منتدى الآصالةوالتاريخ حريب بيحان
ينتهي : 30-04-2025
عدد مرات النقر : 1,285
عدد  مرات الظهور : 29,475,631

عدد مرات النقر : 4,131
عدد  مرات الظهور : 73,495,988
عدد  مرات الظهور : 69,211,957
قناة حريب بيحان " يوتيوب "
عدد مرات النقر : 2,312
عدد  مرات الظهور : 73,496,790مركز تحميل منتديات حريب بيحان
ينتهي : 19-12-2025
عدد مرات النقر : 3,951
عدد  مرات الظهور : 69,712,717
آخر 10 مشاركات
صـبـــاحكم سكــر // مســـاؤكم ورد معطر (الكاتـب : - المشاركات : 2387 - المشاهدات : 169941 - الوقت: 07:41 AM - التاريخ: 04-29-2024)           »          تحدي المليوووون رد ،، (الكاتـب : - المشاركات : 2050 - المشاهدات : 123685 - الوقت: 07:27 PM - التاريخ: 04-25-2024)           »          تعزية للاخ يمني بوفاة اخيه (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 6 - المشاهدات : 111 - الوقت: 09:46 PM - التاريخ: 04-22-2024)           »          قراءة في سورة البقرة (الكاتـب : - المشاركات : 2 - المشاهدات : 72 - الوقت: 05:34 AM - التاريخ: 04-20-2024)           »          الاذكار اليوميه في الصباح والمساء (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 542 - المشاهدات : 33781 - الوقت: 08:30 PM - التاريخ: 04-19-2024)           »          عيدكم مبارك ،، (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 1 - المشاهدات : 87 - الوقت: 08:45 AM - التاريخ: 04-10-2024)           »          ماذا ستكتب على جدران (منتديات حريب بيحان) (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 3179 - المشاهدات : 233980 - الوقت: 05:26 PM - التاريخ: 04-08-2024)           »          ورد يومي صفحه من القرآن الكريم (الكاتـب : - المشاركات : 93 - المشاهدات : 1003 - الوقت: 06:53 AM - التاريخ: 03-23-2024)           »          شهرمبارك كل عام وأنتم بخير (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 3 - المشاهدات : 83 - الوقت: 04:06 AM - التاريخ: 03-18-2024)           »          تدمير دبابة ميركافا الإسرائيلية (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 2 - المشاهدات : 144 - الوقت: 06:53 AM - التاريخ: 03-17-2024)


الإهداءات



الاسلام ديننا و حياتنا واحة إسلامية لحصد الحسنات وتكفير السيئات


غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم

واحة إسلامية لحصد الحسنات وتكفير السيئات


غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم

غزوة بدر سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بقافلة قريش قد أقبلت من الشام إلى مكة ، وقد كان يقودها أبا سفيان بن حرب مع رجال لا يزيدون عن

الرد على الموضوع
 
LinkBack خيارات الموضوع
قديم 05-06-2013, 10:31 AM   #1


الصورة الشخصية لـ يمني
يمني غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 767
 تاريخ التسجيل :  Jul 2012
 أخر زيارة : 04-22-2024 (09:46 PM)
 المشاركات : 8,146 [ + ]
 تقييم العضوية :  18584
 مشاهدة أوسمتي
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 847
تم شكره 1,704 مرة في 1,116 مشاركة
الإفتراضي غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم




غزوة بدر

سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بقافلة قريش قد أقبلت من الشام إلى مكة ، وقد كان يقودها أبا سفيان بن حرب مع رجال لا يزيدون عن الأربعين . وقد أراد الرسول عليه الصلاة والسلام الهجوم على القافلة والاستيلاء عليها ردا لما فعله المشركون عندما هاجر المسلمون إلى المدينة ، وقال لأصحابه : " هذه عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليها " .

كان ذلك في الثالث من شهر رمضان في السنة الثانية للهجرة ، وقد بلغ عدد المسلمين ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ، ومعهم فرسان وسبعون بعيرا . وترك الرسول عليه الصلاة والسلام عبد الله بن أم مكتوم واليا على المدينة . لما علم أبو سفيان بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أرسل ضمضم بن عمرو الغفاري إلى أهل مكة يطلب نجدتهم . ولم وصل ضمضم إلى أهل قريش صرخ فيهم قائلا : " يا معشر قريش ، أموالكم مع أبي سفيان عرض لها محمدا وأصحابه لا أرى أن تدركوها " . فثار المشركون ثورة عنيفة ، وتجهزوا بتسعمائة وخمسين رجلا معهم مائة فرس ، وسبعمائة بعير .

جاءت الأخبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قافلة أبي سفيان قد غيرت اتجاه طريقها ، وأنه سيصلها غدا أو بعد غد . فأرسل أبو سفيان لأهل مكة بأن الله قد نجى قافلته ، وأنه لا حاجة للمساعدة . ولكن أبا جهل ثار بغضب وقال : " والله لا نرجع حتى نرد بدرا "

جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه وقال لهم : إن الله أنزل الآية الكريمة التالية : (( و إذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنهما لكم و تودون أنّ غير ذات الشوكة تكون لكم و يريد الله أن يحق الحق بكلماته و يقطع دابر الكافرين ))

فقام المقداد بن الأسود وقال : " امض يا رسول الله لما أمرك ربك ، فوالله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى : (( قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبداً ما داموا ليها فاذهب أنت و ربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ))

ولكن نقول لك : اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون . فأبشر الرسول عليه الصلاة والسلام خيرا ، ثم قال :

" أشيروا علي أيها الناس ( يريد الأنصار ) . " فقام سعد بن معاذ وقال :

" يا رسول الله ، آمنا بك وصدقناك وأعطيناك عهودنا فامض لما أمرك الله ، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد" فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : " أبشروا ، والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم " .

وصل المشركون إلى بدر ونزلوا العدوة القصوى ، أما المسلمون فنزلوا بالعدوة الدنيا . وقام المسلمون ببناء عريش للرسول صلى الله عليه وسلم على ربوة ، وأخذ لسانه يلهج بالدعاء قائلا : " اللهم هذه قريش قد أتت بخيلائها تكذب رسولك ، اللهم فنصرك الذي وعدتني ؟ اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم فلن تعبد في الأرض " . وسقط ردائه صلى الله عليه وسلم عن منكبيه ، فقال له أبو بكر : " يا رسول الله ، إن الله منجز ما وعدك ".

قام المسلمون بردم بئر الماء - بعد أن استولوا عليه وشربوا منه - حتى لا يتمكن المشركون من الشرب منه . وقبل أن تبدأ المعركة ، تقدم ثلاثة من صناديد قريش وهم : عتبة بن ربيعة ، وأخوه شيبة ، وولده الوليد يطلبون من يبارزهم من المسلمين . فتقدم ثلاثة من الأنصار ، فصرخ الصناديد قائلين : " يا محمد ، أخرج إلينا نظراءنا من قومنا من بني عمنا" فقدم الرسول عليه الصلاة والسلام عبيدة بن الحارث ، وحمزة بن عبد المطلب ، وعلي بن أبي طالب . فبارز حمزة شيبة فقتله ، وبارز علي الوليد فقتله ، وبارز عبيدة عتبة فجرحا بعضهما ، فهجم حمزة وعلي على عتبة فقتلاه . واشتدت رحى الحرب ، وحمي الوطيس . ولقد أمد الله المسلمين بالملائكة تقاتل معهم . قال تعالى : (( بلى إن تصبروا و تتقوا و يأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين ))وهكذا انتهت المعركة بنصر المسلمين وهزيمة المشركين ، حيث قتل من المشركين سبعون وأسر منهم سبعون آخرون . أما شهداء المسلمين فكانوا أربعة عشر شهيدا . ولقد رمى المسلمون جثث المشركين في البئر ، أما الأسرى فقد أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف 4000 درهم عن كل أسير امتثالا لمشورة أبي بكر ، أما من كان لا يملك الفداء فقد أعطه عشرة من غلمان المسلمين يعلمهم القراءة والكتابة . وهكذا انتصر المسلمون انتصارا عظيما بإيمانهم على المشركين الذين كفروا بالله ورسوله .


y.,hj hgvs,g wgn hggi ugdi ,sgl wgp



 
  مـواضـيـعـي

آخر تعديل بواسطة عبدالوهاب الفقيه ، 05-07-2013 الساعة 04:23 PM

الرد باقتباس
قديم 05-06-2013, 10:45 PM   #2


الصورة الشخصية لـ يمني
يمني غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 767
 تاريخ التسجيل :  Jul 2012
 أخر زيارة : 04-22-2024 (09:46 PM)
 المشاركات : 8,146 [ + ]
 تقييم العضوية :  18584
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 847
تم شكره 1,704 مرة في 1,116 مشاركة
الإفتراضي



غزوة أحد

شعرت قريش بمرارة الهزيمة التي لقيتها في حربها مع المسلمين في بدر ، وأرادت أن تثأر لهزيمتها ، حيث استعدت لملاقاة المسلمين مرة أخرى ليوم تمحو عنها غبار الهزيمة .

ذهب صفوان بن أمية ، وعكرمة بن أبي جهل ، وعبد الله بن ربيعة إلى أبي سفيان يطلبون منه مال القافلة ليتمكنوا من تجهيز الجيش ، ولقد كان ربح القافلة ما يقارب الخمسين ألف دينار ، فوافق أبو سفيان على قتال المسلمين ، وراحوا يبعثون المحرضين إلى القبائل لتحريض الرجال .

اجتمع من قريش ثلاثة آلاف مقاتل مستصحبين بنساء يحضن الرجال عند حمي الوطيس .

وخرج الجيش حتى بلغ مكان ( ذو الحليفة ) قريبا من أحد .

سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم تقدم المشركين إليهم فاستشار أصحابه ، فقال الشيوخ : نقاتل هنا ، وقال الرجال : نخرج للقائهم . فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم برأي الرجال . لبس النبي صلى الله عليه وسلم حربته وخرج يريد لقاء المشركين ، فخرج من المدينة ألف رجل ، انسحب عبد الله بن أبي المنافق بثلث الجيش قائلا : ما ندري علام نقتل أنفسنا ؟

عسكر المسلمون عند جبل أحد ، ووضع الرسول عليه الصلاة والسلام خطة محكمة ، وهي أنه وضع خمسين رجلا على الجبل قادهم عبد الله بن جبير ، وأمرهم الرسول عليه الصلاة والسلام بعدم التحرك سواء في الفوز أو الخسارة .

وبدأت المعركة ، وقاتل حمزة بن عبد المطلب قتال الأبطال الموحشين ، وكاد جبير بن مطعم قد وعد غلامه وحشيا أن يعتقه إن هو قتل حمزة . يقول وحشي :

خرجت أنظر حمزة أتربصه حتى رأيته كأنه الجمل الأورق يهد الناس بسيفه هدا ، فهززت حربتي ، حتى إذا رضيت عنها دفعتها إليه فوقعت في أحشائه حتى خرجت من بين رجليه ، وتركته وإياها حتى مات . لقد كان استشهاد حمزة نكبة عظيمة على المسلمين ، إلا إنهم قاوموا وصمدوا أمام قتال المشركين . ولقد قاتل مصعب بن عمير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتل ، وراح قاتله يجري إلى قومه يخبرهم أنه قتل محمدا. وراحت قريش تجر أذيال الهزيمة ثانية ، حيث أن اللواء قد سقط على الأرض تطأه الأقدام .

رأى الرماة من فوق الجبل هزيمة المشركين ، وقال بعضهم : ما لنا في الوقوف حاجة . ونسوا وصية الرسول صلى الله عليه وسلم لهم ، فذكرهم قائدهم بها ، فلم يكترثوا بمقولته ، وسارعوا إلى جمع الغنائم . لاحظ خالد بن الوليد نزول الرماة ، فانطلق مع بعض المشركين والتفوا حول الجبل ، وفاجئوا المسلمين من الخلف ، فانبهر المسلمون وهرعوا مسرعين هاربين . وارتفعت راية المشركين مرة أخرى ، فلما رآها الجيش عاودوا هجومهم . ولقد رمى أحد المشركين حجرا نحو الرسول صلى الله عليه وسلم ، فكسرت رباعية الرسول عليه الصلاة والسلام ، كما أنه وقع في حفرة كان أبو عامر الراهب قد حفرها ثم غطاها بالقش والتراب ، فشج رأس النبي صلى الله عليه وسلم ، وأخذ يمسح الدم قائلا : كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم وهو يدعوهم إلى ربهم !

نادى الرسول في أصحابه قائلا : هلموا إلي عباد الله .. هلموا إلي عباد الله . فاجتمع ثلاثون من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجمع جيشه ونظمه ، ولحق بالمشركين ليقلب نصرهم هزيمة وفرحهم عزاء . فلما ابتعدوا أكثر فأكثر .. تركهم وعاد للمدينة .

وهكذا ، أدركنا أن من خالف أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ، فلا يحسبن نفسه ناج من مصيره إلا إذا شمله الله برحمته التي وسعت كل شيء علما .



 
  مـواضـيـعـي

آخر تعديل بواسطة عبدالوهاب الفقيه ، 05-07-2013 الساعة 04:24 PM

الرد باقتباس
قديم 05-07-2013, 04:20 PM   #3


الصورة الشخصية لـ يمني
يمني غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 767
 تاريخ التسجيل :  Jul 2012
 أخر زيارة : 04-22-2024 (09:46 PM)
 المشاركات : 8,146 [ + ]
 تقييم العضوية :  18584
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 847
تم شكره 1,704 مرة في 1,116 مشاركة
الإفتراضي



غزوة بني النضير



حديثنا اليوم عن غزوة بني النضير التي وقعت في شهر ربيع الأول.

بعد الهزيمة التي وقعت للمسلمين في غزوة أحد تجرأ اليهود على المسلمين، وبدءوا يكاشفونهم بالغدر والعداوة، ويتصلون بالمشركين والمنافقين ويعملون لصالحهم ضد المسلمين، والنبي صلى الله عليه وسلم صابرًا متحملاً لأذاهم وجرأتهم، وخاصة بعد وقعة الرجيع ومأساة بئر معونة التي قُتل فيها سبعون رجلاً من أفاضل الصحابة في كمين غادر للمشركين وحلفائهم اليهود، وقد تألم النبي صلى الله عليه وسلم لهذه المأساة التي قُتل فيها سبعون من أصحابه تألمًا شديدًا.

وفي يوم من الأيام خلا اليهود بعضهم إلى بعض وسوَّل لهم الشيطان أعمالهم، فتآمروا على قتل الرسول صلى الله عليه وسلم، وقالوا: أيكم يأخذ هذه الرحى فيصعد بها فيلقيها على رأس محمد فيشدخ بها رأسه؟ فقال أشقاهم عمرو بن جحاش: أنا. فقال لهم سلام بن مشكم: لا تفعلوا، فوالله ليُخبرَنَّ بما هممتم به، وإنه لنقض العهد الذي بيننا وبينه.

ولكنهم أصروا وعزموا على تنفيذ هذه الخطة الخبيثة، فلما جلس النبي صلى الله عليه وسلم إلى جنب جدار بيت من بيوتهم وجلس معه أبو بكر وعمر وعلي وطائفة من أصحابه، صعد المجرم على سطح المنزل لينفذ فعلته المشئومة، ولكنّ الله -سبحانه وتعالى- أرسل جبريل الأمين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليُعلِمه بما همُّوا به، فأخبره جبريل، فنهض النبي صلى الله عليه وسلم مسرعًا وتوجَّه إلى المدينة، فلحقه أصحابه فقالوا: نهضت ولم نشعر بك. فأخبرهم بما همَّ به اليهود.

وما لبث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بعث محمد بن مسلمة إلى يهود بني النضير يقول لهم: "اخرجوا من المدينة ولا تساكنوني بها، وقد أجلتكم عشرًا، فمن وجدته بعد ذلك منكم ضربت عنقه". فلم يجد اليهود مناصًا من الخروج، فأقاموا أيامًا يتجهزون للرحيل والخروج من المدينة، غير أن رئيس المنافقين عبد الله بن أبيّ بن سلول بعث إليهم أن اثبتوا وتمنَّعوا ولا تخرجوا من دياركم؛ فإنَّ معي ألفي رجل يدخلون معكم حصونكم، يدافعون عنكم ويموتون دونكم. فأنزل الله سبحانه وتعالى: {أَلَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [الحشر: 11].

وهناك عادت لليهود ثقتهم، وطمع رئيسهم حيي بن أخطب فيما قاله رئيس المنافقين، فبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون له: "إنّا لن نخرج من ديارنا، فاصنع ما بدا لك".

كان هذا الموقف موقفًا محرجًا بالنسبة للمسلمين، فإنَّ المسلمين لا يريدون أن يشتبكوا مع خصومهم في هذه الفترة المحرجة من تاريخهم؛ لأنَّ جبهة القتال مشتعلة مع المشركين، فلا يريدون أن يفتحوا جبهة أخرى مع اليهود؛ ولأنَّ اليهود كانوا على درجة من القوة تجعل استسلامهم بعيد الاحتمال، والقتال معهم غير مأمون العواقب والنتائج.

ولكنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بلغه جواب حيي بن أخطب كبَّر وكبَّر المسلمون معه، ثم نهض صلى الله عليه وسلم لقتالهم ومناجزتهم، فاستعمل على المدينة عبد الله بن أم مكتوم، وسار إليهم يحمل اللواء علي بن أبي طالب، فلما وصل إليهم فرض صلى الله عليه وسلم عليهم الحصار، فالتجأ اليهود إلى حصونهم، وكانت نخيلهم وبساتينهم عونًا لهم في ذلك، فأمر صلى الله عليه وسلم بقطعها وتحريقها، وفي ذلك أنزل الله: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} [الحشر: 5].

فلما رأى المنافقون جدية الأمر، خانوا حلفاءهم اليهود، فلم يسوقوا لهم خيرًا ولم يدفعوا عنهم شرًّا {وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [الحشر: 11]، {لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ} [الحشر: 12]. ولهذا مثَّلهم الله سبحانه وتعالى بالشيطان فقال: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ} [الحشر: 16، 17].

ولم يطل الحصار طويلاً، وإنما دام ست ليال فقط، حتى قذف الله في قلوبهم الرعب، فانهزموا وتهيأوا للاستسلام وإلقاء السلاح، فأرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم "نحن نخرج عن المدينة"، فوافق صلى الله عليه وسلم على أن يخرجوا منها بنفوسهم وذراريهم، وأنّ لهم ما حملت الإبل إلا السلاح، فوافقوا على ذلك. ولحقدهم وحسدهم قاموا بتخريب بيوتهم بأيديهم، ليحملوا معهم الأبواب والشبابيك والجذوع؛ حتى لا يأخذها المسلمون، ثم حملوا النساء والصبيان على ستمائة بعير، وأسلم منهم رجلان فقط، وذهبت طائفة منهم إلى الشام.

فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم سلاحهم، واستولى على أرضهم وديارهم وأموالهم، فوجد معهم من السلاح خمسين درعًا وثلاثمائة وأربعين سيفًا، فكانت أموالهم وديارهم خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم يضعها حيث يشاء، ولم يُخمسها رسول الله صلى الله عليه وسلم (أي لم يقسِّمها بالخمس كالغنائم)؛ لأنَّ المسلمين لم يوجفوا عليها بخيل ولا ركاب، وإنما أفاءها الله عليهم وساقها لهم بدون قتال، فقسَّمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين الأوَّلين.

كانت غزوة بني النضير في شهر ربيع الأول من السنة الرابعة للهجرة، وأنزل الله في هذه الغزوة سورة الحشر بأكملها، يقول الله سبحانه وتعالى بعد بسم الله الرحمن الرحيم: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ * وَلَوْلا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ * مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ * وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ...} [الحشر: 1-6].



 
  مـواضـيـعـي

آخر تعديل بواسطة عبدالوهاب الفقيه ، 05-07-2013 الساعة 04:25 PM

الرد باقتباس
قديم 05-07-2013, 04:23 PM   #4


الصورة الشخصية لـ عبدالوهاب الفقيه
عبدالوهاب الفقيه غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1467
 تاريخ التسجيل :  Jan 2013
 أخر زيارة : 04-05-2014 (04:17 AM)
 المشاركات : 1,935 [ + ]
 تقييم العضوية :  10
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
الإفتراضي




بارك الله فيك أخي يمني وجزيت الخير كله على هذه النفحات الطيبة
من حياة سيد المرسلين وجهاده في سبيل الله وإعزاز دينه
والحمد لله رب العالمين



 


الرد باقتباس
قديم 05-07-2013, 04:30 PM   #5


كثير الاسفار غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 804
 تاريخ التسجيل :  Jul 2012
 أخر زيارة : 01-24-2023 (04:48 PM)
 المشاركات : 7,825 [ + ]
 تقييم العضوية :  860
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 46
تم شكره 63 مرة في 37 مشاركة
الإفتراضي



يمني جزاك الله الف خير وكتب اجرك ورفع قدرك

غزوات المصطفى صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم



 


الرد باقتباس
قديم 05-07-2013, 05:45 PM   #6



الصورة الشخصية لـ اليمامه
اليمامه غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1093
 تاريخ التسجيل :  Oct 2012
 أخر زيارة : 04-21-2024 (03:14 AM)
 المشاركات : 13,748 [ + ]
 تقييم العضوية :  6179
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 158
تم شكره 482 مرة في 369 مشاركة
الإفتراضي



اللهم صل. ع محمد


جزاك الله الجنه.

وبارك الله فيك



 


الرد باقتباس
قديم 05-07-2013, 07:55 PM   #7


الصورة الشخصية لـ يمني
يمني غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 767
 تاريخ التسجيل :  Jul 2012
 أخر زيارة : 04-22-2024 (09:46 PM)
 المشاركات : 8,146 [ + ]
 تقييم العضوية :  18584
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 847
تم شكره 1,704 مرة في 1,116 مشاركة
الإفتراضي



عبد الوهاب الفقيه
كثير الاسفار
اليمامه
جزاكم الله خير وشكراً لكم على المرور
وهذا اقل واجب علينا تجاه حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم

وشكرا لك الفقيه على التعديل



 
  مـواضـيـعـي


الرد باقتباس
قديم 05-07-2013, 07:56 PM   #8


الصورة الشخصية لـ يمني
يمني غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 767
 تاريخ التسجيل :  Jul 2012
 أخر زيارة : 04-22-2024 (09:46 PM)
 المشاركات : 8,146 [ + ]
 تقييم العضوية :  18584
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 847
تم شكره 1,704 مرة في 1,116 مشاركة
الإفتراضي



غزوة دومة الجندل

دومة الجندل الزمان والمكان:
- في شهر ربيع الأول 5هـ الموافق آب/أغسطس 626م، تحركت القوات الإسلامية بقيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو قبيلة قضاعة التي كانت تنزل شمال قبائل أسد وغطفان، في حدود قبائل الغساسنة الموالين للدولة الرومية (بيزنطة)، والمشرفة على سوق (دُومة الجندل) الشهير.

- تقع دُومة على بُعد 450 كيلو مترًا شمال المدينة النبوية. وذكر الحموي في معجم البلدان أنها سُميت بذلك نسبة إلى حصن بناه دوماء بن إسماعيل[1].

أما الجندل: فهي الحجارة، ومفرده: جندلة[2]. وعلى هذا يكون معنى اسم المنطقة: "الحصن الذي بناه دوماء في منطقة مليئة بالحجارة".

وكان يُضرب المثل بمناعة حصن دومة وشدته.

سبب غزوة دومة الجندل:
وصلت الأنباء إلى المدينة النبوية المشرَّفة بتجمع بعض قبائل المشركين عند دومة الجندل للإغارة على القوافل التي تمر بهم، والتعرض لمن في القافلة بالأذى والظلم، ثم الاعتداء على المدينة لاحقًا. ومن الملاحَظ أن دومة الجندل تعَدُّ بلادًا نائية بالنسبة للمدينة النبوية؛ لأنها تقع على الحدود بين الحجاز والشام، وفي منتصف الطريق بين البحر الأحمر والخليج العربي، وهي على مسيرة ست عشرة ليلة من المدينة.

فحتى لو أن المسلمين أغفلوا أمرها وسكتوا على وجود هذا التجمع فيها، ما لامهم أحد ولا ضرهم هذا التجمع في شيء على المدى القريب، ولكن النظرة السياسية البعيدة والعقلية العسكرية الفذة أوجبت على المسلمين أن يتحركوا لفضِّ هذا التجمع فورًا لما يلي:

1- السكوت على هذا التجمع وما شاكله يؤدي -بلا شك- إلى تطوره واستفحاله، ثم يؤدي بعد ذلك إلى إضعاف قوة المسلمين وإسقاط هيبتهم، وهو الأمر الذي يجاهدون من أجل استرداده.

2- وجود مثل هذا التجمع في الطريق إلى الشام قد يؤثر على الوضع الاقتصادي للمسلمين، فلو أن المسلمين سكتوا على هذا التجمع لتعرضت قوافلهم أو قوافل القبائل التي تحتمي بهم للسلب والنهب؛ مما يضعف الاقتصاد، ويؤدي إلى حالة من التذمر والاضطراب.

3- فرض نفوذ المسلمين على هذه المنطقة كلها، وإشعار سكانها بأنهم في حمايتهم وتحت مسئوليتهم؛ لذلك فهم يؤمِّنون لهم الطرق، ويحمون لهم تجارتهم، ويحاربون كل إرهاب من شأنه أن يزعجهم أو يعرضهم للخطر.

4- حرمان قريش من أي حليف تجاري قد يمدها بما تحتاج من التجارة، وصرف أنظارهم عن هذه المنطقة التجارية المهمة؛ لأن ظهور الدولة الإسلامية بهذه القوة يؤثر على نفسية قريش العدو الأول للدولة الإسلامية، ويجعلها تخشى المسلمين على تجارتها.

5- الحرص على إزالة الرهبة النفسية عند العرب الذين ما كانوا يحلمون بمواجهة الروم، والتأكيد عمليًّا للمسلمين بأن رسالتهم عالمية وليست مقصورة على العرب.

الخروج إلى غزوة دومة الجندل:
ندب رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين للخروج، وخرج في ألف من أصحابه، وكان يسير الليل، ويكمن النهار؛ حتى يخفي مسيره، ولا تشيع أخباره وتنقل أسراره، وتتعقبه عيون الأعداء.

وسار حتى دنا من القوم، عندئذ تفرقوا، ولم يلق رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أحدًا، فقد ولَّوا مدبرين، وتركوا أنعامهم وماشيتهم غنيمة باردة للمسلمين، وأسر المسلمون رجلاً منهم، وأحضروه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فسأله عنهم، فقال: هربوا لما سمعوا بأنك أخذت نعمهم. فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام، فأسلم وأقام بساحتهم أيامًا، وبعث البعوث، وبث السرايا، وفرّق الجيوش، فلم يصب منهم أحدٌ، وعاد المسلمون إلى المدينة.

وفي أثناء عودتهم وادعَ الرسولُ عيينةَ بن حصن الفزاري، واستأذن عيينة رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في أن ترعى إبله وغنمه في أرض قريبة من المدينة على ستة وثلاثين ميلاً منها.

دلالات غزوة دومة الجندل:
1- إن وصول جيوش المسلمين إلى دومة الجندل، وهي على هذه المسافة البعيدة من المدينة وموادعة عيينة بن حصن للمسلمين، واستئذانه في أن يرعى بإبله وغنمه في أرض بينها وبين المدينة ما يقرب من خمسة وستين كيلو مترًا، لدليل قاطع على ما وصلت إليه قوة المسلمين، وعلى شعورهم بالمسئولية الكاملة تجاه تأمين الحياة للناس في هذه المنطقة، وأن هذه المناطق النائية كانت ضمن الدولة الإسلامية، وإن الدولة أصبحت منيعة، ليس في مقدور أحد أن يعتدي عليها، ولو كان ذلك في استطاعة أحد لكان هو عيينة بن حصن الذي كان يغضب لغضبه عشرة آلاف مقاتِل.

2- كانت غزوة دومة الجندل بمنزلة إعلان عن دعوة الإسلام بين سكان البوادي الشمالية وأطراف الشام الجنوبية.

3- كان في سير الجيش الإسلامي هذه المسافات الطويلة تدريب له على السير إلى الجهات النائية، وفي أرض لم يعهدها من قبل؛ ولذلك تعتبر هذه الغزوة فاتحة سير الجيوش الإسلامية للفتوحات العظيمة في بلاد آسيا وإفريقيا فيما بعد.

المستفاد من غزوة دومة الجندل:
هي غزوة، وحرب استطلاعية تمسح الجزيرة العربية، وتتعرف على مراكز القوى فيها، وهي حرب إعلامية، وهي حرب عسكرية تريد أن تصد هجومًا محتملاً على المسلمين، حيث ضَوَى[3] إليها قوم من العرب كثير يريدون أن يدنوا من المدينة، وهي حرب سياسية تريد أن تجهض من تحركات القبائل المحتمل أن تتحرك بعد أنباء غزوة أحد لتقصد المدينة وتسبيحها.

كانت هذه الغزوة دورة تربوية رائعة وقاسية وشاملة يقودها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبين يديه ألف من أصحابه، فيتلقون فيها كل لحظة دروسًا في الطاعة والانضباط، ودروسًا في التدريب الجسمي والعسكري والتحمل لمشاق الحياة وصعوباتها، وأحكامًا وفقهًا في الحلال والحرام، وعمليات صهر وتذويب لقواعد الجيش الإسلامي في بوتقة واحدة خارج إطار العشيرة، وخارج كيان القبيلة؛ حيث أخذت تفد إلى المدينة عناصر كثيرة من أبناء القبائل المجاورة، والتخلي عن الأطر القبلية وعصاباتها للانصهار في بوتقة الأمة الواحدة التي تجعل الولاء لله ورسوله.

وفوق هذا كله تتيح الفرصة لجيل بدر الرائد أن يقوم بمهمة التربية للوافدين الجدد وتعليمهم وتثقيفهم، كما تتيح الفرصة لكشف ضعاف النفوس، ومن له صلة بمعسكر النفاق من خلال مراقبة تصرفاته وسلوكه.

إنها ليست ساعات محدودة أو أيامًا معدودة، بل هي دورة قرابة شهر، لا يمكن إلا أن تبرز فيها كل الطبائع وكل النوازع، فيتلقاها -عليه الصلاة والسلام- ليصوغها على ضوء الإسلام ويعلِّم الجيل الرائد فن القيادة وعظمة السياسة.

كانت معركة صامتة، وتربية هادئة، وكان الجيش مع قائده يقطع ما ينوف عن ألف ميل في هذه الصحراء، يتربى ويتثقف ويتدرب ويمتحن ويقوّم؛ ليكون هذا استعدادًا لمعارك قادمة.

وأعجب من هذا كله:

عيَّنَ رسول صلى الله عليه وسلم الصحابي الجليل سباع بن عرفطة الغفاري -رضي الله عنه- واليًا على المدينة في تجربة جديدة، فهو ليس أوسيًّا ولا خزرجيًّا ولا قرشيًّا، بل من قبيلة غفار التي كانت تمارس قطع الطريق والسطو المسلح على القوافل التجارية، حتى إنها كانت تشتهر بـ(سُرَّاق الحجيج) عند العرب!!!

- عجبًا لمحمد صلى الله عليه وسلم كيف يثق بمَن كان حاله كذلك قبل بضع سنوات، يأمنه على عاصمة دولة الخلافة وبيت مال المسلمين ونسائهم وذراريهم؟!!

- عجبًا لهذا الدين العظيم الذي أعاد صياغة بني غفار ونقلهم من حال سرقة حتى الحجيج إلى حمل مفاتيح بيت مال الدولة الإسلامية وصيانتها، في زمن قياسي، ودون الحاجة إلى انتظار موت ذاك الجيل!

- عجبًا لأولئك الصحابة الذين لم يعترضوا على اختيار رجل من قبيلة غفار ليكون أمينًا على بيوتهم وعوراتهم!

إنها النبوة ولا شيء سوى النبوة:
لا بُدَّ لهذا الجيل أن يتربى على الطاعة والانضباط للأمير أيًّا كان شأن هذا الأمير، وهذا يدل على عظمة المنهج النبوي في تربية الأمة والارتقاء بها، وعلى عظمة قيادة النبي صلى الله عليه وسلم وفراسته في أتباعه وثقته فيهم ومعرفته لمواهبهم، فهو صلى الله عليه وسلم على معرفة بكفاءة سباع بن عرفطة الغفاري وعبقريته وقدرته على الإدارة الحازمة، فكان صلى الله عليه وسلم يربِّي أصحابه وهو غائب عن المدينة؛ لكي يهيمن منهج رب العالمين على المسلمين، ويصنع منها أمة واحدة تسمع وتطيع لكتاب ربها وسنة نبيها[4].

إذ ما كان لقائد عسكري ذي أهداف دنيوية، أن يغامر تلك المغامرة بالابتعاد عن بلده مسافة بعيدة جدًّا، تاركًا مدينته وأهله ومُلكَه معرضين لاحتمالات الأذى ممَّن يترصدها من المنافقين والأعراب والمشركين واليهود.. وفي حراسة شخص ليس من زعماء المدينة، ولا من كبار المهاجرين!! فضلاً عن كونه من بني غفار[5].
ولكنها النبوة.



 
  مـواضـيـعـي


الرد باقتباس
قديم 05-08-2013, 04:02 PM   #9


الصورة الشخصية لـ يمني
يمني غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 767
 تاريخ التسجيل :  Jul 2012
 أخر زيارة : 04-22-2024 (09:46 PM)
 المشاركات : 8,146 [ + ]
 تقييم العضوية :  18584
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 847
تم شكره 1,704 مرة في 1,116 مشاركة
الإفتراضي



غزوة الخندق (الأحزاب)

وقعت أحداث هذه الغزوة في العام الخامس للهجرة؛ حيث تحالف المشركون من "قريش" وقبائل "غطفان" و"بنى أسد" لمحاربة المسلمين ، وتجمع لهم جيش من عشرة آلاف مقاتل، وتقدموا إلى "المدينة" للقضاء على المسلمين .

ولما علم المسلمون بهذه الأخبار تحصنوا داخل "المدينة"، وحفروا خندقًا من الجهة الشمالية الغربية من "المدينة" لمنع اقتحام جيوش الأحزاب؛ لأن بقية جهات "المدينة" كانت محصنة بغابات من النخيل يصعب على خيول المشركين اقتحامها .

وصاحب فكرة حفر الخندق هو الصحابي الجليل "سلمان الفارسي" ، وقد اشترك النبي – صلى الله عليه وسلم – في حفر الخندق مع المسلمين وكان عمره آنذاك سبعًا وخمسين سنة.
ولما جاءت جيوش الأحزاب فوجئت بالخندق، وعجزت عن اقتحامه؛ لأنهم لم يتعودوا على مثل هذه الأساليب الجديدة في القتال ، وطال حصار المشركين للمدينة ، واشتد الكرب بالمسلمين نتيجة لهذا الحصار ، وكان يهود "بنى قريظة" الذين يعيشون في "المدينة" قد نقضوا عهدهم مع الرسول – صلى الله عليه وسلم- واتفقوا مع الأحزاب على الانضمام إليهم عندما يهاجمون "المدينة" .
وفى هذا الظرف العصيب نجح "نعيم بن مسعود"- وكان قد أسلم- وقدم مع الأحزاب دون أن يعلموا- في التفريق بين الأحزاب ويهود "بنى قريظة" ، وزرع الشكوك في قلوبهما، ثم أرسل الله ريحًا شديدة قلعت خيام المشركين وكفأت قدورهم ، وانقلب الموقف كله بفضل الله تعالى ، وأدرك "أبو سفيان بن حرب" قائد الأحزاب أنه لا فائدة من البقاء ، فأمر الأحزاب بالرحيل ، والعودة من حيث جاءوا، وبعد رحيل الأحزاب قال النبي – صلى الله عليه وسلم- : "الآن نغزوهم ولا يغزونا أي أن "قريشًا" لن تستطيع مهاجمة "المدينة" مرة أخرى .



 
  مـواضـيـعـي


الرد باقتباس
قديم 05-08-2013, 04:03 PM   #10


الصورة الشخصية لـ يمني
يمني غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 767
 تاريخ التسجيل :  Jul 2012
 أخر زيارة : 04-22-2024 (09:46 PM)
 المشاركات : 8,146 [ + ]
 تقييم العضوية :  18584
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 847
تم شكره 1,704 مرة في 1,116 مشاركة
الإفتراضي



غزوة بني قريظه الغدر والخيانة من أحط الصفات، وأسوأ الأخلاق، ولا تسود الخيانة في الناس إلا انتشر فيهم الخوف، فلا يأمن بعضهم بعضًا؛ ولذا جاءت شريعة الله تعالى آمرة بالأمانة والوفاء، ناهية عن الغدر والخيانة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال: 27]، وفي آية أخرى {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا} [النساء: 107].

ولما كانت سنة الله تعالى في عباده أن يوجد فيهم الخونة الغدارون ولا سيما في العهود والمواثيق، فإن الله عز وجل حذّر المؤمنين منهم، وبيّن كيفية التعامل معهم {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ} [الأنفال: 58].

وأمة بني إسرائيل هي أشهر الأمم في الخيانة والغدر؛ فلا يعاهدون عهدًا إلا نقضوه، ولا يسالمهم قوم إلا غدروا بهم، ولا يحسن إليهم أحد إلا أساءوا إليه، ويرون ذلك حقًّا من حقوقهم، وفرضًا من فروض دينهم {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} [البقرة: 100]، {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً} [المائدة: 13]، {الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ} [الأنفال: 56].

وأكبر دليل على أن اليهود أغدر الناس وأخونهم: أن كل قبائلهم في المدينة نقضت عهودها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحُقّ عليهم العذاب في الدنيا؛ فمنهم من هُجِّروا وأخرجوا من ديارهم، ومنهم من قُتلوا وسبيت نساؤهم وذراريهم.

وفي آخر ذي القعدة من السنة الخامسة من الهجرة، نقضت بنو قريظة عهدهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمكن الله تعالى المؤمنين منهم، فقضوا فيهم بحكم الله تعالى الذي أنزله.

لقد كان من سياسة النبي صلى الله عليه وسلم أول هجرته للمدينة أن وادع اليهود فيها، وعاهدهم بميثاق بيّن فيه ما لهم من الحقوق وما عليهم من الواجبات، وكان من بين بنود ذلك الميثاق: "أن للمسلمين دينهم، ولليهود دينهم، وأن على اليهود نفقتهم، وعلى المسلمين نفقتهم، وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة، وأن بينهم النصح والنصيحة والبر دون الإثم، وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين".

والتزم المسلمون بهذا العهد والميثاق؛ لأن من شيمتهم الوفاء والأمانة، فدينهم يأمرهم بذلك ويحرم عليهم الغدر والخيانة، ولكن اليهود نقضوا العهد قبيلة قبيلة، وأخطر ما نقضت اليهود من العهود، وأشده ضررًا على المسلمين، وأكثره خسة ودناءة وغدرًا فعلة بني قريظة؛ إذ إن مقتضى المعاهدة معهم أن يشاركوا المسلمين في دفع خطر المشركين عن المدينة، وقد حاصروها بأعداد كثيفة في غزوة الأحزاب، ولم يكتف اليهود بخذلان المسلمين في هذا الوقت العصيب، والتخلي عنهم في هذا المأزق الحرج، بل دعتهم نفوسهم الخبيثة التي تنضح بالغدر، وتقطر بالخيانة.. دعتهم إلى طعن المسلمين في ظهورهم، وخفرهم في نسائهم وذراريهم، وممالأة المشركين عليهم.

ويا له من موقف عصيب! ويا لها من خيانة لا نظير لها البتة!

ولما تسامع بعض الناس بخبر الغدر هذا، وخافوا على من في الحصون من النساء والأطفال من غدر اليهود، أراد النبي صلى الله عليه وسلم الاستيثاق من غدرهم، فأرسل الزبير والسعدين ابن معاذ وابن عبادة رضي الله عنهم، فرجعوا مؤكدين خبر نقض قريظة للعهد، وعظم بلاء المؤمنين، واشتدت محنتهم، وأصبحوا يواجهون عدوًّا شرسًا يحاصر المدينة في عدد كثيف يبلغ عشرة آلاف مقاتل، ويعالجون منافقين يخذلون ويرجفون، ويبثون الشائعات والأكاذيب، ولا يدرون ما يصنعون باليهود وهم داخل الحصون عند النساء والأطفال وقد تنكروا للمسلمين وانحازوا للمشركين {هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيدًا} [الأحزاب: 11].

وحمل سعد بن معاذ -رضي الله عنه- في قلبه على بني قريظة بسبب خيانتهم القبيحة، رغم أنهم كانوا حلفاءه وأقرب الناس إليه في الجاهلية، ولما جرح -رضي الله عنه- في الأحزاب ونزف وخشي أن يموت قبل أن يرى عذاب الله تعالى في بني قريظة، فدعا الله تعالى قائلاً: "اللهم لا تُخْرِج نَفْسي حتى تَقَرَّ عيني من بني قريظة"، فاستمسك عرقه فما قطر قطرة.

استجاب الله تعالى لدعوات المؤمنين وتضرعهم، وخذل الكافرين والمنافقين، فردَّ بقدرته وحكمته ورحمته المشركين على أعقابهم، وصدَّع تحالف اليهود معهم بشكوكٍ ألقاها في قلوب الفريقين، وتوفيقٍ منه سبحانه لنعيم بن مسعود -رضي الله عنه- في الوقيعة بينهم، وكان نعيم بن مسعود قد أسلم ولم يعلموا بإسلامه، فعادت أحزاب المشركين خاسرة خائبة إلى مكة، وعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم (ووضع السلاح واغتسل، فأتاه جبريل وقد عصب رأسه الغبار فقال: وضعت السلاح، فوالله ما وضعته؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فأين؟» قال: ها هنا. وأومأ إلى بني قريظة)، فأذن عليه الصلاة والسلام في الناس: «لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة».

وهذا يدل على أن غزو بني قريظة واستئصال شأفتهم جاء الأمر به من عند الله -عز وجل- عن طريق جبريل عليه السلام، وليس فعلاً فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- وأقره الله تعالى عليه، بل إن جبريل -عليه السلام- أنكر على النبي صلى الله عليه وسلم وضع السلاح والاغتسال قبل إيقاع العقوبة بالخونة المجرمين من يهود بني قريظة، وأخبره أن الملائكة -عليهم السلام- لم يضعوا أسلحتهم.

خرج النبي صلى الله عليه وسلم إليهم وقد بعث عليًّا -رضي الله عنه- على مقدمة الجيش ومعه اللواء، فحاصرهم خمسًا وعشرين ليلة، فلما اشتد حصرهم، واشتد البلاء قيل لهم: انزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم. فاستشاروا أبا لبابة بن عبد المنذر، فأشار إليهم أنه الذبح، قالوا: ننزل على حكم سعد بن معاذ (وكان سعد رضي الله عنه حليفًا لهم، فظنُّوا أن يحابيهم ويخفف الحكم عليهم). فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انزلوا على حكم سعد بن معاذ».

فنزلوا، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد بن معاذ فأُتي به على حمار عليه إِكاف من ليف قد حمل عليه وحفَّ به قومه، يحاولون الشفاعة في بني قريظة، فقالوا: يا أبا عمرو، حلفاؤك ومواليك وأهل النكاية ومَن قد علمت. وهو رضي الله عنه ساكت لا يرجع إليهم شيئًا، ولا يلتفت إليهم، حتى إذا دنا من دورهم التفت إلى قومه فقال: "قد آن لي أن لا أبالي في الله لومه لائم"، وفي رواية: قال رضي الله عنه: "قد آن لسعد أن لا تأخذه في الله لومة لائم". فجيء بسعد -رضي الله عنه- وهو جريح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أنزلوه»، فأنزلوه، ثم قال عليه الصلاة والسلام: «إن هؤلاء نزلوا على حكمك». قال: فإني أحكم فيهم أن تُقتل مقاتلتهم وتُسبى ذراريهم. قال عليه الصلاة والسلام: «حكمت بحكم الله عز وجل»، فقتل رجالهم وكانوا بين ستمائة وتسعمائة، إلا من أسلم منهم حَقَن إسلامه دمه، وسُبيت نساؤهم وذرياتهم، وقُسِّمت في المسلمين.

فكان هذا العقاب الشديد مناسبًا لجرمهم الشنيع!

وقد وجد بعض المعاصرين من المسلمين في نفوسهم شيئًا من هذا الحكم الشديد، مع أنه حكم الله تعالى من فوق سبع سموات، ولسان حالهم يقول: كيف تُفنى قبيلة كاملة من اليهود بسبب خيانتهم، والإسلام دين الرأفة والرحمة، والسماحة والمسامحة؟ ويزداد حرجهم حين يستغل الأعداء هذه المواقف من السيرة النبوية ليشغبوا بها على الإسلام، ويتهموه بالفاشية والدموية.

ولا شك في أن هذا الحرج الذي يجده بعض المسلمين من هذه الحادثة ومثيلاتها ينطوي على عدم استسلام كامل لله تعالى، ويدل على شك داخل تلك القلوب في حكمه عز وجل، والله تعالى يقول: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65]. فلا يسع مسلمًا إلا الرضا بحكم الله تعالى وأمره، واليقين بأنه الحق والعدل، وأن ما عارضه هو الباطل والظلم.

وسبب هذا الضعف في الاستسلام لشريعة الله تعالى هو أن من سلك هذا المسلك الخاطئ قد سلّم بحكم الطاغوت المتمثل فيما يُسمَّى بحقوق الإنسان، ثم جعله حاكمًا على شريعة الله تعالى، فما وافق قوانينهم الوضعية من شريعة الله تعالى رضيه وصاح بأن الإسلام قد سبق إليه، وما خالف قوانينهم طعن فيه وتأوّله، وفي أحسن الأحوال يقبله على استحياء ويخفيه كأنما هو عارٌ ونقص وخلل في الإسلام.

وقوانينهم الدولية الوضعية المتعلقة بالسلم والحرب، وحقوق الإنسان والمرأة والطفل، وحقوق الأسرى وغيرهم، فيها ما يوافق شرع الله تعالى فيكتسب شرفًا بذلك، وإن لم يكن لواضعيه فيه نيّة ولا احتساب، كما أن في قوانينهم ما يعارض شرع الله تعالى وهو تحت الأقدام وإن زمّر له المزمرون، وطبّل له المطبلون، وجعله المنافقون في هذا العصر شريعتهم التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، وما هو إلا من وحي الشيطان ووساوسه، وكل ما عارض الشريعة فهو الباطل والظلم، ولا يحق الحق، ولا يقضي بالعدل، ولا بد أن يوقن المسلم بذلك؛ لأنه ما صار مسلمًا إلا لقناعته بالإسلام، واستسلامه لأحكام الله تعالى.

وغالب الذين يداخلهم شك في بعض أحكام الشريعة، ويجدون حرجًا من قضاء المسلمين على بني قريظة - إنما نظروا إلى المجرم حال سفك دمه، ولم يستحضروا جريمته الشنعاء، فامتلأت قلوبهم بالرحمة والشفقة على المجرمين فزعموا حفظ حقوقهم، ونسوا مَن ظلمهم وغدر بهم هؤلاء المجرمون.

ومعلوم أن الدول في هذا العصر مجمعة على قتل الجاسوس الذي ينقل الأخبار للدول المعادية، ويعينها على دولته، وأين فعل جاسوس واحد خان وطنه من نقض اليهود للعهد وهم أمة كاملة تتطلع لإبادة المسلمين، وتقابل عظيم إحسانهم إليهم بحفظ العهد معهم مع القدرة عليهم، وإحسان جوارهم، والدفاع عنهم، تقابل أمة اليهود ذلك بأعظم الإساءة، وأشد دركات الغدر والخيانة.

لقد نقضت قريظة عهدها في أصعب موقف، وأشد ساعة، ولو أن مظاهرة اليهود للمشركين، وخيانتهم للمسلمين تمت على ما أرادوا، ودخل المشركون المدينة، وتمكن اليهود من نساء المسلمين وأطفالهم لأبادوهم عن بكرة أبيهم، أفإن سلّم الله تعالى المؤمنين، وردّ المشركين، وأنزلت العقوبة الشرعية بالخونة الغادرين يجد المسلم حرجًا في نفسه من حكم الله تعالى، فيتذكر حال اليهود وهم يُقتلون، ولا يستحضر حال المسلمين لو تَمكّن منهم المشركون بسبب خيانة اليهود؟!

ولمن في قلبه أدنى حرج من ذلك عبرة وعظة فيما يفعله اليهود في أهل فلسطين، من الغدر والخيانة، ونقض العهد، وقصد الآمنين والنساء والأطفال بالقتل والترويع، وهدم الدور على أصحابها، ولا يكاد يمر يوم دون أن يقتلوا نساء وأطفالاً، فتبًّا لقوانين وضعية توجد حرجًا في قلوب بعض المسلمين من شريعة الله تبارك وتعالى!


 
  مـواضـيـعـي


الرد باقتباس
الرد على الموضوع

Bookmarks

الكلمات الدلالية (Tags)
الله , الرسول , صلح , عليه , غزوات , وسلم


Currently Active Users Viewing This Thread: 1 (0 members and 1 guests)
 

قوانين المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML مغلق
Trackbacks are متاح
Pingbacks are متاح
Refbacks are متاح



شات تعب قلبي تعب قلبي شات الرياض شات بنات الرياض شات الغلا الغلا شات الود شات خليجي شات الشله الشله شات حفر الباطن حفر الباطن شات الامارات سعودي انحراف شات دردشة دردشة الرياض شات الخليج سعودي انحراف180 مسوق شات صوتي شات عرب توك دردشة عرب توك عرب توك


جميع الأوقات GMT +3. الساعة الآن 04:57 PM.


.
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
.

Search Engine Friendly URLs by vBSEO