منتدى الآصالة والتاريخ حريب بيحان

منتدى الآصالة والتاريخ حريب بيحان (https://www.hreeb-bihan.com/vb/)
-   حريب بيحان للشعر المنقول (https://www.hreeb-bihan.com/vb/forums/hreeb46/)
-   -   الحب في زمن السرعة (https://www.hreeb-bihan.com/vb/threads/hreeb25118/)

جرحي عميق 05-26-2013 04:36 AM

الحب في زمن السرعة
 
الحب في زمن السرعة
لم يعد الحب مقتصراً على رسائل البريد المرمية تحت عتبات البيت
ولا على وردة تلقيها عاشقة لحبيبها أثناء مروره تحت نافذتها الولهانة
لم يعد الحبّ مهرباً ولم يعد جريمة كما كان في أيام نزار قباني
لم نعدّ نخبأه تحت الوسادة الخالية ولا نخفيه عن العيون الوقحة
لم نعد نرتبك حين يلقى القبض علينا متلبسين بسماع اغنية رومانسية
ولم يعدّ يهمنّا اللهاث الطويل وراء قصيدة تشبع شوقنا وجوعنا للحبيب ..؟؟

لقد صار الحبّ في زمن السرعة أشبه بأرنبّ مشلول
اقتصرت كل خطواته على ذكريات الطريق التي ركض فيها
وعلى البطولات التي اكتسبها يوما في مغامراته الطائشة الجميلة
صار الحبّ معلباً جاهزاً مثل وجبات التيك أوي تختار منه ما شئت
تتناوله من رفوف مواقع التواصل الاجتماعي دون أن تدفع ثمنه
وتستطيع في أي وقت اعادته لسوء التصنيع أو لانتهاء صلاحيته
لقد صار مجاناً وسهلاً ورخيصاً لدرجة أنه لم يعد أحد يصدق هذه الكلمة ؟؟

في هذا الزمن لم يعد الحب مقسوما على اثنين فقط بل صار منشطرا على نفسه
لم يعد يقتصر على الثنائي المنفرد بين الحبيب والحبيبة ولا العاشق والعاشقة
لقد دخل زمن التكنولوجيا عليهم وفرض حضوره بينهم بكل جسارة ووقاحة
وصار حلقة الوصل الوحيدة بين العشاق وآهاتهم والمجانين وأشواقهم
لقد صار الحب أسرع من ذي قبل في قدرته على احتلال الاخر
ولكنه للأسف خسر عنصر المفاجأة والدهشة ومحطات الانتظار القاتلة
خسر الترقبّ والقلقّ والشوق والتململّ في الكرسي والموت سريريا لاجل كلمة
خسر المعركة قبل أن يبدأها ورفع راية الهزيمة وتنازل عن حصونه التاريخية
لأن الحبّ بكل بساطة يا سادة هو احساس دافئ يجري بين ضفتين
وجريمة هذا العصر أنه قربّ الضفتين لدرجة الالتصاق فاختنق الاحساس بينهما ؟؟

أتذكر ما قاله يوما نزار عن رسائل الفاكس وكيف كان مبهورا بهذا الاختراع حينها
كيف يستطيع جهاز ما أن يمرر كلماتك التي تخطها على ورقة الى شخص في آخر العالم
كيف اختصر هذا الجهاز لعنة الانتظار وقضى على كل احتمالات فشل وصولها للاخر
كان نزار منبهرا به لانه يحمل خطه وتوقيعه وحبره بكل أمانة وصدق الى الاخر
لم يكن منزعجاً منه لأنه اختزل عليه أسابيع الانتظار لبرقية في صندوقه البريدي
ولكن في هذا الزمن زادت الدهشة أكثر وربما زادت الصدمة أكثر
فبريدنا هذا لم يعد رسوله صادقا أمينا على خطنا وحرفنا وحمل مشاعرنا
لقد صار بارداً مثل قطعة أيس كريم فيه كل نكهات العالم إلا نكهة حبك
صار ملونا ومزركشا بكل الخطوط المعروفة والغير معروفة
وصار مخادعاً وماكراً في حمل مشاعر لا تدلّ على صاحبها
وصار مملاً بطريقة فاجعة لأنه أفقدنا بكل أسف شرعية الشوقّ .

الانثى اليوم صارت مشروع محتمل على أي علاقة في هذا الزمن
لم تعد تضطر للخروج الى الاسواق او المنتزهات او الحدائق كي تسمع كلمة حلوة
ولم تعد مضطرة الى الابتسام أو المجاملة فقد أخذ عنها هذا الدور بكل وقاحة برامج المحادثة
ولم تعد تبحث عن علاقة عابرة للقارات دون أن يفضحها أحد أو يهتك سرها شخص ما
فصار أسهل شي لديها الان هو التخفي باسم مستعار كي تفرد سرير رغباتها لكل القارات
ولم يعد الحبّ مبتغاها الاول ولا همّها الاخير بل توحي للاخرين بكل خبث أنها فاقدة للحب
وتنسى أنها فقدت أنوثتها مسبقاً حين قررت أن تركب سفينة الأقنعة المزيفة كي لا ترى وجهها
فصارت تستطيع اليوم أن تكون العاشقة والراهبة والعاهرة والدافئة والمثقفة والتافهة بكبسة زرّ فقط..؟؟

الرجل اليوم صار احتمال مشروع لكل علاقة في هذا الزمن
صار سوق التعارف عنده أكبر ومساحات القنصّ لامرأة أوسع من قبل
وصارت عينه لا تشبعّ وقلبه لا يهدئ وشهوته ليس لها حدود وعقله مربوط بالرغبة
والفيضّ الهائل في كمية النساء المتواجدة جعله مثل الديك يظنّ أن الشمس لا تشرق إلا لسماع صوته
فصار أكثر عبثاً وذيله لم يعد يلعب به كما في السابق لأن ذيله صار طويلا بطول سور الصين العظيم
والحبّ عنده صار وجبة سريعة يتناولها مع أي امرأة ثم يستبدلها بسرعة كما يستبدل عجلة سيارته
لم يعد صادقا ولا حنونا ولا دافئا ولا جميلا ولا رائعا بل صار ثعلباً مكار يعرف من أين تؤكل الكتف
لقد خسر مسبقا رجولته التي كان يتبجح بها على المرأة فلم يعد رجلاً كما كان بل ذكرا كما يريد ان يكون
لقد خسر صلاحيته في أن يكون الرجل الاول عند حبيبته أو يكون على أقل التقدير رجلا ما كان في حياة حبيبته ؟؟

اليوم حين أكتب عن الحبّ في زمن السرعة
أكتب كي أنفض الغبار عن تاريخ جميل طاهر قبل أن تدنسّه أصابع السرعة والتكنولوجيا
أكتب كي أذكرّ الاخرين بروعة الزمن الذي فقدناه والذي ما زلت مصراً على استحضاره
اكتب لأولئك الذين ما زالوا مؤمنين بقدسية الحبّ وشرعية العشقّ وأغاني فيروز الصباحية
أكتب لتلك البعيدة عني والتي لا أطولها ولكني أهزمّ المسافات بيني وبينها بكلمة واحدة صادقة
أكتب لذاك الذي ينتظر على شواطئ العشق أن تصيبه موجة امرأة تقلب حياته رأس على عقب
أكتبّ لقلبي أولاً ثم لقلبها ثانياً ثم للناس الذين يصلون وراء حرفي كي أعرج بهم الى سموات العشقّ
أكتب ما أكتبه لأني أريد أن أقول ما في صدري بكل سرعة قبل أن يغادرني هذا الزمن بسرعة .

\
/

على حافة الوجع
عندما يرسم الحبّ أفكارنا
نحتاج إلى سماءً نُحلق فيها
وَ
ليس أرضاً نكتب عليها….؟؟

كثير الاسفار 05-26-2013 06:52 AM

رد : الحب في زمن السرعة
 
ولكنه للأسف خسر عنصر المفاجأة والدهشة ومحطات الانتظار القاتلة
خسر الترقبّ والقلقّ والشوق والتململّ في الكرسي والموت سريريا لاجل كلمة
خسر المعركة قبل أن يبدأها ورفع راية الهزيمة وتنازل عن حصونه التاريخية
لأن الحبّ بكل بساطة يا سادة هو احساس دافئ يجري بين ضفتين
وجريمة هذا العصر أنه قربّ الضفتين لدرجة الالتصاق فاختنق الاحساس بينهما ؟؟



جرحي يعافيك رببي

جميل ما اتيت به لنا ولاكن الحب القديم هو حب

عفيف شريف ولم يكن حب سرعه وحب مصلحه كما هو

الحب الحالي.........دمت مبدعا تقبل مروري

جرحي عميق 05-28-2013 06:55 AM

رد : الحب في زمن السرعة
 
شكرا لمرورك الكريم اخوي كثير اﻻسفار

منوى حريب 05-28-2013 10:34 AM

رد : الحب في زمن السرعة
 
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

قلب شبوه 06-06-2013 02:57 PM

رد : الحب في زمن السرعة
 
أرى ان الطرح مقالي نقاشي
ويجدر به ان يكون في قسم أخر


الله يحفظ الجميع من الاستخدام السيء للنت
واستغلاله لأغراض تمس بأخلاقنا


جميع الأوقات GMT +3. الساعة الآن 12:17 AM.

.
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
.


Search Engine Friendly URLs by vBSEO

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66