في مثل هذه اللحظات في مثل هذا اليوم استشهد الشيخ المصري

مثل , اللحظات , المصري , اليوم , الصدى , استشهد , في , هذا , هذه

في مثل هذه اللحظات في مثل هذا اليوم استشهد الشيخ المصري

في ذكرى استشهاد الشيخ المصري وهمجية سلاح الجو اليمني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ



قبيل غروب شمس يوم الأحد، التاسع من ديسمبر 2012م كان الشيخ عبد الله المصري العقيلي على موعد مع الشهادة داخل بيته على يد الطيران الحربي اليمني، في سلسلة غارات جوية شنّها على أهداف مدنية، كردة فعل على مقتل عدد من القادة والعسكريين في كمين نصبه مسلحين بطريق مأرب صافر .
في مثل هذا اليوم التاسع من ديسمبر كان الشيخ المسن عبد الله المصري العقيلي بمزرعته وبيته بين أبنائه وأحفاده، وكالعادة يتجول بين أشجار البرتقال على دراجته ذات الأربعة الإطارات الصغيرة بعد أن عجز عن المشي على رجليه لكبر سنه، ليعود إلى حجرته لتناول وجبة الغداء والقيلولة وتلاوة القرآن، وفي الخامسة مساء من ذلك اليوم عندما كان أمام مصحفه يتلو القرآن كما اعتاد تفاجأ بأصوات الطيران والقصف تملأ المكان، رفع بصره في الحجرة وتفاجأ بالغبار يحجب الرؤية، ثم نهض مترجّلاً ليخرج مع النافذة التي حوّلها القصف إلى باب واسع، ومن ثم عاود الطيران القصف ثانية واستشهد رحمه الله في الغارة الثانية، بعد أن نزل يتأمل بحفرة خلفها أحد صواريخ الغارة الأولى، استشهد رحمه الله ومصحفه مفتوحاً ينتظر عودته لمواصلة التلاوة .
كانت غارات الطيران الحربي اليمني في ذلك اليوم قد تسببت في قتل وجرح العشرات من المدنيين من شيوخ ونساء وأطفال، بالإضافة إلى تدمير عدد من المنازل، وجريمتهم الوحيدة هي موقع مساكنهم من الخارطة، القريب من خط مأرب حضرموت الذي نصب المسلحون كمينهم واستهدفوا أركان المنطقة ومرافقيه، فما كان من سلاح الجو اليمني إلا أن أكمل الجريمة بقتل الشيوخ والأطفال والنساء .
في اليوم الذي سبق استشهاد الشيخ المصري استشهد أركان حرب المنطقة ناصر مهدي فريد وعدد من مرافقيه على يد عناصر مسلحة لاذت بالفرار بعد أن نفذت الجريمة وبحوزتها ما استطاعت أخذه من أطقم وعتاد وغادرت المنطقة دون أن تلاحقها أي قوات عسكرية أو أمنية، وبعد فرار الجناة بجريمتهم بساعات عدة علت أصوات المدافع وراجمات الصواريخ من مواقع عسكرية بمأرب تقصف منازل الأبرياء وتمشط قراهم لتكتمل الجريمة، وتسببت في سقوط قتلى وجرحى مدنيين في هذا الرد العشوائي والهمجي من قوات حكيمة كان الأولى بها ملاحقة العصابات أمنياً وتصفيتهم أو اعتقالهم، وهي تدرك بأن المنفذ للجريمة عصابات متنقلة وليست جهة معلومة .
في مساء ذلك اليوم الذي سبق استشهاد الشيخ المصري كان أهالي منطقة العرقين قد ذهبوا وبعض أهالي المناطق التي تعرضت للقصف المدفعي والصاروخي إلى قيادة المنطقة العسكرية بمأرب، وأبلغوهم بأن منازلهم ومزارعهم قد تعرضت للقصف العشوائي الذي تسبب في وقوع قتلى وجرحى، وطالبوا الجهات العسكرية النزول الميداني إلى مزارعهم ومناطقهم، حينها توقف القصف العشوائي بالمنطقة .
وفي مساء اليوم التالي تفاجأ سكان المنطقة بسلاح الجو اليمني يمشط المنطقة بطلعات جوية ليتم استهداف المنطقة بشكل مباشر ومتعمد ودون سابق إنذار ألقى الطيران الحربي اليمني على منزل الشهيد وما جاوره بمنطقة العرقين عشرات الصواريخ والقذائف أسفرت عن استشهاد الشيخ المسن عبد الله المصري واستشهاد شاب من أقاربه كان متواجد بالمزرعة بالإضافة إلى بتر رجل ابنه من الفخذ وجرح أحد أطفال ابنه، كما استهدفت منزل مجاور بالمزرعة المجاورة تسببت في جرح ثلاثة أطفال وامرأة بالإضافة إلى تدمير المنزلين وإعطاب سيارة ابن الشهيد .
هكذا أضاف سلاح الجو اليمني جريمة كبرى إلى جريمة قتل القادة العسكريين عندما قتل الشيوخ والأطفال والنساء، كما قتل قادة عسكريون زملائهم وباعوهم بالصحراء عندما تركوهم يعودون براً في منطقة غير آمنة لم يتمكنوا من الوصول إليها براً فأتوا على طائرة ولكنهم تركوهم يعودون براً ليكونوا لقمة صائغة لتلك العناصر المسلحة .
من قتل واستهدف المدنيين الأبرياء بدلاً عن قتل العناصر المسلحة المرتكبة للجريمة ومن تركهم يلوذون بالفرار بجريمتهم، هو من قتل القادة والعسكريين بإرسالهم إلى منطقة غير آمنة في مهمة لا تستدعي قدوم وفد عسكري كإصلاح أنبوب النفط، وإنما تستدعي فريق هندسي كما هو معتاد .
في اليوم الثاني الذي تلا استشهاد الشيخ المصري وصل المراسلون والإعلاميون لتغطية الحادث، وأثناء تصوير مراسل إحدى القنوات اليمنية لآثار الدمار على منزل الشهيد قبيل صلاة العصر ارتفع صوت أذان العصر من غرفة الشهيد، تفاجأ الجميع وأسرعوا نحو غرفة الشهيد، وكان مصدر الصوت من تحت فراش الشهيد من على السرير، اندفع أحد الحضور ورفع الفراش وإذا مصدر الصوت ساعة منبه قد ضبطها الشهيد لتنبيهه لصلاة العصر لليوم التالي بعد أن نبهته للصلاة في اليوم الذي استشهد فيه، كما لا يزال مصحفه مفتوحاً لليوم الثاني على استشهاده .
هكذا رحل الشيخ مظلوماً وأمثاله ممن سقطوا من المدنيين في ذلك القصف الهمجي كما رحل أركان المنطقة مظلوماً ورفاقه في الكمين الغادر، وهكذا انتهت الحرب بعد أن نفذت العناصر المسلحة بجلودها سالمة غانمة دون أن ينالوا جزائهم، فيما لا يزال من أرتكب المجازر بحق المدنيين بعدوانه الغاشم بقصف الطيران ينعم بمنصبه العسكري أو الأمني ويكرر أفعاله على زملائه وعلى المدنيين، كما لا يزال ابن الشهيد المصري يعاني الإعاقة ولا يقوى على المشي بعد أن فقد رجله في ذلك القصف الذي شهده منزلهم ظلماً وعدوانا، وقد يكون من ارتكب الجريمة بحق القادة والعسكر لا يزال ينعم بكامل أعضائه .

رحم الله الشيخ عبدالله المصري واسكنه فسيح جناته
ذكرى لاتنسى لهمجية قصف المدنيين
متى سياتي اليوم الذين يحاسبون فيه من تسبب في الكثير من المجازر في حق اليمنيين
سلمت علي العقيلي