منتدى الآصالة والتاريخ حريب بيحان

منتدى الآصالة والتاريخ حريب بيحان (https://www.hreeb-bihan.com/vb/)
-   حريب بيحان للخواطر المنقولة (https://www.hreeb-bihan.com/vb/forums/hreeb137/)
-   -   اغتالوا امجد (https://www.hreeb-bihan.com/vb/threads/hreeb51761/)

روح السراب 05-15-2017 02:03 PM

اغتالوا امجد
 
[align=center][tabletext="width:70%;border:6px double red;"][cell="filter:;"][align=center]


اغتـالوا أمـجد

هذا ليس عنوانا لمرثية قادمة، وليس خبرا لفاجعة جديدة، هذه رسالة أضحكتني.. اغتالوا أمجد!
يالها من رسالة سخيفة، مثيرة للضحك والسخرية معا.

في السادسة صباحا، أي قبل ساعة من اللحظة التي أكتب فيها هذه الجملة، قفزت بوجهي رسائل الواتساب دفعة واحدة بسبب سوء التغطية في صحراء الربع الخالي على مشارف حضرموت.
اغتالوا أمجد..
على هذه الرسالة بالذات وقعت عيني، وعليها وحدها كان الرد بالسؤال.. أمجد من؟

في الحقيقة، لم أكن بحاجة لطرح هذا السؤال الغبي الذي تعثر لدقيقة احتاج منها قلبي أقل من ثانية لينتفض بعد الضغط على أيقونة الإرسال مباشرة.

ومن غير أمجد عبدالرحمن؟!
لمعت صورته في البال، وصارت مئات الرسائل التي وصلت بنفس العبارة، حتى غمزة العين والقلوب والورد، بدت في عيني هكذا.. اغتالوا أمجد.

كانت الرسالة من صلاح الذي تربطه بأمجد قرابة عائلية، وتربطني بهما صداقة و حب و ذكريات بيضاء كزهر اللوز.

صاحب الرسالة لم يرد. ربما كان عليه أن يقول بعدها إنه يكذب، لكنه لم يقل، وأنا الآن بحاجة إلى أمجد ليقول إن الرسالة و معها كل المنشورات التي اندلقت على صفحات الفيسبوك، مجرد كذب ومزح ثقيل.

كل الأخبار تقول إن أمجد مات، كل الأصدقاء يرفعون صورته على صفحاتهم بدلا عن صورهم الشخصية، وكل ما أتمنى، أن يقفز صوت أمجد من سماعة الهاتف ليقول كالعادة، وبدون مقدمات أو سلام، اسمع يا رفيق، معنا معرض للكتاب لمدة ثلاثة أيام في جامعة عدن وأنت ضروري تحضر تغير جو بدل الجلسة بالفندق ليلا ونهارا، وقد هي فرصة نسمع لك مشاركة و يتعرف الشباب على دحباشي طيب، نضحك معا، وبلا خجل أكذب عليه بالموافقة وأنا أضمر نية النوم في اليوم التالي، وهو ما يحدث فعلا، غير أن قلب أمجد المتسامح كان يغفر لي في المساء مقابل وعد كاذب بالحضور غدا، وهكذا حتى انتهى معرض الكتاب.

وعلى ذكر الكتاب، كان أول لقاء لي مع أمجد في مكتبة خالد ابن الوليد التي تقع محاذاة الفندق، حيث أسكن بكريتر.
لقد صافحني صديقي بحرارة وكأنه يعرفني منذ الأزل، وليس عبر مواقع التواصل الاجتماعي ورسائل الماسنجر .
وبينما هو يعاتبني على دخول عدن دون أن إشعاره بذلك، كان مازال ممسكا يدي بكل حفاوة وحب، بينما كنت مشدوها به، إذ لا يعقل أن يكون هذا الولد النحيل الذي يقف أمامي، هو ذلك المفسبك المشاكس الذي يناطح كبار الكتاب والساسة والصحفيين، ويخوض معهم نقاشات وجدلا كبيرا حول قضايا سياسية وفكرية، بمعرفة وثقة، وبوعي تام.
أنت أمجد متأكد، تبدو طفلا وديعا بعكس الفيسبوك.. كنت أمازحه ونحن نغادر المكتبة ونضحك، وكان أمجد يعرض علي خدماته ويقترح الأماكن التي يجب أن يأخذني إليها لكي أتعرف على عدن و أرى كم هي جميلة بالحب و موجوعة بالحرب، ولقد كان يحاول أن يبدد القلق الذي يتقمص وجهي جراء توجس المدينة لهجتي الشمالية التي تذكرها بالجرحى والشهداء وبالدمار الذي مازال شاهدا على دناءة وحقد وبشاعة الانقلابين الذي أوجعوا عدن في سكانها وفي سكونها.
سامحني يا أمجد، أنا الآن أهذي وأستدعي تلك التفاصيل التي كانت حتى البارحة بلا معنى، أتذكر يا حبيبي برود أعصابك عندما قال لك الريسبشن إن الزيارة إلى الغرف ممنوعة، وكيف أقنعتني بالبقاء في الفندق بعد أن قررت مغادرته نتيجة تعامله معك، معللا ذلك بانعدام ردة الفعل الانتقامية من كل ما هو شمالي، في كريتر بالذات.

لقد عشت في عدن لنصف عام، لم يسألني أحد عن هويتي، ولم يحدث أن أحدا ضايقني بسبب لكنة القاف على لساني، رغم أنني أنطقها بنفس طريقة ولكنة أعداء عدن.

لقد كانت عدن تشبهك يا أمجد، مسالمة وحنونة ومتسامحة وأكبر من كل الخلافات، وإنني هنا لا أرثيك، بقدر ما أكتب في رثاء عدن.

أنا اليوم يا أمجد أعترف لك أنني كنت أكذب عليك عندما أعدك بالمجي، وأكذب عندما أقول لك إنني لم اسمع جرس التلفون حسن اتصلت وتجاهلتك لكي أعتذر بكذبة أخرى، لقد كنت تصدقني وكنت لا أخجل من تكرار الكذب، ويا ليت لو أن بإمكاني أن أكذب عليك مجددا.

لم تكن أيها العصفور الوديع صغيرا ولا سطحيا، بل كنت كتابا مفتوحا على المعرفة ومكتوبا بالنقاء، لم يزل صوتك عاليا وأنت تجادل حسام ردمان حول النظريات الاشتراكية وخطر الإمبريالية، وتناقشه في الفلسفة والفكر مستشهدا بأقوال هيجل وكارت وتشومسكي والجابري وا داورد سعيد وأسماء كثيرة لا أحفظها، كما كنت بارعا وأنت تتحدث عن إشكالية فهم الدين وتفسيره الذي يتماشى مع الإرهاب ويجافي روح الأديان السماوية، بالإضافة على قدرتك الهائلة على استحضار قصائد الشعراء وطرائف الأدب العربي والأجنبي من امريء القيس إلى هيميروس، ومن المتنبي إلى شيكسبير.

لطالما جرجرتني إلى عدن الوطنية حيث الرفاق هاني الجنيد وحسام ردمان والكتب والأفكار والجدل والاختلاف والشتائم عند انسداد الأفق الجدلي، ثم القهقهة والعودة إلى المحبة والحشوش واستحضار قصة إعادت تسمية الشيخ عثمان بعدن الوطنية، ليتك ما عرفتها ولا منحتها كل ذلك الحب وشرف ملامسة نعلك وهي التي سمحت لساقط أن يطفيء قلبك ويهرب، ليتك أيضا عملت بنصيحتك لي وبقيت في عدن القديمة، كريتر، حيث الجيملات اللواتي قلت إنهن يشبهن بنات صنعاء القديمة، ويتفوقن عليهن بالبخور الذي يقفز عليك من صدروهن كلما مشيت بالقرب من إحداهن.

لم يعد التمني مجديا، ولن أراك بعد كل مقابل المكتبة وأنت تذهب أو تعود بصبحة الرفيق هاني الجنيد أو مع أبناء حارتك الذين تعودوا أن يسمعوا عباراتك المعتادة.. أعرفكم على الشاعر. الشاعر الذي استغرق اليوم خمس ساعات ليستحضر ذكرياته معك ويسقط مع كل كلمة بعد أن صارت اللغة أقل من تمجدك يا أمجد، والكلمات أصغر من أن تقف في جلالك أو تلوح لوداعك.

لقد رحلت يا أمجد!
يد آثمة اغتالت الكلمات بين أصابعك، وقلب مجخي بالسواد، أطفأ نور قلبك يا صديقي.

المعتمون يغتالون نور الله فيك وهم يحسبون أنهم يتقربون إلى الله بك.

الجبناء يطلقون النار على صوتك الشجاع، على هديل الحمائم وشدو العصافير فيك، على الله والطبيعة، على اليقين والشك، على الأسئلة المطلقة واحتمالات الأجوبة، وعلى طهرك وشرف الوطن فيك.
وداعة الله..
لك المجد يا أمجد..
ولروحك الخلود يا صاحبي.


عامر السعيدي
[/align]
[/cell][/tabletext][/align]

عذب المعاني 05-15-2017 02:31 PM

رد : اغتالوا امجد
 
الله يرحمه ويسكنه فسيح جناته

طاش 05-15-2017 03:53 PM

رد : اغتالوا امجد
 
الله يرحمه
والقاتل والمخطط والمفتي لهم الى جهنم وبئس المصير

وردة الامل 05-15-2017 06:57 PM

رد : اغتالوا امجد
 


مؤثر جدا
اسال الله له الجنان يارب
http://s01.arab.sh/i/00052/8q82ads4ei6u.gif

الكمكازي 05-15-2017 07:40 PM

رد : اغتالوا امجد
 
رحمة الله عليه رحمة الابرار ـ
هنا انتحاب فكر واعتصار كلمات وعبارات ممزوجة بالأم من صديق الى صديقه وعنه ـ
قال فيه شهادته مبنية على ما عرفه فيه وعنه ـ
فعظم الله اجره في صاحبه وصديقه ـ
ورحمة الله تحف الأوفيا دوما ـ
روح المكان عظم الله اجرك واجور اهالي عدن الباسلة في فقيد الجميع.

الأباتشي 05-16-2017 01:41 AM

رد : اغتالوا امجد
 
الله يرحمه برحمته.

روح السراب 05-16-2017 02:33 AM

رد : اغتالوا امجد
 
شكرا لكم جميعا على هذا الحضور وهذا التفاعل الراقي
عظم الله أجرنا وآجركم
مات الأمن والأمان مع موت أمجد
مات الحق
حق الانسان بأن يحيا
ولتسكت كل الاصوات التي تدعي
بأنهم يعملوا لأجل الوطن ،،


جميع الأوقات GMT +3. الساعة الآن 01:55 AM.

.
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
.


Search Engine Friendly URLs by vBSEO

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66