منتدى الآصالة والتاريخ حريب بيحان

منتدى الآصالة والتاريخ حريب بيحان (https://www.hreeb-bihan.com/vb/)
-   شواطئ الحرف والمقالة الادبية " بأقلام الاعضاء " (https://www.hreeb-bihan.com/vb/forums/hreeb50/)
-   -   عزازيل ، ومن يقتدي به فيعمل ضد نفسه ! (https://www.hreeb-bihan.com/vb/threads/hreeb14261/)

نايف مناع 10-11-2012 09:52 PM

عزازيل ، ومن يقتدي به فيعمل ضد نفسه !
 



يُحكى أنّ إبليس الرجيم الذي خرج من رحمة الرحمن الرحيم ، كان صغيراً إبان الحرب التي نشبت بين الملائكة ومعشر الجِّن الذين سكنوا الأرض قبل أن يخلق الله آدم ، تكاثروا وتناسلوا ، أمتلأت الأرض عفناً جرّاء عيثهم فيها فساداً ، سفكوا الدماء ، وأستباحوا المُحرّمات ، أحلّوا الحرام ، وأمروا بالمنكر ، ونهوا عن المعروف ، وأخترقوا حاجز المُقدّسات ، أستاءتْ السماء ، وضجّتْ الملائكة ، وحلّ غضبْ الربّ ، وفي سدرة المُنتهى تم إعلان الحرب ، برزتْ جنود الله من ملائكته لأولئك المردة فبدأت المعركة ، طرفاها النور والظلام ، الحق والباطل ، الخير والشر ، جنود الله وأعداءه ...

وضعتْ الحرب أوزارها بعد مرور أعوام طويلة حسب التوقيت الزمني لتلك البُقعة التي سكنها الجِّن قبل أن يهبط إليها آدم برفقة زوجته حوّاء ، وذلك الشيطان الذي أغراهما ودلاّهما من تلك الشجرة التي نهاهما الله عن الإقتراب منها ، في لمح البصر دارتْ المعركة لصالح جنود السماء ، نتائج الحرب لاتحتاج إلى إعلان ، والضحايا ليس من المُهمّ إحصاء أعدادهم ليتم تعويضهم ، لقد تم إبادة جيوش الظلام قتلاً بما كسبتْ أيديهم ، وحدهُ كان صغيراً لايقوى على الحرب التي خاض غمارها أسلافه الذين قضوا نحبهم في سبيل الضلال ، شفع له صغر عُمره ، لم تمتد أيادي الرحمة إليه بسوء ، عند العودة إلى السماء ، رافقهم ذلك الإبليس الصغير ، أسير حربْ ، ألفى السماء نور على نور ، لا تُشبه تلك التي جاء منها في شيئ ، ساوره هاجس البقاء في السماء ، عابداً مُتعبداً لربّ السماء والأرض وما فيهن ...

لكثرة عبادته الله ، حاز مكانة فاقتْ المكانة التي يشغلها بعض ملائكة السماء ، غبطته الملائكة ، ندم البعض على عدم قتلهم له ، بيد أن ذلك لم يدُمْ طويلاً ، بمُجرد أن خلق الله آدم بيديه الكريمتين ، من صلصالٍ من حماءٍ مسنون ، غزتْ الهواجس فكر إبليس تجاه ذلك المخلوق التُرابي الذي لم تدبْ الحياة فيه بعد ، عندما شاء الله النفخ من روحه الإلهية في جسد آدم ، أمر ملائكته السجود لذلك الرجل الطيني ، ليستخلفه في أرضه ، أعترض البعض منهم على خلافة آدم في أرض الله التي لم تجف دماء من سبقوه فيها ، خوفاً من أن يسلك نفس السلوك الذين سلكوه جنود الشيطان ، لم يخلق الله ملائكته للعصيان ، يفعلون ما يؤمرون به دون إنتظار المثوبة والأجر ...

بدأتْ الحياة تسري في أوصال آدم ، عندها حان وقت سجود ملائكة الرحمن ، سجدوا له ، وحدهُ ظلّ واقفاً دون سجود ، عليك بالسجود ياعزازيل – إسم ذلك الشيطان الذي كان صغيراً عندما كان أسيراً – كان ذلك صوت الله عزّ وجلّ له ، لن أسجد لمن خلقتْ من طين ، أنا خيراً منهُ ، خلقتني من نار ، والنار أفضل من الطين ، ذلك جواب عزازيل على الخالقُ تبارك وتعالى ...

غمر الإرتياح أولئك الملائكة الذين غبطوا عزازيل على إعتلاءهُ مكانة رفيعة ، وطفحتْ السعادة من الذين ندموا على عدم قتل إبليس حينما أسّروه ، العِرقْ دسّاس ، لقد غلب الطبع التطبُّع ، انتصر الأصل على النُسخة المُزيّفة المُصطنعة ، ذهبتْ عبادة عزازيل هباءً منثورا ، بعصيانه أوامر الله له ، لم يطلب منه الكثير ، أراده ان يفعل مثلما فعلتْ ملائكته ، ليُضفي عليه صفة الملائكة النورانية ، غير انّ طبيعة النار الحارقة لا تتوافق مع النور الملائكي المُقتبس من النور الإلهي المُقدّس ...

قُضي الأمر ، ولم يعُد أمام عزازيل سوى رجاء الله إرجائهُ إلى يوم البعث والنشور ، لسبب واحد لاغير ، إنّهُ الإنتقام من آدم و ذُريته ، و ضمّ الكثير إلى حزبه من خلال دعوته لهم لعصيان الله وعدم الإمتثال بأوامره ، وإجتناب نواهيه ، ليدخلون تحت رايته إلى جهنّم وبئس المصير ...

وحدهُ إبليس فوّتْ الفرصة التي منحها له الله ، وبدلاً من أن يكون عاقبة حسنة لتلك الأمُّة التي دالتْ وسادتْ ثُمّ بادتْ ، أبى إلاّ أن يكون عاصياً جاحداً بجدارة ، لايقبل أنصاف الأشياء ، لم يسجد ، ولم يشاء المساومة في قدرهُ ومصيره ، إمّا الرحمة من الله ثُمّ الجنّة ، وإمّا النار وبئس القرار ، فكان له ما شاء ، والله يفعلُ ما يشاء ...

كثيرون في حياتنا البشرية ، يُشبهون عزازيل ، من حيث قيامهم بالعمل ضد أنفسهم دون دراية ، يوردونها موارد الهلاك ، يسيرون في طريق الباطل يُصاحبهم اليقين أنّهم يمشون على طريق الحق ، يرون كذبهم صدق ، و شرّهم خير ، وعصيانهم طاعة ، وعقوقهم بِرْ ، وسيئاتهم حسنات ، وفسوقهم قداسة ، وقذاراتهم طهارة ، ومراوغتهم تحت أقنعة الزيف شطارة ، يسخرون من الغير ويحتقرونهم لينفوا عنهم مواطن السُخرية والإحتقار ، يفضحون أنفسهم دون أن يشعرون ، يرتضون أن يُداس عليهم بالأقدام دونما كرامة ، فهنيئاً لهم تلك المكانة التي أرتضوها لأنفسهم ، وطوبى لمن عرف نفسه ، وعمِل على كبح جماحها ، وألزمها مواطن الحرمان لكي لا يحقق لها هواها فتهوي به في هاوية سحيقة ، وطوبى لمن عرف الله وأتّقى وتزكّى ...


11/10/2012م

مأرب – حريب




سام 10-12-2012 12:54 AM

طاب قلمك وفكرك اخي نايف مناع على هذا الطرح الهادف
رغم جهلي عن تلك الحروب الافتراضية الا ان من يقرؤك لايجد بدا
من ارتشاف حرفك العذب والتهام اسلوبك الجذاب فهنيئا لك يراع فكرك الرقراق



نايف مناع 10-12-2012 08:13 PM



نُدرك أحياناً كثيرة أن الجهل في بعض المواطن نعمة ...


سام


مرحباً بك ، والحمدلله على السلامة ، وجمعة مباركة ، وكل يوم وأنت ومن تحب بخير ...


عظيم ودي

سهيل 10-12-2012 08:56 PM

الأخ نايف مناع سلمت اناملك ويعطيك العافية
طرح جميل وهادف وسرد رائع
اجمل تحية وجُل الود

نايف مناع 10-12-2012 09:11 PM



سهيل


مرحباً ملايين بك شاعرنا الفاضل بين حنايا القلب ، وفوق علائق الفؤاد ، وعلى ضفاف مُتصفحي الذي استنار وتألق بتحليق حرفك في سماءهـ ...


شكراً بحجم السماء لشخصك العذب ولحضورك البهي ...


عظيم ودي


جميع الأوقات GMT +3. الساعة الآن 06:47 AM.

.
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
.


Search Engine Friendly URLs by vBSEO

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66