تاريخ الهجرة اليمنية القديمة

اليمنية , الهجرة , القديمة , تاريخ

تاريخ الهجرة اليمنية القديمة

قدم الدكتور محمد عبدالقادر بافقيه ورقة عمل قيمة بعنوان «من تاريخ الهجرة اليمنية القديمة» في المؤتمر الأول للمغتربين اليمنيين الذي انعقد في العام 1999م.. تناول فيها حالات الاغتراب والهجرة اليمنية القديمة عبر مقدمة عامة وفصلين ثم تخصيص الفصل الأول منهما للحديث عن «حالات الاغتراب والهجرة الحقيقية لشعوب اليمن القديمة» اما الفصل الثاني فخصصه الباحث للحديث عن الوجود السبئي في تيماء بالحجاز قبل قيام طريق اللبان.
وللأهمية الكبيرة التي تكتسبها هذه الدراسة بسبب النهج العلمي الذي اتبعته والمعلومات والآراء الهامة التي تضمنته.. يسر صفحة المغتربين بصحيفة «26سبتمبر» ان تقدم عرضاً لها في حلقات تتناول هذه الورقة حالات الاغتراب والهجرة اليمنية الحقيقية القديمة. من نقطة الانطلاق التي تقول بأن أودية جزيرة العرب بما فيها أودية ممالك اليمن القديمة، كانت الارض التي انطلقت منها حضارات العرب، ومنها:
- أذنة لسبأ.
- بيحان لقتبان.
- مرخة لأوسان.
- الجوف لمعين وممالك مدن صغيرة.
- وادي حضرموت لحضرموت.
وهي الاودية التي قامت فيها حواضرهم المعروفة، وهي:
- مارب في أذنة.
- تمنع في بيحان (المسمى سابقاً بريم).
- قرناو/ قرناء في الجوف.
- شبوة في المعسار . مع احتمال ان تكون هناك حاضرة اقدم في السرير من وادي حضرموت، ثم تحولت الى شبوه مع قيام طريق اللبان.
الاغتراب المعيني بعد قيام طريق اللبان:
وبعد حروب كرب إل التي تحدثنا عنها من قبل (ق7ق.م) تظهر بواكير لقيام طريق اللبان الذي هناك اكثر من مؤشر لقيامه على اساس تكامل - مما لاسبيل الى تناوله في هذه العجالة - وهو الطريق الذي احكمت سبأ بما اتخذه كرب آل من إجراءات خلال حربه ضد اوسان ومن له صلة بها، بل ومن يخشى ان يشكل خطراً c37.
وهكذا نأتي الى الدور الذي اختصت به معين في مشروع قيام طريق اللبان وهو تنظيم القوافل التي تحمل السلع اليمنية، واهمها كان مصدره مملكة حضرموت حليفة سبأ في الحرب ضد اوسان، وإن لم تخض قواتها تلك الحرب اكتفى بقوة سبأ وحدها.
وهكذا نلاحظ ان اقدم الاغترابات اليمنية الحقيقية التي رافقت قيام طريق اللبان كانت معينية، وفي مقدمتها ذلك الاغتراب الكبير لمعين في وادي القرى، كما تشتهر به نقوشهم الكثيفة (ق6ق.م غالباً).
على ان هناك اغتراباً آخر على طريق اللبان جاء في نقش لجالية كانت تقيم في قرية حاضرة مملكة قحطان ثم كندة وقحطان وقرية ذات كهل التي تمت فيها حفريات مشرفة على ايدي عرب سعوديين وكانت بقيادة ابي الآثار السعودية الاستاذ الدكتور عبدالرحمن الطيب الانصاري عضو مجلس الشورى السعودي والاستاذ بجامعة الملك سعود.. وبمعاونة فريق سعودي من الاساتذة والطلاب..
فمن تلك الآثار هناك نقش معيني لم نقرأه منتشور بعد ومن اطلاعنا عليه بصورة عابرة نستطيع القول: بأن جالية ذات شأن وغنية كانت تقيم في قرية وكان نقشها يصف اعمال تجميل واضافات هامة تحملت الجالية او فرعها اوزعماؤها تكاليفها العالية من تماثيل واعمال بناء.. الخ لمعبد مكرس لعبادة المعبود الوثني عثتر الشارق.
ويطول الكلام لو حاولنا ان نتناول النقوش الدالة على المناطق التي وجد بها المعينيون خارج بلادهم، ولو لفترات قصيرة، ولكنها أدت الى زواجهم او تسريهم لنساء من اهل البلاد في الشمال (شامة وعراقة)، بل وفي بعض اراضي ممالك اليمن.. كما سبق ان اشرنا اليه فيما كتبناه في دراستنا المنشورة، ولهذا نكتفي بإحدى اهم حالات الاغتراب وهي:
الاغتراب المعيني بمصر:
فمن ضمن نقش (علي ناووس) تاجر معيني كان مغترباً في الجيزة، نعرف بأنه كان يمارس تجارة استيراد وتصدير في ذلك المكان.
- استيراد اللبان والمر والميعة من اليمن لصالح المعابد المصرية.
- تصدير سلع مصرية الى اليمن نذكر منها النسيج المصري المعروف ب(الكتان).
وبهذا نكتفي باستعراض لحالات الاغتراب اليمنية القديمة الحقيقية .. آملين ان نكون قد قدمنا في هذه العجالة القدر المناسب من هذه المسألة التي كانت وراء الازدهار الذي حققته تجارة العرب الناجحة والتي كانت وراء اكساب بلادهم صفة العربية السعيدة، كما كانت وراء الحملة الفاشلة التي خاضتها قوة رومانية بقيادة (اليوس جالوس) عام 24ق.م، وكان قوامها عشرة آلاف مقاتل، وتمكنت من الوصول الى مارب، بل ولعلها عرجت على هريبة القتبانية في وادي حريب، ثم انكفأت راجعة تجر اذيال الفشل إذ صادفت ذلك العام حلول جفاف من سلسلة حالات الجفاف التي كان (أذنة) يتعرض لها.
ونكتفي بكلمة نطق بها بليني (+75م) وهو يصف الحملة وما حملته من انطباعات، لعل اهمها قول بليني حين قال مبدياً استغرابه من ان العرب صنفان تجار وقطاع طرق (أي صعاليك بالعربي).. وفي ذلك ما يكفي لتأكيد ما هو ظاهر في استعراضنا من ارتباط حالات الاغتراب اليمنية بالتجارة.
هجرة السبئيين الى الحبشة:
ولعله من الضروري ان نشير الى ان الاغتراب السبئي في الهضبة الإرترية الحبشية قد انتهى بأن اصبح هجرة نتيجة استقرار المغتربين في الحبشة.. كما تستشهد بذلك نقوش حبشية لملوك كان لقبهم:
«مكرب دعمت سبأ».
وهي النقوش التي استعرضناها في كتابنا «توحيد اليمن القديم» بالفرنسية، والذي كان نصه مادة رسالتنا للدكتوراه الدولة من السربون عام 1983م.
وكان الباحث الهولندي المرموق الاستاذ دريفز - احد تلاميذ العلامة الكبير الراحل الفريد بستون احد ابرز علماء النقوش اليمنية - قد تولى نشرها واستعنا به في رسالتنا.
وهو اللقب الدال - دون شك - على ان حامليه الذين هم امتداد للملوك المحليين قبل ذلك من حملة لقب ملك دعمت، حيث دعمت اسم الشعب المحلي الذي يحكمونه اصبحوا بعد فترة سبقت قيام مملكة اكسوم ملوكاً لدعمت المحلية، ثم مع ذوبان السبئيين الذين جاءوا مغتربين في المجتمع المحلي،و بحكم ما كان لهم من قوة اقتصادية تدل على آثارهم الباقية وتأثيرهم الحضاري الصارخ الذي تحدثت عنه دراسات كثيرة.. أدى الى الاعتراف بشرعية ذلك الوجود السبئي بصفته الاصلية فأضيف اسم سبأ لها تعيش الى جانب دعمت كجماعة تتمتع بكل ما يتمتع به اهل البلاد الاصليون.
على ان ما حدث لسبأ التي اختفى اسمها بعد قيام اكسوم، ولكننا نرجح الى ان دعمت وسبأ بعد قيام دولة اكسوم (ق1ق.م)، ربما صارا معاً ينسبون الى الشعب المسمي اكسوم او بالاحرى يكسوم، وتسميه النقوش السبئية اكسمن اي الاكسوم الذي عبّر امراء لهم كما عبر الملوك منهم اليمن للمساهمة في حرب الثلاثمائة عام (انظر كتابنا) توحيد اليمن القديم»)، والاكسوميون هم العنصر السيد ومعهم عنصر اقل مكانة وهو الذي تسميه النقوش اليمنية احبشن، (اي الاحبوش) وهم الذين استقروا طويلاً في مرتفعات السراة في ديار لهم تحدثت عنها النقوش السبئية، واستقر كبار القوم في سواحل حاضرة معافر، حيث تركز سلطان الاحباش الذي استدعاهم ألهان نهفان وابن ابنه شعر ال وتر ملك سبأ، وكان على اليمنيين ان يخوضوا معارك عديدة دامت طويلاً قبل ان يتمكن شمر يهرعش من طرد بقاياهم بعد الهزيمة الكبيرة التي تعرض لها أولئك الاكسوميون في معركة عدن (انظر مقالنا في ريدان6).
ومعلوم ان القرن الاول الميلادي مع تطور الملاحة بين الشرق والغرب بحيث تواصل السفن الرحلة من مصر الى الهند مباشرة والعكس، وقيام الموانئ اليمنية وخاصة سمهر في ارض الساكل (ظفار العمانية حالياً) وقنا ميناء اللبان الحضرمي، بل وميناء في سقطرى (سكردي في النقوش) وميناء موزع التابع لملوك سبأ وذي ريدان خاصة ايام كرب آل وتر احد اوائل ملوك سبأ وذي ريدان (حمير) معاً، المملكة التي قال الطواف عنها: انها كانت تعرف - آنذاك - بالمملكة العربية الاولى في العالم، لأن ميناءها المذكور كان يفوق ميناء أدولس (ادولا) الاكسومي نشاطاً.
وفي تلك الفترة لم يعد للاغتراب مبرراً اللهم إلا ما قيل في الطواف عن مواصلة معافر الاقامة في بعض ثغور بلاد الزنج كعادتهم منذ ايام الامتداد الاوساني القديم.
هذا ولما انه ليس لدينا من اية مرحلة ما يدل على انكفاء المهاجرين السبئيين في الحبشة الى اليمن، فيكون من المحتمل انهم ذابوا في مجتمعهم الجديد (القديم) في الحبشة.. ربما بذوبان العنصريين المحلي دعمت والسبئي المهاجر، واحتفظ السبئيون بذكريات اسلافهم يتطلعون الى السيطرة على اراضي سبأ وحمير كما جاء في ادعاء ملوك اكسوم بحق لهم فيها، كما جاء في نقوش ملوكهم من العنصر الذي يسمى بالاكسوم

اليمنيين مكتوب على عاتقهم الشقاوه

شكراً ملاذ الطير