آخر 10 مشاركات |
الإهداءات | |
| LinkBack | خيارات الموضوع |
08-27-2011, 04:04 AM | #1 |
| الشاعر بين التضحية و الفن … إن الشاعرية واقع عجيب , و هي في ذات الوقت خيال مثير , و هذه الإزدواجية التي تبدو للوهلة الأولى تناقضاً لا يمكن احتواؤه , أمر جدير بالنظر و التفكر , فخلف ذلك سر عظيم إذا عرف بطل بعده كل عجب . الشعر عالم يزخر بالحياة والموت , بالأمل والإحباط , بالخوف و الأمان .. و لك أن تزاوج بين كل متضادين , و لا تثريب عليك .. ! كم لقي الشعراء من العنت الشديد و الأسر و التضييق حين فاهوا بما يجول في نفوسهم , و عبروا عما يساور نفوسهم , و يختلج في صدورهم , بأنغام ساحرة من الموسيقى العذبة , و صبغوا الجو بألوان من الرسومات و اللوحات البديعة الرائعة .. فالشعر كما قال النقاد ( صورة من كلام ) . فكان ثمن ذلك وبيلا و مهره غاليا .. قتل بشار بن برد - آخر المتقدمين و سيد المحدثين - , جلداً بالسياط ,حتى عجز جسمه الضخم عن احتمال ذلك السيم المتواصل , فمات موتة تقشعر منها الجلود , و أبو الطيب المتنبي بعد أن استعمل شعره سيفا يسله في وجه من يكره , فكان ما كان , قتل قتلة أنهت عهودا من الفخر و الإباء , بعد أن قيده شعره عن الهرب فجعل منه فارساً لا يهاب الموت .. إن أثر الشعر في تكوين حياة الشاعر ليس أمراً عابراً , و لكن شأنه ظاهر , فالشاعر الفارس ينتج أشعاراً تضج بالقوة , و تنضح بالقسوة و طابعها الصراحة , بينما ذلك الشاعر الغزلي المترف تجد شعره يميل إلى الهدوء و الخيال المحلق , و قد يرى شاعر تغيير نمط عيشه لكنه يفجؤ ببيت قاله مرة , يحيده عن رأيه و يقعد بعزيمته , كما فعل أبو الطيب المتنبي يوم ارتأى الهرب فذكره عبده ببيت له في الإقدام , فجعله يحجم عن ذاك فيكر .. ! و بما أن الشعر مبدأ فكري بالدرجة الأولى و قالب فني في الثانية فهو ما جعل التمسك به أمرا بالغ الضرورة , فائق الأهمية , و كانت العرب تعير ذلك الشاعر الذي ينسلخ عن شعره و يخالف مقاله , و لك أن تلاحظ أن العرب يتبارون في ضرب المثل العليا , و تخيل الشخصية المثالية في الشعر , و من ثم محاولة تطبيق هذه الصورة على الواقع , فالخيال جانب مهم في حياة العربي , قد يرسم تصوراته و يبرمج عقليته , و لا مهرب حقيقي للشاعر إلا بنسج قصيدة أخرى ينقض بها القصيدة التي أبرز فيها دستوره و عقيدته , لذا فلا يحل الشعر إلا بالشعر , كما لا يفك الحديد إلا الحديد , و لن يتسنى حله بالفعل أيا كان هذا الفعل .. و من هنا نستشف مكانة النقائض التي زها بها الأدب العربي و افتخر بها العصر الأموي بين سائر العصور . أخيراً : فلم يتوان أحد من الشعراء عن تقديس ذلك الفن الأزلي ( الشعر ) , و العرب بخاصة جعلوا منه ( ديوانا ) فهو ذو شأن عريض عندهم , و لكن قلة جعلوا من الشعر عبثاً و من قوله هذراً لا لون فيه و لا طعم , و من جملتهم : أبو دلامة , و حماد عجرد الذي أضر بالشعر و بالشعراء , حتى جر بشار بن برد معه إلى الحضيض حين استدرجه بشعر فاحش متهلهل ركيك , فكان رد بشار ركيكاً و مذهبه فيه ضعيفاً , فأساء إليه و إلى الشعر .. و أستطيع القول واثقاً : إن مثل هؤلاء الشعراء لم يضحوا في سبيل الشعر .. و إنما ( ضحوا ) بالشعر نفسه!! لكن " جناية الصغير لا توجب اللعنة و السخط على كل من في الأرض … !!" .
hgahuv fdk hgjqpdm , hgtk … |
|
08-27-2011, 04:40 AM | #2 |
| |
|
Bookmarks |
Currently Active Users Viewing This Thread: 1 (0 members and 1 guests) | |
| |