منتدى الآصالة والتاريخ حريب بيحان

منتدى الآصالة والتاريخ حريب بيحان (https://www.hreeb-bihan.com/vb/)
-   مقالات ومواضيع سياسية منقولة (https://www.hreeb-bihan.com/vb/forums/hreeb125/)
-   -   فنجان قهوة في صنعاء (https://www.hreeb-bihan.com/vb/threads/hreeb46841/)

غريب 10-17-2015 06:14 PM

فنجان قهوة في صنعاء
 

د:محمد جميح

فنجان قهوة في صنعاء

عندما دخلت صنعاء لأول مرة طفلاً شدني فيها الهواء البارد والأمطار الغزيرة، ولهجة أهلها. القادمون من الصحراء ينجذبون للغيوم، ويحبون المطر، ويشدهم غنج نساء المدينة، ويقفون مشدوهين أمام روعة المعمار في المدن القديمة.
جلست يوماً في مقيل الدكتور عبدالعزيز المقالح، الذي كان ينهض لمصافحتي وأنا الطالب البسيط في سنوات دراستي الجامعية الأولى، وحدثت الشعراء عن ثلاثة معالم أعجبتني في صنعاء: باب اليمن، وعبدالعزيز المقالح، وعيون الصنعانيات. كنت بدوياً أسمر الروح، يذهل لرؤية البشرة الصافية. نحن القادمين من البوادي أهل بشرة سمراء، وعندما نقف أمام البشرة الفاتحة نخال نجوم السموات تمشي على الأرض. كان بياض الصنعانيات شيئاً أشبه بما كانت الجدات تحدث به صغارهن عند النوم عن حكاية الجنيات الجميلات الخارجات من محارات البحار البعيدة. صرخت يوماً في مجلس أمام مجموعة من أصدقائي، أتوا يجادلونني في صنعاء، لأنني أكثر الحديث عنها على حساب بقية المدن في اليمن، صرخت: صنعاء أجمل مدينة على وجه الأرض. صرخت وأنا حينها كنت لا أزال في مراحل العشق الأولى، أقف أمام جسد صنعاء، لم أتجاوز بعد إلى روح المدينة. لم أكن قد جالست أحد أصدقائي في بيته في صنعاء القديمة، لم أكن قد ذهبت إلى قبة المتوكل، والجامع الكبير والسمسرة ، ولا دخلت أسواق صنعاء القديمة، والتحمت بروح المكان، وأكلت وجباتها الشعبية في مطاعم يقعد فيها التاريخ يحتسي فنجاناً من القهوة، ويستمع إلى أغاني الآنسي والسنيدار والكبسي وجميلة سعد.
بعدها بسنوات، تجاوزت القشرة إلى لب صنعاء، واقتحمت السور التاريخي لتسبح روحي في فضاء المدينة. عشقت الروح الصنعانية، في رجالها ونسائها، وشوارعها وأزقتها، ومطاعمها الشعبية، والطريقة التي يناديني بها أهل صنعاء عندما لا ينطقون الحرف الأخير من اسم «محمد». أنشدت القصائد في «صنعاء أجمل نساء الأرض». انحزت إليها تماماً، وانقطعت لوصالها في محراب عاشقها الكبير الدكتور عبدالعزيز المقالح، الذي قال إن صنعاء «كانت امرأة هبطت في ثياب الندى ثم صارت مدينة».
كتبت في صنعاء الكثير من الشعر والنثر، وذهبت إلى مقائل أدبائها وشعرائها، وحضرت عند البردوني، وخالد الرويشان، وأحمد العواضي، وحسن الشرفي وصديق متصوف جميل يسكن صنعاء القديمة اسمه عبدالعزيز عبيد، لكني انقطعت بعدها للعبادة في زاوية «العارف» الكبير الدكتور عبدالعزيز المقالح. بعدها لم أعد أرى المدينة إلا من عيني شاعر «كتاب صنعاء».

وفي صنعاء سكنت قبل سنوات في منزل إيجار يتبع الحاج حمود المطري، رحمه الله، الذي كان يدعوني إلى مقيله. كانت زوجته تعد متطلبات المقيل، من ماء بارد وقهوة، وشيء من البخور، ثم نجلس في جو أسري حميم، كان زيدياً متديناً يحب آل البيت، ويحب الصحابة. وكان يحب البدو. كان يقول لي مازحاً: «عليَّ الحرام ما دخل الجنة بدوي واحد»، أرد عليه: ولن يدخل النار بدوي واحد. يقول: «ليش»، أقول: لأنها ستمتلئ من بني مطر (ههههه). يرد: أين تروح من قوله تعالى: «هل امتلأت، فتقول هل من مزيد»؟ يغلبني الشيخ المطري، وألجأ للصمت.
الصنعاني بسيط كريم، صاحب نكتة وحلو الروح، وكلما خرجت إلى ريف صنعاء وجدت جوهر الإنسان اليمني النقي، كما تجد هذا الجوهر في عمران وصعدة والمحويث. وتذهب إلى ذمار فيسألك السائق من أين قدمت؟ فتقول: من صنعاء. فيقول بسخريته المعهودة: «ذماري بصنعانيين». أما إذا ذهبت إلى حجة فلعلك تشاهد ملائكة السماء تمشي على الأرض. اتحدث تحديداً عن الإنسان اليمني في محافظات بعينها، ليس لنزعة جهوية مناطقية، ولكن لأن أبناء هذه المحافظات تعرضوا لعمليات إعادة منتجة رهيبة خلال الشهور الماضية، لترسم لهم صورا بدائية بفعل اختطاف الحوثيين لهذه المحافظات، واعتمادهم على بعض أبنائها في حروبهم العبثية ضد إخوانهم اليمنيين. أتحدث عن هذه المحافظات وأتساءل، كيف استطاع الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وزعيم المتمردين الحوثيين عبدالملك الحوثي أن يشوها صورة الحاج «حمود المطري» الزيدي النبيل، في أعين غالبية أهل اليمن، في محافظات السهل والصحراء؟ كان المرحوم حمود المطري يتحدث بعشق عن أطيب أنواع البن اليمني: المطري واليافعي، بدون تمييز، كان يصلي وراء إمام يضم، وكان يحب النبي وآله، وكان يحب صحابته وزوجاته، وفوق ذلك، كان يمهلني إذا حان وقت الإيجار وأنا في ضائقة مالية، بل كان يعرض المساعدة وقت الأزمات المالية وما كان أكثرها.
واليوم خطف علي عبدالله صالح وعبدالملك الحوثي، صديقي القديم حمود المطري مني، وجعلاه في مواجهة مفتوحة معي، ومع محيطه اليمني والعربي، وعزلاه تماماً عن العالم، ليواجه مصيره مرة أخرى، بفعل سياسات الطيش والحمق والعناد والاستكبار والحرص على السلطة والثروة، وخداع الناس باسم الله والنبي والآل والدفاع عن السيادة الوطنية التي اختصروها في الدفاع عن نفسيهما بعد تحالفهما المشؤوم ضدي وضد حمود المطري وضد صنعاء. لقد وضع صالح والحوثي أبناء المناطق التي ينتمون إليها في مواجهة خاسرة مع أبناء شعبهم، ومع أبناء أمتهم، وربما مع العالم بأسره.
قبل ليالٍ كنت أستمع إلى علي عبدالله صالح، في حوار متلفز، وقد تغير كثيراً، يحاول أن يتجلد، ولكن علامات الانكسار واضحة على وجهه، كانت لغة جسده تختلف تماماً عن لغة لسانه، وكانت تناقضاته كثيرة، وكان الملعب قد بدأ يضيق عليه، وهو يتوسل وقف إطلاق النار حيناً، ويحاول إظهار التحدي حيناً آخر. شعرت بالأسى، وأنا أرى الرئيس السابق يحمل الآخرين المسؤولية عما حدث، ويبرئ نفسه من التبعات، مع أنه تسبب مع غيره بالطبع في كل هذا الدمار. تذكرت صنعاء التي قالت مرة إنها عندما تسمع الطائرة الحربية تحوم فوقها تهرع وتغطي جسدها بكامل ملابسها، خشية أن تموت بالقصف وهي بملابس البيت، فيرى الرجال منها بعد موتها ما لا يجوز أن يروه في حياتها. اصطكت أسناني، وأنا أرى الحاج حمود المطري يطل من قبره ماسحاً لحيته بيمناه – كعادته عندما يستنكر أمراً ما – ويقول: «الله المستعان»

غريب 10-17-2015 06:38 PM

رد : فنجان قهوة في صنعاء
 
لا بارك الله في الحوثي وعفاش الذين مزقوا نسيج المجتمع اليمني دمروا اليمن ودمروا صنعاء صنعاء التي تغنى الشعراء بها في قصائدهم .

صنعاء جميلة بفنها المعماري وببساطة أهلها وترحيبهم بالضيف وإكرامهم له
من المناظر التي لا تنسى في صنعاء منارات أو مآذن المساجد المرتفعة ،، ومطاعم السلتة وبائعات الملوج (الخبز ) وبائعين الكدم والبوفيات المنتشرة في كل مكان والتي تقدم شاي لم أذق مثله إلا في صنعاء كأس شاي يعدل المزاج يضيفون إلى الشاي بهارات
تعود بي الذاكرة لشارع التحرير والمكتبات والبسطات المنتشرة على جانبي الطريق مليئة بالكتب أي كتاب تبحث عنه تجده هناك ،
ومن أراد أن يكحل ناظريه بالجمال الصنعاني يتمشى في شارع جمال ليرى العيون الناعسة من خلف البراقع والعبايات ، رشاقة حشمة ، غنج ،دلع . أصوات جميلة لهجة لا تجيدها غير الصنعانيات .

بعد كل ما حصل هل ستطئ أقدامنا صنعاء ونمشي فيها آمنين مطمئنين مثلما كنا من قبل نعتبرها أرضنا ،

حسبنا الله ونعم الوكيل على الحوثي والمخلوع الذين مزقوا نسيج مجتمعنا اليمني

طاش 10-17-2015 06:47 PM

رد : فنجان قهوة في صنعاء
 
الله المستعان يامحمد جميح ,, قالها المطري يوم أطل من قبره

يعطيك العافيه غريب

غريب 10-17-2015 06:54 PM

رد : فنجان قهوة في صنعاء
 
إقتباس:

إقتباس من مشاركة طاش ماطاش (المشاركة 381865)
الله المستعان يامحمد جميح ,, قالها المطري يوم أطل من قبره

يعطيك العافيه غريب


الله المستعان

يا طاش صنعاء عشق أبدي لكل من زارها كيف يكون حال من سكنها

خلاف جميع اليمنيين مع الحوثي وعفاش ومرتزقتهم .ليس مع صنعاء وأهل صنعاء الطيبين المسالمين هم ضحية مثلنا ،

انثر مشاعرك عن صنعاء يا طاش هنا

طاش 10-17-2015 07:50 PM

رد : فنجان قهوة في صنعاء
 
تبعثرت المشاعر بعد صنعاء وساكنيها سلام الله عليها وعليهم , بعد نيرونها ودنبوعها ,,

تعال نشرب فنجان قشر ياغريب ,,

باوزير العباسي 10-17-2015 08:43 PM

رد : فنجان قهوة في صنعاء
 
صنعاء حوت كل فن ...وفيها من الصفات الجميله لاتوجد في اي عاصمه في العالم ...سبحان الله يعطي وياخذ

غريب 10-17-2015 09:04 PM

رد : فنجان قهوة في صنعاء
 
إقتباس:

إقتباس من مشاركة طاش ماطاش (المشاركة 381878)
تبعثرت المشاعر بعد صنعاء وساكنيها سلام الله عليها وعليهم , بعد نيرونها ودنبوعها ,,

تعال نشرب فنجان قشر ياغريب ,,


أنا موافق فنجان قشر وإلى جواره ماء مبخر وقات ذحلة ،، طبعاً كل هذا بعد وجبة غداء صنعانية دسمة ( مرق _ هريش +أو جريش نسيت اسمه وسلتة وخبز وصحن رز مغطى باللحم وشفوت وصحن سبايا بنت الصحن )

فنجان قشرك يا طاش قضى على فنجان قهوة محمد جميح

روح السراب 10-26-2015 11:47 PM

رد : فنجان قهوة في صنعاء
 
لأول مرة اقرأ شئ لجميح يشدني حتى الحرف الأخير
أجد فيه شئ من الحميمية وكأنه يكتب عن بعض مشاعري تجاه صنعاء
لاسيما باب اليمن والسير تحت المطر والجلوس على المقاهي الشعبية
وشرب العصير من الكافتيريات التي لايخلوا منها شارع
صدقا لأول مرة أجلس فيها في مقهى كان في صنعاء كنت أنا وزوجي
وإحدى زميلاتي كنا نمزح قلنا نحن حاسدين الرجال الي جالسين هنا
فإذا بزوجي يستتجيب لنا ويقول تعالوا نشرب شاهي
والله ماشفت اي سلوك جعلني أشعر بأننا نعمل شئ غلط عكس عندنا
في عدن عيب تجلسي في مقهى ، قلت لهم عندي احساس إن صنعاء
خليط من سوريا والقاهرة أحببتها كثيرا وكلما غبت عنها زاد حنيني
اليها والسير تحت المطر


شكرا لك غريب على هذا النقل واتاحة الفرصة لنا لقرأة هذا المقال ،،

تحيتي وتقديري ،،

غريب 10-29-2015 06:03 PM

رد : فنجان قهوة في صنعاء
 
إقتباس:

إقتباس من مشاركة روح السراب (المشاركة 383567)
لأول مرة اقرأ شئ لجميح يشدني حتى الحرف الأخير
أجد فيه شئ من الحميمية وكأنه يكتب عن بعض مشاعري تجاه صنعاء
لاسيما باب اليمن والسير تحت المطر والجلوس على المقاهي الشعبية
وشرب العصير من الكافتيريات التي لايخلوا منها شارع
صدقا لأول مرة أجلس فيها في مقهى كان في صنعاء كنت أنا وزوجي
وإحدى زميلاتي كنا نمزح قلنا نحن حاسدين الرجال الي جالسين هنا
فإذا بزوجي يستتجيب لنا ويقول تعالوا نشرب شاهي
والله ماشفت اي سلوك جعلني أشعر بأننا نعمل شئ غلط عكس عندنا
في عدن عيب تجلسي في مقهى ، قلت لهم عندي احساس إن صنعاء
خليط من سوريا والقاهرة أحببتها كثيرا وكلما غبت عنها زاد حنيني
اليها والسير تحت المطر


شكرا لك غريب على هذا النقل واتاحة الفرصة لنا لقرأة هذا المقال ،،

تحيتي وتقديري ،،

شكراً لك روح السراب على طرحك جزء من ذكرياتك الجميلة وحنينك لصنعاء عشنا معك جو صنعاء برذاذها ومقاهيها وطيب ساكنيها ( صنعاء عشق أبدي لكل من زارها )


جميع الأوقات GMT +3. الساعة الآن 08:30 PM.

.
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
.


Search Engine Friendly URLs by vBSEO

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66