يافع تدخل وتخرج ، إذا صحت قلت ماما وإذا غضبت ناديت ماما وإذا عطشت أو جعت صرخت ماما ولذا كان حقها والله مضاعف ثلاث مرات إذ أتى السائل الصحابي الجليل قائلا : يا رسول الله : من أحق الناس بحسن صحابتي ( أي خلقي وبري وصحبتي ) قال : أمك ، قال : ثم من ، قال : أمك ، قال : ثم من ، قال : أمك ، قال : ثم من ، قال : أبوك ) حق الحمل حق الوضع حق الارضاع وحق المتابعة والتعب والجهد والنصب (( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما – واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا – ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا ) ومهما فعلت أيها الابن وأيتها البنت مهما فعلت وفعلت فأنى لك رد الحق والجزاء ، جنة فيها الحنان واللطف فيها الهناء والغذاء فيها البهجة والأنس والروح إذا خرجت من مدرستك أو دلفت بعملك غدت روحها معك تتململ حتى تروح راجعا وان تفوقت وارتفعت وفزت فكأنما حازت الدنيا بأجمعها ، أسهد لحظاتها حين تراك فرحا جذلانا ، وألذ أوقاتها حين تراك مرتاحا مطمئنا ، فإذا طر شاربك وعز جنابك وزها شبابك وأخذتك المشاغل وغبت الساعات فإذ بها خلف الستر والأبواب تخايل طيفك وتريد بسمتك لا يغمض لها جفن ولا منام وان نام الأب تقلب لك العيون قلبها لك مستيقظا فإذا دخلت عليها تنفست الصعداء ودلفت إلى فراشها داعية الله عز وجل بالخير والشكر إيه ما أعجب هذه الجنة المتحركة حنانا ورقة وعذوبة ولطفا من فقدها هل سيعوض بغيرها ؟ ومن ماتت ورحلت من الدنيا هل سيجد حياتا مثل حياتها ؟ هل سيجد نفسا مثل نفسها ؟ هل يجد رائحة مثل رائحتها ؟ هل يجد أنسا مثل أنسها ؟ هل يجد مسائلة لطيفة مثل مسائلتها ؟ هل سيجد عتابا رقيقا مثل عتابها ؟ حق لمن فقد الأم أن يسمى لطيما ومن فقد الأب أن يدعى يتيما ، والله الذي لا إله إلا هو لا يوجد في الكون في المخلوقات كقلب الأم لولدها ولذلك اهتبل واغتنم النبي r تلك الصورة الأمومية لتلك الأم الفاقدة لابنها في إحدى الغزوات وهي تبكي وتبكي تمشي مشية المجنونة ، باحثة عن مفقود تلتفت بلا عقل مشدودة مشدوهة فإذ بها تبصر ولدها تتلقفه وتضمه كما يتلقف الغريق حبل النجاة وتضمه ضمة العمر وتتشممه وتذهب في بكاء طويل بكاء سمعه النبي r وصحابته حينها يقول النبي r أترون أن هذه الأم طارحة ولدها في النار ؟ قالوا : لا يا رسول الله وهي قادرة على منعه ، قال r ( للله تعالى أرحم بعبده من هذه الأم بولدها )) ليس أرحم من الأم إلا الله تعالى ، وليس ألطف من الأم إلا الله تعالى ، لكن أيها المؤمنون كم وكم من المحرومين من هذه الجنة ذات الظلال والحنان والنفحات والرحمات كم من محروم زهد فيها وعاش في صحارى الدنيا اللاهبة وشهواتها الصاخبة متعللا بصبابة أو صبابة هل تعلمون أن هناك من يجلس عن أمه أسبوعا هل تعلمون أن هناك من يجلس عن أمه شهرا هل تعلمون أن هناك من يجلس عن أمه سنوات وسنوات ، كيف صبر ؟ نعم كيف صبر ، إن الأم هي البال والفكر كله فكيف تنساه، والشوق والروح كله فكيف تجفاه ، أحقا من فعل هذا و قلاها أشهرا أحقا هو إنسان ، إن الحيوانات والطيور تنوح إذا فقدت أمهاتهن أو ابتعدن عنها ، أم ابتعد ابنها عنها متعللا بوظيفة في مدينة أخرى أو متعللا بتدريس في منطقة أخرى أو متعللا بتجارة أو عقار أو دينار فبعثت إليه هذه الرسالة الراعثة بالدم والدمع تقول له :
جددت بالتعليل علاتي وأثرت بالتسويف لوعاتي أنسيت خلف خطاك أدعيتي ومحوت من عينيك قبلاتي خلفتني لليأس ينهشني بالمخلب المتضور العاتي الليل يطويني وينشرني وأنا أدافعه بزفراتي أسقيه دمعاتي وأطعمه هذي البقايا من بقياتي يا فلذة من روحي انسلخت ماذا انتفاعي بالرسلالات جاء الربيع فلم يبش له قلبي ولا بشت رويقاتي عثرت بآلامي بشائره وكبت مواكبه بغصاتي ماذا أقول لمن يسائلني عن ما يصدك عن موافاتي لا أنت حي أرتجيك ولا ميت فأنفض منك راحاتي عبثا أعلل مهجتي بغد ليس الغد مرجو بالآت أنت الدواء فان نبت يدي لا طب يجدي في مداوات ما حاجتي للنور في بصري ان لم تكن عينيك مرآتي بيني وبين القبر مرحلة أجتازها في بضع خطواتي يا ابني قسوت وخانني جلد ي هلا سترت علي زلات إني أخط رسالتي بدمي وإليك أهدي جراحاتي أو عباراتي إن لم يكن في العود من أمل رحماك لا تهمل خطاباتي ....
إخوتاه: قد يتعلل المبتعد العاق بأعذار وحيل فمرة يقول أمي شديدة وآخر يقول أمي دقيقة وثاني يزعم بأنها تتدخل في كل شيء وثالث يتضايق من ملاحاتها ومزاحمتها له ولزوجته الى آخر الأعذار ، وهنا أقول أيها الابن نعم يا ابنها ويا بعضها هنا محك البر ومحك الإحسان الأولى أن تسكن معها الأولى أن تطعمها بيديك الأولى أن تكسوها الأولى أن تقضي حوائجها أن تهاديها وأن تناديها أن تدخل السرور عليها إن البر صور وألوان يبدأ بالكلام اللين ويزداد حتى يصل إلى القرب وقضاء الحاجات بل وصل ببعضهم أن لا يأكل مع أمه خشية أن تقع يده على طعام تشتهيه أمه وبعضهم لا يسكن في الدور الذي يعلو دور أمه فأين هذا ممن جفا أمه ؟ وأجرى دمعها وأسهر ليلها وباعد عن ديارها شهورا وسنينا وصار قاسيا شقيا ظلوما غشوما أين اللطف وأين النداوة بل على الأقل أين الوفاء أين جزاء الإحسان ..إخوتاه ... أسمعتم بمن ضاق بأمه ذرعا ونحاها ووضعها في ملحق البيت ثم أخيرا لما تضايقت زوجته منها ذهب بها إلى ملجأ دار المسنين فقالت على لسانها أبياتا تسيل دما واسمها أم حمدان وبعثت هذه القصيدة قائلة :
وين أنت يا حمدان أمك تناديك وراك ما تسمع شكاية وندايا
يامسندي قلبي على دوم يطريك ما غبت عن عيني وطيفك سمايا
هذي ثلاث سنين والعين تبكيك ما شفت زول زايرني يا ضنايا
تذكر حياتي يوم أشيلك وأداريك وألا عبك دايم وتمشي ورايا
ترقد على صوتي وحضني يدفيك ما غيرك أحد ساكن في حشايا
واذا مرضت أسهر بقربك وأداريك ما أذوق طعم النوم صبح ومسايا
لكن خسارة بعتني اليوم واشفيك وأخلصتلي زوجة وجالي شقايا
أنا أدري انها قاسية ما تخليك قالت عجوز ما أبيها معايا
خليتني وسط المصحة وأنا جيك هذا جزا المعروف وهذا جزايا
يا ليتني خدامة بين أياديك مشان أشوفك كل يوم برضايا
مشكور يا ولدي وتشكر مساعيك وأدعيلك الله دايم بالهدايا
حمدان يا حمدان أمك توصيك أخاف ما تلحق تشوف الوصايا
وان مت لا تبخل علي بدعاويك واطلب لي الغفران وهذا رجايا
طبعا هذه رسالة حقيقية وهي موجودة لدينا ، ويح الجافي والعاق الذي يصبر عن أمه 24 ساعة لم يسمع صوتها ولم يجلس معها ولم يعطها قهوة ولم يطعمها طعاما اذن أين لذة القلب إذا لم تكن مع الله ومع الأم ومع الأب ، أين رد جميل رضعة من الرضعات ؟ أين رد جميل ضمة من الضمات ؟ فكيف برد الطلقات والزفرات والآهات والسهرات وأين أين ؟؟؟ ألا تعلمون أيها الأخوة والأخوات أن برك بالأم سبب لبر أولادك بك لأنه سلف ودين ؟ ألا تعلمون أن برك بوالدتك باب عظيم لتكفير الصغائر بل قال بعض العلماء تكفير للكبائر ، روى ابن عمر رضي الله عنهما ، أن رجلا أتى النبي r فقال يا رسول الله إني أصبت ذنبا عظيما فهل لي من توبة؟ فقال النبي r : هل لك من ام ؟ قال : لا ، قال فهل لك من خالة فقال : نعم ، قال : فبرها ، رواه أحمد والترمذي وابن حبان والحاكم ، وروي عن عمر رضي الله عنه الفاروق أن من قال لمن قتل نفسا : لو كانت أمه حية فبرها وأحسن إليها روجت أن لا تطعمه النار أبدا ، وقال ابن عباس رضي الله عنه في مثل هذه الحادثة لمن قتل نفسا وأتاه سائلا : هل لي من توبة ؟ فقال : اني لأعلم عملا أقرب إلى الله عز وجل من بر الوالدة ، ألا تعلمون أيها الأخوة والأخوات أنه ما من ذنب أجدر من أن يعجل الله عقوبته في الدنيا مثل البغي والعقوق ، أي في الوالدين ، كما في الحديث ، ألا تعلمون أن دعاء الوالدين مستجاب ؛ لأنه لن يصدر إلا بعد ظلم وقهر حتى لو كان الوالد أو الوالدة مشرك فدعاؤهما مستجاب ، وليس بخاف دعوة أم جريج لما نادته وهو ليس لاهيا وليس عابثا وليس مشغولا بتجارة أو بسفرة أو بزيارة بل كان مصليا قانتا فقالت أمه داعية عليه : اللهم لا تمته حتى يرى وجوه المومسات ، فاستجاب الله دعوتها حتى رمي بالزنا فبرأه الله بعد ذلك وهو رجل صالح تقي عفيف ....
فيا إخوتاه الله الله في الجنة المتحركة بين أيديكم وهنيئا لمن كانت أمه موجودة لم تمت ، ومن كانت ميتة أو أبواه قد ماتتا فبرهما بعد موتهما بالدعاء لهما والصدقة عنهما وصلة أهل ودهما ، فليغتنم من كان أبواه حيين موجودين فليغتنم وجودهما فوالله إن فقدهما لا يعوض بأي ثمن من أثمان الدنيا ومن كان أبوه أو أمه قد ماتا فإنه يبذل المليارات بل الدنيا كلها ويحاول أن يرجعهما ولكن هيهات فلتبرها وتحسن إليها تذللا تدينا وتلطفا ، وإياك إياك اغضابها إياك أن تتركها حزينة أو أن تتركها باكية فإن مقامها عند الله عظيم إياك أن تتركها لوحدها ليس عندها إلا خادمة تخدمها كيف يهنأ قلبك أن تنام على وسادة واحدة مع زوجتك وأمك تسهر الليل وتعني الأوجاع وتعاني الأتعاب وكذلك الأسقام وأنت تهنأ بالصباح والمساء في الذهاب والإياب اسكن مع أمك أو كن قريبا منها زرها في الصباح والمساء واقض حوائجها وانفق عليها أدخل السرور عليها لا ترفع صوتك عندها قدم محابها على محابك حينئذ ستجد خلفك وأمامك دعوات أمك لك بالتوفيق والسداد والبركة والنجاح في الدنيا والآخرة وحري بك أن يوفقك الله عز وجل وتنال الجنة الباقية في الآخرة كما أحسنت إلى الجنة المتحركة في الدنيا أسأل الله لي ولكم البر بالآباء والأمهات والإحسان إلى المسلمين أجمعين وأن يرحمنا ويعفو عن تقصيرنا وأن يحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأن يجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد



 


الرد باقتباس
قديم 05-21-2016, 10:37 PM   #6


الصورة الشخصية لـ أبو سامي
أبو سامي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2140
 تاريخ التسجيل :  Aug 2013
 أخر زيارة : 03-09-2024 (11:53 PM)
 المشاركات : 5,725 [ + ]
 تقييم العضوية :  5380
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 119
تم شكره 366 مرة في 243 مشاركة
الإفتراضي رد : محاضرات اسلامية ( مكتوبة )



اسم المادة : أهلاً يارمضان
لفضيلة الشيخ / ابراهيم الدويش

الحمد لله الذي جعل لعباده مواسم يتقربون إليه فيها بأنواع الطاعات، فيغفر لهم الذنوب ويرفع لهم الدرجات. وأشهد أن لا إله إلا الله، حكم فقدر، وشرع فيسر، ولا يزال يفيض على عباده من أنواع البر والبركات. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أول سابق إلى الخيرات صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً .. أما بعد: هاهو رمضانُ أشرفُ الشهور، ساعات ويحط رحاله بيننا، فأهلاً بشهرِنَا الكريمِ، {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}، شهرِ الذكرِ والصيامِ، شهرِ التوبةِ والغفرانِ، شهرِ العتقِ والرحمةِ والمغفرةِ. أهلاً بكَ يا رمضانُ، وجعلَكَ اللهُ هلالَ خيرٍ ورشدٍ، وأمنٍ وإيمانٍ، وسلامةٍ وإسلامٍ، على أمةِ الإسلامِ في كلِّ مكانٍ.
بِكَ أيها الشهرُ الكريمُ حياتُنا تصفُو برغمِ جِراحِنَا، وتطيبُ
أقبلْتَ كالغيثِ الذي هشَّ الثَّرى فرحاً به، فالروضُ منه خصيبُ
أقبلتَ كالنّبعِ الذي يهفُو لهُ شَجَرٌ، وتَلْثُم راحتيهِ سُهوبُ
ما أنت إلا واحةٌ من دينِنَا فيها مجالٌ للعطاءِ رَحِيـْبُ
اللهُ أكبرُ، إنهُ رمضانُ! حسناتٌ تُضاعفُ، وذنوبٌ تُغفرُ، ونفوسٌ تُسابقُ (وسباق) على الخيراتِ، وحرصٌ على العباداتِ، واجتماعٌ ومودةٌ .. إنها بشائرُ لكل مسلم، فأبشروُا وتباشروا أيها المسلمونَ، أبشرُوا برحمةِ أرحمِ الراحمينَ، وتفاءلُوا وأقبلُوا على اللهِ؟ وهنيئاً لكم برمضان، هنيئاً لأهلَ الصيامِ والقيامِ، وهنيئاً لأهلَ القرآنِ، وهنيئاً لأهلَ الصدقاتِ والإحسانِ، هنيئاً لكلِّ السابقينَ بالخيراتِ، والذينَ يجاهدونَ أنفسَهُم عن الشهواتِ، ويصبرونَ على الطاعاتِ، هنيئاً للجميع برمضانَ، فإنَّ رَمَضَانَ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرةٌ لِمَا بَيْنهُمَا مَا اجْتُنِبَتْ الْكَبَائِرُ..!! إذاً، فشهرُ رمضانَ فرصةٌ عظيمةٌ، ومناسبةٌ جميلةٌ للتنافس وكسب الأجور، ومحو السيئات وتطهير النفوس، ولنكن أكثر مصارحة وجدية ولنراجعَ ذواتنا، ونسألَ أنفسَنَا: هل نجحْنَا في استثمار هذا الشهرِ الكريمِ كما ينبغي؟ فرصة ثمينة ما دمنا في بدايةِ هذا الشهرِ المباركِ، أن يقفَ كل فرد منا بكلِّ صراحةٍ مع نفسهِ، فيعرفُ خيرَهَا وشرَّهَا، ويسعَى لتطويرِهَا وتهذيبِهَا، فاللهُ سبحانَهُ خلقَ الخلقَ وأرشدَهُ وهداهُ النجدينِ{أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى}[طـه:50] قالَ الحسنُ وقتادةُ: أعطَى كلَّ شيءٍ صلاحَهُ، وَهَدَاهُ لما يُصلحُهُ، {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا*إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا}، فمَنْ توجهتْ همَّتُهُ إلى العلا ينالُهُ، وكذلك مَنْ أخلَدَ إلى الأرضِ واتَّبَعَ هواهُ فسيلحَقُهُ بقدرِ دنوِّ همتِهِ مِنَ الذُّلِّ والمهانةِ والتبعيةِ {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا*فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا*قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا*وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا}، "مَنْ جَدَّ وَجَدَ، وَمَنْ زَرَعَ حَصَدَ". وخصائصُ ومميزاتُ رمضانَ فرصةٌ لا تُعوَّضُ للجادينَ الراغبينَ حقاً تزكية النفس وتهذيبها، ومحو السيئات وكسب الحسنات،
ومن أهمِّ هذه الخصائصِ:
أولاً من خصائص رمضان:
أن رمضانَ ثلاثونَ يوماً، وأنتَ كلَّ يومٍ تُمسكُ من الصباحِ إلى الغروبِ، فلا تشربُ، ولا تأكلُ، ولا تجامعُ، ولا تسبُّ، ولا تفسقُ، وهذا تدريبٌ مستمرٌّ له أثرٌ كبيرٌ على تربية النفسِ وعلاجِ قصورِهَا ومشاكلِهَا.
ثانياً من خصائص رمضان:
وجوبُ تبييتِ نيةِ الصيامِ في رمضانَ من الليلِ، دونَ ترددٍ أو ضعفِ رأيٍ، بل بقرارٍ واضحٍ بُيّتَ بالليلِ كما يُقالُ،.. هل يمكنُ أن يتردَّدَ مسلمٌ صحيحٌ مقيمٌ بصيامِ يومٍ من أيامِ رمضانَ؟! واليوم نجد أن الترددُ أو الضعفُ في اتخاذِ القرارِ مشكلةٌ من أكبرِ المشاكلِ التي تواجهُ الكثيرَ من المسلمينَ على جميعِ المستوياتِ، وبالأخصِّ مع النفسِ، والمسلمُ قويّ صاحبُ قرارٍ، فأمرُهُ كلُّهُ خيرٌ متى فعلَ الأسبابَ، واتخذَ التدابيرَ، أمَّا التردُّدُ فلا يربِّي نفوساً ضعيفةً فحسبُ، بل يأتيْ بأمراضٍ نفسيةٍ وجسمانيةٍ، وقلقٍ وحيرةٍ، فالتردُّدُ يبدأُ بسيطاً في اتخاذِ قراراتٍ صغيرةٍ، ثم يكبرُ ويكبرُ، فيصبحُ عادةً للإنسانِ، فيصيرُ ضعيفاً غيرَ قادرٍ على اتخاذِ أيِّ قرارٍ بسهولةٍ، وهكذا رمضانُ يربِّيْ المسلمَ داخلياً بمجردِ تبييتِ النيةِ على الصيامِ، ثمُّ إمساك، ثم إفطار بدقةٍ متناهيةٍ، يتخذُ المسلمُ يومياً قراراتٍ متتالياتً خلالَ شهرٍ كاملٍ، وهذه تربيةِ إيمانيةِ عجيبةِ، لو تنبهنا لها، ومَنْ تأمَّلَ قولَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الْأَمْرِ وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ))، عَلِمَ عظمةَ هذا الدينِ ومدى تربيتِهُ للمؤمنِ.
إذا كنتَ ذا رأيٍ فكنْ ذا عزيمةٍ فإن فسادَ الرأيِ أن تتردَّدَا
ثالثاً من خصائصِ هذا الشهرِ وكونهِ فرصةً لتربية النفس وتهذيبها:
خروجُ الإنسانِ عن المألوفِ المعتادِ سواء في مواعيدِ طعامهِ أو في صلاتهِ أو وظيفتهِ أو نومهِ أو غيرِ ذلك، فالطعامُ بدلَ ثلاث وجباتٍ وجبتانِ في وقتينِ لا يمكنُ أن يخطرَ لك على بالٍ أن تأكلَ فيهمَا، بل ربما لو قامَ أحدٌ في غيرِ رمضانَ ليأكلَ في ساعاتِ الليلِ الأخيرةِ لَاسْتُنْكِرَ ذلك عليه، أمّا في رمضانَ فتتغيرُ الأحوالُ، ويخرجُ المرءُ عن المألوفِ، ويجدِّدُ الروتينَ المعتادَ، والإبداعُ كما يقولونَ: خروجٌ عن المألوفِ، وما أحوجَنَا اليومَ إلى الإبداعِ والتجديدِ، بل إن التغييرَ والخروجَ عن العادةِ من أهمِّ أسبابِ التغلبِ على القلقِ وضغوطِ الحياةِ، وتأمَّلُوا تنوعَ مواسمِ الطاعاتِ والحوافزَ فيها، فما أن ينتهيْ رمضانُ حتى يأتيْ العيدُ، ثم الحجُّ بأشهرِهِ الحرم، فبعدَهُ العيدُ، ثم عاشوراءُ، وهكذا كل عام، فلا تمل النفوسُ، وإن فترتْ عادتْ وانطلقتْ من جديدٍ للتجديدٍ، بل مَنْ حرصَ على تغييرِ الدعاءِ في السجودِ والركوعِ وبقيةِ أفعالِ الصلاةِ بحسبِ تنوعِ الأدعيةِ المسنونةِ، وجدَ أثرَ هذا على نفسِهِ وخشوعِهِ وحضورِ قلبهِ، ومثلُ هذا في الشرع كثيرٌ، إنه خاتمُ الأديانِ دينُ الإسلامِ.
رابعاً من خصائص رمضان:
تنظيم الوقت، فساعة محددة للإمساك، وساعة محددة للإفطار، وثالثة لصلاة التراويح، وهكذا دقةٌ والتزامٌ وتنظيمٌ، ولهذا أثر كبير على النفس، أما من لا يعطي أهمية للوقت وتنظيمه؛ فلن تكون هناك أهمية لحياته، لأن الوقت هو الحياة.
خامساً من خصائصِ رمضان:
البيئةُ من حولِكَ إيجابيةٌ مشجعةُ، فجميعُ المسلمينَ من حولكَ صائمونَ، وكلُّهُم على الخيرِ مقبلونَ، يتصدقونَ ويصلونَ ويتنافسونَ، الجوائزُ والحوافزُ كثيرةٌ: مضاعفةُ الحسناتِ، وتكفيرُ السيئاتِ، وفتحُ أبوابِ الجنانِ، وإغلاقُ أبوابِ النيرانِ، والشياطينُ مصفدةٌ، إذاً؛ فلم يبقَ إلا نفسُك التي بين جنبَيْكَ، فجاهدْهَا وحاسبْهَا وطوِّرْهَا، فالظروفُ مواتيةٌ، والأسبابُ مهيئةٌ، فاستعنْ باللهِ ولا تعجزْ، فَـ ((كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا)) فلا تهلكْهَا بالتسويفِ والمماطلةِ وخداعِ النفسِ، فالأيامُ تمضيْ، والعمرُ يجرِيْ، وأنتَ لا تدريْ، والموتُ أمامَكَ، والقبرُ منامُكَ، وبينَ يديِ العليمِ البصيرِ سؤالُكَ، ورغم أنفُ ثم رغمَ أنفُ ثم رغم أنف مَنْ أدركَ رمضانَ فلم يُغفرْ له، فليس لك عذرٌ ولا حجةٌ. {بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ}. عباد الله: احذروا (سوف) فإنها أداة للتدمير، وعدوة لتهذيب النفس والتطوير، رغم كثرة الأحلام والآمال وعريض الأماني؛ فإن العمل يئده (سوف) و(لعل) و(عندما).. وتضيع الآمال وتنتهي الأحلام في زحمة الحياة، فلا يكاد يتحقق شيء، وهاهو أخي! رمضان يبدأ وغداً ينتهي، وقد مرّ عليك قبله رمضانات كثيرةٌ، فهل أنت راضٍ عنها؟ وهل هي حجةٌ لك عند الله أم عليك؟ وكم عاهدتَ فنقضتَ؟ ووعدتَ فأخلفتَ؟ وهاهو الله الحليمُ الرحيمُ يُمِدُّ في عمرك ويمهلُكَ، ويُنعم عليك بفرصةٍ أخرى، فماذا ستفعل؟!
يا ذا الذي ما كفاه الذنبُ في رجبٍ حتى عصى ربَّه في شهرِ شعبانِ
لقد أظلَّكَ شهرُ الصومِ بعدَهُــمَا فـلا تُصَيِّرْهُ أيضاً شهرَ عصيانِ
أيها المسلم: قد تخرج من رمضان بصيام وقيام وقراءة قرآن وخيرات حسان، وأرجو أن تفوز بالأجر من الكريم المنان، لكن ما أثر ذلك على نفسك؟ ما هو الجديد الذي أضفته لشخصيتك وخصالِك؟ هل سألت نفسك: لماذا لا تستمتع برمضان حقيقة الاستمتاع؟ لماذا لا تستفد من المتغيرات الرمضانية من حولك؟ كن ذا إرادة وعزيمة، وتوكلْ على الله بصدق،
وهاك خطواتٍ عمليةً لتعينك:
أولاً:
وضوحُ الهدفِ، ودقةُ تحديدِهِ، مع إمكانيةِ الوصولِ إليه، كَرجل طَموح يريدُ أن يحفظَ القرآنَ، أو آخرُ يريدُ أن يقلعَ عن عادةٍ سيئةٍ خلالَ هذا الشهر. واحذر الطموحاتِ البراقةَ والأمانيَّ العِذابَ.. ولكن على قدر إمكاناتك، وتنبهْ؛ فقد تكون قدراتُكَ أكبرَ مما تقومُ به الآن، فلا ترضى بالدون، ولكن ضعْ نفسَكَ في مكانها الحقيقي دون تكبر أو احتقار.
ثانياً:
حددِ الوسائلَ العمليةَ المعينةَ للوصولِ للهدفِ (كشيخ، أو طبيب أو صديق، أو قراءة أو تدريب).
ثالثاً:
ضع برنامجاً عملياً مكتوباً محددَ الأوقات والساعات، كأن تحاولَ أن تتخلصَ كلَّ أسبوع من عادةٍ واحدةٍ سيئةٍ، وتذكرْ دائماً أن شهرَ رمضانَ شهرُ عملٍ لا شهر كسل.
رابعاً:
ابدأ التنفيذ، وتذكر أن الفشل طريقك إلى النجاح، فإذا فشلت مرة أو مرات فلا تيأس، بل هذا يؤكد أنك على الطريق الصحيح، واعلم أن الذي لا يخطئ هو الذي لا يعمل، وتعلم من أخطائك واجعلها وقودَك إلى النجاح.
خامساً:
اكسر حاجزَ الخوف، ولا تتردد كما يفعلُ الكثير، وتذكرْ أن مبادرةً واحدةً أفضلُ من مئةِ كلمةٍ، وأن الأفعالَ هي الطريقُ إلى النجاح، وأن إشعالَ شمعةٍ واحدةٍ خيرٌ من أن تتذمرَ من الظلامِ ألفَ مرةٍ.
ومن يتهيبْ صعودَ الجبالِ يعشْ أبدَ الدهرِ بينَ الحفر.
سادساً:
استشر الآخرين حولَ خطواتِك القادمة، وخاصة الناجحين، ومن يحبون الخير لك، ومن تثق برأيهم، ولا تستشر ضعافَ الهمم، أو الحسادَ، أو المجاملين لك، وتذكر أن الصاحب ساحب، فكن أنت الساحب، أو انج بنفسك. سابعاً:
افرح بكل خطوة ناجحة، ولا تقلل منها مهما كان النجاحُ جزئياً، {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}[يونس:57 ]. ففرحُكَ بالنجاح ولو كان يسيراً سيقفزُ بك إلى الأمام. ثامناً وأخيراً: احرص على التقييم والمراجعة والمصارحة، واحذر من الاستسلام للفشل أو للعجز أو التسويف.
ثم اعلم إن أردت فعلاً الوصول لتربية النفس وتهذيبها، فلا بد من:
أولاً:
الإرادة والرغبة الأكيدة والجادة في داخلك.
ثانياً:
لا بد من المعرفة بالطرق الصحيحة للتربية والتهذيب.
ثالثاً:
التطبيق الصحيح لهذه الطرق.
رابعاً:
لابد من الاستمرار والعزيمة حتى تحقق ما تريد، فأنت تقوم بمشروع بناء، والبناء لا يمكن أن ينهض في يوم وليلة، بل لا بد من حَفر الأساس في أعماق نفسك، ثم البدء خطوةً خطوةً حتى يتم بناء شخصية متميزة، وعلى قدر أهلِ العزمِ تأتيْ العزائمُ.
معاشر الصائمين والصائمات:
تلك خصائص ومميزات رمضان، وهذه شروط وخطوات لمن كان جاداً في تربية نفسه وتطويرها، وصادقاً في محاسبة نفسه وتهذيبها، حريصاً على نجاتها وفوزها. ليكن رمضان هذا العام جديداً في حياتك، فرغم أن رمضان له طعماً خاصاً، وله تميزه وخصائصه، ورغم عظم الأجر فيه، ورغم الخروج عن المألوف في حياة الإنسان اليومية.. إلا أن العادة جعلتْه عند الكثير من الناس مجردَ شهرٍ يمسكُ فيه عن الطعام والشراب. فلْنحذرْ من العادة فإنها تحول الأشياءَ التي نستمتعُ بها إلى ضروراتٍ يوميةٍ تبعثُ على الكآبة والروتين الممل.. أليس رمضان شهر ثقيل على البعض؟ حتى جعلوا الليلَ للهوِ واللعبِ، والنهارَ للنومِ والكسلِ، فالهمُّ عندهم متى ينتهي رمضان، بدل: كيف أستفيد من رمضان؟! فهيا إخوة الإيمان لنستمتعَ برمضانَ، ولنستثمرَ هذا الشهرَ المباركَ لنخرجَ بأكبرِ قدرٍ ممكنٍ من الفوائدِ والحسناتِ، فهو كما قال عليه الصلاة والسلام ((..شَهْرٌ مُبَارَكٌ، فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ)) رواه النسائي، وهو شهر يغشاكم الله فيه فيفتح لكم أبواب رحمته، ويحطُّ عنكم الخطايا، ويستجيبُ لكم الدعاءَ، ينظرُ اللهُ إلى تنافسِكُم فيه، ويباهيْ بكم ملائكتَهُ، فأَروُا اللهَ من أنفسِكُم خيراً، فإن الشقيَ من حُرِمَ رحمةَ اللهِ. نعوذُ بالله من الشقاء والحرمان، فرمضان مدرسة لتجديد الإيمان، وتهذيبِ الخلق، وتقويةِ الروحِ. رمضان هو الفترةُ الروحيةُ التي تجدُ فيها النفوس فرصةً لإصلاحِ قصورها، وتقوية ضعفها، ومراجعةِ حساباتها. رمضان"محطة" لتعبئةِ القوةِ النفسيةِ والروحيةِ والخلقيةِ التي تحتاجُ إليها كلُّ أمةٍ في الحياة، ويحتاجُ إليها كلُّ فردٍ في المجتمع. رمضان مدرسةُ الصومِ تخرجُ رجالاً أقوياءَ في الروح والجسد. ولن ينجح في الحياة ولن يثمر، ولن يحقق أهدافَه إلا الإنسانُ الجادُّ فيها؛ فهل سيكون في رمضانِ هذا العام طعمٌ آخرُ في حياتنا؟! فإن من لم يستغلَّ رمضانَ لتطوير نفسه ومحاسبتِها فهو عاجزٌ كسول مُسَوِّفٌ، نعوذ بالله من العجزِ والكسلِ، كيف ورمضانُ فرصةٌ نادرةٌ وفريدةٌ، فهو دورةٌ تدريبيةٌ مكثفةٌ لمدةِ ثلاثين يوماً، فالبيئة من حولك إيجابية مشجعة، فجميع المسلمين من حولك صائمون، وكلهم على الخير مقبلون، يتصدقون ويصلون ويتنافسون، والجوائز والحوافز كثيرة: مضاعفة الحسنات، وتكفير السيئات، وفتح أبواب الجنان، وإغلاق أبواب النيران، والشياطين مصفدة، وغير ذلك كثير، فما أنت فاعل؟. فالله يقول: {وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ}، ويقول: {وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ}. ويقول: {فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ}. ويقول: {وَمَن تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ}. فالله غنيٌ عني وعنك، وعن صلاحنا وعبادتنا، نحن الفقراء إليه، والمحتاجُون إليه كلَّ طَرْفة عين، وزفرة نفس، ومن لم يكن الله معه فمن معه؟ ومن تخلَّى الله عنه فمن له.{يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}، نسأل الله أن يبارك لنا ولكم في رمضان، وأن يعيننا فيه على الصيام والقيام، وأن يجعله رحمة علينا وعلى أمة الإسلام في كل مكان. أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه..أما بعد: يقول ابن الجوزيّ: "وإني تدبَّرتُ في أحوالِ كثيرٍ فرأيتهم في عقوباتٍ لا يحسّون بها..، - إلى أن قال- وأوّلُ العقوبات الإعراضُ عن الحقّ اشتغالاً بالخلق، ومن خفِيِّ العقوبات سلبُ لذّة المناجاة، وأعظم الخلقِ اغترارًا أن يأتيَ ما يكرهه الله ثم يطلب منه ما يحبّه، وفي الحديث: ((والعاجزُ من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني))، فلا حول ولا قوة إلا بالله. ألا فاتقوا الله رحمكم الله، وتوبوا إلى ربِّكم وأنيبوا إليه، فأيّامكم القادمة أيّام توبة وإنابة، أيام اعتراف وانكسار وافتقار، والمحروم من حُرم خيرَها، فأَروا الله من أنفسِكم خيرًا، اللهم رحمتك نرجو وعليك نتوكل، فإنك إن تكلنا إلى أنفسنا تكلنا إلى ضعف وعجز وخطيئة، فيا ربنا الرحيم لا نثق إلا بفضلك، وها نحن نتعرض لجودك، ونقف ببابك، فيا جواد جد علينا بفضلك، ويا منان امنن علينا بعطائك وكرمك، اجعلنا من أهل هذا الشهر ووفقنا فيه لكل خير بفضلك، بارك لنا في أيامه، واجعلنا من الموفقين الفائزين فيه، برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم أهل علينا شهرنا بالأمن والأمان، والسلامة والإسلام، واجعله لنا هلال خير ورشد يا رحمن، هذا، وصلّوا وسلّموا على الرحمة المسداة والنعمة المهداة خير الأنام، صلّ الله وسلّم وبارك عليه وعلى آله وأزواجه وخلفائه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، والحمد لله رب العالمين.



 


الرد باقتباس
قديم 05-21-2016, 10:39 PM   #7


الصورة الشخصية لـ أبو سامي
أبو سامي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2140
 تاريخ التسجيل :  Aug 2013
 أخر زيارة : 03-09-2024 (11:53 PM)
 المشاركات : 5,725 [ + ]
 تقييم العضوية :  5380
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 119
تم شكره 366 مرة في 243 مشاركة
الإفتراضي رد : محاضرات اسلامية ( مكتوبة )



اسم المادة : مراقبة الله
لفضيلة الشيخ / خالد السبت

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد ؛ فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته .
أيها الأحبة
حديثنا في هذه الليلة عن موضوع يحتاج إليه الكبير والصغير والرجل والمرأة لا سيما في هذا الزمان الذي تكاثرت فيه الفتن وصار الإنسان يستطيع أن يصل إلى المنكر وهو في قعر بيته دون أن يشعر به أحد ، وصار الإنسان أيضاً يستطيع أن يطوف في أنواع الضلالات والشبهات وينظر في العقائد الفاسدة والمواقع أو القنوات التي تبث الشبهات فتضلل الناس وتشكك الإنسان في عقيدته ودينه وهو في بيته بعد أن كان الناس لربما لا يستطيع الواحد منهم أن يصل إلى مطلوبه من ذلك إلا بألوان الاحتيال والصعوبات ، ولربما تعجزه وتقعده الحيلة فلا يستطيع أن يحقق مطلوباً للنفس تشتهيه أو تهواه ، واليوم أيها الأحبة لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم يجلس الرجل أو المرأة وهو في بيته يمكن أن يفعل ما يشاء ، وأن ينظر إلى كل ما يريد ، يمكن لهذا الإنسان أن يعاكس كل ما لا يرضاه الله تبارك وتعالى دون أن يشعر بذلك أحد من الناس ، أصبحنا أيها الأحبة نتقلب في فتن تجعل الحليم حيراناً ، وأصبح كثير ممن جاوزوا سن ما يسمى بالمراهقة عادوا بعد ذلك إلى حال كان يجب أن ينزهوا أنفسهم عنها بعد اكتمال العقل والنضج وصار له من العيال ما يكون حاجزاً من أن ينظر إلى ما لا يليق أو أن يفعل ما لا يليق خوف العواقب السيئة التي لربما نزلت بأهل بيته ، وكثرت الشكاية أيها الأحبة من الزوجات على الأزواج ، انتكس كثير ممن كان يرتاد المساجد ويظهر عليه سيما الصالحين انتكس على عقبه والسبب أنه عرض نفسه للفتنة أولاً فلم ينجو منها آخراً ، ولذلك في مثل هذه الأوقات أيها الأحبة لا بد من الحديث عن مراقبة الله عز وجل وأن نكرر هذا الحديث يعظ به الإنسان نفسه حينما يتحدث ويعظ به إخوانه ويتردد ذلك في مجالسنا حيناً بعد حين فإن هذه القلوب يحصل لها ما يحصل من أنواع الغفلة والنفس شرود وقد ركبت في النفوس محبة الشهوات كما أن الفتن خطافة وقد يحمل الإنسان حب الاستطلاع على أن يرد موارد الهلكة فتعلق الشبه في قلبه ثم لا يستطيع بعد ذلك الخلاص منها وأعرف من هذا أمثلة كثيرة فنسأل الله عز وجل أن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا وأن يحفظنا وإياكم وجميع المسلمين من كل بلاء ومكروه .
أقول أيها الأحبة ، الحديث عن المراقبة يتضمن قضايا متعددة :
أولها : في بيان حقيقة المراقبة .
والثاني : في منزلتها.
والثالث : في ذكر بعض ما ورد في هذا الباب في الكتاب والسنة .
والرابع : في أنواعها.
والخامس : في الطريق إليها.
والسادس : في ثمراتها.
والسابع : نماذج من أحوال أهل المراقبة .
أما حقيقتها أيها الأحبة ؛ فهي من رقب ، وهذه المادة تدل على انتصاب لمراعاة شيء ، ومن ذلك الرقيب وهو الحافظ ، ويقال المرقب للمكان العالي الذي يقف عليه الناظر فينظر من خلاله إلى ما يريد وقيل للرقبة التي في الإنسان رقبة لأنها منتصبة ، ومن يريد أن ينظر أو يشاهد لا بد أن ينتصب عند نظره فيرفع رأسه وينظر إلى مطلوبه ، والمرأة الرقوب هي التي لا يعيش لها ولد فكأنها ترقبه لعله يبقى وفي أسماء الله عز وجل الرقيب وهو الحافظ الذي لا يغيب عنه شيء كما سيأتي .
وأما حقيقة المراقبة في معناها الاصطلاحي فمما ذكر في ذلك ما ذكره الحافظ ابن القيم رحمه الله بأنها : دوام علم العبد وتيقنهُ باطلاع الحق سبحانه وتعالى على ظاهره وباطنه ، فاستدامتنا لهذا العلم هو المراقبة ، إذا تيقن الإنسان أن الله ينظر إليه وأنه لا يخفى عليه شيء من أحواله هذا هو حال المراقبة، فهي: التعبد لله عز وجل باسمه الرقيب الحفيظ العليم السميع البصير الخبير الشهيد وما إلى ذلك من الأسماء.
يقول الحافظ ابن القيم رحمه الله في نونيته :
وهو الرقيب على الخواطر واللواحظ كيف بالأفعال والأركان
يعلم خطرات النفوس ولحظ العيون كيف بالحركات والأفعال الظاهرة .
وفي حديث جبريل عليه السلام أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإحسان فقال : ( أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) .
ومقام المراقبة أيها الأحبة جامع للمعرفة مع الخشية فبحسبها يحصل مقام المراقبة إذا علم العبد أن الله تعالى يطلع عليه وخافه فإن هذا الخوف مع علمه باطلاع الرب يقال له الخشية فإذا اجتمع هذا وهذا كان ذلك تحصيناً لهذا المقام وارتقاء إلى هذه المرتبة وبذلك ينكف العبد عن فعل ما لا يليق .
ثانياً : في الكلام على منزلتها .
المراقبة أيها الأحبة ؛ أساس الأعمال القلبية كلها ، وهي عمودها الذي قيامها به ، وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم أعمال القلب وفروعها كلها في كلمة واحدة في الحديث السابق في الإحسان : (أن تعبد الله كأنك تراه) فهذا جامع لمقام الإسلام والإيمان والإحسان ، (فإن لم تكن تراه فإنه يراك) ومن أهل العلم من يقول : إنها مرتبة واحدة ، أن تستشعر هذا المعنى أن تعبد الله كأنك تراه وعليك أن تعلم أنك إن لم تكن تراه فإن الله يراك فهي مرتبة واحدة .
ومن أهل العلم من يقول هما مرتبتان : الأولى : أن تعبده كأنك تراه ، وهي الأعلى ، فإذا لم يستطع العبد أن يحصل ذلك فإنه ينحط إلى المرتبة التي بعدها من مرتبتي الإحسان وهو أن يستشعر أن الله يراه ، وهذا هو اختيار الحافظ ابن القيم رحمه الله ، فيعلم أن الله عز وجل مشاهد له مطلع عليه في ظاهره وباطنه وإذا تحقق العبد من هذا لم يكن التفاته إلى المخلوقين فيتزين لهم ويتصنع ويكون محافظاً على حدود الله عز وجل في الجلوة ويكون منتهكاً لحرماته في الخلوة فإن هذا لم يراقبه ، وكثيراً أيها الأحبة لا يكاد يخلو يوم من سؤال يكتبه صاحبه برسالة يبعث بها يسأل عن عمل يستحي أن يسأل عنه مباشرة وهذا من العجب يستحي أن يسأل مخلوقاً ضعيفاً لا يعرفه ومع ذلك يفعل ذلك والله تبارك وتعالى يراه ويطلع عليه والملك يشاهده ويكتب عمله ، وقد قال أبو حفص لأبي عثمان النيسابوري رحمه الله : إذا جلست للناس فكن واعظاً لقلبك ولنفسك ولا يغرنك اجتماعهم عليك فإنهم يراقبون ظاهرك والله يراقب باطنك .
ثالثاً : مما ورد من النصوص في هذا الباب .
الآيات والأحاديث في هذا كثيرة .
فالله جل جلاله يقول : { إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء }
{وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير }
{يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور }
{ واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه واعلموا أن الله غفور حليم }
{ وكان الله على كل شيء رقيبا }
{ألم يعلم بأن الله يرى }
وجاء في حديث معاذ رضي الله عنه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم : ( يا رسول الله ؛ أوصني. قال: ( اعبد الله كأنك تراه ) .
وجاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ... ) وإذا نظرت إلى هؤلاء السبعة تجد أن الشيء المشترك والوصف الذي تحقق فيهم جميعاً هو المراقبة لله تبارك وتعالى .
الرجل الذي ذكر الله خالياً ففاضت عيناه ما الذي جعله يكون بهذه المثابة ؟ هو مراقبة الله ، الناس لا يرونه ، الرجل الذي دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال : إني أخاف الله ، حصلت له المنعة مع وجود الدافع القوي فهي ذات منصب وذات جمال ونفسه تطلب هذه الشهوات ومع ذلك قال إني أخاف الله ، والرجل الذي تصدق بيمينه حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ؛ هذا رجل قد راقب الله عز وجل وإلا فإن المال أيها الأحبة شيء محبب إلى النفوس ولا يسهل عليها أن تجود به إلا بطلب عوض أعظم واليقين عند عامة الناس عند كثير من الناس ضعيف ، ولذلك فإن الكثيرين قد يصعب عليهم إخراج المال لله تبارك وتعالى ، فكيف بهذا الذي أخفاه إلى هذا الحد حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه .
الشاب الذي نشأ في طاعة الله عز وجل مع قوة النوازع وتوقد الغرائز الذي منعه من ذلك هو مراقبة الله تبارك وتعالى ، وهكذا أيها الأحبة .
وجاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه : ( يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار فيجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم الله وهو أعلم بهم ؛ كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون : تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون ) فهل استحضرنا هذا المعنى ، هل استحضره من يضيع صلاة الصبح ينام عنها ويضيع صلاة العصر حينما يأتي من عمله ثم بعد ذلك ينام .
رابعاً : في ذكر أنواع المراقبة .
يمكن أن تتنوع المراقبة أيها الأحبة إلى أنواع مختلفة باعتبارات متعددة ، ولكن يمكن أن أقتصر على وجه من تنويعها ، فأقول أيها الأحبة : المراقبة تكون قبل العمل ، قبل أن تقدم على العمل ينبغي أن تسأل نفسك ؛ هل لك فيه نية ؟ ما ذا تريد بهذا العمل الذي تقوم به ؟ حينما تريد أن تتصدق بصدقة هل هذه الصدقة تريد بها وجه الله أو أنك تجمع خسارة في الدنيا وعذاباً في الآخرة ؟ إذا كان الإنسان ينفق من أجل أن يقال منفق ، فيكون من أول من تسعر بهم النار يوم القيامة ، هذا الإنسان الذي يريد أن يطلب العلم هل يريد أن يطلب هذا العلم من أجل أن يقال عالم ، حينما يقوم الإنسان بمشروع من الأعمال الطيبة من إغاثة المنكوبين أو القيام على الفقراء والأرامل والأيتام ، هذه أعمال جليلة ، وتتطلب من الإنسان ألوان التضحيات ، فينفق فيها وقته وجهده ، ولربما لا يراه أهله إلا في قليل من الوقت ، هل لك فيه نية ، يسأل الإنسان حينما يريد أن يقدم على هذه الأعمال هل هو لله ؟ هل للنفس فيه هوى ؟ هل للشيطان فيه نزغة فيتثبت ؟ فإن كان لله أمضاه ، وإن كان لغيره صحح نيته وأخلص قصده وعمله ، وفي هذا يقول الحسن البصري رحمه الله : كان أحدهم إذا أراد أن يتصدق بصدقة نظر وتثبت ، فإن كان لله أمضاه ، ويقول : رحم الله عبداً وقف عند همه فإن كان لله مضى وإن كان لغيره تأخر .
وجاء عن محمد بن علي رحمه الله : إن المؤمن وقاف ومتأنٍ يقف عند همه ليس كحاطب ليل .
فلا يتسارع الإنسان في الأعمال في هذه الحياة الدنيا ولو كان ظاهر ذلك من الأعمال الصالحة حتى ينظر قبل أن يقدم عليه هل له فيه نية صحيحة أو لا .
تعرفون حديث الثلاثة الذين تسعر فيهم النار يوم القيامة أول الناس : هذا رجل عالم ، وهذا رجل جواد ، وهذا رجل قارئ للقرآن أو مجاهد في سبيل الله ، فهذا جاهد ليقال شجاع ، وهذا قرأ ليقال قارئ ، أو تعلم العلم ليقال عالم ، وهذا أنفق من أجل أن يقال جواد ، فيدخل النار قبل السراق ، والزناة ، وأصحاب الجرائم ، فالمسألة ليست بالشيء السهل ، قد يتصور كثير من الناس أن الذين يُتوعدون بالعقوبة أنهم على خطر وخوف هم أولئك الذين يقارفون ما يقارفون من ألوان الشهوات الظاهرة ؛ وما علم أن الشهوات الباطنة قد تكون أعظم وأشد من الشهوات الظاهرة ، الإنسان أليس ينفق المال من أجل تحصيل المحامد ، أليس الرجل قد يقدم في نحر العدو في شجاعة متناهية من أجل أن يقال شجاع ، فيبذل نفسه من أجل قيلهم هذا ، هذه أغلى ما يملكه الإنسان ، النفس والمال .
لولا المشقة ساد الناس كلهم الجود يفقر والإقدام قتال
فيبذل الإنسان هذه الأمور التي هي أغلى ما يملك من أجل تحصيل شيء من حظوظ النفس الخفية ، طلب المحمدة والسمعة ، والرياء ، فليس الهالك هو ذلك الإنسان الذي يتبع ما يمليه عليه هواه من ألوان الشهوات من الفجور والمعاصي ومعاقرة الفواحش وما أشبه ذلك فحسب بل إن الهلكة تقع أيضاً في تلك النية المختلة الفاسدة التي لربما كان صاحبها يفطم نفسه عن ألوان المتع من النزه وأكل الطيبات والراحة والنوم والتمتع بألوان المتاع وهو يعمل ويكدح ويواصل الليل والنهار لكن ليس له في هذا نية ، وقد ينتفع كثير من الناس ولكنه كالشمعة أو السراج الذي يضيء للآخرين ويحرق نفسه .
النظر الثاني هو أثناء العمل : يحتاج الإنسان إلى مراقبة لله عز وجل وهو يعمل ، ونحن نصلي نراقب الله عز وجل في صلاتنا في ركوعنا وسجودنا وما نقوله فينا في صيامنا نراقب الله عز وجل لا نتكلم بكلام ينافي الصوم ولا نفعل فعلاً يخدشه ، ونحن حينما نقوم بعمل من الأعمال الدعوية أو غير الأعمال الدعوية مما يحبه الله عز وجل ويرضاه أثناء العمل نصحح النية ونتابع فإن القلب كثير التقلب ولذلك قيل له الفؤاد والله أعلم لكثرة تفؤده وتوقده بالخواطر والأفكار والإرادات ، يبدأ الإنسان بنية صحيحة ثم تجد قلبه يتقلب عليه ، فيحتاج إلى ملاحظة دائمة أثناء العمل .
الذي يتكلم يلاحظ نفسه عند الكلام ، والذي يعمل يلاحظ نفسه عند العمل ، والذي يكون حتى في أعماله المباحة يلاحظ ويراقب نفسه عند القيام بهذا العمل المباح .
فالعبد أيها الأحبة إذا كان في طاعة يتفقد عمله هل جاء بأركانه وشروطه وواجباته وما أشبه ذلك .
إذا كان في معصية ينزجر وينكف ويتذكر نظر الله عز وجل إليه .
وإذا كان الإنسان في أمر مباح فإنه يشكر الله عز وجل على هذه النعم التي أولاه إياها ، إذا كان يأكل يتفكر في هذا الطعام الذي يأكله كيف وصل إليه وكيف حرمه كثير من الناس وما يشتمل عليه هذا الطعام من ألوان العبر التي إذا نظر إليها الإنسان أحيت قلبه ، هذا نظر أثناء العمل .
وهكذا أيضاً يتفقد الإنسان أوقاته ، لأن الإنسان في هذه الحياة مبحر مسافر ، كيف يقضيها ، هذا اليوم منذ أن أشرقت شمسه ما هي المغانم والمكاسب التي حصلها فيه ، في أربع وعشرين ساعة كان يمكن أن يقرأ ثمانية وأربعين جزءاً ؛ فماذا قرأ ، في هذه الأوقات كم يمكنه أن يصلي فيها من ركعة لله عز وجل ، كم يمكنه أن يقرأ من صفحة في علم نافع ، كم يمكنه أن يسبح من تسبيحة وأن يستغفر ، فيفكر في هذه الأوقات التي تصرمت ، منذ الليلة الماضية مثل هذا الوقت إلى الآن ما هي مكاسبنا ، ماذا عملنا ، هذه الإجازة قد انتصفت ؛ ما الذي خرجنا به ، ما هي الأعمال التي قمنا بها ، الإنجازات التي حققناها كم تكافئ من أيام هذه الإجازة التي قد تصرمت ، وهكذا أيها الأحبة يتفقد الإنسان دائماً نفسه وينظر في حاله وفي تقصيره وفي عمله حتى يلقى الله عز وجل وهو على يقظة دون أن يكون غافلاً فيخترمه الموت ثم بعد ذلك يندم ولا ينفعه الندم .
الأعمال التي يزاولها هل هذا هو الأفضل والعمر قصير أو أن هناك أعمالاً أفضل من هذه يمكن أن يتجر بها ويربح في تجارته مع الله جل جلاله .
وهكذا أيها الأحبة في كل شأن من شؤوننا ، في الكلام ؛ المجالس لربما كان الإنسان واعظاً ، أو داعية ، أو خطيباً ، ويعلم الناس ، ويبين لهم الأشياء التي يحتاجون إليها ، يبين لهم حكم الغيبة ، وإذا جلس في المجالس ينطلق لسانه في أعراض المسلمين ، من غير أن يرعوي ، ينبغي للإنسان أن ينظر في عمله فعلاً ولا يغتر ولا يظن أنه يمكن أن يجتاز الصراط بظاهر من التدين والله عز وجل يعلم حاله وما ينطوي عليه سره وقلبه وخبيئته .
هذه الأشياء الجميع يحتاج أن يراجع فيها نفسه ، ولا يخلو أحد فمقل أو مستكثر ، وقد قال بعضهم : عالجت الصمت عما لا يعنيني عشرين سنة قبل أن أقدر منه على ما أريد ، وكان هذا الرجل لا يدع أحداً يغتاب أحداً في مجلسه ، ويقول لجلسائه : إن ذكرتم الله أعناكم وإن ذكرتم الناس تركناكم ، من منا يفعل هذا ، إذا أراد أحداً أن يغتاب الناس قال له سبح ، اذكر الله عز وجل ، ولو كان هذا المغتاب من الصالحين من الخيرين ، فإن حدود الله عز وجل لا يحابى بها أحد ، فينبغي على الجميع أن يلتزم أمر الله تبارك وتعالى ويجتنب نهيه ، وليس صلاح الإنسان في الظاهر ، أو جهوده التي يبذلها في سبيل الله تبارك وتعالى تكون مسوغاً وسبباً لأن يفعل ما يريد .
خامساً : كيف نصل إلى المراقبة .
ما الطريق إليها ؟
أقول : أول ذلك أيها الأحبة وهو من أعظمه أن نستحضر معاني الأسماء الحسنى التي تؤثر في هذا المقام والله تبارك وتعالى علمنا في هذا القرآن جملة طيبة كثيرة من أسمائه جل جلاله ، وإنما ذلك من أجل أن نتعبده بهذه الأسماء .
فمن أسمائه التي تتعلق بهذا المعنى : الرقيب ، وكذلك الحفيظ ، والعليم ، والخبير ، والشهيد ، والمحيط ، واللطيف ، إلى غير ذلك من الأسماء التي إذا أدرك العبد معناها وتعبد ربه بمقتضاها فإن ذلك يؤدي به إلى تحصيل مقام المراقبة .
فالرقيب هو الحافظ الذي لا يغيب عنه شيء ، الحفيظ الذي لا يغفل ، العليم الذي لا يعزب عنه مثقال شيء من أحوال خلقه ، يرى أحوال العباد ويحصي أعمالهم ، ويحيط بمكنونات سرائرهم فهو مطلع على الضمائر ، شاهد على السرائر ، يعلم ويرى ولا يخفى عليه السر والنجوى { وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد } . { إن الله كان عليكم رقيبا } . { وكان الله على كل شيء رقيبا } .
رقيب على كل الوجود مهيمن على الفلك الدوار نجماً وكوكبا
رقيب على كل النفوس وإن تلذ بصمت ولم تجهر بسر تغيبا
رقيب تعالى مالك الملك مبصر به كل شيء ظاهر أو محجبا
والمراقبة هي ثمرة علمه بأن الله سبحانه وتعالى رقيب عليه ناظر إليه سامع لقوله مطلع على عمله في كل وقت وحين ، وفي كل نفس وفي كل طرفة عين ، فإذا أرادت عينه أن تمتد إلى النظر إلى ما حرم الله عز وجل لامرأة يشاهدها ويراها في الطريق أو في الأسواق أو كان ذلك في شاشة فإنه يدرك ويعلم أن نظر الله إليه أسبق من نظره إليها فيخاف وينزجر وينكف ، عن هذا النظر ، وكان الإمام أحمد رحمه الله كثيراً ما يردد :
إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل خلوت ولكن قل علي رقيب
ولا أن الله يغفل ساعة ولا أن ما تخفي عليه يغيب
لهونا عن الأيام حتى تتابعت ذنوب على آثارهن ذنوب
فياليت أن الله يغفر ما مضى ويأذن في توباتنا فنتوب
قال رجل لوهيب بن الورد رحمه الله : عظني ؟ قال : اتق أن يكون الله أهون الناظرين إليك .
وهذا للأسف قد نقع فيه ، وإذا تتابعت الغفلة على قلب الإنسان فإنه قد يستحي من مخلوق ضعيف ولربما كان صبياً صغيراً أن يفعل ما لا يليق بحضرته ولكنه يفعل العظائم والله تبارك وتعالى يراه ويطلع عليه وينظر إليه .
ومن أسمائه تبارك وتعالى : الشهيد ، وهو مشتق من الشهود بمعنى الحضور ، وذلك يستلزم العلم .
فالله مطلع على كل الأشياء يسمع جميع الأصوات ، خفيها وجليها ، ويبصر جميع المبصرات دقيقها وجليلها صغيرها وكبيرها ، وأحاط علمه بكل شيء ، فهو شهيد أيضاً ، يشهد على الخلق يوم القيامة بما علم وشاهد من أفعالهم { والله شهيد على ما تعملون } { إن الله كان على كل شيء شهيدا } { وكفى بالله شهيدا } .
والفرق بين الرقيب والشهيد : أن الرقيب فيه زيادة حفظ ، فالشهيد مطلع شاهد ينظر إليه ، وأما الرقيب فهو مطلع عليه يحفظ عمله الذي يزاوله ويعمله ، فالله تبارك وتعالى رقيب شهيد ، وهو كذلك أيضاً حفيظ ، والحفيظ له معنيان :
الأول : أنه حفظ أعمال العباد فلم يذهب شيء منها ، كل ما يقوله الإنسان وكل ما يعمله محفوظ ، سواء كان ذلك من قبيل الخير أو الشر ، وهذا المعنى من حفظه تبارك وتعالى يقتضي إحاطة علمه بكل المخلوقات ، وأنه كتب ذلك تبارك وتعالى في اللوح المحفوظ وفي الصحف التي بأيدي الملائكة ، وعلم بمقادير هذه الأعمال والأشياء ، فلم يفت عليه شيء من ذلك .
المعنى الثاني من معاني الحفيظ : أنه يحفظ عباده مما يكرهون ، { فالله خير حافظاً } .
يقول ابن القيم رحمه الله في الجمع بين هذين المعنيين :
وهو الحفيظ عليهم وهو الكفيل بحفظهم من كل أمر عاني
حفيظ عليهم : يحفظ أعمالهم ، وهو الكفيل بحفظهم : يحفظهم من المكاره .
جل الحفيظ فلولا لطف قدرته ضاع الوجود وضل النجم والفلك
حتى القطيرةَ من ماء إذا نزلت من السحب لها في حفظها ملك
{ إن ربي على كل شيء حفيظ } فمن علم أن ربه حفيظ ؛ حفظ جوارحه وقلبه من كل ما لا يليق .
والعلم الحديث أيها الأحبة أثبت أنه يمكن استرجاع ما يصدر من الإنسان من الأصوات ، يقولون إن كلام الإنسان يتحول إلى موجات هوائية وأن هذه الموجات تبقى كما هي في الأثير بعد حدوثه ومن الممكن أن تسترجع وأن تسمع مرة أخرى ، يقول لكنا علومنا قاصرة لم تصل إلى هذا بعد ، يقولون لو استطاع العلم أن يكتشف جهازاً يستطيع أن يلتقط هذه الأصوات التي قالها القائلون منذ أن خلق الله عز وجل آدم صلى الله عليه وسلم فإن ذلك من الناحية العلمية ممكن لكن يقولون لم نصل إليه بعد ، ونحن نعلم يقيناً أن الله تبارك وتعالى قد أحاط بذلك كله وأن الله قادر على أن يسمع الناس كلامهم ، وهو قادر تبارك وتعالى على أن يعيد لهم الصورة من جديد في العمل الذي يزاولونه ، الله على كل شيء قدير ، ولهذا فإن الله ينطق الجوارح وينطق الأرض ، الأرض تحدث أخبارها ، والجوارح تتكلم بما عمله الإنسان فيها .
ومن أسمائه تبارك وتعالى : المحيط . فالله رقيب ، شهيد ، حفيظ ، محيط ، وهذه الأسماء : الرقيب والشهيد والمحيط والحفيظ تشترك في صفة العلم ، لكن الرقيب يفيد مع العلم الحفظ ، والشهيد يفيد مع العلم الحضور ، والمحيط يفيد مع العلم الشمول والإحاطة والقدرة .
ومن أسمائه تبارك وتعالى أيضاً : العليم .
{ وهو معكم أين ما كنتم } { واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه }
والرب فوق العرش والكرسي لا يخفى عليه خواطر الإنسان
فمن علم أن الله تبارك وتعالى عالم بكل شيء ، حتى بخطرات الضمائر ووساوس الخاطر فعليه أن يراقبه وأن يستحي منه وأن يكف عما لا يليق ولا يغتر بجميل ستره تبارك وتعالى وإنما يخشى بغتات قهره ومفاجآت مكره ، قال الله تعالى : { يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول } { وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور } { ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير } .
كل معلوم ففي علمك كان أنت محصيه زماناً ومكاناً
أنت سبحانك أدرى بالذي فيه ذرات نقاط وكياناً
أنت محصيها وهاديها إلى نشوة تسبيح قلباً ولساناً
إحاطة بجميع الغيب عن قدر أحصى بها كل موجود ومفتقد
وكلهم باضطرار الفقر معترف إلى فضائله في كل معتمد
العالم الشيءَ في تصريف حالته ما عاد منه وما يمض فلم يعد
ويعلم السر من نجوى القلوب وما يخفى عليه خفي جال في خلد
يقول سفيان الثوري رحمه الله : عليك بالمراقبة مما لا تخفى عليه خافية ، وعليك بالرجاء ممن يملك الوفاء .
ومن أسمائه تبارك وتعالى : الخبير .
وهو الذي يعلم بواطن وخفايا الأشياء ، والارتباط بين العليم والخبير والشهيد لا يخفى ؛ فإذا اعتبرنا العلم مطلقاً فهو العليم ، وإذا أضيف إلى الغيب والأمور الباطنة فهو الخبير ، وإذا أضيف إلى الأمور الظاهرة فهو الشهيد .
ومن أسمائه تبارك وتعالى : السميع والبصير .
يسمع الأصوات ويرى المبصرات ، يسمع السر والنجوى ، ويبصر ما تحت الثرى .
ومن أسمائه : المهيمن .
وهو الرقيب الحافظ لكل شيء ، الخاضع لسلطانه كل شيء ، فهو القائم على خلقه ، الشهيد عليهم ، { أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت } { إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء }.
ما شاء كان وما في الكون خافية تخفى على علمه بدأً ومنقلباً
إنا إليه أنبنا خاشعين له وجاعلين له من ذكره سبباً
فلا شيء في ملكه طوع إرادته بمستطيع خروجاً أينما ذهباً
جل الميهمن رباً لا شريك له وجل إن لم يهب شيئاً وإن وهباً
ومن أسمائه تبارك وتعالى : القريب .
{ إن ربي قريب مجيب } وقربه سبحانه وتعالى نوعان : قرب عام ، وهو إحاطة علمه بجميع الأشياء ، وهو أقرب إلى الإنسان من حبل الوريد .
والقرب الآخر قرب خاص بالداعين والعابدين { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان } .
يقول عامر بن عبد القيس رحمه الله : ما نظرت إلى شيء إلا رأيت الله تعالى أقرب إليه مني .
وسئل بعضهم عن المراقبة ، فقال : أولها علم القلب بقرب الله تعالى من العبد .
هذا السبب الأول الموصل إلى مقام المراقبة ؛ أن نعرف معاني هذه الأسماء ، وأن نتعبد الله تبارك وتعالى بمقتضاها .
السبب الثاني الذي يوصل إليها : هو أن نحقق مرتبة الإحسان .
أن نعبد الله عز وجل كأننا نراه ، وإنما ينشأ ذلك من كمال الإيمان بالله وأسمائه وصفاته حتى يصير العبدُ بمنزلة كأنه يرى ربه تبارك وتعالى فوق سماواته مستوياً على عرشه ، يتكلم بأمره ونهيه ويدبر أمر الخليقة ، فينزل الأمر من عنده ويصعد إليه وتعرض أعمال العباد وأرواحهم عند الموافاة عليه كما يقول الحافظ ابن القيم رحمه الله .
الثالث من هذه الأسباب : هو كثرة ذكر الله عز وجل بالقلب واللسان .
وقد ذكر الحافظ ابن القيم في الوابل الصيب للذكر أكثر من مائة فائدة ، وذكر العاشرة منها وهو أنه يورثه المراقبة حتى يدخله في باب الإحسان فيعبد الله كأنه يراه ، ولا سبيل للغافل عن الذكر إلى سبيل الإحسان ، كما لا سبيل للقاعد إلى الوصول إلى البيت الحرام ، وأفضل الذكر كما هو معلوم ما تواطأ عليه القلب واللسان ، ولو أردنا أن نوازن بين ذكر القلب وذكر اللسان ، فلا شك أن ذكر القلب أفضل من ذكر اللسان بمجرده ، لأن الإنسان قد يلهج بلسانه وقلبه في غاية الغفلة ، فذكر القلب يثمر المعرفة ، ويُهيج المحبة ، ويثير الحياء ، ويبعث على المخافة ، ويدعو إلى المراقبة .
الأمر الرابع من الأمور التي توصل إلى مقام المراقبة : أن يحاسب الإنسان نفسه دائماً .
أن يلاحظ الأنفاس والخطرات ، فلا يكون العبد من الغافلين .
جاء عن بلال بن سعد رحمه الله أنه قال : لا تنظر إلى صغر الخطيئة ولكن انظر إلى من عصيت .
قال ابن المبارك لرجل : راقب الله تعالى ، فسأله الرجل عن تفسير ذلك فقال : كن أبداً كأنك ترى الله .
وقال بعضهم : إنما هي أرباح عيناك ولسانك وهواك وقلبك ، فانظر عينيك لا تنظر بهما إلى ما لا يحل لك ، وانظر لسانك ، لا تقل به شيئاً يعلم الله خلافه من قلبك ، وانظر قلبك لا يكن فيه غل ولا دغل على أحد من المسلمين ، وانظر هواك لا تهوى شيئاً يكرهه الله عز وجل ، فما لا تكن فيك هذه الأربع فالرماد على رأسك .
وقال آخر : تعاهد نفسك في ثلاث مواضع ، إذا عملت فاذكر نظر الله عليك ، وإذا تكلمت فانظر سمع الله منك ، وإذا سكت فانظر علم الله فيك .
وفؤادي كلما عاتبته في مدى الإجرام يبغي تعبي
لا أراه الدهر إلا لاهياً في تماديه فقد برح بي
يا قرين السوء ما هذا الصبا فني العمر كذا في اللعب
نفسي ما كنت ولا كان الهوى راقب الله وخافي وارهبي
كان لبعض الأمراء وزير وكان هذا الوزير جالساً بين يديه وعند هذا الأمير بعض الغلمان وقوف بجانبه في ناحية من المجلس فلاحت من هذا الوزير نظرة إلى هؤلاء الغلمان لشيء عرض ، ثم التفت إلى الأمير وإذا الأمير ينظر إليه ، فخشي أن يظن الأمير أن الوزير ينظر إلى هؤلاء الغلمان الحسان لريبة ، فما الذي حصل من هذا الوزير أيها الأحبة ، جعل كلما حضر إلى مجلس هذا الأمير ينظر إلى تلك الناحية ، ليوهم هذا الأمير ، أنه إنما ينظر إليها لحول أو علة في خلقته ، هذه في مراقبة مخلوق لمخلوق ، أراد أن يمحو الصورة التي لربما وقعت في نظر أو في نفس هذا الأمير اتجاه هذا الوزير ليقول له لم أكن في ذلك اليوم أو في ذلك العام أنظر إليهم لريبة وإنما أنا هكذا أنظر إلى هذه الناحية خلقة ، نظر مخلوق إلى مخلوق ، فأين النظر إلى الله ، أين مراقبة المعبود جل جلاله .
كأن رقيباً منك يرعى خواطري وآخر يرعى مهجتي ولسانيا
وقد كان لأحد الشيوخ تلامذة وكان يقدم ويفضل أحدهم وهم لا يدرون ما سبب ذلك ، فتساءلوا عن سبب إيثاره وتفضيله لهذا التلميذ ، فخرج معهم يوماً ، ثم أعطى كل واحد منهم طائراً ، وقال : ليعمد كل واحد منك بهذا الطائر إلى حيث لا يراه أحد ، ثم يذبح هذا الطائر ويأتي ، فذهبوا جميعاً وكل واحد ذهب إلى ناحية وذبح الطائر الذي معه وجاء ، فجاء هذا التلميذ الذي كان يؤثره هذا الشيخ ومعه هذا الطائر لم يذبح ، فقال له : لِمَ لمْ تذبحه ؟ فقال : قلت : حيث لا يراك أحد ، فلم أجد مكاناً لا يراني الله عز وجل فيه ، فقال لهم : لأجل هذا كنت أؤثره عليكم .
وكان لبعض الملوك مملوك وعبد يؤثره على غيره من خدمه ومماليكه ، فكأن نفوسهم قد تحركت نحوه ، وتساءلوا عن سبب هذا التفضيل ، فبينما هو في سفر ومعه هؤلاء المماليك والخدم إذ لاحت من هذا الملك نظرة إلى جبل في قمته ثلج ، فركب ذلك المملوك على فرسه وركضه حتى انطلق دون أن يشعر به أحد إلى ذلك الجبل وأحضر من ذلك الثلج وجاء به إلى هذا الملك ووضعه بين يده ، فسأهله هذا الملك: كيف عرفت أني أرغب هذا الثلج ؟ فقال : رأيتك نظرت إليه ، فهو يلاحظ نظرات هذا الملك ، فقال الملك : لجلسائه وخدمه ومماليكه : من أجل هذا كنت أؤثره ، إنكم تلاحظون مطلوبات نفوسكم وهو يلاحظ نظراتي وخطراتي .
مخلوق ينظر إلى مخلوق آخر ينظر إليه ، إذا حرك عينه اتجاه شيء قفز ، وجاء به إليه ، فأين نحن أيها الأحبة في معاملتنا مع الله تبارك تعالى ، نعصي ، ونقصر ، وأحياناً ننقر الصلاة نقراً ، ويصلي الإنسان بتثاقل ، أين المحبة ؟ وأين المراقبة ؟ وأين التعبد لله عز وجل بمقتضى هذه الأسماء التي ذكرناها ؟
يقول سفيان الثوري رحمه الله : لو كان معكم من يرفع حديثكم إلى السلطان ، أكنتم تتكلمون بشيء ؟ قالوا : لا ، قال : فإن معكم من يرفع الحديث .
وجاء عن آخر : قال : لو أن صاحب قدر جلس إليك ، لكنت تتحرز منه ، وكلامك يعرض على الله فلا تتحرز .
فالنفس أيها الأحبة تحتاج إلى محاسبة ، وملاحظة ، أن نحاسبها أعظم من محاسبة الشريك الشحيح لشريكه ، فإذا أصبح الإنسان قال لنفسه : يا نفس ؛ هذا يوم جديد قد أمهلك الله عز وجل ، فلو أن نفس الإنسان خرجت ، لتمنى ساعة أو لحظة ، يسبح فيها تسبيحة ، هذا يوم جديد ، وإمهال جديد ، فينبغي أن يُشْغَلَ بما يرضي الله تبارك وتعالى ، لا أن يستزيد الإنسان من الغفلة ، والإعراض ، والتمادي في مساخط الله عز وجل حتى يفاجئه الموت .
سادساً : ما هي الثمرات والنتائج الطيبة التي تحصل لمن ربى نفسه على المراقبة واتصف بهذه الصفة ، وبلغ هذه المراتب العظيمة .
أقول أول ذلك التأدب مع الله عز وجل ، فهو يدرك أن الله يسمعه وأن الله يبصره ، صفة الإنسان إذا جلس أمام الناس أيها الأحبة لربما راقبهم في كل حركة وفي كل سكناتهم ، لو كان الإنسان يتصرف بتصرفات أيها الأحبة لا تليق ، ثم اكتشف أن في هذا المكان كمرة ، ما الذي يحصل ؟ ولو كان هذا الإنسان يفعل بعض الأمور المباحة ، لكنه لا يفعلها أمام الناس ، ما الذي يحصل ؟ لو كان هذا الإنسان يتكلم بكلام محرم لا يليق ، مع امرأة لا تحل له ، بفحش ، ثم اكتشف أن هذا الكلام جميعاً يسجل ويسمع ، ما الذي يحصل له ؟ لو كان هذا الإنسان يجلس في غرفة ، ويوجد فيها ما ينقل الصوت إلى مكان آخر وفي المكان الآخر أهله وقراباته ونحو ذلك وهو يتكلم مع زوجته ، بكلام مباح ، لا يقوله أمام الناس ، كيف تكون حاله ؟ فكيف بمن يتكلم بما لا يليق مما حرمه الله عز وجل والله يسمعه فلا يتأدب مع الله جل جلاله ؟ الأدب مع الله عز وجل بأن نصون المعاملة معه فلا نشوبها بنقيصة ، إذا صلى الإنسان يصلي صلاة لائقة ، أن يصون قلبه فلا يكون فيه التفات ولا تعلق بغير الله عز وجل ، أولئك الذين يتعلقون بنظر المخلوقين وبثناء المخلوقين وإبراء المخلوقين ؛ ماذا قالوا عن الحقل الفلاني وماذا قالوا عن المناسبة الفلانية وماذا قالوا عن الكلمة الفلانية وماذا قالوا ، قلبه يعذب ويتشتت ، وهكذا أيها الأحبة ، أولئك الذي يتعلقون بالصور وأصحاب الصور ، امرأة تتعلق بفتاة أو شاب يتعلق بمثله أو يتعلق بامرأة أو نحو ذلك ، ولربما قال أحدهم لصاحبه كما ذكر بعضهم يسأل عن هذا : أتمنى لو أني أحب الرسول صلى الله عليه وسلم كما أحبك ، إلى هذا الحد ، فهذه محبة مرضية قد يظن صاحبها أنها محبة لله وفي الله ، هكذا أيضاً أن يلاحظ الإنسان إرادته فلا تتعلق إرادته بشيء لا يريده الله ولا يحبه ولا يرضاه منه فإذا وُجِدَت المراقبة أيها الأحبة فإن العبد تصلح أحواله في ظاهره وباطنه ، وقد قيل : أسرع الأشياء عظة للقلب وانكساراً له ذكر اطلاع الله بالتعظيم له ، والمقصود أيها الأحبة أن المراقبة توجب صيانة الظاهر والباطن ، فصيانة الظاهر بحفظ الحركات الظاهرة ، وصيانة الباطن تكون بحفظ الخواطر والإرادات والحركات الباطنة ، ومن الحركات الباطنة أيها الأحبة ضبط معرضة أمره وخبره ، فيجرد الإنسان باطنه من كل شهوة وإرادة تعارض أمره ، هذه مراتب عالية ، أحياناً الإنسان في داخل نفسه قد يكره حكم الله عز وجل وتنفر نفسه منه وقد يتمنى في نفسه لو أن الله أباح له ذلك الأمر المحرم ، أو أن الله يسر له ذلك ولربما كان في قلبه اعتراض على أقدار الله عز وجل ، لماذا أنا فقير ؟ لماذا أعمل دائماً وأكدح ولا أخرج بكبير طائل وفلان وفلان بعمل يسير يصلون إلى الأموال الطائلة والتجارات الكبيرة ؟ هذا اعتراض على قدر الله عز وجل ، فالله أعطى ، أغنى وأقنى عن علم وبصر بالعباد لا يخفى عليه من شأنهم خافية ، وقد يصاب الإنسان ببلية بمكروه بمرض ، فيعترض على الله تبارك وتعالى في نفسه ، فيقول : أنا دائماً مبتلى ، لماذا يحصل لي هذا الحادث الشنيع ؟ وبهذه الطريقة ؟ وتحصل لي هذه الكارثة ، يحصل لي هذا البلاء وأناس فجرة لا يرعوون من معصية الله عز وجل يتقلبون بألوان العافية ونحن نتقلب في ألوان البلاء ؟ هذا ما عرف الله عز وجل ، ما عرف الله ، لو عرف الله لعرف أن أهل البلاء هم أهل القرب من الله تبارك وتعالى ، وأن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم ، وقد يعترض الإنسان على الله تبارك وتعالى فيما شرعه فيقول له اختيار مع الله وتقدم بين يدي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فيعارض النصوص برأيه وبعقله وهواه ، ويرد الآيات والأحاديث بهذا العقل الفاسد ، ولربما حمل النصوص على المحامل الصعبة والتأويلات البعيدة من أجل أن يوافق هواه أو من أجل أن يوافق هوى الآخرين .
فالإنسان إذا راقب الله عز وجل تأدب معه الأدب اللائق فاستقام ظاهره واستقام باطنه ولم توجد في قلبه محبة تزاحم محبةَ الله عز وجل ولا في قلبه شبهة تعارض خبره ، وقد قيل : من راقب الله في خواطره عصمه الله في حركات جوارحه .
ولما سئل بعضهم : بما يستعين الرجل على غض بصره عن المحظورات ؟ قال : بعلمه أن رؤية الله تعالى سابقة على نظره إلى ذلك المحظور.
كتب أحد الأشخاص رسالة طويلة يقول فيها : بأنه من المربين ، وأنه قد ألقى درساً متكاملاً عن غض البصر ، وذكر لي في هذه الرسالة جملة كثيرة من الكتب التي تحدثت عن غض البصر ، المراجع ، وقال : أعرف ذلك جميعاً ، ومع ذلك أنظر يقول : باستمرار إلى الحرام ولا أستطيع أن أسيطر على نفسي ، هذا الإنسان لو وصل إلى مقام المراقبة فعلاً لتغيرت الحال، لكن المشكلة التي نحتاج أولاً أن نعرفها أيها الأحبة؛ أننا نعرف كثيراً من المعلومات نسمع وقد نتكلم ولكن دون أن يكون ذلك متغلغلاً في قلوبنا وأعماقنا ، وكأننا نتحدث أيها الأحبة أو نسمع أشياء ونحن لا نقتنع بها ، ولذلك الناس كم يسمعون من خطبة في العام ، ما يقرب من خمسين خطبة ، أين أثر هذه الخطب عليهم ، يسمعون عن أكل الحرام ، يسمعون عن آفات اللسان ، يسمعون عن النظر إلى الحرام ، يسمعون عن كل هذه القضايا فينظر الإنسان في حاله وفي نفسه ، الخطيب والمستمع حينما يخرج من المسجد هل خرج بحال جديدة ؟ هل تغيرت حاله ؟ هل خرج بعمل جديد ؟ فنحن لا نعرف في كثير من الأحيان حقيقة ما يخالج نفوسنا من العلل ، نحن نستطيع أن نوصف علل الآخرين ، ولربما لو قلت لهذا الإنسان ونصحته وذكرته بالله بأنه يعاني من كذا وكذا وكذا لربما انقبض منك ونفر ويرى أنك قد جرحته وآذيته ، هل هذا الإنسان عنده إرادة صادقة فعلاً بإصلاح النفس .
مراقبة الله تعالى في الخواطر أيها الأحبة سبب لحفظها في حركات الظواهر ، فمن راقب الله في سره حفظه الله في حركاته في سره وعلانيته ، إذا تحققت المراقبة في الناس أيها الأحبة فإن ذلك يكون زاجراً ورادعاً يحمل النفوس على ما يجمل ويحسن ويليق ، وذلك لا يمكن أن يقارن بحال من الأحوال بحال المخلوقين حينما يلاحظون الرقيب من الخلق ، الناس الذين يحترمون النظام ، الناس الذي يتركون الجريمة خوفاً من العقوبة ولكنهم إذا تمكنوا تحولت حالهم إلى شيء آخر ، هؤلاء أين هم ممن يراقب الله عز وجل وهو يعلم أنه إذا أخذ هذا الطمع اليوم سيدفع الثمن غالياً من حسناته ، ولذلك فإنك تجد هذا الإنسان لو كان بيديه كنوز الدنيا ما مد يده عليها ، وآخر كلما لاح إليه شيء واستطاع أن يأخذه أخذه ولو من المسجد ، لماذا أيها الأحبة ؟ هذا راقب الله ؛ وهذا لم يراقبه ، هذا يعلم أنه سيحاسب وأن الله يرى ذلك وأن هذه المكاسب المحرمة أحياناً بالملايين ، وقد يعرض على هذا الإنسان إغراءات لرشى لربما تصل إلى الملايين وهو لربما لا يجاوز راتبه عشرة آلاف ، ملايين في صفقة واحدة ، برشوة ، ومع ذلك يترك هذا لله عز وجل ، لكن إذا كان لا يعرف ربه والحلال ما حل باليد ، مثل هذا الإنسان سيقول هذه فرصة لا تعوض ، ويتهم من ترك ذلك لله تبارك وتعالى بالغفلة والضعف والعجز وقلة العقل والقصور في النظر ، حينما انطفأ الكهرباء في ليلة واحدة في نيويورك ماذا حصل ؟ قبل سنين وكتبت عن ذلك الصحف ، ألوان الجرائم من السرقات والاغتصاب ، أشياء هائلة ، أرقام فلكية ، فقط ليلة واحدة ساعات انطفأ فيها الكهرباء تهافت الناس على المتاجر وعلى البيوت ينهبون ويسرقون ، لأنهم علموا أن النظام لا يراقبهم ، ولا يطلع على أفعالهم هذه ، فحارس القانون أيها الأحبة قد يغيب وقوة الخلق قد تزول أو تضعف والحارس قد يغفل والقانون قد يؤول وقد يتحايل الناس عليه فيفعلون ما يريدون ، لكن إذا ربينا الناس على مراقبة الله عز وجل فإنهم يكونون في مأمن بإذن الله تبارك وتعالى ، مهما لاحت لهم الإغراءات والمطامع ، أولادنا أيها الأحبة ؛ بل نحن قبلهم ، أمام هذه الشهوات العارمة والفتن العظيمة إذا غاب الإنسان ، هذا الولد إذا ربي على مراقبة الله عز وجل حينما يجلس منفرداً وأمامه الجهاز الذي لربما يعرض أكثر من ثلاثمائة قناة ، وفي بعض تلك القنوات قد يشاهد كل شيء ، إذا ربي على المراقبة فإنه يكون في مأمن ، لا ينظر إلى شيء لا يحبه الله عز وجل ولا يرضاه ، لكن إذا كان هذا الولد إنما يترك هذه الأشياء خوفاً من نظر أبيه فإذا خلا بمحارم الله عز وجل فلا تسأل ، يثري ثرياً .
ولذلك أقول أيها الأحبة ، الأب قد يموت ، قد يغيب ، قد يعجز ، قد يضعف ، قد يشيب ، ثم بعد ذلك قد يسرح هؤلاء الأولاد في أودية الهلكة ويرتعون من هذه الشهوات ، في هذه الشهوات ، فنحتاج دائماً إلى أن نربي هذه المراقبة في نفوسهم من أجل أن نحافظ على إيمانهم وعلى حالهم مع الله عز وجل أن تكون على استقامة ، ولا يخفى أيضاً أيها الأحبة ما بين الظاهر والباطن من الملازمة ، استقامة الباطن إذا وجد الخوف من الله عز وجل واليقين بأن الله يرانا يستقيم الظاهر، فالظاهر أثر من آثار استقامة الباطن ، كما أن استقامة الظاهر لا شك أنها تؤثر في استقامة الباطن .
وقد جاء عن المعتمن بن سليمان رحمه الله أنه قال : إن الرجل يصيب الذنب في السر فيصبح وعليه مذلته ، مهما حاول الإنسان أن يتصنع أمام الآخرين ، لا تحاول أن تذكر أعمالك عند الناس ، لا تحاول أن تفهم هؤلاء الناس أنك تتصدق ، أو أنك تقوم على مشاريع خيرية ، لا تحاول أن تفهم هؤلاء الآخرين أن لك مساهمات دعوية أو أنك تكفل الأيتام ، والأرامل ، وما أشيه هذا ، لا تحاول هذا ، الذي تعمل من أجله يعلم بذلك وكفى ، الناس مهما حاولت أن تتزين أمامهم فإن قلوبهم ترفض هذا الإنسان ، إذا لم يكن له خبيئة من صدق وإخلاص مع الله تبارك وتعالى .
وقد قال أبو حازم رحمه الله لا يحسن عبد فيما بينه وبين الله عز وجل إلا أحسن الله فيما بينه وبين الناس ، ولا يعور - أي يفسد - فيما بينه وبين الله عز وجل إلا عور فيما بينه وبين العباد ، ولمصانعة وجه واحد أيسر من مصانعة الوجوه كلها ، إنك إذا صانعت الله مالت الوجوه كلها إليك ، وإذا أفسدت ما بينك وبين الله شنأتك الوجوه كلها .
يقول ابن الجوزي رحمه الله في هذا المعنى يقول : نظرت في الأدلة على الحق فوجدتها أكثر من الرمل ورأيت من أعجبها أن الإنسان قد يخفي ما لا يرضاه الله عز وجل فيظهره الله تعالى عليه ولو بعد حين وينطق الألسنة به وإن لم يشاهده الناس ، وربما أوقع صاحبه في آفة يفضحه بها بين الخلق فيكون جواباً لكل ما أخفى من الذنوب وذلك ليعلم الناس أن هنالك من يجازي على الزلل ولا ينفع من قدره وقدرته احتجاب ولا استتار ولا يباع لديه عمل ، يقول : وكذلك يخفي الإنسان الطاعة فتظهر عليه ويتحدث الناس بها وبأكثر منها حتى أنهم لا يعرفون له ذنباً ولا يذكرونه إلا بالمحاسن ليعلم أن هنالك رباً لا يضيع عمل عامل ، يقول : وإن قلوب الناس لتعرف حال الشخص وتحبه أو تأباه وتذمه أو تمدحه وفق ما تحقق بينه وبين الله تعالى فإنه يكفيه كل هم ويدفع عنه كل شر وما أصلح عبد ما بينه وبين الخلق دون أن ينظر إلى الحق إلا انعكس مقصوده وعاد حامده ذاماً ، ولهذا كان يقول في كتاب اللطف في الوعظ : إذا لم تخلص فلا تتعب لو قطعت سائر المنازل - يعني منازل الحج - لم تكن حاجاً إلا ببلوغ الموقف - يعني عرفة .
فأقول أيها الأحبة : كثير من الناس يحاول أن يظهر أمام المجتمع أمام الآخرين يطلب الشرف والمحمدة وأن يصدق في المجالس ولا يزيده ذلك من الله إلا بعداً وقلوب الخلق ترفضه ، والخلوة لها تأثيرات تظهر في الجلوة ، كم من مؤمن يحترم الله عز وجل في خلواته فيترك ما يشتهي حذراً من عقابه أو رجاءً لثوابه أو إجلالاً له فيكون بذلك الفعل طرح عوداً هندياً على مجمر فيفوح طيبه فيستنشقه الخلائق ولا يدرون أين هو .
أيها الأحبة ، يقول أبو الدرداء رضي الله عنه : إن العبد ليخلو بمعصية الله تعالى فيلقي الله بغضه في قلوب المؤمنين من حيث لا يشعر .
الثاني من أثارها وثمراتها : دخول الجنة .
وقد سئل بعضهم : بما ينال العبد الجنة ؟ فقال : بخمس : استقامة ليس فيها روغان ، واجتهاد ليس معه سهو ، ومراقبة لله تعالى في السر والعلانية ، وانتظار الموت بالتأهب له ، ومحاسبة نفسك قبل أن تحاسب .
الثمرة الثالثة : السعادة والانشراح .
هذا الإنسان الذي يراقب ربه تبارك وتعالى يكون قريباً منه ، وإذا كان العبد قريباً من ربه فلا تسأل عن أنسه ولذته وسروره بمناجاة ربه تبارك وتعالى وبمعرفته ، كما يقول الحافظ ابن القيم رحمه الله : إن في القلب وحشة لا يزيلها إلا الأنس بالله ، وفيه حزن لا يذهبه إلا السرور بمعرفته وصدق معاملته ، وفيه فاقة لا يذهبها إلا صدق اللجأ إليه ولو أعطي الدنيا وما فيها لم تذهب تلك الفاقة أبداً .
الثمرة الرابعة : السكينة والحياء والمحبة والخشوع والخوف والرجاء والتوكل ، كلما اشتدت المراقبة أيها الأحبة المراقبة في قلب العبد أوجبت له من هذه المعاني الشيء الكثير ، وذلك أن المراقبة هي أساس الأعمال القلبية وعمودها الذي قيامها به .
سئل بعضهم عن حاله في التوكل كيف حصلت هذه المرتبة ؟ فقال : على خصال أربع : علمت أن رزقي لا يأكله غيري فاطمأنت به نفسي ، وعلمت أن عملي لا يعمله غيري فأنا مشغول به ، وعلمت أن الموت يأتي بغتة فأنا أبادره ، وعلمت أني لا أخلو من عين الله فأنا أستحي منه .
الخامس من ثوراتها : صحة الفراسة .
وقد قال بعضهم : من عمر ظاهره باتباع السنة وباطنه بدوام المراقبة وكف نفسه عن الشهوات وغض بصره عن المحارم واعتاد أكل الحلال لم تخطئ له فراسة .
السادس من ثمراتها : إثار ما أنزل الله وتعظيم ما حرم الله وتصغير ما صغر الله .
السابع : حفظ الأوقات فلا تضيع سدى .
فمن تحقق في المراقبة خاف على فوات لحظة من ربه تبارك وتعالى .
سابعاً : السلف والمراقبة .
أذكر بعض النماذج ، هذا عروة ابن الزبير رضي الله عنه خطب ابنة عبد الله بن عمر سودة ، وعبد الله بن عمر يطوف بالكعبة في الحج فلم يرد عليه ، فقال عروة : لو كان يريد لأجابني ، والله لا أعود إليه - يعني في هذا الشأن - يقول : فسبقني إلى المدينة ، فلما أتيتها قدمت المسجد فإذا هو جالس فيه ، فسلمت عليه ، فقال : قد ذكرت سودة ، فقلت : نعم ، فسأله عن رغبته ، هل لا يزال يرغب فيها في الزواج منها ، فقلت : نعم ، فقال : إنك قد ذكرتها لي وأنا أطوف بالبيت أتخايل الله عز وجل بين عيني ، وكنتَ قادراً على أن تلقاني في غير ذلك الموطن ، لاحظ ما رد عليه ، نحن نطوف ماذا نصنع أيها الأحبة ، الجوال والنظر والالتفات ولربما صدر من بعض أيضاً الناس ما لايليق مما حرمه الله عز وجل ويستحي الإنسان من ذكره في هذا المسجد .
ومرَّ ابن عمر رضي الله عنه براع في القصة المعروفة فقال : هل من جزرة ؟ فقال : ليس ها هنا ربها ، فقال ابن عمر : تقول له أكلها الذئب ؟ فرفع رأسه إلى السماء وقال : فأين الله ؟ فقال ابن عمر : أنا والله أحق أن أقول أين الله ، فاشترى الراعي والغنم وأعتقه ووهبه هذه الغنم .
هذا عبادة بن الصامت كان جالساً مع أصحابه رضي الله عنه فأقبل الصنابحي ، فقال عبادة : من سره أن ينظر إلى رجل كأنما رقي به فوق سبع سماوات فعلم على ما رأى فلينظر إلى هذا من شدة مراقبته وتأدبه وخوفه وتحرزه .
كان الإمام أحمد رحمه الله يئنُّ في مرض موته ، ذكر له أن طاووس بن كيسان قال : يكتب الملك كل شيء حتى الأنين فلم يئن أحمد رحمه الله حتى مات ، إلى هذا الحد مع أن الأنين ليس بمحرم .
وهذا ابن دقيق العيد أيها الأحبة ، يقول : ما تكلمت بكلمة ولا فعلت فعلاً ، إلا أعددت له جواباً بين يدي الله عز وجل ، ما تكلمت بكلمة ولا فعلت فعلاً ؛ نعم كم مضى من أعمارنا ؟ هل نحن كذلك ؟ ولذلك أقول : نحن أيها الأحبة نحتاج إلى توبة ، الداعية يحتاج إلى توبة ، والعالم يحتاج إلى توبة ، وطالب العلم يحتاج إلى توبة ، والإنسان الذي يقول عن نفسه أو يقول عنه الآخرون بأنه ملتزم ومتدين يحتاج إلى توبة ، من منا أيها الأحبة ما قال كلمة ولا فعل فعلاً إلا أعد له جواباً بين يدي الله تبارك وتعالى .
فنسأل الله أيها الأحبة أن ينفعنا بما نسمع وأن لا يجعل ذلك حجة علينا ، كما نسأله تبارك وتعالى أن لا يمقتنا ، نسأله تبارك وتعالى أن يتجاوز عنا وأن يعفو عنا وأن يجعل ما نقول عظة لنا وسبيلاً إلى صلاح قلوبنا وأحوالنا وأعمالنا ، فنحن نستغفر الله عز وجل أيها الأحبة من كثرت ما نتكلم ومن كثرت ما نسمع على قلة العمل ، فينبغي أن يكون لنا طريقة أخرى في حالنا مع الله تبارك وتعالى وفي النظر إلى أعمالنا ، دعك مما يقوله الناس فإنهم ينظرون إلى ظاهرك والله عز وجل ناظر وعالم لباطنك .
هذا ختام ما أردت أن أذكره في هذا المجلس ، وأسأل تبارك وتعالى أن يعينني وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته .
أسأل الله الإخلاص في الظاهر والباطن
قام بتفريغها
أحد طلبة العلم
يرجو الدعاء له ولوالديه



 


الرد باقتباس
قديم 05-21-2016, 10:41 PM   #8


الصورة الشخصية لـ أبو سامي
أبو سامي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2140
 تاريخ التسجيل :  Aug 2013
 أخر زيارة : 03-09-2024 (11:53 PM)
 المشاركات : 5,725 [ + ]
 تقييم العضوية :  5380
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 119
تم شكره 366 مرة في 243 مشاركة
الإفتراضي رد : محاضرات اسلامية ( مكتوبة )



اسم المادة : التوبة
لفضيلة الشيخ / ناصر الأحمد

الحمد لله
إن الحديث عن التوبة مناسب جداً في الأوقات التي بدأت الآيات والنذر تتوالى من بين أيدينا ومن خلفنا، وعن أيماننا، وعن شمائلنا.
وها أنتم أيها الأخوة، تشاهدون وتسعمون بما يجري حولنا، قحط ومحن وحروب وبلايا وغيرها كثير، وكلها من حولنا، ونجد بين أيدينا أيضاً شيئاً من ذلك، فنضرع إلى الله -جل وعز- ونتوب إليه أن يصيبنا ما أصاب غيرنا، ولم لا يكون وسنن الله ثابتة على عباده، لا تحابي أحداً، يقول الله تعالى في حق اليهود: {فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ كَثِيرًا* وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [(160-161) سورة النساء].
فهؤلاء اليهود، لماذا حرم الله عليهم طيبات أحلت لهم؟ سواء كان هذا التحريم تحريماً قدرياً أو تحريماً شرعياً -على خلاف بين أهل التفسير- وتحريم الحلال يعتبر نوعاً من أنواع العقوبات الإلهية.
السبب: هو أنهم ارتكبوا هذه الأشياء:
أولاً – الظلم: {فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} [(160) سورة النساء].
ثانياً: {وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ كَثِيرًا} [(160) سورة النساء].
ثالثاً: {وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ} [(161) سورة النساء].
رابعاً: {وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ} [(161) سورة النساء].
وهذه الآية ليست خاصة في اليهود، بل كل عباد الله، لو وقعوا في شيء من هذه الأربعة، فهم متوعدون، بنوع من العقوبات الإلهية.
فتأمل أخي المسلم في مجتمعات المسلمين اليوم، شرقيها وغربيها، شماليها وجنوبيها، هل وقع شيء من هذا؟ أم أن كل هذه الأربعة وغيرها كثير قد حصل وحصل.
إذا كان الأمر كذلك، فإنه لمن المناسب جداً أن نتكلم عن التوبة كيف لا، وكلنا ذنوب وكلنا تقصير، وكلنا أخطاء، والله المستعان.
لقد حث الله -تبارك وتعالى- في كتابه على التوبة في مواضع كثيرة، يقول الله -عز وجل- في صدر سورة هود: {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ* أَلا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ* وَأَنِِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ} [(1-3) سورة هـود]، ويقول الله -عز وجل-:{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ* وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ* وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} [(53-55) سورة الزمر]، ويقول تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [(8) سورة التحريم]، ويقول -عز وجل-: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [(31) سورة النــور] إلى غير ذلك من الآيات التي فيها الحث على التوبة والأمر بها.
وقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذلك الكثير، فمن ذلك ما في صحيح مسلم عن الأغرّ المزني أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إنه ليغانّ على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم مئة مرة)).
وفي صحيح مسلم أيضاً: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن الله يبسط يده بالليل؛ ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار؛ ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها)).
وفي الحديث المتواتر عن أنس وغيره: ((لله أشد فرحاً بتوبة عبده من أحدكم كان بأرض فلاة، ومعه راحلته عليها زاده وطعامه وشرابه، فنام تحت ظل شجرة، فذهبت الراحلة، فطفق يبحث عنها، حتى إذا آيس منها رجع إلى تلك الشجرة ونام تحتها؛ ليموت، فلما استيقظ نظر فإذا راحلته عند هذه الشجرة قد أمسكت بها أغصانها وعليها طعامه وشرابه وزاده، فقال: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح))، [رواه البخاري ومسلم]، إلى غير ذلك من الأحاديث الواردة في فضل التوبة.
أيها الأحبة: لي معكم في هذه المحاضرة ست وقفات:
أولاً: إشكالٌ وجوابه.
ثانياً: حكم التوبة.
ثالثاً: علامات مهمة.
رابعاً: معوقات التوبة.
خامساً: من أحكام التوبة.
سادساً: نماذج تائبة.
أولاً: الإشكال وجوابه:
قد يتساءل البعض ويقول بأن التوبة للعصاة والمذنبين والمجرمين، ولسنا عصاة أو مذنبين، ولسنا أيضاً مجرمين، فكيف نتوب؟
وهذه مشكلة تقع لكثير من الناس، زار أحدهم مريضاً، فلما دخل عليه قال: طهور إن شاء الله، فرد المريض: وهل أنا عاص ومجرم حتى يكون المرض تكفيراً لذنوبي؟
وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على جهل العباد بقدر أنفسهم وما يصدر منهم، وجهلهم أيضاً بحق الله -تبارك وتعالى- عليهم، وأن العبد لو قضى حياته لله ساجداً راكعاً ما أدى حقه.
ما للعباد عليه حق واجب *** كلا ولا سعي لديه ضائع
إن عذبوا فبعدله، أو نعموا *** فبفضله وهو الكريم الواسع
وجواباً على الإشكال السابق، نقول بأن التوبة نوعان واجبة ومستحبة: أما الواجبة: فهي التوبة من فعل المحرمات وترك الواجبات، وأعظم المحرمات الوقوع في الكفر والشرك والنفاق، وكذلك التوبة من سائر المعاصي، كأكل الربا، وأكل الحرام، وعقوق الوالدين، وقطيعة الأرحام، والغيبة، والنميمة، وقول الزور، وسماع الغناء، ومشاهدة الفضائيات، وغير ذلك من المحرمات التي فشت في أوساط مجتمعات المسلمين اليوم، فهذه التوبة واجبة.
وكذلك التوبة من ترك الواجبات، كترك صلاة الجماعة، أو ترك الزكاة، أو ترك تعلّم العلم الذي يجب على الإنسان تعلمه، إلى غير ذلك من الواجبات التي قد يقصر فيها الإنسان، فهذه التوبة واجبة.
أما التوبة المستحبة: فهي التوبة عن فعل المكروه، أو ترك المستحب، فالإنسان يتوب من ترك الوتر، أو ترك السنن الرواتب، أو ترك الإكثار من قراءة القرآن، أو ترك قيام الليل، أو ترك غيرها من الأعمال الصالحات، كما يتوب من فعل الأمور المكروهة، التي لا يحبها الله ولا رسوله، ولكن ليست محرمة.
وإذا علم بأن التوبة هكذا، علم بأن التوبة لا غنى لأي مسلم عنها، فإنه ما من إنسان إلا ويقع في بعض المعاصي، ويترك بعض الواجبات، فإن سلم من هذا فهو جزماً يقع في بعض المكروهات، ويترك بعض المستحبات، ولهذا قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما في حديث أنس: ((كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون)) [رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجة]، ففي هذا الحديث إشارة إلى أن من شأن الإنسان أن يخطئ ويغلط ولهذا قيل:
وما سمي الإنسان إلا لنسيه *** ولا القلب إلا أنه يتقلب
وإذا كنا نعلم بأن أنبياء الله ورسله كانوا على رأس التائبين، وكم منهم كان يقول: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [(23) سورة الأعراف]، وكم منهم يقول:{رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي} [(16) سورة القصص]، ومنهم من قال الله تعالى:{فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ* فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ} [(24-25) سورة ص]، بل علّم الله رسوله ومصطفاه أن يستغفر فقال: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ} [(19) سورة محمد]، وكان من شأنه -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يحسب له في المجلس الواحد أكثر من مئة مرة: أستغفر الله وأتوب إليه.
فإذا كان هذا شأن الأنبياء والرسل، فما بالك بنا ونحن في ذنوبنا وفي معاصينا وفي غفلتنا وفي تقصيرنا، وقلوبنا قد أصابها الران، وغطى عليها الغبار، ما لا يدفعه إلا الله، فنحن أحوج وأحوج إلى أن نتوب إلى الله.
ثم إن هناك أمراً آخر، وهو أن الإنسان كلما قوي إيمانه كان أخوف على نفسه، ولذا تجد أن الإنسان الذي يدّعي أنه لا حاجة له بالتوبة تجده هو الإنسان الذي يظهر أثر المعصية، وأن الإنسان المطيع المصلي المتقي، إذا ذكّر بالتوبة أقبل عليها واستغفر ربه.
ولذلك يقول أبو العالية -كما في صحيح البخاري-: "أدركت ثلاثين من أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- كلهم يخاف النفاق على نفسه".
ويقول ابن مسعود كما في البخاري أيضاً: "إن المنافق يرى ذنوبه كذباب وقع على أنفه فقال بيده هكذا فطار، أما المؤمن فيرى ذنوبه كأنه جبل يريد أن يقع عليه".
وذنوب المؤمن بالنسبة لذنوب المنافق كقطرة في بحر، لكن لأن قلب المؤمن قلب فيه نور وفيه حياء فهو يحس بأثر المعصية وخطرها فيحاسب نفسه عليها، لذا قال الله تعالى: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ* وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} [(1-2) سورة القيامة]، فنفس المؤمن نفس لوامة؛ تلومه على ذنوبه، تلومه على تقصيره، أما المنافق فإنه يمشي قُدماً لا يلوي على شيء، لذا فقد قال الله عن بني إسرائيل:{فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُواْ الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مُّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الْكِتَابِ أَن لاَّ يِقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ} [(169) سورة الأعراف].
يمكن أن يضاف إلى ما سبق، إجابة على الإشكال السابق وهو أن الله يذكر التوبة ويؤكد عليها عند فعل الأعمال الصالحة، قال الله تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا} [(200) سورة البقرة]، وقال -عز وجل-:{فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ* ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [(198-199) سورة البقرة]، وقال الله تعالى لرسوله -صلى الله عليه وسلم- وهو في آخر عمره:{إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ* وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا* فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [(1-3) سورة النصر].
فكان -عليه الصلاة والسلام- كما في حديث عائشة كما في الصحيح- بعد نزول هذه السورة: "كان يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: ((سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي)) يتأول القرآن، بمعنى أنه كان ينفذ أمر القرآن".
فبعد أن جاهد -عليه الصلاة والسلام- ودعا وأمر ونهى وكابد وعانى وطُرد وأوذي، وألقي السلى على رأسه، وشُجَّ وجهه، ودخل حلق المغفر في وجنته، وأدميت عقباه -وكل هذا في سبيل الدين- وبعد هذا كله يقول الله -عز وجل- له: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ}.
وكان من شأنه -عليه الصلاة والسلام- أنه كان إذا فرغ من الصلاة قال: أستغفر الله أستغفر الله أستغفر الله، على ماذا يدل هذا؟
يدل، على أن المسلم ينبغي له -بل يجب عليه- أن يلازم التوبة وتلازمه حتى بعد فراغه من الأعمال الصالحة، لذا قال الله تعالى في وصف عباده المؤمنين: {كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ* وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [(17-18) سورة الذاريات].
ثانياً: حكم التوبة:
حكم التوبة أنها واجبة، وهي فرض عين على كل مسلم؛ قال الله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [(31) سورة النــور]، فقوله: {تُوبُوا}: أمر، والأمر يقتضي الوجوب.
وقال -صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح مسلم: ((يا أيها الناس توبوا إلى الله فإني أتوب إليه في اليوم مئة مرة)).
وقد أجمعت الأمة على وجوب التوبة، قال القرطبي -رحمه الله-: "واتفقت الأمة على أن التوبة فرض على المؤمنين"، وقال أيضاً: "وهي فرض على الأعيان في كل الأحوال وكل الأزمان".
وقال ابن قدامه: الإجماع منعقد على وجوب التوبة، وقال شيخ الإسلام: "ولابد لكل عبد من توبة، وهي واجبة على الأولين والآخرين".
ولما كانت الذنوب إنحراف عن خط الإستقامة، وإضرار بمصالح البشرية فإنها تهدد الحياة الإنسانية، وتنغص عيشها وتعرضها للخطر، وليس من العقلاء من يرضى بهذا المصير، لذا كانت التوبة واجبة أيضاً بالعقل والنظر، وبهذا يتطابق صحيح المنقول مع صريح المعقول في وجوب التوبة لكل أحد.
فإذا علم هذا، بقي أن تعلم بأن هذا الوجوب على الفورية، وليس على التراخي؛ قال الإمام العلامة ابن القيم -رحمه الله-: "إن المبادرة إلى التوبة من الذنب فرض على الفور، ولا يجوز تأخيرها"، وقال النووي: "واتفقوا على أن التوبة من جميع المعاصي واجبة، وأنها واجبة على الفور، ولا يجوز تأخيرها، سواء كانت المعصية صغيرة أو كبيرة".
فإذا علم هذا بقي أن تعلم بأن تأخير التوبة ذنب يقتضي التوبة؛ فمتى أخّرها عصى بالتأخير، فإذا تاب من الذنب بقي عليه توبة أخرى، وهي توبته من تأخير التوبة، وقل أن تخطر هذه ببال التائب، بل عنده أنه إذا تاب من الذنب، لم يبق عليه شيء آخر، وقد بقي عليه التوبة من تأخير التوبـة، فتنبه لذلك عبد الله.
ولا خلاص من هذا إلا بتوبة عامة مما تعلم ومما لا تعلم؛ لأنّ ما لا يعلمه العبد من ذنوبه أكثر مما يعلمه، كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- للصديق -رضي الله عنه- عندما سأله عن الخلاص من الشرك في هذه الأمة -الذي هو أخفى من دبيب النمل- قال: ((أن تقول: اللهم إني أعوذ بك أن أشرك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم)) [رواه الإمام أحمد].
وفي صحيح البخاري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يدعو في صلاته: ((اللهم اغفر لي خطئي وجهلي، وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي جدّي وهزلي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني، أنت إلهي لا إله إلا أنت)).
فما لنا بعد هذا كله لا نتوب، وما بالنا نتنكب الطريق، نقدم رِجلاً ونؤخِّر أخرى، وباب التوبة مفتوح؟ والله -عز وجل- يقول لنا: ((يا عبد الله: متى جئتني قبلتك، إن أتيتني ليلاً قبلتك، وإن أتيتني نهاراً قبلتك، وإن تقربت مني شبراً تقربت منك ذراعاً، وإن تقربت مني ذراعاً تقربت منك باعاً، وإن مشيت إليّ، هرولت إليك، ولو لقيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً، أتيتك بقرابها مغفرة، ولو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك، ومن أعظم مني جوداً وكرماً؟! يا عبد الله: إن العباد يبارزونني بالعظائم، وأنا أكلؤهم على فرشهم، إني والجن والإنس في نبأ عظيم: أخلق ويعبد غيري، وأرزق ويشكر سواي، خيري إلى العباد نازل، وشرهم إليّ صاعد، أتحبب إليهم بنعمي وأنا الغني عنهم، ويتبغضون إليّ بالمعاصي وهم أفقر شيء إليّ، من أقبل إليّ تلقيته من بعيد، ومن أعرض عني ناديته من قريب، ومن ترك لأجلي أعطيته فوق المزيد، ومن أراد رضاي أردت ما يريد، ومن تصرف بحولي وقوتي، ألنت له الحديد، يا عبد الله: إن أهل ذكري أهل مجالستي، وأهل شكري أهل زيادتي، وأهل طاعتي أهل كرامتي، وأهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي، إن تابوا إليّ فأنا حبيبهم؛ فإني أحب التوابين وأحب المتطهرين، وإن لم يتوبوا إليّ، فأنا طبيبهم أبتليهم بالمصائب؛ لأطهرهم من المعايب، من آثرني على سواي آثرته على سواه، الحسنة عندي بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة، والسيئة عندي بواحدة، فإن ندم عليها واستغفرني، غفرتها له، أشكر اليسير من العمل، وأغفر الكثير من الزلل، رحمتي سبقت غضبي، وحلمي سبق مؤاخذتي، وعفوي سبق عقوبتي، وأنا أرحم بعبادي من الوالدة بولدها)).
أيها الأحبة، هذا شأن الله، وهذا شأننا، فليوازن كل منا، وليختر لنفسه ما يريد.
تطوى المراحل عن حبيبك دائباً *** وتظل تبكيه بدمع ساجم
كذبتك نفسك لست من أحبابه *** تشكو البعاد وأنت عين الظالم
ثالثاً: علاماتٌ مهمة:
وهنا أقدم لك أيها الأخ الكريم علامات، أو قل: موازين -أو سمّها معايير- يمكنك من خلالها أن تعرف هل هذه التوبة قبلت أو ردت.
ليست المشكلة في أن نتوب، لكن الأهم من ذلك أن نتلمس بأن هذه التوبة قد قبلت بإذن الله، وأن لا يضرب بها وجوهنا.
وإليك بعض هذه العلامات -علامات قبول التوبة ثم علامات ردها- ألخصها لك في نقاط سريعة، فأرعني سمعك بارك الله فيك. أبدأ بـ:
علامات قبول التوبة:
العلامة الأولى: أن يكون العبد بعد التوبة خير منه قبلها: وهذه يمكنك أن تعرفها في نفسك، وكل منّا أدرى بنفسه من غيره، فهل أنت بعد التوبة خير مما كنت قبلها؟ فإن شعرت بهذا، فهنيئاً لك، وإن كانت الأخرى، فعليك أن تتوب من هذه التوبة.
العلامة الثانية: أنه لا يزال الخوف مصاحباً له؛ لا يأمن مكر الله طرفة عين، فخوفه مستمر إلى أن يسمع قول الرسل لقبض روحه: {أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} [(30) سورة فصلت]، فهناك يزول الخوف.
فالذي لا يصاحبه الخوف بعد التوبة أو اطمأنّ إلى عمله وأمن مكر الله فهذه توبة مشكوك في صحتها، وعليه أن يتوب من هذه التوبة.
العلامة الثالثة: انخلاع قلبه وتقطعه ندماً وخوفاً وحسرة على كل ما حصل منه قبل التوبة مهما صغر الذنب، وإذا لم يحس بهذا التقطع الحقيقي في قلبه فليراجع نفسه، وهذا هو تأويل ابن عيينة لقوله تعالى: {لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْاْ رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ} [(110) سورة التوبة] قال: تقطعها بالتوبة.
ولا ريب أن الخوف الشديد من العقوبة العظيمة يوجب إنصداع القلب وانخلاعه وهذا هو تقطعه، وهذه حقيقة التوبة؛ لأنه يتقطع قلبه حسرة على ما فرط منه وخوفاً من سوء عاقبته.
فمن لم يتقطع قلبه في الدنيا على ما فرّط حسرة وخوفاً تقطع في الآخرة إذا حقّت الحاقّة، ووقعت الواقعة، وجاءت الطامّة والصاخّة، وعاين ثواب المطيعين وعقاب العاصين، فلابد من تقطع القلب إما في الدنيا وإما في الآخرة.
العلامة الرابعة من علامات قبول التوبة: ذلٌ يصاحبه خضوع لله بعد التوبة، وكسرة خاصة تحصل للقلب لا يشبهها شيء، ولا تكون لغير المذنب؛ لا تحصل بجوع، ولا تحصل بحب مجرد، وإنما هي أمر وراء ذلك كله تكسر القلب بين يدي الرب كسرةٌ تامة قد أحاطت به من جميع جهاته.
فلله ما أحلى قوله في هذه الحال: أسألك بعزك وذلي إلاّ رحمتني، أسألك بقوتك وضعفي، وبغناك عنّي وفقري إليك، هذه ناصيتي الكاذبة الخاطئة بين يديك، عبيدك سواي كثير، وليس لي سيّد سواك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، أسألك مسألة المسكين، وأبتهل إليك ابتهال الخاضع الذليل، وأدعوك دعاء الخائف الضرير، سؤال من كثر ذنبه، وقلت حيلته، وخضعت لك رقبته، ورغم لك أنفه، وفاضت لك عينه وذلّ لك قلبه:
يا من ألوذ به فيما أؤمله *** ومن أعوذ به مما أحاذره
لا يجبر الناس عظماً أنت كاسره *** ولا يهيضون عظماً أنت جابره
فهذه أيها الآحبة، بعض آثار التوبة المقبولة بإذن الله، فمن لم يجد ذلك في قلبه فليتهم توبته، وليرجع إلى تصحيحها؛ فما أصعب التوبة الصحيحة الصادقة بالحقيقة، وما أسهلها باللسان والدعوى، وما عالج الصادق بشيء أشق عليه من التوبة الخالصة الصادقة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وأما علامات ردها -نسأل الله العافية-:
فأولها: ضعف العزيمة والتفات القلب للذنب: فإنك تجد أن هذا التائب، ضعيف العزيمة؛ تاب لكن ما زال يلتفت إلى الوراء، تتوق نفسه لما كان يفعله قبل التوبة.
صحيح أنه ارتفع قليلاً بعد التوبة، لكن ارتفاع فيه ضعف، ضعف في العزيمة، فهو لا يشعر من نفسه بالذلّ لله، لا يشعر بانخلاع قلبه ندماً وحزناً، فإذا وجدت هذه الحالة أخي المسلم فإنها -والعياذ بالله- حالةٌ لا تسرّ، وعلامة من علامات رد وعدم قبول التوبة.
ثانياً: من علامات ردها أيضاً: طمأنينة القلب ووثوق النفس بتحقيق التوبة: تجد أن هذا التائ، أو الذي يقول بأنه تاب قد أمن مكر الله؛ مطمئن جداً من توبته، ويظن أنه قد أتى بشروطها، ولا يعلم هذا المسكين بأن وثوق نفسه بتحقيق توبته قد يكون مانعاً من موانع قبول التوبة.
إن المؤمن لا ينبغي له أن يركن لنفسه؛ ولو وكلنا المولى -جل وتعالى- لأنفسنا، لهلكنا جميعاً، ولو وكلنا إلى أعمالنا لهلكنا جميعاً، وكلنا محتاج إلى عفو الله ومنه وكرمه، ولو ظن العبد أنه في غنىً عن عفو الله واطمأن قلبه إلى أعماله وإلى توبته فهو أجهل من حمار أهله.
العلامة الثالثة: استمرار الغفلة وقسوة القلب: فالتوبة التي أحدثها لم تليّن قلبه فما زال قلبه قاسياً، ومازالت الغفلة مستمرة، فهذا علامة لعدم قبول توبته أصلاً؛ وإلا فكيف يتوب العبد من ذنبه وما يزال مستمراً في غفلته، كيف يدّعي التوبة والقلب مازال حجراً؟ ضدان لا يجتمعان، ونقيضان لا يلتقيان؟ ويستحيل أن توجد توبة مقبولة بهذا الشكل.
العلامة الرابعة من علامات رد التوبة وعدم قبولها:عدم استحداث أعمال صالحة بعد التوبة: فتجد أن الأعمال الصالحة التي كان يؤديها قبل التوبة لم تزد بعد التوبة، فلا تجد زيادة واستحداث لمزيد من نافلة صيام، أو زيادة في صلاة تطوع أو صدقة أو ذكر أو قراءة للقرآن، أو غير ذلك من أعمال البر والخير. التوبة المقبولة:
هي التي تبعث الهمّة عند صاحبها بمجرد أن تستقر التوبة في القلب حقيقة، فإنها تعطيه دفعةً قوية، وتبعث فيه شعلةً إيمانية، تجعله يزيد في الأعمال الصالحة عمّا كان عليه قبل ذلك، وإلا فهي دعوى وليست توبة.
رابعاً: معوقات التوبة:
ليست المشكلة هو عزم الإنسان على التوبة؛ هذا بحد ذاته جيد ومطلوب وليست المشكلة في محاولة المسلم الداعية جر الآخرين إلى طريق الاستقامة ومحاولة تخليصهم مما هم متلوثون به، وإن كان هذا أيضاً في حد ذاته جيد ومطلوب، لكن المشكلة -في نظري- أن أهم قضية لتحقيق التوبة هو تخطي المعوقات، أو ما يسمى بالموانع. وإليك مثالاً سريعاً على هذا:
الدعاء: هناك آداب وشروط، ينبغي للعبد أن يحرص عليها إذا أراد أن تستجاب دعوته، فالبعض منّا قد يأتي بهذه الشروط، ويحرص على هذه الآداب، ثم لا يستجاب له، لماذا؟؛ لأن هناك موانع منعت من استجابة الدعاء. قال شيخ الإسلام: " فكل سبب فهو موقوف على وجود الشروط وانتفاء الموانع.
فكذلك أخي المسلم التوبة تحققها موقوف على وجود الشروط وانتفاء الموانع الذي سميناها في هذه الفقرة بمعوقات التوبة، وقبلها أذكركم بشروط التوبة، أذكرها سريعاً وبشكل نقاط وهي خمسة:
1 – الإقلاع عن الذنب.
2 – الندم على ما فات.
3 – العزم على أن لا تعود إليه.
4 – أن تكون التوبة في وقت الإمكان؛ فإذا بلغت الروح الحلقوم فلا توبة، وإذا طلعت الشمس من مغربها فلا توبة.
5 – ما كان يتعلق بحق آدمي فيجب إعادته له واستحلاله منه.
وأما معوقات التوبة:
فأولاً: الإصرار على الذنب: قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ* أُوْلَئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ} [(135-136) سورة آل عمران]، فبقاء الإنسان على الذنب مشكلة، وتعلق قلب العبد بالماضي وبممارساته القبلية هذه من أصعب المعوقات التي تواجه الإنسان، ولا سبيل للخلاص من هذا المعوق بعد توفيق الله -جل وعز- إلا بإرادة قوية وتصميم جازم وضغط على النفس، وإلا فسيبقى الإنسان أسير هواه، وستبقى هذه الذنوب كالأغلال والسلاسل في يديه ورجليه.
المعوق الثاني: استصغار الذنب: إذا كان الإنسان يرى أن ما يفعله بسيط وسهل خصوصاً إذا قام يقارن نفسه بمن هو غارق إلى أذنيه في الخطايا والمخالفات، فهذا الإنسان لن يتوب بسهولة، لا تنظر إلى مقدار الذنب، ولا تنظر إلى صغر الذنب، لكن أنظر إلى عظمة من عصيت.
إنك وأنت تتلبس بالمعصية أو الزلل، اعلم -أخي المسلم- أنك مخالف لله -جل وتعالى- وبدون استشعار هذه القضية وامتلاء القلب بعظمة المولى فلن تتخلص من أسر المعصية، ومع استمرار استصغار الذنب عندك فسيبقى هذا المانع معلق في رقبتك، لا تنظر إلى من هلك كيف هلك، ولكن انظر إلى من نجا كيف نجا.
المعوق الثالث: المجاهرة: قال -صلى الله عليه وسلم-: ((كل أمتي معافى إلا المجاهرون، وإن من المجاهرة أن يعمل العبد بالليل عملاً ثم يصبح قد ستره ربه، فيقول: يا فلان، قد عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، فيصبح يكشف ستر الله عليه)) [أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة].
مصيبة أن يصل العبد إلى هذه الدرجة من قلة الحياء وعدم المبالاة؛ بفعل المخالفات ويقتحم المنكرات، ثم يأتي ويتحدث بها أمام زملائه وأصحابه.
الإنسان إذا كان يعصي لكن بحياء ولا يريد أن يعرف عنه أحد، فهذا بذرة الخير مازالت موجودة في قلبه، أما إذا وصل إلى حد المجاهرة والعلانية والتحدث بما يفعل دون خجل ولا حياء فهذا الذي لا يعافى، وهذا الذي لا يسلم، وسيبقى أسير معصيته، وسيبقى هذا المعوق حائلاً دونه ودون التوبة، نسأل الله -جل وتعالى- أن لا يفضحنا لا في الدنيا ولا في الآخرة، وأن يسترنا بستره، إنه خير مسؤول.
المعوق الرابع: التسويف بالتوبة: فالعبد يعلم بأنه الآن هو على خطأ ومتلبس بالزلل والمخالفة، لكنه يؤخر التوبة ويعطي نفسه مدة أطول؛ لكي يتشبع ويكتفي ويأخذ حظاً أوفر مما يفعله، فليعلم بأن الذي يقول: سوف أتوب، وسوف أرجع أموال الناس، وسوف أترك ما أنا فيه ونحو هذه (السوفيات) أنه على خطر عظيم، ويصعب على مثل هذا النوع التوبة والرجوع، إلا بالتخلص من معوق (سوف)، وليعلم أيضاً بأن الموت قد يأتيه وهو لم يصل بعد إلى (سوف)، فماذا يكون جوابه أمام ربه؟؟!
المعوق الخامس: الصحبة السيئة وقرناء السوء: من أكبر الأمور التي تعين الإنسان على فعل الخير واتباع سبيل المؤمنين، أهل الخير والصلاح، وزملاء التقوى والورع، فالذي يعمل السوء ويرتكب المعاصي في الغالب أنه ليس لوحده وإن كان يمارس بعض الأشياء لوحده؛ تجد أن له أصحاب يحرضونه ويشجع كل منهم الآخر، فما دام أن علاقته وصلته مازالت مستمرة مع هؤلاء، فالتوبة والحالة هذه صعبة؛ {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [(11) سورة الرعد]، فإذا أردت التغيير من حال الفساد إلى الصلاح فعليك أن تغير الأصحاب، وإلا فهم مانع لك من دخول باب التوبة.
المعوق السادس: الابتداع في الدين: البدعة في الدين شأنها خطير، ومشكلة صاحب البدعة أنه يعتقد أن ما يفعله من الدين، إما بالتعبد بما لم يأذن به الله، وإما باعتقاد خلاف الحق الذي أرسل الله به رسوله، وأنزل به كتابه، وهاتان البدعتان في الغالب أنهما متلازمتان، قلَّ أن تنفك أحداهما عن الأخرى، كما قال بعضهم: تزوجت بدعة الأقوال ببدعة الأعمال.
والبدعة -أيها الأخوة- من أعظم معوقات التوبة، ولا خلاص منها إلا بنور السنة والاعتصام بحقيقة المتابعة، وما مضى عليه السلف الأخيار من الصحابة والتابعين لهم بإحسان.
المعوق السابع: الإعراض عن مواطن العبر: الذي يبحث عن التوبة ويريدها فعليه أن يكثر من حضور مواطن العبر وأن يغشاها دائماً، المواطن التي تذكره بالله وبآياته، وتذكره بأحكام الدين وتعلمه الخير وما يجهل، وهي مجالس العلم وحلق الذكر وحضور المحاضرات والدروس؛ فإن تعويد المرء نفسه بارتياد هذه الأماكن يرقق قلبه ويجعله قريباً من ربه، فإذا ما وقع في معصية أو حصلت منه مخالفة فإنه سرعان ما يرجع؛ لأن القلب موصول بالله من خلال هذه المواطن، وغالباً ما يسمع في هذه المواطن كلاماً حول ما بدر منه، وفي المقابل الإعراض عن مواطن العبر يكون معوقاً من معوقات التوبة.
خامساً: من أحكام التوبة:
إن أحكام التوبة كثيرة والحاجة إليها شديدة، ولضيق الوقت وعدم الإطالة نختار منها عشرة أحكام فقط:
أولها:هل تصح التوبة من ذنب مع الإصرار على غيره: فيه قولان لأهل العلم، وهما روايتان عن الإمام أحمد، والصواب أن التوبة تصح من ذنب مع بقاء الإصرار على غيره، بشرط ألا يكون من جنسه، وإليك البيان:
إن التوبة تتفاضل في كيفيتها، كما أنها تتفاضل في كميتها، فلو أتى العبد بفرض وترك فرضاً آخر لاستحق العقوبة على ما تركه دون ما فعله، فهكذا التوبة، فإذا تاب من ذنب وأصر على آخر، قبل الذي تاب منه وبقى محاسباً عن الآخر، فإذا تاب من الربا –مثلاً- ولم يتب من شرب الخمر، فإن توبته من الربا مقبولة صحيحة وبقي عليه وزر شرب الخمر، لكن قلنا بشرط ألا يكون من جنسه، كمن تاب من ربا الفضل ولم يتب من ربا النسيئة، أو تاب من شرب الخمر وما زال يتعاطى المخدرات، فهذا لا تصح توبته؛ لأن الجنس واحد، وهو كمن يتوب عن الزنا بامرأة وهو مصر على الزنا بغيرها؛ فهذا في الحقيقة لم يتب من الذنب، وإنما عدل عن نوع منه إلى نوع آخر.
ثانياً من الأحكام: هل العود إلى الذنب يبطل التوبة؟: بمعنى هل يشترط في صحتها أن لا يعود إلى الذنب أبداً، أم ليس ذلك بشرط؟
فيه خلاف بين أهل العلم، قال بعضهم: يعود إليه إثم الذنب الأول؛ لفساد توبته وبطلانها بالمعاودة، لكن الصحيح أنه لا يعود إليه إثم الذنب الذي تاب منه بنقض التوبة؛ لأن ذلك الإثم قد ارتفع بالتوبة، وصار بمنـزلة ما لم يعمله، وكأنه لم يكن فلا يعود إليه بعد ذلك، وإنما العائد إثم المستأنف لا الماضي؛ ونكتة هذه المسألة كما يقول ابن القيم -رحمه الله-: إن التوبة المتقدمة حسنة ومعاودة الذنب سيئة، فلا تبطل معاودته هذه الحسنة، كما لا تبطل ما قارنها من الحسنات.
إذن: نقول بأن العبد إذا تاب توبة صحيحة بشروطها، ثم عاود الذنب، كتب عليه ذلك الذنب الثاني، ولم تبطل توبته، وهذا مذهب أهل السنة في هذه المسألة، خلافاً للمعتزلة.
روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يحكي عن ربه -عز وجل- قال: ((أذنب عبد ذنباً، فقال: اللهم اغفر لي ذنبي، فقال -تبارك وتعالى-: أذنب عبدي، فعلم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب، اغفر لي ذنبي، فقال -تبارك وتعالى-: أذنب عبدي ذنباً فعلم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب، اغفر لي ذنبي، فقال -تبارك وتعالى-: أذنب عبدي ذنباً، فعلم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، اعمل ما شئت فقد غفرت لك)).
ومن الأحكام أيضاً -وهذا ثالثها-: وتأملوا هذه المسألة: أن من كانت له حسنات، ثم استحدث بعدها سيئات فاستغرقت سيئاتُه الحديثات حسناته القديمات وأبطلته،ا ثم تاب هذا الرجل من هذه السيئات توبة خالصةً نصوحاً، فإن حسناته تعود إليه، ولم يكن حكمه حكم المستأنف لها، بل يقال له: تبت على ما أسلفت من خير، وهذا من رحمة الله -جل وعلا-؛ وذلك لأن الإساءة المتخللة بين الطاعتين قد ارتفعت بالتوبة، وصارت كأنها لم تكن فتلاقت الطاعتان واجتمعتا.، فتأمل.
ومن أحكام التوبة -وهذا رابعها-: أنّ من توغل في ذنب، ثم عزم على التوبة منه، لكنه لا يمكنه التوبة منه إلا بارتكاب بعضه، كمن توسط أرضاً مغصوبة، ثم عزم على التوبة ولا يمكنه إلا بالخروج الذي هو مشى فيها وتصرف، فكيف يتوب من الحرام بحرام مثله؟ وهل تعقل التوبة من الحرام بحرام؟
الجواب: بأن التوبة بخروجه من الأرض ليس بحرام، إذ هو مأمور به، وإنما تكون الحركة والتصرف في ملك الغير حراماً إذا كان على وجه الانتفاع بها المتضمن لإضرار مالكها، أما إذا كان القصد ترك الانتفاع، وإزالة الضرر عن المالك فلم يحرم الله ولا رسوله ذلك، ولا دل على تحريمه نظر صحيح ولا قياس صحيح، فتأمل هذا المثال وقس أنت عليه غيره.
خامس هذه الأحكام: إذا كانت متضمنة لحق آدمي: فهذا على الإنسان أن يخرج من هذا الحق بتوبة يؤدي فيها حقوق الناس، أو باستحلاله منه بعد إعلامه به إذا كان حقاً مالياً أو جناية على بدنه؛ كما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من حديث أبي هريرة عند الإمام أحمد أنه قال: ((من كان لأخيه عنده مظلمة من مال أو عرض فليتحلله اليوم قبل أن لا يكون ديناراً ولا درهماً إلا الحسنات والسيئات)).
أما إن كانت المظلمة بقدح فيه -بغيبة أو قذف- وكان يخشى إن أخبره بذلك فيحصل بسبب ذلك مفسدة، أو أن إخباره يزيده حنقاً وغماً فالذي اختاره شيخ الإسلام أنه لا يعلمه بما نال من عرضه وقذفه واغتيابه، بل يكفى توبته بينه وبين الله، وأن يذكر المغتاب والمقذوف في مواضع غيبته وقذفه بضد ما ذكره به من الغيبة، فيبدل غيبته بمدحه والثناء عليه وذكر محاسنه، وقذفه بذكر عفته وإحصانه ويستغفر له بقدر ما اغتابه.
سادساً هذه الأحكام -وهذا مهم فتنبه-: وهو أن العبد إذا تاب من الذنب، فهل يرجع إلى ما كان عليه قبل الذنب من الدرجة التي حطه عنها الذنب أو لا يرجع إليها؟
فصل النـزاع في هذه المسألة: أنه يختلف بحسب حال التائب، فمن التائبين من لا يعود إلى درجته، ومنهم من يعود إليها، ومنهم من يعود إلى أعلى منها، فيصير خيراً مما كان قبل الذنب، وهذا بحسب حال التائب بعد توبته وجدّه وعزمه وحذره وتشميره، فإن كان في الجدّ والعزم والرجوع أعظم مما كان له قبل الذنب عاد خيراً مما كان وأعلى درجة، وإن كان مثله عاد إلى مثل حاله، وإن كان دونه لم يعد إلى درجته والله المستعان.
ومن أحكام التوبة -وهذه سابعها-: هل هناك فرق بين تكفير السيئات ومغفرة الذنوب؟ قال الله تعالى حاكياً عن عباده المؤمنين: {رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ} [(193) سورة آل عمران]، فههنا أربعة أمور: ذنوب وسيئات ومغفرة وتكفير، فالذنوب المراد بها الكبائر، والمراد بالسيئات الصغائر، ولفظ المغفرة أكمل من لفظ التكفير ولهذا كان مع الكبائر، والتكفير مع الصغائر، وهذا التفصيل حال الاقتران وعند الإفراد فيدخل كل منهما في الآخر كما هو معلوم.
ومن أحكام التوبة -وهي ثامنها-: أن المصائب التي تصيب العبد والهموم والغموم والنصب والوصب نهر من الله -عز وجل- يسوقه ويجريه في الدنيا لتكفير سيئات العباد؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ((مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ وَلَا هَمٍّ وَلَا حُزْنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ)) [رواه البخاري].
إذا علمت هذا فاعلم بأن هناك نهر آخر أجراه الله -جل وتعالى- أيضاً هنا في الدنيا لتكفير السيئات، وهو نهر الحسنات التي تتضاءل وتتلاشى فيها الذنوب فتغمرها، والماء إذا بلغ القلتين لم يحمل الخبث، وفوق هذا كله النهر الأعظم والرافد الأكبر نهر التوبة النصوح.
فلأهل الذنوب ثلاثة أنهار عظام يتطهرون بها في الدنيا: نهر التوبة النصوح، ونهر الحسنات المستغرقة للأوزار المحيطة بها، ونهر المصائب المكفرة، فإن لم تف بتطهيرهم طهروا بالنهر الرابع، ويكون يوم القيامة وهو نهر الجحيم -عافانا الله وإياكم منه- فإذا أراد الله بعبده خيراً أدخله أحد هذه الأنهار الثلاثة، فورد القيامة طيباً طاهراً فلم يحتج إلى التطهير الرابع.
تاسع هذه الأحكام: توبة العبد إلى الله محفوفة بتوبتين من الله: توبة من الله عليه قبلها، وتوبة منه بعدها، توبته بين توبتين من ربه سابقة ولاحقة، فإنه تاب عليه أولاً إذناً وتوفيقاً وإلهاماً فتاب العبد فتاب الله عليه، ثانياً قبولاً وإثابة، فتأمل -يا عبد الله- في هذا الكلام وتفكر فيه، فإن فيه بعض أسرار اسميه -جل وتعالى- "الأول والآخر"؛ فهو المعد وهو الممد، ومنه السبب والمسبب، وهو الذي يعيذ من نفسه بنفسه كما قال اعرف الخلق به: ((وأعوذ بك منك)).
والعبد توّاب والله توّاب، فتوبة العبد رجوعه إلى سيده بعد الإباق والشرود، وتوبة الله نوعان: إذن وتوفيق، وقبول وإمداد، فتأمل
أختم هذه الأحكام خشية الإطالة والملل بالعاشر: وهو أن على التائب أن يتفطن لقلبه ويهتمّ به أكثر من آثار الذنب على الجوارح؛ فإن الكبيرة قد يقترن بها من الحياء والخوف والاستعظام بها ما يلحقها بالصغائر، وقد يقترن بالصغيرة من قلة الحياء وعدم المبالاة وترك الخوف والاستهانة بها ما يلحقها بالكبائر، بل يجعلها في أعلى رتبها، وهذا أمر مرجعه إلى ما يقوم بالقلب، وهو قدر زائد على مجرد الفعل، والإنسان يعرف ذلك من نفسه ومن غيره.
سادساً: نماذج تائبة:
إن قصص وأخبار التائبين على مر العصور كثيرة وكثيرة جداً، ولا يكفي في مثل هذه العجالة، إلا بذكر نتف يسيرة ونماذج سريعة للعبر، وما زال الناس منذ القديم حتى وقتنا هذا يذنبون ويستغفرون، يعصون ثم يتوبون، والتاريخ يسجل ذلك كله، وإذا فات التاريخ شيء من ذلك فهو عند الله مكتوب محفوظ؛ {فِي كِتَابٍ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى} [(52) سورة طـه].
وقد اخترت لكم لعدم الإطالة نموذجين:
النموذج الأول:
توبة أبي محجن الثقفي -رضي الله عنه- وكان مبتلىً بشرب الخمر وقصته، أنه خرج مع المجاهدين في معركة القادسية -والتي كان أميرها سعد بن أبي وقاص- وقد حبسه سعد في المعركة ومنعه من القتال من أجل المسكر، فلما اشتد القتال، وكان أبو محجن قد حبس وقُيّد في القصر، فأتى سلمى بنت حفصة امرأة سعد، فقال: يا بنت آل حفصة، هل لك إلى خير؟ قالت: وما ذاك؟ قال: تخلين عنّي وتعيرينني البلقاء -وهو فرس لسعد بن أبي وقاص- قال: فلله عليّ إن سلمني الله أن أرجع حتى أضع رجلي في قيدي، وإن أُصبت فما أكثر من أفلت. فقالت: ما أنا وذاك.
فرجع أبو محجن إلى قيوده وصار يردد:
كفى حُزناً أن تُرد الخيل بالقنا *** وأُترك مشدوداً عليّ وثاقيا
إذا قُمت عنّاني الحديد وغُلقت *** مصاريع دوني قد تصمّ المناديا
وقد كنت ذا مالٍ كثيرٍ وإخوة *** فقد تركوني واحداً لا أخا لِيا
وقد شق جسمي أنني كلَّ شارفٍ *** أعالج كبلاً مصمتاً قد برانيا
فلله درّي يوم أُتركَ موثقاً *** ويذهل عنّي أثرتي ورجاليا
حبست عن الحرب العوان وقد بدت *** أعمال غيري يوم ذاك العواليا
ولله عهد لا أخيس بعهده *** لئن فُرّجت أن لا أزور الحوانيا
فسمعت سلمى منه وهو يردد هذه الأبيات فقالت: إني استخرت الله، ورضيت بعهدك، فأطلقته، فاقتاد الفرس، وأخرجها من باب القصر فركبها، ثم دب عليها حتى إذا كان بحيال الميمنة كبر، ثم حمل على ميسرة القوم يلعب برمحه وسلاحه بين الصفين، ثم رجع من خلف المسلمين إلى الميسرة، فكبر على ميمنة القوم يلعب بين الصفين برمحه وسلاحه، فلما انتصف الليل تحاجز الناس وتراجع المسلمون، وأقبل أبو محجن حتى دخل من حيث خرج، فوضع عن نفسه ودابته، وأعاد رجليه في قيوده، فجاء سعد، فقالت له امرأته: كيف كان قتالكم؟.
فجعل يخبرها، ويقول: لقينا ولقينا، حتى بعث الله رجلاً على فرس أبلق، لولا أني تركت أبا محجن في القيود لقلت: إنها بعض شمائل أبي محجن، فقالت: والله إنه لأبو محجن، كان من أمره كذا وكذا. فقصت عليه قصته، فدعا به فحلّ قيوده، وقال: لا نجلدك على الخمر أبداً، قال أبو محجن: وأنا والله لا أشربها أبداً فلم يشربها بعد ذلك.
النموذج الثاني:
توبة ماعز بن مالك -رضي الله عنه- وملخصها، أن ماعز بن مالك زل به القدم، وأخطأ كما يخطأ غيره، فوقع في الزنا -رضي الله تبارك وتعالى عنه وأرضاه- فأتى إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بنفسه وطلب من الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يطهره فقال له: ((ويحك، ارجع فاستغفر الله وتب إليه))، فرجع غير بعيد ثم جاء، فقال: "يا رسول الله، طهرني"، فقال: ((ويحك، ارجع فاستغفر الله وتب إليه))، قال: فرجع غير بعيد ثم جاء، فقال: "يا رسول الله، طهرني"، فشهد -رضي الله عنه- على نفسه أربع مرات بأنه فعل الزنا، فسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أبه جنون؟))، فأخبر أنه ليس بمجنون، فقال: اشرب خمراً، فقام رجل فاستنكهه، فلم يجد منه ريح خمر، فبعدها أمر به المصطفى -عليه الصلاة والسلام- فرجم.
وفي رواية للحديث: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لماعز بن مالك: ((أحق ما بلغني عنك؟))، قال: "وما بلغك عني؟"، قال: ((بلغني أنك وقعت بجارية آل فلان)) قال: "نعم"، فشهد أربع شهادات، ثم أمر به فرجم.
يقول راوي الحديث: "فانطلقنا به إلى بقيع الغرقد"، يقول: "فما أوثقناه ولا حفرنا له، ثم صار الصحابة يرجمونه -رضي الله عنه- تنفيذاً لحكم الله وحكم رسوله بالحجارة والعظم والمدر والخزف، فلما أوجعته ضرب الحجارة -رضي الله عنه- تقول الرواية -وهي في صحيح مسلم-: إنه اشتد، أي هرب، يقول أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه-: "فاشتددنا خلفه"، يقول: "فأدركناه في الحرّة، فانتصب لنا، فرميناه بجلاميد الحرّة -يعني حجارة الحرّة- حتى سكت" رضي الله تبارك وتعالى عنه، أي: مات.
فبعد ما رجم صار الناس فيه فرقتين؛ قائل يقول: لقد هلك؛ لقد أحاطت به خطيئته، وقائل يقول: ما توبة أفضل من توبة ماعز؛ إنه جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فوضع يده في يده، ثم قال: "اقتلني بالحجارة"، قال: فلبثوا بذلك يومين أو ثلاثة، ثم جاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهم جلوس، فسلّم ثم جلس، فقال: ((استغفروا لماعز بن مالك))، قالوا: غفر الله لماعز بن مالك، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لقد تاب توبة لو قسمت بين أمة لوسعتهم))، رضي الله عنه وأرضاه.
اللهم اجعلنا من التوابين واجعلنا من المتطهرين، اللهم اغسلنا من خطايانا بالماء والثلج والبرد، اللهم نقنا من خطايانا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين



 


الرد باقتباس
قديم 05-24-2016, 10:45 PM   #9


الصورة الشخصية لـ أبو سامي
أبو سامي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2140
 تاريخ التسجيل :  Aug 2013
 أخر زيارة : 03-09-2024 (11:53 PM)
 المشاركات : 5,725 [ + ]
 تقييم العضوية :  5380
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 119
تم شكره 366 مرة في 243 مشاركة
الإفتراضي رد : محاضرات اسلامية ( مكتوبة )



اسم المادة : أمراض القلوب
للشيخ / خالد الجبير


الحمد لله والصلاة والسلام على افضل خلق الله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخواني الكرام يعلم الله أنى احبكم في الله ،وأسال الله سبحانه وتعالى أن يصلح نيتي ونواياكم ويصلح ذريتي وذراريكم وأن يحفظني وإياكم من الرياء والسمعة وان يجعلني وإياكم ممن يخلصون العمل، وأساله سبحانه أن لا يجعل للشيطان علينا مدخلا، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عباد ته أما بعد:
فإنّ هذه الموضوعات التي أكتبها لكم هي كلمات من أخ يحبكم تخرج من قلبه قبل أن تمر على لسانه وقلمه ليخاطب بها قلوبكم لأنه يحبكم ويعزكم 0
كيف جمعت هذه المادة ؟
جمعتها من كتب السلف الصالح ،ومن الأبحاث الطبية التي اطّلعت عليها، وهي اكثر من أربعين بحثاً طبياً في مجال القلب وجراحته، جمعتها مما مرّ بي من تجارب وقصص واقعية باشرتها بنفسي ولا أقول قال، ولكني أقول قلت ورأيت أما بعد:
قال تعالى( أن السمع والبصر والفؤاد كلّ أولئك كان عنه مسئولا00) الآية
فالقلب لهذه الأعضاء كالملك المتصرف بالجنود الذين يأتمرون بأمره ويستعملهم فيما يشاء تحت عبوديته وقدرته وتكتسب منه الاستقامة، والذين قال فيهم صلى الله عليه وسلم( ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله إلا وهو القلب) 0 متفق عليه
وكما أن القلب لأعضاء الجسم هو الملك المتصرف فيها إذا صلح معنوياً صلحت باقي أعضاء الجسم وجوارحه ،فإذا مرض القلب عضوياً وأصيب بأحد الأمراض التي تؤثر على وظيفته فإن باقي أعضاء الجسم الأخرى تتأثر، فالرئة تمتلي بالماء وتتأثر وظيفتها، وتتضخم الكبد، وتتأثر وظيفتها ،وكذلك الكلى فقد تتوقف، وتقل الهمة، وتزيد الغمة ،وتتورم الأطراف، وينتفخ البطن، ويجهد المخ0 إذاً هو تأثير القلب ، إذاً هو فعلا ملك الأعضاء والمسيطر على صحتها إذا صلح صلحت وإذا فسد فسدت 0
• أمراض القلوب " فهما نوعان:
1- مرض الأبدان0
قال تعالى ( فليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج0000) الآية0
2- مرض القلوب نوعان:
أ- مرض شبه وشك0
قال تعالى( وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا0000) الآية0
ب- مرض شهوة وتمني:
قال تعالى((يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا ( الآية

القواعد الأساسية للطب التي وضعها ابن القيم:
منذ ثمان مائة سنة وضع ابن القيم قواعد في الطب مازال معمولاً بها إلى وقتنا الحاضر استخلصها من كتاب الله وما زالت هي قواعد الطب وستبقى هي القواعد الأساسية للطب، ذكر ابن القيم إن لطب الأبدان قواعد ثلاث:
1- حفظ الصحة0
2-الحمية عن المؤذي0
3-استفراغ المواد الفاسدة0
أما حفظ الصحة قال تعالى ( فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام آخر0000) الآية0فالمولى أراد صحة عباده بأن أجاز لهم الفطر في السفر0
أما الحمية عن المؤذي فقد قال تعالى( وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحدكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماءًً فتيمموا صعيداً طيبا0000) الآية

والحمية يا إخوان نوعان :
1- حمية عامة
وهي أن تحمى الأمة كلها من كل ما حرم الله- سبحانه وتعالى-من خمر ومخدرات ودخان 0
وإني أستغرب كما تستغربون أن يأتي بعض الأشخاص فيحمي نفسه عن بعض ما أحلّ الله له كمن يصاب بالسمنة فيحمي نفسه عن بعض الأكل ويتورع أن يأكل ويقف ويحرم نفسه، وإن كان هذا شيء طيب إلا أنك تجد من يفعل هذا ويحمي نفسه عن الحلال و لا يحمي نفسه عن الحرام من دخان وخمر وغيرهما من المحرمات ، وهذا تناقض عجيب كيف تحمي نفسك عن الحلال وإن كان في حالك مضر لأنّ سمنتك عالية ولكن نجد بعض الأشخاص يعمل حميه لنفسه عن الأكل لينقص وزنه ولكنه يدخن، تضارب عجيب يحرّمون الحلال على أنفسهم طمعاً في حفظ الصحة ولكنهم لا يتورّعون عن الحرام وهو الدخان وغيره من المحرمات0

2- حمية خاصة:
كأصحاب السكر عن السكر، وأصحاب الدهون، عن الدهون وأصحاب داء الملوك عن بعض الأغذية واللحوم0

• أنواع القلوب
كما كان القلب يوصف بالحياة وضدها انقسم بحسب ذلك إلى ثلاثة أقسام:
1-قلب صحيح0
2-قلب مريض0
3-قلب ميت0
اسأل الله العلي العظيم المنان الكريم الواحد الأحد الفرد الصمد ألا يجعل قلبي وقلوبكم وقلوب آبائي وآبائكم وأبنائي وأبنائكم من الذين يحملون قلوباً مريضة أو ميتة،

1-القلب الصحيح:
هو القلب السليم، حيث لا ينجو يوم القيامة امرؤ إلا من أتى الله به قال تعالى ( يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلبٍ سليمٍ0000) الآية0

علامات القلب الصحيح:
1-إخلاص العمل لله والعمل بالشهادتين:
فهذا أمر مسلّم، والذي لم يخلص العمل لله ولم يعمل بحق الشهادتين فكل أمره مردود
2- المحافظة على الصلاة
أصيب شاب في السابعة عشرة من عمره بطلق ناري عن طريق الخطأ ، أخذته أمه وأبوه إلى المستشفى مسرعين ، نظر الشاب إلى أمه وهي حزينة قال يا أمي لا تحزني فإني والله متوفى، وإني والله على خير، وإني والله لأشم رائحة الجنة 0 وصل الإسعاف، كنت بالعمليات، باشره أحد الزملاء وعندما قرب منه قال له يا دكتور قف فإني متوفى وإني والله على خير وإني والله أشم رائحة الجنة0 أريد أمي وأبى لأودعهم ،جاءت أمه وأبوه وقبلّهم وودعهم، ثم قال اشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله ثم مات0
أسأل المولى الكريم الرحمن الرحيم المناّن الكريم أن يجمعني وإياكم به في الفردوس الأعلى، ووالدي ووالديكم وأبنائي وأبنائكم
في صلاة المغرب قابلت الأخ ضياء، لم يكن يعرف أنني عرفت بالقصة، فحكى لي وزاد عليها، أنا والله من فك أصابع يده بعد الشهادتين، وأنا والله من مسح العرق من على جبينه، وان فيه لطراوة لم أعهدها في متوفى، وفيه حرارة لم أظنه متوفى، وفيه سماحة في وجهه ونور لم أعهده في أحد0
شاب عمره سبعة عشر عاماً يشم رائحة الجنة وهو مازال في إسعاف المستشفى العسكري ، سئل أباه على أي شيء ابنك هذا ؟ قال ابني هذا منذ بلغ فهو متعهدنا لصلاة الفجر، ومنذ بلغ فهو صاحب قيام ليل، ومنذ بلغ فهو في الصلاة في الروضة، ومنذ بلغ فهو محافظ على تحفيظ القرآن، وهو من الأوائل في الصف الثاني ثانوي علمي0
إخواني هذه القصة لا تحتاج إلى شرح وإنما تحتاج إلى همة وغبطة وغيرة ثم عمل وإجتهاد ، فقط لنغار من هذا الشاب نحن من تعدينا السنوات ، تلك الصلوات وحالنا في الصلوات يعلم به الله0 وهنا أقول أسأل نفسي وأسأل من تفوته صلاة الفجر، أو من يضع ساعة على الدوام، أو على المدرسة لأولاده 0جهز جوابك للعزيز الرحمن ذي الطول شديد العقاب إذا سألك على الصراط لماذا لم تضع ساعتك لصلاة الفجر لتصلي؟ لن يكون لديك جواب ! ولكن جهز الجواب، وإن أنت تعلم أن ليس لديك جواباً فاتق الله وصل الفجر في جماعة0
إخواني لا يكفي بأن تصلي الفروض، ولكن لابد أن تحافظ على النوافل0
في الساعة السابعة إلا ربع اتصل بي الإسعاف وقال إن هناك مريضة أصيبت في جلطة نريدك أن تأتي لتراها، جئت، وعندما وصلت إلى باب الإسعاف توقف قلبها، بدأت أدلك، وما أن بدأت دقيقة أو دقيقتين إذا بها تصحى وتنظر إلى السماء كأنها تخاطب أحداً ثم ترفع يدها وتقول أشهد أن لا إله ألا الله وان محمداً رسول الله، فأقف ثم تقف ثم أبدأ بالتدليك، وأدلك لمدة دقيقتين أو ثلاثاً، وتعيد الكرة وتنظر إلى السماء، وترفع يدها وتقول أشهد أن لا إله إلا الله وان محمداً رسول الله ثم تقف، وأبدأ بالتدليك ،وفي المرة الثالثة رأيت العجب، رأيت قدرة المولى - سبحانه وتعالى - كررتها الثالثة، تنطق بالشهادة وإذا بعيني تقع على جهاز القلب الموصول بقلبها وأجد قلبها لا يعمل ولسانها أنطقه العزيز المنان الكريم التواب الرحيم ليكون حجةً علي وعلى غيري أنطقها بالشهادة لأنها عرفت ربها فحفظها ربها0
ذهبت إلى زوجها معزياً، وبعد أن عزيته ذكرت له ما رأيت فيها، قلت: على أي شئ زوجتك هذه؟
قال: يا دكتور أنا لا أستغرب، فمنذ أن تزوجتها منذ 35 عاماً لم تترك قيام الليل ألا بعذرٍ شرعي، فمن منا يا إخوان يقوم الليل ؟ قليل ماهم0
إخواني من يريد أن يكون مع المصطفى- صلى الله عليه وسلم- ؟ أصبحنا لا نستحي ينزل العزيز المنان الكريم التواب الرحمن الرحيم إلى السماء الدنيا ونحن نيام، رسولنا المصطفى- صلى الله عليه وسلم - الذي غفر ما تقدم وما تأخر من ذنبه يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه ونحن كأننا ضمنا الجنة كأننا ضمنا كل شئ ، لا نقوم وإذا قمنا إلى الفجر قمنا كسالى، أمر عجيب0
سوف تقولون ما الذي أدخل الصلاة في أمراض القلوب يا أبا محمد؟ أقول لكم إنها أصل أمراض القلوب
أليست هي من أهم أنواع الذكر والله - سبحانه وتعالى – يقول" الا بذكر الله تطمئن القلوب" (آية 28 سورة الرعد) انك إذا صليت صلاة كما أمر بها الله-سبحانه وتعالى – ورسوله- صلى الله عليه وسلم - وقمت من الليل قليلاً واطمأن قلبك، وصلحت نفسك، واطمأنت سريرتك، فابتعدت عن عيادة القلب ابتعدت عن القلق والخفقان ومشاكل العصر، لا تستغربون يا أخوان فإني عالجت أناساً من القلق والخفقان بقيام الليل، بقيام الليل شفيوا وانقلوها عني إن من أراهم بالعيادة للأسف سبعة من عشرة ليست بهم أمراض عضوية مشكلتهم أنّ اتصالهم بالله المنان العزيز الرحمن قد قلّ فتفاقمت عليهم الأمراض0
جاءتني امرأة – وهن كثر - هذه المرأة جاءتني بعد أن كلمني زوجها في المسجد وقال يا أبا محمد زوجتي لديها خفقان ولديها ضيق في الصدر ولديها ولديها، قلت أريد أن نراها في العيادة، قلت له بعد صلاة العشاء أهي في البيت؟ قال :نعم قلت لنذهب لبيتكم علاجها في بيتكم0 ذهبت إلى بيته، جلست معها، تتعجبون يا إخوان - هذا مثال ولكنه كثير- عندما ذهبت إليها كان عندها موعد مع خمسة أطباء طبيب الروماتيزم ،وطبيب المعدة ،وطبيب القلب، وطبيب الأعصاب ، جلست معها 35 دقيقة وأعطيتها وصفة ربانية وصفها الله المولى حين قال" الا بذكر الله تطمئن القلوب"0 وبعد أن برهنت لها أن ليس بها شيء وبإمكاننا أن نفحصها ولكن عليها أن تداوم على قيام الليل أسبوعين وان احتاجت جاءتنا، وأعطيتها موعداً بعد أسبوع ، فلم تأتني لاهي، ولا زوجها، وبعد أربعة أسابيع قابلت زوجها ،صلى معي العشاء وقال مبتسماً جزاك الله خيراً أبا محمد فقد شفيت زوجتي بقيام الليل
إخواني والله نحن بلهاء، والله أنا مفرطون ،والله إلا من رحم ربي0 أغبياء لان لدينا كنوزاً فنتركها، والقصص كثيرة0
أخت أخرى، لم تعمل بالوصفة، زارتني، كلمتني زوجتي عليها فزارتني في العيادة ،ذكرت أن ليس بها أي شئ بعد الفحوصات ليس بها شيء، ذكرت لها الوصفة فلم تقبل، ذهبت يا إخوان إلى عشرة أطباء أو تسعة كل طبيب لايقل عن 5 الآف او 6الآف ريال ولم تشف حتى وقتها الحالي ، الآن لها سنتان0
من خلقك؟ الله0 من معالجك؟ من يشفيك؟ الله 0 ألا بذكر الله تطمئن القلوب0
وان قلتم لماذا الصلاة يا أبا محمد؟ قلت لكم ألا تقرأون في كتابه جلّ وعلا (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر00) الآية فمن يصلي الصلاة في وقتها؟ ويقوم الليل ينهاه ربي عن كل فحشاء ومنكر من دخان، وخمر، ومخدرات ومشاكل، وقلق، وغيبه، ونميمه، وكلها مسببات رئيسية لأمراض القلوب العضوية ألا ترون ان تارك الصلاة أو المفرط فيها يكون كالذباب- أكرمكم الله- يقع على المعاصي كما يقع الذباب على القاذورات لا ينهاه شيء لأنه ليس له صلاة تنهاه فهو يشرب الخمر، ويتعاطى التدخين يعاكس، يقلق ،يزني،به أمراض، به مشاكل لا يعلم بها ألا ربه فهي كالذباب على القاذورات، أو كالاسفنجه يمتص كل خفيف وكل شىء0

3- التنافس على الآخرة:
ومن أمثلة القلب الصحيح ،التنافس عن ماذا ؟ عن الآخرة 0 للأسف يا إخوان أصبحنا نتنافس في أعمال الدنيا، نتنافس من أجل جناح بعوضة كما قال الله -سبحانه وتعالى -وتركنا أعمال الآخرة0 كم منكم يا إخوان إذا رأى جاره أو أخاه أخذ مصحفاً بعد صلاة العصر سأل نفسه ألا أرجو ما يرجو لماذا لا أقرأ مثله ؟ وجلس وقرأ، كم منكم يا إخوان إذا سمع جارة أو أخته، أو أمه، أو زوجته تقوم من الليل قليلا سأل نفسه الا أرجو ما يرجو ثم قام من الليل قليلا ، أين الغيرة ؟ أين الغبطة في أعمال الآخرة0
عندما ذكرت قصة الشاب الذي في السابعة عشر من عمره لأحد الأخوان جراحي القلب ، وبعد أن سمعها امتلأت عيونه بالدموع ورفع رأسه لي وقال0 آه أبا محمد آهٍ من نفسي، إنها تحتاج من يربيها تحتاج إلى من يؤدبها ، تحتاج من يعلمها تحتاج من يسألها ، فأخذ إجازة أسبوع من العمل ليؤدب نفسه - كما قال - ورزقه الله قيام الليل بعد هذه الحادثة، وصيام يوم وإفطار يوم وهو جراح قلب، السلف الصالح كانوا يعملون ثمان عشرة ساعة أو خمس عشرة ساعة وكانوا لايتركون قيام الليل أقل وأحد فيهم يقوم ثلثي الليل0
جراح قلبٍ في جدة كلمته في الهاتف وعندما قاربت القصة على الانتهاء فإذا بصوته ينقطع بسبب البكاء ،وظننته قد مات ! وانقطع الإرسال بيني وبينه ! وبعد ثمانية اشهر قابلته وقال جزاك الله خيراً أبا محمد ، لقد أدبني ذلك الشاب ، لقد تأدبت بذاك الشاب فتعلمت منه قيام الليل ، بدأت بربع ساعة والآن أقوم بأحدى عشرة ركعة ساعة ونصف 0 سألته أنت جراح قلب ، هل ضرّك هذا ؟ قال لا والله بارك الله في وقتي ، وبارك الله في عملي ، وامشىء في المستشفى وكأني في وادٍ من الجنة، راحة نفسية وإطمئنان لم اشعر بها من قبل ، راحة أنعم الله بها عليّ عندما بدأت قيام الليل0
ألسنا مسلمين تؤمن بكتاب الله وهو القائل"" الا بذكر الله تطمئن القلوب00) الآية

4- تذكر الموت:
ومن أمثلة القلب الصحيح ، ان نضع الموت أمام أعيننا - هنا للأسف - يا إخوان كثير منا وضع الموت خلفنا ولو سأل سائل كم منا نحن الموجودون إذا لبس ثوبه الأبيض نظر إليه ثم تذكر الكفن وسأل نفسه هل أنا مستعد لهذا الكفن؟ كم منا يا إخوان اذا دخل بيته ودخل إلى المطبخ رآى النار تذكر النار؟ وسأل نفسه هل أنا مستعد لأن أبتعد عن هذه النار؟ هل أنا حفظت جوارحي ليحفظني الله منها ؟ كم منا يا إخوان إذا خرج بعد في شهور الصيف في الشارع الساعة واحدة ظهراً وحرقته الشمس لمدة دقيقتين فقط ثم ذهب ليبحث عن مكيف ليبحث عن ظل سأل نفسه ماذا عن المحشر ، ماذا عن يوم الحشر ؟ هل أنا سوف يكون لي مكيف هناك أو لايكون ؟ أتعلمون ماهو المكيف الوحيد هناك هو شيء وأحد هو ظل الرحمن ، يوم لاظل إلا ظله0ّ وإذا كان الجواب بنعم حمد الله ، واذا كان الجواب فيه قصور تاب وبكى ؟ ويتاتى ثم عمل على ذلك0
زرت أحد الاخوان لأنصحه بالصلاة ، زرته عصراً وبعد أن جادلته وجادلني، وكثر جدالي وجداله ،قال لي : أبا محمد إن كان ما أتى بك الا هذا الموضوع أنس الموضوع يابن الحلال يخليك يرضيك اتق الله ! قال أبداً، يا أخي قد تموت الان قد تموت قبل أن أخرج من بيتك ، من هاهنا قد تموت وأنت أنت0 قال : أنا الآن عمري أربعون عاماً، وأبي وصل تسعين ،وجدي وصل مائة0 إن شاء الله إذا وصلت الستين سوف أصلي، جادلته فلم يسمع لجدالي، حاولت فيه فلم يسمع فتركته0 وفي يوم الأربعاء الساعة العاشرة ليلاً اتصل بي أحد إلاخوة وقال إنّ فلاناً الذي كنت عنده أناصحة قد توفى وسوف نصلي عليه غداً، سألته كيف توفى ؟ قال ذهب يوم الأربعاء عصراً إلى المنطقة الشرقية ومات في الطريق ، أراد عشرين سنة فلم يمهله المولى عشرين ساعة0 إخواني الموت الموت هل نحن مستعدون له يجب أن نضعه أمام أعيننا0
ضابط صف مات وهو على قبر زميلة
حدثني ضياء مغسل الموتى بالمستشفى العسكري بالرياض ، وهو ثقة -أحسبه كذلك- والله حسيبه ، ولا أزكي على الله أحداً0 حدثني قال جاء ضابط صف من القوات الجوية يريدني أن أساعده في استخراج شهادة الوفاة لزميلٍ له قد توفى0 وبعد أن أنهيت تلك الإجراءات غسلنا صديقه معاً وافترقنا في الساعة الحادية عشر والنصف وخمس دقائق ذهب بمتوفاه و ذهبت لأستعد لصلاة الظهر وفي الساعة الواحدة ظهراً اتصل بي المستشفى وقال إن هناك جنازة يريد أهلها أن يصلوا عليها عصراً تعال وغسلها الآن0 جئت مسرعاً فذهبت إلى النعش وكشفت عليه وإذا بي ماذا أرى ؟ أرى العجب أرى ضابط الصف من القوات الجوية ببدلته الزرقاء على ذاك النعش 0 توقفت أصبت بدوار، بصداع ، ذهبت إلى مكتبي استرجعت توكلت على الله قرأت شيئاً من القرآن ثم عزمت وتوكلت عليه وغسلته 0بعد أن أنهيت غسله سألت أهله كيف توفى ؟ قالوا عندما لحد زميله وأراد أن يخرج من القبر أصيب بوجع شديد في قلبه ومات في قبر زميله، ساعة فقط الموت الموت0

هل نحن مستعدون له ؟
ذهب ليأتي بالأكل ومات

عزمنا أحد الإخوة وفي الساعة التاسعة والنصف ذهب ليأتي ببعض الأكل من جيرانه - من أم زوجته - وفي الساعة العاشرة يتصل بى المستشفى قائلاً مضيفكم قد مات ، وهو في الاسعاف ، صدمته سيارة فمات0
سوف تقولون لي ما هذا يا أبا محمد ؟
ومادخل الموت في أمراض القلوب؟
أقول لكم والله أنها أصلها وأصل أمراض القلوب ، إذا أنت وضعت همك في الآخرة نافست في الآخرة وغبطت الناس عليها هانت عليك الدنيا وهان عليك مافيها فقلّ قلقك ، وارتاح بالك ، واطمأننت ، وهدأت سريرتك فهدى قلبك ولن تزور طبيباً للقلب، وإذا كان الموت همّك وهو أصلك ، ووضعته في الذكر والصلاة اطمأنّ قلبك وابتعدت عن المحرمات أليس هذا كافياً على أن تبتعد ، بلى والله0

4- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
حدثني ضياء وأخوه حمد وكلاهما من مغسلي الموتى - كما قلت لكم بالمستشفى العسكري بالرياض ، قال جاءنا رجل من أهل سكاكا في السبعين من عمره ، وكان ذاك الأسبوع لايوجد لدينا أي طيب من أنواع الطيب في المغسلة حتى لايوجد لدينا سدر ولا كافور ماعندنا إلا الماء فقط 0 فيقول عندما جاءنا هذا الرجل سألت أبناءه أعندكم شيء من السدر أو الطيب أو هذه الاشياء ؟ قال لا نحن غرباء هنا وما عندنا شئ ، يقول الاخ حمد فبدأت بغسله وما أن لامس الماء جسده الا وفاحت رائحة زكية من أجود أنواع دهون العود من جسده ، تعجبت من أمره ، أزيد الماء وتزيد الرائحة ، خرجت وطلبت من أخي ضياء أن يأتي ، وما أن دخل المغسلة إلا واستغرب من الرائحة وقال هذه رائحة دهن عود ، فاستغربنا ، نزيد الماء وتزيد الرائحه ، فذهب أخي ضياء وسأل أحد أبنائه ليدخل ، فدخل وشم الرائحه ، سألناه هل طيبتم أباكم من قبل ؟ قال لا إن له أسبوعين في الإنعاش ولم نطيبه بشيء يقول الأخ ضياء : نشفناه فما زالت الرائحة ، كفناه فما زالت الرائحة في المكان 0 أخذه أبناءه والرائحة معه زكية، ثم لحقت أحد أبنائه وسألته قائلاً:على أي شيء أبوكم هذا ؟
قال منذ عرفت أبي وهو آمر بالمعروف وناه عن المنكر بلطف وتلطف وحسن نية وحسن سريرة0
انظروا يا أخوان الله يطيبه بطيب الآخرة ، لم يجدوا له طيباً من الدنيا لماذا لأنه من أمة خيرة فيها الخير كما قال تعالى( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر00) الآية0
إخواني إني أقول لكم أنا وأحد من هؤلا الجبناء وللأسف وأحد من هؤلاء الذي يستحون من الأمر بالمعروف وينهون عن المنكر ، تركنا الخير فتركنا الوسام الذي أطلقه الله علينا ربنا سبحانه وتعالى وهو خير أمة لأننا نخاف ، لا ليس خوفاً ولكنه حياء0
رأيت أحد المسنين ويبلغ من العمر (65) عاماً وقد رأيت حرصه على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بلطف وتحسر ما رأى منكراً إلا وقف له ونصح صاحبه ، وما رآى معروفاً إلا دعا إليه 0 سألته ماشاءالله أغبطك على هذه الهمة قال لي قصة عجيبة :كنا ثلاثة أشخاص نعمل في شركة جيتي للبترول بالمحايدة منذ (30) سنه 0وكنا كغيرنا في ذلك الوقت لسنا حريصين على الصلاة ، وكان أحدنا أحرصنا على الصلاة ، وهذا الرجل توفى منذ (15) سنة ، ورأيته في المنام بعد سبعة أعوام من وفاته، وعندما رأيته سألته ماذا جرى لك ؟ قال وجدت سيئاتي أكثر من حسناتي 0 فقلت له: إذاً دخلت النار 0 قال لا دخلت الجنة برحمة ربي، كيف دخلت الجنة وسيئاتك أكثر من حسناتك ؟ قال أتذكر ذلك اليوم في تلك السنة في صلاة العصر عندما أتيتك أنت وفلاناً وأنتما تلعبان الطاولة فأمرتكما بالصلاة فرفضتما ، فأخذت الطاوله منكما عنوة وذهبنا إلى الصلاة فتوضأنا وصلينا جماعة قلت نعم 0 قال : أنى وجدتها كما هي عند ربي فرجّحت بحسناتي فأدخلني ربي برحمته الجنة 0
إخواني أين نحن من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر – للأسف - إذا كنتم مثلي متقاعسين ، لكن أسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يصلح لي عملي وعملكم ونصبح آمرين بالمعروف ناهين عن المنكر0
إخواني اخبرني أحد طلبة المدارس الثانوية بعد كلمة قائلاً لي يادكتور عندنا ثلاثون مدرساً مامنهم واحد نصحني بشيء أو أمرني بمعروف ونهاني عن منكر مع انهم يعرفوني ويعرفون باقي الزملاء العصاة من مدخنين وغيره ،لم ينصحنا واحد منهم قط0
انظروا إلى حالنا ، إخواني الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فأنتم تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر في من ؟ في أهل فطرة وأهل دين0
كنت في الأسبوع الفائت في البحرين وكنت راجعاً من البحرين بالسيارة متجهاً إلى الرياض وفي طريقنا على الخبر رأينا حوالي 20 شاباً يلعبون بالدفوف والمزامير ويغنون ويرقصون وكانت الساعة الثانية ليلاً ، وكان الذي معي آمر بمعروف وذو همة عالية ليس كمثلي ، فقال لي : لنقف ونتكلم معهم ، فوقفنا، وما أن نزلنا من سيارتنا واتجهنا نحوهم إلا وعمّ الهدوء عليهم ، توقفوا دخلنا عليهم استأذناهم كلمناهم فطلب مني هذا الأخ - جزاه الله خيراً - أن أتكلم معهم خمس دقائق أو 10 دقائق ، ودعا لهم بظاهر الغيب ثم بدأت بالكلمة وما أن انتصفت من كلمتي ألا ونصفهم قد امتلأت عيونهم دموعاً 0
أمة الإسلام نحن المتقاعسون لاتقولون العصاة، نحن السبب إلى ما وصلت إليه الأمة ، لا يكفي أن تلتزم وتستقيم وان تصلي وجارك لا يصلي لايكفي أن تحافظ وغيرك لا يحافظ ، فوالله يا إخوان إنا مسئولون عنهم مسئولون عنهم0 إذا كان حال الفجار - سألتهم كم منكم يصلي ؟ نصفهم لا يصلي 0 كم منكم صلى العشاء ؟ ثلاثة أرباعهم لم يصل العشاء الساعة الثانية ليلاً ومع ذلك امتلأت عيونهم دموعاً 0 قلت لهذا الأخ بعد أن تركناهم يمكن أن يرجعوا يا أخ عبد العزيز قال لا أبداً انتظر قليلاً وانظر اذا بقي منهم أحد ، هؤلاء إن رأيتموهم عصاه إلا أنهم على فطرة وعاشوا على لاإله إلا الله وترعرعوا عليها ، فعلاً جلسنا بعيداً ننظر فلم يبق منهم واحداً ، سألناهم أن يذهبوا ويتوضأوا تبقى على الفجر ساعة الا ربع ويستعدون لصلاة الفجر ومن يريد الاستحمام ان يستحم ، فلم يجلس منهم واحد ، ثم تقول هؤلاء عصاة 0
أنت تقول لم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟ وما علاقته بأمراض القلوب؟ أقول لكم إنك إذا أمرت بمعروف ونهيت عن منكر ، وكان همك غيرك، انتزعت منك الأنانية، وحب الذات ، وارتاحت سريرتك ، ونفع الله بك وبوقتك، وبارك فيك وبارك في رزقك، وكنت من خير أمة ، وارتفعت وسموت ، وابتعدت عن أغلب الأمراض التي تصيب القلوب0
6- ترك الحسد والغيبة والنميمة:
كان لي قريب في الثالثة والثلاثين من العمر أصيب بسرطان في دماغه ذهب يتعالج في أماكن كثيرة فلم يكتب الله له الشفاء ، جاءنا في المستشفى العسكري بالرياض وقبل شهر من وفاته أغمي عليه وبرزت عيناه وكبر خشمه وتقرح وجهه وتقرح أنفه وقبل موته بليلة أو ليلتين لايستطيع الرجل أو المرآه النظر إلى وجهه ،وذلك بسبب ضغط السرطان على وعينيه وشفتيه، فعندما توقعت أن أجله قد دنا ، طلبت من الممرضات أن يتصلن بي إذا بدأ بالاحتضار حتى لا يتصلوا بأهله فترد أمه فيزعجوها ، فعند الساعة السادسة صباحاً من يوم الإثنين اتصلوا بي وقالوا أن قريبك هذا يحتضر ، جئت إليه فرأيت العجب العجاب ، رأيت العجب العجاب يا إخوان أرى ذاك الوجه أصبح وجهاً يجب ان تنظر إليه ، العيون رجعت كأن لم يصبها شيء الأنف أيضاً رجع إلى طبيعته وكذلك شفتاه ، تعجبت من أمره قلت ما ضغطه ؟ قالت الممرضة:35 العالي والوا طي لم استطع قياسه 0قلت ما نبضه ؟ قالت : أقل من 30 نبضه في الدقيقة عرفت انه يحتضر قلت له: محمد ، قال: نعم 0قال خالد ! قلت: نعم0 قلت له كيف الحال؟ قال الحمد لله ، فقلت له : قل أشهد أن لا إله إلا الله فقالها ، ثم مات مع تعجب الممرضة من كلامه، ومناقشتي له0 بعد أن مات سألت نفسي على أي شيء هذا الرجل ؟ شاب في عمري نشأنا معاً ، أعرفه جيداً ولكن قلت بنفسي لماذا على أي شيء حسن الخاتمة هذا (احسبه والله حسيبه ولا أزكي على الله أحدا) فلم أستطع أن أجد جواباً0 وبعد عام جمعتني مع والده مناسبة خاصة ذكرت القصة لوالده، سألت أباه وأخوته، قال لي أبوه ابني هذا عجيب ، قلت ما عجبه ،قال لا يعرف الحسد والحقد ، لا يعرف أن يحقد أو يكره أو ينظر لأحد بحقدٍ أو كره 0
إن الحسد أسوأ أمراض القلوب ، وهو جالب لجميع المصائب وأمراض القلوب العضوية والمعنوية ، وهو السبب في كل ذلك0 فالذي ابتلي به ، يقع في الكذب والغش والغيبة والنميمة والخديعة 0فتذكرت أثر عبد الله بن عمر وكلكم تعرفونه ، والأثر طويل عن أنس - رضي الله عنه - ، عندما كانوا جلوساً عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في المسجد قال سوف يدخل عليكم رجل من أهل الجنه هذا الباب فدخل رجل كث اللحية يتقاطر الماء من لحيته فصلى وانصرف وفي الغد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -نفس الشيء ، سوف يدخل عليكم رجل من أهل الجنه ، وفي اليوم الثالث قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سوف يدخل عليكم رجل من هذا الباب من أهل الجنة0 فقال عبد الله بن عمر - انظروا فيما الغبطة وفيما الغيرة؟ أنها: في أعمال الآخرة ، حتى الصحابة - رضوان الله عليهم - كان عندهم هدف واضح وهو المنافسة في الآخرة وترك الدنيا ، فكيف كانت النتيجة ؟ النتيجة أن الدنيا أتتهم مطيعة ذليلة تحت أقدامهم أخرجوها من قلوبهم فحطمها الله على أيديهم ، أما نحن للأسف - إلا من رحم ربي - وأسأل الله المولى الكريم المنان العليم الرحمن الرحيم أن يجعلني وإياكم وأبنائي وأبنائكم ووالدي ووالديكم من المرحومين0فيقول عبد الله بن عمر فتبعته إلى أن دخل بيته فطرقت عليه ، فقلت إني اختلفت مع أبى و أريدك أن تستضيفني ثلاثاً 0 يريد أن يعرف حقيقة الرجل ولم شهد له الرسول بالجنة مع إن هذا الرجل - أي عبد الله بن عمر- الرجل العباد الذي كان يصوم يوما ويفطر يوما ، وكان يقوم أغلب الليل، ولم يترك قيام الليل حتى في ليلة زواجه ، هذا الرجل ما قال والله أنا أعمالي كثيرة لاياإخوان ، هم ليسوا مثلنا ، هم يستقلون أعمالهم ، يحتقرون أعمالهم، يقولون لاشيء ويعّظمون ذنوبهم ، ونحن إلا من رحم ربي نعظّم ونكبّر أعمالنا ونستحقر ذنوبنا ، هم مركزون على كلمة شديد العقاب ذي الطول، ونحن للأسف ، وكثير من الإخوة يردد عليك إذا قلت له شيئاً قال الله عفو غفور كأنه لا يعرف من أسماء الله وصفاته إلا أنه العفو الغفور، ولكنه نسي أنه شديد العقاب ذو الطول ، هذه أحوالنا وهذا الفرق الذي بيننا وبينهم ولما هذا ؟ نحن أصحاب أمراض قلوب و أصبحنا غثاء كغثاء السيل إلا من رحم ربي 0 المهم عبد الله بن عمر مكث عند هذا الرجل ثلاث ليال ولم ير منه شيئاً غريباً- يعني استقل عمله - على شهادة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -وفي اليوم الآخر قال له القصة وإني لم أجد شيئاًً غريباً في عملك 0 إن - رسول الله صلى الله عليه وسلم - شهد لك بالجنة قال هو كذلك يا أخي أنا لا أعلم ، فعندما انصرف عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - تذكر الرجل وقال له يا أخي يبدو أن -رسول الله صلى الله عليه وسلم - شهد بما شهد لأني أعمل عملاً وأحداً فقال له ما هو ؟ اسمعوها يا إخوان ، وحاولوا - وان نتعاهد من هذا المكان الطيب أن نعمله - قال لم أنم ليلة قط وفي قلبي حقد على مسلم فيكون بقلبي مرض فأكون في زلة ، فقط للأسف يا إخوان الحقد والحسد أعمى كثيراً من الناس 0يقول لي كثير من الإخوان ومن ضمنهم الدكتور عبد الله عشمق - جراح القلب في جدة، مستشفى الملك فهد العسكري - يقول لي وأنا أوافقه وكثير من الأخوان ما شعرت في قلبي بشيء من حقد أو غل أو شيء - يعني على أحد - وذكرت آية وأحدة من القرآن إلا نزع الله مافي قلبي ماهي يا إخوة؟ كلنا نعرفها يا إخوة ولكننا لا نعيها تردد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( ربنا لا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا000000) الآية
رددها واذكر وتذكر وتعوذ من الشيطان واقرأ المعوذات يشفي الله مافي قلبك فإن تركت العنان لقلبك فوالله قد يوقعك في أمراض ومشاكل وذنوب لاحصر لها ، والأمثلة كثيرة عندنا في العيادة ليس هذا مجالها ولكن يا إخوان كما قلت لكم سبعة من عشرة أمراض حسد وحقد وغيبه وتقاعس في الصلاة ما انتظموا وداوموا عليها ألا وبرئوا من جميع هذه الأمراض0

تقولون لماذا الحسد يا أبا محمد ما دخل الحسد في أمراض القلوب العضوية ؟
أقول: الحاسد دائماً قلق دائماً ينظر إلى يد غيره ، لا ترتاح نفسه حتى لو كان أغنى الناس فيصبح قلقاً ، يصبح غير مرتاح يصاب بالقلق ، يأتي إلى العيادة بخفقان وأمراض أخرى أنتم تعلمونها جيداً علاجه أن يتقى الله ما استطاع علاجه قول هذه الآية ، يرددها ، علاجه الاستغفار والتعوذ من الشيطان ، علاجه الإكثار من قراءة القرآن ، ألا بذكر الله تطمئن القلوب 0
كنت في إجازة عام 1407هـ أحضّر للاختبار النهائي للدكتوراه كانت الساعة الثانية ليلاً كنت أذاكر في البيت ، جاءني هاجس لماذا لا أذاكر في المستشفى وهي ليست عادتي ، فأخذت كتبي ووصلت المستشفى الساعة الثانية والربع وما أن وصلت المستشفى ودخلت قسم المسالك البولية وإذا بممرضة إيرلندية كافرة تقابلني وتقول دكتور جبير تعال وصلّ على هذا المريض الذي يحتضر ، قلت لها : ما به ؟ قالت به سرطان في المثانة انتشر في جسمه كله حتى وصل إلى دماغه وهو مغمىً عليه منذ أسبوعين لا يحرك ساكناً ، وهو الآن يحتضر قلت لها : ما ضغطه ؟ قالت : حوالي الثلاثين 0 وما نبضه ؟ قالت ضعيف جداً لا أستطيع أن أعده قلت وما اسمه ؟ قالت : محمد قلت : لها أين هو ؟ قالت : في هذه الغرفة 0 ذهبت إلى الغرفة وإذا بي أرى العجب العجاب ، لم أجده ، ذهبت إليها وقلت لها لم أجد أحداً ، أين الذي تقولين عنه ، أين هو ؟ قالت في الحجرة ، وكان بالغرفة خمسة أشخاص ونظرت إلى الخمسة ولم أجد محتضراً قالت : هذا هو ، قلت الذي بجنب الشباك ؟ قالت نعم وأذا بي أرى عجباً رجلاً امتلأ وجهه نوراً وحمرة ببياض وزينة ، له لحية سوداء ، كأنه جالس ، ظننت أنه نائم ، لم أظنه بأي حال من الأحوال يحتضر دنوت منه ، قلت له: محمد ، قال : نعم قلت له قل أشهد أن لا اله الا الله وأن محمداً رسول الله ، فقالها ثم توفى ، وتعجبت هذه الكافرة كيف تكلم هذا الذي هو قريب من الموت ، سألتها عن أهله أعطتني رقم هاتفهم فكلمت أحد إخوانه وقال أنا بالشقة المفروشة القريبة من المستشفى ، سوف آتيك بعد خمس دقائق أو عشر دقائق0 أخبرته عما قال لي قال، لي عجباً والله لو نعمل كما يعمل هذا لكنا بأمر الله إذا أصلحنا صلاتنا مع المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ولكننا لم نضمن لمحمد صلى الله عليه وسلم ما سألنا أن نضمنه له فندخل الجنة برحمة ربنا فلما قلت له القصة قال لي يا أخي أن أخي هذا منذ عرفته لم يغتب أحداً ولم يسمح لأحد أن يغتاب أحداً في مجلسه انظروا إلى نهايته إلى حسن خاتمته(احسبه والله حسبه ولا أزكي على الله أحدا)0
ما حالنا بعضنا يا إخوان قبل أن يخرج من صلاة العشاء مع جاره الثاني يقول يا أخي" أبو عبد الله الله يهديه وسخ ريحته طالعة يا أخي ماينتظف"0 يعني كأنهم جيروا صلاة العشاء للرجال، غباء يا إخوان أصبنا بالغباء ، كان كمن يغرس فسيلات فإذا بدأت في الإنتاج وطلع ثمرها قلعها وأعطاها جاره وقال له تفضل أو كمن يعبي في قربه مثقوبة تصلي وتصوم والحديث مشهور حديث المفلس أتعلمون من المفلس ؟ قالوا لا يا رسول الله ليس المفلس مفلس الدرهم والدينار ولكن المفلس من أتى الله وقد شتم هذا ولعن هذا وظلم هذا أو كما قال - صلى الله عليه وسلم - فيؤخذ من هذا على هذا يبقى فاضياً 0

أثر الغيبة في أمراض القلب:
إخواني تريدون أن تسألوا لم ذكرت الغيبة وأثرها في أمراض القلب ، وما علاقتها بالخفقان والصمامات والشرايين وغيرها أقول لكم ، صاحب الغيبة والنميمة يصير مثل مسّاحات السيارات همه الأول مراقبة الآخرين ، يسب هذا ، ويتكلم على هذا ، قلق عجيب ما يرتاح يجيء المجلس هذا كذا وهذا كذا وهذا ما فيه خير وذا ما ادري ماذا يعمل ؟ كأنه موكل بخلق الله وتجده دائما قلقاً ولا يهدى له بال فيصاب بالقلق ، والخفقان ، والأمراض ، وعدم الراحة ، وعدم الاطمئنان ، ويحشر يوم القيامة مفلساً من كل شيء0

7- قراءة القرآن الكريم :
من أمثال القلب الصحيح، عمل أغلبنا تركه للأسف، وإن قام به لم يعطه حقه كما أمر الله - سبحانه وتعالى -
في الساعة السابعة والربع ناداني ستة أبناء لمريض في الإنعاش قد عمل له أحد الأخوة عملية قلب وهو رجل مسن وجاءته مضاعفات وأصيب بجلطة بالدماغ بعد العملية ، وتوقفت كلاه ورئته وقلبه ضعيف جداً ، وشارف على الموت ، وهو في غيبوبة طول ستة أو ثمانية أسابيع التي كان فيها معنا لكنه رزق بستة أبناء أسأل الله أن يكون أبنائي وأبنائكم وأبناء المسلمين مثلهم في البر ، المهم جاء هؤلاء الأبناء جاءني أحدهم وقال لي يا دكتور نطلب منك ان تلقن والدي الشهادة لانه ألان يحتضر حاولت أن اقنع أحدهم أن يقوم بهذه المهمة ولكنهم أصروا إلا أن أقوم أنا بذلك فجئت إلى أبيهم ، وأبوهم موصل به الأجهزة و على الشاشة واضح الضغط العالي مابين نبضه 35ـ40 والوا طي 15/16 النبض كان 25نبضه في الدقيقة ، دنوت منه وقلت له قل أشهد ألا إله إلا الله وحرك يده وحرك لسانه ،قالت لي الممرضة المسؤله عنه دكتور جبير انظر إلى الشاشة فأجد ضغطه 130على 85 ونبضه 110 تعجبت من أمره ، وعلمت أن لا إله إلا الله لم تحرك لسانه ويده فقط وإنما حركة جميع جوارحه قلبه ونبضه وإحساسه ، عندما علمت من أمره هذا طلبت من أبنائه وقلت لهم أبوكم هذا – احسبه والله حسيبه ولا أزكي على الله أحداً - على خير اقرأوا عليه القرآن أظن انه سيموت خلال ربع ساعة أو نصف ساعة فبدأ الأبناء الستة يقرأ ون عليه القرآن أربع ليالٍ وثلاثة أيام بالتواصل ، أربعة ليال وثلاثة أيام متوالية لم يقفوا دقيقة واحدة ، الواحد تلو الآخر وبعد أن مات سألت أبناءه على أي شيء أبوكم هذا ؟ قالوا: أبونا هذا صاحب قرآن يختم القرآن في ثلاث أو في خمس وإن تأخر في أسبوع، لسانه لا يعرف إلا القرآن وسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله0
إخواني ما حالنا مع القرآن كم منا يا إخواني الجالسون له ورد يحافظ عليه ؟ كم منا يقرأ القرآن حق تلاوته، كم منا إذا قرأ أول سورة" قد افلح المؤمنون" بدأ يسأل نفسه هل أنا في صلاتي خاشع أم لا ، إذا أنا خاشع في صلاتي أقول الحمد لله وإذا كان لا بكى وتباكى وابدي أرتب الأمور إذا جاء في آخر سورة الفرقان قعد يشوف أموره ، إذا جاء في آية فيها المؤمنون والمتقون سأل نفسه هل أنا منهم ولا لا ؟ هل أنا أعمل الأعمال التي يعملونها ، الخشوع في الصلاة ، والمحافظة على الصلاة ، وترك الغيبة والنميمة، وترك الفحش، وإذا وجدت فيك عيباً على طول تصلحه من مكانك الذي أنت فيه ، فقد تموت بعد هذه القراءة تموت على توبة ومن تاب من الذنب كمن لا ذنب له من يعمل هذا يا إخوان قليل ماهم كم منا يا إخوان إذا سمع بآية الناس انتفض ووقف كأنّ الخطاب موجه له 0 كم منا للأسف يقرأ إلاما رحم ربي كا لببغاء مجرد تقليب صفحات 0
في رمضان 1418هـ بعد صلاة الفجر ذهبت إلى طريق الملك فهد لبعض حاجة، وأنا مار وجدت شاباً عمره تحت العشرين انقلبت سيارته ـ حفظنا الله وأبنائنا وابنائكم وأبنائكم وأبناء المسلمين ـ 0 نزلت ووجدته قد توفى 0 وماذا أسمع، أسمع شريط أغنية تتردد في مذياع السيارة أو مسجل السيارة ، شتان بين هذا وذاك ، من منا يا إخوان يريد أن يموت وآخر عهده من الدنيا لا إله إلا الله أو سماع قرآن أو سماع ذكر ، ومن منا يريد أن يموت ويكون آخر عهده أغنية في شريط أو موسيقى تصويرية لمسلسل ما بعد الأخبار، أو نظر إلى امرأة في مسلسل 0 أخي: قبل أن تضع راديو سيارتك على تلك الإذاعات التي تروج الأغنية والفحش والمنكر تذكر أنك قد تموت ويكون آخر عما عملته في الدنيا سماع أغنيه إن قلت إنك حريص في القيادة يأتيك واحد مهبول يقطع الإشارة يصدمك وتموت 0
أخي قبل أن تضع شريط الأغنية في سيارتك تذكر أنك قد تموت في مشوارك هذا أخي عندما تسمع الموسيقى التصويرية لأي فيلم أو لأي مسلسل بعد الأخبار تذكر أنك قد تموت الآن0
أحد مرضاي في الثلاثين من عمره من منطقتنا، أعرفه تمام المعرفة قلبه أصبح كبيراً جداً لا يستطيع أن يمشى آخر الطاولة أربع خطوات حول إلي لأجراء عمليه له نسبة وفاته في العمليه عالية جداً جداً لا رقم لها ، لكنه صاحب طاعة، صاحب دين ومحتسب، قلت له توكلت على الله سوف اجري لك العمليه واجريت ، له العملية ونجا منها بأعجوبة0 تعجب الناس كيف خرج منها0 وبعد أسبوعين خرج من المستشفى 0 وبعد سبعة أشهر يتصل بي أحد أقاربه ويقول مريضك قد مات 0 قلت أنا رأيته بالعيادة قبل أسبوعين قلبه اصبح شبه طبيعيا وأموره كلها جيده 0 قال لي قريبه هذا كان جالساً مع أبيه يشربون القهوة ثم مات فجأة 0 أخي : لا يغرك صحتك، ولا يغرك عافيتك، ولا يغرك شبابك ، فقد تموت الآن ، وقد يموت الصحيح ويبقى المريض سنوات لم يمت هذا الرجل الذي كانت نسبة وفاته في العملية 80% لم يمت وعندما برئ مات وهو يصب القهوة لأبيه0

إخواني مشكلتنا الرئيسية أن الموت وضعناه وراءنا ، ولكي تعرفوا أن الموت تركناه خلفنا ، اسألوا أنفسكم كم منكم إذا لبس ثوبه يفكر في الكفن فقط للمعرفة والعلم ، أو إذا لبس غترته البيضاء يفكر بالكفن إذا قال كذا أو هذا أبيض والكفن أبيض ماذا أفعل أنا مستعد أم لا ؟ وما بعد الكفن قبر و حشر و سراط والنتيجة النهائية إما جنه أو نار إخواني: القلب الصحيح يحافظ على قراءة القرآن والقلب المريض يحرص على سماع الأغاني0

علامات أمراض القلوب:
1-عدوله عن الأغذية النافعة إلى الأغذية الضارة0
2- وعدوله عن الأدوية النافعة إلى دائه الضار0
وأنفع الأغذية يا إخوان غذاء الإيمان ، أجل غذاء الأيمان إذا تغذيت به سموت وارتفعت أحسست أن الناس في وادي وآنا في وادي آخر كما يقول لي جراح القلب الذي في جدة، والله يا أبا محمد يوم انتظمت على قيام الليل أحسست أني في وادي والناس في وادي ، أحسست كأني في الجنة 00000، جربّوا صلاة الفجر، جربوا صلاة الليل لمدة شهر، ثم انتظروا النتيجة ثم ادعوا لي بهذا ، لأن الإيمان يرتفع بالإكثار من أعمال الطاعة أخواني ابداؤا قيام الليل بربع ساعة، كجراح القلب الذي في جدة ، يقول بدأت قيام الليل بربع ساعة وانتهت بساعة ونصف 000
إخواني: ما نتعذر بالعمل هذا جراح قلب اعرف بعض جراحين القلب يقومون الليل ساعة ونصف، ويصومون يوماً ويفطرون يوماً ، ثانياً يا إخوان قيام الليل أنت تناجي العزيز الرحمن الرحيم المنان وما معك أحد، تذرف دموعك وما معك أحد، وهذا يكون دافعاً لاهلك أن يقوموا الليل ، تصلي زوجتك وراءك أبناؤك، كلهم صفهم وراءك يا شباب ما رأيكم تسهرون اليوم لكي تصحوني 2.20 تصحوني قيام الليل ، الصيف جاي العالم كلها صاحية يوم الخميس والجمعة، علم أبناءك قيام الليل ، دعهم يمرحون ماعليش والله سوف يصلح حالهم ، وأنت يا آخي قد عودتهم شيئاً طيباً وهو قيام الليل قالت لي أحد الزوجات عن طريق زوجها أصبحت تقوم الليل بعد أن سمعت قصة الشاب الذي شم رائحة الجنة فأصلح الله حالها ، ويسر الله لها أمرها ، وأعانها في وقتها وفي بيتها 0
كما قلت أنفع الأغذية الإيمان وأنفع الأدوية القرآن قال ابن القيم- رحمه الله -
حب الكتاب وحب ألحان الغنى في قلب امرئً ليس يجتمعان ، قال تعالى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (( ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطان فهو له قرين 000)) الآية إخواني: السؤال الذي سألنا الله العزيز المنان الكريم في الآية الكريمة أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (( ألم يأن للذين أمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله 00000)) الآية أسأل الله وإياكم أن يجعلني وإياكم من الصالحين 0

•أمراض القلوب:
مقدمــــة
إخواني إذا نظرنا في مسببات أمراض القلوب العضوية وجدنا أن هناك روابط بين أمراض القلوب المعنوية وأمراض القلوب العضوية ، ومعظم مسببات القلوب العضوية إن لم يكن أغلبها:
-إهمال المريض نفسه وتفريطه في بدنه إما بعمل معصية أو ترك واجب أوسنة، وسوف نشرح هذه الأسباب بالتفصيل - إنشاء الله - ونقوم بطرحها ونوضح طريقة لعلاجها 0
علاج لمرضى القلب أقوى من أي علاج مادي:
قال العلامة ابن القيم ونقلت بتصريف بسيط:-
على المسلم أن يتذكر أن هناك أمراً مهماً عليه أن يتسلح به قبل أن يبدأ بالعلاج والوقاية علاج أقوى من أي علاج مادي ذكر أو لم يذكر عرف أو لم يعرف بعد ألا وهو:قوة قلب المريض وعلاقته بربه:
فان القلب متى ما اتصل برب العالمين وخالق الداء والدواء كانت له أدوية أخرى غير الأدوية المادية، وقد علم أن الأرواح متى قويت وقويت النفس يتم التعاون على دفع الداء وقهره ولكن السؤال يا إخوان كيف تقوى القلوب ؟
تقوى القلوب بما يلي:
1- الاعتماد على الله - سبحانه وتعالى- 0
2- التوكل عليه والالتجاء إليه والانطراح والانكسار بين يديه 0
3- التذلل له 0
4- الصدقة0
5- الدعاء 0
6- التوبة0
7-الاستغفار0
8-الإحسان إلى الخلق 0
9-إغاثة الملهوف 0
10-التفريج عن المكروب 0
فإن هذه الأدوية جربتها الأمم ووجدوا لها تأثيراً من الشفاء لايصل اليه علم الأطباء 0
إخواني: تقولون لي هذا كلام نظري كيف نطبقه، أقول لكم المريض يا إخوان مريض السكر أو مريض الضغط أو مريض القلب قبل أن يأخذ الدواء ومعه الماء لا ينسى يارب ياكريم يامنان يا رحمن يا رحيم استغيثك أتوكل عليك يارب أشفني أنت الشافي اللهم اجعلها سببا في شفائي لماذا نحرم أنفسنا من هذا ؟ هذه عبادات مايقولها إلا المريض التوكل والرجاء والاستعانة والاستغاثة كل هذه يقولها المريض ، فيجب أن تحافظ عليها ويجب أن تقولها وتكررها ويجب أن لا تضيع أجرك احتسب حتى ولو تشتكي من صداع وقبل أن تأخذ المسكن يجب أن تحتسب هذا الصداع 0 للأسف كثير من الناس يهملون هذه الأدعية وهذا الاحتساب 0
الشيء الثاني بعض الناس إذا سألته" وش أخبار السكر يابو فلان" اعوذ بالله يا آخي أزعجنا السكر ، وحالي سيئه، وما شفت خير ، وبدلاً من أن يشتكي للمولى العزيز الرحمن يشتكي لك، والمفروض إذا سألت :" وش أخبارك" رد عليك الحمد لله بنعمة، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول عجبت لأمر المؤمن كله خير إن أصابته ضراء صبر وإن تصبه سراء شكر 0 أنت أمرك كله خير فاحتسب الأجر طيب ما الفايدة التي ترجوها ؟
الشىء الثاني الذي لابد أن تعرفه تذكر أنك - ان شاء لله - تحتسب هذا المرض – وان شاء لله - أنك من أهل الجنة0 الا ترون قصة المرأة التي تصرع وقد جاءت للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت يارسول الله أدعو الله أن يشفيني من الصرع وقال لها إن شئتيا دعوت لك فشفاك ، وإن شئت صبرتي ودخلتي الجنة فقالت يارسول الله أريد أن أصبروأدخل الجنة ، فصبرت وقالت أدعو الله أن لايكشف لي عورة فدعا لها فما كشفت لها عورة0
هذا وإن صرت من أصحاب الأمراض المزمنة كالسكر والقلب والضغط وغيرها واحتسبت ادويتها فأنت بأمر الله يرجى لك الخير أخي: أذا أنت طبقت هذا الاحتساب ما الذي تستفيده، أطمأن قلبك ، أخي نصف المرض قلق وعدم اطمئنان ، فإذا أنت سلّمت أمرك لله يعني خلاص انطرحت لله فكذا احتسبت فيطمئن قلبك وإذا اطمأن قلبك زال عنك القلق بقي المرض العضوي معك 0 هذا سكر تأخذ له حبوب لكن أنت همتك عالية نسيت أن فيك مرض ، كما يقول بعض الأخوة ، إذا كتب لك شفاء الحمد لله شفيت ، نعمة من الله احتسبت ، أخذت الآجر والعافية، وإذا لم يكتب لك الشفاء لأن في علم الله - سبحانه وتعالى - أن المرض خير لك أما لتكفير أو رفع منزله والقصص في هذا كثيرة اذكر لك بعضها :
ضابط ملازم ثاني له ستة شهور متخرج كان زميل لي في الكلية الحربية وكنت في المرور في قسم تنويم الضباط بالمستشفى العسكري ، فإذا بي المح وجه هذا الضابط في أحد الغرف منوماً فسألت الممرضة هذا فلان ؟ نعم هو ما مرضه ؟ فيه شلل نصفي بسبب الأنفلونزا ، يا إخوان للمعلومية الأنفلونزا مرض خطير يجب أن تستريح إذا جاءك ، قد يؤثر على القلب ، قد يقطع العمود الفقري، قد يؤثر على المخ فهو مرض لا يستهان بأمره0 هذا الرجل بعد الأنفلونزا أصاب الفيروس العمود الفقري مما أدى إلى قطعة سألتها ما علاجه ؟ قالت: بس قال له الأطباء أن ليس له علاج وليس هناك أمل في شفائه 0 حزنت على حاله ، حديث التخرج وليس هناك حل لمسألته إلا بفصله من الخدمة العسكرية لانه أصبح معاقاً0 فعندما دخلت عليه رأيت ذلك الوجه المبتسم كعادته فأردت أن أواسيه فرد علي بقوله : يا أبا محمد الحمد لله يعينني على شكره قد علم ربي تقصيري في حفظ القرآن فأراد أن يجلسني لحفظ القرآن نعمة يا أبو محمد 0 وقف شعر رأسي ولم استطع أن أتكلم أو أرد فدعيت له وذهبت0 الحمد لله إنني رأيت من أمة محمدٍ من هم على هذا الاحتساب، وهذه النضارة في الوجه، زرته مرة أخرى يوم الجمعه فإذا أفاجاء باحتسابه وصبره للمرة الثانية كان عنده بعض أقاربه أحدهم سأله يابو فلان حرّك رجلك، فرد عليه يا أخي اتركها ، والله أني استحي من الله أن استعجل هذا الشفاء 0
بعد يومين ذهبت إلى بريطانيا في دورة ومكثت أربعة أشهر ثم رجعت وبحثت عنه في مكانه فلم أجده ظننت بأنهم أخرجوه لعدم وجود أمل فيه ، سألت الممرضة عنه وأين ذهب الرجل ؟ قالت ذهب إلى مركز التأهيل ( فرحت بهذا الرد لان من يجول إلى مركز التأهيل دليل على أن هناك آمل في شفائه ) تعجبت، وذهبت لزيارته وجدته على كرسيه كعادته يسبح ويذكر الله، وسألته عن حاله ؟ وقال الحمد لله أصبحت أحرّك أطراف الأرجل، المهم جلست معه قليلا ثم تركته ، وذهبت بعد ذلك إلى بريطانيا لمدة خمسة أشهر ، ثم رجعت إلى الرياض وفي أول صلاة للظهر صليتها في مسجد المستشفى وأنا في طريقي للخروج من المسجد فإذا برجل يناديني يا أبا محمد فالتفت فإذا به ذلك الملازم الذي كان مشلولاً يمشى على قدميه وبه عرج خفيف قلت له ما شاء الله ، شفاك الله قال الحمد لله منّ الله عليّ بالشفاء 0 وقلت له بهذه الأعاقه هل ستستمر في السلك العسكري؟ قال - الحمد لله - الله منّ علي قبل أن يأتيني المرض قدمت على بعثة داخلية في كلية الهندسة وقبلت ، وأخذت الأوراق دورتها أثناء مرضي والآن جاءني قبول من كلية الهندسة ، ولجنة الضباط العليا قبلوا ابتعاثي0 سوف أدرس خمس سنوات ، وبعد الخمس سنوات اسأل الله أن يقدر مافية خير لي، بعد ثمان سنوات من هذا الكلام اتصل بي وقال إن جده مريض بالقلب يريدني أن أراه فسألته أن يحضره غداً إذا بهذا الملازم يأتيني مرتدياً زيه العسكري وقد زين كتفه ثلاث نجوم ، دمعت عيناي لأني لم أستطع أن أكون مثله و أسال الله ان أكون وإياكم مثله من الصابرين المحتسبين0
أما قصة أبي محمد هذا قررنا أن نعمل له عملية وبعد أن عملنا له العملية الساعة التاسعة والنصف أو العاشرة إذا به يفاجئ الممرضات ويقوم لصلاة الظهر ويتوضأ ويصلي واقفاً تعجب الجميع من حاله وفي العصر كذلك0 جئته المغرب ووجدته مصلياً وبعد ثلاثة أيام كان جاهزاً للخروج على غير العادة في مثل هذه العمليات و في يوم الخروج انظر في أدويته التي كانت مكتوبة له فلم أجده قد أخذ ولا حبة من حبات مسكنات الألم ولا إبرة مسكنه للألم ولاشيء سألت الممرضات لماذا هذا ؟ فردت انه لم يطلب آي مسكن بعد العملية بل إذا سألنه تحتاج مسكن رد؟ رد بلا بل أننا نحن الممرضين تعجبنا منه عندما قام الساعة الثانية صلى واقفاً وكذلك الساعة الرابعة هذا المريض عجيب أمره إذا غيرنا له غياراً لا يتألم وكان ليس فيه جرح بهذا الحجم (مع العلم أن العملية اللي عملناها له من أصعب أنواع العمليات ألماً) وزارة الممرضة جاره الذي بجانبه يتألم ويصرخ ويزعج القسم كله وهو كأنه لا يغير له شيء، تعجبت من أمره بعد أسبوع كل ما يقابلني واحد يقول ماذا عملتم لفلان كأنه ما عمل عمليه ، هذا سحر لا ألم لاشيء يتحرك بحريه كأنه ليس به جرح بهذه الخطورة عندما أكثر الناس الأسئلة دعاني فضولي أن أذهب له في بيته وقلت له في بيته بعد ماخرج الناس من عنده قلت له يا أبا محمد القصة كذا وكذا وأنا اعتقد في الأمر سر ؟ قال لا أبدا أنا رجل تحملي للألم جيد0 لكن هذا الكلام لا يقبله طبيب مثله فما هي القصة، ما لذي جرى لك الأذى 0 قلت له أسألك بالله العظيم أن تقول لي القصه0 قال أقولك إياها : ليلة العملية عاهدت الله أن لا آخذ أي مسكن للألم بعد أنتها العملية حتى احتسب ، حتى يكفر الله بهذه الآلام ذنوبي، قلت فرصة لعلها تكفر بعض الذنوب، قلت وبعدين وش اللي صار قال يا أخي صدقني أن ماحسيت من يوم سويت العملية إلى يومك هذا بوخزة دبوس فأسال المولى العزيز كما انه نزع مني الألم من غير مسكن أن يمحو ذنوبي0

إخواني هذا المريض اتجه لمن ؟ للعزيز الرحمن ، انطرح إليه، توجه له كانت القضية هكذا0

القصة الثالثة لامرأة عملت لابنها عملية في القلب طفل عمره سنتين ونصف، وبعد يومين من العمليه وابنها بصحة جيده ، وإذا به يصاب بنزيف من الحنجرة أدى إلى توقف قلبه 45 دقيقة0 قال لها أحد الزملاء احتمال أن يكون ابنك مات دماغياً واظن ان ليس له آمل في الحياه0 أتعلمون ماذا قالت ؟ قالت : الشافي الله ، المعافي الله أسأل الله إن كان له خياًر في الشفاء أن يشفيه ، ولم تقل غيرها0 ثم استدارت وأخذت مصحفها الصغير الأزرق وجلست تقرأ عليه0 وهذا حالها إلى أن بدأ يتحرك ، وعندما بدأ يتحرك- الحمد لله - حمدنا الله على هذا، وفي ثاني يوم يأتيه نزيف شديد مثل نزيفه الأول ويتوقف قلبه ، ويتكرر هذا النزيف ست مرات ونقول لها إن ابنك مات دماغياً وهي تقول الحمد لله الشافي ربي ،هو المعافي ، وتعيد كلماتها ثم تنصرف ، وتقرأ عليه ، وبعد أن سيطر أطباء القصبة الهوائية على النزيف بعد ستة أسابيع إذا به يبتلى بخراّج كبير والتهابٍ في الدماغ ، قلنا ابنك وضعه حرج جداً وحالته خطيرة، قلنا لها هذا الكلام، فردت: الشافي هو الله ، وانصرفت تقرأ عليه القرآن ،فبرئ من هذا الخراج الكبير بعد أسبوعين، وبعد أسبوع من شفائه من الخراج الذي أصاب دماغه، إذا به يصاب بتوقف والتهاب حاد بالكلى أدى إلى فشل كلوي حاد كاد أن يميته، والأم مازالت متماسكة متوكلة منطرحه على ربها وتردد الشافي هو الله ثم تذهب وتقرأ من مصحفها عليه، بعد أن تحسنت كلاه يصاب بمرض عجيب لم أره في حياتي بعد أربعة أشهر من العملية يصاب بالتهاب في الغشاء البلوري المحيط بالقلب مما اضطر إلى فتح القفص الصدري وتركه مفتوحاً ليخرج الصديد ووالدته تردد اسأل الله أن يشفيه هو الشافي المعافى وتنصرف عنا 0 وبعد ستة أشهر في الانعاش يخرج ابنها من الإنعاش لا يرى لا يتكلم لا يتحرك وصدره مفتوح وظننا أن هذه نهايته وخاتمته، توقف قلبه خمس أوست مرات، المهم هذه المرأة استمرت كما هي تقرأ القرآن صابرة لم تشتكي إلا لله ولم تتضجر كعادة كثير من مرافقي المرضى الذين أدت حالتهم الصحية لان يمكثوا في الإنعاش لفترة طويلة ، والله يا إخوان ما كلمتني بكلمة واحدة لاهي ولا زوجها وكل ماهم زوجها بالسؤال تحاول أن تهدئه أو ترفع من معنوياته وتذكره بأن الشافي الله ، المهم بعد شهرين بعد أن حوّلنا الطفل لقسم الأطفال ذهب الطفل إلى بيته ماشياً يرى ويتكلم كأنه لم يصب به الشيء من قبل 0 لم تنته القصة العجيب ما رأيته بعد سنة ونصف من هذه المرآة، رأيتها هي وزوجها حضروا للسلام عليّ لأن عندهم موعد للطفل والطفل طبيعياً بصحة جيده ،وجدتها تحمل طفلاً صغيراً عمره شهرين قلت للزوج ما شاء لله هذا الرضيع رقمه سته أو سبعه في العائلة فرد الزوج هذا الثاني الولد الأول الذي عالجته جاءنا بعد 17 عاماً من الزواج والعلاج من العقم ، انظروا يا إخوان امرأة بعد 17 من الصبر والعقم ترزق لبناً وهذا الأبن يكاد أن يموت ابنها أمامها مرات ومرات وهي لاتعرف إلا لا إله إلا الله الشافي المعافي أي اتكال وأي امرأة هذه ، الأيمان ياإخوان الإيمان والاحتساب هذا ما نريده وهذا ما نفقده اليوم إلا فيمن رحم ربي0
للأسف يجيء المريض يعمل العملية وهو قلق خائف نادراً منهم المتكل على الله، بالأمس يوم الأربعاء أحد مرضاي أقلقني أنا أنا خفت من كثرة قلقه ينتفض وحالته يرثى لها مع أنه أستاذ جامعي وله مركز، قضية الاتكال عندنا تحتاج وجهة نظر ، تعرفون السبب ؟ السبب صلاتنا ، سببه أننا لا نقوم الليل ، سببها إيماننا قليل نخاف من الموت لأن أعمالنا قليلة وذنوبنا كثيره فلذا نحن نظن أننا لسنا مستعدين للموت0
القصة الأخيرة في هذا الموضوع ، لشاب قابلته في رحلتي للمغرب جاءني و أصر أن يجلس بجانبي فبعد أن تعارفنا ذكر لي قصه غريبة عن نفسه 0 قال أنا كنت شاباً ضائعاً وكنت أدخن وعمري 13 سنة ولما كان عمري 33 عاماً أصبت بجلطة بالدماغ ،جلطة قوية أصبت بعدها بشلل نصفي ، لا أستطيع أن أتكلم أو أبلع جلطه أثرة على نصف الدماغ ، قلت بعدين ، قال : بعد أسبوعين بدأت أتكلم فسألت الدكتور فقال انت الجلطة التي أصبت بها كبيره ومؤثرة على جزء كبير من الدماغ ولا أعتقد انك سوف تتحسن أكثر من هذا ، فقلت لكن ليس هناك آمل أبدا ، فرد الطبيب للأسف لا، قلت له إذاً اكتب لي خروج من المستشفى قال لا يمكن أن اسمح لك بالخروج لازلت تحتاج إلى علاج طبيعي وبعض التأهيل لا يا دكتور أريد أن أخرج أريد أن انطرح على ما يخيب عبداً إذا دعاه بقلب صادق ، فقال لكن حالتك الآن حرجه وصعب إحراج يا أخي أصريت أن اخرج من المستشفى على مسؤليتي وخرجت وبعد خروجي لازمت غرفتي أربعة اشهر اقرأ قرآن وقيام ليل ودعاء وبكاء ، بعد أربعة أشهر ذهبت إلى المستشفى أمشى ، قابلت الدكتور تعجب من شفائي وسألني ماذا عملت؟ أين عالجت؟ يا دكتور اتجهت للعزيز المنّان الكريم بالدعاء وترك المعاصي وإصلاح النية وتطهير القلب فنزع الله جميع مافي قلبي من مرض فعافاني0 هل ممكن اعملك أشعة مقطعيه للدماغ فكانت النتيجة مفاجأة للطبيب كما تفا جاء بشفائي لانه لم يبقى للجلطه اثر بالاشعه ، هذا هو الاتكال ، أنا لا أقول نترك الأسباب المادية ، لابد من فعل الأسباب المادية ولكن يا أخي وأنت في طريقك إلى المستشفى بابنك أو أبوك أو أخوك اذكر الله عليه ، ارقه بالفاتحة، اطلب الله له الشفاء ، اذكر أن الشافي المعافي هو الله ، ذكره بالله صبره حثه على الاحتساب أخواني انظروا لحالنا في الوقت الحاضر تعالوا لننظر ماذا يجري في الإسعاف أو زر الإسعاف أمور غريبة جداً اغلبهم يناجون الأطباء يطلبون المساعدة من الأطباء والنادر منهم المسبح الحامد الذاكر لله0

إخواني هذا ماذكرته كله هو مقدمة وقبل أن اذكر العلاج فلا بد أن نعرف الأسباب سوف أذكر أسباب الأمراض وأحداً وأحداً :
امراض القلب :
1-مرض الشرايين0
2- مرض عضلة القلب0
3-أمراض الصمامات0
4-أمراض كهرباء القلب0(اللّي، يسمونها الخفقان)
5-أمراض تسببها أعضاء خارج القلب لكن لها علاقه بالقلب كالرئتين
أولا:أمراض الشرايين:
إخواني أثبتت جميع الأبحاث الطبية التي لا تقبل الجدل أن هناك أسباباً معينة ومعروفة بعينها وهي وراء أمراض الشرايين وقد اطلعت على أكثر من أربعين بحثاً علمياً تناقش أسباب أمراض الشرايين 0 اثناء إعدادي لهذه المحاضرة هذه الأبحاث أجريت على الآلاف من المرضى اتفقوا كلهم على أن أسباب مرض الشرايين هي :
1- الدخان
2-الدهون0
3- السكر0
4- الضغط0
5-الخمور0
6-السمنة0

1:التدخين:
إخواني أما التدخين وما أدراك ما التدخين فان أمره للأسف مشين وقبل أن ابدأ بتعداد مصائب التدخين وأضراره يجب أن نأصل أمراً مهماً وهو أن التدخين حرام ، وذلك للقطع بضرره اليوم ، ومن قال غير ذلك فقد أباح الحشيش والمخدرات والخمور لأن التدخين والحشيش والمخدرات أضرارها متساوية تقريبا مع التدخين ، وان كان التدخين لا يخدر ، ولكن له أضراره 0 هو القاتل الوحيد يقتل في آسيا واحداً كل عشر دقائق ، وهذا من منظمة الصحة العالمية من ستة أشهر قتل في أوربا في العشر سنوات الأخيرة ستين مليوناً إذن هو القاتل الأول في أوربا ، والتدخين يا إخوان اكثر ضرراً على مجتمعنا من الكحول وغيره من الخمور والمخدرات وذلك للأسباب التالية:
1- التدخين أولاً متوفر في الأسواق0
2-عدم اقتناع كثير ممن يتعاطونه بحرمته وذلك بتوفره السهل بالأسواق،
3- عدم وجود قانون يمنعه في الأماكن العامة 0
4-عدم وجود الجرأة ممن فيهم الخير بإنكاره على المدخن لأنه أمر مسلّم به في المجتمع ، فهو في نظر المجتمع شيء مسموح به فهو حلال مع أن الفتوى فيه حرام بيعه وشربه وحرام مكسبه 0
التدخين مسئول عن أمراض الشرايين مسئولية كاملة لما هم دون الخمسين0 لقد دلت الأبحاث التي أجريت لهؤلاء المرضى أن معظم أمراض هؤلاء ليس لديهم أسباب أخرى للمرض إلا التدخين 0
التدخين يعجل بأمراض الشرايين0 الذين لديهم أمراض أخرى للإصابة بالمرض كأسباب وراثية أو أمراض الضغط والسكر والدهون فبدلا من أن يصاب المريض بعد سن الستين لو لم يكن مدخناً أصيب تحت سن الأربعين لأنه يدخن وهو مصاب أيضاً إما بوراثة أو بالدهون ، فإذا اجتمع دهون لواحد عنده 30سنة وهو يدخن يصيبه مرض الشرايين على 35 سنة لكن لو انه غير مدخن قد يصيبه المرض على 60سنة0
التدخين مسئول عن أمراض الرئة0 والمعدة ، والأسنان واللثة وتصلب شرايين المخ وشرايين الأربطه0
أن السيجارة يا إخوان تسبب أكثر من أربعة عشر نوعاً من السرطان 0
إخواني إن السموم التي تطلقها السيجارة كثيرة لاحصر لها ولا عد وتحتاج إلى محاضرات ، وفي الوقت الحاضر اتفق العلماء كلهم على الضرر الواضح للتدخين لذا فهم حاربوه محاربة جادة في جميع المجالات وذلك :
1-برفع سعره0
2- منع تناوله في الأماكن العامه0
3- منعه على منهم تحت سن 18 سنه0
وهذا ماوصت به منظمة الصحة العالمية 0
إخواني إن هذا الموضوع طويل واكتفي بهذا الإيجاز عن التدخين ولكن لي بعض المشاهدات أود إيجازها فيما يلي:
1-أمراض الشرايين لمن تحت الخمسين 90% منهم مدخنون0
2-لم أعمل عملية إلا واحده لامرآه تحت سن الخمسين – لماذا؟:-لان النساء من 20سنة لم يكن التدخين قد انتشر بينهم أسال الله لهن الهداية انتشر التدخين في بعض مجتمعاتنا النسائية 0
3-أمراض الشرايين تحت سن الأربعين لم أر رجلاً واحدا مريضاً تحت الأربعين أجريت له عمليه ترقيع شرايين وهو لايدخن ، كلهم مدخنون، كل من أجريت له عملية تحت الأربعين فهو مدخن، لم أعمل عملية واحدة لمريض تحت الأربعين إلاّ وهو من المدخنين يا إخوان إذا أجريت عملية شرايين لمريض في الثلاثين من عمره إذا بلغ الأربعين ماذا يعمل له ؟ يحتاج إلى تغيير قلب أو ما ينفع له شيء0
4- لم نشاهد ذبحات في الماضي عند حضوري للمستشفى وبين الأعوام 1400هـ إلى 1406 هـ لم أكشف على مريض واحد من أهل هذه البلاد ( لماذا لأنهم لا يدخنون 0ولما أنتشر التدخين في الثلاثين ألسنه الماضية بدأت تظهر الذبحات، ولو وجدت متسعاً من الوقت لأوضحت لكم أنواع العمليات التي تم إجراؤها0 كانت عمليات الصمامات كثيرة والشرايين قليلة وبسبب التدخين كثرة عمليات الشرايين0
5- المرضى المصابون بأمراض الشرايين تصاحب أمراضهم أمراض أخرى مثل أمراض الرئة والمعدة، والدماغ، وشرايين الأطراف 0 أحد المرضى أجريت له عملية ترقيع شرايين وعمره ثمان وثلاثون و قطعت رجله اليمنى بعد عام ونصف من إجراء العملية0 ثم أصيب بعد عامين بجلطة في الدماغ0 ولعلكم تذكرون ذلك الأخ الذي حدثتكم عنه والذي رافقني في رحلتي إلى المغرب وقص لي قصته حيث انه أصيب بجلطة وعمره 33 سنة بسبب التدخين0 0
كل بلدان العالم حاربت التدخين، في كندا أصبح المدخن يعتبر من طبقة منحطة ، أحد الإخوة ذهب لكندا و أقول له :أنت قد تركت التدخين حديثاً وانت مسافر إلى كندا فسوف يكون الأمر عليك صعباً في المقاومة والصبر عن التدخين ، فرد قائلاً بالعكس هناك تستطيع أن تقاوم اكثر من هنا لان التدخين ممنوع في الأماكن العامة ويعتبر المدخن منبوذاً إجتماعياً0
أخواني أن التدخين محارب محاربة جداً في أوربا وأمريكا إخواني السؤال الذي يطرح نفسه مالذي يجب على المدخن ؟
أولا: -يجب على المدخن أن يجزم أن التدخين حرام لاشك في حرمته، ويتقي الله ويتركه لهذا السبب فقط لتصلح نيته ويعان من الحي القيوم0
ثانياً- أكثر من الدعاء ليلاً ونهاراً في السجود والقيام 0
ثالثاً: بدلاً من علبه الدخان في جيبه يضع بدلاً منها قرآن جيب صغير فكلما فكر في السيجارة أخرج هذا المصحف وقرآ منه صفحة آيه اثنتين أكثر أو أقل وتذكر قوله تعالى ( إلا بذكر الله تطمئن القلوب)0
أحد الإخوه يقول دعوت الله ستة أشهر- وقمت الليل - إلى أن شفاني الله منها من التدخين بعد 32 سنه في التدخين، حاولت كل الطرق المعروفة وفشلت ولكن عندما اتجهت إليه شفاني ، ولا تنسى يا آخي قول الله سبحانه وتعالى ( ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب) 0

2: الدهون والكوليسترول :
يجب أن نحتسب، هذا شيء إذا أصبت بدهون وكوليسترول لابد أن احتسبه ، الشيء الثاني يا إخواني كل واحد فوق 25 سنة ، لابد أن يحلل للكوليسترول والدهون مرة كل سنة على الأقل ليعلم إن كان لديه كوليسترول أو لا ، لأن إذا علم بأن الكوليسترول عالي في دمه وعمره 25 سنة احتجب عن الدهون أو أخذ دواء وزاول الرياضة وحافظ على صحتك وابتعد عما يضرك مثل الدخان وغيره،
أما بالنسبة للرياضة فأنها تختلف من واحد لآخر لايمكن واحد عمره سبعين سنة يمارس رياضة مثل واحد عمره أربعين سنة وأطيب رياضة هي المشي والسباحة 0 للأسف بعض الناس يحتمي بقوة ثم يتركها بالكلية ، المهم أنه يجب أن تكون الحجمة بعقل، والرسول - صلى اله عليه وسلم - يقول عن المقداد بن يعد بن يكرب ورواه أحمد ( ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه فإن كان ولامحا له فحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان ولابد فثلث وثلث وثلث) الحديث وهذا لايمنع أنك يوم أو يومين تأكل حتى تشبع كما فعلها أبو هريرة أمام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد شرب أبو هريرة بحضرة الرسول - صلى اله عليه وسلم - حتى قال والذي بعثك بالحق لا أجد له مسلكاً ، يعني مرة في اليوم مرة في الأسبوع مرة في الشهر تأكل حتى تشبع تماماً الواقع الذي نحن عليه يا إخوان انك تجي من الدوام 2.30 أم العيال مجهزة الرز واللحم وغير ذلك تعطيك كل شيء وتأكل ثم تبحث عن كيفية إلا خراج ولكنك لا تستطيع وتصاب بالكسل والنعاس وتترك صلاة العصر0 فتضر نفسك دنيا (بالسمنة) ودين ( بترك صلاة العصر)0 وبعد سنوات تنتفخ وتبحث عن الرجيم ، كان من الأجدر أنك تكون كما قال الرسول- صلى الله عليه وسلم - تتبع السنة ثلث وثلث وكما قال السلف نحن قوم لانأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لانشبع 0 هذا الكلام للسلف - رضوان الله عليهم - لكن اترك الأكل وأنت لك نفس فيه، تشعر أنك تمتعت بالأكل 0 ولكن للأسف أمر الناس يدعو للعجب ، بعض الشباب يأخذ اثنين من السندويتشات الكبيرة يأكلها ومعها الكوكا كولا الكبيرة ، ثم لا يستطيع المشي أو الصلاة حتى لا يستطيع أن يتنفس0

3:السكر:
لا تنسى الاحتساب ، أي واحد ياإخوه أمه وأبوه مصابين بمرض السكر لابد أن يبدأ بالحجبة وعمره ثلاثين سنة لكيلا يصاب بالسكر إلا على سن متأخر0 أي واحد أكرره أمه وأبوه مصابين بمرض السكر عليه بالحجبة وتقليل السكريات والنشويات في أكله حتى يحافظ على البنكرياس ماتتأثر لأن نسبة إصابته بالسكر عاليه جداً فلو فرّط في الأكل فإنه قد يصاب بمرض السكر مابين 30-40 من عمره والأمر الثاني كل من يصاب بالسكر يجب أن يحفظ سكره تحت المائتين بقدر الإمكان لأن تحت المائتين لا يؤثر عليك فمرض السكر قد يؤثر على العيون، وعلى الكلى ، وعلى القدمين، وعلى الأعصاب ، وعلى القلب 0 لذا آخي مريض السكر حاول قدر الإمكان أن تحافظ عليه تحت المائتين الشيء الثاني بعض الإخوان بعد مايعتدل سكره ، يظن خاطئا أنه قد شفي من مرض السكر فيقوم بترك العلاج فيحدث له انتكاسه في المرض وترتفع نسبة السكر في الدم ويصبح من الصعوبة به السيطرة عليه ويأخذ وقت طويل للسيطرة عليه لا توقف العلاج المهم احرص أن يكون تحت المائتين، وما تأتيك منه مضرة بأمر الله ولا تشتكي إلا لله واحتسب وإذا إحتسبت وصبرت اسأل الله أن تكون من أهل الجنة0

4: الضغط:
يختلط الأمر عند العامة في مسألة الضغط ، فهناك ضغط واطي وضغط عالي كلاهما مهم فالضغط العالي إذا اصبح عالياً أثر على شرايين المخ فيؤدي إلى انفجارها والضغط الواطي إذا كان عالياً يؤثر على القلب فيضعف عضلة القلب فتتأثر قوة القلب ووظيفته فيجب أن تنتبه إلى أن ضغطك الواطي والعالي إذا زرت طبيباً يجب ان تسأله عن الضغط المقبول بالنسبة لعمرك لكن بعض الأخوة بعد ما يسيطر على يقرر للأسف ترك العلاج فلذا بعد فترة يرتفع ضغط المريض ويكون أسوأ من المرة الأولى ومن أهم علاج الضغط الرياضة والحميه0

كلمة لأصحاب الأمراض:
إخواني إذا كانت مسببات الشرايين كما ذكرناها من ضغط وسكر ودهون وكلستلور أمراض ابتلى الله - سبحانه وتعالى - خلقه بها ، وهم برحمة ربهم في الجنة إذا احتسبوا وهذه الأمراض ليست بيد الإنسان ، ولكنها قدر مقدر من القدير الرحمن الرحيم، فما بال المسببات الأخرى التي يفعلها الإنسان ، بنفسه ومحض ارادته يفعلها ويضيع بها دينه ودنياه، يضيع فيها دينه لأنها حرام لاشك في حرمتها ، ودنياه لأنها مضرة بالصحة لاشك في ذلك 0

5: الخمور:
فإن أثرها على القلب معروف وثابت ، وذلك بسبب زيادته لامتصاص الدهون ولأن شاربها يرغب بزيادة أكل المواد التي تحتوي على نسبة دهون عالية كذلك الخمور تؤدي الى ضعف العضل0

ثانياً: أمراض عضلة القلب:
أسباب أمراض عضلة القلب :
1-الشرايين:
وهنا قبل أن ابدأ أود أن انصح الأخوة جميعاً إذا أصيب جارك أو أخوك أو عمك أو قريبك أو أبوك بألم في صدره عليه أن يلزم مكانه، قل له أستريح وآتي بالسيارة له إن استطعت أن تحملة احمله ، إذا فعلت هذا لن تأتيه ذبحة لأن الذي يصاب بألم في صدره ولا يستريح قد يؤدي ذلك إلى حدوث جلطه وقد تكون كبيره ، وإذا أصيب بجلطة قد ينتج عنها أن عضلة القلب تتأثر بشده
بعض الناس يجيه الوجع يقول لا هذا سيروح، يذهب لقضاء بعض حاجاته من السوق ثم يقع في السوق ويأتي به في حاله خطيرة إلى الإسعاف مما قد يؤدي فيما لو عاش أن تضعف عضلة قلبه بشده وقد تصل إلى 10-15% ويصبح غير قادر على قضاء حاجاته ولا حتى العبادة كما يجب0
أخي: حافظ على نفسك لتعبد الله على بصيره ، حافظ على نفسك للآخرة، إهمالك بألم الصدر قد يؤدي بك إلى مشاكل كثيره طيلة عمرك ، حافظ على نفسك لتكون مؤمناً قوياً وإيمانك قوي وتعبد الله على بصيرة 0

2- الرئه:
واهم أسباب أمراض الرئة التدخين وسوف أتكلم عنه ، إذا مرضت الرئة فهي تؤثر على القلب وتؤدي إلى تضخم القلب وتضعف عضلته0
3- من الولادة :
منذ الولادة تكون عضلة القلب ضعيفة ، ايضاً يكون الشريان التاجي الأيسر شاذ ليس في مكانه ، فيؤدي إلى ذبحات أثناء الرحم في القلب وبعد الولادة ، ويأتي الرضيع أو الطفل إلى المستشفى وعضلة قلبه ضعيفة جداً0
4- التهابات فيروسية:
الأنفلونزا قد تؤدي إلى ضعف شديد بالقلب أو آي فيروس آخر0
5- الخمور ، والمخدرات :
مثل الهروين وما على شاكلته تصيب عضلة القلب وتوقفه 0
علاج ضعف عضلة القلب:
1- العلاج بالأدوية وأشياء أخرى تساعد على تحسنه والآن تقدم الطب كثيراً بهذا العلاج 0
2- زرع عضله من عضلات الكتف ووضعها حول القلب إلا أنها لم تنجح لهذه الدرجة0
3- تصغير حجم القلب وذلك بقطع جزء من عضلة القلب0
4- ترقيع الشرايين قد يحسن العضله0
5- زراعة قلب 0
6- الوقاية وهو أهم علاج وذلك بالابتعاد عن جميع مسببات ضعف العضلة وعدم التفريط0

ثالثاً: أمراض كهرباء القلب (اللي يسمونها الخفقان)
والخفقان هو أن تحس بنبضات قلبك وقد تكون نبضات القلب أقل من المعدل الطبيعي ،
وعلاج الخفقان بالأدوية وكذلك قد يعالج بالكي عن طريق قسطرة القلب وقد تحتاج زرع جهاز منظم للقلب كثير من الأخوة يسألون عن الجوال وتأثيره على القلب الجوال لا يؤثر على القلب إذا وضع في الجيب القريبة من القلب ولكن الجوال قد يؤثر على منظم القلب إذا كان مزروعاً لأحد وإذا كان قريباً منه جداً مثلاً وضع الجوال على جيب الثوب القريبة من القلب والمنظم على الجهة اليسرى من الصدر أما إذا كان شخصاً م يتكلم بالجوال وانت لديك منظم فهو لا يؤثر عليك0
وهنا أود أن أنبه إلى أمر هام وهو أن بعض الأدوية التي تستعمل للسيطرة على الخفقان قد تؤثر على القدرة الجنسية للرجل فيجب أن تسأل عن الدواء هل يؤثر أم لا وكذلك بعض الأدوية المستعملة للسيطرة على الضغط

رابعاً:الصمامات:
أود التنبيه إلى المريض المصاب بصمامات القلب يجب أن لا يهمل نفسه ويتهاون أما بالعلاج أو أن يتردد بالعملية إذا كانت هي الخيار الأفضل فيجب عليه المبادرة وإذا تهاون المريض أدى ذلك ضعف شديد بالقلب وارتفاع ضغط الرئة ويصبح الأمر خطير جداً وقد يصل إلى درجة أن علاج المريض غير ممكن0

أسباب مرض الصمامات:
1-الأسنان:
بعض الأشخاص ( إذا فتح فمه تقول ثلاجة مكرونة ، أرز ، بقدونس من ثلاثة أيام) وإذا تكلم رائحته لا تستطيع إحتمالها القضية لا تحتاج إلا فرشة أو معجون أو مسواك ، لكن يجب على كل من أراد أن يستعمل السواك عليه بأتباع سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم وتقطع رأس المسواك المستعمل على الأقل مرة في اليوم 0 بعض الأخوة يضع مسواكه ويكون عرضه للتراب والذباب 0
للسواك أربعة عشر فائدة طبية تنفع الأسنان لكن إذا استعمل أكثر من أربع وعشرين ساعة يكون عديم الفائدة ، يحتوي أيودين ويحتوي فلورايد ، ويحتوي على مطهرات للأسنان ويحتوي أيضا حافظات للثة ولكن عليك بقص رأسه المسواك المستعمل كل يوم على الأقل مرة، وبعد الأنتها من استعماله أغسله ، وإذا أردت استعماله فاغسله0
نرجع للأسنان أنت بأسنانك السيئة آذيت الناس والرسول -صلى الله عليه وسلم - يقول من آذى الناس فقد آذى الملائكه ( بعض الأخوة إذا رأيت أسنانه ماودك تناظر فيه، رز وحالة وبلاوي وريحة عفنه ، مادري كيف يقرب من زوجته ، ثم يقول يا أخي زوجتي بعيدة عني لأن من ريحت اثمك تقل افليت) 0
وأذا راجعت طبيب الأسنان تذكر للطبيب انك مصاب بأحد أمراض القلب ليبدأك على مضاد حيوي
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه كيف تؤثر الأسنان على القلب؟ في الفم تعيش جراثيم لا تضر الجسم ولا الفم وتقتل بحامض المعدة إذا بلعت ولكن إذا دخلت بالدورة الدموية أثرة على بعض الأعضاء وخاصة صمامات القلب فتؤدي إلى التهاب هذه الصمامات وتدخل هذه الجراثيم إلى الدورة الدموية إذا كان هناك أي التهابات واللثة أو خلع الأسنان أو أي عمل يجري بالأسنان

2-المخدرات:
من أهم الأسباب التي تؤدي إلى التهاب صمامات القلب بعد الأسنان المخدرات التي تؤخذ بالوريد ، تسبب التهاب صمام الثلاثي خاصة والصمامات الأخرى 0
قد يصاب كثير من الناس بارتخاء الصمام المترالي وهذا قد يؤدي إلى خفقان وقد يؤدي إلى إرجاع أحيانا ، وهذا المرض
و عندهم لا يحتاج إلى شيء يحتاج اطمئنان وراحة بال، واطمئن قد تحتاج إلى الخفقان زائد إنك تأخذ حبة واحدة فقط ،

الخاتمــــــــــــــــة

هذا موجز عن أمراض القلوب وأسأل الله أن ينفع بها إخواني ، عجب من لأولئك الذين يبكون على من مات ولا يبكون على من مات قلبه وهو أشد، ويبحثون عن علاجٍ سريع وبأي ثمن ، وفي أي وقت ، وفي أي مكان لمن مرض جسده ويتركون علاج من مرض قلبه وهو الأخطر، ويخشون انتشار أمراض الجسد فيأخذون الحيطة والحذر وبذل الجهود للوقاية وينسون - الا من رحم ربي- الوقاية والحيطة من انتشار أمراض القلوب0 إن مرض الجسد يؤثر على صاحبه وإن تعدى أثره على مجموعة محدودة من البشر، ولكنّ أمراض القلوب تؤثر إذا انتشرت على الأمة بكاملها ، وتؤدي إلى الغمة وتكون بذلك من الله - سبحانه وتعالى- 0
إخواني اعلموا أن الطاعات لازمة لحياة قلب العبد لزوم الطعام والشراب لحياة الجسد، والمعاصي يا إخوان بمثابة الأطعمة المسمومة التي تفسد القلب كما تفسد الأطعمة المسمومة الجسد وقد تميته 0 وكما يأخذ العبد الأسباب لحياة جسده من المداومة على تناول الأغذية النافعة في أوقات متقاربة- وإذا تبين له أنه تناول طعاماً مسموماً عن طريق الخطأ أسرع بتخليص نفسه منه- فحياة قلب العبد أولى بالاهتمام من جسده ، وهذا لايعني أن نترك الجسد يمرض ولا نبحث على علاجه0 إلى هنا نريد أن نقول كما أننا نهتم بعلاج الجسد، يجب أن نهتم بعلاج القلب على قدم المساواة مع الجسد ، لأن العبد- وانتبهوا لهذا ياإخوان لأن العبد وإن مات وجسده مريض وهو صابر ومحتسب فإن مصيره إلى ماذا ؟ مصيره بأمر الله ورحمته إلى الجنة أما إن مات وقلبه مريض ولم يعالجه ومات قلبه قبل أن يموت جسده فإن مصيره إلى النار إن مات على ذلك 0
إخواني إنني أتعجب لكثيرٍ من الناس عندما يصابون بمرض بسيط في الجسد كوخزات بسيطة في القفص الصدري أو ألم بسيط في القلب فأنه يقلق ويبحث عن العلاج بل يبحث وبأسرع وقت عن أمهر ألاطباء ويوسط من يوسط إليهم وإن كان هذا مقبول ومطلوب ولكن إذا مرض قلبه ، إذا مرض قلب أحدنا في معصية كم منا ياإخوان يبادر إلى علاج قلبه بالتوبة والندم ، إخواني إذا كانت حياة الجسد تؤهله لمعيشة غير منغصة بالمرض في الدنيا فأن حياة القلب تؤهله لحياة طيبه في الدنيا وسعادة غير محدودة في الآخرة إخواني قال عبدالله بن المبارك -رحمه الله -
رأيت المعاصي تميت القلوب وقد يورث الذل إدمانها
وترك المعاصي حياة القلوب وخير لنفسك عصيانهــا

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل المرسلين ،
أسأل الله أن يثيبني وإياكم، ويخلص نيتي ونواياكم، ويصلح ذريتي وذراريكم وذرا ري المسلمين وأن يجعل هذا الوقت لي ولكم محسوباً مباركاً نجده في صحيفتنا يوم القيامة والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أفضل المرسلين



 


الرد باقتباس
قديم 05-24-2016, 10:46 PM   #10


الصورة الشخصية لـ أبو سامي
أبو سامي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2140
 تاريخ التسجيل :  Aug 2013
 أخر زيارة : 03-09-2024 (11:53 PM)
 المشاركات : 5,725 [ + ]
 تقييم العضوية :  5380
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 119
تم شكره 366 مرة في 243 مشاركة
الإفتراضي رد : محاضرات اسلامية ( مكتوبة )



اسم المادة : أمراض القلوب
للشيخ / خالد الجبير


الحمد لله والصلاة والسلام على افضل خلق الله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخواني الكرام يعلم الله أنى احبكم في الله ،وأسال الله سبحانه وتعالى أن يصلح نيتي ونواياكم ويصلح ذريتي وذراريكم وأن يحفظني وإياكم من الرياء والسمعة وان يجعلني وإياكم ممن يخلصون العمل، وأساله سبحانه أن لا يجعل للشيطان علينا مدخلا، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عباد ته أما بعد:
فإنّ هذه الموضوعات التي أكتبها لكم هي كلمات من أخ يحبكم تخرج من قلبه قبل أن تمر على لسانه وقلمه ليخاطب بها قلوبكم لأنه يحبكم ويعزكم 0
كيف جمعت هذه المادة ؟
جمعتها من كتب السلف الصالح ،ومن الأبحاث الطبية التي اطّلعت عليها، وهي اكثر من أربعين بحثاً طبياً في مجال القلب وجراحته، جمعتها مما مرّ بي من تجارب وقصص واقعية باشرتها بنفسي ولا أقول قال، ولكني أقول قلت ورأيت أما بعد:
قال تعالى( أن السمع والبصر والفؤاد كلّ أولئك كان عنه مسئولا00) الآية
فالقلب لهذه الأعضاء كالملك المتصرف بالجنود الذين يأتمرون بأمره ويستعملهم فيما يشاء تحت عبوديته وقدرته وتكتسب منه الاستقامة، والذين قال فيهم صلى الله عليه وسلم( ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله إلا وهو القلب) 0 متفق عليه
وكما أن القلب لأعضاء الجسم هو الملك المتصرف فيها إذا صلح معنوياً صلحت باقي أعضاء الجسم وجوارحه ،فإذا مرض القلب عضوياً وأصيب بأحد الأمراض التي تؤثر على وظيفته فإن باقي أعضاء الجسم الأخرى تتأثر، فالرئة تمتلي بالماء وتتأثر وظيفتها، وتتضخم الكبد، وتتأثر وظيفتها ،وكذلك الكلى فقد تتوقف، وتقل الهمة، وتزيد الغمة ،وتتورم الأطراف، وينتفخ البطن، ويجهد المخ0 إذاً هو تأثير القلب ، إذاً هو فعلا ملك الأعضاء والمسيطر على صحتها إذا صلح صلحت وإذا فسد فسدت 0
• أمراض القلوب " فهما نوعان:
1- مرض الأبدان0
قال تعالى ( فليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج0000) الآية0
2- مرض القلوب نوعان:
أ- مرض شبه وشك0
قال تعالى( وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا0000) الآية0
ب- مرض شهوة وتمني:
قال تعالى((يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا ( الآية

القواعد الأساسية للطب التي وضعها ابن القيم:
منذ ثمان مائة سنة وضع ابن القيم قواعد في الطب مازال معمولاً بها إلى وقتنا الحاضر استخلصها من كتاب الله وما زالت هي قواعد الطب وستبقى هي القواعد الأساسية للطب، ذكر ابن القيم إن لطب الأبدان قواعد ثلاث:
1- حفظ الصحة0
2-الحمية عن المؤذي0
3-استفراغ المواد الفاسدة0
أما حفظ الصحة قال تعالى ( فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام آخر0000) الآية0فالمولى أراد صحة عباده بأن أجاز لهم الفطر في السفر0
أما الحمية عن المؤذي فقد قال تعالى( وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحدكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماءًً فتيمموا صعيداً طيبا0000) الآية

والحمية يا إخوان نوعان :
1- حمية عامة
وهي أن تحمى الأمة كلها من كل ما حرم الله- سبحانه وتعالى-من خمر ومخدرات ودخان 0
وإني أستغرب كما تستغربون أن يأتي بعض الأشخاص فيحمي نفسه عن بعض ما أحلّ الله له كمن يصاب بالسمنة فيحمي نفسه عن بعض الأكل ويتورع أن يأكل ويقف ويحرم نفسه، وإن كان هذا شيء طيب إلا أنك تجد من يفعل هذا ويحمي نفسه عن الحلال و لا يحمي نفسه عن الحرام من دخان وخمر وغيرهما من المحرمات ، وهذا تناقض عجيب كيف تحمي نفسك عن الحلال وإن كان في حالك مضر لأنّ سمنتك عالية ولكن نجد بعض الأشخاص يعمل حميه لنفسه عن الأكل لينقص وزنه ولكنه يدخن، تضارب عجيب يحرّمون الحلال على أنفسهم طمعاً في حفظ الصحة ولكنهم لا يتورّعون عن الحرام وهو الدخان وغيره من المحرمات0

2- حمية خاصة:
كأصحاب السكر عن السكر، وأصحاب الدهون، عن الدهون وأصحاب داء الملوك عن بعض الأغذية واللحوم0

• أنواع القلوب
كما كان القلب يوصف بالحياة وضدها انقسم بحسب ذلك إلى ثلاثة أقسام:
1-قلب صحيح0
2-قلب مريض0
3-قلب ميت0
اسأل الله العلي العظيم المنان الكريم الواحد الأحد الفرد الصمد ألا يجعل قلبي وقلوبكم وقلوب آبائي وآبائكم وأبنائي وأبنائكم من الذين يحملون قلوباً مريضة أو ميتة،

1-القلب الصحيح:
هو القلب السليم، حيث لا ينجو يوم القيامة امرؤ إلا من أتى الله به قال تعالى ( يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلبٍ سليمٍ0000) الآية0

علامات القلب الصحيح:
1-إخلاص العمل لله والعمل بالشهادتين:
فهذا أمر مسلّم، والذي لم يخلص العمل لله ولم يعمل بحق الشهادتين فكل أمره مردود
2- المحافظة على الصلاة
أصيب شاب في السابعة عشرة من عمره بطلق ناري عن طريق الخطأ ، أخذته أمه وأبوه إلى المستشفى مسرعين ، نظر الشاب إلى أمه وهي حزينة قال يا أمي لا تحزني فإني والله متوفى، وإني والله على خير، وإني والله لأشم رائحة الجنة 0 وصل الإسعاف، كنت بالعمليات، باشره أحد الزملاء وعندما قرب منه قال له يا دكتور قف فإني متوفى وإني والله على خير وإني والله أشم رائحة الجنة0 أريد أمي وأبى لأودعهم ،جاءت أمه وأبوه وقبلّهم وودعهم، ثم قال اشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله ثم مات0
أسأل المولى الكريم الرحمن الرحيم المناّن الكريم أن يجمعني وإياكم به في الفردوس الأعلى، ووالدي ووالديكم وأبنائي وأبنائكم
في صلاة المغرب قابلت الأخ ضياء، لم يكن يعرف أنني عرفت بالقصة، فحكى لي وزاد عليها، أنا والله من فك أصابع يده بعد الشهادتين، وأنا والله من مسح العرق من على جبينه، وان فيه لطراوة لم أعهدها في متوفى، وفيه حرارة لم أظنه متوفى، وفيه سماحة في وجهه ونور لم أعهده في أحد0
شاب عمره سبعة عشر عاماً يشم رائحة الجنة وهو مازال في إسعاف المستشفى العسكري ، سئل أباه على أي شيء ابنك هذا ؟ قال ابني هذا منذ بلغ فهو متعهدنا لصلاة الفجر، ومنذ بلغ فهو صاحب قيام ليل، ومنذ بلغ فهو في الصلاة في الروضة، ومنذ بلغ فهو محافظ على تحفيظ القرآن، وهو من الأوائل في الصف الثاني ثانوي علمي0
إخواني هذه القصة لا تحتاج إلى شرح وإنما تحتاج إلى همة وغبطة وغيرة ثم عمل وإجتهاد ، فقط لنغار من هذا الشاب نحن من تعدينا السنوات ، تلك الصلوات وحالنا في الصلوات يعلم به الله0 وهنا أقول أسأل نفسي وأسأل من تفوته صلاة الفجر، أو من يضع ساعة على الدوام، أو على المدرسة لأولاده 0جهز جوابك للعزيز الرحمن ذي الطول شديد العقاب إذا سألك على الصراط لماذا لم تضع ساعتك لصلاة الفجر لتصلي؟ لن يكون لديك جواب ! ولكن جهز الجواب، وإن أنت تعلم أن ليس لديك جواباً فاتق الله وصل الفجر في جماعة0
إخواني لا يكفي بأن تصلي الفروض، ولكن لابد أن تحافظ على النوافل0
في الساعة السابعة إلا ربع اتصل بي الإسعاف وقال إن هناك مريضة أصيبت في جلطة نريدك أن تأتي لتراها، جئت، وعندما وصلت إلى باب الإسعاف توقف قلبها، بدأت أدلك، وما أن بدأت دقيقة أو دقيقتين إذا بها تصحى وتنظر إلى السماء كأنها تخاطب أحداً ثم ترفع يدها وتقول أشهد أن لا إله ألا الله وان محمداً رسول الله، فأقف ثم تقف ثم أبدأ بالتدليك، وأدلك لمدة دقيقتين أو ثلاثاً، وتعيد الكرة وتنظر إلى السماء، وترفع يدها وتقول أشهد أن لا إله إلا الله وان محمداً رسول الله ثم تقف، وأبدأ بالتدليك ،وفي المرة الثالثة رأيت العجب، رأيت قدرة المولى - سبحانه وتعالى - كررتها الثالثة، تنطق بالشهادة وإذا بعيني تقع على جهاز القلب الموصول بقلبها وأجد قلبها لا يعمل ولسانها أنطقه العزيز المنان الكريم التواب الرحيم ليكون حجةً علي وعلى غيري أنطقها بالشهادة لأنها عرفت ربها فحفظها ربها0
ذهبت إلى زوجها معزياً، وبعد أن عزيته ذكرت له ما رأيت فيها، قلت: على أي شئ زوجتك هذه؟
قال: يا دكتور أنا لا أستغرب، فمنذ أن تزوجتها منذ 35 عاماً لم تترك قيام الليل ألا بعذرٍ شرعي، فمن منا يا إخوان يقوم الليل ؟ قليل ماهم0
إخواني من يريد أن يكون مع المصطفى- صلى الله عليه وسلم- ؟ أصبحنا لا نستحي ينزل العزيز المنان الكريم التواب الرحمن الرحيم إلى السماء الدنيا ونحن نيام، رسولنا المصطفى- صلى الله عليه وسلم - الذي غفر ما تقدم وما تأخر من ذنبه يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه ونحن كأننا ضمنا الجنة كأننا ضمنا كل شئ ، لا نقوم وإذا قمنا إلى الفجر قمنا كسالى، أمر عجيب0
سوف تقولون ما الذي أدخل الصلاة في أمراض القلوب يا أبا محمد؟ أقول لكم إنها أصل أمراض القلوب
أليست هي من أهم أنواع الذكر والله - سبحانه وتعالى – يقول" الا بذكر الله تطمئن القلوب" (آية 28 سورة الرعد) انك إذا صليت صلاة كما أمر بها الله-سبحانه وتعالى – ورسوله- صلى الله عليه وسلم - وقمت من الليل قليلاً واطمأن قلبك، وصلحت نفسك، واطمأنت سريرتك، فابتعدت عن عيادة القلب ابتعدت عن القلق والخفقان ومشاكل العصر، لا تستغربون يا أخوان فإني عالجت أناساً من القلق والخفقان بقيام الليل، بقيام الليل شفيوا وانقلوها عني إن من أراهم بالعيادة للأسف سبعة من عشرة ليست بهم أمراض عضوية مشكلتهم أنّ اتصالهم بالله المنان العزيز الرحمن قد قلّ فتفاقمت عليهم الأمراض0
جاءتني امرأة – وهن كثر - هذه المرأة جاءتني بعد أن كلمني زوجها في المسجد وقال يا أبا محمد زوجتي لديها خفقان ولديها ضيق في الصدر ولديها ولديها، قلت أريد أن نراها في العيادة، قلت له بعد صلاة العشاء أهي في البيت؟ قال :نعم قلت لنذهب لبيتكم علاجها في بيتكم0 ذهبت إلى بيته، جلست معها، تتعجبون يا إخوان - هذا مثال ولكنه كثير- عندما ذهبت إليها كان عندها موعد مع خمسة أطباء طبيب الروماتيزم ،وطبيب المعدة ،وطبيب القلب، وطبيب الأعصاب ، جلست معها 35 دقيقة وأعطيتها وصفة ربانية وصفها الله المولى حين قال" الا بذكر الله تطمئن القلوب"0 وبعد أن برهنت لها أن ليس بها شيء وبإمكاننا أن نفحصها ولكن عليها أن تداوم على قيام الليل أسبوعين وان احتاجت جاءتنا، وأعطيتها موعداً بعد أسبوع ، فلم تأتني لاهي، ولا زوجها، وبعد أربعة أسابيع قابلت زوجها ،صلى معي العشاء وقال مبتسماً جزاك الله خيراً أبا محمد فقد شفيت زوجتي بقيام الليل
إخواني والله نحن بلهاء، والله أنا مفرطون ،والله إلا من رحم ربي0 أغبياء لان لدينا كنوزاً فنتركها، والقصص كثيرة0
أخت أخرى، لم تعمل بالوصفة، زارتني، كلمتني زوجتي عليها فزارتني في العيادة ،ذكرت أن ليس بها أي شئ بعد الفحوصات ليس بها شيء، ذكرت لها الوصفة فلم تقبل، ذهبت يا إخوان إلى عشرة أطباء أو تسعة كل طبيب لايقل عن 5 الآف او 6الآف ريال ولم تشف حتى وقتها الحالي ، الآن لها سنتان0
من خلقك؟ الله0 من معالجك؟ من يشفيك؟ الله 0 ألا بذكر الله تطمئن القلوب0
وان قلتم لماذا الصلاة يا أبا محمد؟ قلت لكم ألا تقرأون في كتابه جلّ وعلا (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر00) الآية فمن يصلي الصلاة في وقتها؟ ويقوم الليل ينهاه ربي عن كل فحشاء ومنكر من دخان، وخمر، ومخدرات ومشاكل، وقلق، وغيبه، ونميمه، وكلها مسببات رئيسية لأمراض القلوب العضوية ألا ترون ان تارك الصلاة أو المفرط فيها يكون كالذباب- أكرمكم الله- يقع على المعاصي كما يقع الذباب على القاذورات لا ينهاه شيء لأنه ليس له صلاة تنهاه فهو يشرب الخمر، ويتعاطى التدخين يعاكس، يقلق ،يزني،به أمراض، به مشاكل لا يعلم بها ألا ربه فهي كالذباب على القاذورات، أو كالاسفنجه يمتص كل خفيف وكل شىء0

3- التنافس على الآخرة:
ومن أمثلة القلب الصحيح ،التنافس عن ماذا ؟ عن الآخرة 0 للأسف يا إخوان أصبحنا نتنافس في أعمال الدنيا، نتنافس من أجل جناح بعوضة كما قال الله -سبحانه وتعالى -وتركنا أعمال الآخرة0 كم منكم يا إخوان إذا رأى جاره أو أخاه أخذ مصحفاً بعد صلاة العصر سأل نفسه ألا أرجو ما يرجو لماذا لا أقرأ مثله ؟ وجلس وقرأ، كم منكم يا إخوان إذا سمع جارة أو أخته، أو أمه، أو زوجته تقوم من الليل قليلا سأل نفسه الا أرجو ما يرجو ثم قام من الليل قليلا ، أين الغيرة ؟ أين الغبطة في أعمال الآخرة0
عندما ذكرت قصة الشاب الذي في السابعة عشر من عمره لأحد الأخوان جراحي القلب ، وبعد أن سمعها امتلأت عيونه بالدموع ورفع رأسه لي وقال0 آه أبا محمد آهٍ من نفسي، إنها تحتاج من يربيها تحتاج إلى من يؤدبها ، تحتاج من يعلمها تحتاج من يسألها ، فأخذ إجازة أسبوع من العمل ليؤدب نفسه - كما قال - ورزقه الله قيام الليل بعد هذه الحادثة، وصيام يوم وإفطار يوم وهو جراح قلب، السلف الصالح كانوا يعملون ثمان عشرة ساعة أو خمس عشرة ساعة وكانوا لايتركون قيام الليل أقل وأحد فيهم يقوم ثلثي الليل0
جراح قلبٍ في جدة كلمته في الهاتف وعندما قاربت القصة على الانتهاء فإذا بصوته ينقطع بسبب البكاء ،وظننته قد مات ! وانقطع الإرسال بيني وبينه ! وبعد ثمانية اشهر قابلته وقال جزاك الله خيراً أبا محمد ، لقد أدبني ذلك الشاب ، لقد تأدبت بذاك الشاب فتعلمت منه قيام الليل ، بدأت بربع ساعة والآن أقوم بأحدى عشرة ركعة ساعة ونصف 0 سألته أنت جراح قلب ، هل ضرّك هذا ؟ قال لا والله بارك الله في وقتي ، وبارك الله في عملي ، وامشىء في المستشفى وكأني في وادٍ من الجنة، راحة نفسية وإطمئنان لم اشعر بها من قبل ، راحة أنعم الله بها عليّ عندما بدأت قيام الليل0
ألسنا مسلمين تؤمن بكتاب الله وهو القائل"" الا بذكر الله تطمئن القلوب00) الآية

4- تذكر الموت:
ومن أمثلة القلب الصحيح ، ان نضع الموت أمام أعيننا - هنا للأسف - يا إخوان كثير منا وضع الموت خلفنا ولو سأل سائل كم منا نحن الموجودون إذا لبس ثوبه الأبيض نظر إليه ثم تذكر الكفن وسأل نفسه هل أنا مستعد لهذا الكفن؟ كم منا يا إخوان اذا دخل بيته ودخل إلى المطبخ رآى النار تذكر النار؟ وسأل نفسه هل أنا مستعد لأن أبتعد عن هذه النار؟ هل أنا حفظت جوارحي ليحفظني الله منها ؟ كم منا يا إخوان إذا خرج بعد في شهور الصيف في الشارع الساعة واحدة ظهراً وحرقته الشمس لمدة دقيقتين فقط ثم ذهب ليبحث عن مكيف ليبحث عن ظل سأل نفسه ماذا عن المحشر ، ماذا عن يوم الحشر ؟ هل أنا سوف يكون لي مكيف هناك أو لايكون ؟ أتعلمون ماهو المكيف الوحيد هناك هو شيء وأحد هو ظل الرحمن ، يوم لاظل إلا ظله0ّ وإذا كان الجواب بنعم حمد الله ، واذا كان الجواب فيه قصور تاب وبكى ؟ ويتاتى ثم عمل على ذلك0
زرت أحد الاخوان لأنصحه بالصلاة ، زرته عصراً وبعد أن جادلته وجادلني، وكثر جدالي وجداله ،قال لي : أبا محمد إن كان ما أتى بك الا هذا الموضوع أنس الموضوع يابن الحلال يخليك يرضيك اتق الله ! قال أبداً، يا أخي قد تموت الان قد تموت قبل أن أخرج من بيتك ، من هاهنا قد تموت وأنت أنت0 قال : أنا الآن عمري أربعون عاماً، وأبي وصل تسعين ،وجدي وصل مائة0 إن شاء الله إذا وصلت الستين سوف أصلي، جادلته فلم يسمع لجدالي، حاولت فيه فلم يسمع فتركته0 وفي يوم الأربعاء الساعة العاشرة ليلاً اتصل بي أحد إلاخوة وقال إنّ فلاناً الذي كنت عنده أناصحة قد توفى وسوف نصلي عليه غداً، سألته كيف توفى ؟ قال ذهب يوم الأربعاء عصراً إلى المنطقة الشرقية ومات في الطريق ، أراد عشرين سنة فلم يمهله المولى عشرين ساعة0 إخواني الموت الموت هل نحن مستعدون له يجب أن نضعه أمام أعيننا0
ضابط صف مات وهو على قبر زميلة
حدثني ضياء مغسل الموتى بالمستشفى العسكري بالرياض ، وهو ثقة -أحسبه كذلك- والله حسيبه ، ولا أزكي على الله أحداً0 حدثني قال جاء ضابط صف من القوات الجوية يريدني أن أساعده في استخراج شهادة الوفاة لزميلٍ له قد توفى0 وبعد أن أنهيت تلك الإجراءات غسلنا صديقه معاً وافترقنا في الساعة الحادية عشر والنصف وخمس دقائق ذهب بمتوفاه و ذهبت لأستعد لصلاة الظهر وفي الساعة الواحدة ظهراً اتصل بي المستشفى وقال إن هناك جنازة يريد أهلها أن يصلوا عليها عصراً تعال وغسلها الآن0 جئت مسرعاً فذهبت إلى النعش وكشفت عليه وإذا بي ماذا أرى ؟ أرى العجب أرى ضابط الصف من القوات الجوية ببدلته الزرقاء على ذاك النعش 0 توقفت أصبت بدوار، بصداع ، ذهبت إلى مكتبي استرجعت توكلت على الله قرأت شيئاً من القرآن ثم عزمت وتوكلت عليه وغسلته 0بعد أن أنهيت غسله سألت أهله كيف توفى ؟ قالوا عندما لحد زميله وأراد أن يخرج من القبر أصيب بوجع شديد في قلبه ومات في قبر زميله، ساعة فقط الموت الموت0

هل نحن مستعدون له ؟
ذهب ليأتي بالأكل ومات

عزمنا أحد الإخوة وفي الساعة التاسعة والنصف ذهب ليأتي ببعض الأكل من جيرانه - من أم زوجته - وفي الساعة العاشرة يتصل بى المستشفى قائلاً مضيفكم قد مات ، وهو في الاسعاف ، صدمته سيارة فمات0
سوف تقولون لي ما هذا يا أبا محمد ؟
ومادخل الموت في أمراض القلوب؟
أقول لكم والله أنها أصلها وأصل أمراض القلوب ، إذا أنت وضعت همك في الآخرة نافست في الآخرة وغبطت الناس عليها هانت عليك الدنيا وهان عليك مافيها فقلّ قلقك ، وارتاح بالك ، واطمأننت ، وهدأت سريرتك فهدى قلبك ولن تزور طبيباً للقلب، وإذا كان الموت همّك وهو أصلك ، ووضعته في الذكر والصلاة اطمأنّ قلبك وابتعدت عن المحرمات أليس هذا كافياً على أن تبتعد ، بلى والله0

4- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
حدثني ضياء وأخوه حمد وكلاهما من مغسلي الموتى - كما قلت لكم بالمستشفى العسكري بالرياض ، قال جاءنا رجل من أهل سكاكا في السبعين من عمره ، وكان ذاك الأسبوع لايوجد لدينا أي طيب من أنواع الطيب في المغسلة حتى لايوجد لدينا سدر ولا كافور ماعندنا إلا الماء فقط 0 فيقول عندما جاءنا هذا الرجل سألت أبناءه أعندكم شيء من السدر أو الطيب أو هذه الاشياء ؟ قال لا نحن غرباء هنا وما عندنا شئ ، يقول الاخ حمد فبدأت بغسله وما أن لامس الماء جسده الا وفاحت رائحة زكية من أجود أنواع دهون العود من جسده ، تعجبت من أمره ، أزيد الماء وتزيد الرائحة ، خرجت وطلبت من أخي ضياء أن يأتي ، وما أن دخل المغسلة إلا واستغرب من الرائحة وقال هذه رائحة دهن عود ، فاستغربنا ، نزيد الماء وتزيد الرائحه ، فذهب أخي ضياء وسأل أحد أبنائه ليدخل ، فدخل وشم الرائحه ، سألناه هل طيبتم أباكم من قبل ؟ قال لا إن له أسبوعين في الإنعاش ولم نطيبه بشيء يقول الأخ ضياء : نشفناه فما زالت الرائحة ، كفناه فما زالت الرائحة في المكان 0 أخذه أبناءه والرائحة معه زكية، ثم لحقت أحد أبنائه وسألته قائلاً:على أي شيء أبوكم هذا ؟
قال منذ عرفت أبي وهو آمر بالمعروف وناه عن المنكر بلطف وتلطف وحسن نية وحسن سريرة0
انظروا يا أخوان الله يطيبه بطيب الآخرة ، لم يجدوا له طيباً من الدنيا لماذا لأنه من أمة خيرة فيها الخير كما قال تعالى( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر00) الآية0
إخواني إني أقول لكم أنا وأحد من هؤلا الجبناء وللأسف وأحد من هؤلاء الذي يستحون من الأمر بالمعروف وينهون عن المنكر ، تركنا الخير فتركنا الوسام الذي أطلقه الله علينا ربنا سبحانه وتعالى وهو خير أمة لأننا نخاف ، لا ليس خوفاً ولكنه حياء0
رأيت أحد المسنين ويبلغ من العمر (65) عاماً وقد رأيت حرصه على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بلطف وتحسر ما رأى منكراً إلا وقف له ونصح صاحبه ، وما رآى معروفاً إلا دعا إليه 0 سألته ماشاءالله أغبطك على هذه الهمة قال لي قصة عجيبة :كنا ثلاثة أشخاص نعمل في شركة جيتي للبترول بالمحايدة منذ (30) سنه 0وكنا كغيرنا في ذلك الوقت لسنا حريصين على الصلاة ، وكان أحدنا أحرصنا على الصلاة ، وهذا الرجل توفى منذ (15) سنة ، ورأيته في المنام بعد سبعة أعوام من وفاته، وعندما رأيته سألته ماذا جرى لك ؟ قال وجدت سيئاتي أكثر من حسناتي 0 فقلت له: إذاً دخلت النار 0 قال لا دخلت الجنة برحمة ربي، كيف دخلت الجنة وسيئاتك أكثر من حسناتك ؟ قال أتذكر ذلك اليوم في تلك السنة في صلاة العصر عندما أتيتك أنت وفلاناً وأنتما تلعبان الطاولة فأمرتكما بالصلاة فرفضتما ، فأخذت الطاوله منكما عنوة وذهبنا إلى الصلاة فتوضأنا وصلينا جماعة قلت نعم 0 قال : أنى وجدتها كما هي عند ربي فرجّحت بحسناتي فأدخلني ربي برحمته الجنة 0
إخواني أين نحن من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر – للأسف - إذا كنتم مثلي متقاعسين ، لكن أسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يصلح لي عملي وعملكم ونصبح آمرين بالمعروف ناهين عن المنكر0
إخواني اخبرني أحد طلبة المدارس الثانوية بعد كلمة قائلاً لي يادكتور عندنا ثلاثون مدرساً مامنهم واحد نصحني بشيء أو أمرني بمعروف ونهاني عن منكر مع انهم يعرفوني ويعرفون باقي الزملاء العصاة من مدخنين وغيره ،لم ينصحنا واحد منهم قط0
انظروا إلى حالنا ، إخواني الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فأنتم تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر في من ؟ في أهل فطرة وأهل دين0
كنت في الأسبوع الفائت في البحرين وكنت راجعاً من البحرين بالسيارة متجهاً إلى الرياض وفي طريقنا على الخبر رأينا حوالي 20 شاباً يلعبون بالدفوف والمزامير ويغنون ويرقصون وكانت الساعة الثانية ليلاً ، وكان الذي معي آمر بمعروف وذو همة عالية ليس كمثلي ، فقال لي : لنقف ونتكلم معهم ، فوقفنا، وما أن نزلنا من سيارتنا واتجهنا نحوهم إلا وعمّ الهدوء عليهم ، توقفوا دخلنا عليهم استأذناهم كلمناهم فطلب مني هذا الأخ - جزاه الله خيراً - أن أتكلم معهم خمس دقائق أو 10 دقائق ، ودعا لهم بظاهر الغيب ثم بدأت بالكلمة وما أن انتصفت من كلمتي ألا ونصفهم قد امتلأت عيونهم دموعاً 0
أمة الإسلام نحن المتقاعسون لاتقولون العصاة، نحن السبب إلى ما وصلت إليه الأمة ، لا يكفي أن تلتزم وتستقيم وان تصلي وجارك لا يصلي لايكفي أن تحافظ وغيرك لا يحافظ ، فوالله يا إخوان إنا مسئولون عنهم مسئولون عنهم0 إذا كان حال الفجار - سألتهم كم منكم يصلي ؟ نصفهم لا يصلي 0 كم منكم صلى العشاء ؟ ثلاثة أرباعهم لم يصل العشاء الساعة الثانية ليلاً ومع ذلك امتلأت عيونهم دموعاً 0 قلت لهذا الأخ بعد أن تركناهم يمكن أن يرجعوا يا أخ عبد العزيز قال لا أبداً انتظر قليلاً وانظر اذا بقي منهم أحد ، هؤلاء إن رأيتموهم عصاه إلا أنهم على فطرة وعاشوا على لاإله إلا الله وترعرعوا عليها ، فعلاً جلسنا بعيداً ننظر فلم يبق منهم واحداً ، سألناهم أن يذهبوا ويتوضأوا تبقى على الفجر ساعة الا ربع ويستعدون لصلاة الفجر ومن يريد الاستحمام ان يستحم ، فلم يجلس منهم واحد ، ثم تقول هؤلاء عصاة 0
أنت تقول لم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟ وما علاقته بأمراض القلوب؟ أقول لكم إنك إذا أمرت بمعروف ونهيت عن منكر ، وكان همك غيرك، انتزعت منك الأنانية، وحب الذات ، وارتاحت سريرتك ، ونفع الله بك وبوقتك، وبارك فيك وبارك في رزقك، وكنت من خير أمة ، وارتفعت وسموت ، وابتعدت عن أغلب الأمراض التي تصيب القلوب0
6- ترك الحسد والغيبة والنميمة:
كان لي قريب في الثالثة والثلاثين من العمر أصيب بسرطان في دماغه ذهب يتعالج في أماكن كثيرة فلم يكتب الله له الشفاء ، جاءنا في المستشفى العسكري بالرياض وقبل شهر من وفاته أغمي عليه وبرزت عيناه وكبر خشمه وتقرح وجهه وتقرح أنفه وقبل موته بليلة أو ليلتين لايستطيع الرجل أو المرآه النظر إلى وجهه ،وذلك بسبب ضغط السرطان على وعينيه وشفتيه، فعندما توقعت أن أجله قد دنا ، طلبت من الممرضات أن يتصلن بي إذا بدأ بالاحتضار حتى لا يتصلوا بأهله فترد أمه فيزعجوها ، فعند الساعة السادسة صباحاً من يوم الإثنين اتصلوا بي وقالوا أن قريبك هذا يحتضر ، جئت إليه فرأيت العجب العجاب ، رأيت العجب العجاب يا إخوان أرى ذاك الوجه أصبح وجهاً يجب ان تنظر إليه ، العيون رجعت كأن لم يصبها شيء الأنف أيضاً رجع إلى طبيعته وكذلك شفتاه ، تعجبت من أمره قلت ما ضغطه ؟ قالت الممرضة:35 العالي والوا طي لم استطع قياسه 0قلت ما نبضه ؟ قالت : أقل من 30 نبضه في الدقيقة عرفت انه يحتضر قلت له: محمد ، قال: نعم 0قال خالد ! قلت: نعم0 قلت له كيف الحال؟ قال الحمد لله ، فقلت له : قل أشهد أن لا إله إلا الله فقالها ، ثم مات مع تعجب الممرضة من كلامه، ومناقشتي له0 بعد أن مات سألت نفسي على أي شيء هذا الرجل ؟ شاب في عمري نشأنا معاً ، أعرفه جيداً ولكن قلت بنفسي لماذا على أي شيء حسن الخاتمة هذا (احسبه والله حسيبه ولا أزكي على الله أحدا) فلم أستطع أن أجد جواباً0 وبعد عام جمعتني مع والده مناسبة خاصة ذكرت القصة لوالده، سألت أباه وأخوته، قال لي أبوه ابني هذا عجيب ، قلت ما عجبه ،قال لا يعرف الحسد والحقد ، لا يعرف أن يحقد أو يكره أو ينظر لأحد بحقدٍ أو كره 0
إن الحسد أسوأ أمراض القلوب ، وهو جالب لجميع المصائب وأمراض القلوب العضوية والمعنوية ، وهو السبب في كل ذلك0 فالذي ابتلي به ، يقع في الكذب والغش والغيبة والنميمة والخديعة 0فتذكرت أثر عبد الله بن عمر وكلكم تعرفونه ، والأثر طويل عن أنس - رضي الله عنه - ، عندما كانوا جلوساً عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في المسجد قال سوف يدخل عليكم رجل من أهل الجنه هذا الباب فدخل رجل كث اللحية يتقاطر الماء من لحيته فصلى وانصرف وفي الغد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -نفس الشيء ، سوف يدخل عليكم رجل من أهل الجنه ، وفي اليوم الثالث قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سوف يدخل عليكم رجل من هذا الباب من أهل الجنة0 فقال عبد الله بن عمر - انظروا فيما الغبطة وفيما الغيرة؟ أنها: في أعمال الآخرة ، حتى الصحابة - رضوان الله عليهم - كان عندهم هدف واضح وهو المنافسة في الآخرة وترك الدنيا ، فكيف كانت النتيجة ؟ النتيجة أن الدنيا أتتهم مطيعة ذليلة تحت أقدامهم أخرجوها من قلوبهم فحطمها الله على أيديهم ، أما نحن للأسف - إلا من رحم ربي - وأسأل الله المولى الكريم المنان العليم الرحمن الرحيم أن يجعلني وإياكم وأبنائي وأبنائكم ووالدي ووالديكم من المرحومين0فيقول عبد الله بن عمر فتبعته إلى أن دخل بيته فطرقت عليه ، فقلت إني اختلفت مع أبى و أريدك أن تستضيفني ثلاثاً 0 يريد أن يعرف حقيقة الرجل ولم شهد له الرسول بالجنة مع إن هذا الرجل - أي عبد الله بن عمر- الرجل العباد الذي كان يصوم يوما ويفطر يوما ، وكان يقوم أغلب الليل، ولم يترك قيام الليل حتى في ليلة زواجه ، هذا الرجل ما قال والله أنا أعمالي كثيرة لاياإخوان ، هم ليسوا مثلنا ، هم يستقلون أعمالهم ، يحتقرون أعمالهم، يقولون لاشيء ويعّظمون ذنوبهم ، ونحن إلا من رحم ربي نعظّم ونكبّر أعمالنا ونستحقر ذنوبنا ، هم مركزون على كلمة شديد العقاب ذي الطول، ونحن للأسف ، وكثير من الإخوة يردد عليك إذا قلت له شيئاً قال الله عفو غفور كأنه لا يعرف من أسماء الله وصفاته إلا أنه العفو الغفور، ولكنه نسي أنه شديد العقاب ذو الطول ، هذه أحوالنا وهذا الفرق الذي بيننا وبينهم ولما هذا ؟ نحن أصحاب أمراض قلوب و أصبحنا غثاء كغثاء السيل إلا من رحم ربي 0 المهم عبد الله بن عمر مكث عند هذا الرجل ثلاث ليال ولم ير منه شيئاً غريباً- يعني استقل عمله - على شهادة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -وفي اليوم الآخر قال له القصة وإني لم أجد شيئاًً غريباً في عملك 0 إن - رسول الله صلى الله عليه وسلم - شهد لك بالجنة قال هو كذلك يا أخي أنا لا أعلم ، فعندما انصرف عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - تذكر الرجل وقال له يا أخي يبدو أن -رسول الله صلى الله عليه وسلم - شهد بما شهد لأني أعمل عملاً وأحداً فقال له ما هو ؟ اسمعوها يا إخوان ، وحاولوا - وان نتعاهد من هذا المكان الطيب أن نعمله - قال لم أنم ليلة قط وفي قلبي حقد على مسلم فيكون بقلبي مرض فأكون في زلة ، فقط للأسف يا إخوان الحقد والحسد أعمى كثيراً من الناس 0يقول لي كثير من الإخوان ومن ضمنهم الدكتور عبد الله عشمق - جراح القلب في جدة، مستشفى الملك فهد العسكري - يقول لي وأنا أوافقه وكثير من الأخوان ما شعرت في قلبي بشيء من حقد أو غل أو شيء - يعني على أحد - وذكرت آية وأحدة من القرآن إلا نزع الله مافي قلبي ماهي يا إخوة؟ كلنا نعرفها يا إخوة ولكننا لا نعيها تردد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( ربنا لا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا000000) الآية
رددها واذكر وتذكر وتعوذ من الشيطان واقرأ المعوذات يشفي الله مافي قلبك فإن تركت العنان لقلبك فوالله قد يوقعك في أمراض ومشاكل وذنوب لاحصر لها ، والأمثلة كثيرة عندنا في العيادة ليس هذا مجالها ولكن يا إخوان كما قلت لكم سبعة من عشرة أمراض حسد وحقد وغيبه وتقاعس في الصلاة ما انتظموا وداوموا عليها ألا وبرئوا من جميع هذه الأمراض0

تقولون لماذا الحسد يا أبا محمد ما دخل الحسد في أمراض القلوب العضوية ؟
أقول: الحاسد دائماً قلق دائماً ينظر إلى يد غيره ، لا ترتاح نفسه حتى لو كان أغنى الناس فيصبح قلقاً ، يصبح غير مرتاح يصاب بالقلق ، يأتي إلى العيادة بخفقان وأمراض أخرى أنتم تعلمونها جيداً علاجه أن يتقى الله ما استطاع علاجه قول هذه الآية ، يرددها ، علاجه الاستغفار والتعوذ من الشيطان ، علاجه الإكثار من قراءة القرآن ، ألا بذكر الله تطمئن القلوب 0
كنت في إجازة عام 1407هـ أحضّر للاختبار النهائي للدكتوراه كانت الساعة الثانية ليلاً كنت أذاكر في البيت ، جاءني هاجس لماذا لا أذاكر في المستشفى وهي ليست عادتي ، فأخذت كتبي ووصلت المستشفى الساعة الثانية والربع وما أن وصلت المستشفى ودخلت قسم المسالك البولية وإذا بممرضة إيرلندية كافرة تقابلني وتقول دكتور جبير تعال وصلّ على هذا المريض الذي يحتضر ، قلت لها : ما به ؟ قالت به سرطان في المثانة انتشر في جسمه كله حتى وصل إلى دماغه وهو مغمىً عليه منذ أسبوعين لا يحرك ساكناً ، وهو الآن يحتضر قلت لها : ما ضغطه ؟ قالت : حوالي الثلاثين 0 وما نبضه ؟ قالت ضعيف جداً لا أستطيع أن أعده قلت وما اسمه ؟ قالت : محمد قلت : لها أين هو ؟ قالت : في هذه الغرفة 0 ذهبت إلى الغرفة وإذا بي أرى العجب العجاب ، لم أجده ، ذهبت إليها وقلت لها لم أجد أحداً ، أين الذي تقولين عنه ، أين هو ؟ قالت في الحجرة ، وكان بالغرفة خمسة أشخاص ونظرت إلى الخمسة ولم أجد محتضراً قالت : هذا هو ، قلت الذي بجنب الشباك ؟ قالت نعم وأذا بي أرى عجباً رجلاً امتلأ وجهه نوراً وحمرة ببياض وزينة ، له لحية سوداء ، كأنه جالس ، ظننت أنه نائم ، لم أظنه بأي حال من الأحوال يحتضر دنوت منه ، قلت له: محمد ، قال : نعم قلت له قل أشهد أن لا اله الا الله وأن محمداً رسول الله ، فقالها ثم توفى ، وتعجبت هذه الكافرة كيف تكلم هذا الذي هو قريب من الموت ، سألتها عن أهله أعطتني رقم هاتفهم فكلمت أحد إخوانه وقال أنا بالشقة المفروشة القريبة من المستشفى ، سوف آتيك بعد خمس دقائق أو عشر دقائق0 أخبرته عما قال لي قال، لي عجباً والله لو نعمل كما يعمل هذا لكنا بأمر الله إذا أصلحنا صلاتنا مع المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ولكننا لم نضمن لمحمد صلى الله عليه وسلم ما سألنا أن نضمنه له فندخل الجنة برحمة ربنا فلما قلت له القصة قال لي يا أخي أن أخي هذا منذ عرفته لم يغتب أحداً ولم يسمح لأحد أن يغتاب أحداً في مجلسه انظروا إلى نهايته إلى حسن خاتمته(احسبه والله حسبه ولا أزكي على الله أحدا)0
ما حالنا بعضنا يا إخوان قبل أن يخرج من صلاة العشاء مع جاره الثاني يقول يا أخي" أبو عبد الله الله يهديه وسخ ريحته طالعة يا أخي ماينتظف"0 يعني كأنهم جيروا صلاة العشاء للرجال، غباء يا إخوان أصبنا بالغباء ، كان كمن يغرس فسيلات فإذا بدأت في الإنتاج وطلع ثمرها قلعها وأعطاها جاره وقال له تفضل أو كمن يعبي في قربه مثقوبة تصلي وتصوم والحديث مشهور حديث المفلس أتعلمون من المفلس ؟ قالوا لا يا رسول الله ليس المفلس مفلس الدرهم والدينار ولكن المفلس من أتى الله وقد شتم هذا ولعن هذا وظلم هذا أو كما قال - صلى الله عليه وسلم - فيؤخذ من هذا على هذا يبقى فاضياً 0

أثر الغيبة في أمراض القلب:
إخواني تريدون أن تسألوا لم ذكرت الغيبة وأثرها في أمراض القلب ، وما علاقتها بالخفقان والصمامات والشرايين وغيرها أقول لكم ، صاحب الغيبة والنميمة يصير مثل مسّاحات السيارات همه الأول مراقبة الآخرين ، يسب هذا ، ويتكلم على هذا ، قلق عجيب ما يرتاح يجيء المجلس هذا كذا وهذا كذا وهذا ما فيه خير وذا ما ادري ماذا يعمل ؟ كأنه موكل بخلق الله وتجده دائما قلقاً ولا يهدى له بال فيصاب بالقلق ، والخفقان ، والأمراض ، وعدم الراحة ، وعدم الاطمئنان ، ويحشر يوم القيامة مفلساً من كل شيء0

7- قراءة القرآن الكريم :
من أمثال القلب الصحيح، عمل أغلبنا تركه للأسف، وإن قام به لم يعطه حقه كما أمر الله - سبحانه وتعالى -
في الساعة السابعة والربع ناداني ستة أبناء لمريض في الإنعاش قد عمل له أحد الأخوة عملية قلب وهو رجل مسن وجاءته مضاعفات وأصيب بجلطة بالدماغ بعد العملية ، وتوقفت كلاه ورئته وقلبه ضعيف جداً ، وشارف على الموت ، وهو في غيبوبة طول ستة أو ثمانية أسابيع التي كان فيها معنا لكنه رزق بستة أبناء أسأل الله أن يكون أبنائي وأبنائكم وأبناء المسلمين مثلهم في البر ، المهم جاء هؤلاء الأبناء جاءني أحدهم وقال لي يا دكتور نطلب منك ان تلقن والدي الشهادة لانه ألان يحتضر حاولت أن اقنع أحدهم أن يقوم بهذه المهمة ولكنهم أصروا إلا أن أقوم أنا بذلك فجئت إلى أبيهم ، وأبوهم موصل به الأجهزة و على الشاشة واضح الضغط العالي مابين نبضه 35ـ40 والوا طي 15/16 النبض كان 25نبضه في الدقيقة ، دنوت منه وقلت له قل أشهد ألا إله إلا الله وحرك يده وحرك لسانه ،قالت لي الممرضة المسؤله عنه دكتور جبير انظر إلى الشاشة فأجد ضغطه 130على 85 ونبضه 110 تعجبت من أمره ، وعلمت أن لا إله إلا الله لم تحرك لسانه ويده فقط وإنما حركة جميع جوارحه قلبه ونبضه وإحساسه ، عندما علمت من أمره هذا طلبت من أبنائه وقلت لهم أبوكم هذا – احسبه والله حسيبه ولا أزكي على الله أحداً - على خير اقرأوا عليه القرآن أظن انه سيموت خلال ربع ساعة أو نصف ساعة فبدأ الأبناء الستة يقرأ ون عليه القرآن أربع ليالٍ وثلاثة أيام بالتواصل ، أربعة ليال وثلاثة أيام متوالية لم يقفوا دقيقة واحدة ، الواحد تلو الآخر وبعد أن مات سألت أبناءه على أي شيء أبوكم هذا ؟ قالوا: أبونا هذا صاحب قرآن يختم القرآن في ثلاث أو في خمس وإن تأخر في أسبوع، لسانه لا يعرف إلا القرآن وسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله0
إخواني ما حالنا مع القرآن كم منا يا إخواني الجالسون له ورد يحافظ عليه ؟ كم منا يقرأ القرآن حق تلاوته، كم منا إذا قرأ أول سورة" قد افلح المؤمنون" بدأ يسأل نفسه هل أنا في صلاتي خاشع أم لا ، إذا أنا خاشع في صلاتي أقول الحمد لله وإذا كان لا بكى وتباكى وابدي أرتب الأمور إذا جاء في آخر سورة الفرقان قعد يشوف أموره ، إذا جاء في آية فيها المؤمنون والمتقون سأل نفسه هل أنا منهم ولا لا ؟ هل أنا أعمل الأعمال التي يعملونها ، الخشوع في الصلاة ، والمحافظة على الصلاة ، وترك الغيبة والنميمة، وترك الفحش، وإذا وجدت فيك عيباً على طول تصلحه من مكانك الذي أنت فيه ، فقد تموت بعد هذه القراءة تموت على توبة ومن تاب من الذنب كمن لا ذنب له من يعمل هذا يا إخوان قليل ماهم كم منا يا إخوان إذا سمع بآية الناس انتفض ووقف كأنّ الخطاب موجه له 0 كم منا للأسف يقرأ إلاما رحم ربي كا لببغاء مجرد تقليب صفحات 0
في رمضان 1418هـ بعد صلاة الفجر ذهبت إلى طريق الملك فهد لبعض حاجة، وأنا مار وجدت شاباً عمره تحت العشرين انقلبت سيارته ـ حفظنا الله وأبنائنا وابنائكم وأبنائكم وأبناء المسلمين ـ 0 نزلت ووجدته قد توفى 0 وماذا أسمع، أسمع شريط أغنية تتردد في مذياع السيارة أو مسجل السيارة ، شتان بين هذا وذاك ، من منا يا إخوان يريد أن يموت وآخر عهده من الدنيا لا إله إلا الله أو سماع قرآن أو سماع ذكر ، ومن منا يريد أن يموت ويكون آخر عهده أغنية في شريط أو موسيقى تصويرية لمسلسل ما بعد الأخبار، أو نظر إلى امرأة في مسلسل 0 أخي: قبل أن تضع راديو سيارتك على تلك الإذاعات التي تروج الأغنية والفحش والمنكر تذكر أنك قد تموت ويكون آخر عما عملته في الدنيا سماع أغنيه إن قلت إنك حريص في القيادة يأتيك واحد مهبول يقطع الإشارة يصدمك وتموت 0
أخي قبل أن تضع شريط الأغنية في سيارتك تذكر أنك قد تموت في مشوارك هذا أخي عندما تسمع الموسيقى التصويرية لأي فيلم أو لأي مسلسل بعد الأخبار تذكر أنك قد تموت الآن0
أحد مرضاي في الثلاثين من عمره من منطقتنا، أعرفه تمام المعرفة قلبه أصبح كبيراً جداً لا يستطيع أن يمشى آخر الطاولة أربع خطوات حول إلي لأجراء عمليه له نسبة وفاته في العمليه عالية جداً جداً لا رقم لها ، لكنه صاحب طاعة، صاحب دين ومحتسب، قلت له توكلت على الله سوف اجري لك العمليه واجريت ، له العملية ونجا منها بأعجوبة0 تعجب الناس كيف خرج منها0 وبعد أسبوعين خرج من المستشفى 0 وبعد سبعة أشهر يتصل بي أحد أقاربه ويقول مريضك قد مات 0 قلت أنا رأيته بالعيادة قبل أسبوعين قلبه اصبح شبه طبيعيا وأموره كلها جيده 0 قال لي قريبه هذا كان جالساً مع أبيه يشربون القهوة ثم مات فجأة 0 أخي : لا يغرك صحتك، ولا يغرك عافيتك، ولا يغرك شبابك ، فقد تموت الآن ، وقد يموت الصحيح ويبقى المريض سنوات لم يمت هذا الرجل الذي كانت نسبة وفاته في العملية 80% لم يمت وعندما برئ مات وهو يصب القهوة لأبيه0

إخواني مشكلتنا الرئيسية أن الموت وضعناه وراءنا ، ولكي تعرفوا أن الموت تركناه خلفنا ، اسألوا أنفسكم كم منكم إذا لبس ثوبه يفكر في الكفن فقط للمعرفة والعلم ، أو إذا لبس غترته البيضاء يفكر بالكفن إذا قال كذا أو هذا أبيض والكفن أبيض ماذا أفعل أنا مستعد أم لا ؟ وما بعد الكفن قبر و حشر و سراط والنتيجة النهائية إما جنه أو نار إخواني: القلب الصحيح يحافظ على قراءة القرآن والقلب المريض يحرص على سماع الأغاني0

علامات أمراض القلوب:
1-عدوله عن الأغذية النافعة إلى الأغذية الضارة0
2- وعدوله عن الأدوية النافعة إلى دائه الضار0
وأنفع الأغذية يا إخوان غذاء الإيمان ، أجل غذاء الأيمان إذا تغذيت به سموت وارتفعت أحسست أن الناس في وادي وآنا في وادي آخر كما يقول لي جراح القلب الذي في جدة، والله يا أبا محمد يوم انتظمت على قيام الليل أحسست أني في وادي والناس في وادي ، أحسست كأني في الجنة 00000، جربّوا صلاة الفجر، جربوا صلاة الليل لمدة شهر، ثم انتظروا النتيجة ثم ادعوا لي بهذا ، لأن الإيمان يرتفع بالإكثار من أعمال الطاعة أخواني ابداؤا قيام الليل بربع ساعة، كجراح القلب الذي في جدة ، يقول بدأت قيام الليل بربع ساعة وانتهت بساعة ونصف 000
إخواني: ما نتعذر بالعمل هذا جراح قلب اعرف بعض جراحين القلب يقومون الليل ساعة ونصف، ويصومون يوماً ويفطرون يوماً ، ثانياً يا إخوان قيام الليل أنت تناجي العزيز الرحمن الرحيم المنان وما معك أحد، تذرف دموعك وما معك أحد، وهذا يكون دافعاً لاهلك أن يقوموا الليل ، تصلي زوجتك وراءك أبناؤك، كلهم صفهم وراءك يا شباب ما رأيكم تسهرون اليوم لكي تصحوني 2.20 تصحوني قيام الليل ، الصيف جاي العالم كلها صاحية يوم الخميس والجمعة، علم أبناءك قيام الليل ، دعهم يمرحون ماعليش والله سوف يصلح حالهم ، وأنت يا آخي قد عودتهم شيئاً طيباً وهو قيام الليل قالت لي أحد الزوجات عن طريق زوجها أصبحت تقوم الليل بعد أن سمعت قصة الشاب الذي شم رائحة الجنة فأصلح الله حالها ، ويسر الله لها أمرها ، وأعانها في وقتها وفي بيتها 0
كما قلت أنفع الأغذية الإيمان وأنفع الأدوية القرآن قال ابن القيم- رحمه الله -
حب الكتاب وحب ألحان الغنى في قلب امرئً ليس يجتمعان ، قال تعالى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (( ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطان فهو له قرين 000)) الآية إخواني: السؤال الذي سألنا الله العزيز المنان الكريم في الآية الكريمة أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (( ألم يأن للذين أمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله 00000)) الآية أسأل الله وإياكم أن يجعلني وإياكم من الصالحين 0

•أمراض القلوب:
مقدمــــة
إخواني إذا نظرنا في مسببات أمراض القلوب العضوية وجدنا أن هناك روابط بين أمراض القلوب المعنوية وأمراض القلوب العضوية ، ومعظم مسببات القلوب العضوية إن لم يكن أغلبها:
-إهمال المريض نفسه وتفريطه في بدنه إما بعمل معصية أو ترك واجب أوسنة، وسوف نشرح هذه الأسباب بالتفصيل - إنشاء الله - ونقوم بطرحها ونوضح طريقة لعلاجها 0
علاج لمرضى القلب أقوى من أي علاج مادي:
قال العلامة ابن القيم ونقلت بتصريف بسيط:-
على المسلم أن يتذكر أن هناك أمراً مهماً عليه أن يتسلح به قبل أن يبدأ بالعلاج والوقاية علاج أقوى من أي علاج مادي ذكر أو لم يذكر عرف أو لم يعرف بعد ألا وهو:قوة قلب المريض وعلاقته بربه:
فان القلب متى ما اتصل برب العالمين وخالق الداء والدواء كانت له أدوية أخرى غير الأدوية المادية، وقد علم أن الأرواح متى قويت وقويت النفس يتم التعاون على دفع الداء وقهره ولكن السؤال يا إخوان كيف تقوى القلوب ؟
تقوى القلوب بما يلي:
1- الاعتماد على الله - سبحانه وتعالى- 0
2- التوكل عليه والالتجاء إليه والانطراح والانكسار بين يديه 0
3- التذلل له 0
4- الصدقة0
5- الدعاء 0
6- التوبة0
7-الاستغفار0
8-الإحسان إلى الخلق 0
9-إغاثة الملهوف 0
10-التفريج عن المكروب 0
فإن هذه الأدوية جربتها الأمم ووجدوا لها تأثيراً من الشفاء لايصل اليه علم الأطباء 0
إخواني: تقولون لي هذا كلام نظري كيف نطبقه، أقول لكم المريض يا إخوان مريض السكر أو مريض الضغط أو مريض القلب قبل أن يأخذ الدواء ومعه الماء لا ينسى يارب ياكريم يامنان يا رحمن يا رحيم استغيثك أتوكل عليك يارب أشفني أنت الشافي اللهم اجعلها سببا في شفائي لماذا نحرم أنفسنا من هذا ؟ هذه عبادات مايقولها إلا المريض التوكل والرجاء والاستعانة والاستغاثة كل هذه يقولها المريض ، فيجب أن تحافظ عليها ويجب أن تقولها وتكررها ويجب أن لا تضيع أجرك احتسب حتى ولو تشتكي من صداع وقبل أن تأخذ المسكن يجب أن تحتسب هذا الصداع 0 للأسف كثير من الناس يهملون هذه الأدعية وهذا الاحتساب 0
الشيء الثاني بعض الناس إذا سألته" وش أخبار السكر يابو فلان" اعوذ بالله يا آخي أزعجنا السكر ، وحالي سيئه، وما شفت خير ، وبدلاً من أن يشتكي للمولى العزيز الرحمن يشتكي لك، والمفروض إذا سألت :" وش أخبارك" رد عليك الحمد لله بنعمة، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول عجبت لأمر المؤمن كله خير إن أصابته ضراء صبر وإن تصبه سراء شكر 0 أنت أمرك كله خير فاحتسب الأجر طيب ما الفايدة التي ترجوها ؟
الشىء الثاني الذي لابد أن تعرفه تذكر أنك - ان شاء لله - تحتسب هذا المرض – وان شاء لله - أنك من أهل الجنة0 الا ترون قصة المرأة التي تصرع وقد جاءت للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت يارسول الله أدعو الله أن يشفيني من الصرع وقال لها إن شئتيا دعوت لك فشفاك ، وإن شئت صبرتي ودخلتي الجنة فقالت يارسول الله أريد أن أصبروأدخل الجنة ، فصبرت وقالت أدعو الله أن لايكشف لي عورة فدعا لها فما كشفت لها عورة0
هذا وإن صرت من أصحاب الأمراض المزمنة كالسكر والقلب والضغط وغيرها واحتسبت ادويتها فأنت بأمر الله يرجى لك الخير أخي: أذا أنت طبقت هذا الاحتساب ما الذي تستفيده، أطمأن قلبك ، أخي نصف المرض قلق وعدم اطمئنان ، فإذا أنت سلّمت أمرك لله يعني خلاص انطرحت لله فكذا احتسبت فيطمئن قلبك وإذا اطمأن قلبك زال عنك القلق بقي المرض العضوي معك 0 هذا سكر تأخذ له حبوب لكن أنت همتك عالية نسيت أن فيك مرض ، كما يقول بعض الأخوة ، إذا كتب لك شفاء الحمد لله شفيت ، نعمة من الله احتسبت ، أخذت الآجر والعافية، وإذا لم يكتب لك الشفاء لأن في علم الله - سبحانه وتعالى - أن المرض خير لك أما لتكفير أو رفع منزله والقصص في هذا كثيرة اذكر لك بعضها :
ضابط ملازم ثاني له ستة شهور متخرج كان زميل لي في الكلية الحربية وكنت في المرور في قسم تنويم الضباط بالمستشفى العسكري ، فإذا بي المح وجه هذا الضابط في أحد الغرف منوماً فسألت الممرضة هذا فلان ؟ نعم هو ما مرضه ؟ فيه شلل نصفي بسبب الأنفلونزا ، يا إخوان للمعلومية الأنفلونزا مرض خطير يجب أن تستريح إذا جاءك ، قد يؤثر على القلب ، قد يقطع العمود الفقري، قد يؤثر على المخ فهو مرض لا يستهان بأمره0 هذا الرجل بعد الأنفلونزا أصاب الفيروس العمود الفقري مما أدى إلى قطعة سألتها ما علاجه ؟ قالت: بس قال له الأطباء أن ليس له علاج وليس هناك أمل في شفائه 0 حزنت على حاله ، حديث التخرج وليس هناك حل لمسألته إلا بفصله من الخدمة العسكرية لانه أصبح معاقاً0 فعندما دخلت عليه رأيت ذلك الوجه المبتسم كعادته فأردت أن أواسيه فرد علي بقوله : يا أبا محمد الحمد لله يعينني على شكره قد علم ربي تقصيري في حفظ القرآن فأراد أن يجلسني لحفظ القرآن نعمة يا أبو محمد 0 وقف شعر رأسي ولم استطع أن أتكلم أو أرد فدعيت له وذهبت0 الحمد لله إنني رأيت من أمة محمدٍ من هم على هذا الاحتساب، وهذه النضارة في الوجه، زرته مرة أخرى يوم الجمعه فإذا أفاجاء باحتسابه وصبره للمرة الثانية كان عنده بعض أقاربه أحدهم سأله يابو فلان حرّك رجلك، فرد عليه يا أخي اتركها ، والله أني استحي من الله أن استعجل هذا الشفاء 0
بعد يومين ذهبت إلى بريطانيا في دورة ومكثت أربعة أشهر ثم رجعت وبحثت عنه في مكانه فلم أجده ظننت بأنهم أخرجوه لعدم وجود أمل فيه ، سألت الممرضة عنه وأين ذهب الرجل ؟ قالت ذهب إلى مركز التأهيل ( فرحت بهذا الرد لان من يجول إلى مركز التأهيل دليل على أن هناك آمل في شفائه ) تعجبت، وذهبت لزيارته وجدته على كرسيه كعادته يسبح ويذكر الله، وسألته عن حاله ؟ وقال الحمد لله أصبحت أحرّك أطراف الأرجل، المهم جلست معه قليلا ثم تركته ، وذهبت بعد ذلك إلى بريطانيا لمدة خمسة أشهر ، ثم رجعت إلى الرياض وفي أول صلاة للظهر صليتها في مسجد المستشفى وأنا في طريقي للخروج من المسجد فإذا برجل يناديني يا أبا محمد فالتفت فإذا به ذلك الملازم الذي كان مشلولاً يمشى على قدميه وبه عرج خفيف قلت له ما شاء الله ، شفاك الله قال الحمد لله منّ الله عليّ بالشفاء 0 وقلت له بهذه الأعاقه هل ستستمر في السلك العسكري؟ قال - الحمد لله - الله منّ علي قبل أن يأتيني المرض قدمت على بعثة داخلية في كلية الهندسة وقبلت ، وأخذت الأوراق دورتها أثناء مرضي والآن جاءني قبول من كلية الهندسة ، ولجنة الضباط العليا قبلوا ابتعاثي0 سوف أدرس خمس سنوات ، وبعد الخمس سنوات اسأل الله أن يقدر مافية خير لي، بعد ثمان سنوات من هذا الكلام اتصل بي وقال إن جده مريض بالقلب يريدني أن أراه فسألته أن يحضره غداً إذا بهذا الملازم يأتيني مرتدياً زيه العسكري وقد زين كتفه ثلاث نجوم ، دمعت عيناي لأني لم أستطع أن أكون مثله و أسال الله ان أكون وإياكم مثله من الصابرين المحتسبين0
أما قصة أبي محمد هذا قررنا أن نعمل له عملية وبعد أن عملنا له العملية الساعة التاسعة والنصف أو العاشرة إذا به يفاجئ الممرضات ويقوم لصلاة الظهر ويتوضأ ويصلي واقفاً تعجب الجميع من حاله وفي العصر كذلك0 جئته المغرب ووجدته مصلياً وبعد ثلاثة أيام كان جاهزاً للخروج على غير العادة في مثل هذه العمليات و في يوم الخروج انظر في أدويته التي كانت مكتوبة له فلم أجده قد أخذ ولا حبة من حبات مسكنات الألم ولا إبرة مسكنه للألم ولاشيء سألت الممرضات لماذا هذا ؟ فردت انه لم يطلب آي مسكن بعد العملية بل إذا سألنه تحتاج مسكن رد؟ رد بلا بل أننا نحن الممرضين تعجبنا منه عندما قام الساعة الثانية صلى واقفاً وكذلك الساعة الرابعة هذا المريض عجيب أمره إذا غيرنا له غياراً لا يتألم وكان ليس فيه جرح بهذا الحجم (مع العلم أن العملية اللي عملناها له من أصعب أنواع العمليات ألماً) وزارة الممرضة جاره الذي بجانبه يتألم ويصرخ ويزعج القسم كله وهو كأنه لا يغير له شيء، تعجبت من أمره بعد أسبوع كل ما يقابلني واحد يقول ماذا عملتم لفلان كأنه ما عمل عمليه ، هذا سحر لا ألم لاشيء يتحرك بحريه كأنه ليس به جرح بهذه الخطورة عندما أكثر الناس الأسئلة دعاني فضولي أن أذهب له في بيته وقلت له في بيته بعد ماخرج الناس من عنده قلت له يا أبا محمد القصة كذا وكذا وأنا اعتقد في الأمر سر ؟ قال لا أبدا أنا رجل تحملي للألم جيد0 لكن هذا الكلام لا يقبله طبيب مثله فما هي القصة، ما لذي جرى لك الأذى 0 قلت له أسألك بالله العظيم أن تقول لي القصه0 قال أقولك إياها : ليلة العملية عاهدت الله أن لا آخذ أي مسكن للألم بعد أنتها العملية حتى احتسب ، حتى يكفر الله بهذه الآلام ذنوبي، قلت فرصة لعلها تكفر بعض الذنوب، قلت وبعدين وش اللي صار قال يا أخي صدقني أن ماحسيت من يوم سويت العملية إلى يومك هذا بوخزة دبوس فأسال المولى العزيز كما انه نزع مني الألم من غير مسكن أن يمحو ذنوبي0

إخواني هذا المريض اتجه لمن ؟ للعزيز الرحمن ، انطرح إليه، توجه له كانت القضية هكذا0

القصة الثالثة لامرأة عملت لابنها عملية في القلب طفل عمره سنتين ونصف، وبعد يومين من العمليه وابنها بصحة جيده ، وإذا به يصاب بنزيف من الحنجرة أدى إلى توقف قلبه 45 دقيقة0 قال لها أحد الزملاء احتمال أن يكون ابنك مات دماغياً واظن ان ليس له آمل في الحياه0 أتعلمون ماذا قالت ؟ قالت : الشافي الله ، المعافي الله أسأل الله إن كان له خياًر في الشفاء أن يشفيه ، ولم تقل غيرها0 ثم استدارت وأخذت مصحفها الصغير الأزرق وجلست تقرأ عليه0 وهذا حالها إلى أن بدأ يتحرك ، وعندما بدأ يتحرك- الحمد لله - حمدنا الله على هذا، وفي ثاني يوم يأتيه نزيف شديد مثل نزيفه الأول ويتوقف قلبه ، ويتكرر هذا النزيف ست مرات ونقول لها إن ابنك مات دماغياً وهي تقول الحمد لله الشافي ربي ،هو المعافي ، وتعيد كلماتها ثم تنصرف ، وتقرأ عليه ، وبعد أن سيطر أطباء القصبة الهوائية على النزيف بعد ستة أسابيع إذا به يبتلى بخراّج كبير والتهابٍ في الدماغ ، قلنا ابنك وضعه حرج جداً وحالته خطيرة، قلنا لها هذا الكلام، فردت: الشافي هو الله ، وانصرفت تقرأ عليه القرآن ،فبرئ من هذا الخراج الكبير بعد أسبوعين، وبعد أسبوع من شفائه من الخراج الذي أصاب دماغه، إذا به يصاب بتوقف والتهاب حاد بالكلى أدى إلى فشل كلوي حاد كاد أن يميته، والأم مازالت متماسكة متوكلة منطرحه على ربها وتردد الشافي هو الله ثم تذهب وتقرأ من مصحفها عليه، بعد أن تحسنت كلاه يصاب بمرض عجيب لم أره في حياتي بعد أربعة أشهر من العملية يصاب بالتهاب في الغشاء البلوري المحيط بالقلب مما اضطر إلى فتح القفص الصدري وتركه مفتوحاً ليخرج الصديد ووالدته تردد اسأل الله أن يشفيه هو الشافي المعافى وتنصرف عنا 0 وبعد ستة أشهر في الانعاش يخرج ابنها من الإنعاش لا يرى لا يتكلم لا يتحرك وصدره مفتوح وظننا أن هذه نهايته وخاتمته، توقف قلبه خمس أوست مرات، المهم هذه المرأة استمرت كما هي تقرأ القرآن صابرة لم تشتكي إلا لله ولم تتضجر كعادة كثير من مرافقي المرضى الذين أدت حالتهم الصحية لان يمكثوا في الإنعاش لفترة طويلة ، والله يا إخوان ما كلمتني بكلمة واحدة لاهي ولا زوجها وكل ماهم زوجها بالسؤال تحاول أن تهدئه أو ترفع من معنوياته وتذكره بأن الشافي الله ، المهم بعد شهرين بعد أن حوّلنا الطفل لقسم الأطفال ذهب الطفل إلى بيته ماشياً يرى ويتكلم كأنه لم يصب به الشيء من قبل 0 لم تنته القصة العجيب ما رأيته بعد سنة ونصف من هذه المرآة، رأيتها هي وزوجها حضروا للسلام عليّ لأن عندهم موعد للطفل والطفل طبيعياً بصحة جيده ،وجدتها تحمل طفلاً صغيراً عمره شهرين قلت للزوج ما شاء لله هذا الرضيع رقمه سته أو سبعه في العائلة فرد الزوج هذا الثاني الولد الأول الذي عالجته جاءنا بعد 17 عاماً من الزواج والعلاج من العقم ، انظروا يا إخوان امرأة بعد 17 من الصبر والعقم ترزق لبناً وهذا الأبن يكاد أن يموت ابنها أمامها مرات ومرات وهي لاتعرف إلا لا إله إلا الله الشافي المعافي أي اتكال وأي امرأة هذه ، الأيمان ياإخوان الإيمان والاحتساب هذا ما نريده وهذا ما نفقده اليوم إلا فيمن رحم ربي0
للأسف يجيء المريض يعمل العملية وهو قلق خائف نادراً منهم المتكل على الله، بالأمس يوم الأربعاء أحد مرضاي أقلقني أنا أنا خفت من كثرة قلقه ينتفض وحالته يرثى لها مع أنه أستاذ جامعي وله مركز، قضية الاتكال عندنا تحتاج وجهة نظر ، تعرفون السبب ؟ السبب صلاتنا ، سببه أننا لا نقوم الليل ، سببها إيماننا قليل نخاف من الموت لأن أعمالنا قليلة وذنوبنا كثيره فلذا نحن نظن أننا لسنا مستعدين للموت0
القصة الأخيرة في هذا الموضوع ، لشاب قابلته في رحلتي للمغرب جاءني و أصر أن يجلس بجانبي فبعد أن تعارفنا ذكر لي قصه غريبة عن نفسه 0 قال أنا كنت شاباً ضائعاً وكنت أدخن وعمري 13 سنة ولما كان عمري 33 عاماً أصبت بجلطة بالدماغ ،جلطة قوية أصبت بعدها بشلل نصفي ، لا أستطيع أن أتكلم أو أبلع جلطه أثرة على نصف الدماغ ، قلت بعدين ، قال : بعد أسبوعين بدأت أتكلم فسألت الدكتور فقال انت الجلطة التي أصبت بها كبيره ومؤثرة على جزء كبير من الدماغ ولا أعتقد انك سوف تتحسن أكثر من هذا ، فقلت لكن ليس هناك آمل أبدا ، فرد الطبيب للأسف لا، قلت له إذاً اكتب لي خروج من المستشفى قال لا يمكن أن اسمح لك بالخروج لازلت تحتاج إلى علاج طبيعي وبعض التأهيل لا يا دكتور أريد أن أخرج أريد أن انطرح على ما يخيب عبداً إذا دعاه بقلب صادق ، فقال لكن حالتك الآن حرجه وصعب إحراج يا أخي أصريت أن اخرج من المستشفى على مسؤليتي وخرجت وبعد خروجي لازمت غرفتي أربعة اشهر اقرأ قرآن وقيام ليل ودعاء وبكاء ، بعد أربعة أشهر ذهبت إلى المستشفى أمشى ، قابلت الدكتور تعجب من شفائي وسألني ماذا عملت؟ أين عالجت؟ يا دكتور اتجهت للعزيز المنّان الكريم بالدعاء وترك المعاصي وإصلاح النية وتطهير القلب فنزع الله جميع مافي قلبي من مرض فعافاني0 هل ممكن اعملك أشعة مقطعيه للدماغ فكانت النتيجة مفاجأة للطبيب كما تفا جاء بشفائي لانه لم يبقى للجلطه اثر بالاشعه ، هذا هو الاتكال ، أنا لا أقول نترك الأسباب المادية ، لابد من فعل الأسباب المادية ولكن يا أخي وأنت في طريقك إلى المستشفى بابنك أو أبوك أو أخوك اذكر الله عليه ، ارقه بالفاتحة، اطلب الله له الشفاء ، اذكر أن الشافي المعافي هو الله ، ذكره بالله صبره حثه على الاحتساب أخواني انظروا لحالنا في الوقت الحاضر تعالوا لننظر ماذا يجري في الإسعاف أو زر الإسعاف أمور غريبة جداً اغلبهم يناجون الأطباء يطلبون المساعدة من الأطباء والنادر منهم المسبح الحامد الذاكر لله0

إخواني هذا ماذكرته كله هو مقدمة وقبل أن اذكر العلاج فلا بد أن نعرف الأسباب سوف أذكر أسباب الأمراض وأحداً وأحداً :
امراض القلب :
1-مرض الشرايين0
2- مرض عضلة القلب0
3-أمراض الصمامات0
4-أمراض كهرباء القلب0(اللّي، يسمونها الخفقان)
5-أمراض تسببها أعضاء خارج القلب لكن لها علاقه بالقلب كالرئتين
أولا:أمراض الشرايين:
إخواني أثبتت جميع الأبحاث الطبية التي لا تقبل الجدل أن هناك أسباباً معينة ومعروفة بعينها وهي وراء أمراض الشرايين وقد اطلعت على أكثر من أربعين بحثاً علمياً تناقش أسباب أمراض الشرايين 0 اثناء إعدادي لهذه المحاضرة هذه الأبحاث أجريت على الآلاف من المرضى اتفقوا كلهم على أن أسباب مرض الشرايين هي :
1- الدخان
2-الدهون0
3- السكر0
4- الضغط0
5-الخمور0
6-السمنة0

1:التدخين:
إخواني أما التدخين وما أدراك ما التدخين فان أمره للأسف مشين وقبل أن ابدأ بتعداد مصائب التدخين وأضراره يجب أن نأصل أمراً مهماً وهو أن التدخين حرام ، وذلك للقطع بضرره اليوم ، ومن قال غير ذلك فقد أباح الحشيش والمخدرات والخمور لأن التدخين والحشيش والمخدرات أضرارها متساوية تقريبا مع التدخين ، وان كان التدخين لا يخدر ، ولكن له أضراره 0 هو القاتل الوحيد يقتل في آسيا واحداً كل عشر دقائق ، وهذا من منظمة الصحة العالمية من ستة أشهر قتل في أوربا في العشر سنوات الأخيرة ستين مليوناً إذن هو القاتل الأول في أوربا ، والتدخين يا إخوان اكثر ضرراً على مجتمعنا من الكحول وغيره من الخمور والمخدرات وذلك للأسباب التالية:
1- التدخين أولاً متوفر في الأسواق0
2-عدم اقتناع كثير ممن يتعاطونه بحرمته وذلك بتوفره السهل بالأسواق،
3- عدم وجود قانون يمنعه في الأماكن العامة 0
4-عدم وجود الجرأة ممن فيهم الخير بإنكاره على المدخن لأنه أمر مسلّم به في المجتمع ، فهو في نظر المجتمع شيء مسموح به فهو حلال مع أن الفتوى فيه حرام بيعه وشربه وحرام مكسبه 0
التدخين مسئول عن أمراض الشرايين مسئولية كاملة لما هم دون الخمسين0 لقد دلت الأبحاث التي أجريت لهؤلاء المرضى أن معظم أمراض هؤلاء ليس لديهم أسباب أخرى للمرض إلا التدخين 0
التدخين يعجل بأمراض الشرايين0 الذين لديهم أمراض أخرى للإصابة بالمرض كأسباب وراثية أو أمراض الضغط والسكر والدهون فبدلا من أن يصاب المريض بعد سن الستين لو لم يكن مدخناً أصيب تحت سن الأربعين لأنه يدخن وهو مصاب أيضاً إما بوراثة أو بالدهون ، فإذا اجتمع دهون لواحد عنده 30سنة وهو يدخن يصيبه مرض الشرايين على 35 سنة لكن لو انه غير مدخن قد يصيبه المرض على 60سنة0
التدخين مسئول عن أمراض الرئة0 والمعدة ، والأسنان واللثة وتصلب شرايين المخ وشرايين الأربطه0
أن السيجارة يا إخوان تسبب أكثر من أربعة عشر نوعاً من السرطان 0
إخواني إن السموم التي تطلقها السيجارة كثيرة لاحصر لها ولا عد وتحتاج إلى محاضرات ، وفي الوقت الحاضر اتفق العلماء كلهم على الضرر الواضح للتدخين لذا فهم حاربوه محاربة جادة في جميع المجالات وذلك :
1-برفع سعره0
2- منع تناوله في الأماكن العامه0
3- منعه على منهم تحت سن 18 سنه0
وهذا ماوصت به منظمة الصحة العالمية 0
إخواني إن هذا الموضوع طويل واكتفي بهذا الإيجاز عن التدخين ولكن لي بعض المشاهدات أود إيجازها فيما يلي:
1-أمراض الشرايين لمن تحت الخمسين 90% منهم مدخنون0
2-لم أعمل عملية إلا واحده لامرآه تحت سن الخمسين – لماذا؟:-لان النساء من 20سنة لم يكن التدخين قد انتشر بينهم أسال الله لهن الهداية انتشر التدخين في بعض مجتمعاتنا النسائية 0
3-أمراض الشرايين تحت سن الأربعين لم أر رجلاً واحدا مريضاً تحت الأربعين أجريت له عمليه ترقيع شرايين وهو لايدخن ، كلهم مدخنون، كل من أجريت له عملية تحت الأربعين فهو مدخن، لم أعمل عملية واحدة لمريض تحت الأربعين إلاّ وهو من المدخنين يا إخوان إذا أجريت عملية شرايين لمريض في الثلاثين من عمره إذا بلغ الأربعين ماذا يعمل له ؟ يحتاج إلى تغيير قلب أو ما ينفع له شيء0
4- لم نشاهد ذبحات في الماضي عند حضوري للمستشفى وبين الأعوام 1400هـ إلى 1406 هـ لم أكشف على مريض واحد من أهل هذه البلاد ( لماذا لأنهم لا يدخنون 0ولما أنتشر التدخين في الثلاثين ألسنه الماضية بدأت تظهر الذبحات، ولو وجدت متسعاً من الوقت لأوضحت لكم أنواع العمليات التي تم إجراؤها0 كانت عمليات الصمامات كثيرة والشرايين قليلة وبسبب التدخين كثرة عمليات الشرايين0
5- المرضى المصابون بأمراض الشرايين تصاحب أمراضهم أمراض أخرى مثل أمراض الرئة والمعدة، والدماغ، وشرايين الأطراف 0 أحد المرضى أجريت له عملية ترقيع شرايين وعمره ثمان وثلاثون و قطعت رجله اليمنى بعد عام ونصف من إجراء العملية0 ثم أصيب بعد عامين بجلطة في الدماغ0 ولعلكم تذكرون ذلك الأخ الذي حدثتكم عنه والذي رافقني في رحلتي إلى المغرب وقص لي قصته حيث انه أصيب بجلطة وعمره 33 سنة بسبب التدخين0 0
كل بلدان العالم حاربت التدخين، في كندا أصبح المدخن يعتبر من طبقة منحطة ، أحد الإخوة ذهب لكندا و أقول له :أنت قد تركت التدخين حديثاً وانت مسافر إلى كندا فسوف يكون الأمر عليك صعباً في المقاومة والصبر عن التدخين ، فرد قائلاً بالعكس هناك تستطيع أن تقاوم اكثر من هنا لان التدخين ممنوع في الأماكن العامة ويعتبر المدخن منبوذاً إجتماعياً0
أخواني أن التدخين محارب محاربة جداً في أوربا وأمريكا إخواني السؤال الذي يطرح نفسه مالذي يجب على المدخن ؟
أولا: -يجب على المدخن أن يجزم أن التدخين حرام لاشك في حرمته، ويتقي الله ويتركه لهذا السبب فقط لتصلح نيته ويعان من الحي القيوم0
ثانياً- أكثر من الدعاء ليلاً ونهاراً في السجود والقيام 0
ثالثاً: بدلاً من علبه الدخان في جيبه يضع بدلاً منها قرآن جيب صغير فكلما فكر في السيجارة أخرج هذا المصحف وقرآ منه صفحة آيه اثنتين أكثر أو أقل وتذكر قوله تعالى ( إلا بذكر الله تطمئن القلوب)0
أحد الإخوه يقول دعوت الله ستة أشهر- وقمت الليل - إلى أن شفاني الله منها من التدخين بعد 32 سنه في التدخين، حاولت كل الطرق المعروفة وفشلت ولكن عندما اتجهت إليه شفاني ، ولا تنسى يا آخي قول الله سبحانه وتعالى ( ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب) 0

2: الدهون والكوليسترول :
يجب أن نحتسب، هذا شيء إذا أصبت بدهون وكوليسترول لابد أن احتسبه ، الشيء الثاني يا إخواني كل واحد فوق 25 سنة ، لابد أن يحلل للكوليسترول والدهون مرة كل سنة على الأقل ليعلم إن كان لديه كوليسترول أو لا ، لأن إذا علم بأن الكوليسترول عالي في دمه وعمره 25 سنة احتجب عن الدهون أو أخذ دواء وزاول الرياضة وحافظ على صحتك وابتعد عما يضرك مثل الدخان وغيره،
أما بالنسبة للرياضة فأنها تختلف من واحد لآخر لايمكن واحد عمره سبعين سنة يمارس رياضة مثل واحد عمره أربعين سنة وأطيب رياضة هي المشي والسباحة 0 للأسف بعض الناس يحتمي بقوة ثم يتركها بالكلية ، المهم أنه يجب أن تكون الحجمة بعقل، والرسول - صلى اله عليه وسلم - يقول عن المقداد بن يعد بن يكرب ورواه أحمد ( ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه فإن كان ولامحا له فحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان ولابد فثلث وثلث وثلث) الحديث وهذا لايمنع أنك يوم أو يومين تأكل حتى تشبع كما فعلها أبو هريرة أمام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد شرب أبو هريرة بحضرة الرسول - صلى اله عليه وسلم - حتى قال والذي بعثك بالحق لا أجد له مسلكاً ، يعني مرة في اليوم مرة في الأسبوع مرة في الشهر تأكل حتى تشبع تماماً الواقع الذي نحن عليه يا إخوان انك تجي من الدوام 2.30 أم العيال مجهزة الرز واللحم وغير ذلك تعطيك كل شيء وتأكل ثم تبحث عن كيفية إلا خراج ولكنك لا تستطيع وتصاب بالكسل والنعاس وتترك صلاة العصر0 فتضر نفسك دنيا (بالسمنة) ودين ( بترك صلاة العصر)0 وبعد سنوات تنتفخ وتبحث عن الرجيم ، كان من الأجدر أنك تكون كما قال الرسول- صلى الله عليه وسلم - تتبع السنة ثلث وثلث وكما قال السلف نحن قوم لانأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لانشبع 0 هذا الكلام للسلف - رضوان الله عليهم - لكن اترك الأكل وأنت لك نفس فيه، تشعر أنك تمتعت بالأكل 0 ولكن للأسف أمر الناس يدعو للعجب ، بعض الشباب يأخذ اثنين من السندويتشات الكبيرة يأكلها ومعها الكوكا كولا الكبيرة ، ثم لا يستطيع المشي أو الصلاة حتى لا يستطيع أن يتنفس0

3:السكر:
لا تنسى الاحتساب ، أي واحد ياإخوه أمه وأبوه مصابين بمرض السكر لابد أن يبدأ بالحجبة وعمره ثلاثين سنة لكيلا يصاب بالسكر إلا على سن متأخر0 أي واحد أكرره أمه وأبوه مصابين بمرض السكر عليه بالحجبة وتقليل السكريات والنشويات في أكله حتى يحافظ على البنكرياس ماتتأثر لأن نسبة إصابته بالسكر عاليه جداً فلو فرّط في الأكل فإنه قد يصاب بمرض السكر مابين 30-40 من عمره والأمر الثاني كل من يصاب بالسكر يجب أن يحفظ سكره تحت المائتين بقدر الإمكان لأن تحت المائتين لا يؤثر عليك فمرض السكر قد يؤثر على العيون، وعلى الكلى ، وعلى القدمين، وعلى الأعصاب ، وعلى القلب 0 لذا آخي مريض السكر حاول قدر الإمكان أن تحافظ عليه تحت المائتين الشيء الثاني بعض الإخوان بعد مايعتدل سكره ، يظن خاطئا أنه قد شفي من مرض السكر فيقوم بترك العلاج فيحدث له انتكاسه في المرض وترتفع نسبة السكر في الدم ويصبح من الصعوبة به السيطرة عليه ويأخذ وقت طويل للسيطرة عليه لا توقف العلاج المهم احرص أن يكون تحت المائتين، وما تأتيك منه مضرة بأمر الله ولا تشتكي إلا لله واحتسب وإذا إحتسبت وصبرت اسأل الله أن تكون من أهل الجنة0

4: الضغط:
يختلط الأمر عند العامة في مسألة الضغط ، فهناك ضغط واطي وضغط عالي كلاهما مهم فالضغط العالي إذا اصبح عالياً أثر على شرايين المخ فيؤدي إلى انفجارها والضغط الواطي إذا كان عالياً يؤثر على القلب فيضعف عضلة القلب فتتأثر قوة القلب ووظيفته فيجب أن تنتبه إلى أن ضغطك الواطي والعالي إذا زرت طبيباً يجب ان تسأله عن الضغط المقبول بالنسبة لعمرك لكن بعض الأخوة بعد ما يسيطر على يقرر للأسف ترك العلاج فلذا بعد فترة يرتفع ضغط المريض ويكون أسوأ من المرة الأولى ومن أهم علاج الضغط الرياضة والحميه0

كلمة لأصحاب الأمراض:
إخواني إذا كانت مسببات الشرايين كما ذكرناها من ضغط وسكر ودهون وكلستلور أمراض ابتلى الله - سبحانه وتعالى - خلقه بها ، وهم برحمة ربهم في الجنة إذا احتسبوا وهذه الأمراض ليست بيد الإنسان ، ولكنها قدر مقدر من القدير الرحمن الرحيم، فما بال المسببات الأخرى التي يفعلها الإنسان ، بنفسه ومحض ارادته يفعلها ويضيع بها دينه ودنياه، يضيع فيها دينه لأنها حرام لاشك في حرمتها ، ودنياه لأنها مضرة بالصحة لاشك في ذلك 0

5: الخمور:
فإن أثرها على القلب معروف وثابت ، وذلك بسبب زيادته لامتصاص الدهون ولأن شاربها يرغب بزيادة أكل المواد التي تحتوي على نسبة دهون عالية كذلك الخمور تؤدي الى ضعف العضل0

ثانياً: أمراض عضلة القلب:
أسباب أمراض عضلة القلب :
1-الشرايين:
وهنا قبل أن ابدأ أود أن انصح الأخوة جميعاً إذا أصيب جارك أو أخوك أو عمك أو قريبك أو أبوك بألم في صدره عليه أن يلزم مكانه، قل له أستريح وآتي بالسيارة له إن استطعت أن تحملة احمله ، إذا فعلت هذا لن تأتيه ذبحة لأن الذي يصاب بألم في صدره ولا يستريح قد يؤدي ذلك إلى حدوث جلطه وقد تكون كبيره ، وإذا أصيب بجلطة قد ينتج عنها أن عضلة القلب تتأثر بشده
بعض الناس يجيه الوجع يقول لا هذا سيروح، يذهب لقضاء بعض حاجاته من السوق ثم يقع في السوق ويأتي به في حاله خطيرة إلى الإسعاف مما قد يؤدي فيما لو عاش أن تضعف عضلة قلبه بشده وقد تصل إلى 10-15% ويصبح غير قادر على قضاء حاجاته ولا حتى العبادة كما يجب0
أخي: حافظ على نفسك لتعبد الله على بصيره ، حافظ على نفسك للآخرة، إهمالك بألم الصدر قد يؤدي بك إلى مشاكل كثيره طيلة عمرك ، حافظ على نفسك لتكون مؤمناً قوياً وإيمانك قوي وتعبد الله على بصيرة 0

2- الرئه:
واهم أسباب أمراض الرئة التدخين وسوف أتكلم عنه ، إذا مرضت الرئة فهي تؤثر على القلب وتؤدي إلى تضخم القلب وتضعف عضلته0
3- من الولادة :
منذ الولادة تكون عضلة القلب ضعيفة ، ايضاً يكون الشريان التاجي الأيسر شاذ ليس في مكانه ، فيؤدي إلى ذبحات أثناء الرحم في القلب وبعد الولادة ، ويأتي الرضيع أو الطفل إلى المستشفى وعضلة قلبه ضعيفة جداً0
4- التهابات فيروسية:
الأنفلونزا قد تؤدي إلى ضعف شديد بالقلب أو آي فيروس آخر0
5- الخمور ، والمخدرات :
مثل الهروين وما على شاكلته تصيب عضلة القلب وتوقفه 0
علاج ضعف عضلة القلب:
1- العلاج بالأدوية وأشياء أخرى تساعد على تحسنه والآن تقدم الطب كثيراً بهذا العلاج 0
2- زرع عضله من عضلات الكتف ووضعها حول القلب إلا أنها لم تنجح لهذه الدرجة0
3- تصغير حجم القلب وذلك بقطع جزء من عضلة القلب0
4- ترقيع الشرايين قد يحسن العضله0
5- زراعة قلب 0
6- الوقاية وهو أهم علاج وذلك بالابتعاد عن جميع مسببات ضعف العضلة وعدم التفريط0

ثالثاً: أمراض كهرباء القلب (اللي يسمونها الخفقان)
والخفقان هو أن تحس بنبضات قلبك وقد تكون نبضات القلب أقل من المعدل الطبيعي ،
وعلاج الخفقان بالأدوية وكذلك قد يعالج بالكي عن طريق قسطرة القلب وقد تحتاج زرع جهاز منظم للقلب كثير من الأخوة يسألون عن الجوال وتأثيره على القلب الجوال لا يؤثر على القلب إذا وضع في الجيب القريبة من القلب ولكن الجوال قد يؤثر على منظم القلب إذا كان مزروعاً لأحد وإذا كان قريباً منه جداً مثلاً وضع الجوال على جيب الثوب القريبة من القلب والمنظم على الجهة اليسرى من الصدر أما إذا كان شخصاً م يتكلم بالجوال وانت لديك منظم فهو لا يؤثر عليك0
وهنا أود أن أنبه إلى أمر هام وهو أن بعض الأدوية التي تستعمل للسيطرة على الخفقان قد تؤثر على القدرة الجنسية للرجل فيجب أن تسأل عن الدواء هل يؤثر أم لا وكذلك بعض الأدوية المستعملة للسيطرة على الضغط

رابعاً:الصمامات:
أود التنبيه إلى المريض المصاب بصمامات القلب يجب أن لا يهمل نفسه ويتهاون أما بالعلاج أو أن يتردد بالعملية إذا كانت هي الخيار الأفضل فيجب عليه المبادرة وإذا تهاون المريض أدى ذلك ضعف شديد بالقلب وارتفاع ضغط الرئة ويصبح الأمر خطير جداً وقد يصل إلى درجة أن علاج المريض غير ممكن0

أسباب مرض الصمامات:
1-الأسنان:
بعض الأشخاص ( إذا فتح فمه تقول ثلاجة مكرونة ، أرز ، بقدونس من ثلاثة أيام) وإذا تكلم رائحته لا تستطيع إحتمالها القضية لا تحتاج إلا فرشة أو معجون أو مسواك ، لكن يجب على كل من أراد أن يستعمل السواك عليه بأتباع سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم وتقطع رأس المسواك المستعمل على الأقل مرة في اليوم 0 بعض الأخوة يضع مسواكه ويكون عرضه للتراب والذباب 0
للسواك أربعة عشر فائدة طبية تنفع الأسنان لكن إذا استعمل أكثر من أربع وعشرين ساعة يكون عديم الفائدة ، يحتوي أيودين ويحتوي فلورايد ، ويحتوي على مطهرات للأسنان ويحتوي أيضا حافظات للثة ولكن عليك بقص رأسه المسواك المستعمل كل يوم على الأقل مرة، وبعد الأنتها من استعماله أغسله ، وإذا أردت استعماله فاغسله0
نرجع للأسنان أنت بأسنانك السيئة آذيت الناس والرسول -صلى الله عليه وسلم - يقول من آذى الناس فقد آذى الملائكه ( بعض الأخوة إذا رأيت أسنانه ماودك تناظر فيه، رز وحالة وبلاوي وريحة عفنه ، مادري كيف يقرب من زوجته ، ثم يقول يا أخي زوجتي بعيدة عني لأن من ريحت اثمك تقل افليت) 0
وأذا راجعت طبيب الأسنان تذكر للطبيب انك مصاب بأحد أمراض القلب ليبدأك على مضاد حيوي
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه كيف تؤثر الأسنان على القلب؟ في الفم تعيش جراثيم لا تضر الجسم ولا الفم وتقتل بحامض المعدة إذا بلعت ولكن إذا دخلت بالدورة الدموية أثرة على بعض الأعضاء وخاصة صمامات القلب فتؤدي إلى التهاب هذه الصمامات وتدخل هذه الجراثيم إلى الدورة الدموية إذا كان هناك أي التهابات واللثة أو خلع الأسنان أو أي عمل يجري بالأسنان

2-المخدرات:
من أهم الأسباب التي تؤدي إلى التهاب صمامات القلب بعد الأسنان المخدرات التي تؤخذ بالوريد ، تسبب التهاب صمام الثلاثي خاصة والصمامات الأخرى 0
قد يصاب كثير من الناس بارتخاء الصمام المترالي وهذا قد يؤدي إلى خفقان وقد يؤدي إلى إرجاع أحيانا ، وهذا المرض
و عندهم لا يحتاج إلى شيء يحتاج اطمئنان وراحة بال، واطمئن قد تحتاج إلى الخفقان زائد إنك تأخذ حبة واحدة فقط ،

الخاتمــــــــــــــــة

هذا موجز عن أمراض القلوب وأسأل الله أن ينفع بها إخواني ، عجب من لأولئك الذين يبكون على من مات ولا يبكون على من مات قلبه وهو أشد، ويبحثون عن علاجٍ سريع وبأي ثمن ، وفي أي وقت ، وفي أي مكان لمن مرض جسده ويتركون علاج من مرض قلبه وهو الأخطر، ويخشون انتشار أمراض الجسد فيأخذون الحيطة والحذر وبذل الجهود للوقاية وينسون - الا من رحم ربي- الوقاية والحيطة من انتشار أمراض القلوب0 إن مرض الجسد يؤثر على صاحبه وإن تعدى أثره على مجموعة محدودة من البشر، ولكنّ أمراض القلوب تؤثر إذا انتشرت على الأمة بكاملها ، وتؤدي إلى الغمة وتكون بذلك من الله - سبحانه وتعالى- 0
إخواني اعلموا أن الطاعات لازمة لحياة قلب العبد لزوم الطعام والشراب لحياة الجسد، والمعاصي يا إخوان بمثابة الأطعمة المسمومة التي تفسد القلب كما تفسد الأطعمة المسمومة الجسد وقد تميته 0 وكما يأخذ العبد الأسباب لحياة جسده من المداومة على تناول الأغذية النافعة في أوقات متقاربة- وإذا تبين له أنه تناول طعاماً مسموماً عن طريق الخطأ أسرع بتخليص نفسه منه- فحياة قلب العبد أولى بالاهتمام من جسده ، وهذا لايعني أن نترك الجسد يمرض ولا نبحث على علاجه0 إلى هنا نريد أن نقول كما أننا نهتم بعلاج الجسد، يجب أن نهتم بعلاج القلب على قدم المساواة مع الجسد ، لأن العبد- وانتبهوا لهذا ياإخوان لأن العبد وإن مات وجسده مريض وهو صابر ومحتسب فإن مصيره إلى ماذا ؟ مصيره بأمر الله ورحمته إلى الجنة أما إن مات وقلبه مريض ولم يعالجه ومات قلبه قبل أن يموت جسده فإن مصيره إلى النار إن مات على ذلك 0
إخواني إنني أتعجب لكثيرٍ من الناس عندما يصابون بمرض بسيط في الجسد كوخزات بسيطة في القفص الصدري أو ألم بسيط في القلب فأنه يقلق ويبحث عن العلاج بل يبحث وبأسرع وقت عن أمهر ألاطباء ويوسط من يوسط إليهم وإن كان هذا مقبول ومطلوب ولكن إذا مرض قلبه ، إذا مرض قلب أحدنا في معصية كم منا ياإخوان يبادر إلى علاج قلبه بالتوبة والندم ، إخواني إذا كانت حياة الجسد تؤهله لمعيشة غير منغصة بالمرض في الدنيا فأن حياة القلب تؤهله لحياة طيبه في الدنيا وسعادة غير محدودة في الآخرة إخواني قال عبدالله بن المبارك -رحمه الله -
رأيت المعاصي تميت القلوب وقد يورث الذل إدمانها
وترك المعاصي حياة القلوب وخير لنفسك عصيانهــا

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل المرسلين ،
أسأل الله أن يثيبني وإياكم، ويخلص نيتي ونواياكم، ويصلح ذريتي وذراريكم وذرا ري المسلمين وأن يجعل هذا الوقت لي ولكم محسوباً مباركاً نجده في صحيفتنا يوم القيامة والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أفضل المرسلين


 


الرد باقتباس
الرد على الموضوع

Bookmarks

الكلمات الدلالية (Tags)
محاضرات , مكتوبة , اسلامية


Currently Active Users Viewing This Thread: 1 (0 members and 1 guests)
 

قوانين المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML مغلق
Trackbacks are متاح
Pingbacks are متاح
Refbacks are متاح


مواضيع مشابهة
الموضوع الكاتب المنتدى المشاركات آخر مشاركة
منوعات اسلامية أبو سامي الاسلام ديننا و حياتنا 16 06-30-2016 09:34 PM
غامبيا دولة اسلامية قلب شبوه الأخبار العربية والعالمية 7 12-18-2015 05:01 PM
محاضرات دينيه حبيب المنتدى الاسلام ديننا و حياتنا 0 07-01-2014 01:58 AM
محاضرات رمضانيه حبيب المنتدى الخيمة الرمضانية 9 06-29-2014 12:05 AM
الحكم بعام سجن و300 جلده لحوزته على محاضرات الحادية لعدنان ابراهيم زين العابدين الأخبار العربية والعالمية 21 04-24-2013 05:07 PM


شات تعب قلبي تعب قلبي شات الرياض شات بنات الرياض شات الغلا الغلا شات الود شات خليجي شات الشله الشله شات حفر الباطن حفر الباطن شات الامارات سعودي انحراف شات دردشة دردشة الرياض شات الخليج سعودي انحراف180 مسوق شات صوتي شات عرب توك دردشة عرب توك عرب توك


جميع الأوقات GMT +3. الساعة الآن 05:35 PM.


.
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
.

Search Engine Friendly URLs by vBSEO