من ذاكـرة التاريخ (بقلم الدكتور /خالد الحداد)

(بقلم , /خالد , من , التاريخ , الحداد) , الدكتور , ذاكـرة

من ذاكـرة التاريخ (بقلم الدكتور /خالد الحداد)

"ذاكرة التاريخ"
" ان البشر اللذين لا يمتلكون تقرير مصيرهم؛ يعيشون بلا عزة وبلا كرامة، وينتهي بهم المطاف ليصبحوا مجرد ارقام واحصائيات يحملها التاريخ للعبرة والعظة"
ونحن اليوم على عتبات عصر جديد لن يرحم صعفنا ان لم ندرك اهمية اللحظة في صناعة المستقبل ورسم خارطة طريق سليمة ومبصرة تمضي بنا الى حال افضل وواقع نجد فيه متسعأ لتحقيق اهدافنا وغاياتنا في حياة كريمة تنافس الامم المتقدمة بكل شرف وانصاف وتحتل موقعأ يليق بنا كامة عريقة ورائدة تسود بقيمها وتقود الامم بعقيدتها السمحاء ودينها الصالح لكل زمان ومكان ،ان حالنا اليوم نحن امة العرب على امتداد وطننا الكبير يعاني من الفرقة والتخلف ويشكو الضعف والوهن ،ومرد ذلك بلا شك من انفسنا اذ سمحنا للحقد والظلام ان يتمكن منا ،وتركنا ديننا واهملنا مسؤولياتنا،وسمحنا للاخرين بتنفيذ مخططاتهم واهدافهم فينا ،وما نواجهه اليوم من تدخل وقح وتطاول مهين لدولة فارس (ايران) في شؤوننا واشعالها للفتن في مجتمعاتنا وساحاتنا لاوضح مثال للمدى الذي بلغناه من الاهمال والتهاون ولاصدق دليل على اننا فيما مضى اقترفنا الكثير من الجرائم في حق انفسنا متجاهلين عواقب الامور...............
وللحديث بقية

(2)
" ذاكرة التاريخ"
....ان التاريخ سجل للاحداث المتعاقبة جيلا بعد جيل وامة بعد امة وهو مرجعية عظيمة لمن اراد ان يقرا الماضي ويصحح مسار امة اوشعب ،وبخصوص العلاقة التاريخية لامة العرب والفرس فالامر جدير بالدراسة والتحليل من قبل كل عربي لان ما سنجده غاية في الاهمية لفهم ما يحدث اليوم وما يحاك ضدنا كعرب لنا الحق في العيش الكريم وتقرير المصير ،فالصراع العربي الفارسي ومنذ القدم صراع وجود وسيطرة وسيادة ،حيث داب الفرس على النظر للعرب وبلاد العرب على انها حق لهم والسيطرة عليها مطلب استراتيجي لضمان نفوذهم ومنافستهم للامم الاخرى ذات النفوذ،واعتبر الفرس ان العرب اتباع ورعايا كاي امة انطوت تحت لوائهم ورضيت بالتبعية والسير في ركبهم لتحقيق ماربهم ،وفي حقبة ما قبل الاسلام قررت امبراطورية فارس رسم استراتيجية مضمونة لخضوع العرب واحكام السيطرة عليهم فاتخذت من ارض بابل(العراق)المجاورة لهم محورا وموطنا لتلك الاستراتيجية وخططت لاقامة مملكة للعرب لارضاء كبريائهم والتحايل عليم باسم انهم سادة انفسهم وتلك المملكة في الواقع موالية للفرس وتابعة لسياستهم وحكمهم ومنحوا الملك لاسرة عربية تدين لهم بالولاء وبعد اكتمال اركان خطتهم اعلنت الحيرة مملكة العرب جميعا الا القليل واصبح المناذرة ملوك العرب وبدات الحكاية،،،،،،،،،،
وللحديث بقية

للتاريخ دورته وهذا هو ما يحصل مع ايران اليوم

(٣)
"ذاكرة التاريخ"
......تم بعث مملكة العرب ،وابتهجت القبائل العربية المتفرقة والمتناثرة على امتداد شبه جزيرة العرب وانطوى الجميع تحت لواء هذه الدولة الوليدة الا القليل ممن كانوا جهة البحرين وبلاد الشام ولهم رواية مماثلة ومملكة مشابهة اقامها الرومان وتولاها الغساسنة بشرط التبعية لامبراطورية الروم،
استغل الفرس الوضع المتردي والمشحون بالفرقة والحرب والثار بين قبائل العرب المتناحرة والتي يعصف بها الصراع الداخلي لاجل السيطرة والسيادة ،وقد اجادوا استغلال ذلك وجعلوا من مملكة الحيرة ظلا لهم ويدأ تحكم العرب لمصالحهم وتخضعهم لسيطرتهم ،وكان الملك للمناذرة اسما وفعلأ للوزير المعين من قبل كسرى وهو الحاكم الفعلي ويمثل عين كسرى ورقيبه وحامل اسراره ،وتوالت الاعوام وتعاقبت الاجيال جيلأ بعد جيل وملكأ بعد ملك والعرب يفخرون بملكهم ويتغنون بدولتهم التي لا وجود لها في واقعهم ولا نفع لها في تمثيلهم كامة ذات سيادة ،وبهذه الاستراتيجية وذلك المكر والخداع خضع العرب للفرس واصبحوا اتباعا لهم وتحت سيادتهم وجعل الفرس منهم جنودأ في جيوشهم الجرارة والمتنوعة الاعراق لتوسيع رقعة دولتهم وتحقيق اهدافهم واطماعهم في السيطرة على العالم ،،،،،،،،
وللحديث بقية

(٤)
ذاكرة التاريخ
......رافق العرب جيوش فارس الى كل فج غزوه ،وكان كسرى كثيرأ ما يستدعي سادات قبائل العرب الى مجلسه وبلاطه ويمنحهم الهبات وهم يجددون له الولاء والطاعة وكان يتخذ من مواقفهم مجالا للفكاهة والسخرية ويسالهم كثيرا عن صفات العرب وماثرهم ،،،والمعلوم ان كسرى كان مغرورا واحمقا وكان ينظر للعرب وغيرهم من الامم نظرة دونية ويظهر ان الفرس امة افضل واعرق ،،وفي الحقيقة ان الفرس امة لا تمتلك مقومات التطور والتقدم ولا تمتلك من مقومات الريادة ما تمتلكه اي امة اخرى في ذلك العهد مثل العرب والروم ..... وكان الفرس يدركون ذلك ويسعون لتعويض هذا النقص بمحاولات السيطرة والتسلط على تلك الامم ليثبتوا انهم الاعلى والاقوى فالفرس كامة وخلال التاريخ الانساني لم تخص بالتكليف برسالة سماويةولم يبعث منهم رسولا اونبيا وهي امة فقيرة في العلوم والتراث الانساني والحضاري وعرفت بانها امة لا دين لها ولا تعرف التوحيد فهي امة تعبد النار ويقال لهم المجوس وتؤمن بالجبت والطاغوت ،واينما حل الفرس لا يجلبون غير الجهل والشعوذةوالسحر ويتخذون من التدجيل سبيلا للاستيلاء على مقدرات الاخرين وسياسة شؤونهم ،،،بخلاف الامم الاخرى فالعرب عندما قادوا الامم الاخرى بالاسلام نشروا العلم وبعثوا النور واخرجوا الناس من الضلال الى الهدى والرشد،،،وكذلك الرومان صنعوا حضارة لها رسالة انسانية لاتزال معالمها واضحه في اثارهم واطلالهم ومثل ذلك امم اخرى قامت باسهام في رقي المسيرة الانسانية بعكس الفرس والتاريخ والواقع يؤكد ذلك.ً........
وللحديث بقية،،،،،،

(٥)
"ذاكرة التاريخ"
......نجحت استراتيجية الفرس في الشان العربي ،وكانت مملكة الحيرة الخيار الاوفر حظأ لامبراطورية فارس فالعرب ومملكتهم خاضعون للسيادة الفارسية واصبحوا تابعين لامبراطورية كسرى وعاشوا على هذا الحال لعقود طويلة من الزمان حتى جاء الملك النعمان بن المنذر والذي مل هذا الدور البغيض وعاف تاجأ لا يمثل له وللعرب غير التبعية والخنوع ،ويوما بعد يوم كان هذا الشعور يتنامى في اعماقه ويكبر ليصبح تعبيرأ يسر به لبعض خاصته واقرب مقربيه اللذين يثق بهم ويشاركهم همومه وهواجسه ويعلم انهم مدركين للوضع المهين للعرب ومملكتهم وكان هناك الكثير من هؤلاء في قبائل العرب المختلفة رجال احرار يرفضون الذل ويمقتون العيش بالضيم والخنوع،،ويستمر الحال بالنعمان غارقا في نفوره وعدم رضاه عن الوضع الذي يعيشه والدور الذي يلعبه ليترجم ذلك في سلوكه الذي اصبح واضحا لكل مراقب ومهتم ،، وكانت قبيلة بني شيبان من قبائل العرب المشهورة والقوية وكانت في مجملها ترفض تلك التبعية وترى في هذه المملكة سببا وعاملا رئيسيا لاستمرارها ،وكان الكثير من ابنائها يعبرون عن ذلك ويحثون القبائل الاخرى على مقت ورفض هذا الوضع المشين والواقع المذل،ويقودون حركات التحرر الطامحة للحرية والعيش الكريم وامتلاك تقرير المصير ،،وهذا ما جعل الملك النعمان يرتبط بالكثير من اولئك الرجال ويقربهم منه ويجعلهم خاصته ومستشاريه فقد راى فيهم جوهر مشاعره والبعد الذي ذهبت اليه افكاره وهاجسه الذي اقض مضجعه وارق طرفه وجعله يزهد في ملك لا عزة فيه ولا كرامة،راى فيهم حاضر حلمه ومستقبل اماله وعز العرب وسؤددهم ،،،احب النعمان ما يمثله اولئك الاحرار وما يدعون العرب اليه لذا قربهم وجعل منهم واقع بلاطه وشكل حياته واهتماماته، وهم في الوقت نفسه يمثلون لكسرى وامبراطوريته اشد الاعداء ويرى فيهم سلوك المتمردين الخارجين على النظام وبالتالي فهم خطر على الملك ومملكته..........
وللحديث بقية،،،،،،،

(٦)
"ذاكرة التاريخ"
.......لم يمن النعمان غافلا عن خطورة ما يقوم به وتبعات موقفه ذاك لانه يدرك ان ما يحدث سيصل بكل دقة الى كسرى والذي بدوره سيغضب ويفكر في الانتقام والدفاع عن استراتيجيته التي نجحت في اخضاع العرب وضمهم الى امبراطوريته ،خصوصا ان وضع المملكة والملك ليس بالامر الغير ملاحظ وماحدث من تغيير اصبح ملموسا للبعيد عن اخبار واحداث البلاط فما بالك بالقريب كوزير المملكة وهو رجل كسرى اليقظ،،وكان هذا الجانب ياخذ من تفكير النعمان الجهد الكبير والاهتمام الذي لا يقل عن اهتمامه بحرية العرب واستقلاليتهم" وحسبك من امرين احلاهما مر"، ولكن لابد لكل هدف عظيم من تضحيات وبلوغ المعالي ليس بالامر الهين او الرخيص ،،وهكذا عاش النعمان هذه المرحلة من حكمه وحياته وتفاعل معها حتى اصبح مفهوم الحرية لديه مفهوما ناضجا وشعوره بواجبه تجاه ذلك احساسا جليا ومسؤولا،وبات يدرك ان الوضع لا يحتمل التاخير وان التضحيات ستكون جسيمة ولم يكن يخشى على نفسه وملكه وامواله وعيشه الرغيد بل كان يتمنى لو استطاع ان يحتمل وزر ذلك وحده وتقتصر التضحية عليه ومايملك وهو ماكان يراه امرا يسيرا ولديه الاستعداد لتقديم كل ذلك بامتنان وفخر فالحلم عظيم والحرية مطلب اسمى واغلى من الحياة ذاتها،جل ما كان يرجوه الملك النعمان هو ان يصبح حلم كل عربي حر واقعأ يعيشه ويتنسم عطره كان همه الاوحد ان يجعل من مثل هؤلاء الاحرار من بني شيبان وغيرهم من قبائل العرب مشاعلأ تعانق النحوم والوان طيف تسير على السحاب ،،،وكان لابد من انتزاع الحرية وامتلاك تقرير المصير فبعد الموت وتوالي القرون لايبقى غير الذكر والتاريخ يروي للاجيال كيف عاش السابقون وهو بذلك بين ان يخط فخرأ وزادا لا ينضب للاجيال القادمة لهذه الامة او ان يثفل كاهلها بالذل والهوان ويطوق اعناقهم بغل الرق الابدي وكانهم لم يخلقوا الا ليكونوا تابعين وخدم ذلك ما راه النعمان في تجليات امره وقد اختار العزة والفخر وان يهدي للاجيال القادمة تاريخا شذاه العزة وعطره الانفة والسمو وما اجمل ان يبذل المرء روحه ثمنا لذلك،،،،،،،،،
وللحديث بقية