منتدى الآصالة والتاريخ حريب بيحان - جهود الإطاحة بالأسد تنهي شهر العسل الإيراني القطري

تشهد العلاقات الإيرانية القطرية، الوثيقة تقليديا، أسوأ حالاتها منذ عدة عقود بسبب تزعّم الدوحة لحركة عزل نظام الرئيس السوري بشار الأسد، أقرب حليف عربي لطهران، على المستوى الدّولي وتسليح معارضيه للإطاحة به.
فعلى مدى أكثر من ثلاثة عقود، أي منذ قيام الجمهورية الإسلامية، كانت العلاقات بين إيران وقطر من أفضل العلاقات الثنائية على الصعيد الخليجي رغم الظروف العصيبة التي عصفت بالمنطقة.
وتعود متانة العلاقات القطرية الإيرانية إلى رفض قطر دعم العراق في حربها ضد إيران خلال الثمانينيات، ورفضها، كعضو ‏في مجلس الأمن سنة 2006، قراراً يفرض عقوبات على إيران بسبب برنامجها المتعلق ‏بالتخصيب النووي، ودعوتها سنة 2007 للرئيس محمود أحمدي نجاد لحضور قمة عربية في الدوحة، في سابقة من نوعها، مما سبب ‏امتعاض بعض من أقرب حلفائها العرب.
تحدي الأسد
لكن منذ أن أعلن أمير قطر، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، خلال لقاء مع المحطة التلفزيونية الأمريكية "سي بي إس" في نوفمبر ‏الماضي، نضاله ضد النظام ‏السوري مطالبا بإرسال قوات عربية إلى سوريا لإيقاف عمليات القتل التي يتعرض لها الشعب، بدأت هذه العلاقات بالتوتّر.
وتصاعدت الحملات الإعلامية الإيرانية ضد قطر لتزعمها مع السعودية ـ العدو التقليدي لإيران في الخليج ـ فكرة إرسال أسلحة وذخائر إلى "الجيش السوري الحر" رغم اعتراض الولايات المتحدة وفرنسا على التدخل عسكرياً أو تسليح المعارضة.
وتقول طهران ان قطر والسعودية تقودان في سوريا حربا بالوكالة ضد النظام الإيراني. وسقوط الأسد يعني خسارة إيران لأهم حلفائها في المنطقة.
وورد آخر انتقاد من مسؤول إيراني رفيع المستوى لقطر والسعودية على لسان وزير الدفاع الايراني الجنرال احمد وحيدي الذي قال مؤخرا أن دول "ما يسمى بـ‏'‏أصدقاء سوريا'، التي تقودها السعودية وقطر،تسعى إلى صداقة إسرائيل بدلا منقلقها من العمليات الإرهابية وعمليات القتل في سوريا".
كاسحة الغام للمشروع الصهيوني-الأميركي
لكن انتقادات وسائل الإعلام الإيرانية كانت أشد بكثير، على غرار قناة العالم التي قالت ان "موقفي قطر والسعودية إزاء سوريا يأتيان في سياق خدمة المخطط الغربي الذي تقوده أميركا لإضعاف دول الممانعة والمقاومة بما يشكل طوق نجاة للكيان الإسرائيلي غير الطبيعي المزروع في المنطقة".
ودأبت قناة العالم وقناة إيران الدولية و"برس تي في" على بث تصريحات ‏نارية لكتاب ومحللين عراقيين أو مصريين ـ من أمثال حازم الشمري، استاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، ومنهل المرشدي، المحلل السياسي العراقي، وعادل الجوهري، الكاتب والإعلامي المصري ـ ينعتون فيها قطر بشتى النعوت.
وفي حوار مع قناة إيران الدولية، قال سعد المطلبي، المحلل العراقي الذي يعمل مع ائتلاف دولة القانون، أن "قطر والسعودية تلعبان دورا مهما في تقويض استقرار كل من العراق وسوريا بهدف خدمة المصالح الأميركية في المنطقة وخلق سيطرة وهابية-سلفية على البلدان السنية والشيعية المعتدلة في الشرق الأوسط".‏
وكان الكاتب والمحلل السياسي العراقي خالد السراي آخر من نعت قطر عبر قناة العالم بأنها "كاسحة الغام للمشروع الصهيوني الاميركي في المنطقة، ولا تحدها حدود".
هروب الهاشمي يؤجّج التوتر
وازدادت وتيرة وحدة الهجمات الّلفظية على قطر بعد استضافتها نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي، الفار من وجه العدالة بعد اتهامه بدعم وتغطية مجموعات ارهابية نفذت عدة عمليات ضد مدنيين عراقيين وبعد رفض الدوحة طلب بغداد بتسليمه.
واعتبرت قناة العالم أن استقبال قطر للهاشمي يمثل "دعما للارهاب وتجاوزا للقرارات الدولية وقرارات القمة العربية الاخيرة في بغداد التي تؤكد على وجوب التصدي للارهاب".
‏وبعد انعقاد القمة، وجهت وسائل الإعلام الإيرانية انتقادات لاذعة لكل من قطر والسعودية جراء "تدخلهما السلبي في الشؤون العربية، ولا سيما موقفهما من الأزمة في سوريا"، واتهمتهما بمحاولة افشال انعقاد القمة في بغداد. "لكن العراق نجح في عقد هذه القمة وهذا ما سبب ازعاجا اكثر للدوحة والرياض"، كما قالت قناة العالم.
وكان نوري المالكي رئيس وزراء العراق، الذي لديه علاقة وثيقة مع إيران، وجه قبلها بأيام انتقاداً قوياً لقطر والسعودية بسبب ما تردد عن دعمهما لفكرة تسليح المعارضة السورية واتهم الدولتين بالتدخل في "شؤون كل الدول" العربية.
ونقلت وسائل الإعلام الإيرانية عن المالكي قوله "كانت قطر، الدولة الصغيرة بمساحتها وعدد سكانها، زعمت حمل لواء الثورات العربية بغية تضخيم حجمها من خلال توظيف المال والإعلام، في حين تولت السعودية لعب الدور الخلفي من خلال علاقاتها الخاصة بالدول الغربية ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية".
واتهمت طهران مؤخرا قطر بسحب غاز إضافي وبشكل ‏غير قانوني من حقل الغاز المشترك ـ الذي تسميه قطر بحقل الشمال بينما تسميه ايران بحقل "جنوب فارس" ـ وباستمالة أكفأ الموظفين الإيرانيين في تطوير الجزء القطري من الحقل من أجل استغلال تقدمها الكبير مقارنة بالجمهورية ‏الإسلامية، بسبب الأثر المنهك للعقوبات الدولية.
ويعلل الكاتب جايمس دورساي، العضو البارز في معهد "راغاراتنام" للدراسات الدوليّة في جامعة "نانيانغ" التكنولوجية في سنغافورة، تزايد هجمات إيران على قطر بـ"الأهمية التي توليها إيران لاستمرار نظام الأسد" المتداعي.
ويعتقد دورساي أن "قطر توجد في لائحة الأهداف الممكنة للانتقام في حالة ‏ما إذا قررت إسرائيل أو الولايات المتحدة اللجوء إلى القوة العسكرية لعرقلة برنامج إيران النووي".