منتدى الآصالةوالتاريخ حريب بيحان
ينتهي : 30-04-2025
عدد مرات النقر : 1,255
عدد  مرات الظهور : 28,062,652

عدد مرات النقر : 4,101
عدد  مرات الظهور : 72,083,009
عدد  مرات الظهور : 67,798,978
قناة حريب بيحان " يوتيوب "
عدد مرات النقر : 2,281
عدد  مرات الظهور : 72,083,811مركز تحميل منتديات حريب بيحان
ينتهي : 19-12-2025
عدد مرات النقر : 3,929
عدد  مرات الظهور : 68,299,738
آخر 10 مشاركات
صـبـــاحكم سكــر // مســـاؤكم ورد معطر (الكاتـب : - المشاركات : 2380 - المشاهدات : 165273 - الوقت: 02:40 AM - التاريخ: 03-29-2024)           »          ورد يومي صفحه من القرآن الكريم (الكاتـب : - المشاركات : 93 - المشاهدات : 794 - الوقت: 06:53 AM - التاريخ: 03-23-2024)           »          شهرمبارك كل عام وأنتم بخير (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 3 - المشاهدات : 44 - الوقت: 04:06 AM - التاريخ: 03-18-2024)           »          تدمير دبابة ميركافا الإسرائيلية (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 2 - المشاهدات : 106 - الوقت: 06:53 AM - التاريخ: 03-17-2024)           »          قراءة في سورة البقرة (الكاتـب : - المشاركات : 0 - المشاهدات : 27 - الوقت: 06:45 AM - التاريخ: 03-17-2024)           »          بقايا الذكريات (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 18 - المشاهدات : 459 - الوقت: 06:13 AM - التاريخ: 03-10-2024)           »          بيت شعر تهديه لمن يعز عليك (( (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 1316 - المشاهدات : 110031 - الوقت: 02:18 AM - التاريخ: 03-04-2024)           »          سجل حضورك بأجمل بيت شعر يروق لك (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 1602 - المشاهدات : 161876 - الوقت: 02:15 AM - التاريخ: 03-04-2024)           »          الحمدلله عدنا والعود أحمد بعد غياب طويل (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 1 - المشاهدات : 74 - الوقت: 04:35 AM - التاريخ: 02-26-2024)           »          التصعيد في المنطقه (الكاتـب : - المشاركات : 0 - المشاهدات : 74 - الوقت: 12:05 PM - التاريخ: 02-24-2024)


الإهداءات




الادب الاندلسي المهاجر


الادب الاندلسي المهاجر

أيعلمُ ما يلقى من الشوقِ لائمه...إذا ما شجته من حبيبٍ معالمه؟! ..... إنه الشاعر الذي ولد هنا على شاطىء البحر الأبيض المتوسط قبل قرون , الشاعر الذي جرى بخطواته الحالمة

الرد على الموضوع
 
LinkBack خيارات الموضوع
قديم 05-12-2012, 12:37 AM   #1


الصورة الشخصية لـ بيحان
بيحان غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2
 تاريخ التسجيل :  Aug 2011
 أخر زيارة : 02-11-2020 (09:01 PM)
 المشاركات : 9,692 [ + ]
 تقييم العضوية :  159
 مشاهدة أوسمتي
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 13 مرة في 13 مشاركة
الإفتراضي الادب الاندلسي المهاجر




أيعلمُ ما يلقى من الشوقِ لائمه...إذا ما شجته من حبيبٍ معالمه؟!
...[url=http://fashion.azyya.com][img]http://up6.up-images.com/up//uploads/images

الشاعر الأديب المهاجر ,الذي فجأه القدر بجراحات وحرمان وفواجع , عمقت لديه الغوص والإبحار الفريد في أغوار الروح وتضاعيف الوجدان ومساريب الشعور الغامض الساحر !!
منى النفس يدني منكم والنوى تُقصي...فكمْ ذا يُطيعُ الدهرُ فيكم وكم يعصي!
شاعر وأديب فتقت الجراحات ذهنه ووعيه على عوالم نفسية مدهشة , وتحليلٍ روحاني لطيف , صور فيه بأسلوبه الفلسفي المشرق : كيف يندفق الشعر ؟, وأي شيء يثير ذلك الشعور ؟, ومالذي يجعل الناس تطرب لأبياتٍ دون أخرى
وكيف تدور المعاني والصور في الخاطر ؟ , وأي الأفكار والمشاعر أزخر عاطفة وأصدق وأبلغ تأثير ؟ , وبالمقابل فأيها أضعف وأوهن , وأولى بألا تنتظم في سياق الشعر وألا تحسب في عداد معاني الشعور ؟
صور في كتاباته ,-بل وفي أبيات كثيرة له- وأبحر شارحاً روح البلاغة بعيداً عن اللفظ الصامت وإيحاءاته القصيرة الظلال , بل مجدفاً غائصاً فيما وراء اللفظ والعبارة والصورة من مهيء ومن مثير وما بعدها من مسيرٍ ومحرك ٍ للإحساس والعقل , ومهيمنٍ على التوجه وموجهٍ للدافع والخيارات والسلوك!..
ومصورٌ ومسهب في تبيان تحركات وتفاعلات الخافق المتلقي لأبيات الشاعر , وكيف يستطيع شاعر تغيير فكر وآراء المتلقين..
وسكبت الفواجع من فيه شعراً سخياً بالعاطفة , رافلاً بالوصف , نابضاً بالصدق اللازب بالشعور !وأبياته في هذا كثيرة ضاع أكثرها ولم تحتفظ لنا المخطوطات والتراجم التي تناولت شعره إلا أبيات مقطوعة من قصائد طوال.

الادب الاندلسي المهاجر images-4aa3463939.jpg..
إنه الشاعر الذي ولد هنا على شاطىء البحر الأبيض المتوسط قبل قرون , الشاعر الذي جرى بخطواته الحالمة على أرض قرطاجنة الأندلس المفقود ..,

[url=http://fashion.azyya.com][img]http://up6.up-images.com/up//uploads/images
الشاعر الذي نشأ في بيت عزٍ ويسارٍ وعلم من أصلٍ أوسي , فيفع غلاماً ملهماً شغوفاً بالعلم حتى قيل أنه أخذ العلم عن ألف شيخ في شتى المعارف شرعية ولغوية ونحوية وأدبية ومنطقية .إنه النحوي الفذ الذي ألف في النحو مؤلفات وصلتنا أسماؤها و الإشارة لبعضها وفقدت مع كنوز أندلسية جمة أزهقتها الهجرة والغربة وتبدل الديار وبقي من نحوياته منظومته الميمية الطويلة في النحو
كما تعرض في أبياتٍ أُخر لنواحٍ بلاغية ونقدية , وعبر في مقطوعات من شعره واصفاً الإيحاء الشعري :
دونكم ماقد تكلفهُ...خاطرٌ يشكو من السأم
من بوادي الشعر هام هوىً..ففؤادي فيه لم يهم
إن رسم الشعر في خلدي..طلل أقوى على القدم
برع في فنون كثيرة فهو الأديب الناقد البلاغي النحوي...
لم من المؤلفات:
شد الزنار –مفقود- ألفه في النحو
قصيدته النحوية : من 1610..مخطوط
التجنيس ..مؤلف بلاغي
والمنهاج ..بلاغي نقدي فلسفي
القوافي.. مؤلف عروضي
رسائل ديوانية
دواوين شعر ..مفقودة

الادب الاندلسي المهاجر images-0ca35f41b6.jpg..
حفظ القرآن صغيراً كبقية أقرانه في قرطاجنة الخضراء التي هي جزء من مرسية الأندلسية, هو الابن الثاني لوالده( محمد بن الحسن الأوسي ) الذي قدم من سرقسطة إلى قرطاجنة وبها استقر حيثُ ولد له بها شاعرنا سنة 608للهجرة وبها نشأ ,وإليها نُسبْ .قضى طفولته وأوائل شبابه في عيشٍ رغيد واستقرارٍ أطاح به وثلمه موت أبيه وهو في العشرين من عمره , ثم حطمه وفجعه سقوط قاعدة المسلمين قرطبة سنة 633ثم توالي سقوط جنوب الأندلس وشرقها في أيدي النصارى , فارتحل مرغماً مفجوعاً كما ارتحل كثيرون من أبناء الأندلس إلى شمال أفريقية!

الادب الاندلسي المهاجر images-48b6f2a1f3.jpg..
فحط أول رحاله مع أخيه الأكبر في المغرب التي لم تكن أحسن حالاً من الأندلس من جهة اضطرابها السياسي , ولم يطل مكثه فيها ,فانتقل منها لتونس واستقر حتى وافاه الأجل سنة 684 .. في وقتٍ كانت الأمة الإسلامية فيه تعاني تصدعاً عنيفاً , وتدهوراً كبيراً في شتى جوانب الحياة السياسية والعلمية , ذلك التصدع الذي جعله كنافخٍ في رماد , بل أديب عالم متمكن بليغ ولكن في عصرٍ لم يكن مهيئاً لاستيعاب بحره , فعاش مؤلفاً منكفئاً على ذاته !,
الادب الاندلسي المهاجر images-c08feb47c2.jpg..
إن من يقف على كتاباته اليوم , ليشعر : أنه كان يكتب لقراء كان يجزم أنه لن يراهم , فثناؤهم واحتفاؤهم بعلمه سيكون كبيراً ولكن....بعدما يطمر الثرى جسده ,وتختطف المنية روحه! ولكنه كبئرٍ مُترعٍ امتلأ علماً وفهماً ففاض في أرضٍ جرداء خالية من البشر!!, عانى كثيراً من الوشاة والحساد الذين أغاظهم تفوق علماء الأندلس المهاجرين وسعة علمهم , فحاصروهم في المكائد والوشاية !حفظت لنا التراجم والمؤلفات التي تعرضت لذكره قصيدته الطويلة المقصورة وهي تربو على ألف بيت !وبالمناسبة فقصائده الطوال تشير لنفسه الطويل في الشعر فتراجم عديدة تشير لقصائد عدة له تزيد على المائة بيت وبعضها المائتين ...!

الادب الاندلسي المهاجر images-e2a30bc071.jpg..
في قصيدته المقصورة عرض لجوانب كبيرة من حياته في قرطاجنة ولمواقف شجية وأخرى باسمة وعرض لارتحاله وفجيعته بسقوط الأندلس ووصف الهول الذي عانوه في لحظاتهم الأخيرة هناك ثم هجرتهم ونزوحهم عن جنان الأندلس والزوابع والعواصف التي زعزعة أفئدتهم في رحلة نزوحهم بحراً وبراً وعرض لأسباب سقوط الأندلس وأشاد بالقواد الصامدين وعرض لمن فقد من أحبته في بوحٍ شجيٍ حار..
والقصيدة إلى كونها مخزناً أدبياً ثراً بالروائع فهي كما قال كثيرٌ من الشراح :تعد وثيقة تاريخية وجغرافية ذكر فيها أسماءشخصيات تاريخية أدبية ,
كما عرض لوديان وأنهار وجبال وجهات صيد وقنص ومعالم وقصور ومساجد وبساتين أغلبها لا يعرف اليوم بالاسم الذي ذكره به!
وقبل أن أطرح على الأسطر بعض أبيات مقصورته لكِ أن تعلمي أن سبب تسميتها المقصورة هو ختام أبياتها بالألف المقصورة...
وقد بدأها بقوله:
للهِ مَا قَدْ هِجْتَ يا يَوْم النَّوَى
على فُؤادي من تباريحِ الجَوى...

طابَت بِه الأَيَّامُ لي حَتَّى لَقَد
ذَكَرتُ فيما قَد خلا عَيشاً حلا

فيا خليليَّ اسقياني أكؤُساً
تُسكِرُ مِن خَمرِ الصِّبَا مَن قَد صَحا

وخليا فكرى يقضى أرباً
من ذكرِ ما قد انقضَى وما خَلا

..وتنسرى الأشجانُ عَن قُلُوبِنا
إذا الظَلامُ عَن سَنا الصُبحِ انسَرَى

ثم وهو يصف رحلات الصيد في أندلسه:
وَنستَثيرُ الصَّيدَ مِن خَمائِلٍ
قَد أَخملت دارِينَ في طِيبِ الشَّذا

كأنما أَرواحُها إذا ارتَمَت
بِزَهرِها مُرتَمياتٌ بِالجُذا

الادب الاندلسي المهاجر images-5f680282ba.jpg..
وفي معرض لحياته في قرطاجنة يقول بوصفٍ مبدعٍ مليء بالمعاني والصور والأخيلة:
وَنَقصُرُ اللحظَ عَلى قَصرٍ بِهِ
أَبقى الزَمَانُ عِبرَةً لِمَن بَقَا

وَكَم إلى القَنطَرَةِ البَيضاءِ قَد
مَشى بنا الأُنسُ رُوَيداً وَرَها

وكَم لَنا بالزَنَقَاتِ وَقفَةٌ
حَيثُ استَدارَ النَهرُ مِنها وَانحنَى

وَقَد تَراءَى الجُرفَانِ مِثلَما
دَنا خَليلٌ مِن خَليلٍ قَد صَفا

رَاما اعتِنَاقاً ثُم لم يُمكِنهُما
فَبَكيا نَهراً لإِخفاقِ المُنَى

نَهرٌ تَلاقى الدَّوحُ والرَّوحُ بِهِ
وَسَبحَ الزَّهرُ عَلَيهِ وَطَفا

يُكسى لجينَ البَدرِ حينَ يَنتَضى
مِن ذَهَبِ الآصَالِ ما كانَ اكتَسَى

يَسجدُ فيهِ البَدرُ لِلّهِ كَما
خَرَّ الكَلِيمُ ساجِداً عِندَ طُوى

وَتَلتَقي الشُهبُ بِهِ تَمَثُّلا
كَما التَقَى وَفَدُ الحَجيجِ بِمِنى

تُسَبِّحُ اللهَ القُلُوبُ عِندَما
تُبصِرُ مَرآهُ العُيُونُ وَتَرَى

مَنازِلٌ لِلحُسنِ تُنسى جِلِّقاً
وَنَهرُها السَّلسالُ يُنسى بَرَدى

يَكادُ يُعشى نُورُها مَنِ اجتَلى
وَيُرعِفُ النَورُ بِها من اجتَنَى

وَيَقطُرُ المَشتى بِقُطرِ جَنَّةٍ
مِن فَحص قُرطاجَنَّةٍ رَحِب الذَّرى

تَسرى الرِّياحُ في ذُراها فَتَرى
أَزهارَها عَلى الرَّياحِينِ ذَرَى

لا تعدم الآذانُ في أَرجائِها
طَيراً ضَغَا مِن فَوقِ سَرحٍ قَد ثَغَا

كَلا ولا يُعدَمُ في كَلائِها
رَامٍ رَأى صَيداً وَثانٍ قد كلى
ومن



ومن أبيات حنينه:
قد مارَسَت نفسي حالي دَهرِها
فَلَم يَدُم سُرُورُها ولا الأسى

وَواصَلَت عَيني الكرى وفارَقَت
في حالَتي إقامَةٍ وَمُنتأى

كم مَوقِفٍ حَمَّلَني ثِقلَ الجَوَى
حَملُ المَهارى فيهِ صِيرانَ المَهَا

قَسَّمتُ ألحاظي وَدَمعي عِندما
تَقَسَّمَت نَفسي النَّواحي والنَّوى

ما بين ظُعنٍ سُطِّرَت جمالُها
وَدِمَنٍ جمالُها قَد امحى

دارٌ سفى مرُّ الأعاصيرِ عَلى
مَرِّ الأعاصيرِ بها ما قد سَفى

....أبياته زاخرة بالبديع الفريد وهو معجب بالمتنبي ومتأثر بطريقته كثيراً
أبحري معه وهو يصف رزح الحنين الذي اعدى به الراحلون رواحلهم فكأنما حملوها من الحسرة المشوبة بالحنين بعضَ ما يحملون!
واستمعي له وهو يصف ثقل الحنين الذي عوى وأمال رؤس الجمال والخيل إلى الوراء حيث الأندلس المفقود بكل ذكرياته ...لتسح الدمع سجوماً على آثار الراحلين!
أعدَت جُسومَ العِيسِ أجسامٌ لهم
قد كدن لا يبصرن من فرط الضوى

وأعدتِ الأنفسَ منها أنفسٌ
منهم فرقت من غرامٍ وهوَى

وأصبحت مما ارتقَت أنفاسُها
أنفسُها بين التراقي واللَّها

عوى الحنينُ رأسَهَا وعاجَهُ
للدارِ فانعاجَ إليها وانعوى

وقد عنا للوجدِ جاري دمعها
فسحَّ من فوق الثرى حتى عَنى

..
يشكو إلى جملي طُولَ السُرى
صَبرٌ جميلٌ فكلانا مبتلى

إني إذا العُيونُ أعدت مُهجتي
فأصبح السقمُ عليها قَد عَدَا

داوَيتُ نُكسَ حالِها بِصِحَّةٍ
مِن عَزمَتي أعيَت على النِّكس الدَوا

فكم سرا عنهُ الهُمومَ من سرا
وكم تداوى مِن هوىً من ادوى

..تمعني في هذين البيتين أشجتني كثيراً برع الشاعر في وصف احتقان الحلق بالعبرات والتناهيد المكبوتة!!!:
ومُسرجٍ على الزَّفيرِ مُشرَجٍ
مُلمَلَمِ الصَّهوَةِ مَلمُومٍ وأى

كأَنَّهُ مُنحَصِرُ الأَنفاسِ مِن
رَبوٍ وإِن لم يَنحصِر ولا ربا

..
إذا انبرى تحتَ ظلامٍ أو ضحىً
زفَّ كما زفَّ الظليمُ وَزَفى

كاد النجاءُ أَن يُزيلَ شخصهُ
عن ظِلِّهِ وجِسمهُ عن النجا

..ثم وهو يصف انشغال خاطره بهمه عن كل مثيرٍ حوله عن البرق والشهب حيث مرت ولم يعرها التفاتاً ولا تتبع مواقع ترديها وسقوطها
بل وهو يصف كيف يسير عانياً بتثاقل المهموم الذي لم يعد عابئاً بطول الطريق المتراخي حتى أنه لتراخي سيره يحاذي سرب قطاً فلا يفزع القطا ولا يشعر به!
كَم مَرَّ بالناظِرِ مَرَّ بارِقٍ
فما درى ناظِرُهُ أينَ رَدَى

وَكَم طَوَى البَيداءَ في تَلَطُّفٍ
فلَم يُثِر سِربَ القَطا لَمَّا قَطَا

مالَكَ يا قلبي في تلكؤٍ
عن العُلا بَينَ وَلُوعٍ وَلَكى

لا تَطَّبِ الدُنيا هَواكَ نَحوَها
بما بِهِ كُلُّ جَهُولٍ يُطَّبَى

دارٌ غَدَت أحوالُها مَعكُوسَةً
فأضحَتِ الأَسواءُ فيها تُشتَهى

غَيري من يرتاحُ أو يَرتاعُ إِن
عَنَّ لَهُ ما يُرتَجى أو يُتَّقى

كَم قَد رأَت عَيناي مِن مَناظِرٍ
تَرُوق أَو تَرُوعُ عَيني مَن رأَى

وَقَلَّبَت قَلبي اللَيالي بَينَ ما
قد لانَ مِن خُطُوبِها وَمَا قَسَا

فَلَم يَطِر لِمُونسٍ مَسَرَّةً
ولم يَطش لموحِشٍ ولا نَزَا

..ومن أبيات الحكمة في مقصورته:
جَرَيتُ في عِنانِ دَهري مِثلَما
كانَ الزَمانُ في عناني قد جرى

ما أحدَثَت حادِثَةٌ لي رَوعَةً
ولا اعتراني جَزَعٌ لما اعترى

قد عَرَفَت دُنياي أنِّي عارِفٌ
وَسَبَرَ الدهرُ اصطباري وَبَلا

لم يَستَمِل نَفسي حِرصٌ مُطَّبٍ
إذا استمالَ النَفسَ حِرصٌ وَاطَّبى

ولي فؤادٌ مُنصِفٌ في حُكمِهِ
مُتَّصِفٌ بالعَدلِ فيما قَد قَضى

كَم دَمَّث الخُلقَ لِمَن في خُلقِهِ
دَماثَةٌ وَكَم جَسَا لِمَن جَسَا

أَحُوطُ خُلصَاني ولا أُقصى وَلا
أَقُولُ حُطني لا ولا حُطني القَصَا

قد وافقَتني أزمُني وخالَفَت
ولانَ لي عِطفُ الليالي وَعَسا

وَلَم تُقَصّر مُهجَتي في الجِدِّ بَل
قَصَّرَ بي جَدٌّ إذا شِئتُ أبي

يا زَمَناً حَفَا المُنَى مِن بَعدِ ما
قَد كانَ والى البرَّ منهُ واحتَفَى

قد بلغَ الحِزامُ طُبيَييهِ وقد
أفرَطَ حَتَّى بَلَغَ السَيلُ الزُبَى

أنأيتَ يا دهرُ المُنى من بَعدما
أدنيتها فما عدا عما بدا

يا هل أني أن أبلُغَ الحَظَّ الَّذي
كَم قُلتُ في تأمِيلِهِ يا هَل أَنَى

أم هَل دَرى عارِفُ وَجدِي أَنَّ ما
لَم يَدرِهِ أكثَرُ مِمَّا قَد دَرَى

أَمَرَّ لي دَهري وَقَد كانَ حَلا
فلَيسَ لي بطائِلٍ مِنهُ حَلى

لَم يَعرِفِ الأَيَّامَ عِرفاني بِهَا
مَن زَجَرَ الطَيرَ وَعافَ وَحَزى

ما يَقظَاتُ العَيشِ إلا حُلُمٌ
ولا مَرائى الدَّهرِ إلا كالرُؤى

وَالعَيشُ طَوراً مُشتَهىً مُستَمَرأٌ
وَتارَةً مُستَوبَلٌ وَمُجتَوَى

وَكَيفَ تَصفُو لامرئٍ مَعِيشَةٌ
وَمَوردُ الدُنيا مَشُوبٌ بالقَذَى

لَم يَخرُجِ المَرءُ بِها لِنِعمَةٍ
وإِنَّما القصدُ بِهِ أن يُبتَلى

وإِنّما الآمالُ فيها صُوَرق
تُخلَعُ أحياناً وَحِيناً تُكتَسى

وَالعَيشُ مَحبُوبٌ إلى كُلِّ امرئٍ
لا فَرقَ بَينَ الشَّيخِ فيهِ والفتَى

والدَّهرُ رامٍ أبداً مُبقٍ لما
أَشوى وإِن أَصمى امرأً فَلا شَوى

وَلَيسَ للإِنسانِ في عيشتِهِ
نَفعٌ إذا صِبغُ الصِبَا عَنهُ نَضَا

إِن هُوَ لَم يقعُد مِنَ الضَعفِ جَثَى
وَهناً وَإِن لَم يَحبُ في المَشي اعتَصَى

وَخَيرُ عَيشِ المَرءِ ما سُرَّ بِهِ
وَمَن يَقُل قَولاً سِوَى هذا هذى

مَنه أقنَعَ الحَظُّ القليلُ نَفسَهُ
أضحى عَنِ الحَظِّ الكَثير ذا غَنى

وإِن أغنى الناسِ عِندي عاقِل
أبدى اقتناعاً بالقليلِ واكتَفى

مَن ابتغى من لم يُقدَّر كَونُهُ
لَهُ فإِن مستحيلاً ما ابتغى

قد يُدرِكُ الحاجة من لم يَسعَ في
طلابها وَقَد تَفُوتُ مَن سَعى

من كان سَعدُ الجَدِّ مِن أعوانِهِ
أظفرَهُ اللَه بأقصى ما رجا

وَمَن يَخُنه الجَدُّ لم يَنهَضِ بِهِ
جِدٌّ ولم يَظفَر بِأدنى ما نَوَى

وخيرُ ما يدخِرُ المَرءُ وَمَا
يُبقيهِ في أعقابهِ طيبُ الثَناء

والحُرُّ للحُرِّ مُعينٌ مُنجدٌ
لهُ على الخَطبِ إذ الخطبُ عَرا

وَكُلُّ من يَستَصعِبُ السَّهلَ فَمَا
يَستَسهِلُ الصَّعبَ إذا أمرٌ عَنَا

مَن يَسمَع الجَفوَةَ في خِلٍّ وَلَم
يَغضَب لَها فإِنَّهُ كَمَن جَفَا

مَن لَيسَ مأمُوناً بِحالِ ضَرِّهِ
فَنَفعُهُ في حالَةٍ لا يُرتَجى

وَالبُعدُ مِمَّن لا يُفِيدُ قُربُهُ
فائِدَةٌ حقيقةٌ أَن تُقتَنى

وَأُلفَةُ الناسِ يَراها وَحشَةً
مَن أَلِفَ الوَحدَةَ عَنهُم وانزَوَى

مَن لم يَكُن مُنتَمِياً للخَيرِ لَم
يُكرَم وَإِن كانَ كَريمَ المُنتَمى

مَن صاحَبَ الإِنسانَ في العُسرِ كَمَا
صاحَبَهُ في يُسرِهِ فَقَد وَفَى

وَمَن يُفارِقهُ إذا ما يُسرُهُ
فارَقَه فَما وَفى ولا رَعى

وَشَرُّ ما يُمتَحَنُ المَرءُ بِهِ
صُحبَةُ مَن لا يَنتَهي عن الأذى

وَما على الإِخوانِ أشجى غُصَّةً
مِن شامِتٍ مُنتقِمٍ إذا اشتفى

وَالحُر بالإِحسان مَملوكٌ وإِن
لَم يَكُ مَملُوكاً بِبَيعٍ وَشِرا

مَن يُرضِ مَخلوقاً بما لا يرتضى
خالِقُهُ فإِنَّهُ شَرُّ الوَرى

وَشَرُّ خَلقِ اللهِ مَن لا يَتَّقى
إِلهه وَيَزدرى أهل التُقَى

مَن لَم يَكُن بِعَقلِهِ مُستَبصراً
فإِنَّما إبصارُهُ مِثلُ العَمَى

وَلَيسَ مَن عشا إلى نارِ الهَدى
كَمِثلِ مَن أعرَضَ عَنها وَعَشا

قد يُحسَبُ النَّصيحُ ذا غِشٍّ وَقَد
يُظَنُّ ذو الغِشِّ نصيحاً وَيُرى

ما أصل فِعلِ المَرءِ إلا رأيُهُ
وليسَ أصلُ رأيِهِ إلا الحِجا

والمَرءُ في أفعالِهِ جارٍ على
ما أوجبَ الطبعُ لهُ وما اقتضى

فاعرف سجايا الناس وافرُق بين مَن
قد لانَ مشنُ عُودهُ ومَن قَسا


ليس الكريمُ راضياً بعيشَةٍ
يعوقُهُ الدهرُ بها عَمَّا ارتضَى

ومَن يَقُل إِنَّ حياةَ المَرءِ في
دارِ الهَوانِ ميتَةٌ فما غلا

ولحذارِ الذُّلِّ أَلقى نفسَهُ
ذُو يَزَن في لُجِّ بَحرٍ قَد طما

وَقَد سَقى أَبُو بَراءٍ نَفسَهُ
كأسَ الحمامِ إذ عَصَاهُ مَن عَصى

وَلَفَّ إذ رامَ الهُوىَّ مِن عَلٍ
ثَوباً عليهِ ابنُ الأَشَجِّ وَهَوَى

مِن بَعدِ ما شَبَّ لَظَى وَقائِعٍ
أَصلى بِها غُلبَ الأُسُودِ واصطَلى

وَظَلَّ بالدَيرِ يُسَاقى أَكؤُساً
بِكُلِّ إِبريقٍ صَقِيلٍ مُمتَهى

وَقَامَ زَيدٌ مِن هِشامٍ مُغضَباً
قَد شَرَّدَ الخَوفُ بِهِ وَقَد زَرَى

جابَ الفَلا مِن وَجَلٍ مُختَفِياً
يَشكُو إذا تَقَرَعُهُ المَروُ الوَجَا

مُبلى عُذرٍ في اعتِزازِ نَفسِهِ
حَتَّى ابتلاهُ رَبَّهُ بِمَا ابتَلى

وَانتَهَجَ المُصعَبُ نَهجَ مَن قَضى
بالطفِّ مِن آلِ النبيِّ وائتَسى

وخاضَ بحرَ الحَربِ وَهوَ مُزبِدٌ
حَتَّى نَعَاهُ للمعالي مَن نَعى

ولَم يَزَل هذا الزَمانُ يُبتلى بِهِ
المُعافي ويُعافي المُبتَلى

فَكَم عَلِمنا مِن مُوَقّىً بَعدَما
كانَ مُلَقَّى كُلَّ ضُرٍّ وَعَنا

وَكَم عَرَفنا مِن مُلقى بَعدَما
كانَ مُوَقَّى كُلَّ هَمٍّ وَأَسى

فَقَد غَدا غيرَ جَبيرٍ عِندَما
هِيضَ أَبو الجبرِ بِسمٍّ مُحتَسى

ثُمَّ امرُؤُ القَيسِ بنُ حُجرٍ بَعدَهُ
قد خلعَ العَيشَ بِسمٍّ مُكتَسى

وانتَفَضَ الجُرحُ بِصَخرٍ فاشتكى
سُقماً طَويلاً مُعيياً من قد أَسا

حَتَّى لقالت عِرسُهُ يا ليتَهُ
مَيتٌ فَيُبكى أَو صَحيحٌ يُرتَجى

وَكادَتِ الخَنساءُ تَقضى نَحبَها
مِن أَسفٍ عليهِ لَمَّا أن قَضى

وأبنتهُ بمراثٍ يحتذى
مثالها أُخرى الليالي مَن رَثى

والدهرُ لا يُبقى على نفسٍ ولا
يُبقى على عِلقٍ نَفيسٍ مُقتَنى

وَفي ادِّكار الحادِثاتِ عِبَرٌ
يُسلى بِها عن مِثلِها وَيُؤتَسى

ما هذهِ الأَعمارُ إلا طُرقٌ
رَواحِلُ الأَجسامِ فيها تُمتَطى

يَستَوحِشُ الإِنسانُ مِن نُقلَتِهِ
مِنها وَيَنأى صَبرُهُ إذا انتأى

وفي انتِقال الرُوحِ عَن جُثمانِهِ
عَن نُقلَةٍ الجِسمِ تعازَو أُسى

مَنِ ابتَغَى المَنجاةَ مِن دُنياهُ لَم
يَبتَغِ مِن عِيشَتِهِ غَيرَ الكُفَى

مَن تُخمِلِ الأَيَّامُ بَعدَ حُظوَةٍ
يَخمُل وَمَن تَحظِهِ دُنياهُ احتَظى

بكل مرارة الحنين للوطن وغصة الغربة والألم تأملي هذه الأبيات التي فيها يقرر أن العز الحق في الوطن ولو كان ذكر المرء فيها خاملاً وأنه مهما علت الحضوة للغريب في غير وطنه فذلك موتٌ وثواء لا مذاق له ولا قيمة في نفس الغريب المكلوم! وقد طعَّمَ ذلك الرأي بشواهد تاريخية لشخصيات حكى التاريخ كيف كان شعور الغربة طاغٍ على أي لحظة أنس أو تأقلم وتعايش:
إِنَّ ثَوَاءَ المَرءِ في أَوطَانِهِ
عِزٌّ وَما الغُربَةُ إلا كالتَّوَى

وَقَلَّما بانَ امرُؤٌ عَن أرضِهِ
إلا وبانَ الصَبرَ عَنهُ ونأى

فقد تشكى ابن مُضاضٍ مَضضاً
مِن شَوقِهِ إلى الحجونِ وَالصَّفا

وكابَدَ الشَوقَ بلالٌ وَبَرى
جُثمانَهُ مِنَ السقامِ ما بَرى

وَظَلَّ مِن شَوقٍ إلى مَجَنَّةٍ
وَشامَةٍ يَشِيمُ إيماضَ المُنى

وَحَنَّ عَمرُو بنُ الوَليدِ إذ نأى
عَن يَثرِبٍ فما صَحا ولا سلا

وبانَ عَن وادي القُرى ابنُ مَعمَرٍ
فَحَنَّ مِن شَوقٍ إلى وادي القُرَى

والجُمَحِيُّ جَمحَ الوَجدُ بِهِ
فَلم يَرع لِسَلوَةٍ ولا ارعَوَى

فَلَم يَطِب بالشَّامِ نَفساً وَطَبا
فُؤادَهُ إلى الحِجازِ ما طَبَا

وَكَم تَمَنَّى وَرَجا أَن يَشتَفى
بشَربَةٍ مِن مائِها فَمَا اشتَفَى

والمَرء يَرجُو والليالي تارَةً
تُدنى وَتنئى تارَةً ما قَد رَجا

..أعلم أني قد غصت في بحر هذا الشاعر فأطلت ولكني مرغمةً دون وعيٍ قد فعلتْ
..لهذا البلاغي الناقد آراء في الشعر والأدب فريدة كالتي زخر بها كتابه منهاج البلغاء وسراج الأدباء لاتفزعي إن فجئك أسلوبه الفلسفي الروحي فهو بيّنٌ بديع
واقعي يصور لك تحركات الشعر وذبذباته التي نشعر بها ولا نراهاوهو أسلوب أبعد ما يكون عن طلاسم الفلاسفة الفارغة و غوغائية الرمزيين!
مازال في الخاطر الكثير, ولكني خشية الإطالة المفرطة مجبرةً سأقف عسى أن يكون فيما سرَّب القلم من المعين ما يروي.
انتصار


hgh]f hghk]gsd hglih[v



 


الرد باقتباس
الرد على الموضوع

Bookmarks

الكلمات الدلالية (Tags)
المهاجر , الادب , الاندلسي


Currently Active Users Viewing This Thread: 1 (0 members and 1 guests)
 
خيارات الموضوع

قوانين المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML مغلق
Trackbacks are متاح
Pingbacks are متاح
Refbacks are متاح


تصميم وتوزيع وتركيب  &الجنوبيه&♥ طموح ديزاين♥


جميع الأوقات GMT +3. الساعة الآن 10:01 AM.


.
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
.

Search Engine Friendly URLs by vBSEO