منتدى الآصالة والتاريخ حريب بيحان

القضية الأزوادية قضية عادلة بكل الأعراف والمعايير الدولية وبكل المقاييس العقلية فقط هم المجانين من يحاولون حجب الشمس بغربال .
بداية وقبل أن أشرعنها ينبغي أن أنوه على أن النقد والتقويم لأي حدث لابد أن يوضع في إطاره التاريخي ، لكي يفهم ويستوعب، ويأتي الحكم بالتالي آخذا ذلك في الحسبان .
وعلى العموم أنا مطمئن إلى أن الجذور التاريخية للمنطقة قبل الإستعمار وحتى بعده بفترة ليست بالقصيرة كانت ضمن خارطة ما يعرف بالمغرب الكبير (الخارطة تضم ثلث الجزائر حتى عين صالح والصحراء الغربية وموريتانيا وأقليم أزواد شمال مالي حاليا ).والتي نشرها علال الفاسي في 7 يوليو 1956 وهي موجودة في كتابه " صحراء المغرب المغتصبة" والتي تستند على حقائق تاريخية ترجع إلى ما قبل الاستعمار الفرنسي للجزائر حينما كانت هذه الأخيرة تحت الحكم التركي.في عهد الدولة السعدية والتي امتدت أراضيها لتشمل مدينة تين بكتو عاصمة أزواد .
لكن الجزائرتنظر إلى تلك الأراضي ( التي هي جزء منها الآن ) على أنها من مخلفات الاستعمار الفرنسي، وطالبت بعدم المساس بالحدود التي رسمها الاستعمار الأجنبي بالاستناد لمؤتمر باندونق المنعقد في 1956. الجميع يعلم أن هذا هو أساس حرب الرمال التي كانت بين البلدين في أكتوبر من عام 1963.وهو سبب احتضان الجزائر للمقاومة البوليزارية .
ثم بقيت موريتانيا وأقليم أزواد وفي عملية استباقية قامت بها موريتانيا للحد من الأطماع التوسعية المغربية التي تهدد حصولها على الإستقلال التام قام المختار ولد داداه الرئيس الموريتاني آنذاك في يونيو 1957بإعلان مطالب بلاده في الصحراء الغربية.للقواسم المشترك بين الشعبين في حين لم تكن بلاده على وفاق مع مالي السودان الفرنسي آنذاك بسب مشاكل ترسيم الحدود بعد ضم الحوض الشرقي لموريتانيا . واخراجه من حظيرة المجموعة الفرنسية .
وما لبث المغرب أن رفع مذكرة رسمية في14 نوفمبر 1957 إلى الأمم المتحدة يطالب فيها صراحة بضم موريتانيا والصحراء الغربية.
فأصدرت الحكومة الموريتانية"الكتاب الأخضر" الذي جاء ردا على حجج المغرب التي تضمنها الكتاب الأبيض الذي كانت المغرب قد أصدرته قبل ذلك
إذن بقيت الأطماع التوسعية لدول شمال أفريقيا هي الطابع السائد في فترة ما بعد الإستقلال
ومازال مبدأ حق تقرير المصير يراوح مكانه في الحالة البوليزارية .
عندما فشلت المغرب في مساعيها لم تجد بدا في التزام الصمت بشأن مغربة الرقعة الأزوادية البعيدة عنها .
الشعب الأزوادي امتداد عمقه في الشمال الإفريقي( ليبيا - موريتانيا - المغرب - الجزائر - تونس ) في حين يراد منه العيش في حالة انفصام شخصي وإجباره على الإنتماء للغرب الإفريقي ( مالي - النيجر - السنغال - غينيا - بوركينا فاسو )
عموما أخذت الأحداث مجرى آخر يعيدنا إلى غرب أفريقيا ويفصلنا عن الخارطة الديمغرافية لأقليم أزواد . لتبدأ قصة رموز المقاومة الأزوادية وحتى أخرهم حينذاك الأمير محمد علي الأنصاري قبل أن تستأنف طلائع الإنتفاضة في مطلع التسعينات من القرن المنصرم .
ما أريد أن أخلص إليه أن جميع المعطيات التاريخية والديمغرافية الثقافية والإجتماعية وحتى الجغرافية إذا أخذنا في الإعتبار خارطة المغرب الكبير خاصة أن جميع المؤرخين والساسة والمفكرين يجمعون على أن التقسيم السياسي للحدود كان الغرض منه زعزعة استقرار وأمن المستعمرات في المستقبل وهي سياسة خبيثة انتهجها المستعمر في غفلة من رجالات النخب السياسية عن ذلك لتطلعها للإستقلال بأي ثمن كان أو يكون .

أقول كل تلك المعطيات تضعنا في وضع استثنائي يعطينا الحق أولا :- في حرية اختيار مركزنا السياسي وحرية تأمين نمائنا الاقتصادي والاجتماعي والثقافي . للتباين الواضح بين شعبنا ومركزه السياسي.
ثانيا :- الحق الذي كنا نسعى للمطالبة به وهو حق التسوية في الحقوق لكن التاريخ أثبت أن هذا المسعى لم يلق آذان صاغية من الطرف الآخر بل كان الرد دائما على مطالبنا في تسوية الحقوق أن تمارس فينا كل أنواع الجرائم المنظمة والغير منظمة لأسباب عرقية ولاقتلاعنا من أرضنا.
هناك فجوة حقيقية لا تقبل المزايدة بين سكان إقليم أزواد في الشمال والشعب المالي في الجنوب .
والممارسات التعسفية بحق الشعب الأزوادي من تصفية عرقية وجرائم حرب ضد مدنيين عزل واغتيالات سياسية طالت زعماءه ورموزه من قبل الحكومات المالية المتعاقبة - وكان الحظ الأوفر منها لنظام الرئيس مودبو كيتا والرئيس الحالي - هي التي وسعت تلك الفجوة بين الشمال الأزوادي وجاره في الجنوب ، ما جعل فرص التقارب تكاد تنعدم ومازالت الحكومة تنتهج نفس السياسة الإقصائية .
وفي الختام رسالة أوجهها للضمير العالمي الحي وإلى المنظمات الدولية والإنسانية وإلى الأشقاء في العالم الإسلامي.
أقول منذ مايربو على ستين عاما والصحراء تستغيث من ينقذ هذا الشعب المظلوم من براثن الظلم والإقصاء والتجويع والقهر والتهجير . من ؟!!