منتدى الآصالة والتاريخ حريب بيحان - متى تصبح أهدافنا واحدة ؟!

تغيير منحى القرار وتأخير تنفيذه هو كل ما نلمسه من تطور إزاء الأحداث الدائرة في الوطن, والجميع لا يستبعد أن تأتي الأيام القادمة بما هو أسوأ مادامت أطراف الصراع السياسي متكافئة عدة وعتاداً ومادام الشعب مسلحاً ومادام هذا الوضع قد أفرز بلاطجة تحت الطلب من كل شكلٍ ولون.. فوضى عارمة تتنامى كل يوم بعد إصدار أي قرار أو ظهور أية مبادرة أو صدور أي تصريح، الكل يتربص بالآخر، الكل يريد الوصول إلى أهداف بغيظة قصيرة المدى تكاد تختفي بين طيات لفظية لها معانيها لدى الكبار لكن ليس لها معنى عند الصغار لأنهم هم من يدفع ثمن كلمات النهار التي تتحول إلى قذائف بعد منتصف الليل أو ربما قبله!
أصبحت التصريحات الصحفية والسياسية والاجتماعية تصب في مصبٍ واحد باحثة عن ردة فعل واحدة، ربما سارت في نفس الاتجاه لكنها لم تقصد في باطنها نفس المعنى.
تصريحات خطتها مكللة بالأزهار تتطاير حولها حمائم السلام وإذا بها أفخاخ يضعها السياسيون في طريق بعضهم البعض وللأسف لا تنفجر إلا في وجه الأبرياء ممن يسلكون طريق التفاؤل باحثين عن أملٍ جديد يعيشون في ضوئه مهما كان خافتاً، وعلى الأقل يبددون به ظلام اليأس والقنوط والخوف الذي يتضاعف حين تنطفئ الكهرباء بذلك الشكل المتواتر والمتعمد الذي يهدم مشاريع المساء العتيق على مشارف اللحظة حين نحاول أن نكون بشراً كما عرفنا أنفسنا منذ أول الخلق لا كحشرات منزلية مؤذية تستحق القتل والتصفية كما أصبح الكبار يروننا اليوم!
القرارات التي تتحرك خلف الكواليس من قرارات بيضاء إلى حمراء ...إلخ لا تمثل تأثيراً قوياً على الرأي العام العالمي أو المحلي ربما لأنها لا تحمل ما يكفي من الجدية والتطبيق الفوري، فالملاحظ أن كل محافظة تسير وفق جدول زمني ومكاني مغاير لسواها من المحافظات فيما يخص مجموعة القوانين والأنظمة الحكومية، وكمثال على ذلك سعر البترول والديزل الذي التزمت به محافظة عدن ولم تلتزم به باقي المحافظات, أسعار المواد الغذائية أيضاً التزمت به بعض مناطق صنعاء ولم تلتزم به محافظة تعز، موجة التعصب الأعمى والتأثر المجنون والحمية اللا موجهة هي سبب أول ورئيسي للكثير مما نحن فيه اليوم، إذ إن تشتت الآراء يولد تعدد الاتجاهات ومن ثم تشكل الجماعات ذات القناعات المتفرقة، ولهذا تصبح هناك أقليات عابثة وأغلبيات تحتكم لسلطتها الذاتية ومسارات سياسية متنوعة تخدم أذيالها قبل أن ترعى مصالح الوطن.. اليوم يسعى العالم الخارجي للحفاظ على مصالحه داخل بلداننا العربية وهو يحاول إلقاء الأحجار في البئر فقط حتى يبدو لنا أن اهتماماً تحظى به الحملان من ذئاب الوادي يمكن أن يمنع وليمة عشاء على طريقتها!
لقد أصبح من الصعب أن يفكر المرء اليوم بما يمكن أن يكون عليه الأمر غداً لأن تطورات سريعة جداً وآراء متقلبة كثيراً تحول مسار الأمور عن طريقها لتزرعها كألغام في طريق أطراف أخرى، سياق حذر تسير وفقه الأمور لكنها أيضاً تقع في حفرة الأسوأ الذي يخاف منه الجميع وأنا أعتقد أن عدم وجود الإخلاص في نوايا جميع الأطراف ذات الصلة بالأزمة في الوطن هو من أخر مسألة الوصول إلى حلول جذرية لهذه الأزمة، ربما من الجيد أن نعترف أن شرخاً عميقاً في بنية المجتمع اليمني حدث بفعل الأزمة التي كانت صدى لصوت ثورات أخرى اجتاحت العالم العربي لكن هذا الشرخ ربما مسّ الانتماءات الحزبية وتوغل في أعماق البناء القبلي، إلا أنه لم يشتت اتجاه المطالب الشعبية الموحدة التي تدعو إلى السلمية كسقف سياسي لمطالبها ثم محاربة الفساد وتحقيق مبدأ الديمقراطية والعدالة الاجتماعية بين أفراد المجتمع، ولا أعتقد أن في هذه المطالب أية ازدواجية حزبية كما يروج البعض، إذ إننا أمام جيل من الشباب يعي تماماً ما يفعل وما يقول ولهذا لم تجد الأحزاب ذات المصالح الضيقة مكاناً علياً لدى هؤلاء الشباب الذين سمحوا للحزبية أن تشاطرهم الساحات ظناً منهم بوحدة الهدف، لكنهم أعلنوا بعد ذلك موقفهم الصريح منها حين اتضحت الأهداف وانكشفت النوايا وما زلنا حتى هذه اللحظة نعاني بعمق من سوء تلك النوايا التي يدفع ثمنها الجميع.