منتدى الآصالة والتاريخ حريب بيحان

تعالى نرتشف دموعا

قد يهيم الفكر بصاحبه إلى فضاءات لا يحسب لها في علم الوجود ثباتا ، فتراه تائها بفكره لا يقبل احد يشاركه حديثا أو حوارا في أحسن الأوقات. ناهيك عن مجادلة قد تسقط من فضائل الزمالة و تصنع ضغينة لعداوة لا يعرف لها سببا ومبررا صادقا و يروح الإنسان يحمل أوزار لا تنمحي إلا بعد فترة من المقاربة المحتشمة ، و التوجس العنيد الذي لا يترك لكلا الصديقين فسحة من الأمل فيتداركا الوهن الذي أصابهما، وهما لا يدريان أن سبب بلائهما هو سطوة غفلة أرادها الشيطان أن تكون يهما حتى لا يقتربا .
و يظل كل واحد ينتظر المبادرة من الآخر على اعتبار أنه لم يكن السبب فيها و كلاهما سببا..
ولكن من أين لنفس أن تتنبه و صاحبها ، ينتفخ انتفاخ الضربان ليقذف سهامه و عندها يقع وقوع فريسة لا تستطيع الذود عن نفسها ..
و الأجدر بالعاقل أن يكون على بصيرة من الأمر ، و إلا حصد من أفواه ترمي شرزا لهبا لا يتحمل من جسم غض ، لم يألف حرارة صيف ، و كيف به و قد اكتوى بنار لهب .
ونحن في تعاملنا لا نترك فسحة للأخذ و الرد ، فنقع ضحايا جهل منا ، لم نعرف له تسربا و تأصلا بنا ، وأنت إن حاورت أي منا تجد به صلابة في العناد وهو يحسب نفسه قد أتى على المعارف كلها ، فلا تسأله سؤال به حطة له و هو اعرف خلق الله إنسانا .
ولكن و أنت تقبل لحظيا ما نقش بفكره و علق بلسانه ، تروح تمارس تفتحا و أنت تراه هكذا ،لان محدثك لا يستطيع التنازل عما يراه له . و تسمع و تنصت وهو يجري كلمات ليس بها ترتيب ،فيـؤول و يؤخر، و هو لا يدري أن بكلامه أشياء لا تنسجم مع بعضها ، و لكن لفخر آو عزة سكنت مولاها فألقت به إلى مشارف حتى تحسب عليه ،كرس لنفسه عالما لا تعرف غيره .
و إن أتى يوما قد لا يجد من يسمع إليه يأتيك مسرعا ، و هو يبدي لك أسفه لكون الذين مارسوا عليه نفاقا ،قد انفضوا من حوله .
وتسأله و أنت غير مقتنعا بكلامه و قد عرفته طيلة عمره إنسان مكابر لا يأبى التنازل عن مكاره تراها أنت هكذا، و يراها هو محاسن لأنها جذبت إليه آذان صاغية و هو لا يدري أن هذه الآذان لم يكن بهمها من فناويه شيئا فهي حريصة على نيل عطاء يده و ليس عطاء فاه .
يا إنسان عصرك و ملك الصعاليك من حولك هل عرفت أن الدهر له تقلبات ، و أنت لم تحسن التعامل مع إتباعك ،فقد رايتهم على عكس ما هم عليه . و إن أنت انتبهت إلى نفاقهم و قد أحسسته لمرات ومرات . و لكن زهوك وطيشك رمى بك إلى أتون لا تعرف لها حدود.
و تأتي و تقول لي إن الإنسان هكذا بنواياه.
و أقول لك لم َ الكذب على الله ؟ ..فهل الله جعل فطرتك تتبدل حسب نواياك ، فلو كان الآمر كما ترى فلم لا تجلس مقعدك و تروح فطرتك تتبضع لك ما تشتهي من أذواق و طباع و أمزجة ..؟
و تقول لي اتق الله في قولك
و أقول لك أين القبيح الذي راح يفسد عليك صفاء حياة تريد أن تعيشها بلا بلاء..
فتقول أني أرى ما لا ترى من انسجام لا تخلطه شيبة ...
و أقول لك إن ترى هكذا فانا استسمح ادمي مثلي عن الهفوة الكبرى التي رحت أجره إليها و هو المؤمن الخالص الطاهر الثابت ورعا وسكون لرب العالمين ..
تقول انظروا ..أيها السادة قد راح يأخذ من عزتي و كرامتي .. و أنا سوف أرد عليه بما املك و ما لا املك من أشياء لا يستطيع أن تخطر على بال احد ..
و أقول هل آنت نبي جاء بشيء لا يعرفه احد آو شيطان تنطع ففسق فانكي لي بشيء لا استطيع أن أرى به حسنا .. و سلعة هذا معروفة للمؤمن الحريص على اجتناب نواهي اقرها مولاه من فوق سبع سموات .. فهو على ثبات في إلا يأخذ منها قيد أنملة يراها بحجم السماء .
و يقول آما عرفت من أكون أنا حتى تروح تتعنتر بعضلاتك الواهنة ..
و أقول و أنت و أنا من فصيلة واحدة .
و يقول لا أنا سلت من طينتك .
و أقول و أين نرد قوله ..وخلقناكم من طين لازب ..
فيقول مهما يكن فطينتي ليست من طينتك .
فأقول نعم !أنت من حمأ مسنون ..لا يستطيع المرء شم ريحه لطهارته و نجاسته ..
فيقول أنت لا تفهم ما أقول ..!
و أقول له و أنت هل فهمت ما قصدت به أنا ..جميعا كلنا ...
فيقول ها أنت تعلو من فراغ و تتطاول على الجميع .. و هذا شيء سوف يطيح بكبريائك و زهوك ..
و أقول و ليكن ما ترى .. فانا لا أقول إلا صدقا .. فأنت و أنا و الجميع لسنا إلا بني صلصال آسن .. فهل في ذلك عيب و ربنا عز وجل يدلنا على مصدرنا .. فهل أنت و غيرك أجرى أبحاث عرف فيها مصدر الحياة ..؟ حتى يأتي ينفي قول خالق السماوات...!..يتبع

الكاتب / عبد العزيز الأعلى