منتدى الآصالةوالتاريخ حريب بيحان
ينتهي : 30-04-2025
عدد مرات النقر : 1,279
عدد  مرات الظهور : 29,102,500

عدد مرات النقر : 4,124
عدد  مرات الظهور : 73,122,857
عدد  مرات الظهور : 68,838,826
قناة حريب بيحان " يوتيوب "
عدد مرات النقر : 2,303
عدد  مرات الظهور : 73,123,659مركز تحميل منتديات حريب بيحان
ينتهي : 19-12-2025
عدد مرات النقر : 3,944
عدد  مرات الظهور : 69,339,586
آخر 10 مشاركات
صـبـــاحكم سكــر // مســـاؤكم ورد معطر (الكاتـب : - المشاركات : 2386 - المشاهدات : 169179 - الوقت: 06:40 AM - التاريخ: 04-24-2024)           »          تعزية للاخ يمني بوفاة اخيه (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 6 - المشاهدات : 96 - الوقت: 09:46 PM - التاريخ: 04-22-2024)           »          قراءة في سورة البقرة (الكاتـب : - المشاركات : 2 - المشاهدات : 61 - الوقت: 05:34 AM - التاريخ: 04-20-2024)           »          الاذكار اليوميه في الصباح والمساء (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 542 - المشاهدات : 33640 - الوقت: 08:30 PM - التاريخ: 04-19-2024)           »          عيدكم مبارك ،، (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 1 - المشاهدات : 81 - الوقت: 08:45 AM - التاريخ: 04-10-2024)           »          تحدي المليوووون رد ،، (الكاتـب : - المشاركات : 2049 - المشاهدات : 123181 - الوقت: 05:27 PM - التاريخ: 04-08-2024)           »          ماذا ستكتب على جدران (منتديات حريب بيحان) (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 3179 - المشاهدات : 232744 - الوقت: 05:26 PM - التاريخ: 04-08-2024)           »          ورد يومي صفحه من القرآن الكريم (الكاتـب : - المشاركات : 93 - المشاهدات : 964 - الوقت: 06:53 AM - التاريخ: 03-23-2024)           »          شهرمبارك كل عام وأنتم بخير (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 3 - المشاهدات : 73 - الوقت: 04:06 AM - التاريخ: 03-18-2024)           »          تدمير دبابة ميركافا الإسرائيلية (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 2 - المشاهدات : 136 - الوقت: 06:53 AM - التاريخ: 03-17-2024)


الإهداءات



الاسلام ديننا و حياتنا واحة إسلامية لحصد الحسنات وتكفير السيئات


مقالات وفوئد

واحة إسلامية لحصد الحسنات وتكفير السيئات


مقالات وفوئد

ذكر ابن القيم رحمه الله بعض القصص التي تدلّ على رحمة الحيوان بعضه ببعض ، وعطف بعضه على بعض ، بل وحنوّ بعضه – أحيانا – على بعض بني البشر

الرد على الموضوع
 
LinkBack خيارات الموضوع
قديم 03-15-2014, 08:57 PM   #1


المرشح غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2437
 تاريخ التسجيل :  Feb 2014
 أخر زيارة : 03-20-2014 (08:37 PM)
 المشاركات : 403 [ + ]
 تقييم العضوية :  10
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
الإفتراضي مقالات وفوئد




ذكر ابن القيم رحمه الله بعض القصص التي تدلّ على رحمة الحيوان بعضه ببعض ، وعطف بعضه على بعض ، بل وحنوّ بعضه – أحيانا – على بعض بني البشر !

فمن ذلك قوله عن الْحَمَام :
ومن عجيب أمرها ما ذكره الجاحظ أن رجلا كان له زوج حمام مقصوص وزوج طيّار ، وللطيار فرخان قال : ففتحت لهما في أعلى الغرفة كوة للدخول والخروج وَزَقِّ فراخهما . قال : فحبسني السلطان فجأة فاهتممت بشأن المقصوص غاية الاهتمام ولم أشك في موتهما لأنهما لا يقدران على الخروج من الكوة وليس عندهما ما يأكلان ويشربان . قال : فلما خلّى سبيلي لم يكن لي همّ غيرهما ، ففتحت البيت فوجدت الفراخ قد كبرت ووجدت المقصوص على أحسن حال فعجبت ، فما لبث أن جاء الزوج الطيار فدنا الزوج المقصوص إلى أفواههما يستطعمانهما كما يستطعم الفرخ فزقّاهم . فانظر إلى هذه الهداية فإن المقصوصين لما شاهدا تلطف الفراخ للأبوين وكيف يستطعمانهما إذا اشتد بهما الجوع والعطش فعلا كفعل الفرخين فأدركتهما رحمة الطيارين فزقّاهما كما يَزقّان فرخيهما .

ونظير ذلك ما ذكره الجاحظ وغيره . قال الجاحظ : وهو أمر مشهور عندنا بالبصرة أنه لما وقع الطاعون الجارف أتى على أهل دار فلم يشك أهل تلك المحلّة أنه لم يبق منهم أحد فعمدوا إلى باب الدار فسدّوه ، وكان قد بقي صبي صغير يرضع ولم يفطنوا له ، فلما كان بعد ذلك بمدة تحول إليها بعض ورثة القوم ففتح الباب ، فلما أفضى إلى عرصة الدار إذا هو بصبي يلعب مع جراء كلبة قد كانت لأهل الدار فراعه ذلك ، فلم يلبث أن أقبلت كلبة قد كانت لأهل الدار فلما رآها الصبي حَبَا إليها فأمكنته من أطْبَائها ( أثدائها ) فمصّها ، وذلك أن الصبي لما اشتد جوعه ورأى جِراء الكلبة يرتضعون من أطْبَاء الكلبة حَبَا إليها فعطفت عليه ، فلما سقته مرة أدامت له ذلك ، وأدام هو الطلب ، ولا يُستبعد هذا وما هو أعجب منه ، فإن الذي هَدَى المولود إلى مص إبهامه ساعة يولد ثم هداه إلى الْتقام حلمة ثدي لم يتقدم له به عادة كأنه قد قيل له هذه خزانة طعامك وشرابك التي كأنك لم تزل بها عارفا . اهـ .

غير أن هناك من قلوب بعض البشر ما تتجاوز الصخر قساوة
( ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ )

إنه ليعتصر قلبك حينما تسمع قصة رجل قتل زوجته وأولاده
أي رحمة نُزعت من قلبه ؟
ولا تُنـزع الرحمة إلا من شقي

أو تقرأ قصص أطفال امتهنتهم زوجات آبائهم حتى لكأنك تقرأ قصص فرعون مع أطفال بني إسرائيل !

وربما شاب رأسك وأنت تتأمل في قصص أطفال لو نزلت على جبل لَـنَـاء بحملها !

فتقف متسائلا :
أي نوعية هؤلاء من البشر ؟
أيصح أن يُقال إن لهم قلوباً ؟
أيعقل أنهم عرفوا معنى الرحمة ؟

أشك !

ألم تسمع عن أخبار تعذيب العاملات من الخدم ؟!
ألم تسمع عن تعذيب النساء ؟

حيث يُعذّب الرجل زوجته ويسومها سوء العذاب
حينما تسمع تلك القصص تشكّ أن أولئك يحملون قلوبا تجري فيها الدماء
هل يُعقل أن توجد هذه الطِّـبـاع في بني آدم ؟؟؟

أيبلغ الأمر إلى حد الشقاوة فتُـنـزع الرحمة من قلبه ؟؟؟

هـب أن المودة ماتت بين الزوجين .. أين ذهبت الرحمة ؟؟


التي قال عنها رب العزة سبحانه : (وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً )

لنفترض أن الرحمة هي الأخرى نُـزِعـت .. فأين الخوف من الله ؟

أين الإنسانية في التصرف .. بل أين الرحمة البهيمية ؟؟ التي جعلها الله في قلوب الحيوانات حتى إن الدابة لترفع حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه . كما في الحديث .

روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : جعل الله الرحمة في مائة جزء ، فأمسك عنده تسعة وتسعين جزءا ، وأنزل في الأرض جزءا واحدا ، فمن ذلك الجزء يتراحم الخلق حتى ترفع الفرس حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه .

أوَ ما سمعت عن أُناس تمتصّ عرق الآخرين لتعيش كـ مصاصة الدماء ؟!

أيصح أن قلوب بعض بني آدم تبلغ هذا الحد من القساوة ؟!
حتى لكأنها تهزأ بالصخر ، أو تَسْخَر بالحَجَر !

ولذا فإن القلب القاسي متوعّد بالويل ليلين رغما عن صاحبه !
قال سبحانه وتعالى : ( فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ )

وقال عليه الصلاة والسلام : لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله ، فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب ، وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي . رواه الترمذي .

ويكفي في ذمّ قسوة القلب أن جعلها الله عز وجل وصفـاً لليهود ، فقال : ( فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ )

إن القلوب التي لم تلِن للخطاب الرباني ، ولم ترحم عباد الله لا ريب أن النار أولى بها .

أما تأملت ما سمعت مِراراً ؟!
( نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأَفْئِدَةِ (7) إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9))

فهذا بعض وصف النار – أجارك الله – وهي تبلغ القلوب القاسية
قال ثابت البناني : تحرقهم إلى الأفئدة وهم أحياء ، ثم يقول : لقد بلغ منهم العذاب ، ثم يبكي .

قال غير واحد من المفسِّرين : وخَصّ الأفئدة لأن الألم إذا صار إلى الفؤاد مات صاحبه ، أي إنه في حال من يموت ، وهم لا يموتون . اهـ .

فنعوذ بالله من قسوة القلب
وقد كان من دعائه عليه الصلاة والسلام :
اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والبخل والهرم وعذاب القبر ، اللهم آتِ نفسي تقواها وزكِّها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها ، اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ، ومن قلب لا يخشع ، ومن نفس لا تشبع ، ومن دعوة لا يستجاب لها . رواه مسلم .

فقد استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من قلبٍ لا يخشّع ، ولا يتأثّـر بموعظة ، ولا يرِقّ لضعيف أو يتيم أو مسكين .

فنعوذ بك اللهم من قلبٍ لا يخشع .


lrhghj ,t,z]



 


الرد باقتباس
قديم 03-15-2014, 08:59 PM   #2


المرشح غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2437
 تاريخ التسجيل :  Feb 2014
 أخر زيارة : 03-20-2014 (08:37 PM)
 المشاركات : 403 [ + ]
 تقييم العضوية :  10
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
الإفتراضي رد : مقالات وفوئد




قال من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم :
عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ؛ إن أصابته سرّاء شكر ؛ فكان خيراً له ، وإن أصابته ضرّاء صبر ؛ فكان خيراً له . رواه مسلم .

وعند الإمام أحمد عن صهيب رضي الله عنه قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد مع أصحابه إذ ضحك ، فقال : ألا تسألوني مم أضحك ؟ قالوا : يا رسول الله ومم تضحك ؟ قال : عجبت لأمر المؤمن إن أمره كله خير ؛ إن أصابه ما يحب حمد الله ، وكان له خير ، وإن أصابه ما يكره فَصَبَر كان له خير ، وليس كل أحد أمره كله له خير إلا المؤمن .

تأمّــل :

أحد السلف كان أقرع الرأس ، أبرص البدن ، أعمى العينين ، مشلول القدمين واليدين ، وكان يقول : "الحمد لله الذي عافاني مما ابتلى به كثيراً ممن خلق وفضلني تفضيلاً " فَمَرّ بِهِ رجل فقال له : مِمَّ عافاك ؟ أعمى وأبرص وأقرع ومشلول . فَمِمَّ عافاك ؟

فقال : ويحك يا رجل ! جَعَلَ لي لساناً ذاكراً ، وقلباً شاكراً ، وبَدَناً على البلاء صابراً !

سبحان الله أما إنه أُعطي أوسع عطاء

قال عليه الصلاة والسلام : من يستعفف يعفه الله ، ومن يستغن يغنه الله ، ومن يتصبر يصبره الله ، وما أعطي أحد عطاء خيراً وأوسع من الصبر . رواه البخاري ومسلم .

وعنوان السعادة في ثلاث :
مَن إذا أُعطي شكر
وإذا ابتُلي صبر
وإذا أذنب استغفر

وحق التقوى في ثلاث :
أن يُطاع فلا يُعصى
وأن يُذكر فلا يُنسى
وأن يُشكر فلا يُكفر ..
كما قال ابن مسعود رضي الله عنه .

فالمؤمن يتقلّب بين مقام الشكر على النعماء ، وبين مقام الصبر على البلاء .

فيعلم علم يقين أنه لا اختيار له مع اختيار مولاه وسيّده ومالكه سبحانه وتعالى .

فيتقلّب في البلاء كما يتقلّب في النعماء
وهو مع ذلك يعلم أنه ما مِن شدّة إلا وسوف تزول ، وما من حزن إلا ويعقبه فرح ، وأن مع العسر يسرا ، وأنه لن يغلب عسر يُسرين .

فلا حزن يدوم ولا سرور = ولا بؤس يدوم ولا شقاء
فالمؤمن يرى المنح في طيّـات المحن
ويرى تباشير الفجر من خلال حُلكة الليل !
ويرى في الصفحة السوداء نُقطة بيضاء
وفي سُمّ الحية ترياق !
وفي لدغة العقرب طرداً للسموم !

ولسان حاله :

مسلمٌ يا صعاب لن تقهريني = صارمي قاطع وعزمي حديد !
ينظر في الأفق فلا يرى إلا تباشير النصر رغم تكالب الأعداء
وينظر في جثث القتلى فيرى الدمّ نوراً
ويشمّ رائحة الجنة دون مقتله
ويرى القتل فــوزاً

قال حرام بن ملحان رضي الله عنه لما طُعن : فُـزت وربّ الكعبة ! كما في الصحيحين

عندها تساءل الكافر الذي قتله غدرا : وأي فوز يفوزه وأنا أقتله ؟!

هو رأى ما لم تـرَ
ونظر إلى ما لم تنظر
وأمّـل ما لم تؤمِّـل

المؤمن إن جاءه ما يسرّه سُـرّ فحمد الله
وإن توالت عليه أسباب الفرح فرِح من غير بطـر
يخشى من ترادف النِّعم أن يكون استدراجا
ومن تتابع الْمِنَن أن تكون طيباته عُجِّلت له

أُتِـيَ الرحمن بن عوف رضي الله عنه بطعام وكان صائما ، فقال : قُتل مصعب بن عمير وهو خير مني كُفن في بردة إن غطي رأسه بدت رجلاه ، وإن غطي رجلاه بدا رأسه ، وقتل حمزة وهو خير مني ، ثم بُسط لنا من الدنيا ما بسط - أو قال - أعطينا من الدنيا ما أعطينا ، وقد خشينا أن تكون حسناتنا عُجِّلت لنا ، ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام . رواه البخاري .

إن أُنعِم عليه بنعمة علِم أنها محض مِـنّـة
يعلم أنه ما رُزق بسبب خبرته ، ولا لقوة حيلته

فمن ظن أن الرزق يأتي بقوّة = ما أكل العصفور شيئا مع النّسر !
قال الإمام الشافعي رحمه الله :
لو كان بالحِيَل الغنى لوجدتني = بأجلِّ أسباب اليسار تعلّقي
لكن مَن رُزق الحِجا حُرم الغنى = ضدّان مفترقان أي تفرّق
والمؤمن إذا أصابه خيرٌ شكره ، ونسب النّعمة إلى مُسديها ، ولم يقل كما قال الجاحد : ( إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي )
أو كما يقول المغرور : ( إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ ) !

فالمؤمن في كل أحواله يتدرّج في مراتب العبودية
بين صبر على البلاء وشكر للنعماء

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : العبد دائما بين نعمة من الله يحتاج فيها الى شكر ، وذنب منه يحتاج فيه الى الاستغفار ، وكل من هذين من الأمور اللازمة للعبد دائما ، فإنه لايزال يتقلب فى نعم الله وآلائه ، ولا يزال محتاجا الى التوبة والاستغفار . اهـ .

فالعبد يعلم أنه عبدٌ على الحقيقة ، ويعلم بأنه عبدٌ لله ، والعبد لا يعترض على سيّده ومولاه .

واعلم بأنك عبدٌ لا فِكاك له = والعبد ليس على مولاه يعترضُ



 


الرد باقتباس
قديم 03-15-2014, 09:00 PM   #3


المرشح غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2437
 تاريخ التسجيل :  Feb 2014
 أخر زيارة : 03-20-2014 (08:37 PM)
 المشاركات : 403 [ + ]
 تقييم العضوية :  10
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
الإفتراضي رد : مقالات وفوئد



قال إبراهيم النخعي : ذهب علقمة إلى الشام فلما دخل المسجد قال : اللهم يسّر لي جليسا صالحا ، فجلس إلى أبي الدرداء .
فقال أبو الدرداء : ممن أنت ؟
قال : من أهل الكوفة .
قال : أليس فيكم أو منكم صاحب السرّ الذي لا يعلمه غيره - يعني حذيفة - ؟
قال : بلى .
قال : أليس فيكم أو منكم الذي أجاره الله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم من الشيطان - يعني عمارا - ؟
قلت : بلى .
قال : أليس فيكم أو منكم صاحب السواك أو السِّرار ؟ قال : بلى . رواه البخاري .

وفي رواية له . قال : فأتيت قوما فجلست إليهم فإذا شيخ قد جاء حتى جلس إلى جنبي . قلت : من هذا ؟ قالوا : أبو الدرداء ، فقلت : إني دعوت الله أن ييسر لي جليسا صالحا ، فيسّرك لي . قال : ممن أنت ؟ قلت : من أهل الكوفة . قال : أو ليس عندكم ابن أم عبد صاحب النعلين والوساد والمطهرة ؟ وفيكم الذي أجاره الله من الشيطان يعني على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ؟ أو ليس فيكم صاحب سرّ النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا يعلمه أحد غيره ؟قال مغيرة : والذي أجاره الله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم يعني عمّاراً .

وروى مسلم عن يحيى بن يعمَر قال : كان أول من قال في القَدَرِ بالبصرة معبد الجهني ، فانطلقت أنا وحميد بن عبد الرحمن الحميري حاجّين أو معتمرين فقلنا : لو لقينا أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألناه عما يقول هؤلاء في القدر ، فوُفِّق لنا عبد الله بن عمر بن الخطاب داخلا المسجد فاكتنفته أنا وصاحبي أحدنا عن يمينه والآخر عن شماله ، فظننت أن صاحبي سَيَكِل الكلام إليّ ، فقلت : أبا عبد الرحمن إنه قد ظهر قبلنا ناس يقرؤون القرآن ويتقفّرون العلم - وذكر من شأنهم - وأنهم يزعمون أن لا قَدَر ، وأن الأمر أُنُف . قال : فإذا لقيت أولئك فأخبرهم أني برئ منهم وأنهم برآء مني ، والذي يحلف به عبد الله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أُحُدٍ ذهبا فأنفقه ما قَبِل الله منه حتى يؤمن بالقدر ، ثم قال حدثني أبي عمر بن الخطاب – فذكر الحديث بطوله - .

وروى الترمذي والنسائي عن حريث بن قبيصة قال : قدمت المدينة فقلت : اللهم يَسِّر لي جليساً صالحا .
قال : فجلست إلى أبي هريرة ، فقلت : إني سألت الله أن يرزقني جليسا صالحا ، فحدِّثني بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعل الله أن ينفعني به .
فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقول أن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته ، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح ، وإن فسدت فقد خاب وخسر ، فإن انتقص من فريضته شيء قال الرب عز وجل : انظروا هل لعبدي من تطوع ؟ فيُكمل بها ما انتقص من الفريضة ، ثم يكون سائر عمله على ذلك .

اللهم يسر لي جليسا صالحـا
هذه هي مسألة أولئك الأخيار ، وهذا كان من دعائهم

إن البحث عن جليس صالح في تلك الأزمنة الفاضلة والقرون الخـيِّرة ليس بالأمر العسير بل هو أمر ميسور ، لكثرة الأخيار وقلّة الأشرار .

أما في زماننا هذا فلو قلّبت ناظريك فيمن جلس إليك – في مكان عام – لرأيت أنك أحرى بهذا السؤال ، وبهذه المسألة : " اللهم يسر لي جليسا صالحـا "

إن الجليس الصالح ربما كان أندر من الغُراب الأعصم

كما أن جلساء السوء " أكْثَرُ مِنْ تفَارِيقِ العَصَـا " !

وليت رأس جليس السوء عليه ريشة حتى يُعرَف ويُحذر !

وقديما قيل : الوِحدة خيرٌ من جليس السّوء .

وذلك أن صاحب الوِحدة يُحدّث نفسه ، وحديث النفس معفوٌّ عنه ، وجليس السوء يأمر بالسوء ، فله نصيب مِن وَصْف ( يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء ) .

قال أبو الدرداء : لَصَاحِبٌ صالح خير من الوِحدة ، والوحدة خير من صاحب السوء ، ومُمْلِي الخير خير من الساكت ، والساكت خير من مُمْلِي الشر .

قال ابن حبان : العاقل لا يُصاحب الأشرار ، لأن صحبة صاحب السوء قطعة من النار ، تُعْقِب الضغائن ، لا يَستقيم وِدُّه ، ولا يَفِي بعهده .

وقال أيضا :
وكل جليس لا يستفيد المرء منه خيرا تكون مجالسة الكلب خيرا من عشرته ! ومن يَصحب صاحب السوء لا يَسْلَم ، كما أن من يدخل مداخل السوء يُتَّهَم .

كان فتى يعجب عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه فرآه يوما وهو يماشي رجلا مُـتّهماً فقال له :

لا تصحب الجاهـ = ـل إياك وإيـاه
فكم من جاهل أرْدَى = حليما حين آخاه
يُقاس المرء بالمرء = إذا ما هو مـاشَاه
وللشيء من الشيء = مقاييس وأشباه
وللقلب على القلب = دليلٌ حين يَلْقَاه
ومِن علامات جليس السّوء :

أنه لا يُذكِّرك إذا غَفَلْت
ولا يُعينك إذا ذَكَرْت
ولا يأمرك إذا قصّرت
ولا ينهاك إذ أخطأت
ولا يُقوّمك إذا اعوججت


فلا يأمرك ولا ينهاك
بل هو موافق لك فيما فعلت
ساكت عما قصّرت فيه أو تَرَكْت
تاركك وهواك
فهو ساع في هلاكك
مسرع بك إلى رَداك
فهو يَتركك وهَواك ! زاعما أنه اختار لك الراحة ، وقد اختار لك العَطَب !

تَرْكُ نفسك يوما وهواها = سعي لها في رداهـا
وهذا النوع من الناس يصدق فيهم قول ابن القيم رحمه الله :

إن فضول المخالطة هي الداء العضال الجالب لكل شر .
وكم سَلَبَت المخالطة والمعاشرة من نِعمة ؟
وكم زرعت من عداوة ؟
وكم غرست في القلب من حزازات تَزُول الجبال الراسيات وهي في القلوب لا تزول ؟!
ففضول المخالطة فيه خسارة الدنيا والآخرة ، وإنما ينبغي للعبد أن يأخذ من المخالطة بمقدار الحاجة ويجعل الناس فيها أربعة أقسام ، متى خلط أحد الأقسام بالآخر ولم يميز بينهما دخل عليه الشر :

أحدها : من مخالطته كالغذاء لا يستغنى عنه في اليوم والليلة فإذا أخذ حاجته منه ترك الْخِلْطَة ، ثم إذا احتاج إليه خالَطَه ، هكذا على الدوام ، وهذا الضرب أعـزّ من الكبريت الأحمر ! وهم العلماء بالله تعالى وأمره ، ومكايد عدوه ، وأمراض القلوب وأدويتها ، الناصحون لله تعالى ولكتابه ولرسوله ولِخَلْقِه ، فهذا الضرب في مخالطتهم الرِّبح كله .

القسم الثاني : مَن مخالطته كالدواء يحتاج إليه عند المرض ، فما دُمت صحيحا فلا حاجة لك في خلطته ، وهم من لا يستغنى عنه مخالطتهم في مصلحة المعاش وقيام ما أنت محتاج إليه من أنواع المعاملات والمشاركات والاستشارة والعلاج للأدواء ونحوها ، فإذا قَضَيْتَ حاجتك من مخالطة هذا الضرب بَقِيَتْ مخالطتهم مِـنْ :

القسم الثالث : وهم من مخالطته كالداء على اختلاف مراتبه وأنواعه وقوّته وضعفه ؛ فمنهم من مخالطته كالداء العضال والمرض المزمن ، وهو من لا تربح عليه في دِين ولا دنيا ! فهذا إذا تمكّنَتْ مخالطته واتّصَلَتْ فهي مرض الموت الْمَخُوف !
ومنهم مَن مخالطته كوجع الضرس يشتد ضرباً عليك فإذا فارقك سكن الألم .
ومنهم مَن مخالطته حمى الروح ، وهو الثقيل البغيض العقل الذي لا يحسن أن يتكلم فيُفيدك ، ولا يحسن أن يُنصت فيَستفِيد منك ، ولا يعرف نفسه فيضعها في مَنْزِلتها ، بل إن تكلَّم فكلامه كالعِصِيّ تَنْزِل على قلوب السامعين ! مع إعجابه بكلامه وفَرَحِه به ، فهو يُحْدِثُ مِن فِيهِ كلما تَحَدَّث ! ويظن أنه مِسْكٌ يُطيِّب به المجلس ! وإن سكت فأثقل من نصف الرَّحا العظيمة التي لا يُطاق حملها ولا جرّها على الأرض !
ويُذكر عن الشافعي رحمه الله أنه قال : ما جلس إلى جانبي ثقيل إلا وجدت الجانب الذي هو فيه أنزل من الجانب الآخر !

ورأيت يوما عند شيخنا - قدس الله روحه - رجلا من هذا الضرب ، والشيخ يحمله وقد ضعف القوى عن حمله ، فالتفت إليّ وقال : مجالسة الثقيل حمى الربع ! ثم قال : لكن قد أدْمَنَتْ أرواحنا على الحمّى فصارت لها عادة - أو كما قال - .

وبالجملة فمخالطة كل مخالِف حمى للروح فَعَرَضِيَّة ولازِمَة .

ومِنْ نكد الدنيا على العبد أن يُبتلى بواحد من هذا الضرب وليس له بُـدٌّ من معاشرته ومخالطته ، فليُعاشره بالمعروف حتى يجعل الله له فرجا ومخرجا !

القسم الرابع : مَن مخالطته الْهُلْك كلّه ، ومخالطته بمنْزِلة أكل السّمّ ، فإن اتَّفق لأكله ترياق وإلا فأحسن الله فيه العزاء ! وما أكثر هذا الضرب في الناس لا كثَّرهم الله ، وهم أهل البدع والضلالة الصادّون عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الدّاعون إلى خلافها ، الذين يَصُدُّون عن سبيل الله ويبغونها عوجا ؛ فيجعلون البدعة سنة ، والسنة بدعة ، والمعروف منكرا ، والمنكر معروفا .
إن جرّدت التوحيد بينهم قالوا : تنقَّصْتَ جناب الأولياء والصالحين !!
وإن جرّدت المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : أهْدَرْتَ الأئمة المتبوعين !
وإن وَصَفْتَ الله بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله من غير غلو ولا تقصير قالوا : أنت من المشبِّهين !
وإن أمَرْتَ بما أمر الله به ورسوله من المعروف ، ونهيت عما نهى الله عنه ورسوله من المنكر قالوا : أنت من المفتّنِين !
وإن اتّبعت السنة وتركت ما خالفها قالوا : أنت من أهل البدع المضلِّين !
وإن انقطعت إلى الله تعالى وخلّيت بينهم وبين جِيفة الدنيا قالوا : أنت من المبْلِسِين .
وإن تركت ما أنت عليه واتبعت أهواءهم ، فأنت عند الله تعالى من الخاسرين ، وعندهم من المنافقين !

فالحزم كل الحزم التماس مرضاة الله تعالى ورسوله بإغضابهم ! وأن لا تَشْتَغِل بأعتابهم ولا باستعتابهم ، ولا تبالي بِذَمِّهم ولا بغضبهم ، فإنه عين كَمَالِكَ ، كما قيل :

وقد زادني حباّ لنفسي أنني = بغيض إلى كل أمريء غير طائل
انتهى كلامه رحمه الله بِطُولِه .

وأما مُجالسة الناس ومُخالطتهم فهي غالباً على أمور الدّنيا
" وقد صارت عامة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا ، وذلك لا يجدي على أهله شيئا " كما قاله غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم .

ومُجالسة الصالحين بـرّ وخير وفلاح

ألا ترى أن الكلب ذُكر في القرآن حين جالَسَ الصالحين ؟
( وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ )

قال ابن القيم رحمه الله :
مجالسة العارِف تدعوك من سِتٍّ إلى سِت :
من الشك إلى اليقين
ومن الرياء إلى الإخلاص
ومن الغفلة إلى الذِّكر
ومن الرغبة في الدنيا إلى الرغبة في الآخرة
ومن الكِبر إلى التواضع
ومن سوء الطوية إلى النصيحة . اهـ .

والصّاحب دليل على صاحبه ، ولذا قال عليه الصلاة والسلام : المرء على دِين خليله ، فلينظر أحدكم من يخالل . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي .

قال هبيرة : اِعْتَبِر الناس بأخدانهم .

وقال الإمام مالك : الناس أشكال كأجناس الطير : الحمام مع الحمام ، والغراب مع الغراب ، والبط مع البط ، والصعو مع الصعو ، وكل إنسان مع شكله !

وقال أبو حاتم بن حبان : وما رأيت شيئا أدل على شيء - ولا الدخان على النار - مثل الصاحب على الصاحب !

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : فكم من الناس لم يُرَد خيرا ولا شرا حتى رأى غيره ، لا سيما إن كان نظيره يفعله فَفَعَلَه ، فإن الناس كأسراب القطا مَجْبُولون على تَشَبّه بعضهم ببعض ... وذلك لاشتراكهم في الحقيقة ، وأن حُكْم الشيء حُكم نَظِيره ، وشَبِيه الشيء منجذب إليه . اهـ .

فاحرص على مُصاحَبة حامِل الْمِسْك !
وإياك إياك من الجلوس إلى نافِخ الكِير !



 


الرد باقتباس
قديم 03-15-2014, 09:01 PM   #4


المرشح غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2437
 تاريخ التسجيل :  Feb 2014
 أخر زيارة : 03-20-2014 (08:37 PM)
 المشاركات : 403 [ + ]
 تقييم العضوية :  10
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
الإفتراضي رد : مقالات وفوئد



أثنى الله عز وجل على الكاظمين الغيظ فقال في وصف المؤمنين الذين على ربهم يتوكّلون : ( وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ ) .

وتأمل كيف قال (هُمْ يَغْفِرُونَ ) بعد ذِكر الغضب ؟

ذلك أن الغضب يدفع على الانتقام والتعدّي ، فإذا غضب المؤمن لِـحَـظِّ نفسه تذكّر ما أعدّ الله له من الجزاء إذا عفا فيعفو ويغفر ويصفح .
وقال سبحانه وتعالى في وصف المتقين : ( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ )
رُوي عن ميمون بن مهران أن جاريتَه جاءت ذاتَ يومٍ بِصَحْفَـةٍ فيها مَرَقَـة حارة وعنده أضياف فعثرَتْ فصبّتِ المرقـةَ عليه ، فأراد ميمون أن يضربـها .
فقالت الجارية : يا مولاي استعمل قولَ الله تعالى : ( وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ ) قال لها : قَدْ فعلتُ ، فقالت : اعمل بما بعده : ( وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ) فقال : قد عفوت عنك ، فقالت الجارية : ( وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) قال ميمون : قد أحسنت إليك ، فأنت حـرَّةٌ لوجه الله تعالى .
وروي عن الأحنف بن قيس مثله . ذكره القرطبي في التفسير .

وفي فضل كظم الغيظ ، وامتلاك التّصرّف ، وضبط النفس ، جاءت الأحاديث النبوية

فمن ذلك :

قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من جرعة أعظم أجرا عند الله من جرعة غيظ كظمها عبد ابتغاء وجه الله . رواه الإمام أحمد وابن ماجه .

ولما كان الغضب يضرّ بصاحبه مع ما يتسبب به من أذية للآخرين فقد جاء الثناء على من ملَك نفسه وقهرها عند غلبة الغضب .

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس الشديد بالصُّرعة ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب . رواه البخاري ومسلم .

وقال : ما تعدون الصُّرعة فيكم ؟
قالوا : الذي لا يَصرعه الرجال .
قال : ليس بذلك ، ولكنه الذي يملك نفسه عند الغضب . رواه مسلم .

ولذا لما جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أوصني . قال : لا تغضب . فردّد مرارا . قال : لا تغضب . رواه البخاري .

والغضب مدخل من مداخل الشيطان على النفس

قال سليمان بن صرد : كنت جالسا مع النبي صلى الله عليه وسلم ورجلان يستبان ، فأحدهما احمرّ وجهه وانتفخت أوداجه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إني لأعلم كلمة لو قالها ذهب عنه ما يجد ، لو قال : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، ذهب عنه ما يجد . فقالوا له : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : تعوّذ بالله من الشيطان ، فقال : وهل بي جنون ؟! رواه البخاري ومسلم .

ليتأمل الإنسان نفسه حال الغضب

قال ابن ابن القيم رحمه الله : إذا خَرَجَتْ من عدوك لفظةَ سَـفَـهٍ فلا تُلْحِقها بمثلها تُلَـقِّـحْـها ، ونَسْل الخصام نسل مذموم ! اهـ .

وقد حذر علماء الطب الألمان من أن الغضب يشكل خطرا على القلب ، مشيرين إلى أن أكثر الذين أصيبوا بأمراض في القلب كان " الغضب " أحد أسبابه الرئيسية .

وأعلن الأطباء في مؤتمر عقدوه يوم الثلاثاء الموافق 16-4-2002م في العاصمة الألمانية برلين أن أكثر الذين توفُّوا بجلطة قلبية كان " الغضب " وخيبة الأمل أحد أسباب الوفاة الرئيسية، إذ أن الغضب يعمل إما على تقوية سرعة القلب بحيث تخرج عن السيطرة أو إبطاء نبضاته ليُصبح من الصعب إعادته إلى حالته الأولى .
وأشار عالم الطب من المستشفى الجامعي فى مدينة بون " بيتر فاجلر " في محاضرته إلى أن إجراء عملية تبريد القلب يمكن أن تساعد صاحبه على المضي في الحياة بإذن الله إذا ما توفرت العناية به ، مشيرا إلى أن المستشفى الجامعي قام بإجراء بحوث حول عملية التبريد شملت حوالي 275 مريضا وُضعوا في غرفة عناية فائقة لمدة 24 ساعة مجهزة بمكيف هواء بارد يناسب جسم المريض ، على أن تكون حرارة جسمه الداخلي ما بين 32 و 34 درجة مئوية .
وأكد على ضرورة أن يبعد عن المريض الثقلاء من الزوار ! موضِّحا أن نسبة التجارب الناجحة على مرضى القلب بعملية التبريد وصلت إلى 41% من الذين يعانون من أمراض قلبية مختلفة .

ليُعلم أن دِين الله عز وجل هو الدِّين الكامل الشامل لجميع نواحي الحياة ، فما مِن خير إلا دلّ عليه ، وما مِن شرّ إلا حذّر منه .

والله يحفظكم .



 


الرد باقتباس
قديم 03-15-2014, 09:02 PM   #5


المرشح غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2437
 تاريخ التسجيل :  Feb 2014
 أخر زيارة : 03-20-2014 (08:37 PM)
 المشاركات : 403 [ + ]
 تقييم العضوية :  10
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
الإفتراضي رد : مقالات وفوئد



منذ فترة ليست بالقصيرة والخواطر تتواردني أن أكتب حول قول من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم : سلوا الله العافية .

وقوله عليه الصلاة والسلام : أيها الناس لا تمنوا لقاء العدو ، وسلوا الله
العافية
. رواه البخاري ومسلم .

بل عـدّ النبي عليه الصلاة والسلام العافية أفضل ما أُعطِيَ العبد ، فقال : سلوا الله العافية فإنه لم يعط عبد شيئا أفضل من
العافية
. رواه الإمام أحمد وغيره .

وكُنت أقف حيناً مُتأمِّلاً ، وأحياناً مُعتبِراً ، وحينا ثالثاً مُتسائلاً :

لماذا العافية وحدها ؟

وأين تكون العافية ؟


العافية .. عافية في الجسد .. وعافية في الولد .. وعافية في المال .. وفوق ذلك كلّه : العافية في الدِّين .

عافية
الجسد .. وأنت تمشي على الأرض ولك وئيد ! وصوت شديد !

بَـزَقَ النبي صلى الله عليه وسلم يوماً في كَـفِّـه فوضع عليها إصبعه ، ثم قال : قال الله : ابن آدم أنّى تعجزني وقد خلقتك من مثل هذه ؟ حتى إذا سويتك وعدلتك مشيت بين بردين وللأرض منك وئيد ، فَجَمَعْتَ وَمَنَعْتَ ، حتى إذا بلغت التراقي قلتَ : أتصدق ! وأنّى أوَان الصَّدَقـة . رواه الإمام أحمد .

عافية الجسد ..
وأنت تنظر للبعيد
عافية الجسد ..
وأنت تسمع للهمس
عافية الجسد ..
وأنت تنام ملء عينيك
عافية الجسد ..
وأنت تقوم وتقعد
عافية الجسد ..
وأنت تتنفّس
عافية الجسد ..
وأنت تنطق وتتكلّم وتُعبِّر عما تُريد

هنا .. تذكّرت موقفين :


أما الأول : فهو لشيخ كفيف .. دُعِي إلى تخريج حَفَظة لكتاب الله .. فألقى كلمته ، ثم قال كلِمة ..
قال : ما تمنّيت أني أُبصِر إلا مرتين :
مرّة حينما سمعت قول الله تبارك وتعالى : ( أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ) لنظُر إليها نَظَر اعتبار ..
وهذه مرّة ثانية لأرى هؤلاء الحَفَظَة ..
يقول مُحدِّثي وقد حضر المشهد : لقد أبكى الجميع ..

هل تأملت هذا المشهد لرجل أعمى يتمنّى نعمة البصر لينظر فيها في موقفين فقط ؟


وأما الموقف الثاني : فهو لشاب أصمّ أبكم .. خَرَج يوماً مع بعض أصحابه ، وكان منهم من يُتقِن لُغة الإشارة فيُترجم له ..
وفي الطريق مرُّوا بمجموعة من الشباب اجتمعوا على لهو وغناء وطرب .. وقف الشباب بِصُحبة الأصمّ .. ترجَّلُوا من سيارتهم .. استأذنوا ثم جَلَسوا ..
تكلّموا .. تحدّثوا .. ذكّروا .. وعَظُوا .. انتهى الكلام .. همُّوا بالانصراف .. أشار إليهم الأصمّ أن انتظروا قليلاً ..
أشار إلى صاحبه المترجم أن يُترجم ..
تحدّث الأصمّ بلغة الإشارة .. ثم تَرجَم صاحبه ..
لقد قال لهم : أتمنّى أن لي لساناً ينطق .. لأذْكُر الله به ..
لقد وَقَعتْ كلماته على قلوب الجالسين ..
وأثّرت فيهم حتى لامَسَتْ شِغاف قلوبهم ..
رغم أنه لم يتكلّم ..
ومع أنه لم ينطق ..
إلا أن كلماته كان لها وقعها على نفوس الحاضرين .

أما
عافية
الولد .. ففي صلاح قلبِه وقالبه
وفي استقامته وهدايته ..
وفي أن تُمتّع به ..
حتى إذا شبّ وترعرع تمنّيت أن تَدْفَع عنه بالراحتين وباليَدِ ..

كما قال أبو الحسن التهامي في ابنه :

لو كنتَ تُمنَع خـاض دونك فتية = مِنّـا بحار عوامل وشِفَارِ
فَدَحَوا فُويق الأرض أرضاً من دَم = ثم انثنوا فَبَنَوا سَمَاء غُبارِ
فإذا نَـزَل القضاء ضاق الفضاء ..

وأما
العافية في المال ففي بركته .. وفي نمائه .. وفي أن يكون مصدره حلالاً ، ومصرفه حلالاً ..
وأن يُحفَظ من كل آفـة ..

وأما
العافية التي هي فوق كل عافية .. فعافية الدِّين ..
العافية في الإيمان .
العافية في الثبات على دين الله عزّ وجلّ .
العافية في اليقين .
العافية في السلامة من الوسواس .
العافية في القلب من كل شُبهة وشهوة ، فيكون كالمرآة الصقيلة لا يضرّها ما مرّ على ظاهرها .
العافية في العلم والخشية .

لذا كان يُقال : من
عُوفِي فليحمد الله .

تواردت هذه المعاني في خاطري حينما دَخَلت قسم الإسعاف والطوارئ بأحد المستشفيات
فهذا يئنّ .. وذاك يصرخ من شِدّة الألـم
وثالث في غيبوبة
ورابع قد شُجّ وجهه
وخامس ينـزف جُرحـه

فعلمت عِلم يقين .. أن
العافية والسلامة لا يَعدِلهما شيء ..

وفي الأثر : إذا مرض العبد ثم
عُوفي فلم يزدد خيرا ، قالت الملائكة عليهم السلام : هذا الذي داويناه فلم ينفعه الدواء !

فاللهم لك الحمد على العافية ..
ولك الحمد على كل نعمة أنعمتَ بها علينا في قديم أو حديث ، أو خاصة أو عامة ، أو سرٍّ أو علانية ..
اللهم لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد إذا رضيت ولك الحمد بعد الرِّضـا ..

لك الحمد أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن ، ولك الحمد لك ملك السماوات والأرض ومن فيهن ، ولك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن ، ولك الحمد أنت ملك السماوات والأرض ..

لك الحمد على العافية .. ونسألك العافية في الدنيا والآخرة

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه حين يمسي وحين يصبح :
اللهم إني أسألك
العافية في الدنيا والآخرة ، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي ، اللهم استر عوراتي ، وآمن روعاتي ، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي ومن يميني وعن شمالي ومن فوقي ، وأعوذ بعظمتك أن أُغتال من تحتي . رواه الإمام أحمد وابو داود وابن ماجه .



 


الرد باقتباس
قديم 03-15-2014, 09:03 PM   #6


المرشح غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2437
 تاريخ التسجيل :  Feb 2014
 أخر زيارة : 03-20-2014 (08:37 PM)
 المشاركات : 403 [ + ]
 تقييم العضوية :  10
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
الإفتراضي رد : مقالات وفوئد



لما أثنى الله عز وجل على إسماعيل قال :
( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولا نَّبِيًّا * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا )

فهل تريد أن تكون عند ربّك مرضيّـاً ؟

إن رضا الله عز وجل مطلوب مُدرَك

ورضا الناس مطلوب لا يُدرك

قال سهل بن أبي سهل الحنفي – شيخ الشافعية بخراسان - : إذا كان رضا الخلق معسوراً لا يُدرك ، كان رضا الله ميسوراً لا يُترك ، إنا نحتاج إلى إخوان العشرة لوقت العُسرة .

فالخلق إن قصّرت في حقّهم غضبوا
وإن أسأت لم يغفروا
وإن زللت لم ينسوا !

قال ابن حزم رحمه الله : وأنا أعلمك أن بعض من خالصني المودة ، وأصفاني إياها غاية الصفاء في حال الشدة والرخاء ، والسعة والضيق ، والغضب والرضا تغير عليّ أقبح تغير بعد اثني عشر عاماً متّصلة في غاية الصفاء ، ولسبب لطيف جداً ما قَدّرت قط أنه يُؤثر مثله في أحد من الناس ، وما صلح لي بعدها ، ولقد أهمني ذلك سنين كثيرة هماً شديداً . اهـ .

إن اجتهدت في طلب رضاهم عدّوك طيّباً مسكينا !
أو ظنّوك تريد منهم مصلحة لنفسك !

وإن أرادوا منك شيئا لم يعذروك
وإن طلبوا منك حاجة وجب عليك تلبيتها
وإلا كنت الذي لا نفع فيه !

قال ابن القيم رحمه الله :
غالب الخلق إنما يريدون قضاء حاجاتهم منك ، وإن أضرّ ذلك بدينك ودنياك ، فهم إنما غرضهم قضاء حوائجهم ولو بمضرّتك ، والرب تبارك وتعالى إنما يريدك لك ، ويريد الإحسان إليك لك لا لمنفعته ، ويريد دفع الضرر عنك ، فكيف تعلق أملك ورجاءك وخوفك بغيره ؟ اهـ .

أمّـا ربك سبحانه وتعالى فيُريد منك أيسر من هذا
يُريدك لك – كما قاله العالم الرباني –
يُريدك لنفسك .. لنفعك .. لحاجاتك

يُريد منك - حتى يرضى عنك - أن تعبده ولا تشرك به شيئا

يقول الله لأهون أهل النار عذابا : لو أنّ لك ما في الأرض من شيء كنت تفتدي به ؟ فيقول : نعم . فيقول : فقد سألتك ما هو أهون من هذا وأنت في صلب آدم ؛ أن لا تشرك بي ، فأبيت إلا الشرك . رواه البخاري ومسلم .

يُريد منك كلمات معدودات في كل يوم فيرضى عنك

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قال إذا أصبح وإذا أمسى : رضيت بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد رسولا ؛ إلا كان حقا على الله أن يرضيه يوم القيامة . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والنسائي في الكبرى .

وأهون من ذلك أن تشرب شربة من الماء فتحمد ربّك عليها
أو تأكل أكلة فتحمد الله عليها فيرضى عنك ملك الملوك وديّان يوم الدّين

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها أو يشرب الشربة فيحمده عليها . رواه مسلم .

ثم تأمل الخصال التي ذكرها الله عز وجل في صفات إسماعيل عليه الصلاة والسلام

فأول صفة ذكرها أنه صادق الوعد ، يفي بوعده مع ربّه ومع الناس .

وتأمل كيف قدّم هذه الصِّفة على إقامة الصلاة والزكاة والأمر بهما ؟

كما قدّم الله عز وجل في صفات المؤمنين الإعراض عن اللغو على إقامة الزكاة وعلى حفظ الفروج
( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ) الآيات .

مما يدلّ على أهمية هذه المعاني الجميلة والأخلاق الفاضلة في شريعة الإسلام .

فاطلب رضا من إذا رضي أثابك وأرضاك



 


الرد باقتباس
قديم 03-15-2014, 09:04 PM   #7


المرشح غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2437
 تاريخ التسجيل :  Feb 2014
 أخر زيارة : 03-20-2014 (08:37 PM)
 المشاركات : 403 [ + ]
 تقييم العضوية :  10
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
الإفتراضي رد : مقالات وفوئد



قال كعب بن مالك رضي الله عنه وهو يُحدّث بقصته حين تخلّف عن غزوة تبوك وكان من شأنه ما كان قال :

ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا أيها الثلاثة من بين من تخلف عنه .
قال : فاجتنبنا الناس وتغيروا لنا ، حتى تنكرت لي في نفسي الأرض فما هي بالأرض التي أعرف ، فلبثنا على ذلك خمسين ليلة ، فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان ، وأما أنا فكنت أشبّ القوم وأجلدهم ، فكنت أخرج فأشهد الصلاة وأطوف في الأسواق ، ولا يكلمنى أحد ، وآتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأُسلِّم عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة ، فأقول في نفسي : هل حرّك شفتيه بِرَدِّ السلام أم لا ؟ ثم أُصلى قريبا منه وأسارقه النظر ، فإذا أقبلت على صلاتي نظر إليّ ، وإذا التفت نحوه أعرض عني ، حتى إذا طال ذلك علي من جفوة المسلمين مشيت حتى تسوّرت جدار حائط أبي قتادة - وهو ابن عمي وأحب الناس إليّ - فسلّمت عليه ، فو الله ما ردّ عليّ السلام .
فقلت له : يا أبا قتادة أنشدك بالله هل تعلمن أني أحب الله ورسوله ؟
قال : فسكت .
فعدت فناشدته .
فسكت .
فعدت فناشدته .
فقال : الله ورسوله أعلم ، ففاضت عيناي ، وتولّيت حتى تسوّرت الجدار ، فبينا أنا أمشي في سوق المدينة إذا نبطيّ من نبط أهل الشام ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة يقول : من يدلّ على كعب بن مالك ؟
قال : فطفق الناس يشيرون له إليّ ، حتى جاءني فدفع إليّ كتابا من ملك غسان ، وكنت كاتبا فقرأته ، فإذا فيه : أما بعد ، فإنه قد بلغنا أن صاحبك قد جفاك ، ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة فالْحَقْ بنا نواسك .
قال : فقلت حين قرأتها : وهذه أيضا من البلاء فتياممت بها التنور ، فسجرته بها . رواه البخاري ومسلم .

وهذه أيضا من البلاء !

أي نظر ثاقب نظره ذلك الصحابي لتلك الدعوة ولذلك الإغراء ؟
لقد نظر إليه على أنه فتنة يُراد له أن يترك دينه
وعلى أنه عرض مُقابل دينه
وعلى أنه فتنة برّاقة يذهب معها الدِّين

فعاجلها بالحل العاجل حتى لا يكون له طريق رجعة إليها
عاجلها بالتنّور
توجّه تلقاء التنور فأشعله بها

بأي شيء ؟

برسالة ملك نصراني !
بِعَرْضٍ مغرٍ
بعيش رغيد
ومجالسة ملك من ملوك العرب
ولكن دينه أغلى عليه من الدنيا بأسرها

لم يقبل المساومة على دينه
لم يقبل إقبال الدنيا عليه وقد أعرض عنه الناس ، وتنكّرت له ألأرض .

هكذا ينظر المؤمن إلى البلاء والفتن على أنها امتحان ربّانيّ ، واختبار إلهي
فهل يجتاز الامتحان أو لا ؟

كثيرون هم الذين يجتازون امتحان الضرّاء
وقلّ من يجتاز امتحان السرّاء

ولذا قال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه : ابتلينا بالضراء فصبرنا ، وابتلينا بالسراء فلم نصبر . رواه عبد الرزاق .

ولربما صبر المسلم في مقابل الشدائد ، واحتسب الأجر
ولكنه قد لا يصبر مقابل الشهوات

قال عطاء : لو ائتمنت على بيت مال لكنت أمينا ، ولا آمن نفسي على أمة شوهاء .

وعندما تُقبل الدنيا رافلة بثياب الرخاء يتساقط أمام النعماء أقوام ، وتظهر حقائق نفوس قوم آخرين !

ولذا لما جاء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم إلى نبيِّهم صلى الله عليه وسلم فوافوا صلاة الفجر معه ، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف ، فتعرضوا له ، فتبسّم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآهم ، ثم قال : أظنكم سمعتم أن أبا عبيدة قدم بشيء من البحرين ؟ فقالوا : أجل يا رسول الله ! قال : فأبشروا وأمّلوا ما يسركم ، فو الله ما الفقر أخشى عليكم ، ولكني أخشى عليكم أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم ، فتنافسوها كما تنافسوها ، وتهلككم كما أهلكتهم . رواه البخاري ومسلم .

الفقر غالبا لا يُغيّر النفوس

بينما الطغيان مرتبط بالغنى

( كَلا إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى ( 6 ) أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى )

الشاهد من هذا كلّه أن العبد قد يُبتلى بالسرّاء ، وقد يُبتلى بالضرّاء
( وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ )

والموفّق من شكر في السّراء
وصبر في الضرّاء

وهذا سوف أبسط القول فيه – بمشيئة الله – في موضوع آخر بعنوان : عجبا لأمر المؤمن .

كما أن هذه القصة مليئة بالعِظات والعِبر لمن وقف أمامها مُستلهما فوائد هذه القصة ..



 


الرد باقتباس
قديم 03-15-2014, 09:05 PM   #8


المرشح غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2437
 تاريخ التسجيل :  Feb 2014
 أخر زيارة : 03-20-2014 (08:37 PM)
 المشاركات : 403 [ + ]
 تقييم العضوية :  10
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
الإفتراضي رد : مقالات وفوئد



حُسن الحديث وطيب الكلام من الخصال الموجبة للجنة
سأل أبو شريح النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أخبرني بشيء يوجب لي الجنة . قال : طيب الكلام ، وبذل السلام ، وإطعام الطعام . رواه ابن حبان .

وفي حديث عبد الله بن سلام رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول – أول مقدمه المدينة - : أطعموا الطعام ، وافشوا السلام ، وصِلوا الأرحام ، وصلُّوا والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام . رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه والضياء في المختارة ، واللفظ له .

ولا يكون الحج مبروراً تمام البرّ حتى يُطيب صاحبه الكلام ، ويبتعد عن بذيء الكلام والآثام
ولذا لما قال عليه الصلاة والسلام : الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة . قيل : وما بره ؟ قال : إطعام الطعام ، وطيب الكلام . رواه الحاكم وصححه والبيهقي في الكبرى .


ومما حَبّب الدنيا إلى أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم ، خصال الخير ، أما الدنيا لِذَاتِها أو لِلَلذّاتها فليست ذات شأن عندهم .

روى ابن المبارك في كتاب الجهاد بإسناده عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : لولا ثلاث ، لولا أن أسير في سبيل الله عز وجل أو يغبر جبيني في السجود ، أو أقاعد قوما ينتقون طيب الكلام كما يُنتقى طيب الثمر لأحببت أن أكون قد لحقت بالله عز وجل .

وروى ابن المبارك في الزهد أن أبا الدرداء رضي الله عنه قال : لولا ثلاث ما أحببت البقاء : ساعة ظمأ الهواجر ، والسجود في الليل ، ومجالسة أقوام يَنتقون جيد الكلام كما يُنتقى أطايب الثمر .

وفي رواية أنه قال : لولا ثلاث لأحببت أن لا أبقى في الدنيا ؛ وضعي وجهي للسجود لخالقي في اختلاف الليل والنهار أقدمه لحياتي ، وظمأ الهواجر ، ومُقاعدة أقوام يَنتقون الكلام كما تُنتقى الفاكهة .

وفي تاريخ دمشق عن شعبة قال : سمعت حميد الأوزاعي قال : قال رجل من رهط أبي الدرداء :
ولولا ثلاث هن من حاجة الفتى = أجدك لم أحفل إذا قام رامسي
قال أبو الدرداء : لكني لا أقول كما قال ، لولا ثلاث ما باليت متى متّ : لولا أن أسير غازيا في سبيل الله ، أو أعفر وجهي في التراب ، ولولا أن أقاعد قوما يلتقطون طيب الكلام كما يُلتقط طيب التمر ، ما باليت متى متّ .


وذكر الجاحظ في البيان والتبيين بعض الآثار عن فضل طيب الكلام فقال :
قال الفضيل بن عياض رحمه الله : نِعمت الهدية الكلمة من الحكمة يحفظها الرجل حتى يلقيها إلى أخيه .
وكان يُقال : اجعل ما في الكتب بيت مال ، وما في قلبك للنفقة .
وكان يُقال : يَكتب الرجل أحسن ما سمع ، ويحفظ أحسن ما كتب .
وقال أعرابي : حرف في قلبك خير من عشرة في طومارك .
وقال عمر بن عبد العزيز : ما قُرن شيء بشيء أفضل من علم إلى حلم ، ومن عفو إلى قدرة .
وكان ميمون بن سياه إذا جلس إلى قوم قال : إنا قوم منقطع بنا فحدثونا أحاديث نتجمل بها .
وفخر سليم مولى زياد بزياد عند معاوية ، فقال معاوية : أسكت فو الله ما أدرك صاحبك شيئا بسيفه إلا وقد أدركت أكثر منه بلساني .
وضرب الحجاج أعناق أسرى فلما قَدّموا إليه رجلا ليضرب عنقه قال : والله لئن كنا أسأنا في الذنب فما أحسنت في العفو ، فقال الحجاج : أف لهذه الجيف أما كان فيها أحد يحسن مثل هذا ؟ وأمْسَكَ عن القتل .

وقدموا رجلا من الخوارج إلى عبد الملك لتضرب عنقه ودخل على عبد الملك ابن صغير له قد ضربه المعلم وهو يبكي فهمّ عبد الملك بالمعلم فقال : دعه يبكي فانه أفتح لجرمه وأصح لبصره وأذهب لصوته ، فقال له عبد الملك : أما يشغلك ما أنت فيه عن هذا ؟! قال : ما ينبغي للمسلم أن يشغله عن قول الحق شيء ، فأَمَرَ بتخلية سبيله . انتهى ما ذكره الجاحظ . اهـ .


وسُئل الأوزاعي : ما إكرام الضيف ؟
قال : طلاقة الوجه ، وطيب الكلام .

وإني لطلق الوجه للمبتغي القِرى = وإن فنائي للقرى لرحيب
أضاحك ضيفي عند إنزال رحله = فيخصب عندي والمحل جديب
وما الخصب للأضياف أن يُكثر القِرى = ولكنما وجه الكريم خصيب
وقد جعل ابن القيم رحمه الله طيب الكلام وانتقاءه من الأسباب الجالبة للمحبة والموجبة لها
فعدّ من تلك الأسباب :
مجالسة المحبين الصادقين والتقاط أطايب ثمرات كلامهم كما ينتقى أطايب الثمر . اهـ .


وختاماً :
هل أنت ممن ينتقي الكلام أم تُطلق لِلسانك العنان ؟



 


الرد باقتباس
قديم 03-15-2014, 09:09 PM   #9


المرشح غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2437
 تاريخ التسجيل :  Feb 2014
 أخر زيارة : 03-20-2014 (08:37 PM)
 المشاركات : 403 [ + ]
 تقييم العضوية :  10
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
الإفتراضي رد : مقالات وفوئد



الإشـاعـة بضاعة شيطانية - كما سيأتي -
وكنت كتبت موضوعاً عن الإشاعة
فرأيت إدراجه هنا على حلقات .

تعريف الإشاعة :
قال ابن منظور في لسان العرب : شاعت القطرة من اللبن في الماء و تشيّعت تفرقت ... وشيع فيه أي تفرق فيه ، وأشاع ببوله إشاعة حذف به وفرّقه ، وأشاعت الناقة ببولها واشتاعت وأوزغت وأزغلت كل هذا أرسلته متفرّقا ورمته رمياً وقطعته ، ولا يكون ذلك إلا إذا ضربها الفحل . قال الأصمعي : يُقال لما انتشر من أبوال الإبل إذا ضربها الفحل فأشاعت ببولها : شاع . انتهى كلامه .

وقال في مادة ( نمم ) : النمّ : التوريش والإغراء ورفع الحديث على وجه الإشاعة والإفساد .

ويكفي في ذم الإشاعة أنها مأخوذة من هذا الأمر !

إذاً فالإشاعة هي نقل الكلام من غير تثبّت وبثّـه وتفريقه دون ضابط أو قيد .

والإرجاف نوع من أنواع الإشاعات :
قال عز وجل : ( لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلا قَلِيلاً )
وربما تسبب الإرجاف والشائعات في هزيمة الجيوش .

دوافع الإشاعة :
يدفع مُروّجي الإشاعات عدّة دوافع ، أرى أنها تتخلص في :
1 - تحسين القبيح ، وتغيير الحقائق .
2 - تنفير الناس من المصلحين ، وذلك بتشويه سمعة الصالحين ، والطعن في طُهر الطاهرين .
3 - إسقاط رموز الأمة .
4 - خذلان الجيوش ، وفتّ عضد الأمة .
5 - التساوي في السقوط في الرذيلة !
6 - إزجاء المجالس بالأحاديث الغريبة التي لم يسمع بها أحد !

تاريخ الإشاعة :
يُعدّ أول من روّج الإشاعات الكاذبة تحت مُسميات برّاقة ، وتغطيتها بستور شفافة ، وبتغيير المُسمّيَات لتحسين القبيح – يُعد أول من فعل ذلك – إبليس !
تأمل كيف دخل إبليس على آدم وزوجه ؟
( فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ * فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ )

من أين أتى إبليس ؟ ومن أين دخـل عليهما ؟
من باب تُحبه النفوس .
من باب الخلد في الدنيا والملك فيها .
ومِن باب تغيير المسمّيات وتبديل الحقائق والترويج لبضاعته عن طريق تلميع ما يدعو إليه !
بل أقسم وحَلَف انه لا يُريد إلا الخير ، وأنه من الناصحين !
وتغيير الأسماء لا يُغيّر المُسمّيات ، ولا يُبدّل الحقائق .

كما أن هذا الفعل مُتضمّن لما أشرت إليه سابقاً من أسباب الإشاعة ، وهو : التساوي في السقوط في الرذيلة .
فإبليس لم يُرِد أن يتفرّد بالشقاوة ، ولا يكون وحيداً في المعصية ، فروّج لما يُريد حتى كان له ما أراد لكنه لم يلبث أن قطع آدم عليه الصلاة والسلام عليه الطريق !
ومن هذا الباب إشاعة الفاحشة في المؤمنين والمؤمنات .
ومن هنا قال عثمان رضي الله عنه : ودّت الزانية لو أن النساء كلهن زنين !
فربما حملت لواء الإشاعة من سقطت في أوحال الرذيلة ، فأشاعت عن بعض المؤمنين أو المؤمنات أنهم قد سقطوا في أوحال الرذيلة .
ومن هنا جاء النهي عن
" قذف المحصنات المؤمنات الغافلات " وعُـدّ من السبع الموبقات كما في الصحيحين .

ثم تَبِع إبليس على ذلك مَنْ سار على دربه واقتفى أثره !
فأشاع من مُجرمي الأمم ما أشاعوه ضد أنبياء الله وأوليائه ، وما ذلك إلا لتنفير الناس منهم ومِن قبول دعوتهم .
أشاعوا أن الأنبياء سُفهاء ! وأنهم سَحَرَة ، وأنهم كَذَبَة ... إلى غير ذلك مما هو معلوم .
فقد قال الملأ من قوم نوح لِنوح عليه الصلاة والسلام :
( إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ )
وقالت عادٌ لنبي الله هود عليه الصلاة والسلام :
( إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ )
وهذا يوسف عليه الصلاة والسلام يتعرّض لحملة إعلامية مُغرِضة !
تقول امرأة العزيز : (
مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) فيُظهر الله براءته ولكنه يُسجن ، ثم تثور حملة إعلامية أخرى على امرأة العزيز ليُظهر الله براءته مرة أخرى أمام المجتمع الذي ثارت فيه تلك الشائعة !
( وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ )
فتُريد أن تُفنّد ما أُشيع حولها ، وتُعذر من نفسها ، وتُبيّن ما حملها على ذلك ، فتردّ الشائعة بمكر ودهاء ! وتؤكد إشرارها على مطلبها ، وإن كان غير شرعياً !
( فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَـذَا بَشَرًا إِنْ هَـذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ * قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ )

وهكذا تعرّض الأنبياء عليهم الصلاة والسلام إلى مَن يُروّج ضدّهم الإشاعات ويتقوّل عليهم الأقاويل .

ولليهود نصيب من ذلك ! بل لهم النصيب الأكبر ، فما مِن نبيّ إلا وأشاعوا عليه ما أشاعوه ، من اتهام له في عرضه أو في دينه أو في أهله .
فقد قالت اليهود عن نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام : إنه آدر ! يعني به عيب في أعضائه التناسلية .
روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : كانت بنو إسرائيل يغتسلون عراة ينظر بعضهم إلى بعض ، وكان موسى يغتسل وحده ، فقالوا : والله ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إلا أنه آدر ! فذهب مرة يغتسل فوضع ثوبه على حجر ، ففرّ الحجر بثوبه ، فخرج موسى في إثره يقول : ثوبي يا حجر ، حتى نظرت بنو إسرائيل إلى موسى ، فقالوا : والله ما بموسى من بأس ، وأخذ ثوبه ، فطفق بالحجر ضرباً . فقال أبو هريرة : والله إنه لندب بالحجر ستة أو سبعة ضربا بالحجر .
وفي رواية : ونزلتْ
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا )
وأما نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام فتعرّض للشائعات من قومه ، ومن أعدائه !
فهذا مثال لما تعرّض له من شائعات من قِبل قومه
وإليك مثال لما تعرض له من شائعات مِن قبل أعدائه
( وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ )
حتى قيل في الأمثال : صار فرعون واعظاً !

واليهود قد ألصقوا التهم ، وروّجوا الشائعات ضد مريم عليها السلام .
تأمل ما حكاه الله عز وجل عن بني إسرائيل
( قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا * يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا )
فأظهر الله براءتها وردّ عنها وأسُكتت الشائعات وأُظهرت الحقيقة .
ولا غرو أن يكونوا كذلك ، فهم قَتَلَة الأنبياء !
بل هم من قالوا عن الله عز وجل ما قالوه ، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً .

هذه إشارات لتاريخ الإشاعة .
ثم صارت الإشاعة عِلماً يُدرّس ، وسلاحاً يُستخدم في الحروب ، وذلك لسرعة انتشاره ، وقوة تأثيره .

آثار الإشاعة :
عندما تثور الشائعات فإنها تُخلّف وراءها آثاراً ربما تكون مُدمّرة ، وربما تكون آثاراً سيئة يبقى أثرها في الناس وعلى الناس .

فمن آثارها :
1- تحطيم معنويات الجيوش ، وهذا يكون في الحروب خاصة .
ولذا أشاع المشركون مقتل النبي صلى الله عليه وسلم يوم أُحد للفتّ في عضد وعزيمة الجيش المسلم .
ففي يوم أُحد انتهى أنس بن النضر - عم أنس بن مالك - إلى عمر وطلحة بن عبيد الله في رجال من المهاجرين والأنصار وقد ألقوا بأيديهم ، فقال :ما يجلسكم ؟ قالوا : قد قُتل محمد رسول الله .
قال : فما تصنعون بالحياة بعده ؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله ، واستقبل القوم فقاتل حتى قُتل .
2- الصد عن سبيل الله
ولذا حرص المشركون على إشاعة الشائعات والأكاذيب ضد نبي الله صلى الله عليه وسلم ، وما ذلك إلا للصدّ عن سبيل الله وعن دينه .
فقد كانوا يقولون عنه : إنه ساحر .. كاهن .. شاعر ... إلى غير ذلك من الأكاذيب التي يُروّجونها بين الناس .
قال الطفيل بن عمرو : كنت رجلا شاعراً سيداً في قومي ، فقدمت مكة فمشيت إلى رجالات قريش ، فقالوا : إنك امرؤ شاعر سيد ، وإنا قد خشينا أن يلقاك هذا الرجل فيصيبك ببعض حديثه فإنما حديثه كالسحر فاحذره أن يدخل عليك وعلى قومك ما أدخل علينا ، فإنه فرّق بين المرء وأخيه وبين المرء وزوجته وبين المرء وابنه ، فو الله ما زالوا يحدثوني شأنه وينهوني أن أسمع منه حتى قلت : والله لا أدخل المسجد إلا وأنا سادّ أذني . قال : فعمدت إلى أذني فحشوتها كرسفاً ( قطناً ) ، ثم غدوت إلى المسجد فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم قائما في المسجد ، فقمت قريبا منه وأبى الله إلا أن يسمعني بعض قوله ، فقلت في نفسي : والله إن هذا للعجز ، وإني امرؤ ثبت ما تخفى علي الأمور حسنها وقبيحها ، والله لأتسمعن منه ، فإن كان أمره رشداً أخذت منه ، وإلا اجتنبته ، فنزعت الكرسفة ، فلم أسمع قط كلاماً أحسن من كلام يتكلم به ، فقلت : يا سبحان الله ! ما سمعت كاليوم لفظاً أحسن ولا أجمل منه ، فلما انصرف تبعته فدخلت معه بيته ، فقلت : يا محمد إن قومك جاؤوني فقالوا لي كذا وكذا ، فأخبرته بما قالوا ، وقد أبى الله إلا أن أسمعني منك ما تقول ، وقد وقع في نفسي أنه حق ، فاعرض عليّ دينك ، فعرض علي الإسلام فأسلمت . ثم ذكر بقية قصته .
ومن آثار الإشاعة :
3- الطعن في طُهر الصالحين ، ونقاء المصلحين ، والخوض في أعراض عباد الله بغير بيّنة .
ومن هنا استغل المنافقون تخلّف عائشة رضي الله عنها عن الجيش فطعنوا في عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد أظهر الله براءة عائشة رضي الله عنها بوحي يُتلى إلى يوم القيامة .
فما بال أقوام يخوضون في عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ويطعنون به ؟ بل ويُرددون ما ردده أجدادهم رغم براءة عائشة رضي الله عنها بنصّ كتاب الله عز وجل .
ويتعرّض الـمُصلحون على مرّ التاريخ لشيء من ذلك ، فإنهم إذا أمروا ونهوا أصلح الله بهم ، وربما قطعوا على أقوام شهواتهم ، فلجئوا إلى تشويه سمعتهم ، والطعن في أعراضهم ، وإشاعة الشائعات ضدهم .
ويُقصد من ذلك :
4- إسقاط رموز الأمة ، فلا تثق الأمة بعلمائها ، ولا تصدر عنهم .
وكان أحد المنافقين في بعض المجالس فأخذ يطعن في عرض أحد العلماء المعاصرين ، بل اتهمه أنه أرسل إحدى بناته لتدرس في بلاد الغرب ، وزعم أنه رآها لوحدها هناك !
وكان في المجلس أحد الشيوخ الذين يعرفون ذلك العالم ، فسأله : أمتأكد مما تقول ؟
فرد جازماً : نعم . أنا رأيتها بنفسي !
فرد عليه الشيخ قائلاً للحاضرين : اشهدوا على كذب هذا الرجل ! الشيخ فلان – الذي يتحدث هذا عنه – رجل عقيم !!
فبُهت الذي أشاع الإشاعة !
ومن آثارها :
5- ما يترتب على إثارة الإشاعة من الطعن في أعراض عباد الله
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : من قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال . رواه أبو داود .
وقد أدّب الله المؤمنين في مقابل الخوض في حديث الإفك فقال سبحانه وتعالى :
( لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ )

موقف الإسلام من الإشاعة :
يرفض الإسلام الإشاعة لما لها من آثار سيئة بين المسلمين ، ويُرخّص فيها في الحرب خذلانا للعدو
قال نعيم بن مسعود الأشجعي رضي الله عنه قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق : خذّل عنا ، فإن الحرب خدعة .
والإشاعات مرفوضة ممجوجة .
وقد عاب الله عز وجل على من يُطيّر الأخبار دون توثيق أو تأكد فقال سبحانه وتعالى :
( وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً )

وأمر الله عز وجل بالتأكد من الخبر فقال :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ )

وقال عليه الصلاة والسلام : بئس مطية الرجل : زعموا . رواه الإمام أحمد وأبو داود .

كيف يتم التصدي للإشاعة بأسلوب حكيم :
يتم التصدّي للإشاعة بعدة طرق :
1 – توضيح الحقائق وتجليتها للناس .
2 – عدم ترك مجال لإثارة الإشاعة ، ومن هذا الباب قوله عليه الصلاة والسلام لرجلين من الأنصار وقد مرّا به ومعه صلى الله عليه وسلم صفية رضي الله عنها فقال : على رسلكما إنما هي صفية بنت حيي . فقالا : سبحان الله يا رسول الله ، وكـبُر عليهما ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن الشيطان يبلغ من الإنسان مبلغ الدم ، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا . رواه البخاري ومسلم .
3 – الابتعاد عن مواطن التّهم .
قال عمر رضي الله عنه : من تعرّض للتهمة فلا يلومن من أساء به الظن .

4 - إحسان الظن بالمسلمين ، والتماس الأعذار لهم .
5 – زيادة الوعي والتحذير من الخوض في أعراض عباد الله .
6 – عدم الالتفات إلى الشائعات ، خاصة إذا كانت من باب التخويف بالذين من دون الله عز وجل .
فقد قال سبحانه وتعالى :
( الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ * إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ )

فلما لم يلتفتوا إليها بل اعتصموا بالله وتوكّلوا عليه كفاهم الله عز وجل شرّ القوم .

وينبغي أن يُعلم أن الإشاعات باقية إلى قيام الساعة !

فقد جاء في أخبار آخر الزمان ذِكر فتح القسطنطينية قال عليه الصلاة والسلام :
فبينما هم يقتسمون الغنائم قد علّقوا سيوفهم بالزيتون ، إذ صاح فيهم الشيطان : إن المسيح قد خلفكم في أهليكم ، فيخرجون ، وذلك باطل . رواه مسلم .
وهذا يدلّ على أن الإشاعة بضاعة شيطانية ، منه بدأت وإليه تعود !
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين



 


الرد باقتباس
قديم 03-15-2014, 09:09 PM   #10


المرشح غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2437
 تاريخ التسجيل :  Feb 2014
 أخر زيارة : 03-20-2014 (08:37 PM)
 المشاركات : 403 [ + ]
 تقييم العضوية :  10
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
الإفتراضي رد : مقالات وفوئد



الإشـاعـة بضاعة شيطانية - كما سيأتي -
وكنت كتبت موضوعاً عن الإشاعة
فرأيت إدراجه هنا على حلقات .

تعريف الإشاعة :
قال ابن منظور في لسان العرب : شاعت القطرة من اللبن في الماء و تشيّعت تفرقت ... وشيع فيه أي تفرق فيه ، وأشاع ببوله إشاعة حذف به وفرّقه ، وأشاعت الناقة ببولها واشتاعت وأوزغت وأزغلت كل هذا أرسلته متفرّقا ورمته رمياً وقطعته ، ولا يكون ذلك إلا إذا ضربها الفحل . قال الأصمعي : يُقال لما انتشر من أبوال الإبل إذا ضربها الفحل فأشاعت ببولها : شاع . انتهى كلامه .

وقال في مادة ( نمم ) : النمّ : التوريش والإغراء ورفع الحديث على وجه الإشاعة والإفساد .

ويكفي في ذم الإشاعة أنها مأخوذة من هذا الأمر !

إذاً فالإشاعة هي نقل الكلام من غير تثبّت وبثّـه وتفريقه دون ضابط أو قيد .

والإرجاف نوع من أنواع الإشاعات :
قال عز وجل : ( لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلا قَلِيلاً )
وربما تسبب الإرجاف والشائعات في هزيمة الجيوش .

دوافع الإشاعة :
يدفع مُروّجي الإشاعات عدّة دوافع ، أرى أنها تتخلص في :
1 - تحسين القبيح ، وتغيير الحقائق .
2 - تنفير الناس من المصلحين ، وذلك بتشويه سمعة الصالحين ، والطعن في طُهر الطاهرين .
3 - إسقاط رموز الأمة .
4 - خذلان الجيوش ، وفتّ عضد الأمة .
5 - التساوي في السقوط في الرذيلة !
6 - إزجاء المجالس بالأحاديث الغريبة التي لم يسمع بها أحد !

تاريخ الإشاعة :
يُعدّ أول من روّج الإشاعات الكاذبة تحت مُسميات برّاقة ، وتغطيتها بستور شفافة ، وبتغيير المُسمّيَات لتحسين القبيح – يُعد أول من فعل ذلك – إبليس !
تأمل كيف دخل إبليس على آدم وزوجه ؟
( فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ * فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ )

من أين أتى إبليس ؟ ومن أين دخـل عليهما ؟
من باب تُحبه النفوس .
من باب الخلد في الدنيا والملك فيها .
ومِن باب تغيير المسمّيات وتبديل الحقائق والترويج لبضاعته عن طريق تلميع ما يدعو إليه !
بل أقسم وحَلَف انه لا يُريد إلا الخير ، وأنه من الناصحين !
وتغيير الأسماء لا يُغيّر المُسمّيات ، ولا يُبدّل الحقائق .

كما أن هذا الفعل مُتضمّن لما أشرت إليه سابقاً من أسباب الإشاعة ، وهو : التساوي في السقوط في الرذيلة .
فإبليس لم يُرِد أن يتفرّد بالشقاوة ، ولا يكون وحيداً في المعصية ، فروّج لما يُريد حتى كان له ما أراد لكنه لم يلبث أن قطع آدم عليه الصلاة والسلام عليه الطريق !
ومن هذا الباب إشاعة الفاحشة في المؤمنين والمؤمنات .
ومن هنا قال عثمان رضي الله عنه : ودّت الزانية لو أن النساء كلهن زنين !
فربما حملت لواء الإشاعة من سقطت في أوحال الرذيلة ، فأشاعت عن بعض المؤمنين أو المؤمنات أنهم قد سقطوا في أوحال الرذيلة .
ومن هنا جاء النهي عن " قذف المحصنات المؤمنات الغافلات " وعُـدّ من السبع الموبقات كما في الصحيحين .

ثم تَبِع إبليس على ذلك مَنْ سار على دربه واقتفى أثره !
فأشاع من مُجرمي الأمم ما أشاعوه ضد أنبياء الله وأوليائه ، وما ذلك إلا لتنفير الناس منهم ومِن قبول دعوتهم .
أشاعوا أن الأنبياء سُفهاء ! وأنهم سَحَرَة ، وأنهم كَذَبَة ... إلى غير ذلك مما هو معلوم .
فقد قال الملأ من قوم نوح لِنوح عليه الصلاة والسلام : ( إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ )
وقالت عادٌ لنبي الله هود عليه الصلاة والسلام : ( إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ )
وهذا يوسف عليه الصلاة والسلام يتعرّض لحملة إعلامية مُغرِضة !
تقول امرأة العزيز : ( مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) فيُظهر الله براءته ولكنه يُسجن ، ثم تثور حملة إعلامية أخرى على امرأة العزيز ليُظهر الله براءته مرة أخرى أمام المجتمع الذي ثارت فيه تلك الشائعة !
( وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ )
فتُريد أن تُفنّد ما أُشيع حولها ، وتُعذر من نفسها ، وتُبيّن ما حملها على ذلك ، فتردّ الشائعة بمكر ودهاء ! وتؤكد إشرارها على مطلبها ، وإن كان غير شرعياً !
( فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَـذَا بَشَرًا إِنْ هَـذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ * قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ )

وهكذا تعرّض الأنبياء عليهم الصلاة والسلام إلى مَن يُروّج ضدّهم الإشاعات ويتقوّل عليهم الأقاويل .
ولليهود نصيب من ذلك ! بل لهم النصيب الأكبر ، فما مِن نبيّ إلا وأشاعوا عليه ما أشاعوه ، من اتهام له في عرضه أو في دينه أو في أهله .
فقد قالت اليهود عن نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام : إنه آدر ! يعني به عيب في أعضائه التناسلية .
روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : كانت بنو إسرائيل يغتسلون عراة ينظر بعضهم إلى بعض ، وكان موسى يغتسل وحده ، فقالوا : والله ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إلا أنه آدر ! فذهب مرة يغتسل فوضع ثوبه على حجر ، ففرّ الحجر بثوبه ، فخرج موسى في إثره يقول : ثوبي يا حجر ، حتى نظرت بنو إسرائيل إلى موسى ، فقالوا : والله ما بموسى من بأس ، وأخذ ثوبه ، فطفق بالحجر ضرباً . فقال أبو هريرة : والله إنه لندب بالحجر ستة أو سبعة ضربا بالحجر .
وفي رواية : ونزلتْ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا )
وأما نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام فتعرّض للشائعات من قومه ، ومن أعدائه !
فهذا مثال لما تعرّض له من شائعات من قِبل قومه
وإليك مثال لما تعرض له من شائعات مِن قبل أعدائه
( وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ )
حتى قيل في الأمثال : صار فرعون واعظاً !

واليهود قد ألصقوا التهم ، وروّجوا الشائعات ضد مريم عليها السلام .
تأمل ما حكاه الله عز وجل عن بني إسرائيل ( قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا * يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا )
فأظهر الله براءتها وردّ عنها وأسُكتت الشائعات وأُظهرت الحقيقة .
ولا غرو أن يكونوا كذلك ، فهم قَتَلَة الأنبياء !
بل هم من قالوا عن الله عز وجل ما قالوه ، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً .

هذه إشارات لتاريخ الإشاعة .
ثم صارت الإشاعة عِلماً يُدرّس ، وسلاحاً يُستخدم في الحروب ، وذلك لسرعة انتشاره ، وقوة تأثيره .

آثار الإشاعة :
عندما تثور الشائعات فإنها تُخلّف وراءها آثاراً ربما تكون مُدمّرة ، وربما تكون آثاراً سيئة يبقى أثرها في الناس وعلى الناس .

فمن آثارها :
1- تحطيم معنويات الجيوش ، وهذا يكون في الحروب خاصة .
ولذا أشاع المشركون مقتل النبي صلى الله عليه وسلم يوم أُحد للفتّ في عضد وعزيمة الجيش المسلم .
ففي يوم أُحد انتهى أنس بن النضر - عم أنس بن مالك - إلى عمر وطلحة بن عبيد الله في رجال من المهاجرين والأنصار وقد ألقوا بأيديهم ، فقال :ما يجلسكم ؟ قالوا : قد قُتل محمد رسول الله .
قال : فما تصنعون بالحياة بعده ؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله ، واستقبل القوم فقاتل حتى قُتل .
2- الصد عن سبيل الله
ولذا حرص المشركون على إشاعة الشائعات والأكاذيب ضد نبي الله صلى الله عليه وسلم ، وما ذلك إلا للصدّ عن سبيل الله وعن دينه .
فقد كانوا يقولون عنه : إنه ساحر .. كاهن .. شاعر ... إلى غير ذلك من الأكاذيب التي يُروّجونها بين الناس .
قال الطفيل بن عمرو : كنت رجلا شاعراً سيداً في قومي ، فقدمت مكة فمشيت إلى رجالات قريش ، فقالوا : إنك امرؤ شاعر سيد ، وإنا قد خشينا أن يلقاك هذا الرجل فيصيبك ببعض حديثه فإنما حديثه كالسحر فاحذره أن يدخل عليك وعلى قومك ما أدخل علينا ، فإنه فرّق بين المرء وأخيه وبين المرء وزوجته وبين المرء وابنه ، فو الله ما زالوا يحدثوني شأنه وينهوني أن أسمع منه حتى قلت : والله لا أدخل المسجد إلا وأنا سادّ أذني . قال : فعمدت إلى أذني فحشوتها كرسفاً ( قطناً ) ، ثم غدوت إلى المسجد فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم قائما في المسجد ، فقمت قريبا منه وأبى الله إلا أن يسمعني بعض قوله ، فقلت في نفسي : والله إن هذا للعجز ، وإني امرؤ ثبت ما تخفى علي الأمور حسنها وقبيحها ، والله لأتسمعن منه ، فإن كان أمره رشداً أخذت منه ، وإلا اجتنبته ، فنزعت الكرسفة ، فلم أسمع قط كلاماً أحسن من كلام يتكلم به ، فقلت : يا سبحان الله ! ما سمعت كاليوم لفظاً أحسن ولا أجمل منه ، فلما انصرف تبعته فدخلت معه بيته ، فقلت : يا محمد إن قومك جاؤوني فقالوا لي كذا وكذا ، فأخبرته بما قالوا ، وقد أبى الله إلا أن أسمعني منك ما تقول ، وقد وقع في نفسي أنه حق ، فاعرض عليّ دينك ، فعرض علي الإسلام فأسلمت . ثم ذكر بقية قصته .
ومن آثار الإشاعة :
3- الطعن في طُهر الصالحين ، ونقاء المصلحين ، والخوض في أعراض عباد الله بغير بيّنة .
ومن هنا استغل المنافقون تخلّف عائشة رضي الله عنها عن الجيش فطعنوا في عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد أظهر الله براءة عائشة رضي الله عنها بوحي يُتلى إلى يوم القيامة .
فما بال أقوام يخوضون في عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ويطعنون به ؟ بل ويُرددون ما ردده أجدادهم رغم براءة عائشة رضي الله عنها بنصّ كتاب الله عز وجل .
ويتعرّض الـمُصلحون على مرّ التاريخ لشيء من ذلك ، فإنهم إذا أمروا ونهوا أصلح الله بهم ، وربما قطعوا على أقوام شهواتهم ، فلجئوا إلى تشويه سمعتهم ، والطعن في أعراضهم ، وإشاعة الشائعات ضدهم .
ويُقصد من ذلك :
4- إسقاط رموز الأمة ، فلا تثق الأمة بعلمائها ، ولا تصدر عنهم .
وكان أحد المنافقين في بعض المجالس فأخذ يطعن في عرض أحد العلماء المعاصرين ، بل اتهمه أنه أرسل إحدى بناته لتدرس في بلاد الغرب ، وزعم أنه رآها لوحدها هناك !
وكان في المجلس أحد الشيوخ الذين يعرفون ذلك العالم ، فسأله : أمتأكد مما تقول ؟
فرد جازماً : نعم . أنا رأيتها بنفسي !
فرد عليه الشيخ قائلاً للحاضرين : اشهدوا على كذب هذا الرجل ! الشيخ فلان – الذي يتحدث هذا عنه – رجل عقيم !!
فبُهت الذي أشاع الإشاعة !
ومن آثارها :
5- ما يترتب على إثارة الإشاعة من الطعن في أعراض عباد الله
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : من قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال . رواه أبو داود .
وقد أدّب الله المؤمنين في مقابل الخوض في حديث الإفك فقال سبحانه وتعالى : ( لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ )

موقف الإسلام من الإشاعة :
يرفض الإسلام الإشاعة لما لها من آثار سيئة بين المسلمين ، ويُرخّص فيها في الحرب خذلانا للعدو
قال نعيم بن مسعود الأشجعي رضي الله عنه قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق : خذّل عنا ، فإن الحرب خدعة .
والإشاعات مرفوضة ممجوجة .
وقد عاب الله عز وجل على من يُطيّر الأخبار دون توثيق أو تأكد فقال سبحانه وتعالى : ( وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً )

وأمر الله عز وجل بالتأكد من الخبر فقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ )

وقال عليه الصلاة والسلام : بئس مطية الرجل : زعموا . رواه الإمام أحمد وأبو داود .

كيف يتم التصدي للإشاعة بأسلوب حكيم :
يتم التصدّي للإشاعة بعدة طرق :
1 – توضيح الحقائق وتجليتها للناس .
2 – عدم ترك مجال لإثارة الإشاعة ، ومن هذا الباب قوله عليه الصلاة والسلام لرجلين من الأنصار وقد مرّا به ومعه صلى الله عليه وسلم صفية رضي الله عنها فقال : على رسلكما إنما هي صفية بنت حيي . فقالا : سبحان الله يا رسول الله ، وكـبُر عليهما ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن الشيطان يبلغ من الإنسان مبلغ الدم ، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا . رواه البخاري ومسلم .
3 – الابتعاد عن مواطن التّهم .
قال عمر رضي الله عنه : من تعرّض للتهمة فلا يلومن من أساء به الظن .
4 - إحسان الظن بالمسلمين ، والتماس الأعذار لهم .
5 – زيادة الوعي والتحذير من الخوض في أعراض عباد الله .
6 – عدم الالتفات إلى الشائعات ، خاصة إذا كانت من باب التخويف بالذين من دون الله عز وجل .
فقد قال سبحانه وتعالى : ( الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ * إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ )

فلما لم يلتفتوا إليها بل اعتصموا بالله وتوكّلوا عليه كفاهم الله عز وجل شرّ القوم .
وينبغي أن يُعلم أن الإشاعات باقية إلى قيام الساعة !

فقد جاء في أخبار آخر الزمان ذِكر فتح القسطنطينية قال عليه الصلاة والسلام : فبينما هم يقتسمون الغنائم قد علّقوا سيوفهم بالزيتون ، إذ صاح فيهم الشيطان : إن المسيح قد خلفكم في أهليكم ، فيخرجون ، وذلك باطل . رواه مسلم .
وهذا يدلّ على أن الإشاعة بضاعة شيطانية ، منه بدأت وإليه تعود !
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين


 


الرد باقتباس
الرد على الموضوع

Bookmarks

الكلمات الدلالية (Tags)
مقالات , وفوئد


Currently Active Users Viewing This Thread: 1 (0 members and 1 guests)
 

قوانين المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML مغلق
Trackbacks are متاح
Pingbacks are متاح
Refbacks are متاح



شات تعب قلبي تعب قلبي شات الرياض شات بنات الرياض شات الغلا الغلا شات الود شات خليجي شات الشله الشله شات حفر الباطن حفر الباطن شات الامارات سعودي انحراف شات دردشة دردشة الرياض شات الخليج سعودي انحراف180 مسوق شات صوتي شات عرب توك دردشة عرب توك عرب توك


جميع الأوقات GMT +3. الساعة الآن 02:02 PM.


.
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
.

Search Engine Friendly URLs by vBSEO