منتدى الآصالة والتاريخ حريب بيحان

منتدى الآصالة والتاريخ حريب بيحان (https://www.hreeb-bihan.com/vb/)
-   شواطئ الحرف والمقالة الادبية " بأقلام الاعضاء " (https://www.hreeb-bihan.com/vb/forums/hreeb50/)
-   -   حكايتي مع الإرهاب !! (https://www.hreeb-bihan.com/vb/threads/hreeb15318/)

نايف مناع 11-06-2012 10:53 PM

حكايتي مع الإرهاب !!
 



كُنتُ – ولا زلتُ – أمقتُ جميع الأعمال التي أرتبطتْ بالعُنف والتخويف والترهيب ، لم أكُنْ أعرف أنني بتلك الكراهية المُزمنة ، إنّما أكره الإرهاب بمظاهره وأشكاله وأهدافه ، التي لاتخرج عن تحقيق مآرب كثيرة للإرهابي ، بما يقوم به من إرهاب ضد ضحاياه ، من أجل لفت أنظار الغير لقضيته التي يناضل بسببها ، تتعدد أشكال الإرهاب حسب مُرتكبيه من جهة ، وحسب الهدف منه من جهة أخرى ، وتختلف أهدافه بإختلاف المساعي التي يسعى القائمين عليه لتحقيقها ، ولكثرة الأعمال الإرهابية المُرتكبة في بقاع المعمورة ، وتصدرها العناوين الرئيسية لنشرات الأخبار المرئية والمسموعة ، ولتعدد المنشورات والتقارير والقوانين المتعلقة بها ، أصبح الكثير من البشر يعي مفهوم الإرهاب تبعاً لوجهات النظر الشخصية ، ومدى إرتباط ذلك الإرهاب بهم ، رغم عدم وجود تعريف متفق عليه لمصطلح الإرهاب ، بيد أن أغلب التعاريف لا تخرج عن إرتباطه بدوافع سياسية ضدّ الحكومات من قبل جماعات منظمة تسعى إلى تلبية مطالبها داخل الدولة أو خارجها ، وفي الآونة الأخيرة طفتْ على السطح الدوافع الأيديولوجية للجماعات والمنظمات الإرهابية التي تقوم بأعمال كثيرة لتبرير ما تقوم به ، وما تسعى إلى الوصول إليه...

تخلو الشقة التي أعيش فيها من ساكنيها ، وحدي أرفلُ في ثياب الوحدة والعُزلة ، عندما يُسِدل الليل عباءته على القرية ، وقتها أكون فرغتُ من جميع أعمالي المُراد القيام بها بالغد في المدرسة التي أعمل فيها مُعلِّماً ، أهربُ دائماً من مكوثي وحيداً بدون عملاً أقوم به أثناء عُزلتي ، فالكُتبْ والمجلات مُبعثرة في الغرفة التي أجلس فيها ، يُزعجني عدم وجود كُتب ومجلات جديدة لم أقرأها ، أقفُ وجهاً لوجه مع الأرشيف الخاص بالذاكرة التي يختص بها المُخ دون المخيخ والنخاع المستطيل ، أستعذبُ النبش في ذلك المكان ، رغم الألم الذي قد ألتقي به أثناء التنقيب والبحث عن بعض المواقف التي تستوقفني فيما يتعلق بالماضي الذي نعيشه ، خلال رحلتي الإستكشافية التي ستكلفنّي الكثير من المشاعر الحزينة المُستنزفة ، يتراءى لي مُصطلح " الإرهاب " في كل رفّ أبحثُ فيه ، قررتُ أن يكون موضوعي ذا علاقة بالإرهاب خلال فترات غابرة من سنين حياتي ...

في إحدى سنوات الطفولة قام أخي الذي يكبرني بتجريب شفرة حلاقة في رأسي ، مُمارساً بذلك أحد أصناف إرهاب الأفراد ضد أفراد آخرين ، لم أدري ببشاعة العمل الذي أرتكبه في حقيّ ، إلا عندما جلب المرآة وأراني إنعكاس صورتي فيها ، ليظهر لي ما أسماهُ " مطار عليا الدولي " على شكل علامة الزائد ، والحشائش والأعشاب تُحيط بالمُدّرج الذي يحاول إخفاءه من هجمات العدو ، أول مرّة أسمع عن مطار عليا الدولي ، ضحكاته العالية جلبتْ صبية القرية لتبدأ مسرحية الضحك الهستيرية على ما طالني من عمل إرهابي أخفى الإبتسامة من على وجهي ، وجعل الفرح والسرور يغادرني يومها ...

بعدها بأيام قليلة ، قام شقيقي الذي يصغرني بكسر أحد أسناني ، في كمين نصبه لي بزاوية أحد منازل القرية ، وبسبب مروري ذلك المكان الذي يتربص بي قبل تمترسه فيه ، تفاجأ بسماع ضحكاتي المتواصلة تأتي إليه من تحت نخلة وحيدة ، لم يستسيغ تلك السعادة التي تغمرني ، أنحنى ليأخذ حجر من الأرض ، ليقوم بعدها بقذفه نحوي ، ليُصيب به وجهي ، صادف قدوم الحجر إحدى ضحكاتي المُجلجلة ، إرتطام قوي ، سقط السن الأمامي بعد إنكساره إلى نصفين غير متساويين ، علوي لازال معلق في فمي ، وسُفلي سقط على الأرض ، بحثتُ عنه كثيراً ، عندما أخبروني من حولي بنتيجة العمل الإرهابي الذي لم يتم التعرف على الجهة المُنفذة له ، بعد مرور ثمان وأربعون ساعة أخبرني أخي الذي يصغرني أنّه من رمى بالحجر ، لقد تم إغتيال إبتسامتي ، وتشويه وسامتي ، ياللغرور !!...

لا تأتي المصائب فُرادى ، مثلما تزورنا الأفراح مرة واحدة ، دون المكوث طويلاً ، بل تأتي كوفود العجر في مواسم ومناسبات عديدة دون إنقطاع ، بعدما تخلّوا عن عادات وتقاليد أسلافهم ، وعلى نفس الرفّ أصطدمتُ بحادثة وقعتْ لي برفقة أحد أخوالي ، الذي غادر غُرفته التي كان يستذكر دروسه فيها ، دلفتُ إلى الغُرفة وأختبأتُ خلف الباب ، وما إن قفل خالي راجعاً إليها ، حتى خرجتُ أمامهُ مصحوباً بصيحة عالية ، لأتلقّى منهُ صفعة جعلتني أبكي ، مزحة فيها من الترويع الإرهاب ، سُرعان ما جنيتُ ثمار إرهابي ضد خالي بترويعي وتخويفي من عدم تكرار مثل تلك الحركات الصبيانية التي غلبت عليها شقاوة الطفولة ، ناولني يومها ورقة نقدية فئة عشرون ريالاً ، جعلتني أتردد على دُكان القرية أربعة أيام ...

في المدرسة التي أذهبُ إليها كُل يوم إبان دراستي المرحلة الإبتدائية ، لي قصة مع مُدرِّس سوداني ، في أول يوم له بالمدرسة ، بينما كان يمر بين طاولات الطلاب ، رأيتُ أحد التلاميذ المُشاغبين يقوم بحركات خلف الأستاذ ، حاولتُ تقليده ، غير أن الرياح تأتي بما لاتشتهي السُفن ، لقد لامستْ إصبعي أعلى كتفه ، ليلتفتُ صوبي ، سائلاً إيّاي ، هل سبق التعرف بيننا كي أقوم بتلك الحركة التي أغضبته ؟ كان جوابي بالنفي ، أمرني أن أجيئ له بعصا ، مررتُ جميع الفصول ، لم أجد سوى أنبوب إسطوانة غاز لدى أحد المُدرسين ، ضربني يومها ضرباً موجعاً ، مُزاولاً بذلك الضرب إرهاباً مدرسيّاً ، كان كفيلاً بنيله إحتراماً مُصطنع طيلة تواجده في المدرسة ...

كُلّما حاولتُ الخروج من إرشيف ذاكرتي ، أجدُ نفسي موغلاً في أحراشها ، تناهى إلى مسامعي صوت ثُغاء ماعز ، تلك الشاه التي تدر علينا الحليب ، لقد قتلتها دون علم أحد ، والسبب تمزيقها كراسة الجغرافيا للصف الخامس – إن لم تخونني ذاكرتي – عندما دخلتُ إلى الزريبة لأتفقد الدجاجة وعصافيرها الصغار ، تركتُ الدفتر على الباب ، جاءتْ تلك الشاة لتقوم بتمزيقه ، حينها قُمتُ بضربها بإبريق الحليب المُعلّق بسقف الزريبة حتى شفيتُ غليلي ، لم أدرِ أنّها فارقت الحياة سوى اليوم الثاني ، أدركتُ أنني أقترفتُ أول عمل إرهابي ، عندما ماتتْ تلك الشاة الرائعة التي تعطينا الحليب ...

يقوم الإرهابيين بأعمال كثيرة لا تخرج عن عمليات التفجير ، و خطفُ الطائرات ، وإحتجاز الرهائن والمطالبة بمبالغ طائلة مقابل إطلاق سراحهم ، و تدمير المُنشآت العامة الهامة ، ومحاولات إغتيالهم لشخصيات لها دور كبير في الحدّ من إنتشارهم وتمدّدهم كالسرطان في وسط البلاد التي تُعاني من ضعف الأمن ، وغياب الإستقرار فيها ، وهكذا أرتكبوا جرائمهم الإرهابية في حق أبناء الوطن ، عسكريين ومدنيين ، وهاهو الإرهاب يغتالُ شخصية لها مكانة في قلبي ، ذلك الإرهاب جعل من شقيقتي أرملة ثكلى ، وترك أبناءها يتامى الأبُوّة ، فكيف لي لا أمقتُ الإرهاب ، وجميع المُرادفات التابعة له ، كالإرهابي ، والإرهاب المُضاد ، والترهيب ، والرهبة ، والإرهابيين ...

هُناك إرهاب آخر ، لا يتم فيه إراقة الدماء ، وإزهاق الأرواح ، ومُصادرة الحيوات ، نعم ، إنّه الإرهاب الفكري والنفسي ، يوجد إرهاب يتم مُمارسته من قبل أفراد ، وجماعات ، وحكومات ، ضد أفراد آخرين ، أو جماعات أخرى ، أو شعوب مُضطهدة ، فجميع الأنظمة الدكتاتورية تزوال إرهابها القمعي ضد أشخاص ، وفئات ، وربما شعبها بأكمله ، لضمان بقاء التبعية والولاء لشخص الحاكم الذي لم يكتفي بخلافته على الأرض ، بل أمتد إلى السماء ، فهم يُصدرون صكوك الغفران ، و وثائق الشهادة ، لمن يموت في سبيل خدمة أطماعهم وأهدافهم غير النبيلة ...

قبل مُغادرتي إرشيف الذاكرة ، سقط أمامي كتاب " شمس المعارف " الذي أهداني إيّاه شخص ما – سامحه الله – قبل سنوات ، لم اعد أتذكر منه شيئ سوى طابع السعر على غلافه الخارجي يحمل رقم 20 دينار أردني ، وللصورة المشوّهة لدي صوب الكتاب ، تخلصتُ منه سريعاً ، لم ولن اكلفُ نفسي عناء سؤال ذلك الشخص ، أو البحث عن مقاصده ونواياه لتقديمه ذلك الكتاب المشبوه هديّة لي ، يومها قررتُ بداخلي أن أترك ذلك المكان بأكمله – متى سنحت لي الفرصة – ليبقى له بقايا حُبّ في قلبي ، غادرتُ المكان دون عودة بعد زمن ليس بطويل من تلك الحادثة ، ربما كان ذلك أحد انواع الإرهاب ، ولولا الحديث عن الإرهاب الذي تطرقتُ له ، لما كتبتُ لكم عن تلك الحوادث أو الأحداث التي لفظتها ذاكرتي من احشاءها في لحظة لم أجد الكتاب الذي يستحق القراءة ، او المجلة التي تراودني كي اتصفحها ...


قاتل الله الإرهاب ، والإرهابيين أينما حلّوا ، وباتوا في كهوف ، وشعاب ، لم تعد تستسيغ تواجدهم فيها ...


6/11/2012م

راعي الجربا 11-06-2012 11:03 PM

لا تعبت يا نايف

وسلمت يمينك

كلام جميل وتعبير راقي واسال من الله العيل القدير

ايخمد نار الفتن ماضهر منها وما بطن وني يحق الحق


اللهم من ارد بل لمسلمين شراً رد شرهو وكيده عليه


انك الوالي والقادر عليه

تتعب لو معي تلعب 11-06-2012 11:18 PM

كلام زلب يا نايف الله ينبر الارهاب وينبر ذي قلبه معاهم

ابو رغد 11-06-2012 11:27 PM

كتبت وابدعت
وارهبت وارهبت لكن الحمدلله مازالت اشلائك متماسكه

ماجنيناه من فقد الاحبه في هذا الوادي يكفينا سببا" ان نصب جم غضبنا على كل الارهاب بكل انواعه ومسمياته

رحم الله فقيدك وفقيدنا جميعا"وكان الله في عون شقيقتك والله ينتقم لها من كل دعاة الموت والارهاب

روبن هود 11-07-2012 10:22 PM

كلام جميل يا نايف

سهيل اليمن 11-07-2012 10:44 PM

الاحساس والرقي والروعه تلازمك دائما اينما ذهبت
اخي الغزيز نايف
الارهاب بشتى انواعه واساليبه يترك في نفوسناء علامته ويزيدنا حقدا فوق بغضه
الا ارهاب اخوك الاكبر فليس بارهابا هههههههه
لك مني الاجلال ودمت بود

صدى الوجدان 11-07-2012 11:41 PM

نايف مناع
لم اكن اعلم انك ستصنف حلاقتي لك يوماً ضمن قائمتك للارهاب
وكان الضحك ومطار عليا الدولي هو ثمن حلاقتي لك
ولو علمت انك قاتل الشاه لعاقبتك اكثر من ذلك
كفانا وكفاك الله شر الارهاب


ابن الجود 11-08-2012 10:46 AM

اللّة يكفيني شرك يانايف وانا اقول من وين تجيب ذلكلام الزين مدري ان معك كتاب شمس المعارف !
ابدعت بوصفك للارهاب الذي مورس ضدك نعم الارهاب بكل الوانة مصيبة ابتلا بها العالم باسرة اساّل اللّة ان يجنبنا وجميع المسلمين شر الارهاب والارهابين من حوثة وقاعدة وانصار الشيطان وان يرحم فقيدك وفقيدناجميعا وان يدخلة واسع رحمتة

نايف مناع 11-08-2012 05:27 PM

راعي الجربا


تتعب لو معي تلعب


ابو رغد


روبن هود


سهيل اليمن


صدى الوجدان


ابن الجود



مرحباً بكم جميعاً في فضاء متصفحي الذي استنار وتألق بتواجدكم وتحليقكم بحروفكم المضيئة فيه ...



اللهم آمين ، كفانا الله واياكم الإرهاب ولا ارانا واياكم اي مكروه في من نحب ...


ملاحظة :


قد لاتكون تلك الحالات إرهاباً بالمعنى الحقيقي للعنف والتخويف والترهيب ، ولكن أحببتُ كتابتها لتضفي على الموضوع نوعاً من التصنيف والنكهة الخاصة ...



ابن الجود



لو كان لدي ذلك الكتاب الذي تتحدث عنه ، لربما نافستُ العوبلي ، ولربما غيرتُ من حالي ووضعي الذي أنا اعيشه ...


اما الفكرة المشوّهة عن الكتاب التي سمعتها من اشخاص كثيرون أن من يستخدم ما جاء فيه ، يصاب بالعمى ، ونهايته الجنون ، فهو يريد ان ينفع نفسه به ويضر غيره به ، والنافع والضار ليس سوى رب السماء والأرض جلّ وتعالى ، وذلك ماجعلني اتخلص منه سريعاً ...


لو كان فيه خير وفائدة لم يصل إلى عندي على شكل هدية ، لربما استفاد من خيره وجنى ثمار فائدته صاحبه و من يمتلكه ...



شكراً بحجم السماء لكم جميعاً ، وكل عام وأنتم بخير وفي خير على الدوااام ...



عظيم ودي

ذري قحطان 11-08-2012 09:51 PM

نايف مناع كلام جميل ورائع عن الارهاب الذي لايتورع عن الاذي بالمجتمع وبكل انواع الارهاب الجسدي والفكري والنفسي وبتلونه بالمذهب الديني المختلف والافكار الخارجه عن مجمتعنا وديننا الحنيف ويتسبب في تفتت المجتمع والاسر وهناك الارهاب السياسي الحزبي الذي ربما يكون موجود ولو بشكل اقل ....


جميع الأوقات GMT +3. الساعة الآن 10:47 PM.

.
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
.


Search Engine Friendly URLs by vBSEO

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66