منتدى الآصالةوالتاريخ حريب بيحان
ينتهي : 30-04-2025
عدد مرات النقر : 1,285
عدد  مرات الظهور : 29,379,092

عدد مرات النقر : 4,131
عدد  مرات الظهور : 73,399,449
عدد  مرات الظهور : 69,115,418
قناة حريب بيحان " يوتيوب "
عدد مرات النقر : 2,312
عدد  مرات الظهور : 73,400,251مركز تحميل منتديات حريب بيحان
ينتهي : 19-12-2025
عدد مرات النقر : 3,949
عدد  مرات الظهور : 69,616,178
آخر 10 مشاركات
تحدي المليوووون رد ،، (الكاتـب : - المشاركات : 2050 - المشاهدات : 123590 - الوقت: 07:27 PM - التاريخ: 04-25-2024)           »          صـبـــاحكم سكــر // مســـاؤكم ورد معطر (الكاتـب : - المشاركات : 2386 - المشاهدات : 169805 - الوقت: 06:40 AM - التاريخ: 04-24-2024)           »          تعزية للاخ يمني بوفاة اخيه (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 6 - المشاهدات : 110 - الوقت: 09:46 PM - التاريخ: 04-22-2024)           »          قراءة في سورة البقرة (الكاتـب : - المشاركات : 2 - المشاهدات : 71 - الوقت: 05:34 AM - التاريخ: 04-20-2024)           »          الاذكار اليوميه في الصباح والمساء (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 542 - المشاهدات : 33725 - الوقت: 08:30 PM - التاريخ: 04-19-2024)           »          عيدكم مبارك ،، (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 1 - المشاهدات : 86 - الوقت: 08:45 AM - التاريخ: 04-10-2024)           »          ماذا ستكتب على جدران (منتديات حريب بيحان) (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 3179 - المشاهدات : 233828 - الوقت: 05:26 PM - التاريخ: 04-08-2024)           »          ورد يومي صفحه من القرآن الكريم (الكاتـب : - المشاركات : 93 - المشاهدات : 993 - الوقت: 06:53 AM - التاريخ: 03-23-2024)           »          شهرمبارك كل عام وأنتم بخير (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 3 - المشاهدات : 81 - الوقت: 04:06 AM - التاريخ: 03-18-2024)           »          تدمير دبابة ميركافا الإسرائيلية (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 2 - المشاهدات : 142 - الوقت: 06:53 AM - التاريخ: 03-17-2024)


الإهداءات




مجموعة قصصية من التراث اليمني


الرد على الموضوع
 
LinkBack خيارات الموضوع
قديم 09-19-2016, 05:16 AM   #11


الصورة الشخصية لـ روح السراب
روح السراب غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1000
 تاريخ التسجيل :  Dec 2013
 أخر زيارة : 04-25-2024 (07:28 PM)
 المشاركات : 27,050 [ + ]
 تقييم العضوية :  32916
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Brown
شكراً: 3,898
تم شكره 2,683 مرة في 1,725 مشاركة
الإفتراضي رد : مجموعة قصصية من التراث اليمني



[align=center][tabletext="width:70%;background-color:silver;border:6px double green;"][cell="filter:;"][align=center]
الدجرة


عاشت في قديم الزمان عائلة من العائلات تتكون من رجل وزوجته وطفلاهما عيشة هناء وسعادة، لا يكدر صفوها ولا يعكر هناءها شيئاً والطفلان يملآن جو البيت مرحاً وسروراً، لكن الهناء لا يدوم فقد بدأ صفو حياة هذه الأسرة يتكدر عندما مرضت الأم وأخذ المرض يشتد عليها يوماً، بعد يوم حتى أدى إلى وفاتها فخيم الحزن على البيت، وملأت الحسرة قلب الرجل لوفاة زوجته، وبقي يفكر في حياة الطفلين بعدها. فقرر أن لا يدخل بيته أو حياته امرأة تحل محل زوجته. وبأن يتفرغ لتربيتهم والعناية بهم، خوفاً من أن يعاملا عكس ما ألفا واعتادا في عهد أمهم، وكانت الفتاة التي تكبر أخاها تساعده على ذلك.
مضت الأيام والشهور والرجل يحاول جهده أن يملأ الفراغ الذي تركه وفاة زوجته في نفس الطفلين لئلا يشعران باليتم حتى كان ذات يوم عندما اقتحم على عالمهم، أرملة من صديقات زوجته أخذت تتردد عليهم ما بين وقت وآخر لتنظيف البيت أو تغسل الملابس، وكانت لا تنسى أن تمسح على رأس الطفلين وتقبلهما عند مجيئهما ووقت رواحها.
ومع الأيام تطورت علاقتها بالأسرة، وتدرجت إلى العناية بالطفلين وأعداد وجبات الغداء لهما، وقضاء أكثر الأوقات بينهم. عمل تصرفها هذا على التخفيف من هموم الرجل وأحزانه يوماً بعد يوم. فكان يذهب إلى عمله مطمئناً إلى وجود من يرعى الأولاد في غيابه. فزاد ذلك من إرتباط الأرملة بهم، وغدت تتصرف كما لو كانت ربة البيت. كان هم الرجل أن لا يسمع من ينهر أبناءه أو يسيء معاملتهم أو يشعرهم باليتم أخذت مشاعر الرجل نحوها تتقوى يوما بعد يوم. غير متلفت إلى ما سيتركه هذا التصرف من أثار نفسية على أبنائه، وذلك ما لم تقم به الأرملة. فرآها خير من يخلف زوجته المرحومة، ففاتحها ذات يوم في الزواج منها. فلم تمانع فتزوجها لتعيش معهم ولتكون هي سيدة البيت. كانت الفتاة التي عاشت مرتابة من الأرملة يوم دخلت عليهم البيت، مظهرة الاهتمام بهم. تتابع تحول مشاعر أبيهم نحوهما شيئاً فشيئاً. حتى كاد أن ينساهم، وبقيت تنتظر اليوم الذي ستعاملهم فيها كخالة، إلا أن انتظارها لم يدم طويلاً. فما أن أصبحت الأرملة سيدة البيت. حتى بدأت تقلل من اهتمامها بالأولاد تدريجياً. مركزة اهتمامها على الرجل، لتأخذ في التذمر منهم والشكوى الدائمة من عنادهم، وأخذ الرجل يزداد تقرباً منها كلما أبدت له تذمرها من انشغاله الدائم عنها بأولاده، وطلبها منه الجلوس معها. أخذ الرجل يستجيب لها ويقلل من اهتمامه بالأولاد، وكان كلما لبى لها طلباً، قدمت له آخر حتى صرف اهتمامه عن الطفلين نهائيا. وتركهما يعيشان بمفردهما، فكانت الفتاة تولي عطفها وحنانها على أخيهـا. قالت الخالة للرجل ذات يـوم:
ـ لم أعد أطيق بقاء أبنائك بيننا.
كان قولها مفاجئاً له إذ لم يكن يتوقع منها ذلك القول فحاول تجاهل طلبها إلا أنها عادت فكررت قولها من جديد.
- قلت لك لم أعد أطيق بقاء أبناؤك بيننا
التفت أليها وسألها متعجبا؟
ـ إذا لم يعيشوا بيننا فأين سيعيشـون؟
فردت علية متبرمة! لا اعرف في أي مكان؟ وفي أي بيت؟
ابتسم الرجل في وجهها وهو لا يعرف ما إذا كانت جادة أو هازلة في طلبها فقال يخاطبهـا :
- إنهم أبناؤنا يا بنت الحلال. ولا يمكن لهم إن يعيشوا ألا بيننا.
فردت علية بحنق:
- انهم أبناؤك من ثانية، وأني أتعب نفسي في تربية أبناء امرأة ثانية. لم يحاول الرجل إن يدخل معها في جدل أو نقاش لئلا يتعكر صفو حياته الزوجية، فلاذ بالصمت، ولم يرد عليها إلا أنها فاجأته بطلبها:
ـ وقالت له وبلهجة حادة:
- اسمع يا رجل أنت بين أمرين. أما إن أخرج أنا من البيت، أو يخرج منه أبناؤك.
رأى الرجل في موقفها الإصرار على طرد الأولاد، وأحس بأنها جادة فيما تقول بتركها البيت والخروج منه إذا لم يخرج منه أبناؤه، ووجد نفسه في حيرة أشد من التي وقع فيها بعد وفاة زوجته، لا يعرف كيف يتصرف إزائها، والطفلين من الصغر بحيث يستحيل أن يعيشا بمفردهما خاصة الولـد، وأخذ يفكر هل يطاوعها ويطردهم من البيت، أم يطردها هي ويتركها تغادر البيت ليفرغ لتربيتهما، بقى الرجل يوازن بين عواطفه نحوها، وعواطفه نحو أبناؤه، فرأى بأنه يقوى على فراق الطفلين، ولا يقوى على فراقها، فراح يسألها :
ـ إذا أخرجتهم من البيت إلى أين سيتجهون ومن الذي سيرعاهم.
أجابته وهي تغالب فرحها بالانتصار.
ـ أحملهم إلى خارج القرية وأتركهم هناك ليذهبوا إلى قرية غيرها والله سيتكفل بأمرهما.
كانت تشير في كلامها إلى مكان معين إذا تركهم فيه لن يبقوا أحياء لكثرة السباع والوحوش الموجودة هناك فيه. لاذ الرجل بالصمت وأخذ يفكر في نتائج موافقته على رأيها قبل أن يقول لها:
ـ إذا عليك بأعداد ما يتزودون به في غربتهم من كعك ودقيق، هبت المرأة من مكانها مسرعة والفرحة تغمرها فور سماعها موافقته على التخلص من أبناؤه وقامت لساعتها تدقق الطعام، وتعد الكعك وتولى هو بنفسه وضع الكعك والدقيق في كيسين منفردين، أحكم ربطهما، ثم قام بوضعهما عند إحدى زوايا الحجرة، وذهب إلى طفليه يلاطفهما ويسامرهما على غير عادته، فاستغربا منه تصرفه هذا الذي لم يعهداه منذ تزوج بالأرملة.
استمر يلاطف أبناؤه وأخذ يقص عليهما الحكايات، وهما لا يصدقان أن أباهم هو الذي يجلس معهم ويغدق عليهم من عطفه الأبوي الذي افتقداه منذ زمن طويل وأعادهم إلى حياتهم الأسرية في عهد أمهم، وكم كان سرورهما وحيرتهما معا عندما فاجأهما بقولة:
ـ في الصباح سآخذكم معي في نزهة إلى بلاد بعيدة لتتعرفوا عليها.
فسأله الولد الذي تعلقت عيناه بعيني أبيه ببراءة قائلا.
ـ وهل ستقص علينا القصص كل يوم؟
أزاح الرجل بوجهه عن أبنه يتقي نظراته البريئة المتعلقة بعينية وإجابة قائلا:
- نعم سأقص عليكم كل يوم قصة.
فدفعته برائته إلى سؤاله مجدداً :
ـ ولن تتركنا هناك لوحدنا؟
فرد أبوه بنبرات متلعثمة:
ـ لن أترككم لوحدكم.
وكأن الرجل خشي أن تتغلب عواطفه نحوهم على عواطفه تجاه خالتهم فيتراجع عن قراره في التخلي عنهم. فقال منهيا الحديث بينهم:
ـ الوقت متأخر، هيا اذهبوا للنوم لكي تستيقظوا مبكرين. فرح الطفلان بعودة أبيهما أليهما ليسبغ عليهما ما ألفاه منه من عطف وحنان قبل زواجه من المرأة التي كانت تلاحظ الجو العائلي الذي ساد بين الرجل وطفليه، والذي اخذوا خلاله يتبادلون القصص والحكايات فيما بينهم، فاستغلت انشغالهم هذا وعمدت إلى الكيسين التي أودع فيهما الأب زاد الطفلين من كعك ودقيق، وقامت بإفراغهما من محتوياتهما، وملأت الأول بالرماد بدلاً من الدقيق وملأت الثاني بغائط الأبقار الجافة بدلا من الكعك، ثم أعادت ربطهما من جديد ووضعتهما في مكانهما.
في صباح اليوم التالي هم الأب بأيقاظ الطفلين ليصحبهما إلى خارج القرية فوجدهما جالسين في انتظاره على أحر من الجمر حيث كان الشوق للرحلة مع والدهم قد طرد النوم من عيونهما باكرا حمل الأب الكيسين على ظهره وسار والطفلين يسيران بجانبه نحو المكان الذي وصفته له زوجته أخذ خلال سيرهما يسرد عليهما القصص والحكايات ويجيب على أسئلتهما التي يطرحونها عليه حتى وصلوا إلى رابية صغيرة تطل على واد فسيح وعلى قمة هذه الرابية كان يوجد جرفاً صغيراً فاستقر رأي الأب أن يجعل من هذا الجرف مأوى للطفلين وأن يتركهما هناك، فقال لهمـا :
ـ ما رأيكم لو قعدنا هنا نرتاح بعض الوقت ونأكل غذائنا في هذه الجرف، لم يعارضه أي منهما، فوضع الكيسين في الجرف وقعد إلى جانب الطفلين، وأخذ يحدثهما ويخادعهما ريثما اطمأنا إليه، وحان موعد فراقهما، وعودته للبيت، فقال لهمـا مدعياً رغبته في التبول:
ـ إنتظراني قليلاً ريثما أتبول خلف تلك الأكمة وأعود، قال ذلك ثم قام متجهاً نحو المكان الذي أشار إليه، ليأخذ بعده طريقه عائداً إلى البيت من دونهما، بقي الصغيران ينتظران عودة أبيهما.،ومضت الساعة والساعتان دون أن يعود عندها فقـال الولـد لأختـه:
ـ أنا جائـع، استنكرت أخته أن يكون له بطنا خاصة به ولا يهتم بعودة أبيه ليأكلوا معاً، فنهرته قائلة:
ـ انتظر قليلا أبونا على وشك العودة وسنأكل معاً.
أذعن لها الولد، واستمر يشاركها انتظار عودة أبيهم ليأكلا معاً. إنقضت ساعات أخرى وأخذت الشمس تميل نحو الغروب وأباهم لم يعد، ضاقت الفتاة هي الأخرى وعصر الجوع أمعائها.
فقالت لأخيها:
ـ أبونا أبطأ كثيراً في تبوله فهيا نناديه ليسرع بالعودة لعله يسمعنا.
وافقها الولد على رأيها، وأخذا يناديان أبيهما معاً بصوت مشترك:
ـ وأبونا كم لك تبول، سقيت عقمه، وزيدت عقور، وأبونا كم لك تبول، سقيت عقمه ووادي السحـول.
استمرا يناديان في غنائهما، ويكرران النداء، حتى أخذت الشمس توشك على الغروب وبدأت ظلال الجبال العالية تنعكس على الوادي. فساورهما الخوف بعد أن يئسا من عودته، وأدركت الفتاة بأن أبيهما قد غدر بهما ولم يرافقهما إلى ذلك المكان إلا ليتخلص منهما.
فقالت لأخيها:
ـ لا أظن أن أبونا سيعود بعد هذا الوقت، والأحسن لنا أن نبدأ بالأكل.
قالت ذلك ومدت يدها إلى كيس الكعك القريب منها، ثم فتحته لتخرج منه بعض أقراص الخبز، فإذا بها تجده ممتلئاً بغائط الأبقار، ثم تناولت الكيس الثاني لتخرج ما بداخله من دقيق، فإذا بها تجد بداخله رماد، نظرت إلى وجه أخيها، ونظر هو إلى وجهها، والتصقا ببعض في صمت ينتظران المجهول، بينما هما في التصاقهما ذلك وعيونهما تتطلع نحو الأفق شاهدا طائراً كبير الحجم أبيض اللون يرفرف في الهواء ويقترب منهما شيئاً فشيئاً ليهبط بجانبهما على باب الجرف، فذعرا وخافا منه، وازدادا التصاقا ببعض، ولكن سرعان ما ذهب الخوف عنهما، وتلاشت وحشتهما عندما سمعا الطير يخاطبهما بصوت ألفاه وأحباه وتعلقا به كثيرا، يقول لهمـا:
ـ لا تخافا يا أبنائي فأنا أمكم، وقد جئت من الجنة لحراستكم عندما رأيتكما وحيدين في هذا المكان الذي تتخذه الوحوش مأوى لها.
صمتت قليلا لتعاود قولهـا:
ـ منذ أن توفيت وروحي ترفرف عليكم، وتتابع حياتكم.
فرح الطفلان وأنسا بحضور أمهما التي قدمت لهما ما أحضرته معها من طعام، فأخذا يأكلان منة وهم يبتسمان لبعضهما وينظران إلى وجهها وهي تراقبهما بصمت، أخذت الفتاة تسرد عليها كل ما جرى لهما بعد موتها، وهي تستمع لكلامها، وعندما شبعا من الأكل غلبهما النعاس وناما وهي تدفئهما بجناحيها، وتطرد عنهما الوحوش التي تحاول الاقتراب من باب الجرف بمنقارها، وقبل طلوع الشمس أيقظتهما من النوم وودعتهما وهي تقول لهما محذرة :
ـ سأعود إليكما مساء كل يوم مع غروب الشمس، وأوصيكم أن تكونا حذرين، فلا تكلما أحد، أو تخبراه أنني أجيء لزيارتكما.
فطمأنتها الفتاة بأنهما سيلتزمان الحذر من الغرباء وعدم الحديث معهم. لم يحس الطفلان بعدها بأي خوف أو غربة، بعد أن اطمأنا إلى روح أمهما التي تهبط عليهما مساء كل يوم، فأخذا يقضيان أوقاتهما بالتجوال في جانب الوادي إلى أن يقترب المساء ليعودان إلى الجرف انتظاراً لهبوطها.
ذات مساء، دفع الفضول خالتهما لمعرفة المصير الذي لقياه، فتنكرت وذهبت بمفردها إلى الجرف الذي تركهما فيه أبيهما، فوجدت الولد قاعد بمفرده عند باب الجرف، فدهشت لبقائه حياً، واستغربت أن يكون قد تمكن من آن يعيش بدون غذاء طيلة هذه الفترة، أو أن يكون قد تمكن من النجاة من الوحوش المفترسة المنتشرة في المكان، معتقدة أن الفتاة قد لقيت حتفها، وبقي هو يعيش بمفرده، فأظهرت له مشاعر الود وآخذت تغمره بقبلاتها وهي تسأله:
ـ كيف تعيش هنا لوحدك يا بني؟ أين هم أهلك؟ وكيف يتركوك في هذا المكان الموحش؟
أجابها الولد قائلا:
ـ أعيش هنا مع أختي.
فتملكتها الدهشة وسالتة قائلة :
ـ أختك.. أين هي أختك؟
فرد عليها الصبي :
ـ لقد نزلت إلى الوادي وسوف تعود عما قريب.
فسألتة مرة أخرى:
-وأين هم أبوك وأمك؟ وكيف يتركوكما لوحدكما، فرد عليها الصبي قائلا :
ـ لقد ماتت أمنا منذ زمن، وتزوج أبونا من أمراه أخرى. هي من أمرتة بطردنا من البيت، وإحضارنا إلى هنا. أدركت حينها المرأة معرفة الطفلين للمؤامرة التي دبرتها مع والدهم من اجل التخلص منهما. فحاولت معرفة سر بقائهما على قيد الحياة طيلة هذه الفترة وراحت تسأله.
ـوكيف تعملوا الأكل والشرب؟ ومن الذي يطعمكم ويسقيكم؟
فرد عليها الصبي :
ـ روح أمنا تهبط علينا كل مساء، وهي التي تحرسنا وتطعمنا.
ملأ الحنق والغيظ عندها نفس المرأة، وكتمت ذلك في نفسها وأخذت تسأله محاولة معرفة المزيد عن أمهما متظاهرة عدم تصديق كلامه:
ـ وأين تسقط روح أمك هذه التي تقول بأنها تأتى على هيئة طائر
فأشار لها بإصبعية قائلاً:
ـ تسقـط هنـا، فبقيت تغافله في الحديث وأخذت عدد من الإبر والأشواك قامت بغرسها في المكان الذي أشار آلية الصبي، ثم انصرفت عائدة إلى القرية. لم يخطر بذهن الصبي أن يخبر أخته عندما عادت من الوادي عن المرأة التي زارته أثناء غيابها وعن ما دار بينهما من حديث، وبقي كعادته معها، ينتظر قدوم روح أمهما التي حلقت كعادتها مع الغروب لتسقط في مكانها المألوف حاملة معها الطعام والشراب الذي يتزودان به طيلة النهار، وما أن هبطت في مكانها المعتـاد، حتى انغرست الأشواك والإبر في جسمها وأطلقت معها أنة موجعة فزع لسماعها الطفلين، وأخذ الدم ينزف من جسمها بغزارة فأخذت تتحرك نحو أطفالها بصعوبة وهي تنظر إليهما وتسألهما:
ـ من جاء لزيارتكما اليوم؟
نفت الفتاة أن يكون قد زارهما أحد إلا أن الولد قال مؤكداً:
ـ بلى لقد جاءت امرأة لا أعرفها وأختي في الوادي. فبقيت تسألني عن أهلي ومع من أعيش فأجبتها بالصدق. فقالت الأم بصوت حزين متألم:
ـ إنها خالتكما يا أبنائي وقد جاءت لتتأكد من موتكما، فلما وجدتكما على قيد الحياة وعرفت بأني أجيء لزيارتكما، زرعت لي الأشواك والإبر في المكان الذي أهبط فيه لتنغرس كلها في جسمي، لتقضي علي وعلى أي أمل يبقيكم على قيد الحياة، لامت الفتاة أخيها على عدم إطلاعها على أمر خالته، وحديثه معها، فلو أنه كان قد أخبرها لأخذت حذرها، ولأخرجت الأشواك المزروعة قبل هبوط أمها. بقيت الأم تئن وتتوجع طوال الليل، وهما يحاولان التخفيف عن آلامها بنزع الشوك والإبر المغروسة في جسمها والتي كانا كلما نزعا شوكة أو إبرة منها تدفق الدم من مكانها بغزارة، حتى تمكنوا من انتزعاها كلها وباتت كعادتها تحرسهما حتى الصباح وهي تغالب آلام جراحها، وقبل رحيلها أخذت تودعهما وتقدم لهما نصائحها قائله: - اسمعا يا أبنائي.. اسمعاني جيداً.. قد لا أجيئكما ثانية وقد لا تشاهداني بعد اليوم. فالأشواك قد مزقت جسمي، ونزف من جرائها دمي وجراحها تؤلمني، ولكن عليكما التطلع نحو الأفق المقابل قبل الغروب، فإذا رأيتما سحابة بيضاء ظهرت منه فانتظرا مجيئي، وإذا رأيتما سحابة سوداء ظهرت منه فلا تنتظراني، ولا تبقيا في هذا الجرف الموحش، عليكما تركه والبحث عن مكان آخر تبيتان فيه ليلكما، مر النهار عليهما طويلا وثقيلا ومثـقلا بالهموم والأحزان وهما ينتظران غروب الشمس الذي سيحدد حياتهما ويقرر مصيرهما، فإما واصلا حياتهم في ذلك المكان، إذا ما تغلبت أمهم على جراحها وستبقى ترعاهما وتزودهما بالطعام، وأما تغلبت الجراح عليها وأقعدتها عن المجيء، وسارا في الوادي يبحثان عن مستقبلاً يجهلانه وعند الغروب شاهدا في الأفق سحابة قاتمة، تظهر من وراء الأفق فيئسا من مجيئها، ولم يجدا بدء من مغادرة الجرف والإتجاه نحو الوادي للسير فيه قبل أن يداهمهما الظلام، فأخذا يسيران والخوف يملا نفسيهما حتى وصلا إلى شجرة كبيرة قاما بتسلقها، ليحتميان بها من الوحوش وباتا ليلهما عليها، وفي الصباح الباكر نزلا من على الشجرة وواصلا السير في الوادي الممتد على غير معرفة بالطريق أو بالمكان الذي سيستقران فيه، وعند منتصف النهار، شاهدا بيتاً صغيراً يقع على مقربة من الطريق الذي يسيرون عليه، ففرحا بذلك وعرجا نحوه ليرتاحا فيه بعض الوقت، وليطلبا من صاحبه التكرم عليهما بشيء من الطعام والشراب، وما أن وصلا اليه وطرقت الفتاة باب البيت، حتى أطلت عليها امرأة عجوز محدودبة الظهر، شاحبة الوجه، غائرة العينين، ترسلان شعاعاً متقداً، أخذت ترحب بهما بحرارة وهي تمسك كل واحد منهما بإحدى يديها وتجرهما ورائها إلى الداخل، كانت تلك العجوز هي (الدجـرة) من آكلة لحوم البشر، وتعيش في ذلك المكان مع طفليها، وهما ولد وفتاة يتساويان في عمريهما مع عمري الطفلين اللذين يجهلان حقيقتها. وكانت ما أن فتحت الباب وشاهدتهما، حتى منت نفسها وطفليها بوجبة غذائية، دسمة، فخرجت وجرتهم إلى المنزل وبالغت في إكرامها مما جعل الفتاة ترتاب في أمرها، فقالت الدجرة متسائلة:ـ من أين جئتما يا أبنائي؟ وأين هم أهلكما؟ الذين تركوكم تسيران في هذا الطريق الموحش لوحدكما؟، لم تجد الفتاة رغم حذرها من المبالغة في الحفاوة التي قابلتهما بها الدجرة بد من أن تروي لها قصتهما كاملة عساها بذلك تستطيع أن تنتزع العطف من قلب الدجرة التي قالت معقبة على كلام الفتـاة:
ـ الله لا يرحم أبوكما ولا سامحه، سمع كلام خالتكما وطردكما من البيت من أجلها، اجلسوا هنا عندي يا أبنائي، فالبيت كبير وخير الله واسع. عيشوا مع أبنائي وسأعتبر أن الله رزقني أربعة أطفال بدلاً من الإثنين.
تظاهرت الفتاة بالفرح لعرض الدجرة، وبقيت مرتابة منها في أعماقها، وأخذت تراقب تصرفها بحذر لترى ماذا هي صانعة بهما، خاصة وأنهما لم يكونا يعرفان أين سيبتان ليلتهما إذا ما باتا عندها، كانت الدجرة تقدم لهما عرضها السخي بإقامتهما مع طفليها في بيتها، وهي تتشوق لهبـوط الظـلام، لكي تبدأ في مداعبتهما مع أطفالها ومسامرتهم معاً ليناموا مبكرين، لتقوم بقتلهم أثناء نومهم وشويهم ثم أكلهم، إلا أن الخوف بقي يساورها من حدوث التباس لديها يجعلها لا تميز بين الطفلين العابرين وبين طفليها، المتقاربين في أعمارهم، فتقوم بقتل أبنائها بدلاً منهما، خاصة والأربعة ينامون معاً، فقالت تحدث نفسهـا:
ـ لابد من وضع علامة تميز بينهم قبل أن يناموا لأتعرف على الطفلين في الظلام، تحدثت بذلك لنفسها وقامت تبحث عن العلامات التي ستضعها على الطفلين لتميزهما عن طفليها، واستقر رأيها على وضع الحناء على أقدام أبنائها ووضع غائط البقر على أقدام الطفلين الغربيين ثم أحضرت إناءين رابت في أحدهما حنا ورابت في الآخر غائط الأبقار وحملتهما إلى مكان الأطفال.
فقالت الدجرة تخاطب الفتاة:
ـ كم رق قلبي لكما، وتأثرت نفسي لحالتكما، ولا شك أن طول الطريق وكثرة المشي قد ألم بإقدامكما، لذا فقد عجنت لكما حنا لأطلي بهما إقدامكما فالحنا سيمتص آلامها وسيجعلكما تنامان مرتاحين، وأردفت تقول:
ـ بعد ما عجنت لكما ألحنا، خفت من أن يبكي أولادي ويقولون أني لم أعد أحبهم مثلما أحبكما، فعجنت لهما حنا في إناء آخر.
أجابتها الفتاة تقول لها:
ـ لا داعي لهذه العناية كلها يا أماه يكفينا أنك أطعمتنا وأويتنا، وهذا خير كثير منك، فردت عليها الدجرة مستنكرة قولهـا:
ـ أستغفر الله يا ابنتي ماذا عملت لكما، كي تقولي هذا أنا لم أعمل لكما أي شيء، أنتما مثل أبنائي، وكم سيكون سروري لو رضيتم البقاء بيننا تعيشان مع أبنائي.
فردت البنت على عرضها بأدب قائلة:
ـ ونحن قد فرحنا برؤيتك يا عماه وذكرتنا معاملتك الطيبة لنا بالمرحومة أمنا، وإن قررنا البقاء هنا لنعيش معك في بيتك، فلن نحس آلا أننا نعيش بجانب أمنا، وفي البيت الذي ولدنا فيه.
فرحت الدجرة بكلام الفتاة، وارتاحت واطمأنت لها وتوهمت أنها قد تمكنت من خداع الفتاة وأخيها فقالت تجيبها:
ـ البيت بيتكما يا أبنائي وأنا أمكما، وأبنائي هم إخوانكما.
قالت ذلك وطلبت من الفتاة أن تمد رجلها لها مع رجلي أخيها، فمدا لها الطفلان أرجلهم، وأخذت الدجرة تطليهما بغائط الأبقار ثم قامت بحملهما وأرقدتهما في زاوية البيت، وعادت إلى طفليها وقامت بطلاء إقدامهما بالحناء وحملتهما ليناما بجانب الطفلين، ثم ودعتهم منصرفة إلى حجره نومها الملاصقة لحجره نومهم، تظاهرت الفتاة بالنوم وطلبت من أخيها أن يتظاهر بالنوم مثلها، وما أن ذهبت الدجرة إلى حجرة نومها، وأطفات السراج الذي يضوي المنزل، حتى قامت الفتاة وأخذت تنزع غائط الأبقار عن قدميها وقدمي أخيها، وقامت بعدها بنزع الحنا من أقدام أبناء الدجرة ووضعت لهما غائط الأبقار على أقدامهم ثم قامت بوضع الحنا بدلاً عن غائط الأبقار على قدميها وقدمي أخيها، وبسرعة قامت بحمل أبناء الدجرة واستبدال مكان نومهما بمكان نومها هي وأخيها ونامت مع أخيها في مكان أبناء الدجرة، وبقيت الفتاة مستيقظة تراقب تصرفات الدجرة بحذر شديد عندما، أيقنت الدجرة متوهمة بأن الأطفال قد استغرقوا في النوم، قامت من مكانها خلسة، وأخذت تتحسس طريقها إلى حجرة نوم الأطفال بحذر، وأخذت تشم رائحة أقدامهم في الظلام للتعرف على فريستها، وراحت تميز بين رائحة غائط الأبقار ورائحة ألحنا وبعد أن تأكدت من رائحة الأقدام التي تفوح منها رائحة غائط الأبقار راحت تضغط بيدها على عنق الطفلين. لتزهق أرواحهم واحد بعد الآخر معتقدة بأنهما الطفلين الغريبين وقامت بحملهم إلى التنور (الموقـد) والذي كانت قد أعدته مسبقاً وقذفت بهما داخله لتشويهمـا لتتعشى منهما وتترك الباقي إلى صباح اليوم التالي. عندما يستيقظان من نومهما ليتناول منه طفليها، بقي الطفلان يراقبان في الظلام تصرفات الدجرة وقيامها بخنقها لطفليها وخوف شديد يتملكهما، وبقيا متسمرين في مكانهما حتى اطمأنا إلى انشغالها في المطبخ فقاما من مكانهما وتسللوا هاربين خارج البيت قبل أن تكتشف أمرهم وتعرف بأنها قتلت طفليها وأكلت من لحمهما وتقوم بالانتقام منهما وقتلهما، أخذ الطفلين يستحثان خطاهما في الوادي الفسيح وكان الخوف يمدهما بطاقة من النشاط كلما تصورا الدجرة تصنع بهما ما صنعت بطفليها. وكانا أثناء سيرهما يتلفتان وراءهما بين الحين والآخر خوفاً من أن تكون في أثرهما، وما كادت الشمس ترسل أشعتها إلى الوادي حتى شاهدا شبح الدجرة تجري وراءهما فراحا يعدوان بأقصى سرعتهما وهي تجري خلفهما محاولة اللحاق بهما حتى وصلا إلى نهاية الوادي الذي كان يسده صخرة كبيرة وقفا أمامها حائرين فحاولا تسلق الصخرة مرات عديدة ولكن دون جدوى فخشيا من أن تلحق بهما الدجرة وبينما هم على هذه الحالة نظرت الفتاة إلى أعلى الصخرة فرأت راعياً شاباً يراقبهما من مكانة بصمت فقالت لـه الفتاه متوسلة:
ـ أرجوك ساعدنا على الطلوع، أن الدجرة تجري وراءنا وتريد قتلنا وأكلنا أنا وأخى، ثم قصت عليه ما جرى لهما مع الدجرة، ألا أن الراعي الذي كان قد أعجب بجمالها ووقع في حبها اشترط عليها قبول الزواج منه مقابل مساعدتهما.
فردت علية الفتاه:
ـ نعم، إذا ساعدتنا وخلصتنا منها سأتزوجك، فرح الراعي بموافقتها على الزواج منه، فرمى لها حبلا طويلاً ربطته إلى ظهر أخيها وأمرته أن يمسك به بكلتا يديه، فشده الراعي إليه وأخذ يوالي الشد إلى أن وصل الولد إليه أولاً، ثم نزع الحبل منه ورمى به إلى الفتاة، التي لفت الحبل حول نفسها وتمسكت به، وراح الراعي وأخاها يشدان الحبل حتى وصلت إليهما فرحة بنجاتها، وصلت الدجرة إلى أسفل الضاحة وأخذت تبحث عن الطفلين والراعي يشاهدها من أعلى الصخرة، وهي تدور حول المكان وتفتش بين الصخور المتناثرة فسألها قائلاً:
ـ عمن تبحثين يا عماه؟
رفعت الدجره رأسها إليه وأجابته قائلة:
ـ أبحث عن طفلين قتلا أطفالي وهربا، هل رأيتهما؟
فرد الراعي عليها قائلا:
ـ إذا كان من تعنين فتاة وولد أصغر منها سناً فقد رأيتهما يتسلقان الصخرة ثم راحا لسبيلهما، أخذت الدجره تتفحص الصخرة بعينيها لترى ما إذا كان بمقدورها تسلقها فرأت استحالة ذلك، فقالت للراعي:
ـ ولكني لا أستطيع تسلقها وحدي، أرجوك ساعدني على ذلك.
فرد عليها قائلاً:
ـ حاولي تسلقها بنفسك مثلنا عملا، فلو أنك قمت بجمع الأعشاب والحطب والحشائش أسفل الصخرة، حتى ترتفعي إلى حيث أقدر أن أساعدك على الطلوع أسحبك بحبلي القصير، استحسنت الدجرة رأيه، وراحت تجمع الحطب والأعشاب وتراكمها فوق بعضها أسفل الصخرة حتى جمعت قدراً كبيراً منها، فاستقامت فوقها وهي فرحة بمساعدة الراعي الذي راحت تتطلع إليه، ألقى لها الراعي بطرف الحبل وأمرها أن تربطه حول نفسها بإحكام لئلا تسقط منه، ثم راح يشدها إلى الأعلى حتى ارتفعت عن الحطب ثم تركها معلقة في الهواء. ريثما أشعل النار في الحطب والحشائش التي تحتها فارتفع اللهب من تحت الدجرة وحواليها وهي تصيح وتستغيث وتطلب من الراعي إنقاذها، إلا أن الراعي ترك الحبل يفلت من يديه لتسقط الدجرة على النار المشتعلة تحتها وحواليها، وأطلت الفتاة وأخوها من السفح ووقفا بجانب الراعي يشاهدان الدجرة وهي تحترق، استمرت الدجرة ترفع صوتها مستغيثة بالراعي لينقذها من الحريق ولكن دون جدوى، وبقوا جميعا يراقبونها من مكانهم حتى أكلتها النار فانصرفوا عندها عائدين إلى بيت الراعي وهم يسوقون الأغنام أمامهم. تزوج بعدها الراعي من الفتاة ليكونوا معاً أسرة واحدة، فكانت الفتاة تعتني بشؤون البيت، والولد يساعد الراعي في الرعي.



منقولة من كتاب حكايات وأساطير يمنية للكاتب : على محمد عبده

[/align]
[/cell][/tabletext][/align]



 
  مـواضـيـعـي


الرد باقتباس
قديم 09-19-2016, 05:21 AM   #12


الصورة الشخصية لـ روح السراب
روح السراب غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1000
 تاريخ التسجيل :  Dec 2013
 أخر زيارة : 04-25-2024 (07:28 PM)
 المشاركات : 27,050 [ + ]
 تقييم العضوية :  32916
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Brown
شكراً: 3,898
تم شكره 2,683 مرة في 1,725 مشاركة
الإفتراضي رد : مجموعة قصصية من التراث اليمني



[align=center][tabletext="width:70%;background-color:burlywood;border:6px double red;"][cell="filter:;"][align=center]
قعادة زاج وقعادة زجاج


عاشت في قديم الزمان أسرة مكونة من شاب وأخته لوحدهما ، عيشة هناء واستقرار ، الشاب يسعى وراء عمله والفتاة تقوم
بأعمال البيت لا ينغص صفوهما ولا يتدخل في شئونهما أحد ، إلى أن كان ذات يوم عندما أبدى الولد لأخته رغبته في الزواج من
إحدى الفتيات ففرحت أخته بذلك وحثته على الإسراع في الزواج ، فلم يمانع وزفت ( العروسة ) إلى البيت لتشاطرهما العيش والاستقرار فيه ، وأخته تحيطها بكل عنايتها وتهيئ لها أسباب الرغبة والاستقرار ، إلا أن زوجة الولد ضاق بها الأمر عندما وجدت أخت زوجها تقيم في نفس البيت فامتلأت نفسها كراهية لها وودت التخلص منها . إلا أنه لم يكن أمامها آن ذاك إلا كتمان ما تضمره ريثما يستقر بها المقام وتتمكن كمن التأثير على زوجها والاستحواذ على عواطفه لتوقع بينه وبين أخته ليسهل التخلص منها.
أخذت تهتم بزوجها وتبدي له حبها وهيامها وهو يبدي لها حبه وتعلقه بها ، وعندما وثقت من مكانتها في نفسه راحت تضايق
أخته وتشي بها عنده وتتهمها بالكسل والإهمال وعدم مساعدتها كلما عاد من عمله ، وهو يصغي لها ويلتفت نحو أخته ينهرها
ويوبخها وهي صامتة لا تدافع عن نفسها ولا تنفي ما ينسب إليها.

غدا هذا الموقف يتكرر يوماً وراء يوم ، إلا أن زوجته التي لم تكن لترضى بذلك
قالت له:هذه الفتاة لا تجدي معها الملامة ولا يفيد العتاب ، الأحسن طردها من البيت
استنكر ذلك منها وقال يعاتبها: هل جننت لتقولي اطردها من البيت
إلى متى أحتمل كسلها وعنادها.

أيقنت زوجته أن لا فائدة من المحاولة بإقناعه بطرد أخته من البيت إذ لا أهل ولا أقارب لها لتعيش معهم لو ألحت على طردها ، وإن السعي لقتلها أيسر من ذلك فبدأت في تغيير أسلوب ولهجة حديثها معه ومن معاملتها لأخته ، فلم تعد تبادره بالشكوى والتذمر من أخته وإنما تحدثه حديثا عاديا عنها ، وبعدها راحت تخبره أنها تخرج من البيت مابين حين وآخر وتبدي له قلقها من ذلك ، إلى أن كان ذات يوم همست له قائلة:
- اليوم عرفت سبب خروج أختك من البيت.
نظر إليها وهز رأسه مستفسرا عن السبب، فأدنت فمها من أذنه وقالت له :
- أختك مصاحبة (عاشقة) انسان غريب تخرج لملاقاته في غيابك واخشى أن تحمل منه وتسبب لنا فضيحة.
لم يصدقها زوجها أول الأمر وصرف ذهنه عن قولها ، إلا أنها راحت تعيد عليه قول ذلك يوما
وراء يوم وتجسد له الفضيحة حتى بدأ الشك يساوره من سلوك أخته . ليتقوى شكه مع تكرار أحاديث زوجته ،
حتى كره أخته وغدا يشيح بوجهه عنها كلما وقع نظره عليها .

وكانت أخته في بادئ الأمر تتألم من اصغائه إلى وشايات زوجته وتصديق ماتقوله عنها ، ومع ذلك بقيت تشاهد إبتسامته وتلمس حنانه فيخفف ذلك من وقع قسوته وتوبيخه على نفسها ، لكنها الآن تجد نفسها محاطة بالكراهية وتعيش في جو معاد لها ولا تعرف له سببا ، خاصة وقد اختفت ابتسامة اخيها وغدى يتجنب مشاهدتها وإذا صادف ووقع نظره عليها فبصورة مغضبة كلها عداء وكراهية فطوت عذاب نفسها بداخلها واستسلمت لقدرها وجسمها بدأ في النحول وشهيتها للأكل كادت تنقطع.
لما لاحظت زوجة أخيها ما آلت إليه صحتها قالت له:
- الآن تأكد لي أن اختك حامل.
- وكيف عرفتِ ذلك؟
- نحن النساء نعرف ظواهر الحمل وأعراضه ، وأختك أخدت تتأفأف من الروائح خاصة الأكل . ألا تلاحظ أنها لا تأكل إلا ما يسد رمقها؟
وأظافة تطمئنه:
- لا تخشى من ذلك . سأعمل على إجهاضها والتخلص من الجنين ، وعليك أنت أن تتدبر أمرها .
صمت زوجها والكآبة تملأ نفسه ، وبقى يعيش في هم وخوف من الفضيحة التي ستجرها عليه أخته ، إلا أن زوجته راحت تكثر من تطمينه وتهدئته وتوعده بتجنب الفضيحة بإخراج الجنين من بطن أخته قبل أن يكبر أو يشاع خبرها وذات يوم عمدت إلى عردان (أبو فردان) وسلخت جلده ولفت لحمه في قطعة قماش ، وعندما عاد زوجها من عمله حملت العردان المسلوخ وهو ملفوف بالقماش وقربته منه وقالت له:
- هذا ثمرة غرامها والحمد لله تخلصنا منه قبل أن يكبر وإلا لكانت الفضيحة بحجم الكارثه.
تناول قطعة اللحم المغلفة بالقماش من يد زوجته يتأملها وحملها إلى خارج القرية يدفنها وعاد إلى البيت يبحث عن أخته وما أن شاهدها حتى عمد إلى خنقها وهي مستسلمة له وعندما لفظت أنفاسها حملها إلى جانب البير في القرية ودفنها هناك وعاد إلى بيته فأستقبلته زوجته بفرح بعد أن تخلصت من أخته.

ماهي إلا أيام حتى نبت على قبر الفتاة المقتولة شجرة نخل أخذت تنمو وتكبر وتمتد إلى أعلى.
كانت نساء القرية قد اعتدن على التجمع عند البير يغسلن ملابسهن من مائها وبعدها ينشرنهن على الاحجار وعلى جدران القرية القريبة ليجفوا .. وإذ بالنخلة - بعدما كبرت - تحني لهن ساقها حتى يلامس رأسها الأرض لينشرن الملابس المغسلة على سعاف جريدها ، وتبقى منحنية حتى تجف الملابس وتأخذها النساء وبعدها ترفع رأسها وتقيم ساقها وتعود إلى طبيعتها.
إستمرت النخلة تحني ساقها للنساء لينشرن الملابس على سعاف جريدها يوميا حتى كان ذات يوم عندما جاءت زوجة أخيها تغسل ملابسها وملابس زوجها فشعرت بخلوتها وأمانها فنزعت ما عليها من ملابس وغسلتهم وعندما انتهت أحنت النخلة لها ساقها حتى لامس رأسها الأرض فنشرت عليها ملابسها وإذا بالنخلة تقيم ساقها وترفع رأسها بما عليها من ملابس على غير عادتها ، وبقيت المرأه شبة عارية تحتها منتظرة أن تحني النخلة ساقها مرة ثانية لتأخذ ملابسها ، ولكن النخلة بقيت منتصبة والملابس على رأسها والمرأة عارية تحتها عرضة لعيون المارة لا تجد ما تستر به عورتها.
بلغ الخبر زوجها فأتى لمساعدتها ولأخذ ملابسها من فوق النخلة ، إلا أنه لم يتمكن من ذلك . وجاء بمنشار اخذ ينشر به جذع النخلة ليقطعها ، فأرسلت أنينا موجعا وقالت له:
- مو تنشر يا نشار ، تنشر كعوبي بالمنشار.
سمعها وتوقف عن نشرها ، وراح يبحث عن شخص آخر يتولى قطعها بأجرته، وما أن بدأ يحرك المنشار ليقطعها حتى سمع انينها وهي تخاطبه:
- مو تنشر يا نشار ، تنشر كعوبي بالمنشار.
سمعها فتوقف عن قطعها وهو يقول:
- هذه مش نخلة يعلم الله ايش هي جنية أو إنسية.
إستعان الرجل بشخص آخر لقطع النخلة ، وما أن شرع بذلك حتى سمعها تقول له :
- آلمتني يا نشار تنشر كعوبي بالمنشار.
فألقى بالمنشار وفر هاربا من الخوف.
إستعان بثالث ورابع لقطعها ، وكلما هم احدهم بذلك سمع أنينها وكلامها وكف عن ذلك نادما على ما بدر منه.
فلم يجد بدا من الإستعانة برجل أصم وأبكم ليقطعها ، فراح ينشرها وهي تئن وتسائله وتعاتبه وهو يسمعها حتى قطعها
وهوت على الارض فأخذا ملابسهما وانصرفا عائدين إلى البيت.


[/align]
[/cell][/tabletext][/align]



 
  مـواضـيـعـي


الرد باقتباس
قديم 09-19-2016, 05:26 AM   #13


الصورة الشخصية لـ روح السراب
روح السراب غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1000
 تاريخ التسجيل :  Dec 2013
 أخر زيارة : 04-25-2024 (07:28 PM)
 المشاركات : 27,050 [ + ]
 تقييم العضوية :  32916
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Brown
شكراً: 3,898
تم شكره 2,683 مرة في 1,725 مشاركة
الإفتراضي رد : مجموعة قصصية من التراث اليمني



[align=center][tabletext="width:70%;background-color:burlywood;border:6px double red;"][cell="filter:;"][align=center]

2


مرت إمرأة عجوز فقيرة من جيرانهم بجانب النخلة المقطوعة تجمع عيدان الحطب من الطريق في زنبيل تحمله فوق رأسها ، فشاهدت في قلب النخلة حبة بلح ناضجة كانت هي كل ثمرها فقطفتها ووضعتها في الزنبيل واستمرت تواصل سيرها تجمع عيدان الحطب ، إلا انها بدأت تحسب بالزنبيل يثقل فوق رأسها ولكما سارت ازداد ثقلا مع انها لم تجمع فيه شيئا كثيرا من الحطب ، فحطته من فوق رأسها ونظرت إلى داخله لتتعرف على سبب ثقله ، فوجدت حبة البلح تكبر بسرعة داخل الزنبيل مسببة ذلك الثقل ، فأعادت حمله وواصلت سيرها وهي تتعجب من ذلك . ولما وصلت البيت غطتها بخرقة قماش لترى ماذا سيكون من أمرها ، ومرت الايام وحبة البلح تكبر وتتضخم وعندما توقف نموها ويبست تشققت وخرجت منها طفلة صغيرة وجميلة فرحت بها العجوز التي عاشت حياتها وحيدة لا يؤنس وحدتها أحد من الأهل أو الأقارب، واعتبرتها ابنتها وراحت تربيها وتعتني بها ، هي تنمو وتكبر وتزداد ملاحة ، وعندما غدت فتاة شابة تولت أعمال البيت بمفردها وركنت العجوز إلى الراحة والرضى يملأ نفسها، إلا انه مع الايام اخذ الخوف يساورها من ان تفارقها الفتاة في يوم من الايام وترجع هي إلى وحدتها وسابق حياتها فعملت على تشديد حراستها عليها وحرصت على ابقائها في البيت لتخفيها عن عيون الناس لكي لا يتعرف عليها أحدهم فيكون سببا في فراقها .. ولكن صادف ذات يوم طلع الفتاة إلى سطح بيت العجوز في وقت كان اخوها يطل فيه من نافذة بيته القريبة من بيت العجوز فوقع نظره عليها فأعجب بجمالها . وقال لعلها فتاة زائرة لبيت العجوز .. ولكن كيف يمكن أن تكون زائرة لبيت ، صاحبته غائبة عنه ولا يمكن أن تكون إبنتها لأنها كما نعرفها تعيش وحيدة بدون ابناء ، فقرر أن يركز اهتمامه على بيت العجوز ومراقبة الفتاة ليتأكد من حقيقتها وهل هي زائرة للبيت أو مقيمة فيه ، ومن هم أهلها ليخطبها منهم ، تكرر طلوع الفتاة إلى السطح وتكرر وقع نظر أخيها عليها فاتضح له أن الفتاة مقيمة فيه ولا تغادره أبدا فقرر أن يفاتح العجوز في امرها ، فلما التقى بها في الطريق سلم عليها واطمأن علىصحتها وهي تجيبه بحمد الله وشكره وبعدها قال لها:
- من يوم وقعت عيني على ابنتك ولا غمض لي جفن تعلقت بها نفسي وغدوت لا أقولى على فراقها وأريد منك أنت تزوجيني بها واطلبي من المهر ما أردت.
إنزعجت العجوز لمعرفته بوجود الفتاة في بيتها إلا أنها ضبطت اعصابها وأجابته منكرة ومستغربة:
- أتسخر مني بكلامك هذا ؟ تطلب مني أزوجك إبنتي ؟ ومن متى كان لدي أبناء أو بنات .. لو كان لي أبناء أو بنات لساعدوني وأعانوني ولجلست في بيتي بدلا من السير في الطرقات أتسول وأجمع عيدان الحطب .. كيف تسألني هذا السؤال وأنت تعرف أني أعيش لوحدي..
أثرت عليه بلهجتها خاصة وهو على معرفة بحالتها فلم يشأ ساعتها أن يدخل في جدال وتحد معها من أول يوم يفاجئها فيه بمعرفته بوجود فتاة في بيتها وبحبه لها فلاذ بالصمت وترك العجوز تسير في سبيلها وهي موقنه أن أمر الفتاة غدى معروفا ولم يعد سرا وانصرف لحاله وحواسه ومشاعره مشدودة نحو الفتاة التي بقي يراقبها من نافذة بيته كلما طلعت سطح البيت ليزداد تعلقا بها واصرارا على الزواج منها ، أخذ يستوقف العجوز يوما وراء يوم ويكرر لها طلبه في ا لزواج من الفتاة ، وهي تكرر له نكرانها ، ويعود ويدخل في تحد معها عن وجو الفتاة وهي ترفض تحديث إلا أنه ضيق عليها الخناق ذات يوم وقال لها:
- إني أشاهد الفتاة باستمرار من نافذة بيتي ومتأكد من وجودها في بيتك ، وإذا كنت تريدين أن اكذب نفسي واصدقك دعيني أفتش البيت بنفسي.

إبتسمت له العجوز (التي كانت قد أخذت حيطتها وأخفت الفتاة في حصير طوته وركزته في زاوية البيت) وقالت له:
- البيت بيتك فتشها كما تريد.
أخذ الرجل يفتش زوايا البيت زاوية بعد أخرى حتى وصل إلى الحصير المطوي وهزه بيده فلقاه ثقيلا ، فتناوله بكلتا يدية من الزاوية ووضعه برفق على الأرض وراح ينشره في القاعة لتخرج منه الفتاة فأوقفها لتبقى في مواجهة العجوز وهو يقول لها:
- أريد منك أن تزوجيني بها.
وجدت العجوز أنه لا مفر لها من مفارقة الفتاة فقررت المباعدة والمغالاة في المهر لعله يعجز عن ذلك فأجابته قائلة:
- أريد منك كيس ذهب وكيس فضة مهرا لها.
- لك ما تطلبين.
إلتفتت الفتاة نحو العجوز لتقول لها:
- هذه مطالبك وحدك وأنا لي مطالبي ولن أتزوجه إلا إذا حققها.
- سألها مستوضحا:
- ماذا تطلبين أنت ؟
- أطلب قعادة زاج وقعادة زجاج لننام عليهما ولن أتزوجك بدونهما.
- لك ما تطلبين.
إنصرف ليحضر للعجوز أكياس الذهب والفضة التي طلبتها ، وليجهز لغرفة نوم الفتاة سرير من زاج وسرير من زجاج . وبعدها حددوا يوم الزفاف وزفت له الفتاة في اليوم المعين.

خل العروسان غرفة النوم وقعد واحد منهما على سرير وعندما هم بالاقتراب منها تكلم السرير الذي تحته قائلا:
- قعادة زاج وقعادة زجاج.
وإذا بالسرير الآخر يجيبه متسائلا:
- كيف يصح بين الأخوة زواج؟
لم تلق الفتاة إهتماما لما سمعت أما هو فقد تسمر فيمكانه يبحث عن تفسير لما سمع ، ولما لم يهتد إلى شئ حاول الاقتراب من زوجته مرة ثانية وإذا بالسرير يعيد قوله:
- قعادة زاج وقعادة زجاج.
فأجابه الثاني:
- كيف يجوز بين الأخوة زواج؟
تراجع الرجل مرة ثانية يعاود التفكير دون أن يهتدي إلى شئ ، إستمر السريران يكرران حوارهما كلما هم الرجل الاقتراب من زوجته وفي الأخير قال لنفسه:
- لا بد وأن هناك أمرا وراء نطق السريرين وحوارهما يكمن في حياة هذه الفتاة التي ظهرت فجأة في بيت العجوز ولا بد لي من معرفته ، فقال يخاطبها:
- أقسم لك بالله ، ولك عهده وميثاقه اني لن أقربك ولن أعاملك كزوجة أبدا ، وكل ما أرجوه هو أن اعرف حقيقتك واسمع قصتك.
أخذت الفتاة تروي له قصتها من البداية وتروي له معاملة زوجة أخيها لها واتهامها بالزنا واستدلالها (بعردان) مخلوس حتى أوغرت صدر أخيها فقتلها ودفنها بجانب البير إلى آخر قصتها ، كانت تتكلم وهو مصغ لها فأيقن أنها اخته التي كادت لها زوجته عنده وتسببت في قتلها ، فندم على ما بدر منه نحوها ، فأقترب منها يضمها إلى صدره وهو يقول لها:
- سامحيني فأنا هو أخوك ، صدقت وشايات زوجتي ضدك وصنعت بك ما صنعت.
إبتسمت له أخته وهي تبادله القُبل ، وطلق الرجل زوجته وبقي يعيش مع أخته كما كانا يعيشان من قبل.

- تمت-
منقول من كتاب حكايات وأساطير يمنية للكاتب: علي محمد عبده ، ص.101-108.



[/align]
[/cell][/tabletext][/align]



 
  مـواضـيـعـي


الرد باقتباس
قديم 09-19-2016, 05:30 AM   #14


الصورة الشخصية لـ روح السراب
روح السراب غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1000
 تاريخ التسجيل :  Dec 2013
 أخر زيارة : 04-25-2024 (07:28 PM)
 المشاركات : 27,050 [ + ]
 تقييم العضوية :  32916
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Brown
شكراً: 3,898
تم شكره 2,683 مرة في 1,725 مشاركة
الإفتراضي رد : مجموعة قصصية من التراث اليمني



[align=center][tabletext="width:70%;background-color:teal;border:6px double red;"][cell="filter:;"][align=center]

قصة احمد شوربان


كـــــــــــان يامـــــا كـــــــــــــان
وعـــــاش في قديم الزمــــــان
خياط فقير يفتجع من عومته
إسمه : أحمــــد شوربــــــــان

كان يطلب الله بدكانه ويراعي لزبون بالشهور تقدروا تقولوا مدبر و منحوس
ويوم من الأيام جلس يشرب حليب ، أكتبع باقيت القلص للارض وجلس يتفرج للذباب المتجمعات ويقتلهن.
جملة الجميل على الفرغة حصّلُه مغوى يطيّر بالضبح وشل خشبة وربط فوقه سكين وحرب هو والذباب اللي يموتين (ضحايا) ، واللي يتفالتين (أسرى) واللي يطيرين (الجبناء- الهاربات) من المعركة.
روّح البيت قامرته تراعيله وراء الباب وتسأله : هااااااا مو جزعتلنا اليوم ؟؟
جلس يفشر قدامه: هه اليوم قتلتو ثلاثين وجرحتو خمستاعش واللي هربوا أربعين ،
بالبداية ماصدقاش بس كل يوم والعدد يزيد والرجال ينتفخ وعلى آذا الرحيل لما وصل عدد الذباب اللي قتلهن ألف واللي جرحهن ألف واللي طارين ألف.

هييييييييييه نسيتو ما قلتولكمش إنه كان فشّاااااااااار خلو بعلم - رحم مقاتيله -

المهم شل سيفه (اللي قلتولكم علوه) وكتب:
(هذا سيف أحمد شوربان ، قاتل آلف ، آسر ألف ، وعاتق الف لوجه الله).
علق السيف بين اعدانه وخرج السوق وجزع المسجد يصلي وبعدا سار العزومة حق عرس إبن السلطان وكلهم يتفرجوا له.
صيحله السلطان لما شاف المكتوب فوق السيف وقال هوذا اللي شخارجنا ، كان أيامه يمر بأزمتين:
الاوله: الطاهش اللي ما حيفتكش يدخل أو يخرج من القرية إلا وأكله .
والثاني: الشيخ شوقع اللي ماخلالوش حاله .

المهم وعده لا قتل الطاهش وغلب الشيخ شوقع شينديله اللي يشتي .

روح لعند مرته وحكاله إنه مقاتيله هن الذباب ، وماهوش داري كيف يعمل بس مرته كانه اشجع منه وجهزتله البغلة وقلتله أنت سير لاقي الطاهش ولا علوك ..
عملتله بالمخلئة (ساع العزفة يشلوبه أكل) - كدر -صلحتهن من مسكرة (نوع من الشعير لما واحد يأكله يتخدر )..
خرج صاحبنا ووصل لايما يجلس الطاهش وربط البغلة حقه وطلع راس الشُجري هارب من الطاهش ورقد.
الطاهش وصل أكل الكدر وأتخذر ، الرجال قام لما سمع آذان الفجر ونزل جري من فوق الشجرة يصلح السرج لفوق الطاهش يحسب انه بغلته وروح .

وصل و ربطه بباب البيت ودخل يقول لمرته تخرج تطرح للبغلة وتنديله ماء.
خرجت المرة تلاقي الطاهش دجاهه رجعت تكلم زوجه اللي ظهر يتخاوص من الطاقة ودخل مطشوش من الفجيعة يبكي ويقوله : لو كان أكلنا مو كنتي شتفعلي
ومرته تقوله سلم الله.
المهم معاسكتش إلا لماأجاله رسول من السلطان يسير لعنده وجلس يمطه ويمدح شجاعته وهو ما صدق - نسى الفجيعة حق الطاهش.
قاله والله إنك تقول .. هيا عباقي تخلصنا من الشيخ شوقع .
جهزله جيش والحصان حقه علشان يحارب

ويا أحفادي طاب علمكم
أحتنش احمد شوربان وطلع فوق الحصان والحصان حفز يسابق الريح معا اسكاش يوقفه والجيش اللي بعده ماقدروش يلحقومو.

بدأ يفقد توازنه فمسك ضباط بالسرج وغمض عيونه
وجلس يصيح مفجوع : أين شوقع أين شوقع ؟؟
كل اللي كانوا معه يحسبوا انه شاجع يراعي ايحين شلاقي الشيخ شوقع علشان يحاربه وكانوا يردوا عليه ويقولوا له: قا ناصفنا الطريق ..
مااحد فكر أنه كان يصيح من الفجعة لا فلت من فوق الحصان أينه شوقع؟؟

أما الشيخ شوقع واصحابه قالوا شستقبلوموا يبان إنه ناويلهم ومشقدرولوش ..
ولما اتلاقى الطرفين . سد الجيش حق شوقع الطريق على الحصان ورفعوا علامة الاستسلام
و أحمد شوربان فتح عيونه وقفز من ظهر الحصان متجمل من اللي وقفه ويحضنه بدون مايدري انه الشيخ شوقع .
شوقع يحسب انه رجال مخلق ومحترم ووصل يتفاوض معه ..
أستقبله وسهل به ورحب به وقاله شيروح معه يتصالح مع السلطان.

وصلوا للقصر وأستقبلهم السلطان وسدوا هو والشيخ شوقع .

أما أحمد شوربان أكرمه وعاش هو ومرته أحسن عيشة.

جمعتكم مبااااااركة
لا تنسوناش من دعائكم

هيا رحم مقاتيلكم حق السنة الاولة
قتلتم ألف وأستأسرتم ألف وعتقتم ألف لوجه الله


[/align]
[/cell][/tabletext][/align]



 
  مـواضـيـعـي


الرد باقتباس
قديم 09-19-2016, 05:39 AM   #15


الصورة الشخصية لـ روح السراب
روح السراب غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1000
 تاريخ التسجيل :  Dec 2013
 أخر زيارة : 04-25-2024 (07:28 PM)
 المشاركات : 27,050 [ + ]
 تقييم العضوية :  32916
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Brown
شكراً: 3,898
تم شكره 2,683 مرة في 1,725 مشاركة
الإفتراضي رد : مجموعة قصصية من التراث اليمني



[align=center][tabletext="width:70%;border:6px double red;"][cell="filter:;"][align=center]
سعيد الجان وقُميرة البان


كان هناك سبع بنات ماتت أمهن ، وكن يعشن مع أبيهن. ومرت الأيام ، وأراد الأب أن يذهب غلى السفر لطلب الرزق.
قال لهن : يا بناتي سأذهب للعمل في بلاد الله ، وقد أمنت لكن مصروفكن من مأكل ومشرب ، لمدة عام ، فحذار من فتح الباب لأي مخلوق كان.
سافر الأب ، وعبثت بناته بالمصاريف ، حتى أنهين كل شئ . وفي يوم أردن أن يجهزن طعامهن ، فلم يجدن كبريتا ليوقدن النار.
فقالت الأخوات: سنذهب إلى ذلك البيت لنأتي بكبيريت. وقد كان بيتا ليس بالبعيد وينبعث منه ضوء.
ذهبت اثنتان من الأخوات إلى ذلك البيت . طرقتا الباب ولم يفتح أحد ، لم يكن الباب موصدا كثيرا . فتحتاه، ودخلتا المطبخ لتأخذا علبة الكبريت. رأتا داخل التنور رجلين آدميتين مطبوختين ، لم تعرف الأختان أنها أرجل آدمية ، لقد كانتا يظنانها أرجل لحم حيوانات.
أخذت الأختان إحدى الرجلين ، وقفلتا عائدتين إلى بيتهما ، وهما يسحبان الرجل على الأرض والتراب من طولها وثقلها.
رجع أصحاب ا لبيت ، ولم يجدوا لحمهم في التنور ، وكان ذلك البيت مملوكا لسعيد الجان.
إقتفى سعيد الجان أثر الأقدام حتى أوصله الأثر إلى بيت الأخوات.
إطمأن على معرفة العنوان ومن الذي أخذ لحمته ، ومن يسكن في البيت ، ثم رجع إلى منزله مطمئنا.
في اليوم التالي ، قام سعيد الجان ، وتنكر بـ (شماطط) (1) رثة من ملابس النساء ، وذهب إلى بيت الفتيات ، وأخذ يطرق الباب ، ويغير من صوته:
- من في الباب؟ صاحت الفتيات.
- أنا يا بناتي (مكلف)(2) مسكينة ، طالبة الله ، اعطوني مما اعطاكم الله.
- نحن لا نفتح الباب لأحد ، هكذا حذرنا أبونا.
وبنشيج باك ، قال : لا عليكن يا بناتي أني مكلف عجوز ، لا حول لي ولا قوة ، فقد أريد منكن أن تفتحن لي ، وتطعمنني.
فرقّ قلب الفتيات ، وتشاورن ، وتوصلن : مادام الطارق إمرأة وعجوز مسكينة ، فلماذا لا نفتح لها؟
فتحن ا لباب ، وأجلسنه في درجات السلم.
قال لهن: لا أريد أن أجلس في درجات السلم ، فالدرجة تدرجني.
فما كان منهن إلا أن أدخلنه المكان العلوي ، وجلسن معه.
بعد أن مرت ساعة ، بتؤده قال لهن : أريد أن (أريق الماء) (3) فمن منكن ستساعدني للذهاب إلى الحمام؟
تبرعت الأخت الكبيرة وقالت : أنا سأذهب بك إلى الحمام يا جدة.
وفي الحمام رجع إلى حالته الأولى سعيد الجان، وأغتصب الأخت الكبيرة.
وبعدين "ملعونة الوالدين" لم تتكلم بما حدث ، ورجع سعيد الجان إلى طبيعته المتنكرة (المرأة العجوز) ، ودخل المكان ، ومرت ساعة ، وطلب أن يذهب إلى الحمام ليريق الماء. وذهبت معه إحدى الأخوات ، واغتصبها ، ولم تتكلم . وهكذا فعل مع بقية الأخوات ، ولم تنطق إحداهن بما حدث لها في الحمام.

عندما وصل دور الأخت السابعة قميرة البان ، وقال: أريد أن أريق الماء ، صعدت الأخت السابعة معه إلى الحمام ، وهناك قال لها: يا بنيتي أنا مثل جدتك ، لا أستطيع أن أريق الماء إلا إذا صعدت بين (أعداني) (4).
وافقته الأخت الصغرى ، وركبت على أكتافه ، وكانت قد إستهوته لما لها من جمال ساحر يأخذ الألباب ، وما إن ركبت على أكتافه حتى ركض وهرب بها.
ومرت الأيام ، وبدأ الحمل يظهر على الأخوات الست .
أما قميرة البان ، التي (شلها)(5) سعيد الجان. وودّاها (6) دار الأوطان.
وشعرها شعر غربان.
فقد وضعها في بيته لكنه لم يمسسها أبدا.

وهكذا أيام بعد أيام ، حتى وفت السنة ، رجع الأب من السفر ، فوجد بناته الست (مُرزنات) (7) وقميرة البان غير موجودة.
قام الأب من هول الفاجعة والفضيحة ، عمل (مكريب) (8 ) وقال لهن: من كانت منكن إبنتي فلتقفز داخل النار. وكانت كل واحدة تقفز تسقط داخل النار الموقدة حتى ماتت الفتيات الست.
ثم ذهب يبحث عن ابنته قميرة البان ، فبحث عنها في كل مكان ، حتى كَلّ من البحث ، من قرية لقرية ، ومن مدينة إلى مدينة ، حتى وجدها في بيت سعيد الجان ، الذي سرق قميرة البان
ووداها دار الاوطان
وشعرها شعر غربان

كانت هناك بئر بجانب بيت سعيد الجان ، وكانت هناك خادمة من خدمه الكثر - فقد كان سعيد الجان رجلا ثريا، يملك الأراضي والمواشي والخدم.
سألها الأب: إلى أين تجلبين الماء؟
ردت الخادمة : أجلب الماء إلى ستي قميرة البان.
(اللي) (9) سرقها سعيد الجان.
و(زَل) (10) بها دار الأوطان.
وشعرها شعر غربان.
قال لها الأب : أريد منك أن توصلي هذا الخاتم إلى ستك قميرة البان ، لكن دون أن يراك أحد.
أوصلت الخادمة الخاتم إلى سيدتها قميرة البان دون علم أحد ، فعرفت قميرة البان أن الخاتم خاتم أبيها.
فأخذت نفسها خفية وتسللت وفرت من المنزل ، ووصلت إلى أبيها فأخذها محتضنا إياها ، وذهبا معا إلى البيت.
أما سعيد الجان فعندما عرف الحكاية ، خاف مما سيلاقيه من مشاكل ، فكف عن المطالبة بها.
وعاشت قميرة البان مع أبيها في سعادة ، وأني سرت من عندهم، لا روحهم ولا قام.

- إنتهت -








(1) شماطط: الملابس القديمة المهترئة.
(2) مكلف : إمرأة
(3) أريق الماء: أبول.
(4) أعداني: أكتافي.
(5) شلها : أخذها.
(6) ودّاها: ذهب بها.
(7) مرزنات: حاملات.
(8 ) مكريب : نار كثيفة.
(9) اللي : بمعنى الذي.
(10) زل : أخذ ، ذهب ن أخفى ....... إلخ



منقول من كتاب قراءة في السردية الشعبية اليمنية (70 حكاية شعبية) - للكاتبة : أروى عثمان . ص.283-286



[/align]
[/cell][/tabletext][/align]



 
  مـواضـيـعـي


الرد باقتباس
قديم 09-19-2016, 05:45 AM   #16


الصورة الشخصية لـ روح السراب
روح السراب غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1000
 تاريخ التسجيل :  Dec 2013
 أخر زيارة : 04-25-2024 (07:28 PM)
 المشاركات : 27,050 [ + ]
 تقييم العضوية :  32916
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Brown
شكراً: 3,898
تم شكره 2,683 مرة في 1,725 مشاركة
الإفتراضي رد : مجموعة قصصية من التراث اليمني



[align=center][tabletext="width:70%;border:6px double darkblue;"][cell="filter:;"][align=center]


بشيبه ولا بكل الشباب


تقع قرية (( الجنات )) على بعد بضعة أميال من الراهدة وبمحاذاة أحد روافد ورزان وتلتصق بأسفل جبل الصلو وتكاد
(( قلعة المنصورة)) تظلها بجناحها المنشور الذي بسطته عندما كانت تهم أن تطير لولا أن الدندكي أمرها بالتوقف عندما صاح بها: يا قلعة المنصورة أوقفي. فوقفت وبقي جناحها منشوراً يظلل قرية الجنات وما يجاورها من قرى.
كانت القرية تعيش حياتها اليومية المعتادة تهتم بزراعة أراضيها ورعي مواشيها عندما فاجأتها أوامر الدندكي ابن أيوب طالباً من أهاليها أخشاباً وكلفهم بنقلها إلى القلعة.
حار الأهالي في أمرهم ولم يدروا ماذا يصنعون ، ولا كيف يتصرفون . فهذه أول مرة تطلب منهم الدولة مثل هذه الطلبات التي
يصعب تنفيذها.
حقاً أن القرية خضراء وغنية بالأشجار والثمار واسمها (( الجنات )) يدل على حقيقتها . وهم مستعدون لإعطاء الحكومة حاجتها من الأخشاب ولكن من سيتولى نقلها إلى القلعة المطلة عليهم والتي ترتفع ارتفاعا شاهقاً ، وليس هناك من طريقة مسلوكة تؤدي إليها.
إن تنفيذ أمر الدندكي ذاك مستحيل وعصيانه أكثر استحالة.
اجتمع الأهالي للتشاور فيما بينهم ، وهم يتبادلون نظرات الحيرة والاستفسار عما يمكن صنعه . وتشعبت الآراء وتناقضت
الاقتراحات . فقال أحدهم: المثل يقول (( طيع الحكومة ولا تنصرها )) وعلينا تلبية طلب الدندنكي ونقل الأخشاب إلى القلعة.
وقال آخر:إذا لبينا طلب الدندكي جعلها عادة وستتكرر طلباته وستكثر وسنسمع منه كل يوم طلباً جديداً.
ما رأيك أن نعصي أمره ونعرض أنفسنا وقريتنا للخراب؟
فقال أكبرهم سنا وقد تفتق خياله عن حل للمشكلة :
- كلكم محقين في آرائكم . فإذا لبينا طلب الدندكي ظفر بنا وسيكون له كل يوم طلب جديد . أما إذا عصينا أمره أحرق القرية وعلقنا إلى "دقم الخباش" ولكن عندي حلا وسطا يجعلنا غير ملزمين بتلبية طلب الدندكي ولا يقر عصيانا لأمره.
إلتفت الجميع نحو الشيخ المسن متلهفين لسماع ا لحل الذي لا يغضب الدندكي ولا يلبي طلبه.
وأخذ الشيخ يجيل نظراته الزائغة في الحاضرين وكأنه يريد التعرف على قع كلماته فيهم ، وقال:-
- الحل أننا (نتهابل) ونلبي طلبه بصورة تدل على هبالتنا وجهلنا لكل شئ.
فتساءل الجميع مستفسرين وقد زادت حيرتهم:
- وكيف ذلك؟
أجابهم والابتسامة تعلو وجهه:
- ننتقي أحسن الاخشاب في القرية ونقطعها قطعا صغيرة لا يزيد طول القطعة منها على ذراع ثم نحملها في سلال وننقلها إليه حتى القلعة .
وتساءل الجميع:
- كيف ينطلي عليه ذلك؟
- نفذوا كل ما أشير به عليكم وأنا أضمن النجاح.
فأبتسم الجميع وقالوا:
- شريطة أن تتولى أنت قيادتنا.
فأبتسم بدوره وهو يقول:
- لا عليكم ، أنا أتولى الأمر

توجه كل من في القرية لإنتقاء الاخشاب وتقطيعها وتوه وفد منهم إلى قلعة المنصورة تلبية لطلب الدندكي وهم يحملون السلال على ظهورهم العارية والاخشاب مقطعة قطعا صغيرة داخلها ولا يبدو غير أطرافها من فتحات السلال.
أخذوا يحثون خطاهم بصمت والدهشة ملء وجوههم والاستغراب من كل شئ تقع عليه أعينهم ، كأنهم خرجوا من سراديب مظلمة أو وفدوا من دنيا غير الدنيا.
استقبلهم كل من في المنصورة بدهشة واستغراب لتصرفهم ذلك واخذوا يتجمعون حواليهم يسألونهم عما في السلال .. وكانوا يجيبونهم بجواب واحد لا يتغير:
- هذه هي الاخشاب طلب الدندكي.
فيضح الناس بالضحك منهم ويتبادلون الاشاعات حول تصرفهم هذا إلى أن وصل خبرهم مسامع الدندكي الذي لم يصدق ذلك وخرج بنفسه لمشاهدة أهالي (الجنّات) لاستطلاع خبرهم ، فأستقبلوه صفا واحدا يتقدمهم الشيخ المسن وكل واحد منهم يضع سلته أمامه والاخشاب بداخلها والناس مجتمعين حولهم يتعجبون من تصرفهم ويتطلعون إلى ما سيصنعه الدندكي معهم .

ومر الدندكي عليهم واحدا واحدا وعيناه تتفحصان السلال تارة وتتفحص وجوههم تارة أخرى عله يرى عليها امارات المكر أو الخداع إلى أن تجاوز نهاية الصف فأستدار راجعا وقال متسائلا: مالذي أحضرتم لنا في السلال؟
فتقدم الشيخ المسن نحوه وهو يجيب : الأخشاب التي طلبتها منا.
قال ذلك بكل هدوء ووقار ودون أن يلاحظ الانسان في كلامه علامة المكر والخداع.
نظر الدندكي إليه وأخذ يتفحصه عله يشعر بشئ من الارتباك أو الاضطراب يفضح أمر هؤلاء.
ولكن الشيخ كان صامدا امامه يبادله نفس النظرات وكأنه ينتظر كلمات الشكر والثناء منه على تلبية طلبه وتوفير حاجته من الاخشاب .. فعاود الدندكي سؤاله:
- هذه هي الاخشاب التي طلبناها؟ .. قال ذلك وتناول احداها واخذ يقلبها ويتأملها.
فأجابه الشيخ: نعم وقد اخترناها من خيرة ما لدينا من أخشاب.
فقال الدندكي : ولكنها قصيرة.
فأجابه الشيخ: (سعادتك توصلها).
حار الدندكي في أمره ، ولم يدر مالاذي حمل أهالي الجنات على تقطيع الاخشاب بتلك الطريقة التي تفقدها الافادة ولماذا يحملون مشاق السفر لنقلها إليه .. وعندما حاول افهامهم بأنها قصيرة لا يمكن استعمالها أجابوه ببراءه وهدوء : سعادتك ستواصلها وستزيد من طولها ، وفي ذلك منتهى الثناء والمديح له ، ولكن هل كان ذلك بداهة منهم أم خديعة ومكرا ؟
حذث هذا والناس مجتمعين صامتين يسمعون إلى ما يدور بين الدندكي وبين أهالي الجنات من نقاش وحوار دون أن ينبس أحدهم بكلمة وكأنهم يشاطرون الدندكي حيرته في أمرهم.

وقرر الدندكي في نفسه القيام بتجربة جديدة ومحاولة أخرى لمعرفة حقيقتهم ، فأمر الخدم بافراد جناح خاص لأهالي الجنات يقيمون فيه وبتوفير كل شئ لهم ليتسنى له مراقبتهم والتعرف على حقيقتهم.
ولما حان أوان الغداء أمر الخدم بتجهيزه لهم ووضع الف دينار من الذهب بين الحلبة على أساس أنها (نواة الحمر) فاذا كانوا جاهلين وبدائيين حقا فانهم لن يمسوا الذهب ولن يعرفوه ، وإذا كانوا على العكس من ذلك فسوف تنقص الدنانير ولو واحدا اذ لا بد وأن يطمع بعضهم أو احدهم فيها أو في بعضها.
وقدمت لهم جفان العصيد وأواني الحلبة بجانبها والدنانير بداخلها وكلف الخدم بمراقبتهم واحصاء حركاتهم ، وأثناء الأكل اكتشفوا الدنانير بين الحلبة ففطنوا للخديعة التي دبرها لهم ليوقعهم فيها فتبادلوا النظرات فيما بينهم وهم يبتسمون.
أخذوا يلوكون العصيدة ويمضغونها ويخطون الحلبة من الدنانير ثم يخرجونها من أفواههم ليرموها إلى الارض حول الجفان وهم يتمتمون بصوت مسموع:
- كثرت الحماميض بين الحلبة.
كانوا يرددون هذه الكلمة بين حين وآخر ليسمعهم الخدم الذين يراقبونهم عن قرب. وبعد إنتهاء الأكل جمعوا فضلات الأكل مع الدنانير في أناء الغُسّال ولم يأخذوا أيا منها والخدم يراقبونهم من طرف خفي.
حضر الدندكي الى جانب الخدم ليتأكد بنفسه من أن الدنانير لم تنقص شيئا فعدها الخدم أمامه فإذا هي كاملة.
وأزدادت حيرته في أمرهم وقال في نفسه:
- إلى هذا الحد هم من ا لسخف والبلاهة؟
واتجه نحوهم ليستفسر عن حالهم وما إذا كان الغداء ناسبهم ثم ما رأيهم في الدنانير وماذا حسبوها ، ولماذا لم يأخذ أي منهم بعضها؟
وبادرهم بسؤاله:
- كيف الغداء أعجبتكم العصيدة؟
فأجابه الشيخ:
- عصيد ما عصيد وحلبة ما حلبة لكن كثروا الحماميض (إشارة إلى إستعمال كثير من الحُمر بينها بسبب وجود الدنانير) .. وصمت الدندكي ولم يدر ماذا يقول لهم ، وقال يخاطب نفسه متمتما:
- إن البلاهة لا يمكن أن تصل بالمر إلى هذا الحد الذي لا يميز فيه بين الاشياء ولا يفرق بين نواة الحُمر والدنانير ولا يمكن أن تكون البلاهة بصورة جماعية ولا بد أن يكون في الأمر سر لابد من إكتشافه قبل السماح لهم بالعودة إلى قريتهم..

خطرت للدندكي فكرة أخرى أراد أن يمتحن بها أهل الجنات ويتعرف على حقيقتهم ويتأكد من صحة تصرفهم وكانوا بدورهم فطنين لنواياه .
كان الوقت قبيل الغروب والضباب يلف كل شئ ولا يستبين المرء من خلاله شيئا عندما قال لهم الدندكي :
- لنخرج نمشي معا لنعرفكم على القلعة.
فخرجوا معا يتجولون في أنحاء القلعة التي يحيط بها الفضاء من كل جوانبها ولا يربطها بالمدينة إلا طريق أو سلم مستطيل يمتد من أسفلها ، والغيوم تمر من تحتهم وحواليهم متدافعة متتابعة.
حاولوا النظر إلى قريتهم الكائنة في القاع المنبسط عند أسفل الجبل ، فلم يشاهدوا إلا الظلام ولم تستطع عيونهم أن تخترق الطبقة العليا من الغيوم الكثيفة التي تتجمع في ا لقمم وتجعل المرء لا يستبين أمامه إلا بصعوبه.
وأبدوا البلاهة والجهل وتساءلوا عن هذا الشئ الذي يشبه الدخان ويمر بمواكب متلاحقة حواليهم وتحتهم ويغمر كل شئ ولم يشاهدوا مثله في القرية.
فأبتسم وهو يجيب:
- هذه جمال ربي.
فقال الشيخ:
- إنها غير موجودة في القرية.
- لكنها موجودة عندنا. وأردف:
- ما رأيكم تركبون عليها وهي ستحملكم إلى القرية وتوفرون على أنفسكم مشقة السير الطويل.
فشعروا أنهم وقعوا في مأزق لا يمكنهم الخروج منه وأن أمرهم لاشك سينفضح إذا رفضوا الركوب على الضباب ولا بد أن يفرض عليهم أقسى العقوبات.

وصوبوا نظراتهم نحو الشيخ وكأنهم يقولون له :
- لقد أوصلتنا حيلك وحكمك إلى طريق مسدود. وهذه هي نتيجة مشورتك ، وكأنهم يطلبون منه مخرجا من هذا المأزق الذي وقعوا فيه وقد عودهم الشيخ على اخراجهم من كل مأزق.
ولكن حيرتهم لم تطل فقد فاجأهم الشيخ بقوله وكأنه يعظهم ويودعهم:
- يا أولاد: (بشيبة ولا بكل الشباب).

قال ذلك ومرق من بينهم وقفز في الفضاء ليركب على متن الضباب إلى القرية وهو يقول:
- (ياجمال ربي التقي)
وفزع الدندكي من تصرفهم وتيقن من حقيقة بلاهتهم وجهلهم وخاف أن يلحق الآخرون به ومنعهم من القفز وراء الشيخ خاصة وقد انتظموا في طابور موهمينه أنهم موشكون على القفز بعده أولا بأول.
وأطل الدندكي من مشارف السفح فشاهد الشيخ ممسكا بكلتا يديه على فروع شجرة (التألب) الكائنة عرض القلعة وأمتد ساقها وفروعها نحو السفح.
وكان الشيخ قد وقع عليها وتمسك بكلتا يديه في إنتظار من ينقذه.
فعمل الدندكي ورفاق الشيخ على انقاذه بواسطة الحبال، فلما أطل وجهه عليهم وهو ممسك بالحبال قال لهم وهو يبتسم:
-(ماهو الا عود التألب أما الرب قد كان سيّب).
فأيقن الدندكي من بلاهتهم وجهلهم فأكرمهم وأعادهم إلى قريتهم فرحين ، ولم يعد يطلب منهم شيئا.

- إنتهت-

منقول من كتاب حكايات وأساطير يمنية، ص63-70.
تأليف: على محمد عبده

[/align]
[/cell][/tabletext][/align]



 
  مـواضـيـعـي


الرد باقتباس
قديم 09-19-2016, 05:56 AM   #17


الصورة الشخصية لـ روح السراب
روح السراب غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1000
 تاريخ التسجيل :  Dec 2013
 أخر زيارة : 04-25-2024 (07:28 PM)
 المشاركات : 27,050 [ + ]
 تقييم العضوية :  32916
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Brown
شكراً: 3,898
تم شكره 2,683 مرة في 1,725 مشاركة
الإفتراضي رد : مجموعة قصصية من التراث اليمني



[align=center][tabletext="width:70%;border:6px double red;"][cell="filter:;"][align=center]

جُليد أبو حمار


عاشت في قديم الزمان اسرة مكونة من رجل وزوجته وابنهما الوحيد وذات يوم نوى الرجل السفر إلى القرية فاتصل بالمنجمين ليطلعوه على ما سيجري لأسرته اثناء غيابه عن القرية فقالوا له:
- ستلد زوجتك بنتا تتسبب في قتل أخيها.
انزعج الرجل من أقوالهم ، خاصة وهو يعرف أن زوجته حامل ، وخاف على ابنه الوحيد من المصير الذي ينظره على يد الجنين النامي في بطن أمه فيتمنى لو أنها تضع ما في بطنها لتخلص بنفسه من المولود لو كانت بتنا ، إلا أن سفره حان قبل ذلك ن فقال يوصي إبنه:
- لقد سمعت ما قاله المنجمون وأنا على سفر سيدوم عدة سنوات فاذا وضعت أمك بنتا اقتلها في الحال ولا تتركها تعيش لأنها ستجلب لأسرتنا الخراب ، واياك ان تهمل وصيتي.
كان الرجل يتكلم والابن يصغي له وعندما انتهى اجابه يقول:
- إني أسمع ما تقول وسأعمل بوصيتك ولن اخالفها.
فسافر الرجل مطمئنا بأن ابنه سيعمل بوصيته. عندما وضعت المرأة كان المولود طفلة جميلة أحبها الولد وتعلق بها وتردد في قتلها ، إلا أن وصية أبيه بقيت ترن في أذنه باستمرار فبقى ممزق المشاعر بين تعلقة بها وبين اوامر أبيه ، وقرر في الآخر الابقاء عليها وهو يقول لنفسه:
- سأتركها تعيش ، وعندما يعود سيشاهدها ، وربما يغير رأيه ، وإذا أصر على قتلها سيكون لي موقف آخر.
أخذت الطفلة تنمو تكبر وهو يزداد تعلقا بها وهي تزداد تعلقا به، ولما آن أوان عودة أبيهما كانت الفتاة تفهم وتدرك كل ما يدور حواليها فخاف أخوها من أبيه فتفاهم مع جارهم بأن يحتفظ بالفتاة على أنها ابنته ويسلمه ابنه ليقدمه لأبيه على أنه أخوه فوافق الجار على ذلك ريثما يألف الرجل إبنته. فلما وصل الأب قدم له الولد على أنه ابنه وتعرف على الفتاة على أنها بنت جاره ، الا ان ذلك التستر لم يدم فقد عرف الرجل الحقيقة فعاتب ابنه على تجاهله وصيته وصاح به يأمره:
- اقتلها أو ادفنها حية ولا تحاول أن تريني وجهها ثانية ، ولاتريني وجهك إذا لم تنفذ أمري.
لم يجد الولد بدا من اطاعة أمر والده ، الا أنه رأى دفن أخته حية أهون على نفسه من قتلها فأخذ المعول وركب حصانه وأردف أخته وراه وسار إلى مكان بعيد عن القرية فتوقف ونزل م فوق الحصان وأخذ المعول وراح يضرب به الأرض يحفر حفرة ليدفن أخته فيها.
عندما رأته أخته يحفر اللأرض أخذت تساعده في قل التراب وجمع الأحجار ، فبقى يشاهدها وهو صامت إلى أن رأى أن الحفرة على مقاسها:
- انزلي إلى الحفرة لأرى ما إذا كانت على مقاسك لم تمانع الفتاة ، فقفزت إلى داخلها ، وبدأ هو يسقفها بما جمعه وأعده م أحجار وهي تضحك وتواصل حديثها معه تبدي له ملاحظاتها وترشده ببراءة إلى الثقوب والفتحات التي لم يسدها قائلة له:
- الضوء الكثير يدخل من هذا الثقب.
فيعمل على سده ليسمع صوتها من جديد تشير إلى ثقب آخر:
- من هذا الثقب أرى الشمس.
فيعمل على سده ، وتستمر هي في إرشاده إلى الشقوق والثقوب التي يدخل منها الضوء ويتجدد الهواء فيسدها واحدا بعد ىخر ونفسه تنازعه الاشفاق عليها، والكف عن دفنها خاصة وهي تجهل ما يراد بها والا لما أخذت تدله على الثقوب.
وقف حائرا امام آخر ثقب هل يسده لينهي حياتها ويعود إلى أبيه ، أم يخرجها ويتولى رعايتها بعيدا عن أبيه وما هو مقدر للانسان لا بد منه.

تغلبت عاطفته نحوها ، فأسرع يزيح التراب والاحجار ليشاهدها تضحك ، فأخرجها لينفض عنها التراب ويبادلها الضحك وهو يغالب دموعه ، فأردفها خلفه على ظهر حصانه وراح يسير على غير هدى.
عثر في طريقه على نمرين صغيرين لوحدهما في الوادي فأخدهما معه ليشاطرانه الحياة التي سيعيشها وحيدا مع أخته ، واستمر يواصل سيره باحثا عن مكان قصي مهججور يستقر فيه ، فوجد ضالته على ضفة جدول ماء فحط رحاله عنده وشرع في بناء كوخ صغير يأويان فيه ، واسطبل يأوي فيه الحصان والنمرين.
عندما استقر به المقام في ذلك المكان راح يستيقظ مع كل صباح ليسرج حصانه وعتلي ظهرها مستصحبا معه النمرين الصغيرين ، ويخرج للصيد والقنص والتدريب على فنون القتال ، ولا يعود الا بعد منتصف النهار موصيا أخته بأن لا تفتح الباب لأي طارق وان لا تتعرف على أي غريب ، ولا تنزل الجدول لتغتسل أو تغسل الملابس ، أو تنقل حاجتهما من الماء أثناء غيابه.
جعل الولد من نفسه ، ومن الحصان والنمرين شيئا واحدا ، كل واحد يكمل الآخر ، يتحركون بصورة جماعية كلما طلب منهم التحرك وراءه ، وقد أطلق على حصانه إسم (حصان بن هادي) وعلى النمر الأول إسم (قلبي) وعلى النمر الثاني إسم (فؤادي) ودربهما على الوقوف بجانب الحصان لينطلقوا معه عندما يناديهم بقوله :
- قلبي ، فؤادي ، حصان ابن هادي ، دقي الوادي.
ما أن يسمعوا ذلك منه حتى تعدو الخيل والنمرين معها يقاتلان ويصطادان معه.
اخذت الحياة تسير به في مكانه ذاك يقضي أوقاته في الصيد ، وتدريب النمرين على طاعته والقتال معه والفتاة قاعدة في البيت تعد الطعام وتعتني بالحصان والنمرين عند عودتهم.

كان من الممكن ان تستمر حياتهم على هذه الوتيرة لو لم يكن السلطان الذي يقيم على ضفة الجدول على بعد مسافة منهم معتادا على النزول إلى الجدول ليسقي حصانه بنفسه ، فذات يوم امتنع الحصان عن الشرب ، وكلما أدنى رأسه إلى الماء رفعه قبل أن يشرب ولما تكرر ذلك منه مرارا أثار عجب السلطان فانحني على الجدول يمعن النظر فيه ، فشاهد شعرة مستطيلة ملتفة بين الماء خاف منها الفرس وامتنع عن الشرب فتناول الشعرة بيده وأخذ يسقيها ولفها برفق واحتفظ بها ، وراح يعرضها على جلسائه يسألهم عن من تكون صاحبتها ، وهل هي من الانس أو من الجن . تحير الجميع من طولها فقال لهم السلطان:
- الذي سيأتيني بأخت هذه الشعرة سأعطيه ما يطلب.
فقال أحد جلسائه :
- لن يحقق طلبك إلا العجوز الكاهنة.
فأمر السلطان باستدعائها فلما حضرت مجلسه عرض عليها الشعرة وهو يقول لها:
- إذا احضرت لي أخت هذه الشعرة سأعطيك كل الذي تطلبين:
فقالت له العجوز:
- وإذا احضرت لك صاحبتها؟
- سأضاعف لك العطاء.

طوت العجوز الشعرة بطرف خمارها ، وأخذت عصاها وسارت في محاذاة الجدو لتبحث عن ضالتها حتى وصلت إلى الكوخ الذي تقيم فيه الفتاة مع أخيها فدقت الباب لتستغرب الفتاة من ذلك لأنها لم تعتد أن يطرق عليها الباب أحدا فتسالت:
- من يطرق الباب؟
- عجوز عابرة سبيل تطلب لقمة غداء.
أجابتها الفتاة من وراء الباب:
- الله كريم ، ليس لدينا منا نتصدق به.
لم تجبها العجوز ، ولم تعاود طلب الاحسان مرة أخرى وانما تظاهرت بالتعب والمرض والجوع، تشكو حالها لنفسها وتدعو الله على نفسها بقولها:
- يالله عِزّني ولا هذه الهيانة ، احوجتنا لما في أيد ا لناس ، وذليتنا آخر اعمارنا.
كانت العجوز تشكو حالها وتدعي على نفسها والفتاة التي تستمع لها من وراء الباب ، ترق عواطفها وتلين نحو العجوز كلما أمعنت العجوز في الدعاء على نفسها حتى ذابت عواطف الفتاة ففتحت الباب لتقدم لها كسرة خبز وجرعة ماء تناولتهما العجوز شاكرة وجلست تقضم الخبز وتعلكه بأسنانها وتشرب من الماء وتارة تبلل الخبز بالماء قبل أن تأكله والفتاة ترقبها بصمت.
ما أن انتهت العجوز من الأكل ، حتى راحت تتظاهر بالشبع والانتعاش ورفعت يديها نحو السماء تدعو للفتاة :
- الله يشبع جوعك ، ويكسي عريك ، ويرزقك بابن الحلال ويمتعك بشبابك.
تفتحت اسارير الفتاة وعلاها الفرح لسماعها دعاء العجوز الذي وجدت فيه عوضا عن مخالفتها أوامر أخيها لأنها أنقذت نفسا مشرفة على الهلاك.
همت الفتاة بالدخول وإغلاق الباب ، إلا أن العجوز التي كان تتملا في جمال الفتاة ومحاسنها سألتها:
- مع من تعيشين في هذا المكان الموحش ، وما كلفك الله لذلك؟
كان لسؤالها وقعا خاصا في نفس الفتاة ، فأجابتها تقول:
- أعيش هنا مع أخي، ولا أعرف لماذن نحن هنا وحدنا.
تنهدت العجوز وهي تقول:
- من يعيش في هذا المكان المقفر لوحده إلا من كان مجنون.
وأردفت متسائلة ؟
- أين اخوك الآن؟
- خرج في الصباح كعادته للصيد وسيعود بعد منتصف النهار.
عاودت العجوز تنهدها وهي تقول:
- حرام تعيشين وحيدة في هذا المكان الموحش ، يذبل شبابك ويشوه جمالك.
إستأنست الفتاة بحديث العجوز وألفت مجالستها وان بقيت خائفة من أخيها ، إلا أن العجوز لاحظت ذلك أدرفت تقول:
- أنت فتاة شابة وجميلة لكنك مهملة نفسك لا تغتسلين ولا تعتنين بزينتك.
- أنا أغتسل يوميا عندما يعود أخي ، ولا أصدق بوجود أي أوساخ على جسمي.
- إذا فأنت لا تعرفين كيف تتزينين ولا كيف تمشطين شعرك لتحافظي على جمالك ورونق شبابك.
وأردفت تقول:
- سآجي غدا لأعلمك كيف تتزينين وكيف تمشطين شعرك ، لأن جهلك ذلك أثر على جمالك.
لم تجبها الفتاة التي ملأ الفرح نفسها مما سمعت ، وبقيت كعادتها تنتظر عودة أخيها ، إلا أنها لم تخبره عندما عاد بما جد في حياتها ، وما يدغدغ عواطفها من احاسيس ومشاعر زرعته في نفسها العجوز التي فتحت لها الباب وتصدقت عليها ببعض كسرات الخبز.
نامت الفتاة متشوقة لصباح اليوم التالي ، وللساعة التي يغادر أخوها البيت ، لتقضي فراغها مع العجوز التي أبدت لها رغبتها في تعليمها العناية بزينتها وتمشيط شعرها والاهتمام بجمالها.

ما إن غادر أخوها البيت مع النمرين حتى تركت الباب مفتوحا على غير عادتها ، تترقب قدوم العجوز الكاهنة الا ان انتظارها لم يدم طويلا فسرعان ما أقبلت العجوز ورحبت بها الفتاة وهي تسلم لها قيادتها.
إلا أن العجوز قالت لها:
- لابد من إشرافي عليك وأنت تغتسلين في الجدول لأتأكد من نظافة جسمك قبل أن أشرع في تعليمك كيف تمشطين شعرك وترتدين زينتك.
وافقتها الفتاة وسارت معها إلى الجدول ، وتجردت من ملابسها والعجوزتدلك لها جسمها وترشها بالماء وعندما انتهت من الاغتسال ارتدت ثوبها وقعدت عند قدمي العجوز لترتب لها شعرها ، فأخذت العجوز تمشط لها شرعها وهي تروي لها القصص والحكايات حتى تأكدت من سرحانها في المستقبل الذي صورته لها فأجتزت خصلة من شعرها المستطيل وطوته في خمارها ، واسمترت تمشط شعر الفتاة فودعتها منصرفة نحو ابن السلطان لتقدم له الدليل على نجاحها في المهمة التي كلفها بها.
عندما وقفت امامه لم تخرج له الشعرة التي طلبها وانما أخرجت له خصلة شعر بطول الشعر التي عثر عليها لتبرهن له عمق ارتباطها بالفتاة.
فرح السلطان بذلك أيما فرح وراح يقيس طول الشعرة التي عثر عليها بطول الخصلة التي عثرت عليها العجوز الكاهنة التي تأكدت من أن الفتاة هي ضالته فقالت له:
- لو احضرتها إلى قصرك وجعلتها من بعض نسائك ماذا ستعطيني؟
أجابها السلطان بقوله:
- لك ما تطلبين.
استمرت العجوز تتردد على الفتاة في غياب اخيها لتقص عليها الحكايات وتساعدها على تمشيط شعرها ، وتستفسرها عن حياتها مع اخيها والفتاة تجيبها وتروي لها تفاصيل حياتهما فتظهر العجوز الاشفاق على شبابها وجمالها من الحياة هناك وتصف لها قصر السلطان والحياة فيه ، وتزين لها فكرة الهروب معها إلى المدينة لتعيش في قصر السلطان.

[/align]
[/cell][/tabletext][/align]



 
  مـواضـيـعـي


الرد باقتباس
قديم 09-19-2016, 05:57 AM   #18


الصورة الشخصية لـ روح السراب
روح السراب غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1000
 تاريخ التسجيل :  Dec 2013
 أخر زيارة : 04-25-2024 (07:28 PM)
 المشاركات : 27,050 [ + ]
 تقييم العضوية :  32916
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Brown
شكراً: 3,898
تم شكره 2,683 مرة في 1,725 مشاركة
الإفتراضي رد : مجموعة قصصية من التراث اليمني



[align=center][tabletext="width:70%;border:6px double red;"][cell="filter:;"][align=center]

2


رفضت الفتاة فكرة الهروب في بادئ الأمر لتعلقها بأخيها الا ان استمرار العجو في تزيين الحياة لها في قصر السلطان وما سيحيط بها من خدم وجوار ، وما ستتمتع به من نعيم جعلها تتقبل الفكرة وبقيت تتهيب التنفيذ خوفا من بطش أخيها ، فقالت للعجوز:
- إذا هربت معك أخشى أن يتتبعها أخي وينكل بي.
فقالت لها العجوز تطمنها:
- اطمئني من ذلك ، سيكون مجموعة من حرس السلطان في مرافقتنا.
- أخشى أن يتغلب عليهم بمساعدة النمرين.
- لن يكون أقوى من جيش السلطان.
أطمأنت الفتاة لوعود العجوز وتأكيدها فوافقت على الهروب معها صبيحة اليوم التالي بعد خروج أخيها ، فأنصرفت العجوز متجهة نحو السلطان لتزف له البشرى بأن افتاة ستكون في قصره مساء اغد ، وطبت منه قوة من فرسانه مرافقتها ومنع أخيا إذا لحق بها لارجاعها ، فأصدر السلطان أمره إلى مجموعة من فرسانه بمرافقتها مستصحبين معهم حصانه الخاص ليحملها إلى القصر.
في صبيحة اليوم التالي ذهبت العجوزالكاهنة ، وبرفقتها مجموعة من فرسان السلطان في اتجاه بيت الفتاة ، وعندما قاربت المكان تركتهم هناك وسارت بمفردها لتجد الفتاة قد حزمت ملابسها بعد خروج أخيها وبقيت تنتظر قدومها ففرحت بمرآها ، وانصرفت هاربة معها ، وهي تكاد تسابق العجوز في سيرها خوفا من عودة أخيها ، وعندما وصلن إلى المكان الذي بقي الفرسان في إنتظارهما فيه ، اعتلت حصان السلطان التي أرسلت لها ، وواصلت السير والفرسان يسيرون ورائها متجهين إلى قصر السلطان في المدينة .

عندما عاد أخوها إلى البيت لم يجدها في أنتظاره كعادتها وتوهم أنها نزلت إلى الجدول ، أو خرجت لقضاء حاجتها فناداها ، وتكرر نداءه لها دون أي يسمع من يرد عليه فراح يبحث عنها في الاماكن القريبة فلم يعثر لها على أثر فعاد يبحث ويفتش في حوائج البيت ، فوجد ملابسها والاشياء الخاصة بها قد اختفت معها، فأيقن أنها هربت مع غريب كانت على معرفة به من وراءه، فتذكر وصية والده له بقتلها يوم سفره وعصيانه لأمر أبيه ، الأول ، والثاني ، بقتلها ، وفضل أن يعيش معها في ذلك المكان المقفر وحيدين ، على أن يعيش بدونها مع اسرته واذا هي تغدر به وتهرب في أول فرصة لاحت لها.
تذكر ذلك وملأت الحسرة والغيظ نفسه ، فقفز إلى ظهر جواده وهمزه وهو يقول:
- قلبي ، فؤادي ، حصان ابن هادي دقوا الوادي إنطلقت الحصان تسابق الريح في عدوها والنمرين انطلقا خلالها ، وبقي يستحثهم على السير بسرعة ويتمنى لو يطير ليحلق بأخته ، التي كانت تتسرع في سيرها مثله مخافة أن يلحق بها في الطريق ، فبقيت عيناها مسمرتين نحو الخلف ترقبانه بدلا من مراقبتها الطريق التي ستوصلها إلى قصر السلطان ، فلاحظت غبار خيل يسير ورائهم ويقترب منهم ، فبقيت تتابعه حتى غدا على مقربة منها تمكنت من التعرف عليه ، فصاحت بالعجوز والفرسان قائلة :
- أخي يجري في أثرنا ولا بد من دخول المدينة قبل أن يلحق بنا .
سمع الفرسان قولها ذلك اسرعوا في السير وأخذوا يتهيئون لملاقاة أخيها.
عندما اقترب الفتى وشاهد فرسان السلطان يتهيئون لملاقاته وتعرف على أخته راكبة حصان السلطان استل سيفه وهمز حصانه وقال:
- قلبي ، فؤادي ، حصان ابن هادي دقوا الوادي.
قال ذلك وحمل عليهم يضرب بسيفه والنمران يبطشان بمخالبهما، وينهشان بأنيابهما فرسان السلطان الذين حاولوا الصمود والوقوف في وجه الفتي ، دون جدوى فلم يجدوا بدا من الهروب للنجاة بأرواحهم نحو أبواب المدينة وعندما اجتازوها اوصدت في وجه الفتى ليحولوا دون استعادته لشقيقته.

لما وجد الفتى الابواب موصدة في وجهه انسحب إلى غير بعيد منها ليريح جسمه. وليأخذ حصانه والنمران راحتهما استعدادا لمعركة اليوم التالي ولما رأى انه لم يخرج أحد لملاقاته من فرسان السلطان ، فرض حصارا على المدينة ، ومنع الدخول والخروج منها وإليها حتى اضطر السلطان أن يأمر عسكره بالخروج لمحاربة الفتى.
وخرج هو لمشاهدة المعركة والفتاة تقف وراءه وعندما شاهدهم الفتي صاح صيحتة المألوفة:
- قلبي ، فؤادي ، حصان ابن هادي ، دقوا الوادي.
قال ذلك وهمز حصانه فانطلق الحصان والنمران حواليه واخذ يضرب بسيفه جنود السلطان والنمران يبطشان بمخالبهما بطن الخيول والجنود ، وماهي إلا ساعة حتى هرب من بقى منهم في مواجهته والسلطان في المقدمة ودخلوا المدينة وأوصدوا أبوابها وراءهم خوفا منه.
تكرر حصار الفتى للمدينة وخروج جنود السلطان لملاقاته وهزيمتهم امامة اكثر من يوم والمخاوف تملأ قلب الفتاة فشكت للعجوز الكاهنة وهي تقول لها:
- استمرار هزائم جنود السلطان وانتصار أخي عليهم يوما وراء يوم لا بد وأن يستعيدني بالقوة أو بالمفاوضات على رفع الحصار عن المدينة ، لذا أجد الخوف يضاعف في نفسي مع كل هزيمة لعسكر السلطان.
فقالت لها العجوز:
- أخوكي يستمد قوته من النمرين وهما لم يألفا احد سواكما وما من احد يستطيع الاقتراب منهما في الوقت الحاضر غيرك والرأي أن نذهب معا إلى مكانهما لنسد آذان النمرين بالشمع وندهن ظهر الحصان من تحت السرج بالحلبة ونترك رباط السرج غير مشدود لنعيق مساعدة النمرين له ، ولكي يسقط عن ظهر الحصان.
وافقت الفتاة على القيام بذلك فسارت في الظلام والعجوز بجانبها ، وعندما وصلت لم ينكرها الحصان ولا النمرين فراحت تفتح للحصان سرجه وتدهن له ظهره بالحلبة وتركت رباط السرج شبه مشدود ، وعمدت إلى النمرين تسد آذانهم بالشمع ، وانصرفت والعجوز معها مطمئنة إلى نجاح خطتها.

في صبيحة اليوم التالي حاصر الفتى المدينة كعادته وخرج له جنود السلطان كعادتهم ، وما ان شاهدهم حتى صاح صيحتة المألوفة:
- قلبي ، فؤادي ، حصان ابن هادي دقوا الوادي.
قال ذلك وهمز الخيل فانطلقت تعدو إلا ان النمرين بقيا واقفين لأنهما لم يسمعا نداءه بسبب الشمع الذسي سدت به آذانهم ، فتلفت حواليه فوجدهما واقفين فاستغرب ذلك منهما وأدار عنان حصانه نحوهما وعاود ندائهما فلم يستجيبا له ، فرأى ذلك جنود السلطان فحملوا عليه وحاول بدور أن يلعب بحصانه قبل أن يلاقيهم فمال به السرج فوقع من ظهر الحصان على الأرض ، وقل أن يقوم تدافع فرسان السلطان عليه يقطعونه بسيوفهم وتركوه ورائهم وهم موقنين أنه قد فارق الحياة وان الوحوش ستأكله ، وساقوا حصانه والنمرين معهم إلى المدينة.
بقي الفتي هناك مغسلا بالدماء ومثخنا بالجراح ، لا يربطه شيئا بالحياة الا أنينا خافتا متقطعا طرق مسامع جمّال مر على مقربة منه فشاهده مشرفا على الموت ، فرق لحاله وحمله معه إلى منزله وتولى تضميد جراجه ومداواته وزوجته تعتني بغذائه ، حتى أخذ يستعيد وعيه وصحته يوما بعد يوم.

عندما خفت آلامه واستعاد كامل وعيه أخذ يدير عينيه فيما حواليه بإستغراب محاولا معرفة المكان الذي هو فيه ومن أوصله إليه، وتطلع في وجه الرجل والمرأة الجالسين بجانبه ، فسألهما من يكونان ، وفي أي مكان هو ، ومن الذي نقله إلى هناك ، فأخبره الجمال أنه عثر عليه ملقيا في الفلاة مشرفا على الموت من كثرة جراحه ، وسأله الجمّال بدوره عن سبب تلك الجراح.
شرد الفتى بذهنه ، وعاد بتفكيره إلى ماضي حياته واستعاد شريط ذكرياتها ، ولسانه يوري للجمّال وزوجته تفاصيل حياته من يوم كان يعيش مع اسرته ، وقول المنجمين لأبيه قبل سفره ووصيته له بقتل أخته وماذا جر عليه مخالفة ذلك الأمر والاشفاق عليها.
رق الجمّال وزوجته لحال الفتى ورثيا لما آلت إليه حياته وقدرا التضحية التي أقدم عليها من أجل اخته التي غدرت به فضاعفا من عنايتهما به ، إلا أن الفتى وجد من العسير أن يعيش بينهم بعد ان استعاد صحته وهو لا يقدم لهم أي عون أو مساعدة ، فراح يقدم لهم مساعدته في كل ما يقدر على أدائه وهما يضاعفان العناية به ليستعيد قوته ويتمكن من الثأر لنفسه.

فسأله الجمّال ذات يوم:
- هل بمقدورك الآن الأخذ بالثأر من أعدائك لم يجبه الفتى وانما طلب منه ان يقدم له خروفا ليرى ما اذا كان قادرا على القفز من فوقه أم لا فقدم له الخروف فقفز من فوقه، فطلب من الجمّال أن يقدم له عجلا فحاول الركوب فوقه فلم يستطع.
فأجاب الرجل :
- لا زلت عاجزا عن أخذ الثأر لنفسي.
استمر الجمال يغدق عليه المأكولات ويضاعف من عنايته ويقدم له الحيوانات التي يطلب القفز إلى ان وجد نفسه قادرا على القفز من فوق الحصان فقال للجمّال:
- اليوم أنا على استعداد للأخذ بثأري.
فرح الرجل وزوجته بذلك كما لو كان الفتى ابنهما فطلبا منه أن يحدد طلباته التي ستساعده على الوصول إلى قصر السلطان ، والثأر لنفسه ، فأوجزها في حمار مريض أعرج ، وجلد حمار مسلوخ يرتديه.
وفّر له الجمّال ذلك وزوده بقوس ونبل ، وسيف ورمح أخفاها بين حاجياته وأطلق على نفسه إسم (جُليد أبو حمار) وودع الجمّال وزوجته وشكرهما على ما قاما به نحوه ، وامتطى ظهر حماره الاعرج وسار نحو غايته إلى ان وصل المدينة التي تقيم فيها اخته فاستقر هناك يزاول حركات على حماره الاعرج تلفت النظر نحوه ولا تدل على حقيقته.

ما من سباق يحدث بين الفرسان الا واشترك فيه بحماره الاعرج. وما من قوة عسكرية يرسلها السلطان الا وساهم فيها طواعية ، وعندما يعود يربط حماره الاعرج إلى جانب خيول السلطان ، حتى غدا موضع سخرية الجميع وعندما تأكد ان الجميع يعرفونه ولا يتخوفون منه التفت نحو الخيول يتقرب منها ويعتني بها متنقلا من حصان إلى آخر يحدثه ويضاحكه كما لو كان انسانا مثله حتى وصل إلى حصانه الذي عاش عازفا عن الطعام من يوم فارقه ملقيا على الارض مثخنا بجراحه ، فلما رأى صاحبه عرفه فعاودته حيويته ونشاطه . فراح يلتهم كل ما كدس امامه من علف ، و (جُليد ابو حمار) يواظب على زيارته أثناء تقديم العلف له.
وكان الحصان قد غدا أسيرا لدى السلطان من يوم استولى عليه بعد ان شاهد مواقفه مع الفتى يومها ، وعندما علم أنه استأنس بجليد ابو حمار وعاود الأكل والشرب كعادته ملأ الفرح نفسه وأمر أن يتفرغ جليد ابو حمار للعناية بالخيول ، ففرح الفتى بالوظيفة وغدا يهتم بالخيول موليا حصانه الاولوية وأخذ في كل يوم يعتلي ظهر حصان ويتجول به إلى ان وصل إلى حصانه فأكثر من الركوب والتجولبه ليستعيد نشاطه القديم.
كان السلطان يشاهد ذلك وترتاح نفسه لترويض الفرس على يد جليد ابو حمار فشجعه على الاشتراك في مسابقات فرسانه في العدو والرماية حتى غدا ابرز الفرسان في كل الفنون، وذات يوم اقام السلطان حفلة سباق على الساحة أمام قصره اشترك فيها كل الفرسان ليظهر كل فارس تفوقه بالرماية بالرمح والقوس حضرها مواطني المدينة واصطفوا على جانبي الساحة امام القصر لمشاهدة الفرسان الفائزين واصطفت نساء القصر في شرفته يتابعن الفرسان فارس بعد فارس ، وعندما أتى دور جليد ابو حمار الذي استصحب معه النمران لم يترك فنا من فنون الفروسية إلا وأتى به ، واخته تراقبه وتحدث نفسها:
- ألعاب هذا الفارس تذكرني بأخي.

وكان اخوها بدوره يبحث عن مكانها بين نساء القصر في الشرفة حتى تعرف عليها وهو يجول على حصانه فصادف آن ذاك مرور سرب من الحمام يحلق في السماء متجها نحو القصر ، فأستغل الفتي ذلك ونادى السلطان وهو يجول في الميدان على حصانه والنمرين بجانبه:
- يا سلطان الزمان.
- لبيك.
- اسمح لي أرمي الحمامة من بين الحمام توهم السلطان انه يشير إلى الحمام الطائر فوق سماء القصر فأجابه يقول:
- لك ذلك.
فأحكم الفتى نبله وشد قوسه واطلق السهم ليصيب جبين اخته التي هوت من الشرفة إلى الساحة وقبل أن يتمكن السلطان من التعرف على ما حدث ومن سقط امامهم ، شد القوس واطلق السهم الثاني على السلطان وقتله، وعندما تأكد من ذلك صاح صيحته المألوفه:
- قلبي ، فؤادي ،حصان ابن هادي دقوا الوادي.
قال ذلك وهمز حصانه الذي عدى به عائدا نحو أهله والنمرين بجانبه حتى وصل إلى قريته ودخل بيته معذرا لوالده عن عصيانه اوامره ، وسرد عليه ماجرى له وصادفه من يوم خروجه من البيت حتى عودته ليعيش معه عيشته الاولى التي لا يكدر صفوها مكروه.


-تمت-

منقول من كتاب حكايات واساطير يمنية . تأليف على محمد عبده ، ص.75-88.




[/align]
[/cell][/tabletext][/align]



 
  مـواضـيـعـي


الرد باقتباس
قديم 09-19-2016, 06:02 AM   #19


الصورة الشخصية لـ روح السراب
روح السراب غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1000
 تاريخ التسجيل :  Dec 2013
 أخر زيارة : 04-25-2024 (07:28 PM)
 المشاركات : 27,050 [ + ]
 تقييم العضوية :  32916
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Brown
شكراً: 3,898
تم شكره 2,683 مرة في 1,725 مشاركة
الإفتراضي رد : مجموعة قصصية من التراث اليمني



[align=center][tabletext="width:70%;background-color:black;border:6px double red;"][cell="filter:;"][align=center]

حكاية الأشمق


في يوم من الأيام حل شخص مضحكاتي ، يفقش القلب من الضحك (1) ، على أحد المشائخ ، وكان له من الظرف والطرافة وخفة الروح ما يجعل الناس يستانسون به ، ويستمتعون بالجلوس معه ، وكان الشيخ ، ومن معه في ديوانه ، من أولئك القوم الذين يستظرفون الرجل المضحكاتي ، ويدعوه إلى ديوانه.
وفي يوم طلب الرجل من الشيخ أن يرحل.
قال له الشيخ: إبق معنا ، فقد اضحكتنا كثيرا ، نريد أن نستمتع أكثر بطرائفك ، فلا تبخل علينا.
رد عليه : إئذن لي بالرحيل وسيصل إليك ما يضحكك.
فسمح له الشيخ بالرحيل.
وبينما المضحكاتي يسير في أحد الوديان التقى برجل ، فقال له: ما بال فمك أشمق؟
فقال الرجل بهلع : ماذا بي ، ليس بي أي شئ أيها الرجل ، أمجنون أنت؟
قال له المضحكاتي : لست مجنونا ، ولكن فمك مشموق جدا ، وإذا لم تصدقني هاك المرآة فأنظر إلى نفسك.

أعطاه المرآة وقد كانت تلك المرآة من نوع إذا ما نظر أي شخص إلى نفسه فيها يرى فمه أشمق.
جزع الرجل من منظره ، وقال له : أستجير بك يا أخي ، ماذا أفعل كي أرجع إلى طبيعتي؟ لعنة حلت عليّ أيها العزيز.
قال له الرجل المضحكاتي: إخلع حذائك.
خلع الرجل حذاءه ، ثم قال له المضحكاتي : هلا أعطيتني عمامتك؟
فخلع عمامته من على رأسه وأعطاها الرجل ، فقام المضحكاتي وغرس حذاء في يمين العمامة وحذاء آخر في يسارها فبدت العمامة كأنها مُشقّرة بالأحذية. (2) ثم قال له : الآن بإمكانك أن تضع العمامة على راسك ، وتذهب سريعا إلى الشيخ وحذار من التحدث مع أي شخص أيا كان.
ونصحة المضحكاتي قائلا:
- عندما تصل إلى الشيخ إرم بنفسك عند قدميه ، واستجر به مما حل بك من هذا المرض الخبيث ، فشمقة الأفواه مرض جد خطير.
صدق الرجل وذهب سريعا إلى الشيخ، وعندما وصل إلى ديوان الشيخ رآه فضحك وقال:
- هذه الافعال لا يقوم بها الا المضحكاتي ، لقد حقق وعده بأن يصلني ما يضحكني.
وبينما الشيخ يضحك ، قال:
- سامحك الله يا فلان. وقام وأحضر مرآة سليمة ، بعد أن أبعد الحذائين من على العمامة ، وقال للرجل:
الآن بإمكانك أنت تنظر إلى نفسك ، فليس بك شئ.

- تمت-



* الأشمق : اعوج الفم . وهناك معتقد شعبي بأن من تصيبه شمقة (اعوجاج في الفم) فإن علاجه يكون بتوسد حذاء ، أو بضرب فمه بالحذاء اكثر من مرة.
(1) يفقش : الفقش : الجزء او القطعة من الشئ. اي كالشئ المتناثر ، ويقصد هنا الانسان المنفجر ضحكا.
(2) مُشقّرة : الشُقُر : مجموعة من اغصان النباتات العطرية كالريحان ، الشذاب ، الأثلان ، الأُزاب وبعض الورود .. وهذه الحزمة تُسمى مشاقر تضعها المرأة عند زينتها في كلا الخدين أو احدهما.




منقول من كتاب أروى عثمان السردية الشعبية اليمنية ص. 276-277

[/align]
[/cell][/tabletext][/align]



 
  مـواضـيـعـي


الرد باقتباس
قديم 09-19-2016, 06:06 AM   #20


الصورة الشخصية لـ روح السراب
روح السراب غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1000
 تاريخ التسجيل :  Dec 2013
 أخر زيارة : 04-25-2024 (07:28 PM)
 المشاركات : 27,050 [ + ]
 تقييم العضوية :  32916
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Brown
شكراً: 3,898
تم شكره 2,683 مرة في 1,725 مشاركة
الإفتراضي رد : مجموعة قصصية من التراث اليمني



[align=center][tabletext="width:70%;background-color:silver;border:6px double green;"][cell="filter:;"][align=center]

يوم امطرت السماء نشوف

في واحده من القرى عاش ابن اهبل مع امه وبيوم من الايام قلتله امه :اسمع ياابني معافيش معانا ولانفتات داخل البيت نأكله ..........مافيش مخرج غير انك تشل الثور معاك وتسرح السوق تبيعه
كما هاااااااا اوبه ليضحكوا عليك الناس ويغالطوك بقيمته وتبيعه برخص التراب ...كما ها اوقع حريف مثل الناس
بكر الابن اليوم الثاني الصبح شل الثور وراح السوق يدل به على الناس...جلس على الحال اذا اسبوع شاف مافيش فائده كل يوم وهو يسير ويرد ,يرد ويسير
وبيوم وهو مروح من السوق قده ضابح شقرح حالة امه حاله من السراح والرواح ...حصل بطريقه حنش كبير واقف بسوم النكب ...
قال الابن للحنش :تشتري مني اذا الثور ؟
حرك الحنش راسه .فهم الابن من حركات الحنش انه موافق ...قال للحنش هيا شل الثوروربختنا منه ...وانا شاجي باكر واشل قيمته منك ..
روح الابن يجري من الفرحه لعند امه خلاص قا حصل بيعه للثور ....عمل لمن وصل البيت وهومقشنن من الفرحه يضحك ويتكركر ....قال لامه هيا اربخي ذانا قابعتوا الثور ياامه ..
قلتله هيا سترك جبرك قوى عظامك صح ابدانك....اتخبرته امه :لكن ماقلتليش لمن بعته ؟؟....قاله بعتوا للحنش ....قلتله :كيف كيف مو تخبر يابن ؟؟؟قله مثل ماسمعتي كل يوم وانا بالسوق ادل بالثور محد قالي مصلك واليوم يالله اننا حصلتوا الحنش يشتروا مني
قلتوا له تشتري اذا الثور مني ؟؟ قالي ايه ....قلتله وكيف افتهملك انه موافق ؟؟؟
قله مو تحسبينا اهبل حرك راسه وانا فهمتوا انه موافق ...وعاده زاد افتهملي اننا ارجع باكر للبياس
الا والام طار عقله تصيح وتشغب وتدعي له قصف الله عميرك عجل بزوالك ضيعت الثور...هو اكا الي تركن على ابن اهبل
المهم عمل لليوم الثاني سرح الابن للمكان المحدد الذي لقى فيبه الحنش ...لقوا جالس ببقعته سوم النكب ....قاله ياحنش ياحنش اين قيمة الثور ؟؟؟هذيك الساع شل الحنش نفسه هرب جهة الجبل الا والابن لحقه عمل بعده مكراد ...دخل الحنش بواحد من شقوق الجبل قام الابن يحفر داخل الشق سع المجنون قو مفجوع بحال مو شتقله امه....
بينما وهو يحفر مسك بيده حاجه قوي ...قام وخرجه طلع له كنز كله ذهب وجواهر
قام شل الكنز وروحه لامه ...قص لامه السماءه الي حصلت معه ومع الحنش ...
اذيك الساع افتجعت الام على الكنز من الناس فكرت بينه وبين نفسه كيف تبعد عيون الناس عن الكنز ....وهي داري انه ابنه اهبل شيقوم يسامئ الناس عن اللقيه حقهم ...
اخيرآ اهتدت لخطه قامت تسوي عدة مطائب من النشوف وقامت تسكبها من السجاره حق سقف المطبخ وابه جالس يشارحه مو تعمل ...وكان المنظر كان السماء تمطر نشوف ...قامت تسامئ ابنه اذا سالك الناس ايحين حصلتم الكنز قلهم يوم ماامطرت السماء نشوف

وكان كل مايخرج الابن يصيح فرح مادريتمش ماعلمتمش لقينه لقيه ...لقينا كنز والناس يسالوه شجن ايحين لقيتموه ؟؟
يقلهم لقينا الكنز يوم ماامطرت السماء نشوف



النشوف هي أكله شعبية مشهورة في مناطق اليمن وتختلف طريقتها من منطقة لأخرى
[/align]
[/cell][/tabletext][/align]


 
  مـواضـيـعـي


الرد باقتباس
الرد على الموضوع

Bookmarks

الكلمات الدلالية (Tags)
مجموعة , من , التراث , اليمني , قصصية


Currently Active Users Viewing This Thread: 1 (0 members and 1 guests)
 

قوانين المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML مغلق
Trackbacks are متاح
Pingbacks are متاح
Refbacks are متاح


مواضيع مشابهة
الموضوع الكاتب المنتدى المشاركات آخر مشاركة
من التراث اليمني حبيب المنتدى الصور و الفيديو 0 09-05-2013 02:32 PM
خطر غصن القنا .. قصة قصيدة من التراث اليمني بيحان التراث والاجداد 4 05-24-2012 03:53 PM
صور من صنعاء القديمه .. صور التراث اليمني و الاثار بيحان حريب بيحان سفاري 3 04-22-2012 12:22 AM
خطر غصن القنا .. قصة قصيدة من التراث اليمني صدى الاوطان التراث والاجداد 0 04-13-2012 05:11 PM
من قصص واقوال علي ولد زايد - التراث اليمني الاصيل قلم رصاص التراث والاجداد 4 04-03-2012 03:23 PM


شات تعب قلبي تعب قلبي شات الرياض شات بنات الرياض شات الغلا الغلا شات الود شات خليجي شات الشله الشله شات حفر الباطن حفر الباطن شات الامارات سعودي انحراف شات دردشة دردشة الرياض شات الخليج سعودي انحراف180 مسوق شات صوتي شات عرب توك دردشة عرب توك عرب توك


جميع الأوقات GMT +3. الساعة الآن 09:08 PM.


.
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
.

Search Engine Friendly URLs by vBSEO