منتدى الآصالةوالتاريخ حريب بيحان
ينتهي : 30-04-2025
عدد مرات النقر : 1,285
عدد  مرات الظهور : 29,395,992

عدد مرات النقر : 4,131
عدد  مرات الظهور : 73,416,349
عدد  مرات الظهور : 69,132,318
قناة حريب بيحان " يوتيوب "
عدد مرات النقر : 2,312
عدد  مرات الظهور : 73,417,151مركز تحميل منتديات حريب بيحان
ينتهي : 19-12-2025
عدد مرات النقر : 3,949
عدد  مرات الظهور : 69,633,078
آخر 10 مشاركات
تحدي المليوووون رد ،، (الكاتـب : - المشاركات : 2050 - المشاهدات : 123591 - الوقت: 07:27 PM - التاريخ: 04-25-2024)           »          صـبـــاحكم سكــر // مســـاؤكم ورد معطر (الكاتـب : - المشاركات : 2386 - المشاهدات : 169813 - الوقت: 06:40 AM - التاريخ: 04-24-2024)           »          تعزية للاخ يمني بوفاة اخيه (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 6 - المشاهدات : 110 - الوقت: 09:46 PM - التاريخ: 04-22-2024)           »          قراءة في سورة البقرة (الكاتـب : - المشاركات : 2 - المشاهدات : 71 - الوقت: 05:34 AM - التاريخ: 04-20-2024)           »          الاذكار اليوميه في الصباح والمساء (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 542 - المشاهدات : 33737 - الوقت: 08:30 PM - التاريخ: 04-19-2024)           »          عيدكم مبارك ،، (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 1 - المشاهدات : 86 - الوقت: 08:45 AM - التاريخ: 04-10-2024)           »          ماذا ستكتب على جدران (منتديات حريب بيحان) (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 3179 - المشاهدات : 233835 - الوقت: 05:26 PM - التاريخ: 04-08-2024)           »          ورد يومي صفحه من القرآن الكريم (الكاتـب : - المشاركات : 93 - المشاهدات : 995 - الوقت: 06:53 AM - التاريخ: 03-23-2024)           »          شهرمبارك كل عام وأنتم بخير (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 3 - المشاهدات : 82 - الوقت: 04:06 AM - التاريخ: 03-18-2024)           »          تدمير دبابة ميركافا الإسرائيلية (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 2 - المشاهدات : 143 - الوقت: 06:53 AM - التاريخ: 03-17-2024)


الإهداءات



النقاش العام والمواضيع العامة للأخبار والمواضيع العامة


اتجاهات في علم الوراثة

للأخبار والمواضيع العامة


اتجاهات في علم الوراثة

اتجاهات في علم الوراثة تصنيف الاختبارات الجينية يستطيع علماء الوراثة أحيانا، التكهن بصحة المريض بالاستناد إلى مجرد نتفة من الدنا. بيد أن المشكلات الأخلاقية التي تحيط بهذا

الرد على الموضوع
 
LinkBack خيارات الموضوع
قديم 03-18-2012, 09:40 AM   #1


طائرالمساء غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 102
 تاريخ التسجيل :  Sep 2011
 أخر زيارة : 11-20-2022 (12:16 AM)
 المشاركات : 1,563 [ + ]
 تقييم العضوية :  4212
 مشاهدة أوسمتي
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 930
تم شكره 416 مرة في 351 مشاركة
الإفتراضي اتجاهات في علم الوراثة







اتجاهات في علم الوراثة

تصنيف الاختبارات الجينية

يستطيع علماء الوراثة أحيانا، التكهن بصحة المريض بالاستناد إلى مجرد نتفة من الدنا.

بيد أن المشكلات الأخلاقية التي تحيط بهذا الاختبار لا تقل شؤما عن الأمراض نفسها.

<J. ريني>، كاتب بمجلة "ساينتفيك أمريكان"

قبل تسعة أشهر تقريبا من ولادتها، اجتازت <بريتاني نيكول أبشير> أهم اختبار يمكن أن تخضع له طوال حياتها. إن والديها، <ريني> و <ديڤيد>، كليهما، من الأصحاء الحَمَلة healthy carriers لخِلّة (صفة) trait داء تاي ـ ساكس Tay-Sachs، وهو اضطراب ينتقل بالوراثة ويسبب للمريض إعاقة شديدة ويفضي به إلى الموت.

فبعد أن فقدا في عام 1989 ابنة لهما نتيجة إصابتها بداء تاي ـ ساكس، أقسما بأنهما لن ينجبا أبدا طفلا آخر ما لم يكن بإمكانهما التأكد من أنه سيكون خُلَوًا من هذا الداء. إن الاختبارات الجينية genetic تستطيع أن تشخص الحالة قبل الولادة، ولكن الاعتقادات الدينية لعائلة أبشير كانت تستبعد الإجهاض كأسلوب وقائي للوصول إلى أجنة مكتملة صحيحة البنية.

لقد بدا أنه لا أمل في ذلك إلى أن علمت عائلة أبشير بتقانة جديدة تعرف بالاختبار الجيني قبل الغرس preimplantation genetic test. وقد سبق لهذا الإجراء التجريبي أن استُخدم فعلا لتقصي أكثر من اثني عشر طفلا، بحثا عن اضطراب وراثي آخر، هو التليف الكيسي cystic fibrosis. ولقد قام <D.G. هودجن> ومختصون آخرون بجمع بيض ونطاف من الوالدين أبشير، وأخصبوا بنجاح سبع بيضات في أنابيب الاختبار (خارج الجسم الحي) in vitro، وبعد انقضاء ثلاثة أيام، حينما تنامت تلك البيضات السبع إلى مرحلة الخلايا الثماني، اقتلع فريق هودجن خلية واحدة من كل جنين مُضْغِيّ pre-embryo، وحاول تحليل دنا DNA هذه الخلية.

لقد أفلح التحليل في أربعة أجنة مضغية: أظهر أحدها تركيبة الجينات المميتة ولكن الثلاثة الباقية لم تكن حتى حملة للداء. لقد تم غرس تلك الأجنة المضغية الثلاثة في رحم ريني، وبقي واحد منها على قيد الحياة ليصبح الطفلة <بريتاني>، التي ولدت في 12/1993. فبفضل كياسة الاختبار الجيني، غدت بريتاني أول طفل على الإطلاق يحظى بشهادة خلوه من داء تاي ـ ساكس قبل دخوله رحم أمه.



يمكِّن الآن تقصي الأجنة المُضغية في مرحلة الخلايا الثماني، كتلك المبيّنة في اليسار، من الكشف عن وجود بعض العلل الجينية. لقد تم اختبار الرضيعة <بريتاني نيكول أبشير> (في اليمين) بهذه الطريقة لأن كلا من والديها يحمل جين المرض المميت تاي ـ ساكس.




ومع بزوغ فجر عصر الاختبارات الجينية فإن معجزات مثل الطفلة بريتاني، يمكن أن تصبح شيئا مألوفا. ويُعَدّ فنّ الاختبار الجيني أسرع الميادين نموا في علم التشخيص الطبي: وفقا لمكتب تقويم التقانة (OTA)، فإن عدد الاختبارات الجينية سيتزايد عشرة أضعاف خلال العقد المقبل.

"فالاختبارات الجينية الكامنة الجديدة تتساقط من فوق الحزام المتحرك لمشروع الجينوم البشري Human Genome Project، بمعدل اختبار واحد تقريبا كل أسبوع"، حسبما أفاد <N. فوست> من كلية ماديسون للطب بجامعة ويسكونسن. ويتم فعلا اختبار مئات آلاف الأجنة في كل عام بوساطة تقنيات بَزْل السِّلي amniocentesis مثلا، أو اعتيان الزغبات المشيمائية chorionic villus sampling.

ولا تقتصر الاختبارات على مرحلة ما قبل الولادة فحسب، فكثرة منها يمكن أن تستخدم لتشخيص علل على نحو أكثر دقة، سواء لدى الأطفال أو لدى البالغين. ففي العام 1993 وحده وجد الباحثون جينات تلازم داء ألزايمر وداء هانتينگتون وسرطان القولون؛ ويتوقعون في الأيام المقبلة أن يكتشفوا جينا مسببا لسرطان الثدي. وقد يكون باستطاعة الاختبارات المبنية على هذه الاكتشافات، وعلى أخرى غيرها، أن تحذر الناس المعنيين بأنهم موضع خطر خاص فيما يتعلق بهذه الأمراض. وإذا ما تم استخدام الاختبارات الجينية مقرونة بالمعالجات المأمولة التي ستعوض عن الجينات المعيبة بجينات وظيفية سوية، فإنه سيصبح بمقدور هذه الاختبارات أن تؤدي إلى شفاء حقيقي.



تتقاسم أفراد العائلة الواحدة الجينات. فإذا كان أحد الأفراد يحمل الجين المسؤول عن مرض ما، فإن كلا من أبويه وأشقائه وأبنائه، يملك فرصة مقدارها 50 في المئة لحمل ذلك الجين. إن هذه الحقيقة تؤثر في سرية المعطيات الجينية.

بيد أن كثرة من علماء الوراثة البشرية ومراقبين آخرين قلقون من أن النمو السريع لفن الاختبار الجيني يطرح في الحال عددا من الإشكالات الأخلاقية والقانونية والاجتماعية والعلمية التي لن تتوفر لها، بسهولة، حلول ملائمة. فهم يخشون من أن الاختبارات الجديدة آخذة بالتكاثر دونما رقابة كافية. وبما أن وراثيات الأمراض تبرهن باستمرار على أنها أشد تعقيدا مما كان متوقعا، فإن القوة التنبؤية لبعض هذه الاختبارات والمنفعة المتأتية عنها، أصبحت الآن موضع تساؤل. وعلى الرغم من هذا، فإن كثرة من الولايات تدشن بحماس برامج لتقصي الولدان screening newborns قد تكون غير ضرورية. وأخذ الباحثون في هذه الأثناء يقعون على أدلة تشير إلى أن "التمييز الجيني" genetic discrimination بدأ يكلف بعضَ الناس وظائفَهم وعقودَ تأمينهم.

ويحذر <M .M. كاباك> (وهو عالم وراثة في جامعة كاليفورنيا بسان دييگو ورائد من رواد التقصي السكاني) قائلا: "علينا أن نتقدم بحذر، لأنه يوجد احتمال كامن للإيذاء باستخدام هذه التقانة". فحينما نعرف المزيد عن التركيب الجيني للإنسان أكثر من أي وقت مضى، هل سيكون في مقدورنا أن نعرف ماذا يمكن أن نفعله بهذه المعطيات كلها؟

طراز أسطوري
إن الاختبار الجيني ليس مجرد تقانة واحدة، بل إنه ينطوي على مجال واسع من الطرائق المستخدمة للبحث عن وجود الجينات في الخلايا أو قياس فاعليتها. فالباحثون يستطيعون في الحد الأدنى للتقانة نسبيا أن يعدّوا الصبغيات (الكروموسومات) في خلايا المرضى، أو أن يقيسوا كمية البروتينات الكشّافة في دم المريض (أو المريضة). أما في المستوى التقاني الأكثر تعقيدا، فإن الباحثين يقايسون دنا الخلايا بوساطة مسابير جزيئية تستطيع اكتشاف التسلسل الجيني النوعي الواحد بين البلايين الثلاثة من أشفاع الأسس (أزواج القواعد) base pairs التي تكوّن الدنا البشري. إن بعض هذه الاختبارات يكلف مبلغا زهيدا لا يتجاوز خمسين دولارا، في حين يكلف بعضها الآخر أكثر من ألف دولار. وبتطبيق هذه الاختبارات يمكن للمختصين في الوراثة الطبية أن يحاولوا التنبؤ بمسار صحة المريض.

ولكن لسوء الحظ، فبقدر ما ازدادت معارف الباحثين عن الوراثيات البشرية ازداد إدراكهم بأنه حتى بالنسبة للأمراض التي تبدو في الظاهر واضحة المعالم، فإنها تكون في واقع الأمر معقدة. وغالبا ما بُنيت أفكارنا عن العلل الجينية حول الأنموذج الوحيد الجين single-gene-model الذي يسبب فيه عيبُ جين ما قصورا صحيا معينا. إن بعض الأمراض تسلك فعلا هذا النهج: الخلايا الدموية المشوَّهة في فقر الدم المنجلي تنجم عن جين يُنتج شكلا شاذا من أشكال الهيموغلوبين (خضاب الدم)، كما أن الأرزاء القاتلة لداء تاي ـ ساكس تنجم عن فقدان إنزيم يقوِّض المواد الدسمة (الدهنية) في العصبونات. ولكن يتبين أن هذا الأنموذج إنما هو تبسيط مفرط.



إن الخرائط الصبغية (الكروموسومية) المسؤولة عن الخِلال (الصفات) الجينية لتشكيلة متنوعة من العلل لا تزال قيد الجمع. إن الجينات المرتبطة بالأمراض قد تم فعلا تعيين مواضعها على كل صبغي من الصبغيات، ويتم باستمرار اكتشاف جينات جديدة. بيد أن العلاقة بين الجينات والأمراض قلما تكون بسيطة. ويرجَّح أن تكون لجميع الأمراض تقريبا بعض المكونات الجينية.

إن نسبة لا تتجاوز 3 في المئة من جميع الأمراض البشرية تسببها عيوب في جين وحيد، ولا يكون أي منها قاتلا رئيسيا مثلما هو مرض القلب والسرطان. إن الحالات الأكثر تعقيدا تشتمل على جمهرة من الجينات تلمح فقط إلى استعداد المرء للإصابة بعِلّة من العلل. ووفقا لمعظم التقديرات، فإن كل واحد منا يحمل على الأقل خمسة إلى عشرة جينات يمكن لها في الظروف غير الصحيحة أن تجعل المرء مريضا، أو يمكن لها أن تؤثر تأثيرات غير مواتية في الأطفال. ويلخّص كاباك قائلا: "إننا كلنا طوافر mutants وأن كل واحد منا معيب من الناحية الجينية."

إن الحقيقة التي لا لبس فيها هي أن القواعد المحددة للمرض ذي المنشأ الجيني ليس جلية تماما. فإذا ما وجد الباحثون في يوم من الأيام جينا يهيئ تأهبا قدره 60 في المئة لبدانة كبيرة فهل يعد هذا عيبا جينيا؟

وماذا عن جين يهيئ تأهبا قدره 25 في المئة لمرض قلبي وعائي في سن الخامسة والخمسين من العمر؟ وإذا ما غُصْنا في ميدان أكثر غموضا، فماذا عن جين يؤهب لسلوك مناف لمصلحة المجتمع.

وعلاوة على ذلك، فإن بعض الأمراض، التي بدت في يوم من الأيام تتطابق والأنموذج الوحيد الجين بناء على طُرُزها الوراثية، تعد الآن أكثر تغيرا مما كان يظن سابقا. والمثال المفيد في هذا النطاق هو مرض التليف الكيسي الذي يعتبر واحدا من بين أكثر الاضطرابات الوراثية شيوعا بين الأفراد المتحدرين من أصل أوروبي. وتشتمل أعراض هذا الداء على تراكم مخاط ثخين خانق في المسالك الهوائية، غالبا ما يترافق مع مشكلات هضمية عسيرة. وتسمح المعالجات الدوائية المعاصرة لنصف مجموع الذين يقاسون من التليف الكيسي أن يعيشوا حتى سن الثلاثين تقريبا. ولكن منذ عقدين من الزمن فقط كان مرضى هذا الداء قلما يبقون على قيد الحياة حتى العشرينات من العمر، كما أن بعضهم كانوا يموتون في سن الطفولة.

ويتطلع الباحثون بشدة إلى تحقيق اختبار جيني يستطيع اكتشاف حَمَلة المرض في المجموعة السكانية العامة. وفي عام 1989، اكتشف الباحثون (في جامعة متشيغان وجامعة تورنتو) الجين المسؤول عن التليف الكيسي في الصبغي 7، ويكوِّد هذا الجين بروتينا يقع في أغشية الخلايا ويؤثر في التوازن داخل الخلوي لأيونات الكلور.
وسرعان ما ظهرت اختبارات مبنية على الدنا تصلح للطفرات المصاحبة للداء بشكل شائع.

بيد أن هذه الاختبارات كشفت عن صنف جديد من مرضى التليف الكيسي، وهم أناس يبدون أعراضا غير خطيرة نسبيا، كالربو والتهاب القصبات، ولم يظنوا أنفسهم إطلاقا بأنهم عليلون جينيا. ويكون بعض المرضى الذكور أصحاء تماما باستثناء كونهم عقيمين. ولأسباب ما زالت غير مفهومة فإنهم يفتقدون الأسهر vas deference (وهو أنبوب في الجهاز التناسلي ينقل النطاف من الخصية). فالتليف الكيسي إذًا، وعلى الرغم من كل شيء، ليس مرضا وحيدا من الناحية الأساسية.



لقد كان التقصي الجماعي لفقر الدم المنجلي في مستهل الأمر شعبيا بين الأمريكيين الأفارقة خلال بداية السبعينات. وتُري الصورة الملاكم <J. فريزر> (في الوسط) يشجع واحدة من حملات التقصي. ونظرا لأن الجمهور كان فقير الثقافة فيما يخص دلالات الاختبار، فقد أسيء أحيانا استخدام النتائج بقصد التمييز للنيل من الأصحاء الحملة للخلة.

وعلاوة على ذلك، فإن البيولوجيا الجزيئية قد كشفت النقاب عن أن التليف الكيسي لا ينجم عن نمط وحيد من الطفرات. وعلى الرغم من أن طفرة واحدة تصاحب سبعين في المئة من مجموع الإصابات، وأن طفرتين أخريين تصاحبان من 15 إلى 20 في المئة من بقية الحالات، فقد تم حتى الآن ربط أكثر من 360 طفرة مختلفة بالتليف الكيسي. ولم يكن بمقدور أحد حتى الآن أن يقيم ترابطا وثيقا بين عنف المرض وبين أي من هذه الطفرات المختلفة. كما أن اختبارات الدنا المصمَّمة للإمساك بطفرة سوف تخطئ بقية الطفرات.

إن هذه الاكتشافات كلها تجعل أمر تأويل نتائج الاختبارات الجينية الخاصة بالتليف الكيسي أكثر صعوبة. وظهور نتيجة إيجابية لاختبار ما لا يبين مدى عنف المرض الذي سيحل بالمريض، كما أن النتيجة السلبية لاختبار ما قد تقود إلى طمأنة خاطئة. وهكذا، فإن اختبارات الدنا تحتاج عادة إلى تأكيدها بمقايسات كيميائية حيوية وبرصد الأعراض.

إن المعضلة التي تواجه أنموذج الداء الوحيد الجين والتأويل المباشر لنتائج الاختبارات هي تلك التي يدعوها الكثير من الباحثين خرافة الحتمية الجينية myth of genetic determinism. وكما يوضح <H.T. موريي> (مدير مركز الأخلاقيات الطبية في كلية الطب بجامعة كيس، والرئيس السابق لمشروع الجينوم البشري) فإن "الحتمية الجينية هي واحدة من الأخطاء الساذجة التي كنا ننزع لارتكابها عندما كنا نفكر بأن الجينات ترتبط بالأمراض على نحو محتوم لا يمكن اجتنابه. إنها تدعوك إلى التفكير بأن الجينات إنما تعادل القدر". إن الظروف البيئية التي تأخذ شكل أقوات متحورة وعقاقير علاجية وتبدلات سلوكية، وتأثيرات أخرى غيرها، تستطيع كلها أن تدرأ عددا كبيرا من العواقب الفاجعة المذكورة سلفا في الدنا. وعلى النقيض تماما، ونظرا لكون التليف الكيسي ومرض القلب والسرطان واضطرابات المناعة الذاتية والتصلب المتعدد وحالات أخرى غيرها، تنشأ نتيجة التقاء عوامل جينية وبيئية، فإن الاختبارات الجينية لتلك العلل لا تستطيع بمفردها على الإطلاق التكهن، بوضوح تام، بمستقبل فرد ما.



لقد انتشر اختبار تعيين حَمَلة التليف الكيسي في السنوات الأخيرة انتشارا واسعا.

مُدان من قِبَل الدنا
وتجاه هذه الستارة الخلفية من التأويل الجيني (وسوء التأويل) يجري أداء مسرحية التقصي السكاني population screening. فقد تمت في العقود الأخيرة محاولة تنفيذ بضعة برامج للتقصي، تهدف إلى الكشف عن الأمراض الجينية لدى مجموعات كبيرة من السكان، وتمخضت بعض هذه البرامج عن نتائج جيدة، في حين تمخض بعضها الآخر عن نتائج رديئة.

هناك مثال مفزع لاختبارٍ حسنِ القصد ولكنه اتخذ مسارا خاطئًا، ألا وهو حَمْلة تقصي فقر الدم المنجلي التي تمت في مطلع السبعينات. ففي استجابة لصرخات المطالبة المتكررة بعمل شيء ما تجاه هذا المرض الذي هو بلوى المجتمع الأمريكي ـ الأفريقي، قامت الحكومة الاتحادية بتمويل برنامج تقصٍّ يتم فيه الكشف عن حملة جين فقر الدم المنجلي.

وكان البرنامج سهل التنفيذ لأنه من الممكن تعرف حامل الجين من قطرة دم واحدة ومن خلال اختبار رخيص الكلفة. وفي بداية الأمر، حظي برنامج التقصي هذا بدعم شعبي. ولقد طبق بعض الوزراء الاختبار على حشود مؤيديهم، كما أن بعض أعضاء منظمة الفهود السود كانوا يتبرعون بإجراء الاختبار بيتا بيتا في مناطق تجمع السود.

ولكن سرعان ما انكشف الوجه البشع لذلك البرنامج. ونظرا لأن ثقافة الناس بخصوص معنى هذا الاختبار كانت نادرة، فإن كثرة من حملة الخلة ذوي الأجسام الكاملة الصحة حُمِلوا على الاعتقاد بأنهم معتلون. كما أن الجهل امتد أيضا إلى بعض حكومات الولايات. فعلى سبيل المثال أقر المجلس التشريعي لولاية ماستشوستس قانونا يقضي بأن يتم تقصي كافة الأطفال الذين هم موضع خطر الإصابة "بأمراض" فقر الدم المنجلي أو احتمال حملهم خِلّة فقر الدم المنجلي وذلك قبل تسجيلهم بالمدارس.
وكما يقول كاباك مُتأوِّها، "فإن خلة فقر الدم المنجلي أصبحت، بمرسوم تشريعي، مرضا من الأمراض."

وبدأت بعض شركات التأمين تنكر على حَمَلة الخلة من السود حق التغطية باعتبار أن لديهم حالة طبية مسبقة، أو أن أطفالهم سيئو المجازفة. كما أن أكاديمية القوى الجوية في الولايات المتحدة رفضت طلبات انتساب السود حملة الخلة. أضف إلى ذلك أن بعض خطوط الطيران التجارية رفضت استخدام حملة الخلة كمرافقي طيران بسبب الاعتقاد الخاطئ بأن أمثال هؤلاء الأفراد مرجحون بشكل خاص لأن يصابوا بالإغماء في الارتفاعات العالية. كما أن علماء بارزين اقترحوا، على شاشات التليفزيون، بأن الحل الأمثل لمعضلة فقر الدم قد يتمثل بضرورة امتناع السود حملة ذلك الجين عن التوالد، وهو اقتراح أثار بطبيعة الحال الخوف من أن برنامج التقصي هو في حقيقة الأمر إبادة جماعية مقصودة. واختصارا فإن البرنامج أضر أكثر مما أفاد لكونه أصبح أداة لأشكال من الإجحاف طويلة العهد.




إن تسمية الجهة التي يجب أن تأخذ علما بنتائج الاختبارات الوراثية، لا تزال موضوعا أخلاقيا وقانونيا متنازعا عليه. فنظرا لأن نتائج الاختبارات الجينية يمكن أن تنطوي على تضمينات صحية ومالية تهم الآخرين، فقد يكون المريض أو الطبيب ملزما بإفشاء هذه المعلومات. ففي استفتاء أجري عام 1992، قالت غالبية من الأمريكيين بأن سرية نتائج الاختبارات يجب ألا تكون مطلقة.

ويعد برنامج تاي ـ ساكس، الذي نظمه كاباك، مثالا ساطعا للجهد الذي يمكن أن يتجه في طريق صحيحة مثمرة. ويسود داء تاي ـ ساكس بصورة خاصة بين اليهود المتحدرين من أصل أوروبي شرقي. (إن عائلة أبشير ليست يهودية، ولكنها تتحدر من جماعة صغيرة تقطن لويزيانا حيث يشيع المرض هناك أيضا). ومنذ مطلع السبعينات تطوع أكثر من مليون يهودي من أصقاع العالم كافة لاختبارهم من أجل معرفة ما إذا كانوا يحملون خِلّة تاي ـ ساكس المتنحية recessive. وعندما يقرر الزوجان ـ اللذان يحمل كل واحد منهما هذه الطفرة ـ الإنجاب، فإنهما يختاران نمطيا إجراء اختبار ما قبل الولادة prenatal testing. فإذا كان الجنين مصابا بالمرض، فإنهما يجهضانه في العادة بدلا من أن يرزقا بطفل سيستسلم خلال خمس سنوات لموت مؤلم وبطيء بشكل مريع. بيد أن الأمر الأكثر أهمية هو أن الاختبارات تطمئن عقول الأزواج الخائفين الذين من دونها لن يجازفوا أبدا في موضوع الإنجاب.

فلماذا نجح برنامج تاي ـ ساكس في حين أصاب الفشل برنامج فقر الدم المنجلي؟ إن كاباك وآخرين غيره يعزون الفضل في ذلك إلى العناية التي تم بها إنجازه. فقبل أن تبدأ البرامج الاستطلاعية (الريادية) في مدينتي بالتيمور وواشنطن العاصمة، قضى المعنيون بالبرنامج مدة 14 شهرا لإقامة اتصالات ضمن الجماعة اليهودية، وبتثقيف المرضى الكامنين عن هذه الاختبارات وملابساتها. وقد تلقى الناس نصحا جينيا واسعا قبل الاختبار وبعده. وخلافا لما كان عليه برنامج تقصي فقر الدم المنجلي، فإن برنامج تاي ـ ساكس ظل دائما اختياريا، مما يعني بأن الناس كانوا يملكون فرصة تهيئة أنفسهم لعواقب الاختبار.



إن لدى <W.B. لامپلي> وهي مذيعة شهيرة في تلفزيون وراديو لوس أنجلوس فقدانا ولاديا للأصابع ectrodactyly: حالة وراثية تسبب تشوه اليدين والقدمين. وقد تعرضت لامپلي لنقد جماهيري بشأن ولادتها رضيعا (في عام 1991) كان نصيبه في إرث الخِلّة يبلغ 50 في المئة(وقد ورث ابنها بالفعل الجين المسؤول عن التشوه). إن حالتها توضح الضغوط الاجتماعية التي يمكن أن يواجهها الأفراد الذين يحملون عيوبا جينية.

والفرق المهم الآخر، كما يجادل كاباك، يكمن في المرضين نفسيهما. فنظرا لأن داء تاي ـ ساكس داء مطرد البشاعة في تقدمه إلى درجة أن القلة الضئيلة جدا من الناس يعتقدون فعلا بضرورة الإتيان بطفل مصاب بذلك الداء إلى هذا العالم، ولما كان بإمكان الاختبار أن يحول دون وقوع تلك المأساة، فإنه يحمل بحد ذاته فائدة صريحة. أما فوائد اختبار فقر الدم المنجلي فهي أقل تميزا، إذ إن عنف المرض متغير ومتقطع، وفي حال وجود عناية طبية فورية ولقاحات ومعالجات بالصادات (المضادات) الحيوية (التي تخفف من الأخماج البكتيرية (الجرثومية) المتكررة والمرافقة لفقر الدم)، فإنه يمكن للمرضى أن يعيشوا عقودا عديدة. إن قلة نسبية من الناس يعتقدون بأن إجهاض جنين مصاب بفقر الدم بالاستناد إلى الاختبار الوراثي هو عمل إنساني. وهكذا نرى أن نفعية هذا الاختبار أقل وضوحا.

استخلاص العبر
لقد تم بنجاح تكييف أنموذج تاي ـ ساكس للتقصي لصالح بعض الأمراض الأخرى، ونذكر، على سبيل المثال، أن الاختبار المتعقل قد قلل كثيرا من وقوع التَّلاسيمِيّة، وهي اضطراب دموي وراثي شائع بين كثير من الناس المنتمين في أصولهم إلى حوض البحر المتوسط. ففي ساردينيا انخفض معدل التلاسيمية من إصابة واحدة في كل 250 ولادة إلى إصابة واحدة في كل 1200 ولادة، وذلك خلال العشرين سنة الفائتة.

بيد أن تطبيق العبر المستخلصة من تجارب برنامجي تاي ـ ساكس وفقر الدم المنجلي ليس دائما بالأمر السهل، وبخاصة فيما يتعلق بالأمراض التي يكون فيها عدد السكان الذين هم رهن خطر الإصابة كبيرا جدا. ومرة أخرى، فإن التليف الكيسي يشكل مثالا نافعا. ففي العائلات ذات التاريخ المتصل بالمرض، يكون التقصي ـ عادة ـ دقيقا ومفيدا. بيد أن 80 في المئة من الأطفال المصابين بالتليف الكيسي يولدون لعائلات ليس لها هذا التاريخ المرضي. كهذه. ولهذا، فإن جميع الأزواج في الولايات المتحدة تقريبا قد يحتاجون إلى هذا التقصي من أجل تفادي معظم الحالات. ويتساءل فوست في هذا الصدد: "كيف يمكن لك أن تؤمن لأربعة ملايين امرأة حامل كل عام الخلفية التثقيفية الملائمة؟" فإذا ما علمنا أن عدد المستشارين الجينيين المحترفين في الولايات المتحدة لا يكاد يتجاوز الألف، فإن تقصي التليف الكيسي يمكن أن يستنفد بمفرده كامل القوى الاستشارية للدولة. وقد يكون على معظم المرضى أن يحصلوا على النصائح الطبية من أطبائهم العامّين الذين لا يملك الكثير منهم إلا تدريبًا ضئيلا في نطاق علم الوراثة، أو لا يملكون هذه الخبرة على الإطلاق وذلك بناء على دراسة مسحية للمهن الطبية.

ولكن على الرغم من ذلك، فإن عددا كبيرا من الباحثين، كما يعبر عن ذلك فوست، يعتقد بأن تقصي التليف الكيسي هو "تقص نقيلي (سرياني) metastizing على الرغم من غياب أي دليل على أنه ناجح عمليا".
فخلال الأعوام الثمانية المنصرمة، أجرى الباحثون في جامعة ويسكونسن دراسة تعمية مزدوجة double-blind study ليعينوا فيما إذا كان التقصي الكيميائي الحيوي للولدان بحثا عن التليف الكيسي هو تقص مفيد فعلا. ولم يجد الباحثون حتى الآن أي دليل على أن تعرف الأطفال عند الولادة هو أفضل من انتظار ظهور أي أعراض. وعلى الرغم من هذا، فإن ولايتي كولورادو ووايومينگ قررتا عام 1989 أن يكون تقصي التليف الكيسي إلزاميا لجميع الولدان.

وبما أن جميع الاختبارات الجينية لها هامش من الخطأ، فإن للإفراط باختبار الولدان المقدرة على إحداث الأذى إذا ما نظرنا فقط إلى القلق غير الضروري الذي يسببه للآباء. ولقد قامت إحدى الدراسات بتفحص العائلات التي كان قد شخص في البدء لأحد أطفالها على أنه مصاب بالتليف الكيسي، ثم اتضح فيما بعد أن الطفل كان صحيحا. فتبين أنه على الرغم من ذلك، استمر خُمْس عدد الآباء في تخوفهم من أن أطفالهم مصابون بالمرض. وغالبا ما يعبر علماء الوراثة والأخلاق عن قلقهم حول تأثير وصم الأطفال بمرض ما، في تناميهم الشخصي.

وقد تقدم معهد الطب (IOM) التابع لأكاديمية العلوم الوطنية في تقرير نشره في 11/1993 بمجموعة من التوصيات حول الكيفية التي يجب أن يتم وفقا لها إجراء الاختبارات الجينية وذلك بغية الإقلال من تأثيراتها الكامنة غير المواتية. ويوحي التقرير بأن جميع الاختبارات يجب أن تكون طوعية، كما يجب أن تبقى النتائج سرية للحيلولة دون سوء الاستعمال، ويجب ربط الاختبارات كلها بالتوجيه الوراثي بحيث يدرك المريض نتائجها وما تنطوي عليه تلك النتائج. وفي معظم الأحوال ينبغي قَصْر الاختبارات على تلك الحالات التي يمكن فيها إجراء مداخلة نافعة محتملة، إما على شكل معالجة أو على شكل تخطيط للإنجاب. ويجب ألا تجرى الاختبارات عادة لمجرد الحصول على المعلومات، بل يجب على المريض أن يكون قادرا على استخدام النتائج ليتخذ قرارا معللا بشأن موضوع ذي مساس مباشر به، كإنجابه طفلا أو انتقائه معالجة طبية معينة. كما يعتقد معهد الطب اعتقادا جازما بأن على الفرد أن يقرر بمحض إرادته وبمنأى عن الضغط الاجتماعي أو الإغراء المادي فيما إذا كان سيخضع للاختبار أو لا.

اختبارات غير منظمة
وبقدر ما يمكن أن تكون هذه الإرشادات صحيحة، فإن الصبر عليها سيكون صعبا. وإن إحدى معضلات محاولة وضع حدود لذلك تكمن في أن الاختبار الجيني سهل التطبيق جدا. أما المعضلة الأخرى فهي أن هذا الميدان يفتقر للتنظيم إلى حد كبير. وكما يقول فوست: "لا يوجد حاليا إلا القليل جدا لمنع شخص ما من تنفيذ الاختبارات الجينية على أساس سكاني دون ذلك النوع من المراجعة المؤسساتية والإقرار المطلع اللذين يتطلبهما اعتماد التقانات الجديدة الأخرى."

ويلاحظ <A .N. هولتزمان> (وهو خبير بالسياسة الصحية في مشفى (مستشفى) جامعة جونز هوبكنز ومحرر تقرير المعهد الطبي IOM) أن معظم شركات أعمال الاختبارات الجينية تعرض هذه الاختبارات كخدمة مخبرية وليس كإحدى اللوازم التي يستخدمها الأطباء. لهذا، فإن هذه الشركات غير ملزمة بتقديم طرائقها من أجل تقويمها والموافقة عليها من قبل (إدارة الغذاء والدواء الأمريكية).

لكن هذه الشركات تخضع فعلا لأحكام قانون التعديلات الإصلاحية للمخابر السريرية الصادرة عام 1988. ويتكفل هذا القانون بأن على المخابر التي تمارس التجارة بين الولايات فيما يخص لطاخات بابانيكولاو pap smears، والاختبارات الحيوية الطبية الأخرى، أن تستجيب لمعايير معينة من المُعَوَّلِيّة reliabliity .ومما يؤسف له، كما يقول هولتزمان، هو أن (إدارة تمويل الرعاية الصحية) التي هي الهيئة المخولة بقوة لتطبيق هذه القواعد "قد تعثرت في إعداد إرشادات لتطبيق هذه الاختبارات الجينية الجديدة."

ووفقا لتقرير المعهد IOM، فإن عشر ولايات فقط وطدت متطلبات الترخيص اللازمة لمخابر الاختبار الجيني. ولا توجد ضوابط جامعة تتعلق باختبارات الدنا إلا في ولاية نيويورك. إن فقدان هذا الإشراف يقلق هولتزمان وبقية أعضاء لجنة IOM فيما يتعلق بالهامش المحتمل من الأخطاء في نتائج الاختبارات. ويوجه هولتزمان الاتهام قائلا: "أظن أننا شهدنا فعلا مثالين عن شركات تُجري على ما يظهر اختبارات جينية هنا وهناك دون أي كوابح تنظيمية تواجهها."

ويتابع هولتزمان قائلا: "فإذا لم نضع السلطة التنظيمية الملائمة موضع العمل، فإن ذلك سيتحول إلى مشكلة فات أوان حلها ولا نملك حيلة بشأنها."

ويشير النقاد أيضا إلى أن للكثير من الباحثين في علم الوراثة صلات مالية بشركات تحترف أعمال الاختبار. ويعلق كاباك قائلا: "إن ما أشاهد زملائي يقومون به هو أنهم يستفردون أحد الجينات، ثم يرصدون طفرة وحيدة، وبعدها يقفزون إلى التقصي السكاني. وفي رأيي، فإن الأمور يجب ألا تسير على هذا النحو". ويتابع قائلا: "لقد تولدت لدينا اهتمامات ومصالح تؤثر في الأحكام التي يكونها الناس بخصوص الزمن الذي تكون فيه الاختبارات جاهزة للتوزيع بين السكان."

إن كاباك وبقية أعضاء لجنة IOM قلقون أيضا بشأن ما يتعرض له الأطباء من ضغوط كي يستخدموا الاختبارات الجينية. ويقول كاباك في هذا الصدد: "هناك شركات خاصة توجه رسائل إلى الأطباء في كل أنحاء القطر يخبرونهم فيها بأن عليهم أن يعرضوا على جميع الزوجات الحوامل من مرضاهم اختبار حامل التليف الكيسي ."وقد يشعر كثير من الأطباء في أوقات التقاضي هذه أنه من الأسلم لهم أن يطلبوا إجراء الاختبار من أن يواجهوا تهمة الإهمال.



يُبدي مرضى متلازمة داون Down Syndrome، الذين يحملون ثلاث نسخ من الصبغي 21، نوعا ما من الضعف العقلي والجسدي. ولكنهم إذا ما توفرت لهم التربية الملائمة والاهتمام الطبي، فإن كثرة منهم يستطيعون تحقيق أكثر بكثير مما كان يظن ممكنا. إن التنبؤ بحدود مقدرات الأفراد ذوي العوائق الجينية هو تنبؤ غير مؤكد.

وبسبب مثل هذه الهموم عمدت عدة مجموعات متمرسة إلى إصدار تصريحات تشدد على الوضع التجريبي لمعظم الاختبارات الجينية. فالجمعية الأمريكية لعلم الوراثة البشرية أعلنت مرتين أن عرض تقصي حَمَلة التليف الكيسي على عموم الجمهور يجب ألا يعد معيارا في الممارسة الطبية. وفي 3/1994 حذر المجلس الاستشاري الوطني لبحوث جينوم الإنسان، التابع لمعاهد الصحة الوطنية، من أن التقصي بحثا عن السرطان يجب ألا يطبق على نطاق واسع إلا بعد أن تجرى بحوث أوسع فيما يتعلق بمُعَوَّلِيَّته وبعد أن يصبح بالإمكان تحديد العواقب.

السرِّية الجينية
ولكن حتى لو ضَمِنّا دقة الاختبارات الجينية وفائدتها فإن الحفاظ على سرية تلك المعلومات سيبقى مشكلة. فجيناتك ليست خاصة بك دون غيرك. إنك تتقاسم نصفها مع كل من والديك وأشقائك وأولادك. فإذا ما اكتشفتَ بأنك تحمل جينا يقلقك، فقد تتحمل التزاما أخلاقيا (إن لم يكن قانونيا) بإعلامهم ذلك. وكما يلاحظ <A. كاپلان> (وهو مختص في الأخلاقيات البيولوجية في جامعة مينيسوتا) فإن للاختبارات الجينية تموجات لا نصادف ما يضاهيها في معظم الاختبارات الطبية الأخرى".

لقد أورد تقرير عن استطلاع للرأي قامت به مؤسسة دايمس في 3/1992، أن 57 في المئة من الجمهور يعتقدون بأن هناك شخصا ما غير المريض يستحق أن يعرف أن المريض المعني يحمل جينا معيبا. وبين الذين يعتقدون ذلك يرى 98 في المئة منهم أنه يجب إعلام القرين أو الخاطب. أما الأكثر إثارة للدهشة فهو أن 58 في المئة يعتقدون أنه يجب أيضا إعلام شركات التأمين، وأن 33 في المئة يرون أنه يجب إبلاغ رب العمل. وفي دراسة أخرى كشف الأطباء أنفسهم عن استعدادهم لانتهاك حرمة سرية (المريض ـ الطبيب) في حالات معينة، ذلك أن 54 في المئة منهم ذكروا أنهم قد ينبئون أقرباء المريض الذين هم موضع خطر محتمل بالجين المعيب (وحتى على الرغم من اعتراضات المريض) بنتائج اختبارات مرض هونتينگتون الذي هو اضطراب تنكسي عصبي مميت تتضح أعراضه عادة في أواسط العمر.
وقال 42 في المئة بأنهم قد يخبرون مُستخِدم المريض، وقال 12 في المئة بأنهم قد يخبرون شركة التأمين.



يمكن لمواقف المؤمِّنين تجاه الأفراد الذين يحملون الجينات المسؤولة عن خلال (صفات) مرضية أن يوجهوا السياسات المتعلقة بأهلية هؤلاء الأشخاص وأنسالهم فيما يتعلق بتغطية الرعاية الصحية. إن منتقدي هذا التوجيه قلقون من أن يؤدي ذلك إلى تحيّز جيني.

وكشفت الصناعة هي الأخرى عن شهيتها للمعلومات الجينية للأفراد على الرغم من أن المقدرة التنبؤية المحدودة لهذه المعلومات والكلفة المرتفعة للاختبارات الحالية كانت تقيد على ما يبدو هذا الإغراء.

لقد حاول مسح أجراه مكتب تقويم التقانة OTA وسُمح بنشره عام 1991، أن يحدد فيما إذا كان المستخدمون يجرون اختبارات جينية كشرط مسبق للاستخدام؛ إذ إن بمقدور مثل هذه الاختبارات أن تكشف نظريا عن العاملين الذين سيكونون بصورة خاصة عرضة لأخطار صحية سيئة (أو باهظة التكاليف). وقد تبين في عام 1989 أن 12 شركة فقط من أصل 330 من شركات (Fortune 500) كانت تقوم بالمنطرة (الرصد) أو التقصي لسبب من الأسباب. بيد أن أكثر من نصف عدد الشركات المستفتاة وجد أن فكرة الرصد مقبولة، وأن 40 في المئة منها اعترفت أن كلفة التأمين الصحي للشخص يمكن أن تؤثر في فرصة استخدامه (أو استخدامها).

إن اختصاصي الأخلاقيات البيولوجية <T. موريي> اكتشف هو الآخر اهتماما بالمعطيات الجينية لدى شركات التأمين. يقول هذا الباحث: "إذا طرحت السؤال التالي بدقة: هل يشترط المؤمِّنون (شركات التأمين) اختبارات الدنا للزبائن؟ فسيكون الجواب بالنفي. إن الاختبارات باهظة الكلفة، وليست النتيجة بحجم الكلفة، كما أن عدد الاختبارات المتاح حاليا لا يزال غير كاف، وتوجد أسباب كثيرة لمثل تلك الإجابة. ولكن إذا كان السؤال هو التالي: هل يهتم المؤمِّنون بالمعلومات الوراثية، وهل سيكونون كذلك في المستقبل؟ فإن الإجابة عن هذا السؤال ستكون نعم مدوِّية. إن أفضل المعلومات الجينية في الوقت الحاضر لا تأتي من الاختبارات الجينية، بل من سرد التاريخ الصحي الشخصي للمرء بدءا من التساؤل: ما سبب وفاة والديك؟"

إن صناعة التأمين نفسها تؤكد وجهة النظر هذه. وينص تقرير مشترك نشر عام 1991 من قبل المجلس الأمريكي للتأمين على الحياة واتحاد التأمين الصحي لأمريكا على أنه على الرغم من أن المؤمِّنين لن يشترطوا اختبارات في المستقبل المنظور فإنهم لا بد أن يكونوا مخوّلين حق معرفة نتائج أي اختبار جيني، أو أي دليل آخر على مرض محتمل يحويه سجل صاحب شهادة التأمين.

ويصر المؤمِّنون على أنهم يحتاجون إلى هذه المعلومات ليس من أجل تمييز جيني ولكن من أجل وضع رسوم عادلة تشمل جميع حاملي شهادات التأمين، ويجادلون بأنه قد يكون من الخطأ جعل الناس الأصحاء يدفعون أقساط تأمين عالية لمجرد أنهم حشروا مع ذوي النسب العالية من الخطورة المحتملة في جماعة واحدة كما أنهم لا يرغبون في استثناء نتائج الاختبارات الجينية من التفحص الدقيق، لأنهم يقولون بأن هذه السابقة قد تحول في يوم ما دون استخدامهم مؤشرات طبية وإحصائية أخرى لنسبة الخطورة المحتملة.

إن هذه الحجج لا تقنع موريي، فهو يرد عليها بأن "المؤمِّنين يطبقون أنموذجا من "الإنصاف المحاسبي" والعدالة أوجدوه لعالم التأمين التجاري". إن هذه المبادئ، في رأيه، لا علاقة لها بالتأمين الصحي الذي يخدم الأغراض الاجتماعية والإنسانية التي تستحق الاهتمام. ونظرا لأنه ليس بإمكان أي منا أن يتحكم في تكوينه الجيني فإنه سيكون من الخطأ معاقبة الأفراد على ذلك.

ويرتاب كثير من المراقبين أيضا بقدرة شركات التأمين والوكالات الأخرى على تأويل المعلومات الجينية بشكل حكيم. لقد قام <R .P. بيلينگز> (وهو مختص في علم الوراثة، يعمل حاليا في المركز الطبي لإدارة متقاعدي پالو ألتو) بجمع أمثلة عن أناس تم على ما يبدو التحيز ضدهم بسبب معلومات جينية تخصهم، وأصبحت معروفة من قبل المؤمِّنين والمستخدِمين ومنظمات الحفاظ على الصحة (HMOs) ووكالات التبني. ونشر بيلينگز مع زملائه في البداية بعض نتائجهم في مجلة American Journal of Human Genetics عام 1992. وكان بضع من الحالات التي وصفوها تخص أناسا أصحاء حملة لأمراض جينية، أو أنهم يبدون أعراضا خفيفة للغاية، ومع هذا فقد حرموا من حق الاستخدام أو من تغطية التأمين. إن إحدى النسوة التي تقدمت بطلب لتصبح أما بالتبني رفض طلبها. لأن تاريخ عائلتها فيما يتعلق بمرض هنتينگتون جعلها "من ذوي النسب العالية للخطورة المحتملة".

وفي حالة أخرى، أخصب الجماع مرة أخرى بين أبويْن لهما طفل مصاب بالتليف الكيسي، وأكدت اختبارات ما قبل الولادة أن الطفل الثاني سيصاب أيضا بالمرض.

وعندما علمت منظمة الحفاظ على الصحة التي تتبع لها هذه العائلة بأن ذَيْنِك الزوجين ينويان الاستمرار في الحفاظ على الحمل تأهبت لسحب كامل التغطية الصحية للعائلة، أو إلى الحد من هذه التغطية. ولم تعمد المنظمة إلى العدول عن رأيها إلا بعد التهديد برفع قضية ضدها.

وكما يقول بيلينگز فقد تم تقريبا وضع تقرير ثان يدرج نحو مئة حالة من التمييز الجيني. وبتمويل من مشروع الجينوم البشري فقد كان هذا الباحث وزملاؤه يجرون مسحا أوسع، يتناول 30000 شخص من ذوي الحالات الجينية. ويلاحظ بيلينگز قائلا: "إن رأينا الأولي عن تلك الدراسة هو أنها تؤكد حدوث التمييز الجيني". كما أن تقريرا لمكتب تقويم التقانات OTA، نُشِر عام 1992، أوضح أن نحو 15 في المئة من المستشارين الوراثيين ذكروا أن بعض زبائنهم مروا بتجارب من التمييز الجيني فيما يتعلق بالتأمين.

خارج القانون
إن من ينظر إلى قانون الحماية من التمييز الجيني لن يجد في أحسن الحالات إلا درعا واهية. فعلى المستوى الاتحادي يتفق معظم الخبراء على أن أقوى تشريع لإبطال التمييز في مواضع العمل هو قانون الأمريكيين المعاقين الصادر عام 1990، بيد أن صلة ذلك القانون بالمعلومات الجينية غير معروف على وجه التحديد. إن لجنة فرص الاستخدام المتساوية Equal Employment Opportunity التي تنفذ هذا القانون تقدمت فعلا بفكرة أن الأصحاء الحملة للأمراض الجينية ربما لا يعتبرون ممن يتصفون بعدم الأهلية (الإعاقة) disability.

لقد شرّعت بعض الولايات قوانين تحمي حملة جينات فقر الدم المنجلي وبضع خِلال (صفات) نوعية أخرى موجودة على نحو غير متناسب بين الأمريكيين الأفارقة كما تحمي مجموعات أخرى كان أفرادها هدفا تاريخيا للتمييز ضدهم. كما أن تشريعات أبعد مرمى كانت قد أقرت في ولاية ويسكاونسن وفي عدد قليل من الولايات الأخرى. وهنالك عدد آخر من الولايات يناقش أمر إقرار هذه التشريعات. وقد أقر المجلس التشريعي لولاية كاليفورنيا (عام 1991) قانونا يمنع أي شكل من أشكال التمييز الجيني، بيد أن هذا القانون تم نقضه فيما بعد من قبل حاكم الولاية <P. ويسلون>.

ونظرا لأن معظم القلق من التمييز يدور حول تغطية التأمين، فربما يكون موضوع إصلاح التأمين هو مفتاح الحل. ويقول موريي: "إن حملتنا قد أوصت بأن يتم استبعاد جميع معلومات الخطورة المحتملة الفردية عند تقرير من يحق لهم التأمين وعلى ماذا يحق لهم أن يؤمنوا، وكم يترتب عليهم أن يدفعوا. إننا لا نرى خطة عملية تستحق المساندة لتغطية الرعاية الصحية أفضل من تصنيف الجماعات". ونذكر هنا أن تصنيف الجماعات، الذي اعتمد كأساس لمشاريع التأمين الصحي الأولي في الثلاثينات، هو نظام يتم فيه تحديد قسط تأمين الزبون وفقا للصيغة الصحية لجماعته (أو جماعتها) السكانية. فالمعلومات الجينية للأفراد لا تكون والحالة هذه ذات صلة بالأمر.

واستنادا إلى هذا السبب، فإن لجنة IOM واللجان الأخرى تحبذ كذلك مبدأ تصنيف الجماعات. بيد أن المؤمِّنين لا يوافقون على ذلك بحجة أن تصنيف الخطورة الفردية المحتملة يخدم رفاهية المجتمع بشكل أكثر إنصافا وبكلفة أقل. ومع ذلك، فإن شعبية تصنيف الخطورة الفردية المحتملة أخذت، ولأسباب كثيرة، بالانحدار. فولايتا نيويورك ومين وولايات أخرى قليلة تحولت في السنوات الأخيرة إلى برامج تقوم، ولو جزئيا، على أساس تصنيف الجماعات السكانية.

إن كلا المؤمِّنين ومنتقديهم يتفقون على أن الإصلاحات في تمويل الرعاية الصحية قد تُذكي بعض، ولكن ليس كل، الخلافات حول التمييز الوراثي في نطاق التأمين. وبَدَهِيّ أن تكون تفاصيل نظام الرعاية الصحية الجديد ذات أهمية خاصة. ونذكر، على سبيل المثال، أن بعض خطط التأمين التي ستستجيب لمعايير إدارة كلينتون للتغطية الشاملة يحتمل أن تظل قادرة على إلغاء تغطية التأمين لحالات جينية معينة. وقد يكون على من يحملون تلك الخِلال أن يبتاعوا عندئذ تأمينا إضافيا أو أن يخسروا بعض المال دون طائل. أما في ظل النظام الحالي، فإن شركات التأمين ومكاتب HMO غالبا ما تقاوم الإنفاق على العديد من الاختبارات الجينية، أو على تكاليف الاستشارات الجينية. ويبقى علينا أن نرى كيف ستعالج إصلاحات تمويل الرعاية الصحية مثل هذه السياسات.

ويمكن للتغطية العامة الشاملة أن تصبح أيضا الأداة الشيطانية التي طالما لازمت التقانة الجينية بهاجسها المتمثل بعلم تحسين النسل eugenics. صحيح أن هذه العبارة تستدعي مباشرة ذكريات رعب الإبادة الجماعية النازية والفظاعات الأخرى، كالتعقيم القسري لثلاثين ألف شخص وصموا بالتخلف العقلي في الولايات المتحدة الأمريكية قبل الحرب العالمية الثانية. ومع ذلك، فإن علم تحسين النسل يمكن أن ينهض من خلال ما يبدو حركة أكثر اعتدالا لتوزيع القوى الاجتماعية، وتعمل على تخصيص الموارد الاجتماعية. ففي 12/1993، أعلنت الصين عن سياسة تثني الناس الذين هم موضع خطورة محتملة للأمراض الوراثية عن إنجاب الأطفال على أساس أن الفرد المعتل وراثيا يُحمِّل المجتمع عبئا ثقيلا.

ديمقراطية تحسين النسل
إن الولايات المتحدة ليست حصينة تجاه مثل هذا التفكير. ويعتقد كاپلان قائلا: "إننا إذا ما حصلنا على رعاية صحية شاملة، فإن الناس ستراودهم الرغبة في أن يعرفوا لماذا يجب عليهم أن يدفعوا مالا عن اللامسؤولين وراثيا. إن علم تحسين النسل لن يظهر في هذا البلد بأمر من ديكتاتور هتلري يقول: عليك أن تفعل هذا. بل يحتمل أن ينبعث من مجتمع يقول: يمكنك أن ترزق بطفل له هذه المواصفات إذا ما رغبت، ولكنني لن أدفع مالا لقاء ذلك".

ويمكن للحجّة المضادة أن تتمثل في أنه في مجتمع ديمقراطي لا بد أن يكون الجمهور مخولا بوضع حدود لما يستطيع الأفراد فرضه من كلفة على كل شخص. ولكن على الرغم من ذلك، فإن مثل هذه الحجج، شأنها شأن تلك التي تدور حول التأمين، تعتمد اعتمادا ثابتا على تعريف الإنصاف. وعلاوة على ذلك، وبغض النظر عن البواعث التي تكمن خلف الضغوط التي تمارس على الناس الذين يأخذون بخيارات التوالد، فإن تأثيرها النهائي يبقى هو ذاته: ومفاده أن المجتمع يؤثر في تقرير مَنْ سيولد أو لا يولد. وكما يقول بيلينگز: "لو شئنا أن نزين الأمر بكساء ذي بواعث اقتصادية، فإنه إذا كان عليك أن تبيع منزلك وتغدو مفلسا من أجل إنجاب طفل من نمط معين يكون الأمر من صلب علم تحسين النسل".

وبسبب تاريخ "علم تحسين النسل" فإن هذا المصطلح ربما يكون مشحونا بما لا يَسَعه في وصف بعض تطبيقات الاختبار الجيني. ويفضل هولتزمان وكثيرون غيره إبقاء هذا المصطلح لوصف الظروف التي تتدخل فيها الحكومة، أو أي هيئة أخرى في قرارات تتعلق بالتوالد. ولهذا السبب يقول هولتزمان بأن لجنة IOM أكدت تأكيدا شديدا أهميةَ صون الاستقلالية الشخصية: أي أن على الأزواج أنفسهم أن يفكروا مليا فيما إذا كانت الأخطار المحتملة من إنجاب طفل مصاب بفقر الدم المنجلي ترجح على الاعتبارات الأخرى.

ويؤكد كاپلان قائلا: "أعتقد أن الهدف من إزالة المرض والعجز هو هدف سليم. ولا أرى خطأ في تشجيع النسوة ذوات الخطورة المحتملة على قبول التقصي عن السِّنْسِنَة المشقوقة(1) spina bifida، أو في الطلب إلى الأزواج اليهود المتحدرين من شرقي أوروبا أن يقبلوا التقصي عن داء تاي ـ ساكس. بل إن الخطأ هو أن تخلط هدف إزالة المرض بالمشكلة الأخلاقية المرتبطة بالإكراه.

بيد أن الحقيقة المزعجة التي تظل قائمة، هي أن الخط الفاصل بين الأمراض الجينية والخِلال غير المرغوب فيها هو خط ضبابي. ويسوق كاپلان مثالَ المهق albinism الذي لا يعد مرضا في ذاته، إلا أنه يترافق مع خطورة محتملة عالية للإصابة بسرطان الجلد وبإبصار معيب وبوصمة عار اجتماعية. ويقترح كاپلان قائلا: "أعتقد أن المعيار الذي يرغب الطب في مسايرته يكمن في التساؤل التالي: هل هناك خلل وظيفي واضح أو اضطراب جلي؟ فإذا كان الجواب بالنفي فإنني سأحاجج بأن على الطب ألا يُجري اختبارا للبحث عنه، وألَّا يقدم استشارة بصدده. أما إذا كنا في المنطقة الرمادية، فإنني أظن بأن علينا أن نحاول البقاء خارج تلك المجالات لأن هناك الكثير غيرها ذو قيمة جلية تستحق منا أن ننبري لها، ونعمل من أجلها".

بيد أن كاپلان يعترف، وبالقدر الذي يشاؤه، بأنه لا يستطيع أن يضع معيارا مُقْنِعا يسمح للوالدين بأن ينتقوا بعض خِلال أطفالهم، ولكن ليس جنس هؤلاء الأطفال، أو أطوال قاماتهم، أو أي ملامح أخرى تجميلية المظهر، حتى ولو افترضنا إمكانية إجراء ذلك من الناحية التقانية. إن كراهية الإجهاض ستمنع عددا كبيرا من الآباء في الوقت الحالي من ممارسة حق النقض ذاك. بيد أن هذه الخيارات قد يمكن تطويقها بتقانات ينبثق جديدها يوما بعد يوم، وتستخدم لتقصي الأجنة قبل الانغراس، أو حتى قبل الإخصاب. ويجيب كاپلان بكآبة قائلا: "وهكذا، فإنني أعتقد بأن الموقف المتمثل في كوننا سنتعامل مع اضطرابات واضحة المعالم فقط، سيدوم نحو خمس دقائق. فما إن يتسنى لك حقا القيام بتلك الاختبارات حتى تطمس فائدتها اعتراضاتي. وسيكون من شأن المقدرة على اختيار خِلال طفلك أن تمور جَهْرا وتسري حفيفا".

وقد يكون من الصعب جدا التنبؤ بعواقب هذه الخيارات. ويستذكر موريي بأنه سمع منذ سنوات قليلة في اجتماع للجمعية الأمريكية لعلم الوراثة البشري عن زوجين أصمين سألا أحد علماء الوراثة فيما إذا كان بالإمكان تعرف القدرة السمعية للجنين قبل الولادة، لقد رغبا أن يكملا الحمل فقط مع علمهما بأن الطفل سيكون أصمّ.

وكما تبرهن حالة <بريتاني أبشير> وملايين آخرين من الأطفال والبالغين، الأصحاء فإن الاختبار الجيني يمكن أن يحسِّن ـ بلا حدود ـ نوعية حياة الأفراد، وحتى عائلات بكاملها. إن تجاهل ما يمكن أن يفعله الاختبار الجيني من خير سيكون عملا ينطوي على عمى وجبن غير أخلاقيين. بيد أن استخدام هذه التقانات بتعقل سيتطلب سياسات اجتماعية وتشريعية ثاقبة البصيرة. إن سجل الأحداث غير مشجع: ففي الماضي حينما أتاحت الاكتشافات الجينية قيام هذه الاختبارات؛ كثيرا ما عمد صانعو السياسة إلى التشجيع السابق لأوانه لهذه الاختبارات، أو تشريعها بعد فوات الأوان، أو أنهم تصدوا لها في مرحلة متأخرة جدا.
ويقول موريي متأملا: "إن نماذج علم تحسين النسل هي برامج مستطيرة الشرور. إنها لن تصبح في المستقبل أقل شرا لمجرد أن علم الوراثة قد غدا اليوم أفضل شأنا. إننا بحاجة إلى أن نكون في غاية الإدراك والوعي لما نتناوله ونخوض فيه.


hj[hihj td ugl hg,vhem ulg



 


الرد باقتباس
الرد على الموضوع

Bookmarks

الكلمات الدلالية (Tags)
الوراثة , اتجاهات , عمل , في


Currently Active Users Viewing This Thread: 1 (0 members and 1 guests)
 

قوانين المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML مغلق
Trackbacks are متاح
Pingbacks are متاح
Refbacks are متاح



شات تعب قلبي تعب قلبي شات الرياض شات بنات الرياض شات الغلا الغلا شات الود شات خليجي شات الشله الشله شات حفر الباطن حفر الباطن شات الامارات سعودي انحراف شات دردشة دردشة الرياض شات الخليج سعودي انحراف180 مسوق شات صوتي شات عرب توك دردشة عرب توك عرب توك


جميع الأوقات GMT +3. الساعة الآن 12:42 AM.


.
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
.

Search Engine Friendly URLs by vBSEO