منتدى الآصالة والتاريخ حريب بيحان

منتدى الآصالة والتاريخ حريب بيحان (https://www.hreeb-bihan.com/vb/)
-   دواوين الشعراء العرب (https://www.hreeb-bihan.com/vb/forums/hreeb62/)
-   -   ديوان أبو العتاهية (https://www.hreeb-bihan.com/vb/threads/hreeb52196/)

روح السراب 11-03-2017 03:14 AM

ديوان أبو العتاهية
 
أبـو العــتاهية


القاسم بن سويد العيني، العنزي، أبو إسحاق وشهرته أبو العتاهية (748-828) هو شاعر عربي مكثر، سريع الخاطر، في شعره إبداع، يعد من مقدمي المولدين، من طبقة بشار وأبي نواس وأمثالهما. كان يجيد القول في الزهد والمديح وأكثر أنواع الشعر في عصره. أصله من مسيحيي عين التمر، وهم النبط الساميون أشقاء العرب الذين سكنوا الأنبار في العراق، والذين كانوا يتمتعون بحظ وافر من الذكاء، ورقة الشعور، ورهافة الحس. أما ولاؤه لعنزة فيعود إلى أن كيسان جد أبيه كان قد سُبي مع جماعة من الصبيان عندما فتح خالد بن الوليد عين التمر، فاستوهبه عياد ابن رفاعة العنزي من أبي بكر فاعتقه، وصار ولاؤه في عنزة.

حياته

ولد أبو العتاهية في عين التمر ونشأ فيها ونبغ، وهي قرية بالقرب من الكوفة ثم انتقل إلى الكوفة لتبدأ حياته اللاهية، ويقول الشعر. ولُقّب بأبي العتاهية لأنه كان قد تَعَتَّه (جُنَّ) بجارية للمهدي عندما قدم بغداد، وحبس بسببها. وكان العتاهي محبّاً للهو متخنثاً يعاشر أهل الخلاعة. وكان يعمل مع أهله في صناعة الفخار الخضر، ولذلك كان يشعر بضعة نسبه، وهوان منزلته الاجتماعية، ويحاول التخلص منها بقوله: «أنا جرّار القوافي، وأخي جرّار التجارة».

قدم بغداد في خلافة المهدي (158-169هـ) الذي عرف بتعقب الزنادقة، وفيها أحب عتبة جاريته، مؤملاً الوصول إلى الشهرة والثروة والتغرير بالناس في أمر مذهبه الفكري ومعتقده الديني، عن طريق حديثه عن هذا الغرام؛ إذ كان معتقده موضع شك وغمز من قبل القدماء، وكذلك بعض المحدثين، إلا أن عتبة رفضته رفضاً قاطعاً، وكان لهذا الرفض بعض الأثر في دفعه إلى الزهد والتزهيد والوعظ.

توفي في بغداد في خلافة المأمون. وكان مع شحّه كثير المال لما أفاض عليه الخلفاء والكبراء، ومن عجيب أمره أنه بقي مع زهده شديد البخل، دائم الحرص. أما زندقته أو مانويته فاختلف الناس في أمرهما قديماً وحديثاً، فهناك من اتهمه بالزندقة، مستنداً في ذلك إلى خلاعته ومجونه وحرصه، ونزوعه المانوي أحياناً الذي ظهر بذكره الموت دون البعث والنشور، وبذلك نشر أبو العتاهية بين العامة الزهد المانوي الذي يقوم ـ ظاهريّاًـ على المسكنة والمذلة والخمول والسلبية في الحياة، وهي الأمور التي يرفضها الإسلام. وهناك من رفض هذه التهمة وأكد أن مصادر زهده وعقيدته إسلامية لاشك فيها. والحقيقة أن الزهد في طيّبات الحياة، والاكتفاء بما يقيم الأوَد، ويستر البدن، والانزواء عن صخب الحياة، والعكوف على التعبد هي المحور الأساسي لشعره الزهدي الوعظي، إذ كان العتاهي داعية إلى الزهد أكثر منه زاهداً حقيقيّاً، لأن بغداد بلد اللهو واللذات، لم تكن بيئة صالحة للزهد والزاهدين، لأن مكانهم الثغور الإسلامية المتاخمة للأعداء، وأكواخ المعدمين.

شعره

اختص العتاهي بفنين شعريين اشتهر قوله فيهما، وهما: الغزل والزهد، وما عدا ذلك من فنون فلاتعدو أن تكون أشعار مناسبات بما في ذلك المدح الذي لم يتوقف عن القول فيه، والهجاء والعتاب والرثاء… وشعره صورة صادقة لتطور مراحل حياته الوجدانية والعقلية، وما يتبع ذلك من نمو عاطفة وكسب تجربة، وتعقد رغبات، وتشابك علاقات. فقد أحب في مستهل حياته جارية نائحة على قبور الموتى، هي سُعدى، نظم لها الشعر لتنوح به، وفيه يذكر الموت والتزهيد في الدنيا، وهذا النهج الشعري إرهاص وأساس لشعر الوعظ الذي قاله فيما بعد. وفي بغداد أحب عتبة وتغزّل بها، فتميزت أشعاره فيها بالعفة والعاطفة المشبوبة، وصدق المعاناة. أما من الناحية الفنية فقد اتسمت بالليونة والضعف أحياناً، يقول ابن المعتز: «وغزله ليّن جداً، مشاكل لكلام النساء، موافق لطباعهن». فلا غريب في ألفاظه، ولا تعقيد في عباراته، بل هناك جنوح نحو البساطة الشديدة والسطحية والشعبية، والولع بالمقابلة بين حالتين متضادتين. والموسيقى التي تبوح بإيقاعه النفسي. وكان يتبجح بأنه يستطيع أن يجعل كل كلامه شعراً، سئل مرة: أتعرف العروض؟ أجاب أنا أكبر من العروض!. وله أوزان لاتدخل في العروض مع حسن نظمها.

روح السراب 11-03-2017 03:15 AM

رد : ديوان أبو العتاهية
 
مَا استَعبَدَ الحِرْصُ مَنْ لهُ أدَبُ

مَا استَعبَدَ الحِرْصُ مَنْ لهُ أدَبُ
للمَرْءِ في الحِرْصِ همّة ٌ عَجَبُ

للّهِ عَقلُ الحَريصِ كَيفَ لَهُ
فِي جمعِ مالٍ مَا لَهُ أدَبُ

مَا زالَ حِرْصُ الحرِيصِ يُطْمِعُهُ
في دَرْكِهِ الشّيءَ، دونَه الطّلَبُ

مَا طابَ عيشُ الحريصِ قَطُّ
ولاَ فارَقَهُ التّعسُ مِنْهُ والنّصَبُ

البَغْيُ والحِرْصُ والهَوَى فِتَنٌ
لم يَنْجُ عنها عُجْمٌ ولا عَربُ

ليَسَ على المَرْءِ في قَناعَتِهِ
إنْ هيَ صَحّتْ، أذًى ولا نَصبُ

مَن لم يكِنْ بالكَفافِ مُقْتَنِعاً
لَمْ تكفِهِ الأرْضُ كلُّهَا ذَهَبُ

مَنْ أمكَنَ الشَّكَّ مِنْ عزِيمتِهِ
لَمْ يَزَلِ الرّأْيُ مِنْهُ يضْطَرِبُ

مَنْ عَرَفَ الدَّهْرُ لمْ يزلْ حذراً
يَحذرُ شِدَّاتِهِ ويرْتقِبُ

مَنْ لَزِمَ الحِقْدَ لم يَزَلْ كَمِداً
تُغرِقُهُ، في بُحُورِها، الكُرَبُ

المَرْءُ مُستَأنِسٌ بمَنْزِلَة ٍ
تُقْتَلُ سُكّانُها، وتُستَلَبُ

والمرءُ فِي لهوهِ وباطِلِهِ
والمَوْتُ مِنْهُ فِي الكُلِّ مقتَرِبُ

يا خائفَ الموتِ زالَ عنكَ صِبّاً
والعُجْبُ واللّهْوُ مِنكَ واللّعِبُ

دارُكَ تَنعَى إلَيكَ ساكِنَهَا
قَصرُكَ تُبلي جَديدَهُ الحِقَبُ

يا جامِعَ المالِ منذُ كانَ غداً
يأْتِي عَلَى ما جمعتَهُ الحرَبُ

إيَّاكَ أنْ تأْمَنَ الزَّمَانَ فَمَا
زالَ عَلَيْنَا الزّمانُ يَنْقَلِبُ

إيَّاكَ والظُّلْمَ إنَّهُ ظُلَمٌ
إيَّاكَ والظَّنُّ إِنَّهُ كذِبُ

بينَا تَرَى القَوْمَ فِي مَجَلَّتِهِمْ
إذْ قيلَ بادوا، وقيلَ قَد ذَهَبُوا

إنِّي رأَيْتُ الشَّرِيفَ معتَرِفاً
مُصْطَبِراً للحُقُوق، إذْ تَجِبُ

وقدْ عَرَفْتُ اللِّئامَ لَيْسَ لهمْ
عَهْدٌ، ولا خِلّة ٌ، ولا حَسَبُ

احذَرْ عَلَيْكَ اللِّئامَ إنَّهُمُ
لَيسَ يُبالُونَ منكَ ما رَكِبُوا

فنِصْفُ خَلْقِ اللِّئامِ مُذْ خُلِقُوا
ذُلٌّ ذَليلٌ، ونِصْفُهُ شَغَبُ

فِرَّ مِنَ اللُّؤْمِ واللِّئامِ وَلاَ
تَدْنُ إليْهِمْ فَإنَّهُمْ جَرَبُ

روح السراب 11-03-2017 03:17 AM

رد : ديوان أبو العتاهية
 
أذَلَّ الحِرْصُ والطَّمَعُ الرِّقابَا

أذَلَّ الحِرْصُ والطَّمَعُ الرِّقابَا
وقَد يَعفو الكَريمُ، إذا استَرَابَا

إذا اتَّضَحَ الصَّوابُ فلا تَدْعُهُ
فإنّكَ قلّما ذُقتَ الصّوابَا

وَجَدْتَ لَهُ على اللّهَواتِ بَرْداً
كَبَرْدِ الماءِ حِينَ صَفَا وطَابَا

ولَيسَ بحاكِمٍ مَنْ لا يُبَالي
أأخْطأَ فِي الحُكومَةَِ أمْ أصَابَا

وإن لكل تلخيص لوجها
وإن لكل مسألة جوابا

وإنّ لكُلّ حادِثَة ٍ لوَقْتا
وإنّ لكُلّ ذي عَمَلٍ حِسَابَا

وإنّ لكُلّ مُطّلَعٍ لَحَدّاً
وإنّ لكُلّ ذي أجَلٍ كِتابَا

وكل سَلامَة ٍ تَعِدُ المَنَايَا
وكلُّ عِمارَة ٍ تَعِدُ الخَرابَا

وكُلُّ مُمَلَّكٍ سَيَصِيرُ يَوْماً
وما مَلَكَتْ يَداهُ مَعاً تُرابَا

أبَتْ طَرَفاتُ كُلّ قَريرِ عَينٍ
بِهَا إلاَّ اضطِراباً وانقِلاَبا

كأنَّ محَاسِنَ الدُّنيا سَرَابٌ
وأيُّ يَدٍ تَناوَلَتِ السّرابَا

وإنْ يكُ منيَة ٌ عجِلَتْ بشيءٍ
تُسَرُّ بهِ فإنَّ لَهَا ذَهَابَا

فَيا عَجَبَا تَموتُ، وأنتَ تَبني
وتتَّخِذُ المصَانِعَ والقِبَابَا

أرَاكَ وكُلَّما فَتَّحْتَ بَاباً
مِنَ الدُّنيَا فَتَّحَتَ عليْكَ نَابَا

ألَمْ ترَ أنَّ غُدوَة َ كُلِّ يومٍ
تزِيدُكَ مِنْ منيَّتكَ اقترابَا

وحُقَّ لموقِنٍ بالموْتِ أنْ لاَ
يُسَوّغَهُ الطّعامَ، ولا الشّرَابَا

يدبِّرُ مَا تَرَى مَلْكٌ عَزِيزٌ
بِهِ شَهِدَتْ حَوَادِثُهُ رِغَابَا

ألَيسَ اللّهُ في كُلٍّ قَريباً؟
بلى! من حَيثُ ما نُودي أجابَا

ولَمْ تَرَ سائلاً للهِ أكْدَى
ولمْ تَرَ رَاجياً للهِ خَابَا

رأَيْتَ الرُّوحَ جَدْبَ العَيْشِ لمَّا
عرَفتَ العيشَ مخضاً، واحتِلابَا

ولَسْتَ بغالِبِ الشَّهَواتِ حَتَّى
تَعِدُّ لَهُنَّ صَبْراً واحْتِسَابَا

فَكُلُّ مُصِيبة ٍ عَظُمَتْ وجَلَّت
تَخِفُّ إِذَا رَجَوْتَ لَهَا ثَوَابَا

كَبِرْنَا أيُّهَا الأتَرابُ حَتَّى
كأنّا لم نكُنْ حِيناً شَبَابَا

وكُنَّا كالغُصُونِ إِذَا تَثَنَّتْ
مِنَ الرّيحانِ مُونِعَة ً رِطَابَا

إلى كَمْ طُولُ صَبْوَتِنا بدارٍ
رَأَيْتَ لَهَا اغْتِصَاباً واسْتِلاَبَا

ألا ما للكُهُولِ وللتّصابي
إذَا مَا اغْتَرَّ مُكْتَهِلٌ تَصَابَى

فزِعْتُ إلى خِضَابِ الشَّيْبِ منِّي
وإنّ نُصُولَهُ فَضَحَ الخِضَابَا

مَضَى عنِّي الشَّبَابُ بِغَيرِ رَدٍّ
فعنْدَ اللهِ احْتَسِبُ الشَّبَابَا

وما مِنْ غايَة ٍ إلاّ المَنَايَا
لِمَنْ خَلِقَتْ شَبيبَتُهُ وشَابَا

روح السراب 11-03-2017 03:20 AM

رد : ديوان أبو العتاهية
 
بكيْتُ على الشّبابِ بدمعِ عيني
فلم يُغنِ البُكاءُ ولا النّحيبُ

فَيا أسَفاً أسِفْتُ على شَبابٍ،
نَعاهُ الشّيبُ والرّأسُ الخَضِيبُ

عريتُ منَ الشّبابِ وكنتُ غضاً
كمَا يَعرَى منَ الوَرَقِ القَضيبُ

فيَا لَيتَ الشّبابَ يَعُودُ يَوْماً،
فأُخبرَهُ بمَا فَعَلَ المَشيبُ

روح السراب 11-03-2017 03:23 AM

رد : ديوان أبو العتاهية
 
لعَمْرُكَ، ما الدّنيا بدارِ بَقَاءِ؛
كَفَاكَ بدارِ المَوْتِ دارَ فَنَاءِ

فلا تَعشَقِ الدّنْيا، أُخيَّ، فإنّما
يُرَى عاشِقُ الدُّنيَا بجُهْدِ بَلاَءِ

حَلاَوَتُهَا ممزَوجَة ٌ بمرارة
ٍ ورَاحتُهَا ممزوجَة ٌ بِعَناءِ

فَلا تَمشِ يَوْماً في ثِيابِ مَخيلَة
ٍ فإنَّكَ من طينٍ خلقتَ ومَاءِ

لَقَلّ امرُؤٌ تَلقاهُ لله شاكِراً؛
وقلَّ امرؤٌ يرضَى لهُ بقضَاءِ

وللّهِ نَعْمَاءٌ عَلَينا عَظيمَة ٌ،
وللهِ إحسانٌ وفضلُ عطاءِ

ومَا الدهرُ يوماً واحداً في اختِلاَفِه
ومَا كُلُّ أيامِ الفتى بسَوَاءِ

ومَا هُوَ إلاَّ يومُ بؤسٍ وشدة
ٍ ويومُ سُرورٍ مرَّة ً ورخاءِ

وما كلّ ما لم أرْجُ أُحرَمُ نَفْعَهُ؛
وما كلّ ما أرْجوهُ أهلُ رَجاءِ

أيَا عجبَا للدهرِ لاَ بَلْ لريبِهِ
يخرِّمُ رَيْبُ الدَّهْرِ كُلَّ إخَاءِ

وشَتّتَ رَيبُ الدّهرِ كلَّ جَماعَة
وكَدّرَ رَيبُ الدّهرِ كُلَّ صَفَاءِ

إذا ما خَليلي حَلّ في بَرْزَخِ البِلى
، فَحَسْبِي بهِ نأْياً وبُعْدَ لِقَاءِ

أزُورُ قبورَ المترفينَ فَلا أرَى
بَهاءً، وكانوا، قَبلُ،أهل بهاءِ

وكلُّ زَمانٍ واصِلٌ بصَريمَة ٍ،
وكلُّ زَمانٍ مُلطَفٌ بجَفَاءِ

يعِزُّ دفاعُ الموتِ عن كُلِّ حيلة
ٍ ويَعْيَا بداءِ المَوْتِ كلُّ دَواءِ

ونفسُ الفَتَى مسرورَة ٌ بنمائِهَا
وللنقْصِ تنْمُو كُلُّ ذاتِ نمَاءِ

وكم من مُفدًّى ماتَ لم يَرَ أهْلَهُ
حَبَوْهُ، ولا جادُوا لهُ بفِداءِ

أمامَكَ، يا نَوْمانُ، دارُ سَعادَة ٍ
يَدومُ البَقَا فيها، ودارُ شَقاءِ

خُلقتَ لإحدى الغايَتينِ، فلا تنمْ،
وكُنْ بينَ خوفٍ منهُمَا ورَجَاءُ

وفي النّاسِ شرٌّ لوْ بَدا ما تَعاشَرُوا
ولكِنْ كَسَاهُ اللهُ ثوبَ غِطَاءِ

روح السراب 11-03-2017 03:24 AM

رد : ديوان أبو العتاهية
 
أَحسَنتَ ظَنَّكَ بِالأَيّامِ إِذ حَسُنَت
وَلَم تَخَف سوءَ ما يَأتي بِهِ القَدَرُ

وَسالَمَتكَ اللَيالي فَاِغتَرَرتَ بِها
وَعِندَ صَفوِ اللَيالي يَحدُثُ الكَدَرُ

روح السراب 11-03-2017 03:26 AM

رد : ديوان أبو العتاهية
 
اِصبِر لِكُلِّ مُصيبَةٍ وَتَجَلَّدِ
وَاِعلَم بِأَنَّ المَرءَ غَيرُ مُخَلَّدِ

أَوَما تَرى أَنَّ المَصائِبَ جَمَّةٌ
وَتَرى المَنِيَّةَ لِلعِبادِ بِمَرصَدِ

مَن لَم يُصِب مِمَّن تَرى بِمُصيبَةٍ
هَذا سَبيلٌ لَستَ فيهِ بِأَوحَدِ

وَإِذا ذَكَرتَ مُحَمَّداً وَمَصابَهُ
فَاِذكُر مُصابَكَ بِالنَبِيِّ مُحَمَّدِ

اللهم صل وسلم وبارك على حبيبنا محمد وآله وصحبه
وأجمعنا به في جنات النعيم

روح السراب 11-03-2017 03:28 AM

رد : ديوان أبو العتاهية
 
ركنَّا إلى الدنيَا الدنئة ِ ضلَّة
ً وكَشفتِ الأطماعُ منَّا المساوِيَا

وَإنّا لَنُرْمَى كُلَّ يَوْمٍ بعِبْرَة
ٍ، نَراها، فَما تَزْدادُ إلاّ تَمادِيَا

نُسَرّ بدارٍ أوْرَثَتْنَا تَضاغُناً
عَلَيْها، وَدارٍ أوْرَثَتْنَا تَعادِيَا

إذَا المرءُ لمْ يلبسْ ثياباً من التُّقَى
تقلَّبَ عُرياناً وإنْ كانَ كاسِيَا

أخي! كنْ على يأسٍ من النّاسِ كلّهمْ
جميعاً وكُنْ ما عشتَ للهِ راجيَا

ألمْ ترَ أنَّ اللهَ يكفي عبادَهُ
فحسبُ عبادِ اللهِ باللهِ كافِيَا

وَكمْ من هَناة ٍ، ما عَلَيكَ، لمَستَها
مِنَ الناسِ يوماً أو لمستَ الأفاعِيَا

أخي! قد أبَى بُخلي وَبُخلُكَ أن يُرَى
لذي فاقة ٍ منِّي ومنكَ مؤَاسِيَا

كِلانَا بَطينٌ جَنْبُهُ، ظاهرُ الكِسَى ،
وَفي النّاسِ مَن يُمسِي وَيُصْبحُ عارِيَا

كأنِّي خُلقْتُ للبقاءِ مُخلَّداً
وَأنْ مُدّة َ الدّنْيا لَهُ ليس ثانِيَا

إلى الموتِ إلا أن يكونَ لمنْ ثَوى
منَ الخَلقِ طُرّاً، حيثما كانَ لاقِيَا

حسمْتَ المُنَى يا موتُ حسماً مُبرِّحاً
وعلَّمْتَ يا مَوْتُ البُكاءَ البواكِيا

وَمَزّقْتَنَا، يا مَوْتُ، كُلَّ مُمَزَّقٍ،
وعرَّفتَنَا يا موتُ منكَ الدَّواهِيَا

ألا يا طويلَ السهوِ أصبحتَ ساهياً
وَأصْبَحتَ مُغترّاً، وَأصْبحتَ لاهِيَا

أفي كُلِّ يومٍ نحن نلقى جنازة
ً وفي كلِّ يومٍ منكَ نسمعُ مناديا

وفي كلِّ يومٍ مِنكَ نرثِي لمعْوِلٍ
وفي كُلِّ يومٍ نحنُ نُسعدُ بالِيَا

ألا أيّها البَاني لغَيرِ بَلاغَة
ٍ، ألا لخَرابِ الدّهْرِ أصْبَحْتَ بانِيَا

ألا لزَوالِ العُمْرِ أصْبَحْتَ بَانِياً
؛ وَأصْبَحتَ مُختالاً، فَخوراً، مُباهِيا

كأنّكَ قد وَلّيتَ عن كُلّ ما تَرَى
، وخلَّفْتَ مَنْ خلَّفْتَهُ عنكَ سالِيَا

روح السراب 11-03-2017 03:29 AM

رد : ديوان أبو العتاهية
 
إذا ما خلوْتَ، الدّهرَ، يوْماً، فلا تَقُلْ
خَلَوْتَ ولكِنْ قُلْ عَلَيَّ رَقِيبُ

ولاَ تحْسَبَنَّ اللهَ يغفِلُ مَا مضَى
وَلا أنَ مَا يخفَى عَلَيْهِ يغيب

لهَوْنَا، لَعَمرُ اللّهِ، حتى تَتابَعَتْ
ذُنوبٌ على آثارهِنّ ذُنُوبُ

فَيا لَيتَ أنّ اللّهَ يَغفِرُ ما مضَى ،
ويأْذَنُ فِي تَوْباتِنَا فنتُوب

إذَا ما مضَى القَرْنُ الذِي كُنتَ فيهمِ
وخُلّفْتَ في قَرْنٍ فَأنْت غَريبُ

وإنَّ أمرءًا قَدْ سارَ خمسِينَ حِجَّة ٍ
إلى مَنْهِلِ مِنْ وردِهِ لقَرِيبُ

نَسِيبُكَ مَنْ ناجاكَ بِالوُدِّ قَلبُهُ
ولَيسَ لمَنْ تَحتَ التّرابِ نَسيبُ

فأحْسِنْ جَزاءً ما اجْتَهَدتَ فإنّما
بقرضِكَ تُجْزَى والقُرُوضُ ضُروبُ

روح السراب 11-03-2017 03:40 AM

رد : ديوان أبو العتاهية
 
وَلي فُؤادٌ

وَلي فُؤادٌ إِذا طالَ العَذابُ بِهِ
هامَ اِشتِياقاً إِلى لُقيا مُعَذِّبِهِ

يَفديكَ بِالنَفسِ صَبٌّ لَو يَكونُ لَهُ
أَعَزُّ مِن نَفسِهِ شَيءٌ فَداكَ بِهِ

روح السراب 11-03-2017 03:45 AM

رد : ديوان أبو العتاهية
 
أرجوزة أبي العتاهية الزهدية كاملة

الحَمدُ لِلَّهِ عَلى تَقديرِهِ وَحُسنِ ما صَرَفَ مِن أُمورِهِ
الحَمدُ لِلَّهِ بِحُسنِ صُنعِهِ شُكراً عَلى إِعطائِهِ وَمَنعِهِ
يَخيرُ لِلعَبدِ وَإِن لَم يَشكُرُه وَيَستُرُ الجَهلَ عَلى مَن يُظهِرُه
خَوَّفَ مَن يَجهَلُ مِن عِقابِهِ وَأَطمَعَ العامِلَ في ثَوابِهِ
وَأَنجَدَ الحُجَّةَ بِالإِرسالِ إِلَيهِمُ في الأَزمُنِ الخَوالي
نَتَعصِمُ اللَهَ فَخَيرُ عاصِمِ قَد يُسعِدُ المَظلومَ ظُلمُ الظالِمِ
فَضَّلَنا بِالعَقلِ وَالتَدبيرِ وَعِلمِ ما يَأتي مِنَ الأُمورِ
يا خَيرَ مَن يُدعى لَدى الشَدائِدِ وَمَن لَهُ الشُكرُ مَعَ المَحامِدِ
أَنتَ إِلَهي وَبِكَ التَوفيقُ وَالوَعدُ يُبدي نورَهُ التَحقيقُ
حَسبُكَ مِمّا تَبتَغيهِ القوتُ ما أَكثَرَ القوتَ لِمَن يَموتُ
إِن كانَ لا يُغنيكَ ما يَكفيكا فَكُلُّ ما في الأَرضِ لا يُغنيكا
الفَقرُ فيما جاوَزَ الكَفافا مَن عَرَفَ اللَهَ رَجا وَخافا
إِنَّ القَليلِ بِالقَليلِ يَكثُرُ إِنَّ الصَفاءَ بِالقَظى لَيَكدُرُ
يا رُبَّ مَن أَسخَطَنا بِجَهدِهِ قَد سَرَّنا اللَهُ بَغَيرِ حَمدِهِ
مَن لَم يَصِل فَاِرضَ إِذا جَفاكَ لا تَقطَعَنَّ لِلهَوى أَخاكا
اللَهُ حَسبي في جَميعِ أَمري بِهِ غَنائي وَإِلَيهِ فَقري
لَن تُصلِحَ الناسَ وَأَنتَ فاسِدُ هَيهاتَ ما أَبعَدَ ما تُكابِدُ
التَركُ لِلدُنيا النَجاةُ مِنها لَم تَرَ أَنهى لَكَ مِنها عَنها
لِكُلِّ ما يُؤذي وَإِن قَلَّ أَلَم ما أَطوَلَ اللَيلَ عَلى مَن لَم يَنَم
مَن لاحَ في عارِضِهِ القَتيرُ فَقَد أَتاهُ بِالبَلى النَذيرُ
مَن جَعَلَ النَمّامَ عَيناً هَلَكا مُبلِغُكَ الشَرَّ كَباغيهِ لَكا
يُغنيكَ عَن قولِ قَبيحٍ تَركُهُ قَد يوهِنُ الرَأيَ الأَصيلَ شَكُّهُ
لِكُلِّ قَلبٍ أَمَلٌ يُقَلِّبُه يَصدُقُهُ طَوراً وَطَوراً يَكذِبُه
المَكرُ وَالخِبُّ أَداةُ الغادِرِ وَالكَذِبُ المَحضُ سِلاحُ الفاجِرِ
لَم يَصفُ لِلمَرءِ صَديقٌ يَذُقُه لَيسَ صَديقُ المَرءِ مَن لا يَصدُقُه
مَعروفُ مَن مَنَّ بِهِ خِداجُ ما طابَ عَذبٌ شابَهَ عَجاجُ
ما عَيشُ مَن آفَتُهُ بَقاؤُهُ نَغَّصَ عَيشاً طَيِّباً فَناؤُهُ
إِنّا لَنَفنى نَفَساً وَطَرفا لَم يَترُكِ المَوتُ لِإِلفٍ إِلفا
وَلِلكَلامِ باطِنٌ وَظاهِرُ في ساعَةِ العَدلِ يَموتُ الجاجِرُ
عَلِمتَ يا مُجاشِعُ بنَ مَسعَدَه أَنَّ الشَبابَ وَالفَراغَ وَالجِدَه
مَفسَدَةٌ لِلمَرءِ أَيُّ مَفسَدَة
يا لِلشَبابِ المَرِحِ التَصابي رَوائِحُ الجَنَّةِ في الشَبابِ
لَيسَ عَلى ذي النُصحِ إِلّا الجَهدُ الشَيبُ زَرعٌ حانَ مِنهُ الحَصدُ
الغَدرُ نَحسٌ وَالوَفاءُ سَعدُ
هِيَ المَقاديرُ فَلُمني أَو فَذَر تَجري المَقاديرُ عَلى غَرزِ الإِبَر
إِن كُنتُ أَخطَأتُ فَما أَخطا القَدَر
إِنَّ الفَسادَ بَعدَهُ الصَلاحُ يا رُبَّ جِدٍّ جَرَّهُ المِزاحُ
ما تَطلُعُ الشَمسُ وَلا تَغيبُ إِلّا لِأَمرٍ شَأنُهُ عَجيبُ
لِكُلِّ شَيءٍ مَعدَنٌ وَجَوهَرُ وَأَوسَطٌ وَأَصغَرٌ وَأَكبَرُ
وَكُلُّ شَيءٍ لاحِقٌ بِجَوهَرِه أَصغَرُهُ مُتَّصِلٌ بِأَكبَرِه
مَن لَكَ بِالمَحضِ وَكُلٌّ مُمتَزِج وَساوِسٍ في الصَدرِ مِنكَ تَعتَلِج
مَن لَكَ بَالمَحضِ وَلَيسَ مَحضُ يَخبُثُ بَعضٌ وَيَطيبُ بَعضُ
لِلكُلِّ إِنسانٍ طَبيعَتانِ خَيرٌ وَشَرٌّ وَهُما ضِدّانِ
إِنَّكَ لَو تَستَنشِقُ الشَحيحا وَجَدتَهُ أَخبَثَ شَيءٍ ريحا
عَجِبتُ لَمّا ضَبَّني السُكوتُ حَتّى كَأَنّي حائِرٌ مَبهوتُ
كَذا قَضى اللَهُ فَكَيفَ أَصنَعُ وَالصَمتُ إِن ضاقَ الكَلامُ أَوسَعُ
نَعوذُ بِاللَهِ مِنَ الشَيطانِ ما أَولَعَ الشَيطانَ بِالإِنسانِ
خَيرُ الأُمورِ خَيرُها عَواقِبا مَن يُرِدِ اللَهُ يَجِد مَذاهِبا
الجودُ مِمّا يُثبِتُ المَحَبَّةَ وَالبُخلُ مِمّا يُثبِتُ المَسَبَّه
لِكُلِّ شَيءٍ أَجَلٌ مَكتوبُ وَطالِبُ الرِزقِ بِهِ مَطلوبُ
لِكُلِّ شَيءٍ سَبَبٌ وَعاقِبَه وَكُلُّها آتِيَةٌ وَذاهِبَة
يا عَجَباً مِمَّن يُحِبُّ الدُنيا وَلَيسَ لِلدُنيا عَلَيهِ بُقيا
الصِدقُ وَالبِرُّ هُما الوِقاءُ يَومَ تَقومُ الأَرضُ وَالسَماءُ
وَكُلُّ قَرنٍ فَلَهُ زَمانُ وَلَم يَدُم مُلكٌ وَلا سُلطانُ
ما أَسرَعَ المَوتَ وَإِن طالَ العُمُر وَرُبَّما كانَ قَليلاً فَكَثُر
مَسَرَّةُ الدُنيا إِلى تَنغيصِ وَرُبَّما أَكَت يَدُ الحَريصِ
ما هِيَ إِلّا دُوَلٌ بَعدَ دُوَل تَجري بِأَسبابٍ تَأَتّى وَعِلَل
ما قَلَبَ القَلبَ كَتَقليبِ الأَمَل لِلقَلبِ وَالآمالِ حَلٌّ وَرَحَل
وَكُلُّ خَيرٍ تَبَعٌ لِلعَقلِ وَكُلُّ شَرٍّ تَبَعٌ لِلجَهلِ
لِكُلِّ نَفسٍ مِمَمٌ وَنَجوى لا كَرَمٌ يُعرَفُ إِلّا التَقوى
لِيَجهَدِ المَرءُ فَما يَعدو القَدَر وَرُبَّما قادَ إِلى الحَينِ الحَذَر
ما صاحِبُ الدُنيا بِمُستَريحٍ وَالداءُ داءُ النَهِمِ الشَحيحِ
لَم نَرَ شَيئاً يَعدِلُ السَلامَه لا خَيرَ فيما يُعقِبُ النَدامَه
بِحَسبِكَ اللَهُ فَما يَقضي يَكُن وَما يُهَوِّنهُ مِنَ الأَمرِ يَهُن
كَم مِن نَقِيِّ الثَوبِ ذي قَلبٍ دَنِس فَالموحِشُ الباطِلِ وَالحَقُّ أَنِس
تَحَرَّ فيما تَطلُبُ البَلاغا وَاِغتَنِمِ الصِحَّةَ وَالفَراغا
المَرءُ يَبغي كُلَّ مَن يَبغيهِ وَكُلُّ ذي رِزقٍ سَيَستَوفيهِ
في كُلِّ شَيءٍ عَجَبٌ مِنَ العَجَب وَكُلُّ شَيءٍ فَبِوَقتٍ وَسَبَب
الحَقُّ ما كانَ أَحَقُّ ما اِتُّبِع وَرُبَّما لَجَّ لَجوجٌ فَرَجَع
الأَمرُ قَد يَحدُثُ بَعدَ الأَمرِ كُلُّ اِمرِئٍ يَجري وَلَيسَ يَدري
دُنيايَ يا دُنيايَ غُرّي غَيري إِنّي مِنَ اللَهَ بِكُلِّ خَيرِ
لِكُلِّ نَفسٍ صِبغَةٌ وَشيمَه وَلَن تَرى عَزيمَه
لا تَترُكِ المَعروفَ حَيثُ كُنتا وَاِعزِم عَلى الخَيرِ وَإِن جَبُنتا
الحَمدُ لِلَّهِ كَثيراً شُكرا اللَهُ أَعلى وَأَعَزُّ أَمرا
لا بُدَّ مِمّا لَيسَ مِنهُ بُدُّ وَالغَيُّ لا يَنزِلُ حَيثُ الرُشدُ
ما شاءَ رَبّي أَن يَكونَ كانا وَالمَرءُ يُردي نَفسَهُ أَحيانا
كُلُّ اِجتِماعٍ فَإِلى اِفتِراقِ وَالدَهرُ ذو فَتحٍ وَذو إِغلاقِ
كُلٌّ يُناغي نَفسَهُ بِهاجِسِ تَقَلُّقٌ مِن عُلَقِ الوَساوِسِ
نَستَوفِقُ اللَهَ لِما نُحِبُّ ما أَقبَحَ الشَيخَ الكَبيرَ يَصبو
في كُلِّ رَأسٍ نَزوَةٌ وَطَربَه رُبَّ رِضىً أَفضَلُ مِنهُ غَضبَه
كَم غَضبَةٍ طابَت بِها المَغَبَّه
يا عاشِقَ الدُنيا تَسَلَّ عَنها وَيلي عَلى الدُنيا وَوَيلي مِنها
ما أَسرَعَ الساعاتِ في الأَيّامِ وَأَسرَعَ الأَيّامَ في الأَعوامِ
لِلمَوتِ بي جِدٌّ وَأَيُّ جِدِّ وَلَستُ لِلمَوتِ بِمُستَعِدِّ
هَل أُذُنٌ تَسمَعُ ما تُسَمِّعُ قَوارِعُ الدَهرِ الَّتي تُقَرِّعُ
ما طابَ فَرعٌ لا يَطيبُ أَصلُهُ اِحذَر مُؤاخاةَ اللَئيمِ فِعلُهُ
اِنظُر إِذا آخَيتَ مَن تُؤاخي ما كُلُّ مَن آخَيتَ بِالمُؤاخي
الحَمدُ لِلَّهِ الكَثيرِ خَيرُهُ لَم يَسَعِ الخَلقَ جَميعاً غَيرُهُ
مَن يَشتَكِ الدَهرَ يَطُل في الشَكوى الدَهرُ ما لَيسَ عَلَيهِ عَدوى
لَم نَرَ مَن دامَ لَهُ سُرورُ وَصاحِبُ الدُنيا بِها مَغرورُ
نَعوذُ بِاللَهِ مِنَ الشَقاءِ ما أَطمَعَ الإِنسانَ في البَقاءِ
لَم يَخلُ مِن حُسنِ يَدٍ مَكانُهُ وَالمَرءُ لَم يُسلِمَهُ إِحسانُهُ
مَن يَأمَنُ المَوتَ وَلَيسَ يُؤمِنُ نَحنُ لَهُ في كُلِّ يَومٍ نُؤذَنُ
يا رُبَّ ذي خَوفٍ أَتى مِن مَأمَنِه كَم مُبتَلىً مِن يَأسِهِ بِأَمَنِه
اِستَغنِ بِاللَهِ تَكُن غَنِيّاً اِرضَ عَنِ اللَهِ تَعِش رَضِيّا
يا رَبِّ إِنّا بِكَ يا عَظيمُ إِنَّكَ أَنتَ الواسِعُ الحَكيمُ
يَكونُ ما لا بُدَّ أَن يَكونا وَكُلُّ راجٍ رَجَّمَ الظُنونا
سُبحانَ مَن لا يَنقَضي سُبحانَ مَن لا يَخيبُ طالِبُه
لَم يَعدَمِ اللَهُ وَلِلَّهِ القِدَم وَالسابِقُ اللَهُ إِلى كُلِّ كَرَم
ما كُلُّ شَيءٍ يُبرَغى يُنالُ وَطَلِبُ الحَقِّ لَهُ مَقالُ
أَفَلحَ مَن كانَ لَهُ تَفَكُّرُ ما كُلُّ ذي عَيشٍ يَرى ما يُبصِرُ
وَكُلُّ نَفسٍ فَلَها تَعَلُّلُ وَإِنَّما النَفسُ عَلى ما تُحمَلُ
وَعادَةُ الشَرِّ فَشَرُّ عادَه وَالمَرءُ بَينَ النَقصِ وَالزِيادَة
لِكُلِّ ناعٍ ذاتَ يَومٍ ناعِ وَإِنَّما النَعيُ بِقَدرِ الناعي
وَكُلُّ نَفسٍ فَلَها دَواعِ
ما أَكرَهَ الإِنسانَ لِلتَفَضُّلِ وَإِنَّما الفَضلُ لِكُلِّ مُفضِلِ
رَبِّ لَكَ الحَمدُ وَأَنتَ أَهلُهُ مَن لَزِمَ التَقوى أَنارَ عَقلُهُ
ما غايَةُ المُؤمِنِ إِلّا الجَنَّه تَبارَكَ اللَهُ العَظيمُ المِنَّه
يا عَجَباً لِلَّيلِ وَالنَهارِ لا بَل لِساعاتِهِما القِضارِ
ما أَطحَنَ الأَيّامَ لِلقُرونِ كَم لِاِمرِئٍ مِن مَأمَنٍ خَؤونِ
يا رُبَّ حُلوٍ سَيَعودُ سُمّا وَرُبَّ حَمدٍ سَيَعودُ ذَمّا
وَرُبَّ سِلمٍ سَيَعودُ حَربا وَرُبَّ إِحسانٍ يَعودُ ذَنبا
المَوتُ لا يُفلِتُ حَيٌّ مِنهُ كَم ذائِقٍ لِلمَوتِ لاهٍ عَنهُ
ما أَسرَعَ البَغيَ لِكُلِّ باغِ وَرُبَّ ذي بَغيٍ مِنَ الفَراغِ
لِكُلِّ جَنبٍ ذاتَ يَومٍ مَصرَعُ وَالحَقُّ ذو نورٍ عَلَيهِ يَسطَعُ
لا تَطلُبُ المَعروفَ إِلّا مِن أَخِ يَسومُكَ الوِدَّ بِهِ سَومَ السَخي
الزُهدُ في الدُنيا هُوَ العَيشُ الرَخي
يا رُبَّ شُؤمٍ صارَ لِلبَخيلِ أَكرِم بِأَهلِ العِلمِ بِالجَميلِ
مَن كانَ في الدُنيا لَهُ زَهادَه فَعِندَها طابَت لَهُ العِبادَه
أَصلِح وَمَن يُصلِح فَماذا يَربَح وَالشَيءُ لا يَصلُحُ إِن لَم يُصلَح
كُلُّ جَديدٍ سَيَعودُ مُخلِقاً وَمَن أَصابَ مَرَفِقا
ما اِنتَفَعَ المَرءُ بِمِثلِ عَقلِه وَخَيرُ ذُخرِ المَرءِ حَسنُ فِعلِه
لَم يَزَلِ اللَهُ عَلَينا مُنعِما
وَمَن طَغى عاشَ فَقيراً مُعدَما
اليُبسُ وَالبَأسِ لِأَهلِ الباسِ وَسادَةُ الناسِ خِيارُ الناسِ
أَيُّ بِناءٍ لَيسَ لِلخَرابِ وَأَيُّ آتٍ لَيسَ لِلذَهابِ
كَأَنَّ شَيئاً لَم يَكُن إِذا اِنقَضى وَما مَضى مِمّا مَضى فَقَد مَضى
ما أَزيَنَ العَقلَ لِكُلِّ عاقِلِ ما أَشيَنَ الجَهلَ لِكُلِّ جاهِلِ
بُؤسى لِمَن قالَ بِما لا يَعلَمُ وَصاحِبُ الحَقِّ فَلَيسَ يَندَمُ
الخَيرُ أَهلٌ أَن يُحِبَّ أَهلُهُ وَالحَقُّ ذو خِفٍّ ثَقيلٍ حَملُهُ
وَالحَينُ خَتّالٌ لَطيفٌ خَتلُهُ
أَينَ يَفِرُّ المَرءُ أَينَ أَينا كُلُّ جَميعٍ سَيُلاقي بَينا
إِلَيكِ يا دُنيا إِلَيكِ عَنّي ماذا تُريدينَ تَخَلّي مِنّي
يا دارُ دارَ الهَمِّ وَالمَعاصي هَل فيكِ لي بابٌ إِلى الخَلاصِ
نَطلُبُ أَن نَبقى وَلَيسَ نَبقى كُلٌّ سَيَلقى اللَهَ حَقّا حَقّا
لِكُلِّ عَينٍ عِبرَةٌ فيما تَرى وَالحَقُّ مَحفوفٌ بِأَعلامِ الهُدى
يَقبَلُهُ العَقلُ وَيَنفيهِ الهَوى
كَم بارَكَ اللَهُ لِقَلبي فَاِتَّسَع وَاللَهُ إِن بارَكَ في شَيءٍ نَفَع
لا تُتبِعِ المَعروفَ مِنكَ مِنّا أُخِيَّ أَحسِن بِأَخيكَ الظَنّا
سُبحانَكَ اللَهُمَّ سَلِّم سَلِّمِ وَتَمِّمِ النُعمى عَلَينا تَمَم
طوبى لِمَن صَحَّت بَناتُ حِسِّهِ وَمَن كَفاهُ اللَهُ شَرَّ نَفسِهِ
كَم دَولَةٍ سَوفَ يَكونُ غَيرُها وَسَوفَ يَفنى شَرُّها وَخَيرُها
يا عَجَباً لِلدَهرِ في تَقَلُّبِه المَرءُ مُذ كانَ عَلى تَوَثُّبِه
ما بَينَ نابَيهِ وَبَينَ مِخلَبِه
ما أَعظَمَ الحُجَّةَ إِن عَقَلنا ما يَغفُلُ المَوتُ وَإِن غافَلنا
اِعتَبِرِ اليَومَ بِأَمسِ الذاهِبِ وَاِعجَب فَما تَنفَكُّ مِن عَجائِبِ
تَرى الأُمورَ وَاللَهُ في كُلِّ الأُمورِ يَقضي
تَبارَكَ اللَهُ يا صاحِبَ التَسويفِ ماذا تَنتَظِر
مَن قَنِعَ وَالمَوتُ ما أَسرَعَهُ وَأَوحى
يا رَبِّ إِنّي بِكَ أَنتَ رَبّي وَمِنكَ إِحسانٌ وَمِنّي ذَنبي
أَستَغفِرُ اللَهَ فَنِعمَ القادِرُ اللَهُ لي مِن شَرِّ ما أُحاذِرُ
حَتّى مَتى المُذنِبُ لا يَتوبُ أَما تَرى ما تَصنَعُ الخُطوبُ
ما المُلكُ إِلّا الجاهُ عِندَ اللَهِ الجاهُ عِندَ اللَهِ خَيرُ جاهِ
كاسَ اِمُؤٌ مُنتَظِرٌ لِلمَوتِ وَكاسَ مَن بادَرَ قَبلَ الفَوتِ
سَبيلُ مَن ماتَ هُوَ السَبيلُ بَقاؤنا مِن بَعدِهِم قَليلُ
قَد يَضحَكُ القَلبُ بِعَينٍ تَبكي وَالأَخذُ قَد يَجري بِمَعنى التَركِ
ما هِيَ إِلّا الحادِثاتُ حَتّى تَترُكَ أَهلَ الأَرضِ بَتّا بَتّا
لا بُدَّ لا بُدَّ مِنَ الحَوادِثِ تَمُرُّ تَطوي حادِثاً بِحادِثِ
لا عَيشَ إِلّا عَيشُ أَهلِ الآخِرَه إِنّا لَنَعمى وَالعُيونُ ناظِرَه
المَوتُ حَقٌّ لَيسَ فيهِ شَكٌّ تَفنى المُلوكُ وَيَبيدُ المُلكُ
اللَهُ رَبّي وَهوَ المَليكُ لَيسَ لَهُ في مُلكِهِ شَريكُ
اللَهُ يَفنينا وَلَيسَ يَفنى لَهُ الجَلالُ وَالصِفاتُ الحُسنى
اللَهُ مَولانا وَنِعمَ المَولى فَقُل لِمَن يَعصيهِ أَولى أَولى
ما هُوَ إِلّا عَفوُهُ وَحِلمُهُ سُبحانَ مَن لا حُكمَ إِلّا حُكمُهُ
نَتائِجُ الأَحوالِ مِن لا وَنَعَم وَالنَفسُ مِن بَينِ صُموتٍ وَعَدَم
يَذهَبُ شَيءٌ وَيَجيءُ شَيُّ ما هُوَ إِلّا رَشَدٌ وَغَيُّ
وَإِنَّما العِلمُ بِعَينٍ وَأَثَر وَإِنَّما التَعليمُ عِلمٌ وَخَبَر
نَحنُ مِنَ الدُنيا عَلى وِفازِ طوبى لِمَن أَسرَعَ في الجِهازِ
وَكُلُّ مَأخوذٍ فَسَوفَ يُترَكُ وَالمُلكُ لا يَبقى وَلا المُمَلَّكُ
أَتَت مُلوكٌ وَمَضَت مُلوكُ غَرَّتهُمُ الآمالُ وَالشُكوكُ
المَلِكُ الحَيُّ هُوَ المُميتُ لَهُ الجَميعُ وَلَهُ الشَتيتُ
في كُلِّ شَيءٍ عِبرَةٌ مِنَ العِبرِ وَكُلُّ شَيءٍ بِقَضاءٍ وَقَدَر
رَبّي إِلَيهِ تُرجَعُ الأُمورُ أَستَغفِرُ اللَهَ هُوَ الغَفورُ
عَمِلتُ سوءً وَظَلَمتُ نَفسي وَخِبتُ يَومي وَأَضَعتُ أَمسي
وَلي غَدٌ يُؤخَذُ مِنّي لَهُما هُما الدَليلانِ عَلى ذاكَ هُما
يا عَجَباً مِن ظُلمِ الذُنوبِ إِنَّ لَها رَيناً عَلى القُلوبِ
اللَهُ فَعّالٌ لِما يَشاءُ غَداً غَداً يَنكَشِفُ الغِطاءُ
كَم شِدَّةٍ مِن بَعدِها رَخاءُ
إِنَّ الشَقِيَّ لِلشَقِيُّ الخائِنُ وَكُلُّنا عَمّا نَراهُ بائِنُ
كُلٌّ سَيَفنى عاجِلاً وَشيكا تَرحَلُ عَن تَيّا وَتَنأى تيكا
ناهيكَ مِمّا سَتَرى ناهيكا
وَكُلُّ شَيءٍ مُقبِلٌ مُوَلِّ وَكُلُّ ذي شَيءٍ لَهُ مُخَلِّ
رَضيتُ بِاللَهِ وَبِالقَضاءِ ما أَكرَمَ الصَبرَ عَلى البَلاءِ
نَعَبُ وَالدَهرُ بِنا سَريعُ وَالمَوتُ بينا دائِبٌ ذَريعُ
كُلُّ بَني الدُنيا لَها صَريعُ
أَلا اِنتَبِه ثُمَّ اِنتَبِه يا ناعِسُ أُخَيَّ لا تَلعَب بِكَ الوَساوِسُ
دُنيايَ يا دُنيايَ يا دارَ الفِتَن يا دارُ يا دارَ الهُمومُ وَالحَزَنَ
يا غَيرَ الدَهرِ وَيا صَرفَ الزَمَن إِن أَنا لَم أَبكِ عَلى نَفسي فَمَن
لِكُلِّ هَمٍّ فَرَجٌ مِنَ الفَرَجِ تَثَقَّفَ الحَقُّ فَما فيهِ عِوَج
يا عَجَباً ما أَسرَعَ الأَيّاما عَجِبتُ لِلنائِمِ كَيفَ ناما
يا عَجَباً كُلٌّ لَهُ تَصريفُ صَرَّفَهُ المُصَرِّفُ اللَطيفُ
وَأَيُّ شَيءٍ لَيسَ فيهِ فِكرَه وَأَيُّ شَيءٍ لَيسَ فيهِ عِبرَه
نَرى اِفتِراقاً وَنَرى اِجتِماعا نَرى اِتِّصالاً وَنَرى اِنقِطاعا
المُؤمِنُ المُخلِصُ لا يَضيعُ وَحُكمَةُ اللَهِ لَهُ رَبيعُ
حَتّى مَتى لا تَرعَوي حَتّى مَتى لَقَد عَصَيتَ اللَهَ كَهلاً وَفَتى
ما أَقرَبَ النَقصَ مِنَ النَماءِ وَكُلُّ مَن تَمَّ إِلى فَناءِ
أَرى البِلى فينا لَطيفَ الفَحصِ بَينَ الزِياداتِ وَبَينَ النَقصِ
إِن كُنتَ تَبغي أَن تَكونَ أَملَسا فَكُن مِنَ الدُنيا أَصَمَّ أَخرَسا
وَأَرغَب إِلى اللَهِ عَسى اللَهُ عَسى
يا ذا الَّذي اِستيقاظُهُ مُشتَبَهُ لا راقِدٌ أَنتَ وَلا مُستَنبِهُ
مَن آثَرَالمُلكَ عَلى الكَينونَه كانَ مِنَ المُلكِ عَلى بَينونَه
لِيَخشَ عَبدٌ دَعوَةَ المَظلومِ وَحِكمَةِ الحَيِّ بِها القَيّومِ
وَيحَكَ يا مُغتَصِبَ المِسكينِ وَيحَكَ مِن دَيّانِ يَومِ الدَينِ
الدينُ لِلَّهِ هُوَ الدَيّانُ وَحُجَّةُ اللَهِ هِيَ السُلطانُ
تُدانُ يَوماً ما كَما تَدينُ وَيحَكَ يا مِسكينُ يا مِسكينُ
لِمِثلِ هَذا فَلَبَّيكَ الباكي حَسبُكَ بِالبُيودِ مِن هَلاكِ
لَيسَ الرِضى إِلّا لِكُلِّ راضِ وَكُلُّ أَمرِ اللَهِ فينا ماضِ
السُخطُ لا يَبرَحُ كُلَّ ساخِطِ أَيُّ هَوىً فيهِ سُقوطُ الساقِطِ
وَصِلِ اللَهَ عَلى ما تَهوى وَلازِمِ الرُشدَ لِكَي لا تَغوى
مَن ضاقَ حَلَّت نَفسُهُ في الضيقِ لَيسَ اِمرُؤٌ ضاقَ عَلى الطَريقِ
ما أَوسَعَ الدُنيا عَلى المُسامِحِ ما فازَ إِلّا كُلُّ عَبدٍ صالِحِ
عاقِبَةُ الصَبرِ لَها حَلَوَه وَعادَةُ الشَرِّ لَها ضَراوَه
تَعَزَّ بِالصَبرِ عَلى ما تَكرَهُ وَلا تُخَلِّ النَفسَ حينَ تَشرَهُ
النَفسُ إِن أَتبَعتَها هَواها فاغِرَةٌ نَحوَ هَواها فاها
لا تَبغِ ما يَجزيكَ مِنهُ دونَهُ وَإِن رَأَيتَ الناسَ يَطلُبونَهُ
أَيُّ غِنىً لِلمَرءِ في القُنوعِ وَالمَرءُ ذو حِرصٍ وَذو وَلوعِ
المَرءُ دُنياهُ لَهُ غَرّارَه وَالنَفسُ بِالسوءِ لَهُ أَمّارَه
ما النَفسُ إِلّا كَدرٌ وَصَفو طَعمٌ لَهُ مُرُّ وَطَعمٌ حُلو
لِكُلِّنا يا دارُ مِنكِ شَجو وَبَعضُنا مِن شَجوِ بَعضٍ خِلو
ما زالَتِ الدُنيا لَنا دارَ أَذى مَمزوجَةَ الصَفوِ بِأَلوانِ القَذى
الخَيرُ وَالشَرُّ بِها أَزواجُ لِذا نِتاجٌ وَلِذا نِتاجُ
سُبحانَ رَبّي فالِقِ الإِصباحِ ما أَطلَبَ المَساءَ لِلصَباحِ
إِنَّ الجَديدَينِ هُما هُما هُما هُما هُما دائِرَةٌ رَحاهُما
يا دارُ الباطِلِ المُعَتَّقِ عَلِقتُ مِمَّن فيكَ كُلَّ مَعلَقِ
لا عَيشَ إِلّا عَيشُ أَهلِ الحَقِّ دارُ خُلودٍ لِحِسابِ الحَقِّ
ما عَيشُ مَن ضَلَّ الرِضى بِعَيشِ الساخِطِ العَيشِ كَثيرُ الطَيشِ
جَدَّ بِنا الأَمرُ وَنَحنُ نَلعَبُ وَكُلُّ آتٍ فَكَذاكَ يَذهَبُ
يَنعى حَياةَ الحَيِّ مَوتُ المَيِّتِ يُسمِعُهُ النَعيَ بِصَوتٍ صَيِّتِ
عَلَيكَ لِلناسِ بِنُصحِ الجَيبِ وَكُن مِنَ الناسِ أَمينَ الغَيبِ
إِرضَ مِنَ الدُنيا بِما يَقوتُكا وَاِعلَم بِأَنَّ الرِزقَ لا يَفوتُكا
القوتُ مِن حِلٍّ كَثيرٌ طَيِّبُ وَالخَطَرُ بِكرٌ تارَةً وَثَيِّبُ
أَصلُ الخَطايا خَطرَةٌ وَنَظرَةُ وَغَدرَةٌ ظاهِرَةٌ وَفَجرَةُ
لِيَسلَمِ الناسُ جَميعاً مِنكا وَاِرضَ لَعَلَّ اللَهَ يَرضى عَنكا
تَبارَكَ اللَهُ وَجَلَّ اللَهُ أَعظَمُ ما فاهَت بِهِ الأَفواهُ
ما أَوسَعَ اللَهَ وَجَلَّ خَلقِهِ كُلٌّ فَفي قَبضَتِهِ وَرِزقِهِ
بِاللَهِ نَقوى لِأَداءِ حَقِّهِ
كُلُّ اِمرِئٍ في شَأنِهِ يُرَقِّعُ وَالرَقعُ لا يَبقى وَلا المُرَقَّعُ
ما أَشرَفَ الكَسبَ مِنَ الحَلالِ ما أَكرَمَ السَعِيَ عَلى العِيالِ
ما أَكذَبَ الآمالِ عِندَ الحَينِ وَالسَيرُ في إِصلاحِ ذاتِ البَينِ
آيُّ رَجاءٍ لَيسَ فيهِ خَوفُ وَرُبَّما خانَت عَسى وَسَوفُ
ما هُوَ إِلّا الخَوفُ وَالرَجاءُ لا تَرجُ مَن لَيسَ لَهُ حَياءُ
يا عَينُ يا عَينُ أَما رَأَيتِ أَما رَأَيتِ قَطُّ قَبرَ مَيتِ
يا عَينُ قَد نُكيتِ إِن بَكيتِ
بَيتُ البِلى أَقصَرُ بَيتٍ سَمكا سُبحانَ مَن أَضحَكَنا وَأَبكى
يا لِلبَلى يا لِلبَلى يا لِلبَلى إِنَّ البَلى يُسرِعُ تَغيّرَ الحِلا
لا بُدَّ يَوماً يُحصَدُ المَزروعُ وَكُلُّنا عَن نَفسِهِ مَخدوعُ
نَحنُ جَميعاً كُلُّنا عَبيدُ مَليكُنا مُقتَدِرٌ حَميدُ
لَنا مَليكٌ مُحسِنٌ إِلَينا مَن نَحنُ لَولا فَضلُهُ عَلَينا
أَكثَرُ ما نُعنى بِهِ وَلوعُ طوبى لِمَن كانَ لَهُ قُنوعُ
سُبحانُ مَن ذَلَّت لَهُ الأَشرافُ أَكرَمُ مَن يُرجى وَمَن يُخافُ
ما هُوَ إِلّا العَزمُ وَالتَوَكُّلُ البِرُّ يَعلو وَالفُجورُ يَسفُلُ
كَم مَرَّةٍ حَفَّت بِكَ المَكارِهُ خارَ لَكَ اللَهُ وَأَنتَ كارِهُ
عَجِبتُ لِلدَهرِ وَلِاِنقِلابِهِ ما لَكَ لا تُعنى بِما يُعنى بِهِ
إِذا جَعَلتَ الهَمَّ هَمّاً واحِدا نَعِمتَ بالاً وَغَنيتَ راشِدا
يا عَجَباً لِلنَفسِ ما أَشرَدَها ما أَقرَبَ النَفسَ وَما أَبعَدَها
النَفسُ أَعدى لَكَ مِمّا تَحسِبُ حَسبُكَ مِن عِلمِكَ ما تُجَرِّبُ
يا عَجَباً يا عَجَباً يا عَجَبا يا عَجَباً لِمَن لَها وَلَعِبا
يا عَجَباً لِلطَرفِ كَيفَ يَطمَحُ يا عَجَباً لِلمَرءِ كَيفَ يَفرَحُ
ما أَسرَعَ المَوتَ لِذي طَرفٍ طَمَح لَم يَترُكِ المَوتُ لِذي لُبِّ فَرَح
يا رَبِّ يا رَبِّ لَقَد أَنعَمتا يا رَبِّ ما أَحسَنَ ما عَلَّمتا
يا رَبِّ أَسعِدني بِما عَلَّمتَني وَلا تُهنِيِّ بَعدَ إِذ أَكرَمتَني
دَع عَنكَ يا هَذا بُنَيّاتِ الطُرُق إِن لَم تَصُن وَجهَكَ يا هَذا خَلُق
دَع عَنكَ ما لَيسَ بِهِ مُستَمتَعُ وَشَرُّ ما حاوَلتَ ما لا يَنفَعُ
وَخَيرُ أَيّامِكَ يَومُ تُنعِمُ وَشَرُّ أَيّامِكَ يَومُ تَظلِمُ
وَخَيرُ ما قُلتَ بِهِ ما يُعرَفُ وَشَرُّ مَن صاحَبتَ مَن لا يُنصِفُ
وَخَيرُ مَن قارَنتَ مَن لا يَخرُقُ وَشَرُّ مَن خالَفتَ مَن لا يَرفُقُ
كُلٌّ إِذا ما مَسَّهُ الضُرُّ شَكا وَكُلُّ مَن أَبكَتهُ دُنياهُ بَكى
يا عَينُ ما لَكِ لا تَبكينا تَبَصَّري إِن كُنتِ تُبصِرينا
ما أَعجَبَ الأَمرَ لِمَن تَعَجَّبا ما أَسرَعَ القَلبَ إِذا تَقَلَّبا
يَحُلُّ قَلبُ المَرءِ حَيثُ مالُهُ ما كُلُّ مَن أَطمَعَني أَنالُهُ
قَدِّم لِما بَينَ يَدَيكَ قَدِّمِ أُفٍّ وَتُفٍّ لِعَبيدِ الدِرهَمِ
الصِدقُ وَالبِرُّ أَصَبنا تَوأَما وَالمُسلِمُ البَرُّ يَبَرُّ المُسلِما
لا سَعَةٌ أَوسَعَ مِن حُسنِ الخُلُق مَنِ اِعتَدى تاهَ وَمَن تاهَ حُمُق
ما كُلُّ مَعقودٍ لَهُ وَثيقَه وَالصِدقُ ما كانَت لَهُ حَقيقَه
في الغَيِّ خُسرانٌ وَفي الرُشدِ دَرَك أَوسَعُ خَيرِ المَرءِ خَيرٌ مُشتَرَك
ما زالَتِ الدُنيا سُكوناً وَحَرَك
يا عَينُ أَبغي مِنكِ أَن تَجودي بِأَدمُعٍ تَنهَلُّ كَالفَريدِ
يَئِستُ في الدُنيا مِنَ الخُلودِ
يَحِقُّ لي يا عَينُ أَن بَكَيتُ أَبكي لِعِلمي بِالَّذي أَتَيتُ
أَنا المُسيءُ المُذنِبُ الخَطّاءُ في تَوبَتي عَن حَوبَتي إِبطاءُ
ما عِندَ يَومي ثِقَةٌ لي بِغَدِ لا بُدَّ مِن دارِ خُلودِ الأَبَدِ
يا حَزَني يا حَزَني يا حَزَني لا بُدَّ أَن يَترُكَ روحي بَدَني
يا غَدرَةَ الأَيّامِ ما لي وَلَكِ لَم تُبقِ لي شَيئاً وَلَم تَتَّرِكِ
قَرَّبَتِ الأَيّامِ مِنّي أَجَلي بَرَّحَتِ الأَيّامُ بي في عِلَلي
زادَتنِيَ الأَيّامُ في تَجريبي باعَدَتِ الأَيّامُ في تَقريبي
يا يَومُ يَومَ البَينِ وَالشُحوطِ يا يَومُ يَومَ العودِ وَالحُنوطِ
يا يَومُ يَومَ العَلَزِ الشَديدِ يا يَومُ يَومَ النَفَسِ البَعيدِ
يا يَومُ يَومَ الأَجَلِ المَعدودِ يا يَومُ يَومَ المَنهَلِ المَورودِ
يا يَومُ يَومَ السِدرِ وَالكافورِ يا يَومُ يَومَ الكَفَنِ المَنشورِ
يا يَومُ يَومَ الخَتمِ بِالوَفاةِ يا يَومُ يَومَ الهَجرِ لِلحُماةِ
يا يَومُ يَومَ المَيِّتِ المُسَجّى عَلى سَريرٍ لِلبَلى يُزَجّى
يا يَومُ يَومَ الرَنَّةِ الطَويلَه يا يَومُ يَومَ العَجزِ عَن ذي الحيلَه
يا يَومُ يَومَ لَيسَ عَنهُ مَدفَعُ يا يَومُ يَومَ النَفسِ حينَ تُرفَعُ
صارَ اِمرُؤٌ فيهِ إِلى ما فيهِ يُسعِدُهُ ذَلِكَ أَو يُشقيهِ
ما أَشغَلَ المَيِّتَ عَن باكيهِ
أَسلَمَ مَقبوراً مُشَيِّعوهُ اِنصَرَفوا عَنهُ وَخَلَّفوهُ
ساعَةَ سَوَّوا تُربَهُ عَلَيهِ وَلَّوا وَلَم يَلتَفِتوا إِلَيهِ
سَيَضحَكُ الباكونَ بَعدَ المَيتِ لا بَل سَيَلهونَ بِلَو وَلَيتِ
إِنّا إِلى اللَهِ لَراجِعونا حَتّى مَتى نَحنُ مُضَيِّعونا
بَينا اِمرُؤٌ بَينَ يَدَيكَ حَيّاً إِذ صِرتَ لا تُبصِرُ مِنهُ شَيّا
أَعانَنا اللَهُ عَلى لِقائِهِ كَم مُخطِئٍ ذي عَجَبٍ بِرائِهِ
ما الناسُ إِلّا وارِدٌ وَصادِرُ الطَمعُ لِلغالِبِ فَقرٌ حاضِرُ
طوبى لِمَن يَقنَعُ ما أَغناهُ وَيحَ مَنِ اِستَعبَدَهُ هَواهُ
أُخَيَّ لا تَذهَب بِكَ المَذاهِبُ أَظَلَّكَ المَوتُ وَأَنتَ لاعِبُ
أُخَيَّ إِنَّ المَوتَ قَد أَظَلَّكا هَل لَكَ أَن تُعنى بِهِ لَعَلَّكا
اللَهُ رَبّي قُوَّتي وَحَولي اللَهُ لي مِن يَومٍ كُلِّ هَولِ
يا رَبِّ سَلِّمنا وَسَلِّم مِنّا وَتُب عَلَينا وَتَجاوَز عَنّا
يا رَبِّ إِنّا بِكَ حَيثُ كُنّا
كَم فَلتَةٍ لي قَد وُقيتُ شَرَّها ما أَنفَعَ الدُنيا وَما أَضَرَّها
إِنّا مِنَ الدُنيا لَفي طَريقِ إِلى الغَساقِ أَو إِلى الرَحيقِ
ما هِيَ إِلّا جَنَّةٌ وَنارُ أَفلَحَ مَن كانَ لَهُ اِعتِبارُ
كاسَ اِمرُؤٌ مُتَّعِظٌ بِغَيرِهِ دَع شَرَّ ما تَأتي وَخُذ في خَيرِهِ
خَلا أَخٌ عَنكَ فَلا تُخَلِّهِ مَن لَكَ يَوماً بِأَخيكَ كُلِّهِ
مَن يَسأَلِ الناسَ يَهُن عَلَيهِمُ بُؤسى لِمَن حاجَتُهُ إِلَيهِمُ
تَرى مُجتَمِعاً لا يَفتَرِق وَكُلُّ ما زادَ فَلِلنَقصِ خُلِق
مَن يَسأَلِ الناسَ يُخَيِّبوهُ وَيُعرِضوا عَنهُ وَيُصغِروهُ
مَن صَنَعَ الناسَ تَكَنَّفوهُ وَاِقتَرَبوا مِنهُ وَكَرَّموهُ
سُبحانَ مَن باعَدَ في تَقَدُّمِه نَعصيهِ في قَبضَتِهِ بِأَنعُمِه
كِلا الجَديدَينِ بِنا حَثيثُ مِنَ الخُطوبِ عَجِلٌ مَكيثُ
طوبى لِمَن طابَ لَهُ الحَديثُ ما يَستَوي الطَيِّبُ وَالخَبيثُ

روح السراب 11-03-2017 03:49 AM

رد : ديوان أبو العتاهية
 
طالَما اِحلَولى مَعاشي وَطابا

طالَما اِحلَولى مَعاشي وَطابا
طالَما سَحَّبتُ خَلفي الثِيابا

طالَما طاوَعتُ جَهلي وَلَهوي
طالَما نازَعتُ صَحبي الشَرابا

طالَما كُنتُ أُحِبُّ التَصابي
فَرَماني سَهمُهُ وَأَصابا

أَيُّها الباني قُصوراً طِوالاً
أَينَ تَبغي هَل تُريدُ السَحابا

إِنَّما أَنتَ بِوادي المَنايا
إِن رَماكَ المَوتُ فيهِ أَصابا

أَيُّها الباني لِهَدمِ اللَيالي
إِبنِ ما شِئتَ سَتَلقى خَرابا

أَأَمِنتَ المَوتَ وَالمَوتُ يَأبى
بِكَ وَالأَيّامُ إِلّا انقِلابا

هَل تَرى الدُنيا بِعَينَي بَصيرٍ
إِنَّما الدُنيا تُحاكي السَرابا

إِنَّما الدُنيا كَفَيءٍ تَوَلّى
أَو كَما عايَنتَ فيهِ الضَبابا

نارُ هَذا المَوتِ في الناسِ طُرّاً
كُلَّ يَومٍ قَد تَزيدُ التِهابا

إِنَّما الدُنيا بَلاءٌ وَكَدٌّ
وَاكتِئابٌ قَد يَسوقُ اِكتِئابا

ما استَطابَ العَيشَ فيها حَليمٌ
لا وَلا دامَ لَهُ ما اِستَطابا

أَيُّها المَرءُ الَّذي قَد أَبى أَن
يَهجُرَ اللَهوَ بِها وَالشَبابا

وَبَنى فيها قُصوراً وَدوراً
وَبَنى بَعدَ القِبابِ القِبابا

وَرَأى كُلَّ قَبيحٍ جَميلاً
وَأَبى لِلغَيِّ إِلّا ارتِكابا

أَنتَ في دارٍ تَرى المَوتَ فيها
مُستَشيطاً قَد أَذَلَّ الرِقابا

أَبَتِ الدُنيا عَلى كُلِّ حَيٍّ
آخِرَ الأَيّامِ إِلّا ذَهابا

إِنَّما تَنفي الحَياةَ المَنايا
مِثلَما يَنفي المَشيبُ الشَبابا

ما أَرى الدُنيا عَلى كُلِّ حَيٍّ
نالَها إِلّا أَذىً وَعَذابا

بَينَما الإِنسانُ حَيٌّ قَويٌّ
إِذ دَعاهُ يَومُهُ فَأَجابا

غَيرَ أَنَّ المَوتَ شَيءٌ جَليلٌ
يَترُكُ الدورَ يَباباً خَرابا

أَيُّ عَيشٍ دامَ فيها لِحَيٍّ
أَيُّ حَيٍّ ماتَ فيها فَآبا

أَيُّ مُلكٍ كانَ فيها لِقَومٍ
قَبلَنا لَم يُسلَبوهُ استِلابا

إِنَّما داعي المَنايا يُنادي
إِحمِلوا الزادَ وَشُدّوا الرِكابا

جَعَلَ الرَحمَنُ بَينَ المَنايا
أَنفُسَ الخَلقِ جَميعاً نِهابا

لَيتَ شِعري عَن لِساني أَيَقوى
يَومَ عَرضي أَن يَرُدَّ الجَوابا

لَيتَ شِعري بِيَمينِيَ أُعطى
أَم شِمالي عِندَ ذاكَ الكِتابا

سامِحِ الناسَ فَإِنّي أَراهُم
أَصبَحوا إِلّا قَليلاً ذِئابا

أَفشِ مَعروفَكَ فيهِم وَأَكثِر
ثُمَّ لا تَبغِ عَلَيهِ ثَوابا

وَسَلِ اللَهَ إِذا خِفتَ فَقراً
فَهوَ يُعطيكَ العَطايا الرِغابا

روح السراب 11-04-2017 01:20 AM

رد : ديوان أبو العتاهية
 
أَمّا بُيوتُكَ في الدُنيا فَواسِعَةٌ

أَمّا بُيوتُكَ في الدُنيا فَواسِعَةٌ
فَلَيتَ قَبرَكَ بَعدَ المَوتِ يَتَّسِعُ

وَلَيتَ ما جَمَعَت كَفّاكَ مِن نَشبٍ
يُنجيكَ مِن هَولِ ما إِن أَنتَ مُطَّلِعُ

أَيَفرَحُ الناسُ بِالدُنيا وَقَد عَلِموا
أَنَّ المَنازِلَ في لَذّاتِنا قَلَعُ

مَن كانَ مُغتَبِطاً فيها بِمَنزِلَةٍ
فَإِنَّهُ لِسِواها سَوفَ يَنتَجِعُ

وَكُلُّ ناصِرِ دُنيا سَوفَ تَخذُلُهُ
وَكُلُّ حَبلٍ عَلَيها سَوفَ يَنقَطِعُ

ما لي أَرى الناسَ لا تَسلوا ضَغاأُنَهُم
وَلا قُلوبُهُمُ في اللَهِ تَجتَمِعُ

إِذا رَأَيتَ لَهُم جَمعاً تُسَرُّ بِهِ
فَإِنَّهُم حينَ تَبلو شَأنَهُم شِيَعُ

يا جامِعَ المالِ في الدُنيا لِوارِثِهِ
هَل أَنتَ بِالمالِ بَعدَ المَوتِ تَنتَفِعُ

لا تُمسِكِ المالَ وَاِستَرضِ الإِلَهَ بِهِ
فَإِنَّ حَسبَكَ مِنهُ الرَيُّ وَالشَبَعُ

روح السراب 11-04-2017 01:22 AM

رد : ديوان أبو العتاهية
 
يا نَفسُ أينَ أبي، وأينَ أبو أبي،

يا نَفسُ أينَ أبي، وأينَ أبو أبي،
وأبُوهُ عدِّي لا أبَا لكِ واحْسُبِي

عُدّي، فإنّي قد نَظَرْتُ، فلم أجدْ
بينِي وبيْنَ أبيكِ آدَمَ مِنْ أبِ

أفأنْتِ تَرْجينَ السّلامَة َ بَعدَهمْ،
هَلاّ هُديتِ لسَمتِ وجهِ المَطلَبِ

قَدْ ماتَ ما بينَ الجنينِ إلى الرَّضيعِ
إلى الفطِيْمِ إلى الكبيرِ الأشيبِ

فإلى متَى هذَا أرانِي لاعباً
وأرَى َ المنِّية َ إنْ أتَتْ لم تلعَبِ

روح السراب 11-04-2017 01:25 AM

رد : ديوان أبو العتاهية
 
قَطَّعتُ مِنكَ حَبائِلَ الآمالِ

قَطَّعتُ مِنكَ حَبائِلَ الآمالِ
وَحَطَطتُ عَن ظَهرِ المَطِيِّ رِحالي

وَيَئِستُ أَن أَبقى لِشَيءٍ نِلتُ مِم
ما فيكِ يا دُنيا وَأَن يَبقى لي

وَوَجَدتُ بَردَ اليَأسِ بَينَ جَوانِحي
وَأَرَحتُ مِن حَلّي وَمِن تَرحالي

وَلَئِن طَمِعتُ لِرُبَّ بَرقَةِ خُلَّبٍ
بَرَقَت لِذي طَمَعٍ وَلَمعَةِ آلِ

ما كانَ أَشأَمَ إِذ رَجاؤكِ قاتِلي
وَبَناتُ وَعدِكَ يَعتَلِجنَ بِبالي

الآنَ يا دُنيا عَرَفتُكِ فَاِذهَبي
يا دارَ كُلِّ تَشَتُّتٍ وَزَوالِ

وَالآنَ صارَ لي الزَمانُ مُؤَدَّباً
فَغَدا عَلَيَّ وَراحَ بِالأَمثالِ

وَالآنَ أَبصَرتُ السَبيلَ إِلى الهُدى
وَتَفَرَّغَت هِمَمي عَنِ الأَشغالِ

وَلَقَد أَقامَ لِيَ المَشيبُ نُعاتَهُ
يُفضي إِلَيَّ بِمَفرَقٍ وَقَذالِ

وَلَقَد رَأَيتُ المَوتَ يَبرُقُ سَيفُهُ
بِيَدِ المَنِيَّةِ حَيثُ كُنتُ حِيالي

وَلَقَد رَأَيتُ عُرى الحَياةِ تَخَرَّمَت
وَلَقَد تَصَدّى الوارِثونَ لِمالي

وَلَقَد رَأَيتُ عَلى الفَناءِ أَدِلَّةً
فيما تَنَكَّرَ مِن تَصَرُّفِ حالي

وَإِذا اِعتَبَرتُ رَأَيتُ حَطَّ حَوادِثٍ
يَجرينَ بِالأَرزاقِ وَالآجالِ

وَإِذا تَناسَبَتِ الرِجالُ فَما أَرى
نَسَباً يُقاسُ بِصالِحِ الأَعمالِ

وَإِذا بَحَثتُ عَنِ التَقِيِّ وَجَدتُهُ
رَجُلاً يُصَدِّقُ قَولَهُ بِفِعالِ

وَإِذا اِتَّقى اللَهَ اِمرُؤٌ وَأَطاعَهُ
فَتَراهُ بَينَ مَكارِمٍ وَمَعالِ

عَلى التَقِيِّ إِذا تَرَسَّخَ في التُقى
تاجانِ تاجُ سَكينَةٍ وَجَلالِ

وَاللَيلُ يَذهَبُ وَالنَهارُ تَعاوُراً
بِالخَلقِ في الإِدبارِ وَالإِقبالِ

وَبِحَسبِ مَن تُنعى إِلَيهِ نَفسُهُ
مِنهُم بِأَيّامٍ خَلَت وَلَيالِ

اِضرِب بِطَرفِكَ حَيثُ شِئتَ فَأَنتَ في
عِبَرٍ لَهُنَّ تَدارُكٌ وَتَوالِ

يَبلى الجَديدُ وَأَنتَ في تَجديدِهِ
وَجَميعُ ما جَدَّدتَ مِنهُ فَبالِ

يا أَيُّها البَطَرُ الَّذي هُوَ مِن غَدٍ
في قَبرِهِ مُتَفَرِّقُ الأَوصالِ

حَذَفَ المُنى عَنهُ المُشَمِّرُ في الهُدى
وَأَرى مُناكَ طَويلَةَ الأَذيالِ

وَلقَلَّ ما تَلقى أَغَرَّ لِنَفسِهِ
مِن لاعِبٍ مَرِحٍ بِها مُختالِ

يا تاجِرَ الغَيِّ المُضِرَّ بِرُشدِهِ
حَتّى مَتى بِالغِيِّ أَنتَ تُغالي

الحَمدُ لِلَّهِ الحَميدِ بِمَنِّهِ
خَسِرَت وَلَم تَربَح يَدُ البَطّالِ

لِلَّهِ يَومٌ تَقشَعِرُّ جُلودُهُم
وَتَشيبُ مِنهُ ذَوائِبُ الأَطفالِ

يَومُ النَوازِلِ وَالزَلازِلِ وَالحَوا
مِلِ فيهِ إِذ يَقذِفنَ بِالأَحمالِ

يَومُ التَغابُنِ وَالتَبايُنِ وَالتَوا
زُنِ وَالأُمورِ عَظيمَةِ الأَهوالِ

يَومٌ يُنادى فيهِ كُلُّ مُضَلِّلٍ
بُمُقَطَّعاتِ النارِ وَالأَغلالِ

لِلمُتَّقينَ هُناكَ نُزلُ كَرامَةٍ
عَلَتِ الوُجوهَ بِنَضرَةٍ وَجَمالِ

زُمَرٌ أَضاءَت لِلحِسابِ وُجوهُها
فَلَها بَريقٌ عِندَهُ وَتَلالي

وَسَوابِقٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ جَرَت
خُمصَ البُطونِ خَفيفَةَ الأَثقالِ

مِن كُلِّ أَشعَثَ كانَ أَغبَرَ ناحِلاً
خَلَقَ الرِداءَ مُرَقَّعِ السِربالِ

نَزَلوا بِأَكرَمِ سَيِّدٍ فَأَظَلَّهُم
في دارِ مُلكِ جَلالَةٍ وَظِلالِ

حِيَلُ اِبنِ آدَمَ في الأُمورِ كَثيرَةٌ
وَالمَوتُ يَقطَعُ حِليَةَ المُحتالِ

وَمِنَ النُعاةِ إِلى اِبنِ آدَمَ نَفسَهُ
حَرَكَ الخُطى وَطُلوعُ كُلِّ هِلالِ

ما لي أَراكَ لِحُرِّ وَجهِكَ مُخلِقاً
أَخَلَقتِ يا دُنيا وُجوهَ رِجالِ

قِستُ السُؤالَ فَكانَ أَعظَمَ قيمَةً
مِن كُلِّ عارِفَةٍ أَتَت بِسُؤالِ

كُن بِالسُؤالِ أَشَدَّ عَقدَ ضَنانَةٍ
مِمَّن يَضِنُّ عَلَيكَ بِالأَموالِ

وَصُنِ المَحامِدَ ما اِستَطَعتَ فَإِنَّها
في الوَزنِ تَرجُحُ بَذلَ كُلِّ نَوالِ

وَلَقَد عَجِبتُ مِنَ المُثَمِّرِ مالَهُ
نَسِيَ المُثَمِّرُ زينَةَ الإِقلالِ

وَإِذا اِمرُؤٌ لَبِسَ الشُكوكَ بِعَزمِهِ
سَلَكَ الطَريقَ عَلى قَعودِ ضَلالِ

وَإِذا دَعَت خُدَعُ الحَوادِثِ دَعوَةً
شَهِدَت لَهُنَّ مَصارِعُ الأَبطالِ

وَإِذا اِبتُليتَ بِبَذلِ وَجهِكَ سائِلاً
فَاِبذُلهُ لِلمُتَكَرِّمِ المِفاضِلِ

وَإِذا خَشيتَ تَعَذُّراً في بَلدَةٍ
فَاِشدُد يَدَيكَ بِعاجِلِ التَرحالِ

وَاِصبِر عَلى غَيرِ الزَمانِ فَإِنَّما
فَرَجُ الشَدائِدِ مِثلُ حَلِّ عِقالِ

روح السراب 11-04-2017 01:29 AM

رد : ديوان أبو العتاهية
 
يُسلِمُ المَرءَ أَخوهُ

يُسلِمُ المَرءَ أَخوهُ
لِلمَنايا وَأَبوهُ

وَأَبو الأَبناءِ لا يَب
قى وَلا يَبقى بَنوهُ

رُبَّ مَذكورٍ لِقَومٍ
غابَ عَنهُم فَنَسوهُ

وَإِذا أَفنى سِنيهِ ال
مَرءُ أَفنَتهُ سِنونُ

وَكَأَن بِالمَرءِ قَد يَب
كي عَلَيهِ أَقرَبوهُ

وَكَأَنَّ القَومَ قَد قا
موا فَقالوا أَدرِكوهُ

سائِلوهُ كَلِّموهُ
حَرِّكوهُ لَقِّنوهُ

فَإِذا استَيأَسَ مِنهُ ال
قَومُ قالوا حَرِّفوهُ

حَرِّفوهُ وَجِّهوهُ
مَدِّدوهُ غَمِّضوهُ

عَجِّلوهُ لِرَحيلٍ
عَجِّلوا لا تَحبِسوهُ

اِرفَعوهُ غَسِّلوهُ
كَفِّنوهُ حَنِّطوهُ

فَإِذا ما لُفَّ في الأَك
فانِ قالوا فَاحمِلوهُ

أَخرِجوهُ فَوقَ أَعوا
دِ المَنايا شَيِّعوهُ

فَإِذا صَلّوا عَلَيهِ
قيلَ هاتوا وَاقبِروهُ

فَإِذا ما اِستَودَعوهُ ال
أَرضَ رَهناً تَرَكوهُ

خَلَّفوهُ تَحتَ رَدمٍ
أَوقَروهُ أَثقَلوهُ

أَبعَدوهُ أَسحَقوهُ
أَوحَدوهُ أَفرَدوهُ

وَدَّعوهُ فارَقوهُ
أَسلَموهُ خَلَّفوهُ

وَاِنثَنَوا عَنهُ وَخَلَّو
هُ كَأَن لَم يَعرِفوهُ

وَكَأَنَّ القَومَ فيما
كانَ فيهِ لَم يَلوهُ

اِبتَنى الناسُ مِنَ البُن
يانِ ما لَم يَسكُنوهُ

جَمَعَ الناسُ مِنَ الأَم
والِ ما لَم يَأكُلوهُ

طَلَبَ الناسُ مِنَ الآ
مالِ ما لَم يُدرِكوهُ

كُلُّ مَن لَم يَجعَلِ النا
سِ إِماماً تَرَكوهُ

ظَعَنَ المَوتى إِلى ما
قَدَّموهُ وَجَدوهُ

طابَ عَيشُ القَومِ ما كا
نَ إِذا القَومُ رَضوهُ

عِش بِما شِئتَ فَمَن تَس
رُرهُ دُنياهُ تَسوهُ

وَإِذا لَم يُكرِمِ النا
سَ امرُؤٌ لَم يُكرِموهُ

كُلُّ مَن لَم يَحتَجِ النا
سُ إِلَيهِ صَغَّروهُ

وَإِلى مَن رَغِبَ النا
سُ إِلَيهِ أَكبَروهُ

مَن تَصَدّى لِأَخيهِ
بِالغِنى فَهوَ أَخوهُ

فَهوَ إِن يَنظُر إِلَيهِ
يَرءَ مِنهُ ما يَسوهُ

يُكرَمُ المَرءُ وَإِن أَم
لَقَ أَقصاهُ بَنوهُ

لَو رَأى الناسُ نَبِيّاً
سائِلاً ما وَصَلوهُ

وَهُمُ لَو طَمِعوا في
زادِ كَلبٍ أَكَلوهُ

لا تَراني آخِرَ الدَه
رِ بِتَسآلٍ أَفوهُ

إِنَّ مَن يَسأَل سِوى الرَح
مَنِ يَكثُر حارِموهُ

وَالَّذي قامَ بِأَرزا
قِ الوَرى طُرّاً سَلوهُ

وَعَنِ الناسِ بِفَضلِ اللَ
هِ فَاغنوا وَاحمِدوهُ

تَلبَسوا أَثوابَ عِزٍّ
فَاِسمَعوا قَولي وَعوهُ

إِنَّما يُعرَفُ بِالفَض
لِ مَنِ الناسِ ذَوّهُ

أَفضَلُ المَعروفِ ما لَم
تُبتَذَل فيهِ الوُجوهُ

أَنتَ ما اِستَغنَيتَ عَن صا
حِبِكَ الدَهرَ أَخوهُ

فَإِذا اِحتَجتَ إِلَيهِ
ساعَةً مَجَّكَ فوهُ

روح السراب 11-04-2017 01:32 AM

رد : ديوان أبو العتاهية
 

مَا استَعبَدَ الحِرْصُ مَنْ لهُ أدَبُ


مَا استَعبَدَ الحِرْصُ مَنْ لهُ
أدَبُ للمَرْءِ في الحِرْصِ همّة ٌ عَجَبُ

للّهِ عَقلُ الحَريصِ كَيفَ لَهُ
، فِي جمعِ مالٍ مَا لَهُ أدَبُ

مَا زالَ حِرْصُ الحرِيصِ يُطْمِعُهُ
في دَرْكِهِ الشّيءَ، دونَه الطّلَبُ

مَا طابَ عيشُ الحريصِ قَطُّ ولاَ
فارَقَهُ التّعسُ مِنْهُ والنّصَبُ

البَغْيُ والحِرْصُ والهَوَى فِتَنٌ
لم يَنْجُ عنها عُجْمٌ ولا عَربُ

ليَسَ على المَرْءِ في قَناعَتِهِ،
إنْ هيَ صَحّتْ، أذًى ولا نَصبُ

مَن لم يكِنْ بالكَفافِ مُقْتَنِعاً،
لَمْ تكفِهِ الأرْضُ كلُّهَا ذَهَبُ

مَنْ أمكَنَ الشَّكَّ مِنْ عزِيمتِهِ
لَمْ يَزَلِ الرأْيُ مِنْهُ يضْطَرِبُ

مَنْ عَرَفَ الدَّهْرُ لمْ يزلْ حذراً
يَحذرُ شِدَّاتِهِ ويرْتقِبُ

مَنْ لَزِمَ الحِقْدَ لم يَزَلْ كَمِداً
، تُغرِقُهُ، في بُحُورِها، الكُرَبُ

المَرْءُ مُستَأنِسٌ بمَنْزِلَة ٍ،
تُقْتَلُ سُكّانُها، وتُستَلَبُ

والمرءُ فِي لهوهِ وباطِلِهِ
والمَوْتُ مِنْهُ فِي الكُلِّ مقتَرِبُ

يا خائفَ الموتِ زالَ عنكَ صِباً
والعُجْبُ واللّهْوُ مِنكَ واللّعِبُ

دارُكَ تَنعَى إلَيكَ ساكِنَهَا
، قَصرُكَ تُبلي جَديدَهُ الحِقَبُ

يا جامِعَ المالِ منذُ كانَ غداً
يأْتِي عَلَى ما جمعتَهُ الحرَبُ

إيَّاكَ أنْ تأْمَنَ الزَّمَانَ فَمَا
زالَ عَلَيْنَا الزّمانُ يَنْقَلِبُ

إيَّاكَ والظُّلْمَ إنَّهُ ظُلَمٌ
إيَّاكَ والظَّنُّ إِنَّهُ كذِبُ

بينَا تَرَى القَوْمَ فِي مَجَلَّتِهِمْ
إذْ قيلَ بادوا، وقيلَ قَد ذَهَبُوا

إنِّي رأَيْتُ الشَّرِيفَ معتَرِفاً
مُصْطَبِراً للحُقُوق، إذْ تَجِبُ

وقدْ عَرَفْتُ اللِّئامَ لَيْسَ لهمْ
عَهْدٌ، ولا خِلّة ٌ، ولا حَسَبُ

احذَرْ عَلَيْكَ اللِّئامَ إنَّهُمُ
لَيسَ يُبالُونَ منكَ ما رَكِبُوا

فنِصْفُ خَلْقِ اللِّئامِ مُذْ خُلِقُوا
ذُلٌّ ذَليلٌ، ونِصْفُهُ شَغَبُ

فِرَّ مِنَ اللُّؤْمِ واللِّئامِ وَلاَ
تَدْنُ إليْهِمْ فَإنَّهُمْ جَرَبُ

روح السراب 11-04-2017 01:35 AM

رد : ديوان أبو العتاهية
 
لِدُوا للموتِ وابنُوا لِلخُرابِ
فكُلّكُمُ يَصِيرُ إلى تَبابِ

لمنْ نبنِي ونحنُ إلى ترابِ
نصِيرُ كمَا خُلِقْنَا منْ ترابِ

ألا يا مَوْتُ! لم أرَ منكَ بُدّاً،
أتيتَ وما تحِيفُ وما تُحَابِي

كأنّكَ قد هَجَمتَ على مَشيبي،
كَما هَجَمَ المَشيبُ على شَبابي

أيا دُنيايَ! ما ليَ لا أراني
أسُومُكِ منزِلاً ألا نبَا بِي

ألا وأراكَ تَبذُلُ، يا زَماني،
لِيَ الدُّنيا وتسرِعُ باستلابِي

وإنَّكِ يا زمانُ لذُو صروفُ
وإنَّكَ يا زمانُ لذُو انقلابِ

فما لي لستُ أحلِبُ منكَ شَطراً،
فأحْمَدَ منكَ عاقِبَة َ الحِلابِ

وما ليَ لا أُلِحّ عَلَيكَ، إلاّ
بَعَثْتَ الهَمّ لي مِنْ كلّ بابِ

أراكِ وإنْ طلِبْتِ بكلِّ وجْهٍ
كحُلمِ النّوْمِ، أوْ ظِلِّ السّحابِ

أو الأمسِ الذي ولَّى ذهَاباً
وليسَ يَعودُ، أوْ لمعِ السّرابِ

وهذا الخلقُ منكِ على وفاءِ
وارجلُهُمْ جميعاً في الرِّكابِ

وموعِدُ كلِّ ذِي عملٍ وسعيٍ
بمَا أسدَى ، غداً دار الثّوَابِ

نقلَّدت العِظامُ منَ البرايَا
كأنّي قد أمِنْتُ مِنَ العِقاب

ومَهما دُمتُ في الدّنْيا حَريصاً،
فإني لا أفِيقُ إلى الصوابِ

سأسألُ عنْ أمورٍ كُنْتُ فِيهَا
فَما عذرِي هُنَاكَ وَمَا جوَابِي

بأيّة ِ حُجّة ٍ أحْتَجّ يَوْمَ الحساب،
إذا دُعيتُ إلى الحسابِ

هُما أمْرانِ يُوضِحُ عَنْهُما لي
كتابي، حِينَ أنْظُرُ في كتابي

فَإمَّا أنْ أخَلَّدَ في نعِيْم
وإمَّا أنْ أخلَّدَ في عذابِي

روح السراب 11-04-2017 01:37 AM

رد : ديوان أبو العتاهية
 

منَ الناسِ مَيْتٌ وهوَ حيٌّ بذكرِهِ
وحيٌّ سليمٌ وهْوَ فِي النَّاسِ مَيتُ

فأمَّا الذي قَدْ ماتَ والذِكرُ ناشرٌ
فمَيتٌ لهُ دينٌ، بهِ الفضْلُ يُنعَتُ

وأمّا الذي يَمشي، وقد ماتَ ذِكرُهُ،
فأحْمَقُ أفنى دينَهُ، وهوَ أمْوَتُ

وما زالَ مِنْ قوْمي خَطيبٌ وشاعِرٌ،
وحاكِمُ عَدْلٍ، فاصِلٌ، مُتَثَبِّتُ

سأضرِبُ أمثالاً لمَنْ كانَ عاقِلاً،
يسيرُ بها مِنِّي رَوِيٌّ مبيَّتُ

وحَيّة ُ أرْضٍ لَيسَ يُرْجَى سَليمُها
تراهَا إلَى أعدَائِهِ تتفَلَّتُ


روح السراب 11-04-2017 01:38 AM

رد : ديوان أبو العتاهية
 
الموْتُ بابٌ وكلُّ الناسِ داخِلُهُ
يا ليْتَ شعرِيَ بعدَ البابِ ما الدَّارُ


الدَّارُ جنَّة ُ خلدٍ إنْ عمِلتَ بِمَا
يُرْضِي الإلَهَ، وإنْ قصّرْتَ، فالنّارُ

روح السراب 11-04-2017 01:40 AM

رد : ديوان أبو العتاهية
 
إِنَّ الفَناءَ مِنَ البَقاءِ قَريبُ
إِنَّ الزَمانَ إِذا رَمى لَمُصيبُ

إِنَّ الزَمانَ لِأَهلِهِ لَمُؤَدَّبٌ
لَو كانَ يَنفَعُ فيهِمُ التَأديبُ

صِفَةُ الزَمانِ حَكيمَةٌ وَبَليغَةٌ
إِنَّ الزَمانَ لَشاعِرٌ وَخَطيبُ

وَأَراكَ تَلتَمِسُ البَقاءَ وَطولُهُ
لَكَ مُهرِمٌ وَمُعَذِّبٌ وَمُذيبُ

وَلَقَد رَأَيتُكَ لِلزَمانِ مُجَرِّباً
لَو كانَ يُحكِمُ رَأيَكَ التَجريبُ

وَلَقَد يُكَلِّمُكَ الزَمانُ بِأَلسُنٍ
عَرَبِيَّةٍ وَأَراكَ لَستَ تُجيبُ

لَو كُنتَ تَفهَمُ عَن زَمانِكَ قَولَهُ
لَعَراكَ مِنهُ تَفَجُّعٌ وَنَحيبُ

أَلحَحتَ في طَلَبِ الصِبا وَضَلالِهِ
وَالمَوتُ مِنكَ وَإِن كَرِهتَ قَريبُ

وَلَقَد عَقَلتَ وَما أَراكَ بِعاقِلٍ
وَلَقَد طَلَبتَ وَما أَراكَ تُصيبُ

وَلَقَد سَكَنتَ صُحونَ دارِ تَقَلُّبٍ
أَبلى وَأَفنى دارَكَ التَقليبُ

أَمَعَ المَماتِ يَطيبُ عَيشُكَ يا أَخي
هَيهاتَ لَيسَ مَعَ المَماتِ يَطيبُ

زُغ كَيفَ شِئتَ عَنِ البِلى فَلَهُ عَلى
كُلَّ اِبنِ أُنثى حافِظٌ وَرَقيبُ

كَيفَ اِغتَرَرتَ بِصَرفِ دَهرِكَ يا أَخي
كَيفَ اِغتَرَرتَ بِهِ وَأَنتَ لَبيبُ

وَلَقَد حَلَبتَ الدَهرَ أَشطُرَ دَرِّهِ
حِقَباً وَأَنتَ مُجَرِّبٌ وَأَريبُ

وَالمَوتُ يَرتَصِدُ النُفوسَ وَكُلُّنا
لِلمَوتِ فيهِ وَلِلتُرابِ نَصيبُ

إِن كُنتَ لَستَ تُنيبُ إِن وَثَبَ البِلى
بَل يا أَخي فَمَتى أَراكَ تُنيبُ

لِلَّهِ دَرُّكَ عائِباً مُتَسَرِّعاً
أَيَعيبُ مَن هُوَ بِالعُيوبِ مَعيبُ

وَلَقَد عَجِبتُ لِغَفلَتي وَلِغِرَّتي
وَالمَوتُ يَدعوني غَداً فَأُجيبُ

وَلَقَد عَجِبتُ لِطولِ أَمنِ مَنِيَّتي
وَلَها إِلَيَّ تَوَثُّبٌ وَدَبيبُ

لِلَّهِ عَقلي ما يَزالُ يَخونَني
وَلَقَد أَراهُ وَإِنَّهُ لَصَليبُ

لِلَّهِ أَيّامٌ نَعِمتُ بِلينِها
أَيّامَ لي غُصنُ الشَبابِ رَطيبُ

إِنَّ الشَبابَ لَنافِقٌ عِندَ النِسا
ما لِلمَشيبِ مِنَ النِساءِ حَبيبُ

روح السراب 11-04-2017 01:42 AM

رد : ديوان أبو العتاهية
 
كأنّني بالدّيارِ قَد خَرِبَتْ،
وبالدّموعِ الغِزارِ قَد سُكبَتْ

فضَحتِ لا بل جرَحتِ، واجتحتِ يا
دُنْيَا رِجَالاً عَلَيْكِ قَدْ كَلِبَتْ

الموتُ حَقٌ والدَّارُ فانِية
ٌ وكُلُّ نفسٍ تجزَى بِمَا كَسَبُتْ

يَا لكِ منْ جيفَة ٍ معفَّنَة ٍ
أيّ امتِناعٍ لهَا إذا طُلِبَتْ

ظَلَّتْ عَلَيْها الغُوَاة ُ عاكِفَة
ً ومَا تُبَالِي الغُوَاة ُ مَا ركِبَتْ

هيَ التي لم تَزَلْ مُنَغِّصَة ً،
لا درَّ دَرُّ الدُّنْيَا إذَا احتلِبَتْ

ما كُلُّ ذِي حاجة ٍ بمدركِهَا
كمْ منْ يَدٍ لاَ تَنَالُ مَأ طلبَتْ

في النّاسِ مَنْ تَسهُلُ المَطالبُ أحْـ
ـياناً عَلَيهِ، ورُبّما صَعُبَتْ

وشرَّة ُ النَّاسِ رُبَّمَا جمحتْ وشهوَة
ُ النّفسِ رُبّما غَلَبَتْ

مَنْ لم يَسَعُهُ الكَفافُ مُقْتَنِعاً،
ضاقتْ عَلَيْهِ الدّنيَا بِمَا رحُبَتْ

وبَينَما المَرْءُ تَستَقيمُ لَهُ الـ
الدُّنيا علَى مَا اشتَهَى إذا انقلبَتْ

مَا كذبتنِي عينٌ رأَيتُ بِهَا
الأمواتَ والعينُ رُبَّما كذبَتْ

وأيّ عَيشٍ، والعَيشُ مُنقَطِعٌ؛
وأيّ طَعْمٍ لِلَذّة ٍ ذَهَبَتْ

ويحَ عقولِ المستعصمينَ بد
ارِ الذلِّ فِي أيِّ منشبٍ نشبَتْ

منْ يبرِمُ الانتقاضَ مِنْهَا ومنْ
يُخمِدُ نيرانَها، إذا التَهَبَتْ

ومَنْ يُعَزّيهِ مِنْ مَصائِبِها ومَنْ
يُقيلُ الدّنْيا إذا نَكَبَتْ

يا رُبّ عَينٍ للشّرّ جالِبَة ٍ،
فتلْكَ عينٌ تُجلَى بِمَا جَلَبَتْ

والنَّاسُ في غفلة ٍ وقد خَلَتِ
الآجالُ من وقتِها واقتربتْ


جميع الأوقات GMT +3. الساعة الآن 02:25 AM.

.
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
.


Search Engine Friendly URLs by vBSEO

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66