منتدى الآصالةوالتاريخ حريب بيحان
ينتهي : 30-04-2025
عدد مرات النقر : 1,284
عدد  مرات الظهور : 29,320,996

عدد مرات النقر : 4,128
عدد  مرات الظهور : 73,341,353
عدد  مرات الظهور : 69,057,322
قناة حريب بيحان " يوتيوب "
عدد مرات النقر : 2,309
عدد  مرات الظهور : 73,342,155مركز تحميل منتديات حريب بيحان
ينتهي : 19-12-2025
عدد مرات النقر : 3,947
عدد  مرات الظهور : 69,558,082
آخر 10 مشاركات
تحدي المليوووون رد ،، (الكاتـب : - المشاركات : 2050 - المشاهدات : 123544 - الوقت: 07:27 PM - التاريخ: 04-25-2024)           »          صـبـــاحكم سكــر // مســـاؤكم ورد معطر (الكاتـب : - المشاركات : 2386 - المشاهدات : 169679 - الوقت: 06:40 AM - التاريخ: 04-24-2024)           »          تعزية للاخ يمني بوفاة اخيه (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 6 - المشاهدات : 108 - الوقت: 09:46 PM - التاريخ: 04-22-2024)           »          قراءة في سورة البقرة (الكاتـب : - المشاركات : 2 - المشاهدات : 70 - الوقت: 05:34 AM - التاريخ: 04-20-2024)           »          الاذكار اليوميه في الصباح والمساء (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 542 - المشاهدات : 33708 - الوقت: 08:30 PM - التاريخ: 04-19-2024)           »          عيدكم مبارك ،، (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 1 - المشاهدات : 84 - الوقت: 08:45 AM - التاريخ: 04-10-2024)           »          ماذا ستكتب على جدران (منتديات حريب بيحان) (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 3179 - المشاهدات : 233713 - الوقت: 05:26 PM - التاريخ: 04-08-2024)           »          ورد يومي صفحه من القرآن الكريم (الكاتـب : - المشاركات : 93 - المشاهدات : 984 - الوقت: 06:53 AM - التاريخ: 03-23-2024)           »          شهرمبارك كل عام وأنتم بخير (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 3 - المشاهدات : 80 - الوقت: 04:06 AM - التاريخ: 03-18-2024)           »          تدمير دبابة ميركافا الإسرائيلية (الكاتـب : - آخر مشاركة : - المشاركات : 2 - المشاهدات : 141 - الوقت: 06:53 AM - التاريخ: 03-17-2024)


الإهداءات




من مأرب إلى طشقند


من مأرب إلى طشقند

‏هذه ليست رواية بالمعنى المتعارف عليه في كتب الأدب،وليست حكاية لمجرد التسليه،وليست قصه من نسج الخيال،هي مزيج من الرواية والحكاية،وهي قصه واقعية وحقيقية،حدثت بجميع فصولها وتفاصيلها في واقع الحياة. بدايتها

الرد على الموضوع
 
LinkBack خيارات الموضوع
قديم 12-29-2012, 03:39 AM   #1


ذيب الغداري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1401
 تاريخ التسجيل :  Dec 2012
 أخر زيارة : 02-11-2015 (07:57 PM)
 المشاركات : 58 [ + ]
 تقييم العضوية :  10
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
الإفتراضي من مأرب إلى طشقند




‏هذه ليست رواية بالمعنى المتعارف عليه في كتب الأدب،وليست حكاية لمجرد التسليه،وليست قصه من نسج الخيال،هي مزيج من الرواية والحكاية،وهي قصه واقعية وحقيقية،حدثت بجميع فصولها وتفاصيلها في واقع الحياة.
بدايتها مفاجأة،ورحلتها معقده،ونهايتها معجزه، اجتمعت فيها معايير الخير والشر،وتقابلت فيها موازين الحق والباطل،وظهر فيها جليآ السباق بين الأمل واليأس،وصراع الإنسان مع الطبيعه.
مسرحها يتجاوز الجغرافيا،ويعبر الحدود والمسافات بين القرى،والمدن والدول،ينتقل بين الرمال والبحر ، ويطير من وهج الصحراء إلى صقيع الثلوج.
يتخطى اللغه الواحدة،والقومية الواحدة. . .وعبر البحار والمحيطات يعود ليستقر في نهايتها حيث بدأت في مأرب.
وأبطالها. مجموعة كبيرة من الناس. . عركتهم الحياة. . ، وعلمتهم التجارب. . ،وخبرتهم الأحداث. . . فصنعوا الحياة قبل أن تصنعهم. . ،وصرعو المستحيل قبل أن يصرعهم.يجمعهم الإيمان العميق بعدالة السماء،وأهمية دور كل واحد منهم مهما كان بسيطا.
سمعتها من أبطالها كلمة . . كلمة،ورأيتها في حياتهم وعيونهم صورة. . صورة ،وأحاول هنا أن أجمع أجزاءها،وألملم صورها كماهي.
وبجانب هذه الصوره،بل وفي إطارها سوف احاول_بعد أن أمضيت حتى الآن أكثر من عشر سنوات في مأرب_أن أضع أمام القارئ صورآ مماثلة لتقاطيع الأرض والإنسان في هذا الجزء من الوطن.
في هذه القصة تظهر قدرة الإنسان على مواجهة الصعاب وقهر المستحيل وعدم الاستسلام لليأس،وفيها أيضا تظهر تلك السمات والمميزات التي يشتهر بها سكان المناطق الشرقية في اليمن (البدو). من الفراسة والذكاء وسرعة التكيف مع المتغيرات.
في هذه القصة تظهر البيئة بتنوعها الجغرافي والمناخي، وتظهر القبيلة باعتبارها كيان اجتماعي،والعلاقة بين أفرادها. . ، وقواعد الالتزام التي
تحكم نظامها،وعلاقتها بغيرها من القبائل، وعلاقتها بالسلطة انطلاقا من أن الانتماء ينمو ويتعمق تبعا لتجربته في الحياة، ويتدرج من الفرد إلى الأسرة إلى القبيلة إلى الوطن. . ، ثم في النظام المسؤول عن حماية هذا الوطن وتسيير شؤونه.
يصاب الإنسان بالآلام، ويظل قويا بقدر ماتظل الآمال ترسم طريق حياته،فإذا ماقضت آلامه على أماله فليس هناك مايستدعي الحديث عنه.
لقد كنت وأنا أكتب هذه القصة متأثرآ بعدة عوامل، منهاأنني أعجبت بهؤلاء الناس. ،ومنها أن أبي_ الذي علمني الكتابة___عندما كان عندي في مأرب،وأنا في منتصف القصة تقريبا. أعجب بها وواصل قراءتها في ليلة كاملة حتى بدا عليه الإرهاق والتعب لأنه أخر موعد نومة الذي لا يؤخره إلا نادرآ. . ، ومنها أيضا أنني تأثرت بعدد من الروايات الكلاسيكية الشهيرة لبعض الكتاب العالميين التي كنت قد قرأتها في مامضى من عمري . . ، والتي سيجد القارئ ملامح منها__ __ وفي سياق هذه القصة .
ومع أن هذه هي أول محاولة لي للكتابة بهذا ال(كم)فإني أرجو أن يكون ذلك عذرا لي للتجاوز عن ال(كيف)التي قدتجعل من هو أكثر مني قدرة ودراية يكشف بعض الأخطاء والنواقص .
. . . وإليكم الحكاية:
( 1 )
عندما كانت الساعة تشير إلى التاسعة مساء (وهو وقت متأخر بالنسبة لسكان وادي سبأ__الأشراف وعبيده__الذين ينامون في العادة مبكرين) وحيث كان الجومعتدلا ويميل إلى البرودة في اليوم الثاني من شهر ديسمبر عام1997م . . .رن جرس الهاتف في منزل أحد الأشراف، وبدا من كلام الطرف الآخر أنه كان مستعجلآ_حيث بادره بالسؤال:
_هل وصل إليكم صالح ومحسن؟
ركز الذي استقبل المكالمة فكره، وحاول أن يميز صوت الرجل ،ومن ثم يحدد هويته . .فلم يتمكن. ،وعملآ بأهمية الجانب الأمني وسرعة البديهية،وعدم التحدث مع أي شخص مجهول الذي تحتمه الضرورات والظروف الاجتماعية وقضايا الثأر التي تنتشر في المنطقة،فقد رعليه قائلا:
_من أنت؟
_أنا رفيقهم. ، هل وصلوا إلى مأرب؟
_من هم؟
_صالح،ومحسن.
_من تقصدبصالح ومحسن. . ؟
_صالح بن عبدالله ومحسن بن عبود.
_لا . لم يصلوا إلينا حتى الآن_أين هم؟
_أنا تركتهم صباح أمس في ثمود،وقدسلمتهم البضاعة التي من المقرر أن يحملوها لي إلى مأرب وتحركو ا إليكم مباشرة. ،_وأضاف المتحدث:
_سوف أعاود الاتصال بكم مرة ثانية . . ،_وأغلاق الهاتف.
لم تحدث هذه المكالمة أي ردة فعل، ولم تثر أي تساؤل أو استغراب فربما قررا التأخر في سيئون للراحه والاستعداد لرحله صحراوية شاقه تزيد مسافتها عن ثلاثمائة وخمسين كيلو مترآ.
في اليوم التالي(وبعد مرور الفترة الزمنية المتوقعة للسفر والراحة من سيئون إلى مأرب)بدأت بعض الاتصالات بين الاشراف حول عدم وصول أصحابهم صالح ومحسن حتى الآن. ،وبدأت الاحتمالات والشكوك تتوارد هنا وهناك.
هل تعرضوا لحادث مروري؟
هل اعترضتهم الرياح اللافحة،وسط جبال الرمال المتحركة ففقدو طريقهم الصحيح؟!
وقد جاء هذا الاحتمال من ذكرى أليمة يعرفها جميع الاشراف،حيث فقدوا أحد أصحابهم الأشداء في ثنايا الرمال المتحركه قبل عدة سنوات ولم يجدوه إلا جثة هامدة.
هل ياترى تعرض لهم قطاع الطرق طمعآ في حملة البضائع التي معهم؟
هل لكون الثاني وهو محسن بن عبود مطلوبأ في قضية ثأر علاقه باختفائهم؟
وهل كان غرماء محسن يعلمون.بموعد سفرهم ويرصدون تحركاتهم؟
ازدادت التساؤلات والشكوك،واستقر الرأي أخيرآ بعد التواصل بينهم جميعآ أن يتم إرسال مجموعتين:المجموعة ا لاولى تحركت في اليوم الرابع من ديسمبر باتجاه سيئون والمكلا. ،
والمجموعة الثانية تتحرك في اليوم الخامس من ديسمبر باتجاه الطريق الصحراوي مرورآ بخشم الجبل إلى رماه،ثم إلى ثمود.>>
( 2 )
في الصباح الباكر وقبل شروق الشمس تحركت المجموعة الثانية في الخامس من ديسمبر 1997م،باتجاه الشمال الشرقي وفي رحلة صحراوية شاقة لايتمكن من تجاوزها بسهولة ويسر إلا من عرف الصحراء وخبر أغوارها،ومجاهلها،حيث لايشاهد الإنسان أمامه إلا مرتفعات من الرمال المتحركة،ولابد للمسافر فيها أن يشعر بالظمأ كلما ترآى أمامه السراب الذي يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئأ.
تحركت السيارة تتعارك مع رمال الصحراء،بعدأن تم التزود بالوقود الاحتياطي والماء ،وهما أهم لوازم الصحراء ،وبدأ الثلاثةالأشخاص الذين يشكلون أفراد المجموعة الثانية من الأشراف يتآلون فيما بينهم عن نوع إطارات سيارة صالح بن عبدالله،وتشرئب أعناق السائق والراكب الثالث بجوار الباب الآخر للسيارة،وأعينهم مركزة على تلك الخطوط المتناثرة هنا وهناك لعشرات السيارات التي مرت من هذا الطريق خلال الأيام الماضية. ،ولأن الخطوط الصحراوية تتوزع هنا وهناك. فان اكتشاف أثرالسيارة سيكون من قبيل المصادفة ليس إلا. . ، ومع هذا فقد ظلوا كمن يبحث عن إبرة صغيرة بين ملايين الأكوام من حبات الرمال الناعمة . . ،وفجأة صاح أحدهم:
_هنا.هنا أثر السيارة!.
توقفوا لفحص الآثار التي شاهدها صاحبهم،وتبددت آمالهم عندما اتضح لهم أن هذا الأثر يشير إلى سيارة غير محملة بالبضائع ،وأن اتجاهها معاكس لما يفترض أن تكون عليه سيارة صاحبهم،وحاول الذي أكتشف الأثر للوهلة الأولى أن يقنعهم بفحص الأثر أكثر من ذلك. . ، فظهرت لهم حقيقة اخرى اكتشفها أحدهم من خلال تعقب ذلك الأثر حيث قال:
_هذه السيارة عليها ثلاثه إطارات من نوع البالون الصحراوي،أما الإطار الرابع فانه شبه مستخدم وليس من نوعية الإطارات الثلاثة،بالإضافة إلى اقتناعهم أن السيارة غير محملة بالبضائع من خلال فحص آثارها.
واصلوا رحلتهم من جديد، وسادهم الصمت الذي لم يقطعه إلا توقفهم مرتين أو ثلاث عندمرورهم بخيام وبيوت بدو من سكان الصحراء،حيث كانوا يسألونهم عن سيارة صالح بن عبدالله ومحسن بن عبود. . . ، وخاب أملهم من جديد عندما كانت الإجابات كلها غير إيجابية، وان كان أحد أبناء البدو الرحل والذي لم يتجاوز العاشرة من عمره قال لهم أنه شاهد هذه السيارة قبل حوالي عشرة أيام وهي متجة باتجاه الشرق وعليها ثلاثة أشخاص ،فيما كان هو عائد بأغنامه من الصحراء قبل نهاية ذلك اليوم.
قطع عليه أحدهم الحديث. بعد مافهم مايريد قوله، وقال له:
_هل رأيت هذه السيارة نفسها، وهي عائدة باتجاه مأرب؟ !
فكان جوابه بالنفي.
أطبق الصمت عليهم من جديد. فيما سيارتهم تشكو من عدم استقرار الرمال تحت إطاراتها ممايتطلب من سائقها الضغط عليها باستمرار . . ،
ولم تكن السيارة تنطلق بحرية؛ إلا عندظهورتلك المسافات بين الكثبان الرملية التي يسميها سكان الصحراء (الشقق).
لايعلم ناصر(وهو أحد أفراد المجموعة) ماالذي جعل صورة صالح بن عبدالله تترآى في هذه اللحظات أمامه؟ ، واستمر يجول بعقله الباطن في قسمات الوجه الأسمر النحيل، واللحية الخفيفة، وتلك الابتسامة التي لاتفارق شفتيه . . ، ونظر في امتداد الرمال،وكأن صالح بن عبدالله سوف يظهر واقفآ على أحد هذه الكثبان.
قطع عليه تفكيره أحد رفيقيه عندما فتح مسجل السيارة ليشدو من خلاله صوت لفنان شعبي لايجذب المستمع إليه إلا من خلال كلمات الشاعر الشعبي التي يغنيها.
وصلت المجموعة إلى منطقة العبر وخشم الجبل، وبدأوا يبحثون ويسألون الناس في كل مكان عن أوصاف أصحابهم وسيارتهم. . ، وحيث يمكن أن تكون هناك معلومات.في الفنادق المطاعم. محطات الوقود. . ، وأخيرآ في الجهات المختصة في الأمن . المستشفيات . . . لكن. .دون جدوى.
قرروا التوجه إلى ثمود نقطة انطلاق أصحابهم أثناء العودة، ومقرهم الرئيسي كما هو مفترض . ، قطعوا رحلتهم من سيئون إلى ثمود خلال ساعات الليل، وفي رحلة صحراوية مشابهة كان صعبآ عليهم بعض الشيء أن يلاحظوا آثار السيارات في خطوط متعرجة ومتعددة الاتجاهات. ، وبالإضافة إلى القلق الذي سيطر عليهم ومجاهل ومفازات الصحراء التي تتبدى لهم ثم تختفي على أضواء السيارة . . . فقد كانت الليلة حالكة الظلام، ولن يظهر القمر إلا في الساعات الأولى من الصباح . ، وهم يدركون جمال الصحراء عندما ينعكس ضوء القمر على حبات الرمل اللامعة، وحينما تهب رياح خفيفة باردة تبعث في النفس الرغبة الاستلقاء على الرمال و النظر إلى السماء.
في صباح اليوم السادس من ديسمبر، وقبل وصولهم إلى مديرية ثمود وأثناء ماكانوا يقومون بإعداد طعام الإفطار والشاي، وصل إليهم أحد ضباط الجيش العاملين في مديرية ثمود،
فعرفهم وعرفوه. . ، وأخبرهم أنه علم أن بعض رعاة الأغنام قد عثروا على جثة لشخص مجهول وهي شبه مدفونة في الصحراء بالقرب من مركز مديرية ثمود.
في مديرية ثمود اتجهوا مباشرة إلى إدارة الأمن العام، وكأن أقدامهم ساقتهم إلى هناك دون وعي، وفي مديرية الأمن وجدوا بلاغآ رسميآ مقيدآ في سجلات الأمن يتضمن نفس المعلومات التي أخبرهم بها ضابط الجيس وهي أن أحد رعاة الأغنام في إحدى القرى المجاورة للمركز قد أبلغ عن جثة شخص مجهول بالقرب من القرية . . ،وأوضح لهم مسؤول الأمن في المديرية أن قوة الأمن تحركت إلى ذلك المكان وأحضرت الجثة ، وأنها موجودة لديهم حاليا. . . ،توقف مسؤول الأمن عن الحديث فجأة وكأنه تبادر إلى ذهنه شيء ما فتح درج مكتبه وأخرج جنبية قال لهم أنها جنبية الشخص صاحب الجثة.
ركز الثلاثة أبصارهم على تلك الجنبية. . ، وعندما تراءت لهم صورة صالح بن عبدالله فيها وتطابقت ملامحه وقسمات وجهه مع ملامح الجنبية التي يعرفونها جيدآ. . توترت أعصابهم كما لم تتوتر من قبل. . ، واستشعرت أعماقهم تلك الصورة كما لم تستشعر من قبل لكنهم رغم هذا ظلوا محتفظين برشدهم،بينما كانت وجوههم كأنها صخر لا لون له ، كانت أعينهم تقدح شرار وصوانآ في آن واحد. . ، إنهم لم يثبتوا شيئآ، ولم ينكروا شيئآ،وكأنهم
ليسوا كائنات بشرية. . ، اقترب أحدهم من مسؤول المديرية،وقال له بهدوء أعصاب لامثيل له:
_هل يمكن أن تتعاون معنا في إرسال برقية إلى مأرب تبلغ فيها أصحابنا أننا قد وجدنا صالح بن عبدالله مقتولآ؟!.
أبدى مسؤول الأمن استعداده، وتناول ورقة وقلمآ وبدأ في صياغة برقية ليتم إرسالها باللاسلكي من ثمود إلى سيئون. . ،ثم يتم نقلها بالهاتف من سيئون إلى مأرب. . ، وتتضمن أنهم قدوجدوا جثة صالح بن عبدالله بالقرب من إحدى قرى مديرية ثمود،وعلى أصحابهم سرعة الوصول إلى ثمود فور وصول هذة الرسالة إليهم.
استدعى مسؤول المديرية أحد الجنود، وناوله الورقة التي كتبت عليها البرقية، وأعطاه اسم جندي آخر هو المسؤول عن إرسال واستقبال البرقيات من وإلى المديرية. . ،ثم ساد الجميع صمت عميق قطعة أحدهم عندما طلب من المسؤول أن يريهم جثة صالح بن عبدالله،ولبرهة قصيرة تذكر الضابط الآية الكريمة((أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي)) ،
نهض واقفآ ،وسار الثلاثة خلفه. عندما فتح لهم غرفة بدأت تتصاعد منها رائحة الجثة،وكشف ذلك الجسد المسجى ببطانية عسكرية. . ،ونظروا إلى وجه صاحبهم صالح بن عبدالله،وبدا وكأن أعينهم ستفيض بالدم وليس بالدموع عندما كان الشرر يقدح منها،وفيما أطلق أحدهم تنهيدة عميقة. سأل زميله الواقف بجواره في همس لايصل إلى مسامع مسؤول المديرية:
_لكن. . ،أين محسن؟!.
لم يجب علية زميله إلا بمط شفتيه وأحنى رأسه إلى اليسار. وكأنه يشير إلى أنه تذكرشيئا__يريد التأكد منه__أبدى مسؤول الأمن بالمديرية استعداده عندما طلبوا منه أن يصطحبهم إلى المكان الذي وجدت فيه الجثة. . ، وفي نفس المكان وجدوا أن جميع الآثار لاتزال واضحة وبشكل جيد، إذ أن هذه الفترة من كل عام هي الأشهر التي تتوقف فيها الرياح، وتنخفض فيها درجة الحرارة.
في المكان الذي كانت فيه جثة صالح بن عبدالله اكتشف الثلاثة أن هذا المكان هو المرحلة الوسطى بين مرحلتين، وهذا ما كان يشير إليه الأثر، حيث وجدوا آثار شخص واحد فقط،وآثار السيارة التي عرفوا من خلال شكل ونوعية إطاراتها أنها سيارة صالح بن عبدالله. . ، ثم أثار سحب جثة صالح إلى ذلك المكان . . ، قررت المجموعة الاتجاه نحو المرحلة الثالثة التي اتجهت إليها السيارة،وتتبع ذلك الأثرالذي لابد أن نهايته سوف تحل لهم لغزا يبحثون عن حلة، أو تكشف لهم لغزآ جديدآ، وربما ألغازا يصعب حلها. . ،تتبعوا آثار السيارة بحذر دون أن يغيروا شيئا من المعالم، فيما وقف مسؤول الأمن ومرافقيه يرقبون بإعجاب قيام هؤلاء الثلاثة أشخاص من الأشراف بتسجيل ملاحظاتهم وإثارة بعض الأسئلة في حوار هادئ وأعصاب هادئه،وكأنهم خبراء جنائيين يفحصون مسرح الجريمة التي لاتربطهم بأشخاص الجناة والمجني عليهم إلا رابطة إصرار الخبير الجنائي على تتبع خيوط الجريمة وكشف الجناة.
على بعد كيلو متر تقريبآ من المكان الذي وجدت فيه جثة صالح بن عبدالله،وفي مكان توجد به بعض النتوءات الصخرية الصغيرة التي يندر وجودها في مثل هذه الأماكن الصحراوية. . ،توقفت السيارة وتابع خالد ورفيقاه بشكل سريع ذلك الأثر الذي نزل من السيارة ثم أثر ذلك الشيء الذي سحب على الأرض؛
وصاح خالد بعد أن أحس برائحة غريبة تتصاعد من نفس المكان:
--هنا. .هيا . جثة محسن بن عبود!.
كانت الجثة موضوعة في فجوة طبيعية بين النتوءات الصخرية،وقد تم تغطيتها بقطع من تلك الصخور وكمية قليلة من الأتربة. . ،
وكانت ملامح وقسمات وجه محسن بن عبود واضحة لهم رغم أنها بدأت في الضمور. . ،إن مجرد قتل الإنسان ينطوي في ذاته على وحشية. فما هي الحال بالنسبة للتمثيل بجسده،وبينما هم يحدقون في الجثة لفت انتباههم رفيقهم علي بسؤال تبادر إلى ذهنه،رأى أنه يشير إلى خيط جديد. حيث قال:
--اين جنبية محسن؟!.
كانت جنبية محسن مفقودة! وكان هذا لغزآ جديدآ يصعب حله أيضآ. إذ أنهم يعرفون أن جنبية صالح بن عبدالله أكثر ثمنا من جنبية محسن بن عبود،ومع هذا لم تؤخذ. أخذوا بطانية من سيارتهم، وحملوا الجثة إلى مركز المديرية،وكانوا حريصين على ألا تتغير آثار ومعالم مسرح الجريمة التي لاتزال حتى الآن في خفايا الغموض وأطوار المجهول، وحتى وصول أصحابهم الذين لابد للخبر أن يكون قد وصل إليهم.>>


lk lHvf Ygn 'ark]



 


الرد باقتباس
قديم 12-29-2012, 03:49 AM   #2


ذيب الغداري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1401
 تاريخ التسجيل :  Dec 2012
 أخر زيارة : 02-11-2015 (07:57 PM)
 المشاركات : 58 [ + ]
 تقييم العضوية :  10
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
الإفتراضي من مأرب إلى طشقند



( 3 )
وصلت الرسالة إلى مأرب فأحدثت مايشبه حالة الاستنفار وإعلان حالت الطوارئ. الهواتف مشغولة.والسيارات تتحرك هنا وهناك،ولم يكتف الأشراف بوصول الخبر إليهم فقط. فاتصلوا بمشايخ وأعيان عبيدة، وأخبروهم بمضمون الرسالة التي وصلتهم.(وهذه عادة متبعة بين جميع قبائل المنطقة حيث يتحمل الشخص مسؤولية أدبية وعتاب ولوم إذا لم يشعر الآخرين بأي مشاكل أو أحداث يتعرض لها هو أو أحد أفراد قبيلته).
عكفت مجموعة من الأشراف وعبيدة على تسجيل أسماء الأشخاص والسيارات ومسؤولي المجوعات التي من المقرر أن تتحرك صباح اليوم السابع من ديسمبر إلى ثمود.
ومجموعة تتحمل مسؤولية الجانب المالي وتموين السيارات وتزويد المجاميع بالغذاء والماء.
مجموعة تضم أصحاب الخبرات من أدلة الصحراء ومهندسي السيارات والعسكريين. . . وهكذا.
خلال تلك الليلة التي تم الاستعداد فيها والتحضير للتحرك،كانت هناك صعوبة بالغة في إقناع البعض من الصغار وكبار السن ومن لاتسمح لهم ظروفهم بالتحرك. . ، وكان كل شخص من هؤلاء يعتبر أنها إهانة في حقه ونقص في شخصيته عندما يطلب منه أن يتخلف عن التحرك مع الآخرين.
أثيرت بعض التساؤلات بعد وصول الرسالة مباشرة،لعل أبرزها ذلك التساؤل الذي أثارته المجموعة الأولى أمام مسؤول مديرية ثمود عندما عرض عليهم جنبية صالح بن عبدالله وجثته،والذي كان مضمونه:
--اين محسن بن عبود؟!.
ذهبت التحليلات والاحتمالات مذاهب شتى. . . فالبعض ذهب إلى أن غرماء محسن قتلوا صالح بن عبدالله الذي رفض أن يسلم إليهم صاحبه ورفيقه، ثم أخذوا محسن لقتلوه في مكان آخر. . ، وذهب البعض إلى أن طرفآ ثالثا أستأجره غرماء محسن ليوصله إليهم حيآ، وأن اعتراض صالح بن عبدالله على ذلك أدى إلى قتله. . ،
أو أن صالح ومحسن اختلفا فيما بينهما فقام محسن بقتل صالح لسبب ما ، وفرهاربآ إلى مكان ما. . . . ، وغير ذلك من التحليلات والاحتمالات التي كان معظمها محتملة الوقوع في نظرهم.
تحركت مجموعة كبيرة من الأشراف وعبيدة يتجاوز عددهم المأتي رجل، وعلى أكثر من أربعين سيارة يؤمهم هدف وحيد هو ضرورة الوصول بأسرع مايمكن إلى مديرية ثمود والوقوف على حقيقة ماورد في رسالة أصحابهم التي تضمنت أنهم قد وجدوا صالح بن عبدالله مقتولآ.
لم تتوقف المجموعة إلا أمام مبنى إدارة الأمن في ثمود، وكان أصحابهم مع مسؤول أمن المديرية يقفون أمامهم، وكما هي العادة المتبعة بعد إلقاء التحية والسلام. طلبوا منهم آخر الأخبار. . وكما هي العادة أيضآ.
كان الرد المتبادل بين الطرفين هو أن ليس في الأخبار إلا كل خير. .
رغم ماكان يدور في أذهانهم جميعا من رغبة في الحديث عن ماجاء بهم إلى هذا المكان الذي لم يعرفه أكثرهم من قبل.
فوجيء القادمون من مأرب عندما قال لهم أصحابهم أنهم قد وجدوا جثة محسن، وهو مالم يرد في رسالتهم التي كانوا قد أرسلوها إلى مأرب قبل اكتشاف الجثة.
اجتمعت لجنة من كبار مشائخ الأشراف وعبيدة، وتم الاتفاق على أن أول مايجب عليهم عمله هوسرعة نقل الجثث إلى مأرب ودفنها حيث بدأت تتعفن. . ، وتم الاتصال من قبلهم بالسلطات الحكومية في صنعاء . التي تجاوبت فورا بإرسال طائرة مروحية لنقل الجثث إلى مأرب.
في الوقت الذي كانت فيه مجموعة تقوم بتكفين وتجهيز الجثث، تحرك الآخرون إلى المكان الذي وجدت أول مرة، وهناك درسوا وتدارسوا فيما بينهم بقايا أشكال والآثار والمعالم، وتكفل بعضهم بجميع أدلة وشواهد الجريمة التي أمكن العثور عليها في مسرح الجريمة.
بدأت الأسئلة تتوارد إلى أذهانهم،
وكان هناك شبه إجماع فيما بينهم. . على أن ذلك الشخص الثالث الذي كان مع أصحابهم خلال رحلتهم إلى هذه الأرض. هو الجاني. . ، ومع هذا فقد ظل بعضهم بين الشك واليقين حول الرجل، باعتبار أن مظهره الرزين والهادئ وملابسه وتصرفاته. . لم تكن توحي بقدرته على ارتكاب مثل هذه الجريمة .
أدرك الجميع أنهم أمام مهمة صعبة للغاية إذ أنهم يبحثون عن شخص مجهول الهوية، ومجهول المولد، ولم يحدث أن شاهده إلا ثلاثه أو أربعة أشخاص منهم فقط . . ، بدأوا يبحثون عن شخص لابد أنه يتمتع بحس حاد واستعداد جديد للحياة ، وحذر ناتج عن تجربة مذنب . . ، يبحثون عن شخص لايمكن أبدا أن يبقى في مكان واحد ، وسيظل بصورة مستمرة في تنقل دائم ، ولابد أنه يدرك الآن بعد إرتكابه لجريمته(إذا أفترض أنه الجاني) بأنه ملاحق ومطارد ، ولابد أن الإنسان الملاحق يطور في داخلة حاسة أشبه ماتكون بالحاسة السادسة في تحسس الخطر . . . ،
وهذا بالفعل ماكان يدركه الأشراف ، ويدركون أنه يزيد من صعوبة تنفيذ مهمتهم في الوصول إليه.
عادت دوامة الأسئلة إلى أذهانهم من جديد ، ونشأ في داخل كل فرد منهم صراع مرير بين الأمل واليأس .
أمام إصرارهم وعزيمتهم يزيد معدل الأمل في الوصول إلى الجاني .
وأمام البحث عن شخص مجهول الاسم والهوية في صحراء مترامية الأطراف . يتضاءل الأمل في نفوسهم . . ثم لا يلبث أن يعود إليهم أمام تكاتف الجميع وتشاورهم .
المعلومات الأولية التي أمامهم تزيد الوضع تعقيدا . فالجاني يحمل أكثر من اسم ، ويقال أنه ولد في محافظة وعاش في محافظة أخرى وسافر إلى خارج البلاد وعاد في ظروف غير معروفة .
فمن هو الجاني ؟! .
وما اسمه ؟! .
وماهي دوافع القتل ؟! .
ولماذا وقعت الجريمة المجني عليهما بالذات ؟! .
وكيف تمكن وهو أعزل من السلاح أن يقتلهما وهما مسلحان؟! .
وأين هو الآن ؟! .
وأين أخفى السيارة وأدوات المجني عليهما ؟! .
هل هو مجرم بسبب ظروف معينة عاش فيها ؟! .
هل هناك أسباب محددة جعلته يرتكب جريمته هذه ؟! .
أسئلة كثيرة . . . ، وألغازمحيرة . . . ، وعلامات استفهام أكثر من رمال الصحراء يجب على هذه المجاميع
من الأشراف وعبيدة أن تفك أسرارها وتحل ألغازها ، ويجب أن يكون إصرارهم وعزيمتهم أقوى وأكبر من عقد وتعقيدات هذه الألغاز .>>



 


الرد باقتباس
قديم 12-29-2012, 01:45 PM   #3


الصورة الشخصية لـ ابو ريان
ابو ريان غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 195
 تاريخ التسجيل :  Nov 2011
 أخر زيارة : 06-13-2014 (10:40 PM)
 المشاركات : 1,149 [ + ]
 تقييم العضوية :  10
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
الإفتراضي



ايوه وبعدين ؟؟

قصة مؤلمة صياغتها رائعة جداً
اشكرك جزيلاً اخي ذيب الغداري



 


الرد باقتباس
قديم 12-29-2012, 01:46 PM   #4


ذيب الغداري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1401
 تاريخ التسجيل :  Dec 2012
 أخر زيارة : 02-11-2015 (07:57 PM)
 المشاركات : 58 [ + ]
 تقييم العضوية :  10
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
الإفتراضي من مأرب إلى طشقند



( 4 )
إذا تمزقت الأسرة ، وتفرق شملها
، أو استبدل الوالد أم أولاده بامرأة
أخرى لاتوفر لهم الرعاية والحنان،
وإذا عاشت الأسرة في نزاع وشقاق وخلاف . . فإن حياة هذه الأسرة تكون مضطربة وغير
مستقرة ، ويشيع بين أفرادها شعور بالحزن والكآبة وإحساس بالألم والفزع والخوف . . ،
وإن هذه الأوضاع تنمي في نفوس الأبناء شعورا بالحقد وإحساسا بالخوف وعدم الأمان ،
ويولد فيهم إحساسا بأن الأصل في الحياة هو الشر وليس الخير ،
هو الخيانة وليس الأمانة ، هو الشقاق والكيد والمكر وليس التعاون والحب . . ذلك كله يكون سببا في الإنحراف .
واليكم حكايتي التي بدأت منذ عام 1977م حين دخلت المدرسة
وقضيت فيها أربع سنوات ، ثم تركتها بعد ذلك بسبب مضايقات أخي الأكبر التي دفعتني للإلتحاق
بإحدى مدارس البدو الرحل ، وهي من المدارس الخاصة بمن لا أهل لهم ولا مأوى . . ، هذا في الوقت الذي كان فيه أبي يعيش ميسورا في إحدى دول الخليج العربي . . لكنه لايعرف عنا شيئا .
تزوجت أمي برجل آخر ، وتفرغت لحياتها الزوجية الجديدة . . ، فيما
كانت أخبار أبي تصل إلينا تباعآ ومنها أنه يتزوج امرأة جديدة كل سنتين أو ثلاث سنوات وكأنه يغير ملابسه . . . وهكذا كانت بدايات حياتي . دون أب أو أم .
استمررت في مدرسة البدو الرحل حتى عام 1983 حيث دفعتني الظروف للإلتحاق بالشرطة للحصول على مرتب أعيش منه . . وتركت المدرسة وأنا في الصف السادس ، في وقت كنت أحصل فيه على المركز الأول بين زملائي .
عملت في سلك الشرطة حتى عام 1986م ، وبدأت أفكر فيما يفكر فيه كل الشباب . . ، وفي وقت حرمت فيه كثيرا من طعم حياة الاستقرار والثبات الأسري . .
فكرت في فتح منزل والزواج وتكوين أسرة ، وفاتحت صهري (زوج أختي) الذي كنت أرغب في الزواج بأخته . ، فرحب بذلك ، وأضاف أنه كان يريد مفاتحتي بهذا من فترة . تزوجت في سبتمبر 1986م ، وعشت حياة زوجية سعيدة رزقت خلالها بطفلة جميلة . . ، وحتى نهاية عام 1987م كنت أشعر وأنا أنظر إلى عيني طفلتي بأنني أسعد إنسان على وجه الأرض . ، ومع بداية عام1988م بدأت المشاكل داخل محيط أسرتي الصغيرة ، وضاقت علي الأرض بما رحبت ، ولم أجد من ألجأ إليه وأشكو له همومي إلا شخص من محافظة أخرى تعرفت عليه ، ووجدته يستمع إلي باهتمام وينصحني ويفتح لي صدره الحنون لأجد عنده ما افتقدته في الأب والأم والأخ والزوجة . . ، وحاول كثيرا صديقي
هذا أن يساعدني في مواجهة الظروف التي أواجهها ، وبالذات أن أقف في مواجهة أخي الذي يتصرف في ثروة أبي دون أن يعطيني أنا وأخواتي الأربع شيئآ ،
ويقول لنا أن أبي هو الذي يطلب منه أن لا يعطينا شيء . . ، وفوق هذا وذاك فقد كان يأتي أحيانا ويأخذ النقود التي معي دون أن أعترض .
في سبتمبر 1988 عادت زوجة أبي من الإمارات وذهبت مع صديقي لاستقبالها ، وأخبرتني عند وصولها أن أبي طلب منها أن تسكن لدى أخي الأكبر وحذرها من السكن معي أو البقاء عندي ،
فأخبرتها أن بيتي مفتوح لها في أي وقت تريد ، وأنها إذا شعرت بعدم الارتياح عند أخي فسوف أرحب بها في بيتي . . ، وحدث ماتوقعت بالفعل فبعد حوالي أسبوع وصلت تريد العيش معي في بيتي ، وعاشت معي أنا وزوجتي الشريرة المزعجة ، وصديقي الوفي ، وأحببتها حب الابن لأمه ، وبعد حوالي شهرين قررت زوجة أبي العودة إلى الإمارات ، فتقدمت بطلب إجازة سنوية من عملي لكي أوصلها إلى الامارات عن طريق بلد آخر ، ولم أتمكن من الحصول على أجازه فطلبت الانتقال إلى الإمارات حيث تعيش أسرتي وحصلت على الموافقة . وسافرت معها وأعطيتها صورة جواز سفري لتستخرج لي (فيزا) عمل في دولة الإمارات رغم علمي المسبق بأن والدي سوف يعترض على ذلك . ،
وبصعوبة بالغة أقنعت هي والدي وأرسلت لي الفيزا ، وسافرت بالفعل إلى دولة الإمارات ومكثت هناك لمدة سنة وأنا أبحث عن عمل لكن دون جدوى .
بمجرد أن حصلت على عمل بعد ذلك ، فكرت أن أحضر اولادي للعيش معي وفتح منزل ، وتم لي ذلك ، وفتحت منزلآ وعشت سعيدآ،
لكن لمدة ستة أشهر فقط . عادت بعدها المعاناة من جديد ومن جانبين .
الأول : ابي الذي لم يشعرني في يوم من الأيام بمشاعر الأبوة ، ولم يتوان عن أخذ كل ما أحصل عليه من أموال .
والثاني : زوجتي التي لم تكن في يوم من الأيام لزوجها وبيتها وأطفالها وإنما لنفسها فقط .
مكثت على هذه الحالة لمدة سنتين . . وعرفت خلالها أن أبي قدتزوج امرأة جديدة وطلق زوجته السابقة .
حاولت كثيرا إصلاح بيتي وذهبت جهودي كلها أدراج الرياح ، فقررت طلاق زوجتي ، ولم أتمكن من إعادتها إلى أهلها ، وبعد حوالي عام وصل إلينا أخي الأكبر وشكا لنا ظروفه وحالة أولاده السبعة ، وأخذ كل ما كنت قد تمكنت من جمعه من مال وتركني خالي اليدين ، وخلال هذه الظروف والمشاكل التي أحاطت بي من كل مكان . اختلفت أختي مع زوجها ، وتركته وجاءت لتعيش معنا هي وأطفالها الستة بعد أن رفض أبي وأخي الأكبر قبولها للعيش معهم ، وقررت أنا من أجل توفير لقمة العيش لي ولهم أن أتقدم بطلب إجازة لمدة ثلاثة أشهر للحصول على مرتبات الإجازة مقدما ، وبعد سبعة أشهر
تمكنت من التوفيق بين أختي وزوجها ، وعادت إليه والى بيتها وأطفالها . ، وفي نهاية كل شهر كان يأتي أخي الأكبر ويطلب مني مصاريف بسبب عدم وجود أي عمل لديه ، وأذهب أنا لأقترض له أي مبلغ وأعطيه .
رزقت بطفله أخرى ، وقررت إخراج زوجتي إلى أهلها لكي ينصحوها ويرشدوها ، لكن دون جدوى ، حيث هربت من منزل أهلها وحصلت لي مشاكل بسببها واستدعيت إلى الشرطة أكثر من مرة .
لم ينقذني من هذه المشاكل إلا الصديق القديم الذي ورد الحديث عنه سابقا ، وطلقت زوجتي طلاقآ نهائيآ ، وسافرت للعودة إلى عملي . بعد فترة لحقت بي مطلقتي إلى هناك دون إذن أهلها ، وواجهت مصاعب ومشاكل
أكثر اضطرتني إلى فتح بيتي لها من جديد ، وطلبت منها تربية بناتها تربية صالحة فرفضت . ، وحاولت أخذ بناتي منها ، وتقدمت هي بشكوى إلى المحكمة وحكمت المحكمة لصالحها ، وأخذت بناتي مني دون أن أتمكن من عمل شيء .
أمام شعوري بمأساة بناتي ، وضياع كل آمالي في الحاضر والمستقبل . . . . بدأت السير على طريق الخطيئة ، وتعرفت على فتاة أوزبكية أوصلتها إلى دولة الإمارات الظروف الاقتصادية التي أوصلت الاتحاد السوفيتي إلى ماوصل إليه . . ، ووجدت في صداقتها عزاء مصطنعآ وغير حقيقي لنسيان المآسي التي اعترضت حياتي فيما مضى من عمري ، وأظهرت لي هي أنها تحبني بكل ماتملك من جوارح ،
وبدأت أسمع منها حكايات عن الهروب والتهريب وغسيل الأموال والصفقات التي تقفز بالأشخاص من الفقر المدقع إلى الغنى في لمح البصر .
استأجرت سيارة ( جيب-شروكي )
من أحد معارض السيارات في الإمارات ، وهربت بها إلى اليمن عن طريق المنافذ غير الرسمية ،
ولم أجد من يستقبلني ويفتح لي بيته وصدره إلا صديقي القديم الذي رحب بي في منزله ، وضمن علي أمام الشرطة عندما لحق بي أخي من الإمارات وأبلغ عني . . ، وعندما لم يصل إلى مبتغاه عاد الإمارات خائبا .
كنت قبل هروبي بالسيارة من الإمارات قد تمكنت من تزوير تصريح رسمي للسيارة بأوراق رسمية من القيادة العامة لشرطة دبي --مركز شرطة نايف الذي كنت أعمل فيه . مكثت في اليمن فترة أبحث عن عمل ، ولم أجد أي عمل ، وتعرفت على بعض تجار السيارات من أبناء محافظة مأرب ، وعرضت عليهم السيارة للبيع ، فوافق شخص على شرائها
بواسطتهم ، وعندما طلبوا مني أوراق السيارة أبرزت تلك الأوراق المزيفة فاشتبهوا في صحة الأوراق مما جعلني أحرر لهم ورقة تنازل عن السيارة للمشتري وليس عقد بيع وسلم لي المشتري جزء من قيمة السيارة فيما ضمن أحد أبناء مأرب على بقية الثمن .
في كل ليلة كان يترآى أمامي منظر بناتي المشردات ، وزوجتي الشريرة ، وأخي الطماع ، وأبي المنغمس في المللذات والبحث عن زوجة جديدة ، وأخواتي اللواتي يعيشن مع أزواجهن وأطفالهن حياة بؤس ومعاناة لعدم وجود أهل يلجأن إليهم . . ،
وخلف هذه الصور المأساوية أرى صديقتي التي تعدني بمستقبل زاهر . ، وليس لديها إلا وسيلة الانغماس في المحرمات والهروب من هذا الواقع المأ ساوي الذي يحيط بي من كل مكان .
كيف أتخلص من هذا المجتمع اللا إنساني المحيط بي من اتجاه؟!
من يجمع لي كل هؤلاء الشياطين في محرقة واحدة؟!
أبي ، وأمي ، وأخي ، وزوجتي ، وأخواتي في محرقة واحدة أتلذذ بمنظر احتراقهم . ، وحتى أطفال أخواتي ، وحتى بناتي . . فمن المأساة أيضا أن ينشأ هؤلاء الأطفال في هذا المحيط القاتل .
وصدق من قال قديما: (أنا ومن بعدي الطوفان).
لماذا تلازمني المآسي والمصائب دائما ؟! .
لماذا لا أتخلص من كل هؤلاء ويكفيني صديقتي وصديقي وبلد جديد لا يعرفه أحد هؤلاء الشياطين ؟! .
حتى هؤلاء الذين أخذوا مني آخر ما أملك وهي السيارة التي هربت بها من الإمارات ، فلا المشتري دفع بقية المبلغ ، ولا الضامن سدد عنه ، وليس بمقدوري العودة إلى الإمارات حيث تنتظرني تهمة الفرار من الخدمة وسرقة سيارة ، وأبي وأخي وزوجتي الذين لن يجدوا في حياتهم أفضل من إبلاغ الشرطة عن . . .
نعم . يجب أن أفعل شيئا للخروج من هذا المأزق ، وأن أذهب إلى مكان بعيد عن هذا الجحيم كله . لابد لكل إنسان من أن يجد ولو مكانا يذهب إليه ، لأن الإنسان تمر به لحظات لامناص له فيها من الذهاب إلى مكان ما . إلى أي مكان ، ولابد لكل إنسان من أن يجد أيضا في مكان ما على الأقل شخصا يشفق عليه .>>



 


الرد باقتباس
قديم 12-29-2012, 01:52 PM   #5


ذيب الغداري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1401
 تاريخ التسجيل :  Dec 2012
 أخر زيارة : 02-11-2015 (07:57 PM)
 المشاركات : 58 [ + ]
 تقييم العضوية :  10
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
الإفتراضي من مأرب إلى طشقند



هذه القصة حقيقية وقعت بكل تفاصيلها وأحداثها:وألفها _في كتاب الاستاذ جلال بن علي رويشان



 


الرد باقتباس
قديم 12-29-2012, 03:28 PM   #6


الصورة الشخصية لـ صدى الوجدان
صدى الوجدان غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 9
 تاريخ التسجيل :  Aug 2011
 أخر زيارة : 03-31-2014 (02:37 AM)
 المشاركات : 10,242 [ + ]
 تقييم العضوية :  570
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 5 مرة في 5 مشاركة
الإفتراضي



ذيب الغداري
يعطيك العافية على إيراد القصة وطرحها في حريب بيحان
نعم هي قصة واقعية
ننتظر بقية القصة



 

آخر تعديل بواسطة صدى الوجدان ، 12-29-2012 الساعة 04:18 PM

الرد باقتباس
قديم 12-29-2012, 11:54 PM   #7


ذيب الغداري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1401
 تاريخ التسجيل :  Dec 2012
 أخر زيارة : 02-11-2015 (07:57 PM)
 المشاركات : 58 [ + ]
 تقييم العضوية :  10
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
الإفتراضي من مأرب إلى طشقند



( 5 )
"هند"طفلة صغيرة لم تتجاوز الخامسة من عمرها ، في عينيها البريئتين أجمل معاني الطفولة . ، دخلت فجأة لتقطع حديث والدها صالح بن عبدالله مع ضيفه الغريب صالح علي ، وترتمي في أحضان والدها ، ثم تهمس في أذنه ، ويفهم الضيف ماذا قالت هند لوالدها عندما ينهض هذا الأخير ويخرج ليعود بعد برهة قصيرة حاملا معه العشاء والقهوة .
يتناول الاثنان العشاء ، فيما تظل هند ترقب الضيف بنظراتها ، وعندما ينظر هو إلى عينيها تزداد نبضات قلبه مما يجعله يخاف ويتحاشى النظر إليها ، ثم يعود ليفكر في نفسه أنها مجرد ذكريات طفلتيه اللتين يعتصره الألم لذكراهما .
بعد الانتهاء من العشاء ، وأثناء شرب القهوة يسترسل الضيف في سرد حكايته الجديدة لصالح بن عبدالله الذي يستمع إليه بانتباه :
أسرتي مقيمة في دولة الإمارات العربية المتحدة ، وقد تواصلت مع أبي وأخي ، وأرسلوا لي حملة من البضائع هي عبارة عن أجهزة إليكترونية على سيارة شخص من مديرية رماه ولاتزال الحملة هناك . ، وقد اتصل بي هذا الشخص وطلب سرعة وصولي لاستلامها . ، وكنت قد ذهبت إلى شخص أعرفه ، وطلبت منه أن يؤجر لي سيارته . إلا أنه أعتذر لارتباطه بأعمال أخرى حسب قوله ، وبحثت عن بديل فدلوني عليك باعتبار أن سيارتك جديدة ومناسبة للسفر في الصحراء ، وسوف أدفع إليك بعد استلام البضاعة في رماه مبلغ سبعة آلاف درهم إماراتي إيجار السيارة ، وقد اخترتك أنت بالذات لأنك تعرف الطريق ولديك خبرة بمجاهل الصحراء كما قيل لي .
لفتت العبارة الأخيرة من كلام الضيف انتباه صالح بن عبدالله ، وأدرك في نفسه أنه لابد من الاستعانة بشخص آخر يرافقه في هذه الرحلة ممن يعرفون الطريق الصحراوية أفضل منه . ،
وتعززت لديه الفكرة عندما تبادر إلى ذهنه هاجس الضياع بين الرمال والموت عطشا ، أو إلقاء القبض عليهم في دولة مجاورة يخطئون الطريق إليها . . ، وفيما كان الضيف يواصل سرد حكايته ، كان صالح بن عبدالله يفكر في الشخص المناسب لمرافقته في هذه الرحلة .
قامت هند وكادت تتعثر في أكواب القهوة فقطعت تفكير والدها وكلام الضيف . . ، ووجد والدها الفرصة سانحة لينهي كلام الضيف الذي لم يعد يدري إلى أين وصل ، وقال له :
_ عليك الآن أن تنام ، وسوف نتحرك صباح غد إلى منزل محسن لنأخذه معنا حيث وهو يعرف الطريق جيدا ، وسوف أحاول أن أتصل به الليلة .
_ محسن من . . ؟! .
_ محسن بن عبود . . من أصحابنا!.
_من الأشراف ؟
_نعم .
صمت الاثنان برهة من الزمن يتبادلان النظرات الخاطفة ، وكأن كلا منهما يحلل حديث الآخر في نفسه .
في صباح اليوم التالي ، وحين أرسلت الشمس أشعتها الذهبية على المزارع الخضراء ، وتساقطت قطرات الندى الرطبة من أوراق شجرة البرتقال المنتصبة أمام منزل صالح بن عبدالله وبدأت أصوات الغنم تعكر هدوء الصباح الباكر نهض الجميع ، ودخل صالح بن عبدالله ، على ضيفه بالقهوة وطعام الإفطار الذي تناولاه في صمت وكل منهما يسترجع في ذهنه حديث الأمس ومايجب عليهما أن يعملاه اليوم .
خزان الماء البلاستيكي الكبير، وخزان احتياطي للوقود ، وبطانيات ، وطحين ، ولوازم إعداد الأكل والشاي ، وجعبة الذخيرة ، والبندقية ، ثم لوازم أخرى مثل المنظار المقرب ، وأدوات تغيير الإطارات وتعبئتها . . .
وغيرها .
كان صالح بن عبدالله يجمع هذه الأدوات ، ثم يرتبها بعناية في صندوق السيارة ، يخشى أن ينسى شيئا أو يسقط منها شيء بعد أن خالطه إحساس يعرف مصدره بأن الرحلة شاقة ومتعبة وطويلة ، ولا بد من الاستعداد بشكل جيد .
في نفس اللحظه كان الضيف صالح علي يراقبه من نافذة المنزل بنظرات تجمع بين حب الاستطلاع والحذر والحرص على سلامة الرحلة ، وهند تطل على الضيف من الباب ، ويبتسم لها فتفر هاربة إلى أبيها الموجود عند السيارة ،
إن في استطاعة الأطفال أن يحسوا ، لكن ليس في استطاعتهم أن يفسروا أحاسيسهم ، وحتى لو وفقوا إلى تفسير ذلك في الذهن تفسير جزئيا فانهم يظلوا عاجزين عن التعبير عن نتيجة تلك العملية في كلمات .
بعد مرور الوقت اللازم للإعداد للرحلة ، نادى صالح بن عبدالله ضيفه للخروج والتحرك . وخرج الضيف وهو يركز نظراته على هند التي أمسكت بثوب أبيها تبكي وتطلب منه أن يأخذها معه أو أن لا يرحل وبعد جهد انفرد صالح بن عبدالله بابنته هند وهمس في أذنها ، ثم دس في يدها الصغيرة ورقة مالية من فئة الخمسين ريالا جعلتها تقف جانبا وتلوح لهم بيدها ونظرات الضيف معلقة بها حتى غابت السيارة في الطريق بين المزارع .
تحركت السيارة إلى منزل محسن بن عبود الذي لم يكن يبعد كثيرا عن منزل صالح بن عبدالله ، وما إن وقفت السيارة أمام المنزل حتى خرج محسن يحمل بندقيته وجعبة الذخيرة ، وألقى عليهم تحية الصباح من بعيد ثم دعاهم للنزول ، وتناول طعام الإفطار والشاي . أشار صالح بن عبدالله له إشارة بيده يطلب من الإسراع للتحرك معهم حيث قدتناولوا الطعام والشاي في منزله .
اتجهت السيارة نحو المدينة ، وما إن تحركت حتى ساد الصمت ، ولولا الضيف المحشور بين الاثنين في مقدمة السيارة لكان محسن قد تحدث بما يدور في خاطره من أسئلة ليجيب عنها صالح لكنه رأى أن يحتفظ بها حتى ينفرد بصالح ويسأله عن خلفيات وتفاصيل هذه الرحلة .
في الطريق إلى المدينة ، هم يسيرون بهدوء بين الحقول صادفوا سيارة محمد عبدالعزيز الذي كان عائدا حينها من المدينة ، توقفوا بسيارتهم بجواره لتبادل التحية ، ولاحظ محمد أن سيارة صالح مجهزة لرحلة طويلة من خلال ماكان عليها من مواد وخزانات إضافية للماء والوقود ، ولاحظ كذلك بعد أن سألهم عن وجهتهم أن صالح بن عبدالله
_وعلى غير عادته_ يتحفظ بعض الشيء عن الإدلاء بجميع تفاصيل رحلتهم سوى أنهم متجهين إلى منطقة رماه من أجل استلام سيارة وبضاعة لهذا الشخص ، وأشار إلى الشخص القابع بينه وبين محسن . . ، نظر محمد عبدالعزيز إلى الشخص المشار إليه فلاحظ أنه يتحاشى النظر إليه ، ولم يرا إلا جزء من وجهه، ثم نظر إلى محسن بن عبود فلاحظ الكثير من الأسئلة وعلامات الاستفهام في عينيه . .
فقال موجها كلامه لصالح بن عبدالله :
_ومن هو هذا الشخص ؟!
تأخر صالح في الرد ، وبادر محسن بالرد عندما وضع يده على رأس الرجل وابتسم وقال :
_والله إننا لا ندري ولا نعلم من هو ! ، لكن إذا تأخرنا في هذه الرحلة فيجب أن تسألوا عنا .
كانت كلمات محسن كفيلة بأن بجعل القشعريرة تسري في جسد صالح علي النحيل الذي حاول أن يخفي اضطرابه ، وأن تجعل محمد عبدالعزيز يتمنى لهم رحلة سعيدة يعودوا منها بالسلامة . . ،فيما أبدى صالح بن عبدالله امتعاضه واستغرابه من حالة الشك التي ما انفك صاحبه محسن إظهارها .
وصل الثلاثة إلى المدينة ، وطلب صالح بن عبدالله من صالح علي الذي استأجر سيارته أن يعطيه مبلغا من المال مفدما حدده بعشرة آلاف ريال حتى يتم تموين السيارة بالوقود وشراء مستلزمات ومصاريف الرحلة وفوجئ محسن أن المستأجر صالح علي اعتذر عن وجود أي مبلغ لدية حاليا ، وطلب منهم أن يدبروا أي مبلغ يقترضونه من أي شخص في المدينة بمعرفتهم ، وسوف يسلم لهم إيجار السيارة المتفق عليه وهو سبعة آلاف درهم إماراتي فور وصولهم إلى رماه واستلام البضاعة .
قطع صالح بن عبدالله حديث المستأجر ، وحيرة صاحبه محسن ، عندما أورد اسم شخص سوف يذهب إليه في المدينة لأخذ عشرة آلاف ريال ، وسوف يضع لديه بندقية رهن موجودة لديه في السيارة زيادة عن بندقيته الشخصية . ، قال ذلك . . ،
ثم فتح المقعد الخلفي للسيارة ، وأخرج بندقية آلية من خلف المقعد .
في نفس اللحظة طلب المستأجر صالح علي السماح له بالذهاب في مشوار قصير لم يحدده ، وتم الاتفاق بينهم على العودة إلى أمام الفندق الصغير الذي كانوا يتحدثون أمامه في حالة عودة أحدهم قبل الآخر ، حتى يتم التحرك في ظهر نفس اليوم .
وجد محسن الفرصة سانحة بعد مغادرة المستأجر صالح علي لطرح الأسئلة التي كانت تدور في ذهنه على صالح بن عبدالله ، الذي لا حظ أن أسئلة صاحبه محسن فيها مزيج من القلق وحب الاستطلاع ، مما جعله يورد حكاية الرجل من بدايتها ، إلا أن محسن قاطعه حين قال :
_قلت لي بهذا في الهاتف مساء الأمس ! ، لكن هل أنت متأكد من صحة ماقاله لك ؟ .
تردد صالح بن عبدالله في الأجابة على اعتبار أن شكل الرجل ومظهره لايوحيان بالفعل أنه من التجار أو أصحاب رؤوس الأموال ، ثم نظر إلى صاحبه محسن وابتسم ، وقال :
_مادام الرجل غير مسلح وليس لديه حتى سكين فليس من الخطورة أن نصدقه ونذهب معه ، وإذا لم نحصل على مكسب مادي فسوف نعتبرها رحلة سياحية .
أنهى صالح بن عبدالله حديثه عند النقطة، وابتسم مرة ثانية ، وضغط على زر مسجل السيارة بإصبعه محاولا مسح تلك الهالة التي علقت بذهن صاحبه محسن من التردد والشك حول الرحلة التي هم قادمين عليها، وقال:
_ اعتبرها رحلة ! .
عاد صالح ومحسن إلى أمام الفندق قبل عودة صالح علي بلحظات ، وكانت مفاجأتهم كبيرة عندما وصل هذا الأخير ومعه أحد ضباط البحث الجنائي الذي تحدث معه أمامهم وهو يشير إليهم ، ثم انصرف الضابط بعد أن سمعاه يقول لصالح علي :
_هؤلاء معروفون ، وهم الأشراف ، ونحن نعرفهم جيدا .
رأى صالح علي نظرات الحيرة والتساؤل مسلطة عليه من صالح بن عبدالله ومحسن بن عبود عن سبب وصول ظابط البحث وحديته معه ، وأدرك ضرورة التوضيح لهم فقال:
_ أعتذر لكم ياجماعه ، لكن كان لابد من التأكد حيث أنني سأتحرك معكما وأنتما مسلحين وأنا بدون سلاح ولا أعرفكم جيدا وسوف أستلم في ثمود بضاعة مكلفة ومبالغ مالية ، وقد فضلت أن أتأكد منكم واطمئن بنفسي ، وبواسطة هذا الضابط الذي جاء إلى هنا ، وقد طمأنني بأنكم من الأشراف ومن أصحاب الذمة والأمانة ولن تخدعوني ، وأطلب العفو منكم إن كان في هذا التصرف مايضايقكم.
كانت هذه الحادثة كفيلة بأن تزيل بقايا التردد والشك التي كانت لا تزال عالقة بأذهانهم، وبالذات محسن الذي هز رأسه وهو ينظر إلى صاحبه صالح بن عبدالله ويبتسم مشيرا إلى أن ثقته بالرجل كانت في محلها .>>



 


الرد باقتباس
قديم 12-30-2012, 03:22 AM   #8


ذيب الغداري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1401
 تاريخ التسجيل :  Dec 2012
 أخر زيارة : 02-11-2015 (07:57 PM)
 المشاركات : 58 [ + ]
 تقييم العضوية :  10
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
الإفتراضي من مأرب إلى طشقند



((((((((((((((( 6 ))))))))))))))) انطلقت السيارة ، والثلاثة محشورين في مقدمتها يسودهم الصمت غالبا ، فيما يكون حديثهم أحيانا حول اسم منطقة يمرون بها ، أو مخيمات للبدو الرحل القاطنين في الصحراء ، وكان محسن بن عبود هو أكثر الثلاثة خبرة بمجاهل الطريق وطبيعة الصحراء وسكانها . ، فيما كان صالح بن عبدالله أقدر على قيادة السيارة واختيار أفضل الطرق بخبرة فنية بالغة . ، وعلى النقيض منهما كان صالح علي صامتا يجول بنظراته داخل السيارة أكثر مما تلفت انتباهه المناظر التي يمرون بها ، وخلفهم مناطق أخرى تختفي في السراب ، فيما تبرز من السراب أيضا مرتفعات صغيرة ، أو خيام للبدو تبدو لهم شيئا فشيئا ، وتترآى لهم أحيانا أشياء أخرى ويكتشفون عند اقترابهم منها أنها هضبة فيما كانوا يعتقدون أنها شجرة .
السفر في الصحراء يعلم الإنسان الصبر وقوة التحمل لأن المشاهد كلها تتشابه والامتداد اللامرئي للصحراء يجعله دائما في رغبة مستمرة لاكتشاف ما وراء السراب.
يسود الصمت من جديد ، وفجأة يقطعه محسن طالبا من صالح بن عبدالله أن يتوقف بأقصى سرعة ممكنة وكأن عقرب لدغته ،
وتتوقف السيارة ويترجل منها محسن فاردا كرسي بندقيته ليصوب قائما ثم يطلق النار على بعد مأتي متر تقريبا . ، ويجري بعد ذلك باتجاه المكان الذي أطلق النار إليه ، ويعود ممسكا بأذني أرنب بري أبيض قد تلطخ بالدم فيما لاتزال بعض أجزاء جسمه تتحرك ، ورمى به في صندوق السيارة ، وركب في مقدمتها لتنطلق بهم من جديد نحو الصحراء .
كان منظر الأرنب كفيلا بأن يجعل القشعريرة تسري في جسد صالح علي النحيل ، وتصبب العرق باردا على جبينه ، وخاف شيئا ما ، ثم حاول أن يخفي اضطرابه عندما أشاد بقدرة محسن على إطلاق النار ودقة الإصابة .
كانوا يسيرون في الاتجاه المعاكس للشمس ، والوقت هو النصف الثاني من النهار حيث يكون مستحسنا السفر باتجاه الشرق لاتقاء حرارة الشمس اللافحة .
في الوقت الذي كان فيه مسجل السيارة يصدح بكلمات غزلية للشاعر ابن الأحول يغنيها شاعر شعبي ، وصالح بن عبدالله يردد مع الشاعر بعض أبيات القصيدة ،
وفي مخيلته ابنته هند ، وهو يدقق النظر في ملامحها وقسمات وجهها الصغير . سأل صالح علي الجالس بينه وبين محسن قائلا :
_ هل سنتأخر في رماه ؟ أم أن البضاعة جاهزة ؟!
وبدون تردد رد عليه صالح علي :
_البضاعة جاهزة ، وقد اتصلوا بي مرتين . ، وإذا كنتم تريدون أن نبيت ليلة أو ليلتين هناك فلا مانع .
كانت صورة هند لاتزال ماثلة أمام أبيها . مما جعله يقول :
_ لا . لا سوف نحمل البضاعة ونعود ! .
قال محسن بن عبود معترضا على رد صاحبه :
_ إذا كان الطقس هناك مناسب فليس لدينا مانع من المبيت .
قطع حديثهم أرنب بري ثان قفز مذعورا يجري أمام السيارة ، ثم انحرف باتجاه الشمال ووقف رافعا أذنيه في ذهو ينظر إليهم وكأنه يشاهد هذه الآلة المتحركة لأول مرة .
ضغط محسن بيده على مقدمة السيارة في إشارة لصالح بن عبدالله أن يوقف السيارة فورا وبهدوء ، ثم فتح الباب ، وبدون أن يحدث أي جلبة أو ضوضاء صوب بندقيته من فوق مقدمة السيارة وأطلق النار . ، وفي الوقت الذي كانت فيه أنظار صالح علي مسلطة على الأرنب البري ، كان هذا الأخير يتعثر في دمائه ويسقط في نفس المكان .
لم يفق صالح علي من ذهوله إلا بعد أن قذف صالح بن عبدالله بالأرنب في صندوق السيارة ، ثم ركب السيارة لتنطلق من جديد ، وليس هذا فحسب ، بل إن الذهول الذي أصاب صالح علي كاد يتحول إلى قناعة تامة بالعدول عن ما كان يفكر به ، وازداد تصبب العرق البارد على جبينه ، فيما كان يشعر أن رجلاه لم تعدا قادرتان على حمله . . ، وكان مرد ذلك كله أن محسن قد اصطاد حتى الآن أربع أرانب برية من أول طلقة ، بل انه قد اصطاد إحداها قبل أن تتوقف السيارة .
توقفت الشمس عن الحركة ، واختفت خلف أكوام الرمال ، وبدأ الليل يتلمس الأرض بيديه ويبسط عليها لونه الأسود القاتم . ، وضطر صالح بن عبدالله أن يشعل أنوار السيارة ، وهم يمرون بوادي سيئون حين تراءت لهم مدنه الرائعة في شبام والقطن وسيئون وتريم ، وكأنها أعمدة الملكة بلقيس ينعكس عليها ضوء القمر ، والسفر في الصحراء على امتداد الطريق الصحراوي من سيئون إلى ثمود مدعاة للتأمل والتفكير والحديث مع النفس .
صالح بن عبدالله . يفكر في العودة إلى مأرب ، ولقاء ابنته هند ، وكيف سيستثمر المبلغ الذي سيعود به من هذه الرحلة ؟ وكان الخيار الوحيد الذي ارتسم في ذهنه هو تسديد ما تبقى عليه من قيمة السيارة .
أما محسن بن عبود فقد كان يتنقل في تفكيره ، وحديثه مع نفسه من مكان إلى مكان ، ومن موضوع إلى موضوع . . ، يفكر في قضيته الخاصة مما يدفعه إلى تحسس بندقيته بأصابعه وهي قابعة بين قدميه في مقدمة السيارة . . ، ثم ينقطع تفكيره فجأة بسبب بعض الذكريات التي ترد إلى ذهنه عند مروره ببعض المناطق الصحراوية ، حيث تتعدد رحلاته على هذا الطريق مرافقا للسواح الأجانب في رحلاتهم الصحراوية من مأرب إلى سيئون . . ، وهكذا كان محسن مشتت الفكر في مواضيع شتى .
أخيرا صالح علي . هذا الرجل الغريب عن هؤلاء ، والذي قذفت به الأحوال والظروف إلى المشاركة في هذه الرحلة بتخطيط مسبق منه أوصله إلى مرحلة : لبد مما ليس منه بد ، وتواردت إلى ذهنه فكرة : (( أنا ومن بعدي الطوفان)) مرة أخرى . ، ثم بدأ يدرس في نفسه أمورا غريبة يخشى أن يعرف عنها صالح بن عبدالله ومحسن شيئا ، وأخذ يسترجع ببطء شديد الشريط الذي ارتسم في ذاكرته ، ويضع تحت بعض الجمل والعبارات خطوطا حمراء تساعده على التركيز :
صالح بن عبدالله __ لا يحمل بندقيته باستمرار باعتباره مشغولا بقيادة السيارة ، وجعبة الذخيرة الخاصة به أمامه فوق سطح مؤشر السرعة ويرتدي الجنبية . . ، ومحسن بن عبود هذا الجالس على يمينه خطير جدا ، وسريع الحركة ، وحاد النظرات كأنه من فصيلة الطيور الجارحة ، _ وليس هذا فحسب _ بل إن مشهد مصارع الأرانب البرية لن خياله مادام حيا .
ارتجفت قدماه عندما فاجأه محسن بإشارة من يده ليناوله ولاعة السجائر من أمامه .
ساد الصمت من جديد ، وعاد صالح علي للحديث مع نفسه ، واسترق بنظرة خاطفة بندقية محسن بن عبود الذي لا يتركها قط من يده ، وكأنها أحد أجزاء جسمه التي لايمكن بترها عنه .
ثم بدأ صالح علي يخطط في ذهنه : إن مخزن الذخيرة يتسع لثلاثين طلقة أطلق منها محسن أربع طلقات هي التي أودت بحياة الأرانب الأربع ، وهذا يعني أن مخزن الذخيرة لا يزال فيه ستا وعشرون طلقة ، ولا يحتاج إلى تعبئة ، إذ أن محسن بعد كل عملية إطلاق نار لم يكن يفعل شيئا سوى إرجاع مفتاح الأمان إلى مكانه .
بدأ صالح علي بعد ذلك يقارن بين خطورة محسن وصالح بن عبدالله ، وكانت خلاصة تفكيره هي أن كلا منهما أخطر من الآخر ، وكلاهما مسلح ، وإن كان صالح بن عبدالله مشغولا عن بندقيته الموجودة عند قدمه بقيادة السيارة ، فان محسن لايفارق بندقيته مطلقا .
الوقت يمر ، والاقتراب من ثمود أصبح وشيكا ، وكاد الدم يتجمد في عروق صالح علي عندما سأل نفسه : ماذا لو اكتشفت قصته الملفقة عن الأجهزة الإليكترونية والمبالغ المالية ؟ ، وكيف يمكن أن يتصرف معه محسن وصالح بن عبدالله بعد اكتشافهم ذلك ؟ .
دخل الثلث الأخير من الليل ، وبينهم وبين ثمود عشرات الكيلو مترات فقط ، وقرر الثلاثة للاستراحة وإعداد الطعام والشاي ، ومن ثم الدخول إلى ثمود في الصباح الباكر على اعتبار أنهم لن يجدوا من يستقبلهم قبل شروق الشمس . ، في هذه الأثناء كان صالح علي يفكر في ذلك الرجل الذي سهر طوال الليل يفكر في المكان الذي ذهبت إليه الشمس .
فأشرقت عليه الشمس أخيرا . ، وأدرك أنه يجب عليه البدء في تنفيذ ماكان يخطط له .
ترك صالح بن عبدالله بندقيته داخل مقدمة السيارة ، بينما نزل محسن بن عبود حاملا بندقيته في يده ، وعينا صالح علي ترقبان باهتمام تحركات الاثنين واسلحتهما .
قال صالح بن عبدالله موجها كلامه لمحسن بن عبود :
_أنا سأجمع الأعواد اليابسة لإشعال النار ، وستجهز لنا واحدة ،
أو اثنتين من الأرانب لنطبخها مع الأرز .
اتجه صالح بن عبدالله غربا ، وعلى مسافة حوالي عشرين مترا كان يجمع الأعواد اليابسة ، ويكسر بعضها بيده ورجله . ، وفيما كان محسن بن عبود يفكر فيما يجب عليه أن يبدأ بإعداده أولا لتجهيز الطعام .
أخرج سجارة وأشعلها ، وأعاد علبة السجائر إلى جيب قميصه الأيسر وهو لا يزال ممسكا ببندقيته . ، وصالح علي يرقبه باهتمام ويتحاشى النظر إلى عينيه حتى لا يكتشف ما يفكر فيه .
اضطر محسن إلى إسناد بندقيته إلى الإطار الخلفي للسيارة ، وقفز إلى صندوق السيارة لأن المواد التي عليه أن يبدأ في إعدادها كانت كلها في صندوق السيارة .
كانت نظرات صالح علي تتابع تحركات الاثنين ، وبوجهه النحيف الداكن الذي ينبئ عن قسوة الملامح ، وصرامة النظرات ، كانت المشاعر تتصارع داخل أعماقه ، فيما يبدو الخبث والمكر والغباء بوضوح على وجهه ، وقرر بعد ساعات من إعمال الفكر وتقليب وجهات النظر ، وهو الرجل التائه في خضم الحياة أن لا يدع هذه الفرصة تفوته ، وهي اللحظات التي ترك فيها محسن بن عبود وصالح بن عبدالله أسلحتهم منشغلين عنها بإعداد وتجهيز الطعام والشاي .
استسلم لأول فكرة راودته ، وقفز بحركة خفيفة لم ينتبه لها محسن ، أما صالح بن عبدالله الذي كان في مهمة جمع الحطب فقد كان على مسافة من السيارة لاتسمح له بملاحظة شيء ، أخذ صالح علي بندقية محسن وبسرعة خاطفة ، ومن الاتجاه الخلفي للسيارة فتح مفتاح الأمان ووجه البندقية نحو محسن بن عبود الذي لم ينتبه إلا وحوالي عشر رصاصات تخترق صدره ، بعد أن اخترقت إحداها علبة السجائر في جيب قميصه الأيسر على القلب مباشرة . . ، وفي لحظات سريعة وخاطفة لم يجد محسن إلا جنبيته التي أخرجها من غمدها وقذف بها صالح علي لتصيبه في ساقه الأيسر إصابة بالغة .
كان الزمن بين إطلاق النار ، وجرح ساق الجاني ، وسقوط محسن بن عبود مضرجا بدمائه ، واتجاه صالح بن عبدالله نحو السيارة بمجرد سماعه لإطلاق النار . . . كان الزمن في هذه اللحظات أقل من أن يحصى ، وكان صالح علي كمجرم محترف قد وضع حساباته بدقة متناهية تضمن له تنفيذ فكرته الشيطانية دون أي خسائر. . فهو يدرك أن صالح بن عبدالله سوف يهرع إلى السيارة لأخذ بندقيته بمجرد سماع إطلاق النار ، وقد كان يدرك أن بندقية محسن جاهزة للإطلاق بعد أن اصطاد الأرانب الأربع بأربع طلقات فقط ، ويدرك أن مخزن الذخيرة لا يزال يحتوي على النصف تقريبا . . ، وهذا ما جعله يلتفت بشكل سريع ومباشر ليطلق النار على صالح بن عبدالله بكثافة وتركيز ، وصالح بن عبدالله يصيح بأصوات لم يميز صالح علي معناها ومضمونها . . ، وما هي إلا لحظات حتى سقط صالح بن عبدالله مضرجا بدمائه على الرمال في منتصف المسافة التي كانت تفصله عن السيارة وهو يجمع الحطب .
ساد المكان صمت مخيف ، وفيما كان صالح علي يتحسس الجرح الغائر في ساقه ، والدماء تنزف منه من اثر جنبية محسن التي قذفه بها . . . ، كان الهدوء ومنظر جثث الضحيتين تخيفه إلى الحد الذي خشي فيه أن ينظر إلى خلفه . . ، وفي هذه اللحظة ذاتها كانت خيوط الفجر البيضاء تمحي حلكة ظلام الليل شيئا فشيئا مما زاد من قلقه واضطرابه .
نظر إليه إبليس نظرة عطف وشفقة جعلته يلتقط أنفاسه ويستجمع قواه . . ، ونهض يبحث عن رباط لتضميد ساقه المجروحة ، وأدرك أنه يجب عليه الإسراع في إخفاء الجثث وتنظيف السيارة والتخلص من كل ما يمكن أن يلفت النظر إليه . . ، بل أن منظر الأرانب الأربع المعلقة في صندوق السيارة أخافه أكثر . . ، ومن جديد استعاد رباطة جأشه فدفن الجثث في مكانين متباعدين ، ثم دفن بندقية محسن ، وبدأ في غسل صندوق السيارة . . ، وما إن بدأت خيوط الشمس تظهر في الأفق حتى كان قد أخفى جميع مايعتقد أنه من معالم الجريمة وأنه قد يدلل أو يشير إليه . . ، أحسس بأرواح ضحيتيه تحوم حول المكان . فقرر المغادرة بأسرع مايمكن ، وقاد السيارة باتجاه ثمود . . ، وفي أول قرية تمكن من الحصول على الوقود والماء والطعام بعد أن ربط بين الجرح الذي في ساقه ومطاردته للأرانب لاصطيادها ، عندما رد على سؤال صاحب المحطة الذي حصل على حاجياته منه . . ، ثم اتجه إلى صحراء مترامية الأطراف يحيط بها السراب من كل جانب ، وغاب في عمق الامتداد اللامرئ واللامحدود ، وكأن رمال الربع الخالي المتحركة قد ابتلعته .
إن أكثر ما يلفت انتباه الأغنام في المسلخ هو منظر العلف ، وليس سكاكين الجزارين ومصاطبهم ومعاليقهم ، والدماء والأشلاء المتناثرة هنا وهناك .>>



 


الرد باقتباس
قديم 12-30-2012, 03:55 AM   #9


ذيب الغداري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1401
 تاريخ التسجيل :  Dec 2012
 أخر زيارة : 02-11-2015 (07:57 PM)
 المشاركات : 58 [ + ]
 تقييم العضوية :  10
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
الإفتراضي



شكرا على مروركم الرائع ان شاء الله سأبذل كل مابوسعي لاتمام القصة



 


الرد باقتباس
قديم 12-30-2012, 04:09 AM   #10


ذيب الغداري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1401
 تاريخ التسجيل :  Dec 2012
 أخر زيارة : 02-11-2015 (07:57 PM)
 المشاركات : 58 [ + ]
 تقييم العضوية :  10
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
الإفتراضي من مأرب إلى طشقند



( 7 )
لم يكن الأشراف يدركون بل ولم يخطر ببالهم أن وصولهم بهذا العدد الهائل الذي يزيد عن مأتي شخص إلى مديرية ثمود__بعد أن انتشر خبر مقتل أصحابهم صالح بن عبدالله ومحسن بن عبود كانتشار النار في الهشيم
_ قد تزامن مع الجاني صالح علي للحدود السورية متوجها إلى تركيا، بعد أن غادر اليمن قبل ذلك عن طريق مطار صنعاء الدولي باسم غير اسمه ، وبأوراق ووثائق مضى على حصوله عليها أكثر من ثمانية أشهر رغم العدد الكبير لهذه المجاميع من الأشراف وعبيدة،
فقد كانت المتابعة وجميع المعلومات منظمة ودقيقة ومحاطة بدرجة عالية من الكتمان والسرية ، وبحسب القاعدة المتبعة التي ينتهجها جميع سكان المناطق الشرقية عند جمع المعلومات أو تقصي الحقائق . ،
أو حتى عند البحث عن الإبل التي غالبا ماتترك للرعي في الصحراء حرة طليقة لعدة أيام ، فقد كانت نقطة انطلاق البحث عن الجاني هي تتبع الأثر ، والتفرس في الوجوه والأشكال ، وتسجيل أدق وأصغر الملاحظات . . ، وكانت البداية أيضا مكان ومسرح الجريمة التي قرر فيها المجني عليهما التوقف للراحة وإعداد الطعام . . ،
وهناك في مسرح الجريمة كانت جميع الآثار والشواهد لاتزال واضحة تماما . . ، وبدأت مجموعة متخصصة تبحث وتدقق وتجمع كل شئ بحرص وعناية للبحث عن ما يقال أن المجرم لابد أن يتركه سهوا في مسرح الجريمة ليدل علية أو يشير إليه ، وكانت هذه المجموعة تضم بعض من خبرتهم التجارب ، ولهم صلة أوعلاقة بأعمال البحث والتحريات الأمنية التي يعملون فيها أصلا كموظفين ، بل إن بعضهم قد علمته التجارب والأحداث أن يتحفظ في ذاكرته بقدرة فائقة على تمييز آثار أقدام الأشخاص عن بعضهم البعض بمجرد رؤيتها مرة واحدة في حياته فقط .
أحدهم يتحدث ويمشي بحذر حتى لايغير معالم هذه الآثار .
والآخر يسجل كل شئ في مذكرة صغيرة في يده .
هذا مكان النار التي كانوا في بداية إعدادها لتجهيز الطعام .
وهذه آثار أقدام شخص يسحبها ،
والدم ينزف منها .
وهذه آثار شخص يسحب إحدى الجثث .
وهذه آثار السيارة وهي واقفة .
وهناك في مكان يبعد قليلا عن مسرح الجريمة قام أحدهم يغسل السيارة بالمياه التي نزلت من صندوق السيارة إلى الأرض وهي مختلطة بالدم .
وهنا . . . وهناك . . . . إلى آخره .
جميع الآثار ترصد بدقة متناهية ، والتقط علي بن سالم أحد أفراد المجموعة المتخصصة شيئا ما واحتفظ به في جيبه مما يشير إلى أنه مهم ، وأثارت حركته هذه فضول ناصر بن زايد الذي طلب منه بإشارة من يده أن يريه ذلك الشيء الذي أخفاه ، فأخرج علي بن سالم علبة السجائر الخاصة بمحسن بن عبود ، وقد بدا شكلها متغيرا من أثار الرصاصة التي اخترقتها .
لم تتوقف عمليات البحث والتحري عند ماهو ظاهر فقط ، بل إن الآثار التي تتبعها قد قادتهم إلى العثور على جنبية محسن بن عبود ، ثم إلى بندقيته التي اضطر الجاني إلى دفنها في مكان بعيد عن مسرح الجريمة حتى لا يكون ظهوره مسلح ببندقيتين مثار تساؤل واستغراب .
غادرت الطائرة الهيلوكبتر التي تحمل جثتي صالح بن عبدالله ومحسن بن عبود ليتم الدفن في مسقط رأس الأول بمدينة مأرب . . ، وفي نفس الوقت تحركت مجموعة المأتي رجل من الأشراف وعبيدة ، بعد إن استكملت المجموعة المتخصصة جمع أكبر قدر ممكن من الأدلة والشواهد والأسئلة الجديدة التي لابد من البحث عن إجاباتها .
كانت السيارات التي تزيد عن الأربعين سيارة تمر في قطار واحد دون أن تمس أو تقترب من آثار سيارة صالح بن عبدالله التي جعلها الجميع نصف أعينهم ، وأصبح شكلها مرسوما في قلب وذاكرة وعين كل شخص منهم ، وكان لابد أن تمر آثار السيارة في القرية التي تلي مسرح الجريمة مباشرة بمحطة البترول التي تزود منها الجاني بالوقود والماء .
في المحطة اتفق المشائخ
أحمد محمد بن حيدر ، و محمد عبدالعزيز الأمير أن يتولى ثلاثة أفراد من المجموعة سؤال ومناقشة عامل المحطة حتى لا يرتبك عند وصول الجميع إليه . . ، وقد كانت إجابات عامل المحطة إيجابية في بعض الجوانب ، وسلبية في جوانب أخرى وتضع المزيد من الأسئلة والتعقيدات . قال عامل المحطة :
_ نعم . لقد مرت السيارة بالمحطة ، وهي بنفس الأوصاف التي أشرتم إليها ، وعليها شخص واحد مسلح ، وفي ساقه جرح مربوط بقطعة من غترة((غطاء رأس) ) عمانية ، ومعه في صندوق السيارة أربع أرانب برية قال أنه اصطادها . ، وأن الجرح الذي في ساقه نتج عن سقوطه وهو يطارد تلك الأرانب في منطقة صخرية .
توقف عامل المحطة عن الحديث برهة قصيرة ، وكأنه يتذكر شيئا ، ثم قال مواصلا حديثه :
_ لقد أعطانا إحدى هذه الأرانب ، وأعطى واحدة أخرى لامرأة بدوية تسكن في خيمة على الطريق كانت قد استضافته عند مروره بخيمتها ، وقدمت له الخبز والقهوة .
قاطعه ناصر محمد أحد أفراد المجموعة . . قائلا :
_ كيف كانت أوصافه ؟!
نظر عامل المحطة إلى الأفق البعيد ، وكأنه يسترجع صورة الرجل في خياله ، وقال :
_ شاب أسمر نحيل الجسم ؛ وحاد النظرات يبدو في العقد الثالث من عمره ، وتبدو على ملامحه علامات الإرهاق والتعب والجوع . . ، وبسبب الجرح الذي في ساقه فقد كان يبدو مريضا .
قال ناصر محمد :
_ والملابس التي كانت عليه . هل يمكن أن تصفها لنا ؟!
_كانت ملابسه عادية جدا . قميص داكن مفتوح الصدر حتى منتصفه ، وفوطة عادية داكنة الألوان أيضا .
قال صالح بن سالم موجها سؤالا جديدا لعامل المحطة :
_ ومن خلال لهجته ، من أي منطقة تعتقد أن يكون ؟!
قال العامل :
_ لايمكن تمييز لهجته ، ولكنها على مايبدو كانت خليط من لهجات سكان المنطقة الشرقية بشكل عام ، وبدا مستغربآ ومتذمرا من أسئلة المجموعة عن شخص لايعرف علاقتهم به حتى الآن . فبادرهم هو بالسؤال قائلآ:
_ ولكن لماذا تسألون عن صاحب السيارة هذا ؟!
وبدون أي تردد . . ، رد عليه غالب بن عوض قائلا :
_ السيارة التي معه مسروقة ، وهي لنا ، ونحن نبحث عنها منذ مدة . وأملا منه في الحصول من المعلومات . أضاف غالب :
_ لقد اشتراها هذا الشخص وهو لا يعلم أنها مسروقة ، ونريد أن نعرف بواسطته الشخص الذي باعها له .
أجاب عامل المحطة على آخر أسئلة المجموعة ، ولاتزال علامات الشك والارتياب بادية على وجهه عندما قال لهم بعدم اهتمام :
_لقد اتجه باتجاه محافظة المهره .
نظر خالد بن حمد إلى الأفق الممتد باتجاه المهره ، وحاول أن يخترق ببصره ما وراء السراب الذي يترآى أمامه . فرأى نقطة التقاء السماء بالأرض في نهاية الأفق ، فتسرب اليأس إلى نفسه باعتبار أن السماء أطبقت على الأرض في نهاية النقطة التي لايمكن إدراك ما وراءها بالعين المجردة _ كما خيل له _ ، ولم تخرجه من دائرة اليأس تلك التي تملكته إلا حركة السيارة التي اقتربت منه ليركب ويلحق بأفراد المجموعة .
تحركت في البداية ثلاث سيارات بقيادة ناصر محمد ، وعليها مجموعة من الأشراف ، فيما ظلت مجموعة ثانية تخطط للبحث عن طريقة يتم بواسطتها التواصل مع مأرب وتبادل العلومات والأخبار أولا بأول مع مجموعة ثالثة هناك . . ، رغم أن الجميع كانوا يتصرفون طواعية وبتلقائية فقد كانت هذه المجموعات تشكل خلية نحل واحدة . ، ففي مأرب ما يشبه غرفة العمليات ، ولدى المجموعة المتحركة غرفة عمليات متحركة ، وجميع المعلومات تجمع لدى عدد من المشائخ حتى يتم اتخاذ القرار المناسب بشأنها ، وفوق هذا وذاك فليس هناك أي إشكاليات بخصوص الجوانب المالية ، وإعداد الطعام ، وتموين السيارات ، وما إلى ذلك .
في الطريق من ثمود إلى المهره عرجت إحدى السيارات على خيمة العجوز التي حصل منها صالح علي على الخبز والقهوة ، وتم استفسارها بصورة لاتولد الشك لديها . . ، ولم يكن في حديثها أي جديد عنما أدلى به عامل المحطة ، سوى أنها كانت تتحدث عن الجاني بنبرة عطف وشفقة متأثرة بحالته التي وصل بها إليها . . ، وقد ظلت واقفة في حيرة واندهاش وهم يغادرون منزلها باتجاه محافظة المهرة ، عندما قال لها أحدهم هامسآ :
_ السيارة التي معه مسروقة ! .
تحركت السيارات بشكل متوازي ، وليس قطار واحد ، باعتبار أن الخطوط الصحراوية المفتوحة والموزعة هنا وهناك تسمح بالتحرك بمثل هذه الطريقة . ،
سيارات المشائخ هي الدليل ولا يمكن أن يتجاوزها أحد ، ومعظم السيارات من نوع سيارة المجني عليهما ( بيك آب ) ، وفي صندوق كل سيارة شوهد عدد من الشباب اقتضت العادات والتقاليد أن يتركوا مقدمة السيارة لمن هو أكبر سنا منهم ، وتفاديا للغبار المنبعث من حركة السيارات ، ورمال الصحراء التي تلفحهم ، فقد قاموا بتغطية وجوههم بجزء من أغطية الرأس المللفوفه على رؤوسهم . . ، وبالتالي لم يبقى لديهم وسيلة للتخاطب والحوار إلا نظراتهم المتبادلة فيما بينهم . . ، والتي كانت تأخذ تفسيرات أعمق بكثير من مدلول الحديث العادي فيما لوتحدثوا مع بعضهم البعض . . ، وكأن ما قيل عن أن حقيقة الإنسان ليست في ما يظهره لك ، بل بما لا يستطيع أن يظهره ، وإذا أردت أن تعرفه جيدا فلا تصغ إلى مايقوله ، بل ما يكتمه ؛ هي مقولة صحيحة . مع سرعة السيارات ، وسير الرياح في عكس اتجاههم فقد ظلوا جميعا قابعين في صناديق السيارات لحماية أنفسهم من تيار الريح المعاكس مؤمنين بأنهم يسيرون في الاتجاه الصحيح ، وأن من يريد الوصول إلى النبع فإن عليه أن يسبح عكس التيار .
أحدثت الرحلة بصعوبتها وطولها حالة من التذمر والملل لاحظها صالح بن سالم في نظرات وملامح بعض أصحابه . . ، فيما كان هو ينظر إلى هذه الأرض من زاوية أخرى وبمنظور أشمل . ، فهو يعلم _ انطلاقا من مفاهيمه وثقافاته العامة _ أن هذه الأرض القاحلة ، برمالها اللافحة ، ومياهها المالحة تحتوي في باطنها على أغلى الكنوز والثروات التي تعتمد عليها حضارة الإنسان الحديث . . بالإضافة إلى اعتقاده المطلق أن روح المغامرة يعني أن عليك أن تصعد الجبل ، وتصل إلى القمة قبل أن تفكر ما إذا كان وراءه جبل آخر أو سهل منبسط .>>
بقية القصه على هذا الرابط
http://www.hreeb-bihan.com/vb/showth...t=18110&page=2


 

آخر تعديل بواسطة بيحان ، 01-26-2014 الساعة 04:54 AM

الرد باقتباس
الرد على الموضوع

Bookmarks

الكلمات الدلالية (Tags)
مأرب , من , إلى , طشقند


Currently Active Users Viewing This Thread: 1 (0 members and 1 guests)
 

قوانين المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML مغلق
Trackbacks are متاح
Pingbacks are متاح
Refbacks are متاح



شات تعب قلبي تعب قلبي شات الرياض شات بنات الرياض شات الغلا الغلا شات الود شات خليجي شات الشله الشله شات حفر الباطن حفر الباطن شات الامارات سعودي انحراف شات دردشة دردشة الرياض شات الخليج سعودي انحراف180 مسوق شات صوتي شات عرب توك دردشة عرب توك عرب توك


جميع الأوقات GMT +3. الساعة الآن 12:53 AM.


.
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
.

Search Engine Friendly URLs by vBSEO