آخر 10 مشاركات |
الإهداءات | |
| LinkBack | خيارات الموضوع |
04-05-2012, 01:47 AM | #1 |
| لقمة عيش السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بدأ الصبح يتنفس وأصوات العصافير تتعالى ،واقترب موعد انطلاق الشمس لتعلن فى النصف الشمالى من الكرة الارضية بداية يوم جديد ، شعر هو بما يحدث فى الخارج ، ولكنه تجاهله عن عمد واصرار ،متمنيا أن يكون مخطئا فلم يكد جسده يرتاح من شقاء الامس، ولكن هزات زوجته العنيفة ونداءها المتكرر باسمه عكرا عليه تجاهله ، وأكدا مخاوفه فهاهو الصباح ،الذى يعنى له بداية عذاب الرحلة اليومية المضنية للبحث عن عمل يؤمن له ولهذه الفراخ الصغيرة قوت يوم واحد لا اكثر،بادر بالاستجابة لصوتها حتى يتخلص من الحاحها وكان فى نفس الوقت يعذرها ،فماهى الا دقائق حتى يستيقظ الصغار مطالبين بالطعام ،خرج من تحت الغطاء بصعوبة ، وما كاد يفعل حتى صدمته برودة الغرفة،وتساءل بداخله كيف سيكون الطقس بالخارج إذن ،تناول على عجل كوبا من الشاى، وانطلق الى المقهى الذى يتجمع عنده كل يوم طالبى الاعمال المؤقتة ،من حفر وحمل للاثاث أو القيام بأى ما يطلب منهم ، اذا اسعدهم القدر وحضر من يطلب عمالة ،وجد العديد من امثاله قد سبقوه فى الجلوس على الرصيف منهم من انشغل بالحديث مع أقرانه عما قابله بالامس من مشقة فى المهمة التى ذهب اليها ،ومنهم من انشغل بالدعاء لله حتى ييسر له رزق اليوم ،وآخرون لاذوا بالصمت ،ومحاولة التغلب على البرودة الشديدة بفرك الايدى واحكام القبعات الصوفية والكوفيات على رقابهم ،ولكن هيهات فما كادت الشمس تشرق للحظات حتى كستها غيوم ثقيلة أبت عليهم حتى التمتع بالدفىء ،واتخذ مكانه بينهم فى صمت ،يتأمل الشارع المزدحم بالبشر والسيارات والحركة الدائبة وسيول البشر تنطلق للحاق بأعمالها ،ولا وجود للبسمة على الشفاه ،فالكل مشغول فى همومه، ورأى عيون جميع اقرانه معلقة بكل سيارة نقل تفكر بالوقوف ،فربما تكون هى فرصة اليوم الثمينة ،وبالفعل بدأت بعض السيارات بالتوقف لطلب عمال ،وما كادوا يفعلون حتى تكالب عليهم الرجال كل يعرض نفسه برجاء ، وفى كل مرة يصعد مجموعة منهم لتغادر الى المكان المطلوب ،وكان تأخره بالقدوم والتدافع يمنعانه دوما من الوصول لاحدى هذه الفرص، وكلما مر الوقت زاد تقاتل العمال على القادمين ،فالفرص تقل بمرور الساعات والبرد لا يرحم ،وبدأ القلق يطرق بابه ويزداد بمرور الدقائق ، ورأى زوجته وهى تمنى الصغار بما سيعود به فى أخر اليوم بما سيشبع جوعهم ،ونظرات الامل والتشويق فى أعينهم ،ثم التعب والملل يستوليان عليهم ،فيزداد حزنه لضياع الوقت ،وخوفه من عدم حصوله على عمل ،لليوم الثانى على التوالى ،ونفاذ أخر ما يملك من مال ، دعا الله من كل قلبه أن يرزقه بعمل فى اقرب وقت رأفة باولاده ،فهو يستطيع الصبر على الجوع ،ولكنه لا يتحمل بكاءهم وحرمانهم وقلة حيلته ،إستفاق من أفكاره على قدوم سيارة كبيرة ،رسم قدومها على وجهه نظرة التحدى والاصرار ،وركض اليها بكل قواه حتى كادت أن تصدمه ،ولكنه لم يبالى ،حتى بسباب السائق الذى ذهل من اندفاعه ،وما كاد يصل اليها حتى قفز الى صندوقها الخلفى بكل حماس ،ودون حتى السؤال عن نوع العمل أو الاجر ، وتبعه العديد من الرجال المنهكين من البرد وطول الانتظار ،وألسنتهم تلهج بالحمد لله ،رغم المشقة التى ستواجههم فمشقة الحرمان أقسى بكثير، وارتسمت على وجهه ابتسامة عريضة ،واستقر فى ركن من اركان السيارة بهدوء ، وهو يرى أطفاله يتقافزون حوله حين يعود إليهم فى المساء حاملا لهم مالذ وطاب ومن طلباتهم الصغيرة .
grlm uda |
|
Bookmarks |
الكلمات الدلالية (Tags) |
لقمة , عيش |
Currently Active Users Viewing This Thread: 1 (0 members and 1 guests) | |
| |