منتدى الآصالةوالتاريخ حريب بيحان
ينتهي : 30-04-2025
عدد مرات النقر : 1,285
عدد  مرات الظهور : 29,384,623

عدد مرات النقر : 4,131
عدد  مرات الظهور : 73,404,980
عدد  مرات الظهور : 69,120,949
قناة حريب بيحان " يوتيوب "
عدد مرات النقر : 2,312
عدد  مرات الظهور : 73,405,782مركز تحميل منتديات حريب بيحان
ينتهي : 19-12-2025
عدد مرات النقر : 3,949
عدد  مرات الظهور : 69,621,709
آخر 10 مشاركات
تحدي المليوووون رد ،، (الكاتـب : - المشاركات : 2050 - المشاهدات : 123590 - الوقت: 07:27 PM - التاريخ: 04-25-2024)           »          صـبـــاحكم سكــر // مســـاؤكم ورد معطر (الكاتـب : - المشاركات : 2386 - المشاهدات : 169806 - الوقت: 06:40 AM - التاريخ: 04-24-2024)           »          تعزية للاخ يمني بوفاة اخيه (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 6 - المشاهدات : 110 - الوقت: 09:46 PM - التاريخ: 04-22-2024)           »          قراءة في سورة البقرة (الكاتـب : - المشاركات : 2 - المشاهدات : 71 - الوقت: 05:34 AM - التاريخ: 04-20-2024)           »          الاذكار اليوميه في الصباح والمساء (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 542 - المشاهدات : 33732 - الوقت: 08:30 PM - التاريخ: 04-19-2024)           »          عيدكم مبارك ،، (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 1 - المشاهدات : 86 - الوقت: 08:45 AM - التاريخ: 04-10-2024)           »          ماذا ستكتب على جدران (منتديات حريب بيحان) (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 3179 - المشاهدات : 233830 - الوقت: 05:26 PM - التاريخ: 04-08-2024)           »          ورد يومي صفحه من القرآن الكريم (الكاتـب : - المشاركات : 93 - المشاهدات : 994 - الوقت: 06:53 AM - التاريخ: 03-23-2024)           »          شهرمبارك كل عام وأنتم بخير (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 3 - المشاهدات : 82 - الوقت: 04:06 AM - التاريخ: 03-18-2024)           »          تدمير دبابة ميركافا الإسرائيلية (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 2 - المشاهدات : 143 - الوقت: 06:53 AM - التاريخ: 03-17-2024)


الإهداءات



النقاش العام والمواضيع العامة للأخبار والمواضيع العامة


المعماريون الجزيئيون مصمّمو الجسم

للأخبار والمواضيع العامة


المعماريون الجزيئيون مصمّمو الجسم

(المهندسون) المعماريون الجزيئيون مصمّمو الجسم قد يبدو إدخال جين بشري في ذبابة وكأنه أساس لفيلم من الخيال العلمي، ولكنه يبرهن على أن آليات جزيئية مماثلة تقريبا تحدد

الرد على الموضوع
 
LinkBack خيارات الموضوع
قديم 03-18-2012, 09:44 AM   #1


طائرالمساء غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 102
 تاريخ التسجيل :  Sep 2011
 أخر زيارة : 11-20-2022 (12:16 AM)
 المشاركات : 1,563 [ + ]
 تقييم العضوية :  4212
 مشاهدة أوسمتي
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 930
تم شكره 416 مرة في 351 مشاركة
الإفتراضي المعماريون الجزيئيون مصمّمو الجسم






(المهندسون) المعماريون الجزيئيون مصمّمو الجسم

قد يبدو إدخال جين بشري في ذبابة وكأنه أساس لفيلم من الخيال العلمي، ولكنه

يبرهن على أن آليات جزيئية مماثلة تقريبا تحدد أشكال الجسم في جميع الحيوانات.

<W. مك جينيز> ـ <M. كوزيورا>

تتنامى جميع الحيوانات من خلية بَيْضِيّة مُخْصَبَة واحدة، تمر في دورات عديدة من الانقسام لتعطي، غالبا، ملايين الخلايا الجنينية embryonic cells. وفي إنجاز بارع، لكنه ما زال غامضا، لظاهرة التعضي (التنظيم) الذاتي self-organization، تنتظم هذه الخلايا في كائن كامل، يتكامل فيه العظم والعضلة والدماغ والجلد في وحدة متناسقة. إن العملية الأساسية فيها ثابتة، ولكن نتائجها ليست كذلك: فالبشر والفئران والذباب والديدان تبدي تفاوتا واسعا في تصاميم (أشكال) الجسم.

لاحظ البيولوجيون الاختلاف، وغالبا ما افترضوا أن المعماريات الجزيئية molecular arachitectures لتصميم شكل الجسم ـ تلك السيرورات الوراثية genetic التي تتحكم في التنامي (النمو والتشكل) development الجنيني لدى الأنواع المختلفة ـ تختلف هي الأخرى تمام الاختلاف. إلا أن هناك دليل قويا بأن مجموعة (زمرة) من الجينات ذات العلاقة المتبادلة فيما بينها، (تدعى الجينات HOM في اللافقاريات والجينات Hox في الفقاريات) تحكم النواحي المتشابهة في تصميم الجسم لدى جميع الأجنة الحيوانية.

وعلى الأقل، في بعض المنظومات الجزيئية التي تقولب أشكالنا، قد نكون نحن البشر أكثر تشابها مع أقاربنا البعيدين من الديدان والحشرات بدرجة تفوق ما نود أن نعتقد. إن التشابه كبير حقا إلى حدّ أن بعض الباحثين المنقِّبين، على شاكلة ما يبيّنه عملنا، يستطيعون أن يستخدموا بعضا من الجينات Hox البشرية والفأريّة، لتوجيه تنامي أجنة ذبابة الفاكهة fruit-fly (الدروسوفيلا Drosophila melanagaster).

وتبدأ قصة هذه المعماريات الجزيئية الشاملة فعلا، مع الدراسات الجينية الرائدة التي قام بها <B .A. لويس> في معهد كاليفورنيا للتقانة. فقد أمضى لويس الجزء الأكبر من الأربعين عاما الماضية في دراسة متراكب (معقد) ثنائي الصدر bithorax complex، وهو عنقود صغير من الجينات المثلية homeotic genes في ذبابة الفاكهة. وكلمة homeo اليونانية تعني "التشابه (التماثل)" alike، وسميت الجينات المثلية في ذبابة الفاكهة كذلك بسبب قدرتها ـ عندما تُطْفَر mutate ـ على تحويل قطعة من جسم هذه الذبابة إلى ما يشبه قطعة أخرى. وغالبا ما تسبب الطفرات في جينات متراكب ثنائي الصدر عيوبا تطورية في النصف الخلفي لمخطط جسم الذبابة. وقد اكتشف <C .th. كوفمان> وزملاؤه (في جامعة إنديانا) مجموعة عنقودية ثانية من جينات مثلية في الذبابة، وهي متراكب الأنتناپيديا Antennapedia (نسبة لاسم الجين المؤسِّس لمتراكب الأنتناپيديا) ثم قاموا بدراستها. فالطفرات في مثل هذه الجينات تسبب، عادة، عيوبا مثلية في النصف الأمامي من مخطط جسم الذبابة.

إنه لأمر كثير الحدوث في علم الأحياء، أن نرى عيوبا شاذة في كائنات نابية، تحتوي على مفاتيح لحل معضلات مهمة، كما أن قليلا من الظواهر البيولوجية تكون أكثر شذوذا من التشوهات التي تحدثها طفرات مثْليّة في تصميم الجسم. فمثل، يمكن لبعض الطفرات في جين الأنتناپيديا أن تتسبب في تحوُّل قرون الاستشعار antennae على رأس ذبابة الفاكهة إلى زوج إضافي من الأرجل الصدرية. والمدهش أن بعض الذباب الذي تنمو فيه الأرجل الإضافية يعيش ويتغذى بل ويتزاوج مع الذباب السويّ.

والذباب الأنتناپيديائي البالغ هو استثناءات نادرة لأن معظم الطفرات في الجينات المثلية تسبب عيوبا خلقية (ولادية) مميتة في الدروسوفيلا. وعلى الرغم من ذلك، تستطيع تلك الأجنة الميتة أن تكون ذات شأن تثقيفي بالغ. فمثلا، وجد <E. سانشيز ـ هيرورو> و<G. موراتا> (من جامعة مدريد المستقلة) أن إزالة ثلاثة جينات من متراكب ثنائي الصدر (وهي: الجين فوق ثنائي الصدر Ultrabithorax والجين البطني ـA والجين البطني -B) تفضي إلى الموت، ومع ذلك تستطيع مثل هذه الأجنة الطافرة أن تبقى على قيد الحياة لفترة تكفي لتشكيل بنى متخصصة تشير إلى أن جميع القطع البطنية الثمانية قد حلت محلها قطع صدرية.

إن معظم الناس يخورون لدى رؤية عيوب خلقية مشابهة عند الحيوانات الثديية، ولكن هذه العيوب البشعة grotesque defects في الذباب لا يُنظر إليها باكتراث.



تُظهر أجنة الحيوانات الفقارية لأنواع مختلفة، مثل: السمك، السَّمندر، الطيور، والإنسان، تشابهات كبيرة في مراحل مبكرة من تناميها development. ومع أن ذباب الفاكهة (دروسوفيلا drosophila) وغيره من اللافقاريات تتنامى بمسيرة مختلفة جدا، فإنها في الأطوار المبكرة جدا تتشارك مع الفقاريات في طراز (نموذج) عام لتعبير ما يسمى بجينات الصندوق المثلي homeobox genes. ويوحي ذلك الاكتشاف بأنه على الرغم من الاختلافات في المظهر النهائي للحيوانات، فإنها تستخدم جينات ذات قرابة وثيقة فيما بينها لتحديد أجزاء الجسم على طول المحور الأمامي ـ الخلفي (أو الرأسي ـ الذيلي).

وانطلاقا من دراساته الوراثية الأصيلة لجينات متراكب ثنائي الصدر، استنبط لويس رأيين بعيدي النظر: الأول، إن الوظيفة الطبيعية (السوية) لهذه الجينات المثلية تكمن في منح هويَّات حيِّزية (مكانية) spatial متميزة للخلايا في مناطق مختلفة على طول المحور الأمامي ـ الخلفي للذبابة. أي أنها "تبلِّغ" الخلايا بأنها جزء من رأس أو صدر أو بطن. وهذه الهويات ـ إلى حد ما ـ تجريدية (نظرية)، بمعنى أن الإحداثيات المكانية التي تحددها الجينات المثلية تترجم بطرق متباينة في ظرفيات تنموية مختلفة. ويمنح جين الأنتناپيديا الهوية الصدرية خلال المرحلتين الجنينية والخادرية pupal من دورة حياة الذبابة، على الرغم من أن البنى (أعضاء الحس والأرجل والأجنحة، وغيرها) التي تنمو على طول الصدر، تختلف في اليرقات Larvae عنها في الذباب البالغ.

أما الرأي المهم الثاني للويس فهو أن الترتيب الخطي لجينات متراكب ثنائي الصدر على صبغي (كروموسوم) ذبابة الفاكهة يتطابق تماما مع ترتيب مناطق الجسم التي حددتها تلك الجينات على طول المحور الأمامي ـ الخلفي للجنين. كما أن هذه العلاقة ذاتها تصح أيضا لجينات متراكب الأنتناپيديا. ونظرا لتوحّد هذه الصفات المشتركة، يشار إلى جينات ثنائي الصدر والأنتناپيديا معا بالمتراكب HOM.

إن فهمًا جزئيا لكيفية قيام جينات المتراكب HOM بتحديد المواضع الرأسية في مخطط جسم ذبابة الفاكهة، قد يأتي من النظر إلى المواضع التي تكون فيها تلك الجينات نشطة في الأجنة. فالجينات HOM توجد في دنا DNA جميع خلايا الذبابة، ولكنها لا تكون نشطة إلا في البعض منها فقط. وعندما تنشط جينات المتراكب HOM هذه، يتمّ استنساخها على شكل جزيئات رنا مرسال messenger RNA، تعمل كمراصيف tamplates لاصطناع البروتينات HOM. وخلال المراحل النمائية المبكرة، وقبل أن تُظهر المناطق المختلفة أي إشارات لمصائرها النهائية، تنشط الجينات المختلفة للمتراكب HOM في أشرطة متعاقبة لخلايا على طول المحور الأمامي الخلفي. وتتداخل بعض أشرطة التنشيط هذه، ولكن يكون لكل واحد من جينات المتراكب HOM حد boundary أمامي فريد للتنشيط في مخطط الجسم.

فإذا ما تدخَّل حذفُ (خَبْن) deletion أحد الجينات ـ أو حادث مماثل ـ في تعبير expression أحد البروتينات HOM، فإن الخلايا الجنينية التي تحتوي عادة على مستويات عالية من هذا البروتين، غالبا ما يطرأ عليها تحوُّل مثليّ homeotic transformation. ويحدث هذا التحول بفعل الجين HOM الداعم، الذي يكون نشطا قبل ذلك في الخلايا نفسها، ويستطيع تعويض معلوماته المكانية الخاصة به. فمثلا، إذا حُذفت وظيفة جين فوق ثنائي الصدر من خلايا ضمن المنطقة البطنية الأمامية للذبابة، فإن جين الأنتناپيديا سيتكفل بتنامي تلك المنطقة. ونتيجة لذلك، فإن البنى، التي ترتبط بالصدر فقط في الحالة السوية (والتي يساعد جين الأنتناپيديا على توصيفها) ستظهر كذلك في مناطق ما وراء الصدر نحو الخلف.




تحدث التحولات المثلية homeotic transformations (التي تتنامى فيها أجزاء من الجسم في المواضع الخاطئة) في ذباب الفاكهة الذي يمتلك طفرات mutations في جيناته ذات الصناديق المثلية. فمثلا، قد تسبب طفرات جين الأنتناپيديا ظهور أحزمة من السنينات الصدرية thoracic denticles (سفوات spikes) على رؤوس اليرقات (أعلى اليمين). ومن العواقب النمائية الأخرى للطفرات أنه يكون لدى البالغات الطافرة من الذباب أرجل تنمو مكان قرون الاستشعار (أسفل اليمين). وفي اليسار تظهر يرقة وذبابة سويّتان.

كما تَنتُج التحولات المثلية أيضا من طفرات تسبّب تنشيط جين مثليّ في موضع غير ملائم. وتنتج طفرات الأنتناپيديا في الذباب البالغ من نشاط جين الأنتناپيديا في الرأس، حيث يوقَف نشاط هذا الجين عادة.

وباختصار، تشير الدلائل الجينية، إلى أن كل جين في المتراكب HOM ضروري لتحديد المصير النمائي للخلايا في موقع معين على المحور الأمامي ـ الخلفي: الرأس الخلفي، الصدر الأمامي، وهكذا. والأهم من ذلك، (والأكثر تفقيهًا بشأن الوظيفة البيولوجية لجينات المتراكب HOM) وهو أن فعالية هذه الجينات تبدو كافية لتحديد مصير بعض الخلايا على الأقل، حتى ولو كانت هذه الخلايا لا تخضع عادة لتأثير جين معين.

وجينات المتراكب HOM هي، في الواقع، الجينات الوحيدة في ذبابة الدروسوفيلا التي تمتلك تلك الخواص. وهي تشارك بتشابه بنيوي كبير كذلك لأنها جميعا أعضاء في عائلة جينات الصندوق المِثْلى Homeobox. والصناديق المثلية هي متواليات sequences للدنا، تحمل وصفات لصنع مجموعة (زمرة) متقاربة من المناطق البروتينية، تبلغ حجوم جميعها نحو 60 ثمالة residue حمض أميني، تسمى الحقول المثلية homeodomains. لقد نشأت البادئة homeo الواردة في اسم هذه الحقول من اكتشافها البدئي في البروتينات HOM في الدروسوفيلا. ولكن منذ ذلك الوقت، تمّ العثور على الحقول المثلية في كثير من البروتينات الأخرى بدرجات متفاوتة من التشابه. والحقول المثلية في البروتينات HOM في الدروسوفيلا يشابه الواحد منها الآخر بصورة خاصة، مما يدل على أنها على درجة كبيرة من القرابة. ولهذا السبب، فكثيرا ما يشار إليها بأنها الحقول المثلية التابعة لطائفة الأنتناپيديا.

ماذا تعمل البروتينات HOM هذه على المستوى الكيميائي الحيوي؟ في الوقت الحاضر، يمكن أن نعطي إجابة سطحية فقط عن هذا التساؤل. فهذه البروتينات تنتسب إلى زمرة كبيرة من البروتينات، وظيفتها أن ترتبط بالدنا في العناصر المنظِّمة للجينات، وسيؤدي الاتحاد الصحيح لهذه البروتينات بعنصر منظِّم للدنا إلى الإيعاز بتنشيط أحد الجينات أو كبته، أي إلى الشروع في صنع البروتين المكوَّد بالجين أو إيقاف صُنْعه. ولقد بين الباحثون أن منطقة الحقلِ المثلى للبروتينات HOM هي ذلك الجزء الذي يتفاعل (يتآثر) مباشرة مع المواقع الدنوية الرابطة.

إننا مندهشون للتناقض الحاصل بين التشابه البنيوي للبروتينات HOM وبين تأثيراتها النوعية المتباينة. فها هنا عائلة من البروتينات يرتبط جميعها بالدنا، ومن المفترض أنها مشتقة من بروتين سلفي (سليف) ancestral واحد من طائفة ـ الأنتناپيديا. وعلى الرغم من هذا فإن أدوارها في التنامي مختلفة جدا: فأحد البروتينات يحدد للخلايا أن تصبح أجزاء من الرأس، وآخر يحدد لها أن تصير صدرا، وهكذا. ويبدو على الأرجح، أن البروتينات HOM تحدد مواضع مختلفة على طول المحور الأمامي ـ الخلفي عن طريق قيامها بتنظيم تعبير expression ما يمكن أن يكون مجموعات كبيرة من الجينات الثانوية .subordinate genes ولذلك يمكن تحديد النوعية الوظيفية للبروتينات HOM عن طريق تحديد اختلافاتها، التي تسمح لها أن تنظم جينات معينة في الأجنة بشكل انتقائي.



لقد تم تعرُّف متراكبات (معقدات) الجينات ذات الصناديق المثلية في كل من اللافقاريات والفقاريات. وتمتلك الدروسوفيلا جينات HOM تَشْغَلُ على صبغي الذبابة نفس الترتيب الأمامي الخلفي لمناطق الجسم، وهي التي تتحكم في تناميها. وتمتلك الفئران والبشر جينات Hox، ذات قرابة وثيقة بأعضاء المتراكب HOM، وتُظهر التنظيم الحيِّزي (المكاني) والوظيفي نفسه.

ولمعرفة المزيد عن هذه النوعية، قررنا عام 1986 أن نركب بروتينات HOM "كايميرية" chimeric، مكوناتها مشتقة من مصادر مختلفة. (والكايميرا في الأساطير اليونانية وحش خرافيّ، أجزاؤه مأخوذة من أسد وماعز وأفعى). وباختبار وظائف هذه البروتينات الكايميرية اعتقدنا أنه من الممكن أن نعين المناطق الجزئية في البروتينات HOM التي حددت القدرات الانتقائية المنظمة لها.

وبالنسبة لموضوعات تجاربنا الأولى اخترنا البروتينات HOM التالية: المشوه Deformed وفوق ثنائي الصدر والبطني -B. فهذه البروتينات لها حقوق مثلية متشابهة من الناحية البنيوية: فالحقل المثلي للبروتين المشوه يماثل الحقل المثلي للبروتين فوق ثنائي الصدر في 44 من حموضه الأمينية الـ 66، ولكنها لا تتشابه كثيرا في المناطق الأخرى. كما أن كلا من هذين البروتينين يمارس تأثيرا في جينات أخرى في العائلة HOM. وهكذا، ينشِّط البروتين المشوه ـ بصورة انتقائية ـ تعبير جينه الخاص، والبروتين فوق ثنائي الصدر يكبت تعبير جين الأنتناپيديا، والبروتين البطني -B ينظم جينه الخاص والجينات الأخرى في المتراكب HOM، بما فيها جينات الأنتناپيديا وفوق ثنائي الصدر والبطني –A. وكنا نعرف أنه يمكن أن نستخدم علاقات التنظيم الذاتية والمتصالبة هذه في اختبارات الوظائف النوعية للبروتينات HOM الكايميرية.

لقد كان التحدي الأول هو صُنْع جينات تستطيع أن تكوّن ما ننشده من البروتينات الكايميرية. وتقنيات الدنا المأشوب تجعل هذا العمل ممكنا من خلال توصيل (دمج) قطع وأجزاء من الجينات على المستوى الدَنَوِيّ. فإذا ما أُنجزت الهندسة الجينية gene engineering بعناية، أمكن نَقْل حقول بروتينية بدقة فائقة جدا من بروتين إلى آخر، مع المحافظة على خصائصها الوظيفية. وكان علينا بعد ذلك أن نتأكد من أن الجينات الكايميرية ستنشط في جميع الأنسجة الجنينية. لذلك، استخدمنا طريقة جربها <G. ستروهل> قبل سنوات قليلة (وهو الآن في جامعة كولومبيا)، تتضمن ربط الجين بمتواليات دنوية منظِّمة وذلك بتنشيطها بصدمة حرارية خفيفة. وأخيرا، غرزنا كايميرات الجين HOM التي استحثثناها بالحرارة في داخل صبغيات الدروسوفيلا بتقانة تسمى تحويل العنصر -P.



الحقول المثلية homeodomains هي المناطق ذات الـ 60 حمضا أمينيا الشديدة التشابه في البروتينات التي تصنعها جميع الجينات ذات الصناديق المثلية. وكل حرف في شريطها المعتمد يمثل حمضا أمينيا؛ وتظهر في هذا الشكل انحرافات عن الترتيب المعتَمد فيما يخص بعضا من بروتينات Hom وHox ذات قرابة وثيقة فيما بينها.

وبعد ذلك، حمل ذباب الدروسوفيلا (الذي حوّلناه بهذه الطريقة) الجينات الكايميرية، في كل خلية من خلايا أجسامه، واستطاعت تلك الجينات بكل بساطة أن تُنتج بروتينات "كايميرية" في أي مرحلة من مراحل التنامي لمجرّد رفع درجة حرارة غرفة نمو الذباب إلى 37 درجة سيلزية (مئوية) ولفترة وجيزة. (تفضِّل الدروسوفيلا العيش في 25 درجة سيلزية، ولكنها تستطيع تحمُّل 37 درجة سيلزية لمدة ساعة أو ساعتين دون تأثيرات مَرَضية). وباستخدام هذه الحيوانات يمكننا مقايسة قدرة البروتينات "الكايميرية" على التأثير في العناصر المنظِّمة للجينات المستهدفة في مواضعها الصبغية السوية وفي بيئتها الجنينية الطبيعية. وهو في الواقع اختبار دقيق يحاكي تماما الظروف العادية التي تعمل هذه البروتينات فيها.

ونظرا لأن البروتينات HOM تمتلك حقولا مِثْلية شديدة التشابه، فهي ترتبط بمواضع دنا متماثلة تقريبا لدى فحصها بالمخبر (المختبر). لذلك، فإنه يبدو من المحتمل مبدئيًا أن تكون السِّمات التي تعطي لكل بروتين نوعيته الوظيفية موجودة خارج الحقل المثلي، أي في أجزاء البروتينات التي كانت الأكثر انفرادا. وعلى الرغم مما يحدث دائما عندما يطبّق هذا التفكير الاستنباطي البسيط في المسائل البيولوجية فقد كان ذلك التوقع خاطئا.

لقد وجدنا أنه إذا أزلنا الحقل المثلي الطبيعي من بروتين مشوه ووضعنا مكانه حقلا مثليًا لبروتين فوق ثنائي الصدر، فإن هذا البروتين "الكايميري" فَقَدَ قدرته على تنظيم تعبير الجين المشوه في الأجنة. وبدل من ذلك، فإن البروتين الجديد أثر في تعبير جين الأنتناپيديا تماما كما يفعل بروتين فوق ثنائي الصدر السويّ. وبتحويل الحقل المثلي لبروتين فوق ثنائي الصدر إلى حقل بروتين مشوه، فإننّا نكون قد نقلنا بوضوح قدراته المنظِّمة الانتقائية أيضا. كما أعطتنا تجربة أخرى في مقايضة حقل مثلي نتائج مشابهة. فقد قام بروتين مشوه يحمل ـ بدلا من حقله ـ حقلا مثليًا للبروتين البطني -B بمحاكاة النوعية (الخصوصية) specificity المنظمة للبروتين البطني -B.



عادة ما يقتصر تعبير الجين المشوه deformed gene في أجنة ذبابة الفاكهة (اللون البني) على عُصْبة من الخلايا، تغدو بنى خلفية للرأس (في اليسار). ولكن الأجنة المهندسة جينيا والتي تحمل جينات مشوهة ومستحثة حراريا سوف تنتج بروتينا مشوها في كل خلية من خلايا أجسامها بعد تعريضها فترة وجيزة للحرارة (في اليمين). ويمكن استخدام الشذوذات النمائية في تلك الأجنة للاستدلال على وظيفة الجين HOM.

لم تسلك البروتينات الكايميرية سلوكا مشابها لسلوك البروتينات التي اشتق منها حقلها المثلي. فالكايمير المؤلف من البروتين المشوه والبروتين فوق ثنائي الصدر، وكذلك الكايمير المؤلف من البروتين المشوه والبروتين البطني -B، نشّط كلاهما تعبير جيناتهما المستهدفة، في حين كَبَتَ البروتين فوق ثنائي الصدر والبروتين البطني -B تعبير الجينات نفسها. ومن المحتمل أن مناطق البروتين المشوه الكائنة خارج منطقة الحقل المثلي تهيئ وظيفة تنشيطية قوية، يمكنها أن تعمل مع أي من حقول HOM المثلية هذه.

وبالتوافق مع هذه الفكرة، فإن البروتين المشوه يمتلك مناطق قليلة من متوالية بروتينية غنية بأنماط من الحموض الأمينية المميِّزة "لحقول التنشيط" في بروتينات أخرى منظمة للجين.
وأجريت تجارب مشابهة على النوعية الوظيفية functional specificity للبروتينات HOM، قام بها كل من <R. مان> و<D. هوگنس> (في جامعة ستانفورد) و<G. جبسون> و<G .W. جهرنگ> وزملائهما (في جامعة بازل) وكانت تجاربهم مبنيّة على تقييمات evaluations التحولات المثلية التي استحثتها البروتينات الطافرة HOM والكايميرية في الذباب المتنامي. ولما كان هؤلاء الباحثون يفحصون التأثيرات النمائية للبروتينات HOM دون الاكتفاء بمجرّد تأثيراتها في التعبير الجيني، فقد استخدموا قياسا measure لوظيفة البروتين HOM أكثر دقة من الذي طبقناه نحن. ومع ذلك فإن نتائجهم تدعم أيضا الفكرة القائلة بأن معظم النوعية الوظيفية (وليس جميعها) تكمن في الفروق الصغيرة داخل مناطق الحقول المثلية، أو بجوارها مباشرة.



يتمّ تحديد الأهداف الجينية في بروتينات الحقل المثلي إلى حد كبير بوساطة مناطق الحقل المثلي لتلك البروتينات. فمثلا، يؤثر بروتين كايميري مشوه chimeric deformed protein يحمل منطقة مثلية لفوق ثنائي الصدر ultrabithrorax في الجينات نفسها مثلما يؤثر البروتين فوق ثنائي الصدر. وعلى الرغم من ذلك، فإن التأثير المنظم للبروتين الكايميري (التنشيط) يكون أكثر شبها بتأثير البروتين المشوه، بسبب المناطق البروتينية الواقعة خارج الحقل المثلي.

وبالنسبة لنا أيضا، فإن جميع هذه النتائج تشير إلى أن بعضا من التجارب الطموحة التي تُجْرى حاليا في مخبرنا ـ والتي كان أملنا في نجاحها ضعيفا ـ قد حظيت فِعْلا بفرصة إعطاء نتائج قابلة للتأويل. وقد تضمنت هذه التجارب مقايسات وظيفية لبروتينات الحقل المثلي الفأرية والبشرية في أجنة الدروسوفيلا. ولكي ننقل مغزى أهمية هذه الاختبارات، كان علينا أن نراجع كل ما هو معلوم عن الجينات Hox الثديية.

وخلال السنوات التسع الماضية، تم العثور على جينات الصناديق المثلية لطائفة ـ الأنتناپيديا في صبغيات كثير من الأنواع الحيوانية إضافة إلى الدروسوفيلا. ولقد دُرست مثل هذه الجينات بصورة جيدة أيضا في الضفادع والفئران والبشر، حيث تسمى الجينات Hox (اختصارا لـ "homeobox"). وفي الفئران كما في البشر تتجمع الجينات Hox في أربعة متراكبات كبيرة، تقبع في صبغيات مختلفة. أما بالنسبة لتعضيها وطراز تعبيرها الجنيني فإن جينات المتراكبات Hox تشبه إلى حد مذهل جينات المتراكب HOM لدى الذبابة. فمثلا، يستطيع المرء تعرف هوية الجينات Hox، التي تشبه، بنيويا، الجينات HOM التالية: الشفوي labial والپروبوسپديا، والمشوه والأنتناپيديا والبطني –B. وتنتظم الجينات Hox والجينات HOM المتكافئة بالترتيب الخطي نفسه داخل متراكباتها الخاصة.

وقد لاحظ كل من <D .D. دوبول> (في جامعة جنيف) و<P. دول> (في مخبر CNRS للوراثة الجزيئية لحقيقيات الأنوية في ستراسبورگ) و<R. كروملوف> وزملائه (في المعهد الوطني للأبحاث الطبية في لندن) مزيدا من التماثل. فقد جمعوا أدلّة مُقنِعَة على أن نماذج التعبير لكلا النمطين من الجينات متشابهة. فالجينات Hox تُنشَّط على طول المحور الرأسي الذيلي في الجنين المبكر للفأر، بالترتيب النسبي نفسه الذي يتم فيه تنشيط الجينات HOM على طول المحور الأمامي الخلفي للدروسوفيلا.
إن التشابهات البنيوية بين بروتينات الفأر والذبابة تقتصر بصورة أساسية على مناطق الحقل المثلي. فأنتناپيديا الذبابة تماثل تقريبا البروتين HoxB6 في الفأر فيما يخص تسلسل الحموض الأمينية في الحقل المثلي لكل منهما (ويختلف الحقلان فقط في أربعة مواضع من أصل 61 موضعا)، وهذا يعني أن هذين البروتينين متشابهان أكثر من تشابه بروتين الأنتناپيديا مع أي من البروتينات HOM الأخرى في الذبابة. وفي المعنى التطوري، تحاجج هذه المعلومة بأنَّ جيني HoxB6 والأنتناپيديا متماثلان بنيويا، أي أنهما انحدرا من جين سلفي (سليف) مشترك يختلف عن ذاك الذي أعطى الجين البطني -B، أو أعطى الجين المشوه على سبيل المثال.

وبالمحاكمة ذاتها، يدل التشابه بين المتراكب HOM الكلّي والمتراكبات Hox على أن أحدث سلف مشترك للدروسوفيلا وللفئران وللبشر ـ وهو مخلوق شبيه بالدودة wormlike عاش قبل 700 مليون سنة تقريبا، بزيادة أو نقص مئات قليلة من ملايين السنين ـ كان يمتلك متراكبا أوليا protocomplex من جينات الصندوق المثلي لطائفة الأنتناپيديا. أما النمط الدقيق للجينات وترتيبها في المتراكب فيبقى لغزا غامضا. وعلى الرغم من ذلك، فإننا نستطيع بكل ثقة استخدام المتراكبات الحديثة للجين HOM والجين Hox كأدلة على أن المتراكب الأوّليَّ القديم كان يحتوي على تماثلات بنيوية لكل من الجينات: الشفوي والمشوَّه والپروبوسكيپديا والأنتناپيديا والبطني –B. إن هذه النظرة الشاملة لتطور الجين HOM والجين Hox دُعمت بقوة بأبحاث على جينات مثلية من الخنفساء قام بها <W .R. بيمان> (من إدارة الزراعة في الولايات المتحدة) و<E .R. دنل> (من جامعة ولاية تكساس)، ومن تقارير حديثة من عدة مخابر، تقول بأن الدودة المدورة من النوع Caenorhabditis elegans تحتوي أيضا على المتراكب HOM ذي القرابة المشهودة (ولكن البعيدة) مع المتراكب HOM للدروسوفيلا والمتراكب Hox للفقاريات.

وعلى الرغم من إيجابية جميع هذه الدلائل البنيوية، فإنها لا تخبرنا مباشرة فيما إذا كانت البروتينات HOM و Hox تقوم بالوظيفة النمائية نفسها في الأجنة. ولا غرو، فقد كانت المتراكبات الجينية للفأر والذبابة موجودة في سلالات lineages تطورية مختلفة لمئات من ملايين السنين، مع وافر من الزمن لتطوير قدرات جديدة أو متشعبة (متباعدة).
وهكذا فإن التشابهات في البنية والتعبير يمكن أن تكون مراوغات تاريخية historical quirks، وليست مؤشرات معتمدة (موثوقا بها) لتشابه وظيفي بين البروتينات HOM و Hox الموجودة حاليا.

وتكمن إحدى السبل لحل المشكلة في استكشاف التأثيرات البيولوجية للجينات Hox لدى أجنة الفقاريات، ومقارنتها بالتأثيرات المعروفة للجينات HOM في اللافقاريات. فمثلا، هل التنشيط غير الملائم أو التثبيط النوعي لوظيفة الجين Hox خلال تطور الفأر يسبب تحولات مثلية؟ في أحد المساعي للإجابة عن هذا السؤال قام الباحث <P. گروس> وزملاؤه (في معهد ماكس بلانك للكيمياء البيوفيزيائية في جوتنگن) بتصنيع سلالات من الفئران تستطيع أجنتها إنتاج البروتين HoxA7 في الرأس والمنطقة العنقية الأمامية. وفي العادة يكون البروتين HoxA7 (الذي يشبه بروتين أنتناپيديا وبروتين فوق ثنائي الصدر التابعين للمتراكب HOM) هو الأوسع انتشارا في المنطقتين العنقية الخلفية والصدرية الأمامية، ويستبعد من الأجزاء الأكثر أمامية. وفي بعض الفئران حيث يتم تعبير غير ملائم للجين HoxA7 تظهر تشوهات في الأذن والحنك (سقف الفم) palate، وأحيانا تطرأ على هذه الفئران تحولات مثلية للفقرات الرقبية.

وقد أجريت التجربة العكسية الصعبة، وهي تعطيل وظيفة الجين Hox. وقام بها بالنسبة للجين HoxA3 الباحثان <S. شيساكا> و<M. كابيشي> (في جامعة يوتا)، في حين أجراها الباحثان <O. لوفيسين> و<P. شامبون> وزملاؤهما (في مخبر CNRS في ستراسبورگ) بالنسبة للجين HoxA1. ولقد بينت أبحاث هؤلاء أن بعض بنى المناطق الأمامية في جنين الفأر تعتمد على هذه الجينات فعلا. وتؤدي طفرة الجين HoxA3 في الفأر إلى الموت بعد الولادة مباشرة مع مجموعة معقدة من تشوهات الرأس والرقبة، تشتمل على عظام شاذة الشكل في الأذن الداخلية والوجه، وغياب للتوتة thymus.

تُذَكِّرنا مثل هذه التشوهات باضطراب خلقي (ولادي) يصيب الإنسان، يعرف باسم متلازمة داي ـ جورج، وهو يبعث الأمل بأن دراسة الجين HOM والجين Hox ستكون ذات فائدة عملية في تفسير بعض العيوب الولادية البشرية. وسيتطلب الأمر إجراء كثير من الأبحاث قبل أن يفهم علماء الأحياء بشكل جيد طريقة اشتراك الجينات Hox في التصميم النمائي developmental design للفئران وللبشر. إلا أن هذه التجارب الأولية وغيرها تشير حتما إلى أن الجينات Hox والجينات HOM تخدم أغراضا متشابهة.



يمتلك الذباب الطافر المشوَّه تشكيلة من شذوذات الرأس، متضمنة غياب النصف السفلي للعيون المركبة. ويمكن التحريض على إحداث الشذوذات ذاتها بجعل الذباب غير الناضج يعبِّر البروتين HOXD4 البشري. وهذا البروتين البشري يشبه البروتين المشوه ويبدو أن له وظيفة مماثلة.

وفي عملنا الخاص، حاولنا إجراء مقارنة مباشرة عن طريق اختبار إمكانية أخذ البروتينات Hox مكان البروتينات HOM في الأجنة المتنامية للدروسوفيلا. ويمكن إنجاز مثل هذه المقايضة بصورة مثالية باستبدال كامل للجين HOM في الذبابة بمضاهئه (مماثله) homologue الجين Hox، وحينئذ يمكن للجين Hox أن يعبر عن نفسه فقط حينما وحيثما يكون الجين HOM في الحالة الطبيعية. ولسوء الحظ، فإن مثل هذه التجربة لا تزال غير طبيعية، لأن الجينات بتمامها أكبر من أن يستطاع منابلتها manipulated بالتقنية المتداولة. غير أننا نبقى قادرين على القيام بما يلي باعتباره أحسن ما يمكن: فباستخدام المتواليات Hox الدنوية المرتبطة بعناصر منظمة مستحثة حراريا (محرضة بالحرارة) heat-inducible نستطيع أن نجعل جميع خلايا الذبابة النامية تقوم بتعبير البروتين Hox.

وكان البروتين الأول الذي اختبرناه واختبرته زميلة مخبرنا <N. مك جينيز> بهذه الطريقة هو البروتين البشري HOXD4، الذي يكافئ البروتين HoxD4 لدى الفأر. (عند الإشارة إلى الجينات البشرية تحديدا يستخدم الرمز HOX بالأحرف الكبيرة تمشيا مع التسمية الجينية المعيارية). فالجين المسؤول عن هذا البروتين البشري والذي يملك حقلا مثليا يشبه نظيره الموجود في البروتين المشوه لدى الذبابة كان قد عُزل ودرست خواصه عام 1986 من قبل <F. مافيلّو> و<D. بونسينلي> وزملائهما في معهد الوراثة والفيزياء الحيوية في نابولي.

ففي الدروسوفيلا، عندما يُعبَّر عن الجين المشوه خارج حدوده الطبيعية الأمامية الخلفية، فإن الذباب البالغ تطرأ عليه شذوذات متنوعة في الرأس، كغياب العين البطنية مثلا. ولقد دهشنا عندما وجدنا أن البروتين البشري HOXD4، عندما تمّ التعبير عنه في خلايا الذبابة النامية أحدث التشوهات ذاتها. إلا أننا لا نستطيع أن نرجع هذه التبدلات إلى البروتين البشري كُلِّيّا: فقد أشارت تجاربنا إلى أن هذا البروتين البشري كان يعزّز كذلك تعبير الجين المشوه في الذبابة. (لنتذكر أن أحد التأثيرات العادية للبروتين المشوه هو أنه ينشط جينه الخاص، في دورة من التلقيم الراجع (التغذية المرتدة) feedback الموجب). وعليه، فلقد كان البروتين البشري HOXD4 يحاكي تأثيرات التعبير المشوه غير الملائم لأنه كان بالفعل يسبب (جزئيا على الأقل) التعبير المشوه غير الملائم. وعلى الرغم من هذا، فقد استطعنا أن نرى الجين HOXD4 تصرف بالفعل كنسخة ضعيفة (ولكنها نوعية) عن مضاهئه في الدروسوفيلا.

وبتشجيع من هذه النتيجة اختبر <J. ماليكي> (وهو طالب دراسات عليا في مخبرنا) وظيفة البروتين HoxB6 لدى الفأر في الذباب المتنامي. فالبروتين HoxB6 الذي عين هويته ودرس خواصه كل من <K. شوگارت> و<F .H. رودل> الباحثان في جامعة ييل، يمتلك حقلا مثليا يشبه إلى حد بعيد بروتين الأنتناپيديا. وكانت تأثيرات تعبير البروتين HoxB6 في خلايا الذبابة المتنامية مثيرة الوقع ومثلية الوصف بشكل لا يدع مجالا للشك. ففي يرقات الدروسوفيلا جعل البروتين HoxB6 جزءا كبيرا في منطقة الرأس يتنامى وكأنه كان جزءا صدريا: فعوضا عن هيكل رأس اليرقة، كوَّن الذباب المتحوّل أحزمة سُنَيْنِيّة denticle belts على شكل صفوف تنتظم عادة على بطن الدروسوفيلا. وفي الدروسوفيلا البالغة سبّب البروتين HoxB6 تحولات مثلية جعلت من قرون الاستشعار أرجلا صدرية، وكانت التحولات المثلية في اليرقة والذبابة البالغة تشبه إلى حد كبير تلك التي أحدثها التعبير غير المناسب لبروتين الأنتناپيديا في كل مكان من الجسم.

ماذا يمكن للمرء أن يفهم من تجارب المقايضة التطورية هذه؟ إنها، وقبل كل شيء عزَّزت استنتاجاتنا بأن الحقول المثلية ذاتها تقرِّر الكثير من النوعية التنظيمية للبروتينات: فالبروتينات المتناظرة في الذبابة وفي الفقاريات لا يوجد ما هو مشترك بينها خارج منطقة الحقل المثلي إلاّ القليل. وإضافة إلى ذلك، أوحت هذه التجارب بأن هذه البروتينات المتناظرة، هي من وجهة نظر وظيفية على الأقل، قابلة للمبادلة فيما بينها إلى حدّ ما وتمتلك "معاني" متشابهة بالنسبة للأجنة المبكرة. ومن الواضح أن المنظومة المحددة للمواضع المحورية الأمامية الخلفية لم تتغير إلا قليلا في السبع مئة مليون سنة الماضية.

فإذا كان للمرء أن يتصور الشبكة المعقدة من التفاعلات (التآثرات) بين البروتينات المنظِّمة للجين داخل كائن ما كلغز الصور المتقطعة jigsaw puzzle، فعندها يمكن اعتبار البروتينات المتناظرة الذبابية والثديية قِطَعًا تستطيع أن تنزل في الأماكن نفسها. فإذا ما نظرنا إلى المنظومة HOM/Hox على هذا النحو أيضا فإن ذلك سيُظهر لنا كم هو كثير ذلك الذي لا نزال بحاجة إلى معرفته: فلا بد لنا أن نتعرّف قطع اللغز الأخرى التي تمكِّن البروتينات HOM و Hox من أن تنظِّم الجينات وأن تتمتع بوظيفة نوعية خاصة بها.

وعلى نحو ما، تعود بنا هذه التجارب أيضا إلى الملاحظات التقليدية التي كان قد توصل إليها <E .K. فون بير>، حين استنتج في العشرينات من القرن الماضي أنه إذا فحص المرء المورفولوجيات morphologies الجنينية المبكرة فإن كل أشكال الفقاريات تبدو وهي تتقارب باتجاه تصميم مشترك common design. أما القصة التي يرقى مضمونها للتصديق، فهي تلك التي تروي أن ڤون بير توصل إلى هذه النبوءة بعد أن سقطت اللصاقات labels عن بعض عيِّناته specimens من الأجنّة المبكرة المُعَبّأة في زجاجات، وأدرك ـ مع بعض الشك ـ أنه لا يستطيع التأكد فيما إذا كانت الأجنة هي أجنة عظايا lizards أو أجنة طيور أو أجنة ثدييات. إن بنية ووظيفة منظومتي الجينات HOM و Hox توحيان بأن هذا التقارب النمائي يشمل النماء المبكر لأنواع حيوانية عديدة جدا. ولكن لا يمكن للتقارب النمائي لدى مثل هذه الأجنة المختلفة أن "يُرى" إلا على المسوى الجزيئي.

وقديمًا، فيما بين 600 مليون سنة وبليون سنة، تطورت المنظومة HOM/Hox، وقد ثبتت فائدة كون العديد من الحيوانات استمر منذئذ بالاعتماد على قدراته الأساسية في تحديد الموضع المحوري خلال التنامي. فهل هذه هي المنظومة الجينية النمائية الوحيدة التي تم صونها بهذا الشكل؟ يبدو أن ذلك بعيد الاحتمال، فقد وجد الباحثون ما ينوِّه إلى أن بعض الجينات المنظِّمة الأخرى في الذباب والفئران تتشابه كثيرا في البنية، ويتم تنشيطها في الأنسجة نفسها أو في أنسجة نظيرة. إن استكشاف هذه الجينات الجديدة وكيفية تفاعلها (تآثرها) مع المنظومة Hox/HOM يبشِّر بكشف النقاب عن عدة تبصّرات باهرة فيما يخصّ تطور وآلية عمل المنظومات الجينية القديمة التي تؤدي دور المعماريين الجزيئيين المصممين لأشكال أجسام الحيوانات.


hglulhvd,k hg[.dzd,k lwl~l, hg[sl hg[.x



 


الرد باقتباس
الرد على الموضوع

Bookmarks

الكلمات الدلالية (Tags)
مصمّمو , المعماريون , الجزء , الجزيئيون


Currently Active Users Viewing This Thread: 1 (0 members and 1 guests)
 

قوانين المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML مغلق
Trackbacks are متاح
Pingbacks are متاح
Refbacks are متاح



شات تعب قلبي تعب قلبي شات الرياض شات بنات الرياض شات الغلا الغلا شات الود شات خليجي شات الشله الشله شات حفر الباطن حفر الباطن شات الامارات سعودي انحراف شات دردشة دردشة الرياض شات الخليج سعودي انحراف180 مسوق شات صوتي شات عرب توك دردشة عرب توك عرب توك


جميع الأوقات GMT +3. الساعة الآن 10:24 PM.


.
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
.

Search Engine Friendly URLs by vBSEO