آخر 10 مشاركات |
الإهداءات | |
| LinkBack | خيارات الموضوع |
03-10-2018, 03:38 PM | #1 |
[" مشرف سابقاً "] | إلى روح الحكيم إلى الحكيم رحلة طويلة؛ ربما أني لم ألم من معالمها وأحداثها إلا النزر القليل، ولم أستوعب من مفردات أدبياتها إلا ما يوازي الهمزة في الأبجدية. تتملكني الحيرة وتخذلني اللغة وتحتار الكلمات بأيها أبدأ، فتعابيري عاجزة عن تكوين الصور التي تليق بك، وأنت من وهبني كل ما لديه دون حاجة لمدلولات اللغة العاجزة عن توصيف سلوكك وقيمك التي هي نبعي الأول الذي استقيت منه ما عكسته أنت لدي. أي محطة سأتخذها نقطة انطلاق، فجميعها قابلة لذلك، وتمثل روزنامة لحياة حافلة بالعطاء والبذل والتضحية دون ضنٍ أو منة، أو انتظار لما يكافئ ما تجود به. رحل الحكيم ولم ترحل مآثره من على حجره عرفت معنى الحب الفياض والعطاء بلا حدود. واختبرت أول قدراتي بمحاولة الصعود على كتفيه فيهديني ابتسامته الودودة وكلماته الحانية، ونظرات فيها الكثير من المشاعر الممزوجة بالرعاية والعطف والحنو والفخر في آن واحد. الكاريزما الشخصية ذات الطابع الهادئ التي كان يتمتع بها، منحته حضورا لدى الجميع، ومن عرفه لا يسعه الإ أن يثني عليه، ويتذكر ما جمعه به من مواقف. منح لنا ما حرم منه، وكأنه بذلك يجنبنا ما كابده من متاعب ومشاق وصعوبات. فقد توفي والده وهو لم يتجاوز عمر الثانية عشرة، وهو الأكبر بين أبنائه، ليجد نفسه يتحمل مسؤولية إعالة الأسرة، وأعباء توفير احتياجاتهم؛ فحرمه ذلك من الاستمتاع بطفولته كباقي أقرانه. وبدلا من قضاء الوقت في اللعب والمرح تعلم بعض الحرف اليدوية، كصناعة الحبال، والمكانس، والحياكة، ليعيل بمردودها الضئيل أسرته المكونة من والدته واخوانه وأخواته. هاجر الي المملكة العربية السعودية، والتحق بالسلك العسكري، وخدم لسنوات، وشارك مع قوات حفظ السلام المشكلة من قبل جامعة الدول العربية حين حاول الرئيس العراقي عبدالكريم قاسم اجتياح الكويت، وقضى ستة أشهر بالكويت بمنطقة الجهراء. بعد ثورة السادس والعشرين من سبتمبر أغلق ملف الهجرة، وعاد الي اليمن، وبعزم شابٍ لا يلين واصل كفاحه في الحياة بصورٍ شتى لتحقيق رسالته من خلال تجربة وجد نفسه فيها مجبر لا مخير. خلال اغترابه تعلم من أحد أصدقائه مبادئ الاسعافات الأولية، والتي مكنته من تقديم الخدمات الطبية لأهالي قريته وما جاورها من القرى في زمن لم تكن توجد به مستشفيات أو مراكز صحية، مقابل أجر زهيد لا يساوي ما يقدمه، والكثير من الحالات لا يأخذ منها شيئا. بنهاية الثمانينات إلتحق ببرنامج تدريبي للارشاد الصحي وحصل على شهادة مرشد صحي، وبموجبها حصل على وظيفة حكومية في مجال الصحة، وأسس الوحدة الصحية في نجاء بمبنى مستأجر يتكون من غرفة واحدة. طوال فترة عمله بالوحدة الصحية ظل يقدم خدماته أثناء الدوام وخارجه، بل إنه كان يضطر أن يبيت خارج البيت إذا كانت هناك حالات حرجة تتطلب ضرب إبر في مواعيد متأخرة، والبعض كان يأتي الي البيت بوقت متأخر ويطلب منه الذهاب معه لاسعاف حالة حرجه فيهب مسرعا بانسانية لا مثيل لها دون أن تشهد على ملامح وجهه أي دلالات على التبرم أو الانزعاج، ولا يعود للبيت الا وقد قام بدوره كما يمليه عليه ضميره. لتسميته بالحكيم قصة طريفة حيث أذيع في الثمانينات بالتلفزيون مسلسل بدوي أردني أحد شخصياته الطبيب البدوي الذي يعالج المرضى ويدعونه بالحكيم، فأطلق أهالي القرية عليه هذا اللقب نظير ما يقدمه من خدمات. طيبته اللامحدودة كانت جواز عبوره الي قلوب الجميع ومحبتهم له، واستحقاقه الحصول على احترامهم وتقديرهم. نشأ عصاميا، وبنى نفسه من الصفر، وربى أولاده على القيم التي آمن بها وفلسفته للحياة التي انتهجها، ليكونوا صورا مماثلة له، وليحقق فيهم ما لم تتح له ظروف حياته الصعبة والقاسية الحصول عليه. عرفته أباً وصديقاً، وموجها وقدوة في سلوكه وتعامله. عرفته من الكاظمين الغيض والعافين عن الناس. عرفته صابرا محتسباً يرد أمره الي الله، ولا يشكو ويتبرم وقد ابتلاه الله بمرض أقعده لسنوات طويلة حتى توفاه الله. لقد أنرت لنا دروب الحياة يا حكيم، ومضيت مخلفا وراءك سيرة عطرة على كل لسان، والناس خلفاء الله في أرضه بأي لسان سأرثيك، وبأي لغة تسعفني تعابيرها لأوفيك ما تستحق، ولأعدد مناقبك التي تترآءى أمام ناظري مواكبا شيعتك لتنطلق من القلوب والألسن في رحلة أخرى هي حصيلة سنوات عمرك وسيرتك السالفة التي غدت ذكرا أفخر حين سماعها أني أحد أبنائك، وبضعة منك. أدعو الله كما ربيتنا وأحسنت تربيتنا أن يجزيك عنا كل خير، وأن يغفر لك ويرحمك ويجعل مثواك الجنة، وأن يقدرني وإخواني ألا نخذلك ونسير على دربك. مسعد عكيزان 5مارس2018م
Ygn v,p hgp;dl |
|
03-10-2018, 03:46 PM | #2 |
| رد : إلى روح الحكيم الله يرحمه ويجزاه خير عما قدمه من عمل انساني للناس ,, الله يحب عباده الخيرين الاخيار الفاعلين الخير ,, يعطيك العافيه الناقل ,,
|
|
03-10-2018, 04:17 PM | #3 | |
| رد : إلى روح الحكيم سرد رائع ووصف ممتع لشخص استحق أن يذكر ووفاء جميل سعدت كثيرا وانا اتجوز بين السطور لانها أكدت ورسخت الفكرة التي أؤمن بها وهي بأن العطاء لا ينتهي والجميل يبقى وان كان في غير موضعه رحمة الله عليه وكل الشكر والتقدير لكاتب السطور وطبعا الشكر والتقدير لك أخي صديق الكل على هذا الاختيار ،، تحياتي ،،
| |
|
Bookmarks |
الكلمات الدلالية (Tags) |
الحكيم , روح , إلى |
Currently Active Users Viewing This Thread: 1 (0 members and 1 guests) | |
خيارات الموضوع | |
| |
مواضيع مشابهة | ||||
الموضوع | الكاتب | المنتدى | المشاركات | آخر مشاركة |
من يجيب على هذا الحكيم | بن طه الحبشي | النقاش العام والمواضيع العامة | 4 | 11-24-2012 04:02 PM |
البشر في انظار الحكيم؟؟؟؟ | الطارق | النقاش العام والمواضيع العامة | 4 | 07-24-2012 04:31 AM |
عبد الحكيم موفق.. لون ضالعي. | مزاج | الصور و الفيديو | 0 | 05-26-2012 05:08 PM |
الحكيم وكاس الشاهي | الطارق | التراث والاجداد | 0 | 05-25-2012 02:36 AM |
الحكيم والعقرب!!! | أسيرالشوق | النقاش العام والمواضيع العامة | 8 | 04-30-2012 06:14 PM |