الثأرات للشيخ / عبدالله ديمان

للشيخ , الثأرات , ديمان , عبدالله

الثأرات للشيخ / عبدالله ديمان

الثارات ((1)):
عاجل:
((مع بداية السنة الميلادية أقدم مجموعة من الشباب عددهم عشرة على حين غِرّة من حرس الكعبة المشرفة من هدم جدرانها كاملة و أصبحت الكعبة خراباً يباباً ))

ماذا لو رأيتم مثل هذا الخبر- لا قدر الله -في عواجل شاشات التلفزة ؟
أظنّ مَنْ قرأ بداية المنشور أنه فارق مكانَه،
و اقشعرّ جِلدُه،
و اهتزّت أركانه ،
و مادت به مشاعره يمنةً و يسرة

هل تعلمون أننا نقترف أعتقد كلَّ أسبوع منذ عرفنا أنفسنا ما هو أعظم مما ورد في ((عاجل الافتراضي أعلاه ))..
الثارات !
((لَزوالُ الدُّنيا أهونُ على اللهِ من قتلِ رجلٍ مسلمٍ))
رواه البخاري
زوال الدنيا : بكعبتها و مساجدها و كل بناياتها !
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،يُتبَع!

الثارات ((2)):
في السلسلة الصحيحة للألباني رحمه الحديث تحت حديث رقم(( 3420)) ساق الأحاديث الصحيحة التالية :
عن عبدالله بن عباس أنه صلى الله عليه و سلم قال:
((مرحبًا بِكِ من بَيْتٍ، ما أَعْظَمَكِ، وأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ ! ولَلْمُؤْمِنُ أَعْظَمُ حُرْمَةَ عندَ اللهِ مِنْكِ،
إِنَّ اللهَ حَرَّمَ مِنْكِ واحدةً، وحَرَّمَ مِنَ المُؤْمِنِ ثَلاثًا:
دَمَهُ،
ومالهُ،
وأنْ يُظَنَّ بهِ ظَنَّ السَّوْءِ )) رواه البيهقي في الشعب
وفي رواية لابن عباس : نظر رسولُ اللهِ ﷺ إلى الكعبةِ فقال:
((لا إلهَ إلا اللهُ !
ما أطيبَكِ!
وأطيبَ رِيحَكِ!
وأعظمَ حُرْمَتَكِ !
والمؤمنُ أعظمُ حُرْمَةً منكِ...))
وساق رواية ثالثة عن عبدالله بن عمرو:
((ما أَطْيَبَكِ، وما أَطْيَبَ رِيحَكِ!
ما أعظمَكَ وما أَعْظَمَ حُرْمَتَكِ! والذي نَفْسُ محمدٍ بيدِهِ لَحُرْمَةُ المُؤْمِنِ عِنْدِ اللهِ أعظمُ حُرْمَةً مِنْكِ؛ مالِهِ ودَمِهِ وأنْ نَظُنَّ بهِ إِلّا خيرًا))
أرأيتم ؟!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،يُتبَع

الثارات ((3)):

في الثارات ينتظرون أشهراً و بعضُهم سنين حتى يقتلوا الرجّال الزين في قومه!

و هكذا تستمرُّ الثارات حتى ينتهي كلُّ زين من كل قبيلة ،

ما درت القبائل أنهم بهذا يحكمون على الأجيال القادمة بحروبٍ قادمة لا زينَ فيها لا من الرِجال و لا في الأشوار ؟!
و لن تبقي و لن تذر لانعدام الزِّيان ،و فَناء الحكماء(!)
ستفني الحروبُ كلَّ زين،
و يبقى مقادمُ القبيلة و كبارُها كلّّ شين؛
الحمقى و الجهلة ،
و لا تسل بعدها عن حروب الجهلة الحمقى،
و لا عن أشوارهم حين يكون صلحٌ أو توجد واسطةٌ،
أو حين يتحاكمون لإنهاء المشاكل و الحروب
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، يُتبَع

الثارات ((4)):

يذكر التاريخُ أن فوارس هوازن التقوا ربيعةَ بن مكدم الكناني،
و كان شاباً على حصانه يقود جملاً عليه ظعينة((امرأة))
فتقدم الأول و كان من فوارس هوازن المشهورين يريد قتل ربيعة و نهبَه حصانه وسلبَه و جملَه و ظعينته ؛فقتله ربيعةُ،
و تقدم الفارس الهوازنيُّ الثاني و قتله ربيعةُ،
و تقدم الثالث و قتله ربيعةُ و لكن انكسر رمحُه هذه المرة..

و دريد بن الصمّة فارس هوازن المشهور ينظر فلما رأى ما فعله هذا الشابُّ الصغيرُ بفوارس قومِه أراد دريد نزالَ ربيعة
و لما التقيا و رأى دريدٌ رُمح ربيعة مكسوراً؛
((1)):ناوله دريدٌ رمحَه،
((2)):و قال : الحق و ظعينتك بأهلك
قبل أن يلحقك فوارس هوازن
((3)):و مثلك يا ولدي لا يُقتَل
((4)):و لا يمكن أن أسمح بقتله و لو كنتُ قادراً على ذلك
((5)):و لا يمكن أن اسمح بقتلك و لو في بطنك ثلاثة من خيرة فوارس قومي
((6))و تركه و مضى ربيعة
((7)): و بعدما غاب عن دريد ضرب دريدٌ كفاً بكف و هو يقول :
لله أبوك ! أوَّه..لقد نسيت أن أسألك عن أبيك و أمك
فمثلك لا يُجهَل،
((8)):و رد فوارس قومه ،
و قال: لا قِبلَ لكم به لقد كسر رمحي ،و قتل رجالكم و مضى ارجعووووووا(! )

قُتِل ربيعةُ بعد سنين عدداً،
و أسرَ قومُه دريدَ بن الصمّة فرأته الظعينة التي حماها ربيعةُ ذات يوم من فوارس هوازن و قالت:
أطلقوا سراح هذا الرجل فلقد أنقذني و ربيعةَ حين انكسر رمح ربيعة بعدما قتل رجاله !

أرأيتم ((صنائع المعروف))؟
و ما حطّ صنيعُ دريد منه عند العرب ؛ بل رفعه !
و هو دريد الفارس العربي المشهور الذي لا يُغلَب!
و هو دُريد يا عرب و قبائل 2021!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،يُتبَع

الثارات(( 5)):

شرعاً و قانوناً : قتل ولاة الدم للقاتل نفسه و إن كان يعفيهم من القصاص إلا أنه لا يُعفيهم من التعزير بالسجن للافتئات و للحق العام ..

و المشكلة الكبرى :
أن ولاة الدم لا يقتلون القاتل؛
بل قد يقتلون غيره،
و قد يقتلون أكثر من واحد،
و قد يقتلون بطريقة لا أخلاقية و لاشرعية ؛
في مسجد، في عشر أواخر ، في يوم عيد، في حفل زواج ، في سرادق عزاء، و هو في المقبرة حضر قبران قريب أو صاحبٍ له ،في أشهرٍ حُرُم (( الأشهر الحرم كان أبو جهل و من معه يعظمونها يا حضرات السادة المسلمين! ))
قد يقتلونه أمام أطفاله أو و هو عند زوجته

((فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يُسرِف في القتل إنه كان منصوراً))
و إذا قُتل غير القاتل فقد أسرف ، أو قتل القاتل في صلح أو بطريقة لا تمت للأخلاق بصلة.. فقد أسرف،
و بالتالي فلا يخايل لـِ إنه كان منصوراً
بل سيكون من مفهوم الآية ..مقهوراً مكسوراً مدحوراً دنيا و أخرى(!)

الثارات(( 6)):
هرم بن سنان
أجود العرب،
و المجدُ يؤول إليه..
أتدرون لماذا؟
ما زال ذِكرُه رغم جاهليته إلى الآن،
و مدحه زهيرٌ بن أبي سُلمى ((بضمّ السين))في قصائده
و منها معلقته التي كان لهرم فيها أوفر الحظ و النصيب!
ليس ذِكرُه بأنه قاتل قبائل عددا،
و لا بعدد مَنْ قتل من شجعان العرب؛
بل ظلَّ محموداً حتى الآن بكرمه و صارب مضربَ مثال فيُقال:
((أجود من هرم ))

و قصته مع الشاعر المشهور زهير بن أبي سُلْمى مشهورة بين الناس في عصره وإلى يوم الناس هذا.
فقد آلى هرم على نفسه أنه لا يُسَلِّم عليه زهير إلا أعطاه:
عبداً أو أمة أو فرساً أو بعيراً؛ فاستحيا زهيرٌ مما كان يقبل منه،
فجعل يمرُّ بالجماعة فيهم هَرم فيقول:
عِمُوا صباحاً غير هرم،
وخيركم استثنيت..
و خلّده سعيُه في الصلح أكثرَ مما خلَّده كرمه !
كيف؟
،،،،،، ،،،، ،،،،،،،،،،يُتبَع

الثارات(( 7)):
هرِم بن سنان كان ذبيانيّاً،
و مع ذلك لم يأنف من أن يسعى في الصلح بين قومه ذُبيان ،و عبس التي استمرّت أربعين سنة،
لم يقل:
أنا غريم فكيف أسعى بالصلح بين قومي وبين بني عبس و هم من ابتدأ القتلَ فينا؟،

و هم مَن قتل بدْرَينا(( حمل بن بدر،و حذيفة بن بدر ))،
و كانا سيدا سادات ذُبيان؟

دعس هرِم بن سنان على ذلك كله ،
و سعى في الصلح حتى تمّ اللهُ له ما أراد.
إذ لا بد لكي يكون صلح من تقديم تنازلات ،
و ما عيّر التاريخُ و لا سبّ العرب هرمَ بين سنان؛
بل مجدوه و بنيه في الجاهلية و الإسلام و حتى يومنا هذا(!)
كيف؟ ،،،،،،، ، ،،،،،،،،،يُتبَع

الثارات ((8)):
أصلح هرم بن سنان بين عبسٍ و ذبيان
و تحمّل كلّ دِيات القتلى و معه الحارث بن عوف ((ذبيانيٌّ أيضاً))
اللذين احتملا ديات القتلى،
الديات بلغت ثلاثة آلاف بعير أدياها في ثلاث سنين..
كل قتيل لأولياء دمه مائة ناقة
في القانون اليمني ما يعادل اليوم
مليار و 650 مليون ريال يمني..

و في المملكة العربية السعودية حيث وقعت حرب داحس و الغبراء التي بين عبس و ذبيان
الدية العمد بـ400 ألف ريال سعودي
أي 300*400000=120 مليون ريال سعودي
ملاحظة:
أرى و يرى غيري أن الدية في البلدين نقداً تحتاج لمراجعة،
و هناك ضرورة لإعادة النظر في مقدار الدية الشرعية اليوم ؛
إذ إنه من المقرر شرعاً أن الأصل في الدية مائة من الإبل باتفاق الفقهاء
فالتقويم بالنقد يجب مراجعته باستمرار ليساير أسعار الإبل في كل زمان ومكان،
و مع ذلك فالمدفوع إبلاً أو نقدًا بقانوننا أو قانون المملكة لم يفعله بشر حتى الساعة من ماله الخاص في صلح بين طائفتين متحاربتَين
المهم:
أن هرم بن سنان و صاحبه
خلدهما زهيرٌ في معلقته
كيف ،،،،،،،،،،،،،،،،،،يُتبَع

الثارات ((9)):

يقول زهيرٌ في صلحهما هذا في معلقته :

وما الحرب إلا ما علمتُم وذقتُمُ***
وما هو عنها بالحديثِ المرجَّمِ

سعى ساعيا غيظ بن مرة بعدما***
تبزّل ما بين العشيرةِ بالدمِ

تَدَارَكْتُما عَبْسَاً وَذُبْيَانَ بَعْدَمَا***
تَفَانَوْا وَدَقُّوا بَيْنَهُمْ عِطْرَ مَنْشَمِ

وَقَدْ قُلْتُمَا: إِنْ نُدْرِكِ السِّلْمَ وَاسِعاً***
بِمَالٍ وَمَعْرُوفٍ مِنَ الْقَوْلِ نَسْلَمِ

فَأَصْبَحْتُمَا مِنْهَا عَلَى خَيْرِ مَوْطِنٍ***
بَعِيدَيْن فِيهَا مِنْ عُقُوقٍ وَمَأْثَمِ

عَظِيمَيْنِ في عُلْيَا مَعَدٍّ وغيرها***
وَمَنْ يَسْتَبِحْ كَنْزَاً مِنْ المَجْدِ يُعْظِمِ

نعم لقد استباحا كنزاً من المجد
و بقي لهما مجدٌ،
و فنيَ المال،
كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه.. متى قاله؟،،، ،يُتبَع

الثارات ((10)):

روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لبعض ولد هرم:
أنشدني بعض ما قال فيكم زهير، فأنشده،
فقال: لقد كان يقول فيكم فيُحسِن،
فقال يا أمير المؤمنين:
إنا كنا نعطيه فنُجزِل
فقال عمر رضي الله عنه:
ذهب ما أعطيتموه
وبقي ما أعطاكم..