منتدى الآصالة والتاريخ حريب بيحان

منتدى الآصالة والتاريخ حريب بيحان (https://www.hreeb-bihan.com/vb/)
-   النقاش العام والمواضيع العامة (https://www.hreeb-bihan.com/vb/forums/hreeb10/)
-   -   مأساة وطن (https://www.hreeb-bihan.com/vb/threads/hreeb44009/)

النعيمي 01-20-2015 12:27 PM

مأساة وطن
 
‏44‏ دقيقة*·*

قصة حقيقية تبكي الجبال ممن قضى نحبه في كلية الشرطة:
لم تصبر لموته فماتت معه
قصة يرويها منير القباطي
مأساة من بين ءآلاف المآسي في وطني الحزين الذي اكلته ونهشته ومازالت تنهش فيه ضباع العمالة
قصة عبدالرحمن؛ وامثالها گثير
في الانـفــجـار !! مـات صـديقي عبـدالرحـمـن ؟
بتُ ليلة أمس تترامى بي المرامي ، بين عام وعام ، وجمهورية وإمام ، أفكر في الأوضاع ، وأتلمس ما بقي من وطني وما ضاع ، وكنت كلما أخذتْ عيني سِنَةٌ ، أتت عليَّ أحداثُ سَنَة ، وبينا أنا على حالي ، أديرُ في المجهول بالي !!
إذ عنَّ لخيالي شابٌ عشريني ، شاحبُ الوجه ، أسمر اللون ، تتهادى بين جفنة دمعةٌ حزينة ، وتُشعر بأن وراءها حكاية أليمة ، فدنوت منه وسلمت عليه ، ثم نقلت الحديث إليه ، فراح يسرد لي قصة أذهبت النوم، وأسهرتني إلى صباح اليوم.
وإليكموها :
"قال لي : كان صديقي عبدالرحمن يتيماً ، توفي والده وهو في العاشرة من عمره ، وترك له أماً وثلاث أخوات صغار ، ولم يكن والده تاجراً ولا مسؤولاً ، لكنه كان شريفاً عفيفاً ، يكد يومه في أعمالٍ متفرقة ، باحثاً عن رزقٍ حلال ، ولم يورث لأولاده بعد مماته تركةً تعينهم على قسوة الأيام ، وعوادي السنين ، سوى مكينة خياطة كان قد اشتراها من تاجر القرية ودفع ثمنها على أقساط !!
وورثت أم عبدالرحمن من زوجها حِملاً ثقيلاً ، إذ أخذت على عاتقها هم تربية الأبناء ومعاشهم ، فظلت في منزلها المتواضع عاكفة على مكينتها تخيط ملابساً لبنات قريتنا ، وكان ما تحصُل عليه من مقابل زهيد تصرفه في شؤون بيتها وفي تعليم أولادها ، وربما تكلمن عنها نساء القرية وعن رثة هيئتها ، وسوء حالها ، فلم تُرى في يوم من الأيام مرتديةً ثياباً جميلةً منذ فارقت زوجها .
ولم تكن تلتفت إليهن ، فقد كان ما ترجوه فقط ! أن ترى ولدها عبدالرحمن قد صار رجلاً موظفاً يأخذ عنها تبعات الحياة ويخفف عنها من وطأت القدر .*
وكان عبدالرحمن على فقرة ذكياً جاداً في دراسته ،منافساً على المراكز المتقدمة ،وكان كلما أكمل عاماً دراسياً ، غادر قريتنا إلى "مدينة تعز" باحثاً عن عمل يساعد به والدته في توفير ضروريات الحياة ، ومتطلبات العيش ولم تكن لتتركه يذهب إلى المدينة لمفردة ــ إذ هو وحيدها وأملها في الحياة بعد الله ـ لولا الفقر والحاجة .
وهكذا واصل عبدالرحمن مشواره التعليمي والعملي ، حتى كنت وإياه على موعد مع شهادة الثانوية العامة قبل عام من الآن ..
ولازلت أتذكر يومها وقد عُدنا من المركز بمؤهلاتنا فرحين مسرورين ، أصرَّ عبدالرحمن أن نسلك طريق المقبرة ، وما إن وصلنا إليها ! حتى اتجه نحو قبر أبيه فسلم عليه وجعل يقول :
"أبي إن ابنك الوحيد قد صار شاباً ، وتلميذك الصغير غدا خريجاً ، وإن أخواتي قد كبُرنَ ، ووصلن إلى مرحلةٍ متقدمةٍ في تعليمهن ، وأما أمي فقد ابيض شعرُها ، واحدودب ظهرُها ، وتلاشت بسمتُها ، واختفت زينتُها ، أبي ليتك تعلم كم حزنَّا لفقدك ، وتألمنا لفراقك ، وكم أسلنا عليك الدموع ، وكم حاربنا بعدك الجوع ، ثم رفع كفيه إلى السماء وقال " اللهم إن كنت قد فجعتني بأبي ، فارحمني بأمي ، وامنحني التوفيق أرد بعضاً من جميلها ، وأخفف شيئاً من حِملها ، وهنا علت زفراته ، وخنقته آهاته ، وسالت على خديه عبراته ، فاحتضنتنه وهونت عليه ، وقلت له ما مات من انتسبتَ إليه ،
وهكذا مرت الأيام ! حتى علمنا أن الدولة أعلنت عن فتح باب القبول في كلية الشرطة في العاصمة ، فقرر صديقي عبدالرحمن الالتحاق بها وحزم أغراضه وسافر إلى صنعاء ، وكنت فيها مع والدي الذي يعمل في شركة خاصة ، حين رن هاتف شقتنا رفعت السماعة فإذا هو صوت أم عبدالرحمن ! وهي تقول لي ـ بنبرة حزينة تخالطها العبرات ـ لقد أرسلتُ عبدالرحمن صباح اليوم إليكم وليس معه من يؤويه فكن له أنت حتى يطمئن قلبي ، فرحبت بما قالت وعرضت عليها خدمات أخرى فودعتني شاكرة كعادتها ثم أغلقت الهاتف .
ووصل عبدالرحمن مساء الجمعة ، حاملاً حقيبته التي ملأها بأغراضه وشهائده ومراجعه ، ووجهه يشع نوراً وأملاً بمستقبل مشرق ومجد عظيم ، وكان لا يعكر صفوه ونحن نتجاذب أطراف الحديث سوى ذكر أمه وأخواته وكيف ودعته أمه محاولةً أن تتجلد وتتصبر لفراقه لكن عبراتها لم تُسعفها فسالت على خديها وهي تعانقه في لحظات الوداع .*
واتجه عبدالرحمن صباح اليوم الثاني مع االعشرات من الطلاب قاصداً كلية الشرطة ، يترأى له المستقبل المشرق ويلوح بين يديه وأمام ناظريه وجه أمه مبتسماً وهي تراه ضابطاً في الشرطة ، ويُخيّل إليه أنه عائدٌ من يومه يبشرها وأخواته بخبر قبوله في الكلية ،
ولم يكن يعلم ــ وهو ابن القرية البسيطةعن شيء اسمه الوساطة والمحسوبية ! و لا الحزبية والطائفية ! ولا العصابات المليشاوية واللجان الشعبية !!.
فقد تفاجئ حين وصل فرأى باب الكلية موصداً ! ورأي طابوراً طويلاً مُمتداً على حافة الشارع ! ورأى طلاباً يصرخون بشعارات على عرباتِ نقلٍ خضراء فتفتح لهم الأبواب !! فوقف واجماً ، واحتار ماذا يفعل !*
لكنه رأي من يشبهه في الهيئة ونطق الجمل والحروف ، يأخذ مكانه في الطابور ! فاتجه ووقف فيه يومه كاملاً !ولم يعد إلا في الليل ، حيث وصل متعباً ، وكان أول ما قام به أن اتصل بأمه ، وطمَّنها بأن معاملته جارية وأن دوره في التسجيل قد اقترب ـــ خوفاً من أن يزعجها إن أخبرها بما رأى ـــ ثم سألها أن تدعو له بالتوفيق ، ثم ودعها والتفت إليَّ وأخبرني بما شاهد وما حدث ، لكنه كان متفائلاً ، ولم يفقد الأمل وهكذا استمر معه الحال بقية الأيام ، وكان يصحو في الليل فيردد " اللهم يسر أمري واستجب فيَّ دعاء أمي "
و جاء صباح الأربعاء المشؤوم ، استيقظ عبد الرحمن قبيل أذان الفجر كعادته وصلى ركعتين ثم رفع كفيه وذهب في دعاء طويل لم يقطعه سوى أذان الفجر يدوِّي في الأرجاء ،أيقظني بعده لصلاة الفجر ، وأخبرني أنه رأي في منامه والدته تبكي وتقول عد إلينا يا عبدالرحمن وقال : لعل هذا بكاء فرحها بقبولي في الكلية .*
واتجه كعادته بعد صلاتنا حاملاً مؤهلاته صوب كلية الشرطة وكان قد أخبرني بأنه سيحاول الاقتراب أكثر هذا اليوم وأوصاني بالدعاء له بالتوفيق ،
فقلت له ممازحاً " موفق فندم عبدالرحمن "
وماهي إلا ساعة على خروجه ، حتى سمعنا دوي انفجار عنيف هزَّ العاصمة ! ثم تبين لنا بعد ذلك أن مصدره كلية الشرطة وأنه استهدف الطلاب المتقدمين ! فهرعت إلى والدي وأخبرته ، فانطلقنا صوب الكلية ، وما كدنا نصل حتى رأينا سيارات الإسعاف تنقل الجرحى ، ورأينا الأشلاء والجثث متناثرة هنا وهناك ، وكنت أنادي بأعلى صوتي " يا عبدالرحمن يا عبدالرحمن " وأنا في ذهول من هول ما جرى !! أتلفت يميناً وشمالاً باحثاً عنه فرأيت أبي الجهة المقابلة يحاول احتضان طالب بين ركام الجثث ، فأسرعت إليه فإذا صديقي عبدالرحمن في لحظاته الأخيرة ، فارتميت بجانبه وأسندته إليَّ فأدار عينيه نحوي ، واسفرَّ وجهه الملطخ بالدماء عن ابتسامة حزينة ، ثم رأيته قابضاً يده اليمنى يتحامل عليها ليرفعها ، فمددت يدي إليها ، فإذا بها خاتم ذهب ، أخذته منه ، وسمعته يتمتم بكلمات فأصغيت إليه فإذا به يقول أمي أمي ، علمت فيما بعد أن ذلك الخاتم هو كل ما تملكه أمه أعطته إياه يستعين به على معاملته ، ثم فاضت روحه الطاهرة إلى السماء ، وطار خبر الانفجار كالريح إلى قريتنا وعلمت أم عبدالرحمن بالحادثة ، لكنها لم تعلم عن ابنها شيئاً وظلت طوال النهار تتضرع إلى الله بأن يرد إليها وحيدها سالماً معافاً ، لكن القدر كان قد وقع ، والقضاء قد نزل !! .
وقد حاولت الاتصال على هاتفه فلم تجد جواباً ، فاتصلت بي فأخبرتها بأنه في طريقه إليها وأنه مصاب ببعض الجروح ، فجنَّ جنونها ، وطار صوابها ، وكان بعض أهل القرية قد قصدوا بيتها ، حين علموا اقترابنا من القرية ، وتقدمتُ الجميع كي أصل إليها وأسلمُ عليها ، وما إن رأتني ووقعت عيني على عينها حتى رأيتُ وجهاً شاحباً يحكي مآسي الأيام ، وتقلبات الزمان ، فانطلقتْ مُسرعةً إليَّ ، وجثتْ على ركبتها وجعلتْ تبكي وتستحلفُني بالأيمان الغلاظ ، ألا أنطق بكلمة الموت ، وألا أقول أن ابنها فارق الحياة ، ثم جعلت تضع لي البدائل عن مكانه : فتقول قل تأخر عند فلان أو فلان ، وأنا مُتَسَمرٌ في مكاني ، لا تكادُ قدماي تحملُني لأمسك بها ، ولا لساني تسعفني لأتكلم معها ، وكانت الجنازة قد ظهرت محمولةً على أعناق الرجال ،فشخصت ببصرها إليها ، وصاحت بأعلى صوتها ، ابني بريئ ! قتلوه قتلهم الله ، قتلوه قتـلهم الله...
عبـدالرحـمن مـات .ثم شهـقت و مـاتـت .
منير الـقـباطي
8 /1 / 2015م

الزناد الصامت 01-20-2015 01:16 PM

رد : مأسات وطن
 
لا حول ولا قوة الا بالله
حسبنا الله ونعم الوكيل على من كان السبب
نسال الله لهم المغفره والرحمه
بأي ذنب قتل واي ذنب قتلت والدته واي ذنب قتل
به اللذين معه من الطلبه الابرياء المساكين
قصة مؤلمه حزينه مبكيه وما اكثر القصص مثلها
في بلاد الايمان والحكمه

شكرا لك مديرنا العزيز علی النقل

روح السراب 01-20-2015 01:36 PM

رد : مأسات وطن
 
هذه قصة من عشرات القصص التي يمتلئ بها وطني
فكل شهيد وكل مصاب ورائه حكاية لم يجد من يحكيها

عزايكم أنها لحقت به والا لقضت العمر كله في حداد

شكرا لك مديرنا على هذا الاختيار الراقي
الذي حرك الدمع في المآقي وغسل بعض
الحزن والهم من قلبي على رأي المثل
من شاف هم غيره هان عليه همه

أستاذ المنتدى 01-20-2015 01:37 PM

رد : مأسات وطن
 
حسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
وتسلم مديرنا القدير على النقل

يمني 01-20-2015 01:40 PM

رد : مأساة وطن
 
لا حول ولا قوة الا بالله
الله يجازي من كان السبب
حكاية مؤلمة ،، الله يعوضهم الجنة

شكرا مديرنا

طاش 01-20-2015 02:11 PM

رد : مأساة وطن
 
مأساة الوطن ماجت من كوكب آخر ,, مأساة اليمن على يد أبنائه وبيد ابنائه
القاتل والمقتول يمني لم نستورد من خارج اليمن الا الفتاوئ التدميريه القاتله لليمنيين

يعطيك العافيه النعيمي على النقل ,, مأساة من جملة مآسي يعيشها اليمن

عاشق الصحراء 01-20-2015 02:55 PM

رد : مأساة وطن
 
الله ينتقم من هولا المجرمون قصه محزنه ومثلها الكثير
وهي من نتاج المتطرفين سوء في الدين اوالسياسه
لان لكل منهم مفتي مجرم هولاء الضحاياء في ذمته

شكرا الاستاذ النعيمي ع النقل الهادف والمتميز

النعيمي 01-20-2015 06:59 PM

رد : مأساة وطن
 
فعلا قصة من قصص كثير
ابكتني على وطني الذي هو اليوم في مهب الريح كلهم يدعون أنهم وطنيون يناضلوا من اجل الشعب وكيف بمن يقتل شعبه ويخرب مصالحه ان يكون وطني
الله المستعان يابلد الحكمه
شكرا لمن مر هناء
خالص تحياتي

علي مارب 01-20-2015 07:10 PM

رد : مأساة وطن
 
ماساة الوطن ماساه حزينه تقطع القلوب عندما تجد الوطن والبلاد شعبها واهلها هم من باعوها وخانو تراب اباهم ومسقط روؤسهم شي مخزى وعار على كل شخص يتكلم باسم الوطن ...
شكرا مديرنا العام


جميع الأوقات GMT +3. الساعة الآن 09:31 PM.

.
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
.


Search Engine Friendly URLs by vBSEO

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66