منتدى الآصالة والتاريخ حريب بيحان

حال العيد في بيوت

كان العيد مناسبة تدخل السرورعلى كل بيوت المسلمين، عندما كان التعايش والتآخي والتراحم فيما بينهم آنذاك، حيث كان الميسر يغدق على المعسر حتى أن العيد كان فرحة واسعة تغشى كل الديار المسلمة.
وفيما العيد اليوم يدخل الفرح والسرور على الأسر الميسورة، في الحال يسيطر الحزن ويعم الأسر المعسرة، وهذا يعود إلى إلى البون الشاسع الذي أوجدته أنظمة الفساد والإستبداد بين طبقات المجتمع، حيث جعلت من المجتمع صنفين لا ثالث لهما، صنف يعيش قمة الترف والبذخ، وصنف يعيش أسوأ حالات الفقر والحاجة، وبعد أن نزعت بعض القيم والإخلاق الإسلامية عند بعض الشعوب والأسر المسلمة، أصبحت لا تراعي ولا تأبه لحاجة الجار من بيت أو شعب، مما جعل العيد عند تلك الشعوب والبيوت هماَ وحزناً يخيم عليهم لما يرون من حال ترف يعيشون فيه إخوتهم ولا يبالون بهم، وهكذا يبقى الحال حتى تنقضي أيام العيد.
يذكر لي أحد الأخوة المقيمين بالسعودية واصفاً يوم العيد بأسوأ الأيام في الغربة لعدم وجود من يشعره بانس العيد، بل يجد الكل يشعرونه بالغربة والوحدة والتمييز العنصري وكأنه ليس من بني البشر.
وهذا ما رأيته اليوم واضحاً في وجوه عدد من الصومال ومثلهم كثير من المتواجدين في المدن اليمنية، الذين لم يجدو من يبتسم في وجوههم أو يشعرهم بفرحة العيد، كأن يقدم لهم شيئاً من أضحيته كما أنها ليست له خالصة، ولكن قلّ من تجده لا يزال متمسكاً بآداب العيد والأضحية، فتجده يدخل السرور في ذلك اليوم على من يعرف ومن لا يعرف.
وهناك من البيوت من يدخل الحزن على بيت جاره من خلال البذخ والإسراف في الملبس والمأكل وألعاب الأطفال، مع عدم مراعاة حقوق ومشاعر الجار ذو الحاجة، مما يجعل الحزن يخيم على الأسرة وبالذات الأطفال عندما يرون أطفال الجيران يمتلكون العديد من الألعاب، فيدخلان الأسى والحسرة على قلوب والديهم لعجزهم عن تقديم ما يدخل السرور إلى قلوب أطفالهم.
عاد العيد بالفرح والسرور على بيوت، وبيوت أعاد إليها ذكريات حزينة لأيام خوالي، أعاد إليها ذكرى لحظات مؤلمة وأخبار مرّة، وأحداث مأساوية، أعاد إلى ذاكرتها أب أو أم كانا يعيشان معهما، أو أطفال كانوا يلعبون بفناء بيت كانوا يعيشون معهم تحت سقفه،
عاد العيد فزاد من هم الأسير في أسره، وزاد به الشوق إلى الخلاص والحرية، وزاد بأهله الحنين إلى وجوده بينهم، عاد العيد فتذكرت الأم الثكلى إبنها الذي مضى شهيداً، عاد العيد فزادت مأساه لاجيء هرب من جحيم الحرب والدمار، وزاد به الحنين إلى العودة والعيش في الديار، عاد العيد فزادت هموم مبعد في المهجر، وزداد به الحنين إلى العودة والعيش في أحضان الوطن بعزة وكرامة.
وأخيراً لا ننسى شعب يذبح بيوم عيد، وشعوب سرعان ما أحتفلت، وجهرت بفرحة العيد حتى في الإعلام، وكأنها نست أو تناست مأساة شعب يذبح بيوم عيد كما تذبح الأضحية.
ولم يتألم الجسد الواحد مما يشكوه أحد أعضاءه، ولم تستشعر الشعوب المترفة والآمنة معاناة شعب من بني جلدتهم وعقيدتهم.