تقرير كامل : الزمالك المصري بين محاولات بناء متعثِّرة وانكسارات مستمرَّة

متعثِّرة , محاولات , مستمرَّة , المصري , الزمالك , بين , تنام , تقرير , وانكسارات , كامل

تقرير كامل : الزمالك المصري بين محاولات بناء متعثِّرة وانكسارات مستمرَّة

على الرغم من ابتعاد الزمالك المصري عن منصَّات التتوّيج بشكل مستمرّ في السنوات الأخيرة، وعلى الرغم من العثرات الكبرى التي لاقاها الفريق سواء على الصعيد المحلِّي أو الأفريقي، فإن قطب الكرة المصرية الكبير، يعد دائماً أحد أبرز الأندية على الصعيدين العربي والأفريقي، بفضل تاريخه وخزائنه التي تعجُّ بكلِّ أنواع البطولات المحلِّية والعربية والأفريقية، وأيضاً بفضل نخبة رائعة من أبرز النجوم المصريين والأفارقة، الذين لعبوا ضمن صفوفه وتألَّقوا ولفتوا الأنظار إليهم بشدَّة.

كلُّ ذلك جعل جماهير الفريق وعشَّاقه ومحبيه يصيبهم الإحباط والحزن الشديدين بسبب تواضع نتائج الفريق وتراجعه المستمرّ، ليس في البطولات الأخيرة، التي خاضها محلِّياً وأفريقياً فقط، بل يمكننا القول إنه تراجع مستمرّ شاهدناه وتابعناه على مدار ما يزيد على السنوات الخمس الأخيرة، ما دفع الجميع إلى التساؤل عن أسباب الانهيار الدائم الذي واكب الفريق في السنوات الأخيرة، وعن أسباب المشاكل والأزمات التي دائماً ما تلاحق القلعة البيضاء، التي كثيراً ما صاحبها عدم استقرار على الصعيد الإداري، أدى إلى الكثير من التخبُّط في القرارات وأوجد الكثير من الأزمات التي كان من نتيجتها أن وصل الفريق الأبيض إلى مستوى متدنٍّ لم يشهده من قبل.



خلل إداري





مرَّ النادي العريق، الذي تأسَّس في الخامس من كانون الثاني/يناير عام 1911، بمراحل متعدِّدة على الصعيد الإداري، بدأت باستقرار واضح نتج عن تعاقب مجالس الإدارات والرؤساء المنتخبين على الفريق دون أي مشاكل تُذكر أو خلافات ينجم عنها أي فراغ إداري، حيث كان البلجيكي جورج مرزباخ هو أوَّل رئيس للنادي واستمرّت ولايته منذ التأسيس عام 1911 وحتى عام 1915، ثم مرَّ على رئاسة القلعة البيضاء ما يقرب من خمسة عشر رئيساً تولَّوا مسؤوليتهم بهدوء وبدون أي مشاكل إدارية، وشهد النادي عدداً من الرؤساء الذين أثَّروا فيه بشكل كبير وأصبحوا بعد ذلك من العلامات البارزة في تاريخه نتيجة لإنجازاتهم الخالدة وللشعبية الكبيرة التي جنوها بسبب النتائج الجيّدة التي حقَّقتها الفرق الرياضية في عهدهم وخاصة فريق كرة القدم.

ومن أبرز الأسماء التي مرَّت على رئاسة مجلس إدارة النادي عبداللطيف أبو رجيلة (1956-1961) وحسن عامر (1967-1971) و(1984-1988)، إضافة إلى محمد حسن حلمي الشهير بحلمي زامورا، الذي تولَّى رئاسة النادي الأبيض لفترتين (1967-1973) و(1974-1984)، وشهد الزمالك خلال الفترة التي تولَّى فيها حلمي رئاسة الزمالك استقراراً كبيراً وملفتاً، إذ يعتبره البعض أحد أفضل رؤساء النادي على مدار تاريخه إن لم يعتبر الأفضل بفضل إنجازاته، التي تمثَّلت في تشييد عدد كبير من المنشآت ورعايته الكبيرة لفريق كرة القدم، الذي حقَّق في عهده العديد من الإنجازات المهمة، ويعتبر حلمي هو أوَّل لاعب كرة قدم يتولَّى رئاسة النادي.

والواضح لمتتبع مسيرة رؤساء مجالس الإدارة الذين تولَّوا قيادة سفينة الزمالك على مرِّ تاريخه أن فريق كرة القدم يزدهر في النادي ويسيطر على البطولات والألقاب عندما يحدث استقرار إداري، بينما تتدهُّور الأوضاع الكروية ويفرِّط الفريق الأبيض في البطولة تلو الأخرى بسهولة في الفترات التي يشوبها عدم استقرار على الصعيد الإداري، والتي أدَّت إلى تعاقب مجالس الإدارات والرؤساء على النادي الواقع في حي مية عقبة في مدينة الجيزة.



المُتابع لنتائج الفريق الأبيض في السنوات العشر الأخيرة يجدها مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بإدارة النادي بشكل عام، ففي سنوات الاستقرار وغياب المشاكل والاستقالات الجماعية والتدخُّلات الحكومية في شؤون النادي بوجه عام نجد أن الفريق يتألَّق بشكل ملفت ويحقِّق العديد من النتائج المتميِّزة على الصعيدين المحلِّي والأفريقي، وأكبر مثال أن الفريق في فترة تولِّي المستشار جلال ابراهيم (1992-1996)، وهو الرئيس السادس عشر في تاريخ الزمالك، شهد هدوءاً تاماً وابتعاداً عن القلاقل الإدارية بسبب حالة التفاهم والانسجام التي سادت بين أعضاء مجلس إدارة النادي، نجح الفريق الأبيض خلال تلك المدَّة في حصد الدوري الممتاز مرَّتين متتاليتين عامي ( 1992 و1993)، كما فاز الفريق بدوري أبطال أفريقيا عام 1993، وحقَّق أوَّل بطولة أفريقية لكأس السوبر عام 1994 .

تكرَّر نفس الأمر مع كمال درويش، الذي تولَّى رئاسة الزمالك لفترتين متتاليتين (1996-2005)، ورغم حدوث بعض المشاكل الإدارية نتيجة عدم التفاهم الواضح بين درويش ونائبه في الفترة الثانية من ولايته مرتضى منصور، إلا أن سفينة الفريق سارت بدون أي مشاكل، ونجح مجلس الإدارة وقتها في توفير سُبل النجاح ما انعكس أيضاً على نتائج الفريق الأوَّل لكرة القدم، الذي حصد الكثير من البطولات وقتها، إذ توِّج الفريق بطلاً للدوري الممتاز ثلاث مرَّات أعوام 2001 و2003 و2005، وحقَّق كأس مصر مرَّتين عامي 1999 و2002، وكأس السوبر المصري عامي 2001 و2002، كما حصل على لقب دوري أبطال أفريقيا مرَّتين أيضاً عامي 1996 و2002 والسوبر الأفريقي في بطولتي (1997 و2003).



تراجع وانهيار



المؤسف حقاً أن فريق كرة القدم في الزمالك، الذي سيطر على كلِّ البطولات المحلِّية والأفريقية تماماً وامتلأت خزائنه بالكؤوس والدروع، تراجع مستواه تراجعاً مخيفاً، عقب رحيل كمال درويش، وقد كان أكاديمياً متخصِّصاً حيث تولَّى عمادة كلية التربية الرياضية في مصر، وقع الزمالك فريسة للصراعات بشكل واضح بسبب قدوم العديد من مجالس الإدارات غير المترابطة أو المتفاهمة، وكانت الخلافات دائماً هي العنوان الرئيسي لاجتماعاتها، فتصاعدت المشاكل وتعدَّدت الأزمات وتدخَّلت الحكومة المصرية كثيراً في إدارة النادي ما نتج عن ذلك حلِّ مجلس إدارة القلعة البيضاء أكثر من مرَّة، ويكفي أن نعرف أن ثمانية رؤساء إدارة تولَّوا قيادة النادي في ستِ سنوات فقط، معظمهم جاء بالتعيين، واثنان منهم فقط تم انتخابهما من قبل أعضاء النادي هما مرتضى منصور، الذي انتُخب خليفة لكمال درويش عام 2005، وممدوح عباس، الذي انتُخب عام 2009، وكلاهما لم يكمل ولايته بسبب الأحكام القضائية المختلفة التي قضت أكثر من مرَّة ببطلان الانتخابات وعدم قانونيتها، فسقط فريق كرة القدم فريسة للخلافات والصراعات وكثرة الرؤى ووجهات النظر والسياسات المختلفة والمتضاربة التي تعاقبت على الفريق، فحقَّق بطولة واحدة فقط في أكثر من ستِ سنوات، وذلك عندما فاز الفريق بكأس مصر عام 2008، وهي آخر بطولة حقَّقها الزمالك حتى الآن.

ولعل تصريح رؤوف جاسر عضو مجلس إدارة الزمالك حالياً تعقيباً على الخروج المُهين من دوري أبطال أفريقيا بعد أن تلقَّى أربع هزائم متتالية في دور المجموعات، في سابقة هي الأولى في تاريخ مشاركاته الأفريقية، كما أنها قد تكون الأولى في تاريخ النادي بشكل عام التي يتلقّى فيها أربع هزائم متتالية، فقد صرح جاسر تعقيباً على ذلك قائلاً: " المجلس هو المسؤول الأوَّل عما يحدث للزمالك، بسبب العشوائية في إدارة النادي، وعدم فرض الرقابة والمحاسبة على مدرِّبي فريق كرة القدم، هناك تخبُّط في عدة أشياء، منحنا الجمهور العديد من الوعود ولم تُنفَّذ" .

تصريح رؤوف جاسر جاء كاشفاً للعديد من الأمور التي بدت أنها منطقية وتراكمية نتيجة انهيار إداري واضح استمرّ لسنوات عدّة، مسؤول عنه في المقام الأوَّل عدد من الأشخاص تغلَّبت لديهم المصالح الشخصية على المصلحة العامة، فضحُّوا بمصلحة النادي وتطلُّعات جماهيره بحثاً عن مناصب زائلة، في مجال من المفترض أنه تطوُّعي في الأساس، كما أن الحوادث المتكرِّرة تجعلنا نقف كثيراً أمام أعضاء النادي نفسه الذين كثيراً ما أتوا بمجالس إدارات تتكوَّن من أعضاء غير منسجمين مع بعضهم البعض وبينهم العديد من الخلافات، ما جعل فريق كرة القدم يسقط ضحية دائمة لصراعاتهم عقب ذلك.



وبشكل عام فمهما حاول الجميع أن يبرِّر أسباب التراجع الفني لفريق كرة القدم في القلعة البيضاء تارة بسبب اللاعبين وتارة بسبب تقصير المدرِّبين، ومن الواضح تماماً أمامنا أن عدم الاستقرار الإداري وتعاقب عدد كبير من الرؤساء على إدارة دفة الفريق في فترات قياسية هو السبب الرئيسي فيما وصل إليه الفريق الأبيض من انحدار واضح، وليس أدلّ على ذلك مما حدث للفريق مؤخّراً من انهيار واضح، رغم أنه كان تحت قيادة المخضرم حسن شحاته مدرِّب منتخب مصر السابق، الذي حقَّق إنجازاً تاريخياً يصعب تكراره مرَّة أخرى بالفوز بكأس أمم أفريقيا ثلاث مرَّات متتالية، والذي تولَّى قيادة فريق يضمّ عدداً من أبرز لاعبي المنتخب المصري في مقدمتهم محمود عبدالرازق "شيكابالا" ومحمود فتح الله وعمرو زكي إضافة إلى عميد لاعبي العالم أحمد حسن، وعلى الرغم من كلِّ هذه الأسماء فإن الفريق سقط سقوطاً مدوِّياً بسبب الخلافات الواضحة بين مجلس الإدارة وشحاته، وكانت نتيجتها أن رحل المدرِّب القدير عن صفوف الفريق فحلَّ محلَّه البرازيلي جورفان فييرا، الذي قاد منتخب العراق عام 2007 للفوز بكأس أمم آسيا، إلا أن الأخير هو الآخر جاءت بدايته مع القلعة البيضاء مخيِّبة للآمال عندما سقط أمام مازيمبي بطل الكونغو الديمقراطية في القاهرة (1-2) في الجولة الرابعة من رُبع نهائي دوري الأبطال.

كلُّ ما سبق يجعلنا بالتأكيد نصل إلى نتيجة واحدة حتميَّة ألا وهي أن الاستقرار الإداري وتولِّي المتخصِّصين شؤون النادي وتعدُّد مصادر التمويل والعمل بمنهج مؤسسي يؤدي إلى عدم الاعتماد على أفراد أو أشخاص بأعينهم، بحجة استطاعتهم تحمُّل نفقات الفريق، هو فقط المخرج الوحيد للفريق الأبيض العريق، الذي لطالما أسعد جماهير كرة القدم في مصر والعالم العربي بشكل عام، من أزمته ويقيمه من عثرته التي طالت كثيراً.



لقطات مهمة



• تأسس نادي الزمالك عام 1911 وتغيَّر اسمه أكثر من مرَّة بداية من نادي قصر النيل إلى نادي فاروق ثم نادي المختلط ونهاية باسمه الحالي "الزمالك"، وملعبه الرسمي هو استاد القاهرة الدولي، الذي يتَّسع لـ 74 ألف متفرِّج.

• حصل الزمالك على ما يقرب من 76 بطولة محلِّية وأفريقية وعربية، وأكثر بطولة توِّج بلقبها هي كأس مصر (21 لقباً) كما فاز بالدوري العام 11 مرَّة أولاها كان عام 1960 وآخرها كان عام 2004.

• توِّج الزمالك بدوري أبطال أفريقيا خمس مرَّات أعوام (1984 -1986 -1993 -1996 و2002).

• حصل الفريق الأبيض على لقب كأس الأندية الأفريقية أبطال الكؤوس مرَّة واحدة كانت عام 2000.

• توِّج الفريق بكأس السوبر الأفريقي ثلاث مرَّات أعوام (1994 و1997 و2003). والمثير أنه فاز بأوّل ألقاب المسابقة عام 1994 عقب تغلبه على غريمه التقليدي الأهلي بهدف دون ردٍّ في مباراة تاريخية أقيمت في جنوب أفريقيا.

• مرَّ على تدريب الزمالك أكثر من عشرة مدرِّبين في السنوات السبع الأخيرة وجميعهم رحلوا بدون تحقيق أي إنجاز يُذكر باستثناء رود كرول، الذي حقَّق الفوز بكأس مصر عام 2008، فتولَّى تدريب الفريق مدرِّبون مثل مانويل كاجودا البرتغالي عام 2006، والفرنسي هنري ميشيل موسم (2006-2007) والهولندي رود كرول موسم (2007-2008) والسويسري ميشيل دي كاستال، ونجم منتخب مصر السابق حسام حسن (2009-2011).