منتدى الآصالة والتاريخ حريب بيحان - الوطن .. رغيف خبز وثوره مصالح !

http://www.almorageb.net/photo/12-10-22-439756117.jpg
بقلم/د.حنان حسين‏‏
سأتناول في هذه الاطلاله مايختلج في صدر شعب بأكمله سأكتب عن الفقراء في عهد النظام وفي عهد تسمونه ثورة ، تذكرت موقفاً حدث لي في أحد أيام رمضان وأنا عائدة من الجامعة ، وفي مدخل الحارة التي اسكن فيها رجل عجوز اعتاد أن يمشط حارتي بجسمه النحيل وخطواته الضعيفة ؛
فعمره يقارب السبعين عاماً يبيع ( غزل البنات ) وأنا من حبي لغزل البنات وقفت لأشتري ليكون حلوتي عند الإفطار ، فكما هو اعتاد أن يبيع في حا
رتي اعتدت أنا أيضاً أن أشتري منه ، وبصراحة أعتقد إن طال بي العمر وأصبحت في عمره سأستمر في أكل غزل البنات فأنا مدمنة عليه وليس هذا المهم بل الذي جعلني اكتب ما حدث هو أني أعطيته ألف ريال وأخذت (عشرغزل) وأقفلت باب سيارتي لأمشي فضرب بهدوء على باب سيارتي وقال خذي الباقي فقلت له الباقي لك ، فالذي آلمني جداً وأحزنني تلك الفرحة التي علت وجهه الممتلئ بالتجاعيد وابتسامته التي ذكرتني بابتسامة كنت أنا أبتسمها وأنا طفلة عندما كان أبي يعطيني مصروف العجالة ، وقال لي يا بنتي هذا الكيس كله لا يساوي ألف ريال يقصد أن رأس ماله كله اقل من الألف الريال ، وهذا الذي جعلني أعتصر ألم هذا الرجل العجوز الذي يجوب الحواري في نهار رمضان يتعثر تارةً ويستريح تارةً ويستأنف المسير تارةً أخرى بضعفه وركاكة جسمه يبحث عن ثمن رغيف وربما علبة زبادي أو كأس قهوة ، هذه هي قصة الكثير من أبناء مدينتي بل بلادي ، رجعت إلي البيت وفي قلبي غصة ووجع وهو وغيره الكثيرين ليسوا بحاجة لوجعي ولكني تألمت ، فالفقراء بجانبنا وأمامنا وكأنهم ليسوا من البشر لا نأبه لهم ، فسقف أحلامهم الستر ورغيف خبز يسد جوعهم ، هم لا يهتمون بما يجري لأن ذلك لا يعنيهم وفي كل الأحوال والظروف سقط النظام أم لم يسقط وصل الطامحون للكرسي أم لم يصلوه ، فهؤلاء بالنسبة لهم ليسوا سوى مجرد شعارات يلفتون بها الرأي العام ، وفي كل الاحوال سيتمر جوعهم وفقرهم ، فهؤلاء يحملون الجنسية اليمنية ولكن لا حقوق لهم إلا في الأوراق ، فكم من المؤلم أن نظل نتباكى عليهم وهم لا يتغير عالمهم أبداً ، حتى أنا ألان أجدني أستغرب لماذا كتبت هذه السطور ؟ ولكن بعد غصة الوجع التي عصرتني أردت أن أبين ما هو مبين وأفسر ما هو مفسر ، الفقراء في بلادي ، فالمسألة لبعض الأحزاب هي صراعات فقط يتم من خلالها استغلال هذه الشريحة من الشعب النائم على وسادة المغالطات ، وسقط الشعب شهيداً بيد الأحزاب : أجل هذه هي الحقيقة المرة التي أيقنها الجميع ، قيادات هرمة شاخت وزاد تعطشها للمال والسلطة ، ولا استثني أحداً منها ، لعبة أفرادها الشعب ولاعبيها الأحزاب التي يفترض أن تمثل هذا الشعب البائس الذي حطم الرقم القياسي في التعرض للاستغلال من ذوي السلطة والقياديين وأصحاب القرار ، نعم أصبحت الأحزاب تمثل نفسها ومصالحها وتنشر أحقادها على بعضها ليموت الشعب ويجوع ويتعرى أمام الأمن والأمان فيصبح أول الضحايا للأسف الشديد هذا الشعب الذي قيل الكثير عن عظمته وعن حضارته ، ألا نعجب أن يقوده بعض الفاشلين الفاسدين إلى الضياع وهو دون حراك ، بل بكل حماس يسلم نفسه طائعا حالماً وليس واعياً هدف اللعبة التي ينجر إليها ، إنه شعبي الذي استُخدم دروعاً بشريةً في المعارك واستغل جسدياً ومعنوياً بأبشع الطرق والوسائل ، ولا يهم أن يكون شعب تخرجه من بيته بألفين ريال أو بوجبة غداء أو أي شيء آخر كما كان يقال ، هو شعبي في كل الأحوال واليوم الشعب أصبح يحلم بأقل القليل والمسئولون يراقصون الأطماع بغية الحصول على المزيد ، والنتيجة هي أن الشعب أصبح فقاعات صوتية والمستفيد هي قيادات الأحزاب ، وشعبي في كل الأحوال ثائر ويثور وسيظل يثور حتى يتبخر ، فقط من أجل أصحاب القرار ، فهل سنظل فقط نغلق أعيننا ونحلم ؟ أم سنظل ننتظر فرج الولادة المتعسرة لحكومة همها الأول والأخير مصالحها ؟ ، لقد سقطت أمنيات الشباب شهيدة بيد الأحزاب ومضينا نحن نبكي الأطلال وهم يجمعون الأموال وأصبحوا ملوكاً علينا وهم رأس الفساد ، والعجب العجاب أن البعض منا لا يزال يحسن الظن بالأحزاب ، سحقاً للأحزاب وعتبي على شبابنا الحر وصل إلى نصف الطريق فنفذ الزاد عليه فقرر الرجوع بعد أن دمر ما كان قد بُني ولم يستمر إلى أن ينال المراد ، عتبي على شباب سلم أولئك الفاسدين مصير البلاد والعباد ، وكنا في حال ليست بالأحسن ولكن زاد الحال سوءاً سأكتفي بما قيل وما يقال. ثورة ثورة لكن مولودها هو (شرعنه الفساد))