منتدى الآصالة والتاريخ حريب بيحان - لماذا سيفشل ما يسمى مؤتمر الحوار الوطني ؟ ولماذا نرفض المشاركة في هكذا حوار ؟

ربما ان أقصر واسهل جواب للسؤال الثاني هو مضمون السؤال الاول وهو ان الحوار المزعوم والملقب " وطني " سيفشل فشلاً مدوياً ، ونحن نربى بأنفسنا المشاركة في مسرحية هزلية سيئة التأليف والاخراج ، سيكون لها نتائج كارثية على اليمن شماله وجنوبه ، ووسطه ، وشرقه ، وغربه ، نتائج ستطال حياة الناس واموالهم واعراضهم ، ولن تستثني سوى مراكز القوى المحترفة التي عرفت بقدراتها ومهاراتها المجربة في سرقة امال الشعب اليمني على مستوى نصف قرن من الزمان ، مستخدمة القبيلة تارة ، والدين تارة ثانية ، والمناطقية تارة ثالثة ، وتقديم ما لا نهاية له من التنازلات لأعداء اليمن اقليمياً ودولياً لضمان دعم الخارج لهم في كل الازمات التي تهدد مصالحهم تارة اخرى . لقد نهبوا وباعوا اليمن ، ليس يمن الحاضر ، ولكنهم نهبوا وباعوا يمن اليوم ويمن المستقبل . تخلوا عن اراضيه ، اراضيه التي تحتوي على مقومات الحياة في القرن الواحد والعشرين : البترول والغاز والماء . نهبوا وعبثوا وباعوا اطفال اليمن وثرواته السمكية ، ومنطقته الحرة وموانئه البحرية ، سرقوا معادنه الثمينة وآثاره العظيمة وجمعوا ثروات فلكية مكنتهم في مجتمع يعاني من تحالف ثالوث الجهل والفقر والمرض ، من سرقة الثورة والجمهورية والوحدة و" الحوار الوطني المزعوم " اليوم ، كانوا وما زالوا هم السلطة ولكنهم تقمصوا دور المعارضة ، فأجادوا التمثيلية بطريقة اروع مما يجيدون ممارستهم للسلطة ، مارسوا التطرف في كل شيء وباعوا الوطن وسرقوه ولوثوه ، ومثلوا ببراعة ادوار الاعتدال والوطنية والنزاهة . ولان هؤلاء هم المحاورون والمتحاورون هم اصحاب المسرحية ومشاهديها ، نقول لن ينجح ما هم بصدده اليوم الا من وجهة نظرهم ،ونظر اسيادهم اقليمياً ودولياً الذين يستخدمونهم على مدى العقود الخمسة الماضية في تخريب اليمن وخدمة مصالح اعداء اليمن .
- سيفشل ما يسمى بالحوار الوطني لان المشاركون فيه من بدايته الى نهايته هم انفسهم الذين حكموا في الماضي وسرقوا ثورة الشباب في الحاضر وبالتالي فانهم لن يأتوا بجديد غير نتائج تعمق هيمنتهم على مقدرات الوطن وتأخير تحرره وانعتاقه من جبروتهم وظلمهم وعمالتهم . هم من رسم لوحة الثلاثة العقود الماضية (78- 2011م ) واهم من سيرسم للأسف لوحة العقود الخمسة او الستة القادمة ، انهم هم تجار الدين والوطنية والذهب والغاز والبترول والاعضاء البشرية والاثار والاسماك والارهاب والارض اليمنية ، وكل شيء بما في ذلك المخدرات .
- سيفشل حوارهم الوطني لان الوطن ممثلاً بفئاته وجهاته المختلفة صاحبة المصلحة في الثورة والتغيير ، وكل ذي صاحب رأى او مشروع وطني تحديثي ، كل هؤلاء لم يدعوا الى الحوار ، ولم يسمح لهم بالحوار ، ولأن هناك محددات محلية واقليمية ودولية وشخصية لن تسمح بحوار وطني حقيقي ، لأن الذين سيحضرون هذه المسرحية لا يمثلون اليمن فحسب ، وانما يمثلون اكثر من جهة ، الأمر الذي يجعلهم في حيرة من امرهم ، ويصعب عليهم اي الطرق يسلكون . إذ ان رموز المشاركين في الحوار الحالي لا يمثلون اليمن ، وانما يمثلون ولاءات محلية ( قبيلة ، منطقة ، اسرة ، مذهب ، طائفة ) كلها اصغر من اليمن ،كما ان لهم ولاءات اكبر من حجم اليمن ( ولاءات لدول اقليمية ودولية ) وكلها على حساب الولاء الوطني ، اي الولاء لليمن .فعلى الرغم من ان مراكز القوى في مسرحية الحوار يقبضون مبالغ شهرية وسنوية من الاشقاء في السعودية والخليج ومن دول اوروبية والعمة امريكا الا ان خزينة الدولة اليمنية لن تسلم من النهب باسم الانفاق على هذا المشروع الوطني الكبير .
فاذا كانت مراكز القوى في المؤتمر الحالي تقبض من ثلاث جهات ( حكومات ، دول الجوار ، حكومات اجنبية ، وخزينة اليمن ..الخ ) فمن حقنا ان نسأل او نتسأل حول : لمن سيكون ولاء مراكز القوى التقليدية وهم كل المتحاورين تقريباً: لليمن ، للسعودية واخواتها ،ام لأمريكا واخواتها ؟ والجواب ببساطة : لمن يدفع اكثر !!.
- سيفشل لأن اعداء اليمن اقليمياً ودولياً واذنابهم المحليين لا يرغبون في التوصل الى حلول تدوم طويلاً في اليمن ، لذا فان ما ينتظر من نتائج للمسرحية الحالية هو مجموعة من المسكنات مربوطة بمجموعة من الالغام المؤقتة للانفجار في اوقاتها المحددة ، لبدء مسلسل جديد ضد اليمن ولصالح القوى المعادية .
- سيفشل مؤتمرهم لانهم لن يناقشوا جوهر القضايا التي تكاد تعصف باليمن مثل القضية الجنوبية ، وقضية صعدة ، وقضايا الفساد ، وسيادة القانون والمواطنة المتساوية ، وتوزيع الثروة وغيرها من القضايا والتحديات بجدية ومصداقية في التعاطي معها ، والسبب انهم هم من يقف وراء كل هذه القائمة الطويلة من المصاعب و التحديات التي تواجه اليمن ، والاهم هو ان من تمسهم التحديات والمشكلات انفة الذكر لم يدعوا الى الحوار ولن يدعوا !.
بعد كل ما سلف مما يمكن ان يسميه انصار الحوار الحالي بالحقد المسموم ، والخيانة والانفصالية والحوثية والحسد والغباء والجنون ، هل يمكن لي ان اغير رائيي حول مؤتمر الحوار الحالي ؟.. والجواب هو نعم ، فانا على الرغم من حدة اسلوبي في الكتابة ، الا ان الله قد منحني من الذكاء والمرونة ما يسمح لي بالتراجع وتغيير موقفي على قاعدة : ان ما لا يدرك كله ، لا يترك كله ، ولكن بشروط ، او بالأصح تحقق واحد فقط ، وليس كل الشروط الآتية : واكرر تحقق شرط واحد منها فقط وهي :
1- ان يعلن المؤتمر ( رئاسة المؤتمر ) ان من يقبض من المشاركين في المؤتمر من الخارج مرتباً شهرياً او سنوياً لا يمكن له المشاركة في المؤتمر ، اي رسم ( كما يدعون ) صورة اليمن في المستقبل ، وان عليهم الانسحاب.
2- ان يتطوع اصحاب المرتبات والميزانيات التي يتلقوها من دول الجوار وعلى راسها السعودية او من العمة الحنون الولايات المتحدة بالتوقيع او الوعد بالتوقيع على ميثاق " شرف " بالامتناع من اليوم فصاعداً عن استلام مرتبات او ميزانيات ، او اكراميات او ما في حكمها نقدية كانت او عينية من الدول التي ذكرت آنفاً او اي منظمات او هيئات تابعة لها ، ومن تاب ، تاب الله عليه !
3- واخيراً ، وهو ربما اصعب الشروط ، ان يتعهد الرئيس هادي بان يخفض الى النصف ( اي 50 % ) عدد المرات التي يشير فيها في كل خطاب من خطاباته ( خاصة تلك التي يلقيها في حضور وفود اجنبية ) الى فضائل جلالة الملك عبدالله بن عبدالعزيز على اليمن والشعب اليمني ، اذ ان جلالته كما عرف عنه ، لا يحب ان تعلم يمناه بما انفقته يسراه او العكس.
4- ان يعلن المجتمعون مقدماً ادانتهم للفتاوى التكفيرية ضد الحوثة او الجنوبيين والحرازيين وغيرهم من طوائف الشيعة في اليمن ، والالتزام بان يكون من مخرجات او نتائج المؤتمر وثيقة تجريم لمن يمارس فتوى التكفير ضد فئات تختلف معه في مواقفها السياسية .
اذا تحقق واحد فقط من الشروط الاربعة ( وليس كلها ) ، فأني عن مراكز القوى المحلية وعن دول الجوار وعن العمة امريكا واخواتها ، وازيد على ذلك اعلن تأييدي لمؤتمر الحوار بدون هلالين .
ختاماً : سيفشل المؤتمر لأنه لا يمثل الشعب اليمني بفئاته المختلفة وجهاته المتعددة ولا طوائفه ومذاهبه وانما يمثل استراحة محارب للأسر السياسية والاقتصادية والقبلية المتنفذة ، حيث منح فرصة اللقاء بين الاخ واخوانه والزوج وزوجاته والاب وبناته والصهر واصهاره ليتحاوروا على مصير 25 مليون يمني .

منقول