آخر 10 مشاركات |
الإهداءات | |
شواطئ الحرف والمقالة الادبية " بأقلام الاعضاء " لاعضاء المنتدى خواطر ونثر ومقالات من إبداعهم - |
| LinkBack | خيارات الموضوع |
01-08-2012, 02:25 PM | #1 |
| حديث الموت !! لم يدري أن الفُراق قاسياً وأن الموت عند تغييبه لمن له في القلب مكانة لايحتلها أحد سواه يبدو مُرعباً في حدّ ذاته ، إلا عندما حلّ فُراق زوجته له في رحلة لا عودة منها ولا لقاء بها في عالم الأحياء ... كثيراً كان حديثه عن الموت في خطب يرتجلها على المنبر في المسجد الذي جُعِل عليه قيِّماً وإماماً وخطيباً ، ويتحدث عن الموت بصوت جهوريّ مؤثر في من يستمع إليه عندما يذهب إلى مجالس العزاء التي تستقبل جموع المُعزّين في فقيدهم الذي فارق الحياة ... يتطرق في حديثه ان الموت هو الحقيقة الوحيدة المؤكدة التي لامفر منها لأي كائن على وجه المعمورة ، بيْد أن تلك الحقيقة التي يتغابى عنها الكثير هي التي يُضمر البشر لها الكراهية دون إعلان منهم لتلك الكراهية ، تلك الحقيقة لايريدها بشر مهما كانت صلته بالله قوية متينة ... لم يدري أن الموت سيُباغته في غفلة منه ليأخذ أحّبْ وأعزّ وأغلى إنسانة على قلبه الذي أحتلت منه مساحات شاسعة فلم تترك لإنسان غيرها يحتل جزءاً ضيئلاً من قلبه حتى أمُه التي كان لها مكانة كبيرة في قلبه سعتْ بإخلاص ضمير وكيْد إمرأة لتهجيرها من قلبه وجعلها لاجئة لديه تستدر عطفه عليها وتنتظر إحسانه لها مثلما تعمل منظمة الأونروا للآجئين الفلسطينيين الذين تم تهجيرهم من أراضيهم قسراً ، لتطلب تلك الأم من الله ان تنتقل إلى جواره قبل أن يستغني إبنها عنها بمكيدة زوجته ، فكان لها ذلك ... بعد موت أمُه التي لم يحزن عليها كثيراً ، طلبت منه زوجته أن يبحث عن عمل إضافي غير العمل الذي لديه ، فالمرتب الذي يستلمه نهاية كُل شهر لايفي بحاجيات البيت الضرورية ، أحُيل الزوج إلى التقاعد قبل بلوغه أحد الأجلين – الموت او السن القانوني للتقاعد – رغم شبابه الغض الذي يرفل فيه ، ضابط عسكري تخرّج من كلية الشُرطة يفيض نشاطاً وطاقات تتفجر بداخله بتقديم خدماته للوطن الذي يعيش تحت سمائه ، ولكن إخلاصه ونزاهته كانت سبباً في إحالته مُبكراً للتقاعد من جهة ، وضحية التمييز الوظيفي المناطقي من جهة أخرى ، فمن الصعب أن تكون وطنيّاً في وطن يفتقد جميع مسؤوليه الوطنية والنزاهة والإخلاص ... للحصول على عمل جديد لابد من إيجاد مؤهلات ومواصفات غير مؤهلاته العسكرية التي يحملها ، الوقت لايستحق تضييعه في دراسة اكاديمية جديدة لنيل شهادة تضمن له الحصول على وظيفة تدر عليه دخل يفي بمتطلبات العائلة دون نقص فيها ، لم يجد له طريقة مُختصرة تضمن له الحصول على عمل جديد سوى إطلاق العنان لشعرات اللحية التي لاتنبت على وجهه بسبب حلقه الدائم لها وتلك عادة اعتادها منذ ان كان طالباً في كلية الشرطة التي اختارها دون غيرها ظنّاً منه انها ستكون سبباً في تحقيق احلامه التي روادته ذات يوم فترة الشباب ... بعد إطلاقه العنان لتلك اللحية التي كست وجهه بالسواد على غير عادته ، توجه إلى مركز ديني فيه يتلقى رواده العلم من مشائخ حازوا لقب المشيّخة بجدارتهم دون الحاجة للحصول شهادة مشيّخة أزهرية أو مكيّة أو مدنية ، ففي عُرفهم للحصول على لقب الشيخ يتطلب الظهور بمواصفات يغلب الظاهر فيها الباطن ، اللحية تكسو الوجه ، والثوب قصير ، والعمامة لاتُفارق هامة الرأس ، وكُلما كان البطن كبيراً كان ذلك دليل الزهد والتقشف الذي يزعمونه ، والسواك طرياً طويلاً يزور الفم بين اللحظة واللحظة كونه طهور للفم وسنة نبوية مؤكدة ، وان يكون لديه الزاد الثقافي الديني ، والقدرة على الوقوف أمام الجموع لقراءة خطبة تتوافق مع الموضوع الذي اختاره الشيخ ، ومن زاد غير ذلك فله الأجر كونه اجتهد ، ولكل مُجتهد نصيب ... هُناك وجد ترحيب حار به أبتدأ بالعناق الطويل والقُبل التي انهالت عليه في كُل عناق يُقابله رغم ان اللقاء بهم هو الأول ، فلم يسبق له الذهاب إلى أي مركز ديني أو مقابلة مشائخ قبل إتخاذه قرار التدين من أجل الرزق ، بإجتهاده وذكائه المتوقد كضابط شرطة أستطاع أن يحوز إهتمام وثقة المشائخ ، فبدا نجمه يتألق في فضاء المشيّخة فحاز لقب الشيخ في غضون ثلاثة أشهر جعلته يتفوق خطابياً على الكثير من مشائخه الذين ألتقاهم في المكز وتلقى على ايديهم علوم المشيّخة ... تم إرساله إلى منطقة بعيدة يزاول فيها عمله الجديد كإمام مسجد وخطيب يقوم بإلقاء خطبة الجمعة فيه ، ويقوم بتعليم الصغار القُرآن وعلوم الشريعة حسب خطة مرسومة له من قبل المركز التابع له ، وبذا يقوم بترويج لمذهب ديني ينتمون إليه المشائخ الذين تلقى تعليمه منهم ... المناسبات التي يجد نفسه فيها حاضراً يقوم خطيباً فيها أمام جموع الناس هي الموت ، فعندما يموت احدهم يجد نفسه مُنجذباً للقيام بدور الشيخ الذي حان دوره في أداء مهمة الخطابة التي يقول فيها أحاديث الموت وضرورة الصبر والتجلد على تلك المُصيبة التي تبدأ كبيرة ثم ما تلبث ان تتلاشى رويداً رويدا ، فذهابه لأداء واجب العزاء يُحتّم عليه ان يقوم خطيباً يواسي أهل الميّت ، ويُخبرهم بأن المؤمن مُبتلى ، وفي الإبتلاء يجب التحلي بالصبر ، فالمؤمن مأجور في مُصيبته إن صبر ، وفي النعمة التي يغدقها الله عليه إن حمد وشكر ... لم يدري شيخنا أن الإكثار في الحديث عن الشيئ يجعله قريب ، فالحديث عن الموت يجعله قريب ممن يتحدثون عنه ، كذلك الخير والشر مرتبطان بمنطق الإنسان لهما ، فإن نطق خيراً فخير وإن نطيق بشراً وقع في الشر أو وقع الشر عليه ... ذات ليلة جاءه إتصال هاتفي يُخبرهـ أن زوجته مريضة وعليه القدوم إلى المدينة التي تم إختيارها وإتخاذها عاصمة للبلاد ، غادر تلك المنطقة التي يعمل فيها صوب العاصمة ليجد أن زوجته طريحة المرض والأرض في أحد ازقة طوارئ أحد المستشفيات الحكومية الكبيرة دون ان يتم مُباشرتها بأي إسعافات أولية ، الذريعة التي يقف خلفها الأطباء المناوبين في طوارئ المستشفى في عدم مدواتها هو عدم وجود سرير ستنتقل إليه بعد القيام بتطبيبها ، فمن يقوم بذلك يجب لزاماً عليه ان يجد لها سريراً تنام عليه لاحقاً ... أدرك الشيخ وقتها أنّ الموت يتربص به في ازقة وأروقة وغُرف وعمليات المستشفيات مثلما يتربص بالكثير من المرضى الذين يموتون دون أن يتم إسعافهم ، او نتيجة اخطاء طبية مُتعمدة نتيجة الجهل الذي يتمتع به الأطباء في الكثير من المستشفيات الحكومية والخاصة نتيجة عدم الرقابة وعدم المحاسبة ، ضاع صوت الشيخ امام جسد زوجته المُنهك الذي يقف بجانبه الموت ، تمنّى أن تأتيه الشجاعة فيقوم بإلقاء خطبة عصماء في طوارئ المستشفى يناشد فيها ملائكة الرحمة ان تنتشل جسد زوجته من على الأرض وتقوم بتطبيبه وهش الموت عنه ، بيْد أن الرحمة غادرت قلوب اولئك الملائكة بسبب إنعدام الإنسانية والضمير ... رفع صوته مُحتجاً على مايحدث للكثير من المرضى من مُعاملة سيئة لاتليق بملائكة الرحمة ، يجب أن ترفع صوتك أحياناً لتحصل على كل او بعض ما تريده ، وهكذا حصل الشيخ على إرسالية ممهورة بيد طبيبة إلى مستشفى حكومي آخر سيجدون فيه سريراً شاغراً ، غادر الشيخ برفقة زوجته المريضة ومرافقيها من الأقارب إلى ذلك المستشفى لتبدأ في الطوارئ رحلة قياس ضغط الدم وسحب عيّنة الدم للتحليل وعمل تخطيط القلب للزوجة المريضة ، وعلى سرير غُرفة الطوارئ تلفظ الزوجة أنفاسها الأخيرة وتُسلِم الروح إلى بارئها ... 8/1/2012م حريب
p]de hgl,j !! |
|
01-08-2012, 06:58 PM | #3 |
| وهج الحرف الموت كأساً وكُل الناس شاربه ، مثلما يقولون ... نسأل الله حُسن الختام ... حضوركـ هو الحياة لمتصفحي ... عظيم ودي
|
|
01-10-2012, 12:03 PM | #4 |
| رائع ماقراته هنا برغم ان حديث الموت يرعب النفوس لاكن لابد للكل ان يشربوا من كأسه كباراً ام صغارا نــــــــايف منـــــــاع دام قلمكـ رمزاً للأبداع والتألق
|
|
01-10-2012, 12:33 PM | #5 |
( فقيــد حــريب وبيحــان ) | |
|
01-10-2012, 04:55 PM | #6 |
| كادي زهرة الصحاري بن طه الحبشي مرحباً بكما في رحاب متصفحي الذي استنار وتألق بتواجدكما فيهـ ... عظيم ودي
|
|
Bookmarks |
Currently Active Users Viewing This Thread: 1 (0 members and 1 guests) | |
| |